{الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) }
تفسير قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {الحاقّة... ما الحاقّة...}.والحاقة: القيامة، سميت بذلك لأن فيها الثواب والجزاء، والعرب تقول: لما عرفت الحقة مني هربت، والحاقة. وهما في معنى واحد. [معاني القرآن: 3/179]
والحاقة: مرفوعة بما تعجبت منه من ذكرها، كقولك: الحاقة ما هي؟ والثانية: راجعة على الأولى. وكذلك قوله: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} و{القارعة، ما القارعة} معناه: أي شيء القارعة؟ فما في موضع رفع بالقارعة الثانية، والأولى مرفوعة بجملتها، والقارعة: القيامة أيضاً). [معاني القرآن: 3/180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الحاقة}: قالوا الساعة ويقال والله أعلم من حق يحق أي وجب). [غريب القرآن وتفسيره: 386]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الحاقّة}: القيامة، [لأنها] حقّت. فهي حاقة وحقّة.قال الفراء: إنما قيل لها حاقة: لأن فيها حواق الأمور [والثواب. و«الحقة»: حقيقة الأمر. يقال: لما عرفت الحقة متى هربت. هي مثل الحاقة). [تفسير غريب القرآن: 483]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله تعالى: {الحاقّة (1) ما الحاقّة (2)} الأوّلة: مرفوع بالابتداء، و " ما " رفع بالابتداء أيضا.و (الحاقّة) الثانية خبر " ما " والعائد على " ما " (الحاقّة) الثانية.على تقدير ما هي، والمعنى تفخيم شأنها، واللفظ لفظ استفهام كما تقول: زيد ما هو، على تأويل التعظيم لشأنه في مدح كان أو ذمّ.
والحاقة: السّاعة والقيامة وسميت (الحاقّة) لأنها تحق كل شيء يعمله إنسان من خير أو شر.
وكذلك {وما أدراك ما الحاقّة} معناه أي شيء أعلمك ما الحاقة. و" ما " موضعها رفع، وأن كان بعد أدراك لأن ما كان في لفظ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.المعنى ما أعلمك أي شيء الحاقة). [معاني القرآن: 5/213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْحَاقَّةُ}: القيامة. سمّيت بذلك لأن فيها حَوَاقَّ الأمور). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]
تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم ذكر اللّه - عزّ وجلّ - من كذب بالحاقة والساعة وأمر البعث والقيامة وما نزل بهم وعظا لأمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال:
(كذّبت ثمود وعاد بالقارعة (4)أي بالقيامة). [معاني القرآن: 5/213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْقَارِعَةِ}: القيامة). [العمدة في غريب القرآن: 312]
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فأهلكوا بالطّاغية} بطغيانهم وكفرهم). [مجاز القرآن: 2/267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فأهلكوا بالطاغية}: بطغيانهم، وقالوا بالريح الطاغية). [غريب القرآن وتفسيره: 386]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {فأهلكوا بالطّاغية} أي بالطغيان). [تفسير غريب القرآن: 483]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({فأمّا ثمود فأهلكوا بالطّاغية (5)} ومعنى (بالطّاغية) عند أهل اللغة بطغيانهم، وفاعلة قد يأتي بمعنى المصادر نحو عافية وعاقبة.
والذي يدل عليه معنى الآية. - واللّه أعلم - أنهم أهلكوا بالرجفة الطاغية، كما قال: {وأمّا عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية (6)} ). [معاني القرآن: 5/213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بِالطَّاغِيَةِ} أي بالطغيان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 278]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الطَّاغِيَةِ}: الريح). [العمدة في غريب القرآن: 312]
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وأمّا عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية (6)} يقال للشيء العظيم عات وعاتية، وكذلك أهلكوا بالطاغية، ودليل الوصف بالطغيان في الشيء العظيم قوله عزّ وجلّ: {إنّا لمّا طغى الماء حملناكم في الجارية} فوصف الماء بالطغيان لمجاوزته القدر في الكثرة، وكذلك أهلكوا بالطاغية، واللّه أعلم.
وقوله: {بريح صرصر عاتية} أي بريح شديدة البرد جدّا، والصّرصر شدة البرد، وصرصر متكرر فيها البرد، كما تقول قد قلقلت الشيء، وأقللت الشيء إذا رفعته من مكانه، إلا أن قلقلته رددته أي كررت رفعه، وأقللته رفعته. فليس فيه دليل تكرير، وكذلك صرصر وصر وصلصل، وصل.إذا سمعت صوت الصرير غير مكرر قلت قد صر وصل، فإذا أردت أن الصوت تكرر قلت: قد صلصل، وصرصر). [معاني القرآن: 5/214]
تفسير قوله تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سخّرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيّامٍ حسوماً...}
والحسوم: التّباع إذا تتابع الشيء فلم ينقطع أوله عن آخره، قيل فيه: حسوم، وإنما أخذ -والله أعلم- من حسم الداء إذا كوى صاحبه؛ لأنه يكوى بمكواةٍ، ثم يتابع ذلك عليه). [معاني القرآن: 3/180]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({سخّرها عليهم} أدامها عليهم ليس فيها فتور. {حسوماً} متتابعة). [مجاز القرآن: 2/267]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أعجاز نخلٍ خاويةٍ} أصولها، مجازها لغة ممن أنث النخل). [مجاز القرآن: 2/267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({سخرها}: أدامها ويقال دائمة.
{حسوما}: متتابعة مشائيم، ولا يقال للواحد). [غرائب القرآن:386]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {حسوماً}: تباعا. ويقال: هو من «حسم الداء» [إذا كوي صاحبه]: لأنه يكوي مرة بعد مرة، يتابع عليه الكيّ.
{أعجاز نخلٍ}: أصول نخل، {خاويةٍ}: بالية). [تفسير غريب القرآن: 483]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية أيّام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنّهم أعجاز نخل خاوية (7)}
معنى (سخّرها عليهم) أقامها عليهم كما شاء، ومعنى {حسوما}: دائمة، وقالوا متابعة، فأمّا ما توجبه اللغة فعلى معنى تحسمهم حسوما؛ أي تذهبهم وتفنيهم. وقوله - عزّ وجلّ -: {كأنّهم أعجاز نخل خاوية}.
{أعجاز نخل} أصول نخل، وقيل خاوية للنخل لأن النخل تذكر وتؤنث.يقال: هذا نخل حسن، وهذه نخل حسنة، فخاوية على التأنيث. وقال في موضع آخر: {أعجاز نخل منقعر}). [معاني القرآن: 5/214]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({حسوما} أي: دائمة متتابعة). [ياقوتة الصراط: 527]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حُسُوماً} تباعاً، أي متتابعة. {أَعْجَازُ نَخْلٍ} أي أصول نخل{خَاوِيَةٍ} أي بالية). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 278]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سَخَّرَهَا}: أدامها {حُسُومًا}: قاطعة). [العمدة في غريب القرآن: 312]
تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فهل ترى لهم مّن باقيةٍ...}. من بقاءٍ، ويقال: هل ترى منهم باقياً؟، وكل ذلك في العربية جائز حسن). [معاني القرآن: 3/180]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فهل ترى لهم من باقية} من بقية ومجازها مجاز الطاغية مصدر. وقلما ما جاء المصدر في تقدير فاعل إلا أربعة أحرف وكذلك جاءت مصادر في مفعول أيضاً في حروف منها: اقبل ميسوره، ودع معسوره، ومعقوله). [مجاز القرآن: 2/267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({من باقية}: بقية). [غريب القرآن وتفسيره: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فهل ترى لهم من باقيةٍ}؟! أي أثر. ويقال: هل ترى لهم من بقاء؟). [تفسير غريب القرآن: 483]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَاقِيَةٍ}: بقية). [العمدة في غريب القرآن: 312]