العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:33 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الحج [من الآية (42) إلى الآية (45) ]

{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:34 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ وثمود (42) وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ (43) وأصحاب مدين وكذّب موسى فأمليت للكافرين ثمّ أخذتهم فكيف كان نكير}.
يقول تعالى ذكره مسلّيًا نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم عمّا يناله من أذى المشركين باللّه، وحاضًّا له على الصّبر على ما يلحقه منهم من السّبّ والتّكذيب: وإن يكذّبك يا محمّد هؤلاء المشركون باللّه على ما آتيتهم به من الحقّ والبرهان، وما تعدهم من العذاب على كفرهم باللّه، فذلك سنّة إخوانهم من الأمم الخالية المكذّبة رسل اللّه المشركة باللّه، ومنهاجهم من قبلهم، فلا يصدّنّك ذلك، فإنّ العذاب المهين من ورائهم، ونصري إيّاك وأتباعك عليهم آتيهم من وراء ذلك، كما أتى عذابي على أسلافهم من الأمم الّذين من قبلهم بعد الإمهال إلى بلوغ الآجال {فقد كذّبت قبلهم} يعني: مشركي قريشٍ؛ قوم نوحٍ، وقوم عادٍ، وثمودٍ، وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ، وأصحاب مدين، وهم قوم شعيبٍ. يقول: كذّب كلّ هؤلاء رسلهم فقيل: {وكذّب موسى} ولم يقل: ( وقوم موسى )، لأنّ قوم موسى بنو إسرائيل، وكانت قد استجابت له، ولم تكذّبه، وإنّما كذّبه فرعون وقومه من القبط. وقد قيل: إنّما قيل ذلك كذلك، لأنّه ولد فيهم، كما ولد في أهل مكّة). [جامع البيان: 16/588-589]

تفسير قوله تعالى: (وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ وثمود (42) وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ (43) وأصحاب مدين وكذّب موسى فأمليت للكافرين ثمّ أخذتهم فكيف كان نكير}.
يقول تعالى ذكره مسلّيًا نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم عمّا يناله من أذى المشركين باللّه، وحاضًّا له على الصّبر على ما يلحقه منهم من السّبّ والتّكذيب: وإن يكذّبك يا محمّد هؤلاء المشركون باللّه على ما آتيتهم به من الحقّ والبرهان، وما تعدهم من العذاب على كفرهم باللّه، فذلك سنّة إخوانهم من الأمم الخالية المكذّبة رسل اللّه المشركة باللّه، ومنهاجهم من قبلهم، فلا يصدّنّك ذلك، فإنّ العذاب المهين من ورائهم، ونصري إيّاك وأتباعك عليهم آتيهم من وراء ذلك، كما أتى عذابي على أسلافهم من الأمم الّذين من قبلهم بعد الإمهال إلى بلوغ الآجال {فقد كذّبت قبلهم} يعني: مشركي قريشٍ؛ قوم نوحٍ، وقوم عادٍ، وثمودٍ، وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ، وأصحاب مدين، وهم قوم شعيبٍ. يقول: كذّب كلّ هؤلاء رسلهم فقيل: {وكذّب موسى} ولم يقل: ( وقوم موسى )، لأنّ قوم موسى بنو إسرائيل، وكانت قد استجابت له، ولم تكذّبه، وإنّما كذّبه فرعون وقومه من القبط. وقد قيل: إنّما قيل ذلك كذلك، لأنّه ولد فيهم، كما ولد في أهل مكّة). [جامع البيان: 16/588-589] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ وثمود (42) وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ (43) وأصحاب مدين وكذّب موسى فأمليت للكافرين ثمّ أخذتهم فكيف كان نكير}.
يقول تعالى ذكره مسلّيًا نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم عمّا يناله من أذى المشركين باللّه، وحاضًّا له على الصّبر على ما يلحقه منهم من السّبّ والتّكذيب: وإن يكذّبك يا محمّد هؤلاء المشركون باللّه على ما آتيتهم به من الحقّ والبرهان، وما تعدهم من العذاب على كفرهم باللّه، فذلك سنّة إخوانهم من الأمم الخالية المكذّبة رسل اللّه المشركة باللّه، ومنهاجهم من قبلهم، فلا يصدّنّك ذلك، فإنّ العذاب المهين من ورائهم، ونصري إيّاك وأتباعك عليهم آتيهم من وراء ذلك، كما أتى عذابي على أسلافهم من الأمم الّذين من قبلهم بعد الإمهال إلى بلوغ الآجال {فقد كذّبت قبلهم} يعني: مشركي قريشٍ؛ قوم نوحٍ، وقوم عادٍ، وثمودٍ، وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ، وأصحاب مدين، وهم قوم شعيبٍ. يقول: كذّب كلّ هؤلاء رسلهم فقيل: {وكذّب موسى} ولم يقل: ( وقوم موسى )، لأنّ قوم موسى بنو إسرائيل، وكانت قد استجابت له، ولم تكذّبه، وإنّما كذّبه فرعون وقومه من القبط. وقد قيل: إنّما قيل ذلك كذلك، لأنّه ولد فيهم، كما ولد في أهل مكّة). [جامع البيان: 16/588-589] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأمليت للكافرين} يقول: فأمهلت لأهل الكفر باللّه من هذه الأمم، فلم أعاجلهم بالنّقمة والعذاب. {ثمّ أخذتهم} يقول: ثمّ أحللت بهم العقاب بعد الإملاء {فكيف كان نكير} يقول: فانظر يا محمّد كيف كان تغييري ما كان بهم من نعمةٍ، وتنكّري لهم عمّا كنت عليه من الإحسان إليهم، ألم أبدلهم بالكثرة قلّةً؟ وبالحياة موتًا وهلاكًا؟ وبالعمارة خرابًا؟ يقول: فكذلك فعلي بمكذّبيك من قريشٍ، وإن أمليت لهم إلى آجالهم، فإنّي منجزك وعدي فيهم، كما أنجزت غيرك من رسلي وعدي في أممهم، فأهلكناهم، وأنجيتهم من بين أظهرهم). [جامع البيان: 16/589]

تفسير قوله تعالى: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن جريج عن عطاء في قوله تعالى وقصر مشيد قال مجصص). [تفسير عبد الرزاق: 2/39]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن هلال بن حباب عن عكرمة وقصر مشيد قال المجصص). [تفسير عبد الرزاق: 2/39]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وبئر معطلة قال عطلها أهلها وتركوها وقصر مشيد قال كان أهله شيدوه وحصنوه فهلكوا فتركوه). [تفسير عبد الرزاق: 2/40]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله خاوية قال خربة ليس فيها أحد). [تفسير عبد الرزاق: 2/40]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(وقال مجاهدٌ: {مشيدٌ} [الحج: 45] : «بالقصّة جصٌّ»). [صحيح البخاري: 6/97]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ مشيدٌ بالقصّة جصٌّ وصله الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله وقصرٍ مشيد قال بالقصّة يعني الجصّ والقصّة بفتح القاف وتشديد الصّاد هي الجصّ بكسر الجيم وتشديد المهملة ومن طريق عكرمة قال المشيد المجصّص قال والجصّ في المدينة يسمّى الشّيد وأنشد الطّبريّ قول امرئ القيس وتيماء لم يترك بها جذع نخلةٍ ولا أجمًا إلّا مشيدًا بجندل ومن طريق قتادة قال كان أهله شيّدوه وحصّنوه وقصّة القصر المشيد ذكر أهل الأخبار أنّه من بناء شدّاد بن عادٍ فصار معطّلًا بعد العمران لا يستطيع أحدٌ أن يدنو منه على أميالٍ ممّا يسمع فيه من أصوات الجنّ المنكرة). [فتح الباري: 8/440]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {مشيد} بالقصة جص
قال عبد ثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا). [تغليق التعليق: 4/260]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وقال مجاهدٌ {مشيدٌ} بالقصّة) أي قال مجاهد في قوله تعالى: {وبئر معطلة وقصر مشيد} (الحج: 45) إن معناه: قصر مشيد، يعني: معمول بالشيد، بكسر الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة: وهو الجص، بكسر الجيم وفتحها. وهو الكلس. وفي (المغرب) : الجص تعريب كج، وقال الجوهري: تقول: شاده يشيده جصصه. وقال قتادة والضّحّاك وربيع: قصر مشيد أي طويل، وعن الضّحّاك: إن هذه البئر إنّما كانت بحضرموت في بلدة يقال لها حاضورا، وذلك أن أربعة آلاف نفر ممّن آمن بصالح عليه السّلام، لما نجوا من العذاب أتوا حضرموت ومعهم صالح عليه الصّلاة والسّلام، فلمّا حضروه مات صالح فسميت حضرموت لأن صالحا لما مات بنوا حاضورا وقعدوا على هذه البئر وأمروا عليهم رجلا يقال له جلهس بن جلاس بن سويد وجعلوا وزيره سخاريب ابن سواده فأقاموا دهراً وتناسلوا حتّى نموا وكثروا ثمّ عبدوا الأصنام وكفروا باللّه تعالى، فأرسل الله إليهم نبيا يقال له حنظلة ابن صفوان كان جمالاً فيهم فقتلوه في السّوق فأهلكهم الله تعالى وعطلت بئرهم وخربت قصورهم). [عمدة القاري: 19/67]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): مما وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عنه ({مشيد}) في قوله: {وبئر معطلة وقصر مشيد} [الحج: 45]. أي (بالقصة) بفتح القاف والصاد المهملة المشددة ولأبي ذر جص بكسر الجيم وتشديد الصاد المهملة والرفع أي هي جص وهذه ثابتة لأبي ذر والمشيد بكسر المعجمة الجص وهو الكلس وقيل المشيد المرفوع البنيان، والمعنى كم من قرية أهلكنا وكم بئر عطلنا عن سقاتها وقصر مشيد أخليناه عن ساكنيه وجعلنا ذلك عبرة لمن اعتبر، وقيل إن البئر المعطلة والقصر المشيد باليمن ولكل أهل فكفروا فأهلكهم الله وبقيا خاليين.
وذكر الإخباريون أن القصر من بناء شداد بن عاد فصار معطلًا لا يستطيع أحد أن يقرب منه على أميال مما يسمع فيه من أصوات الجن المنكرة). [إرشاد الساري: 7/243-244]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {بئرٍ معطلةٍ} قال: البئر الّتي قد تركت). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 118]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: الشّديد البناء وشهق). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 118]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فكأيّن من قريةٍ أهلكناها وهي ظالمةٌ فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ معطّلةٍ وقصرٍ مشيدٍ}.
يقول تعالى ذكره: وكم يا محمّد من قريةٍ أهلكت أهلها وهم ظالمون؛ يقول: وهم يعبدون غير من ينبغي أن يعبد، ويعصون من لا ينبغي لهم أن يعصوه.
وقوله: {فهي خاويةٌ على عروشها} يقول: فباد أهلها وخلت، وخوت من سكّانها، فخربت وتداعت، وتساقطت على عروشها؛ يعني على بنائها وسقوفها.
- كما حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {فهي خاويةٌ على عروشها} قال: " خواؤها: خرابها، وعروشها: سقوفها ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {خاويةٌ} قال: " خربةٌ ليس فيها أحدٌ ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة مثله.
وقوله: {وبئرٍ معطّلةٍ} يقول تعالى: فكأيّن من قريةٍ أهلكناها، ومن بئرٍ عطّلناها، بإفناء أهلها، وهلاك وارديها، فاندفنت وتعطّلت، فلا واردة لها، ولا شاربة منها، ومن {قصرٍ مشيدٍ} رفيعٍ بالصّخور والجصّ، قد خلا من سكّانه، بما أذقنا أهله من عذابنا بسوء فعالهم، فبادوا، وبقي قصورهم المشيّدة خاليةً منهم.
والبئر والقصر مخفوضان بالعطف على القرية.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: هما معطوفان على العروش بالعطف عليها خفضًا، وإن لم يحسن فيهما، على لأن العروش أعالي البيوت، والبئر في الأرض، وكذلك القصر؛ لأنّ القرية لم تخو على القصر، ولكنّه أتبع بعضه بعضًا، كما قال: {وحورٌ عينٌ كأمثال اللّؤلؤ}.
فمعنى الكلام على ما قال هذا الّذي ذكرنا قوله في ذلك: فكأيّن من قريةٍ أهلكناها وهي ظالمةٌ، فهي خاويةٌ على عروشها، ولها بئرٌ معطّلةٌ، وقصرٌ مشيدٌ، ولكن لمّا لم يكن مع البئر رافعٌ، ولا عامل فيها، أتبعها في الإعراب العروش، والمعنى ما وصفت.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {وبئرٍ معطّلةٍ} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: {وبئرٍ معطّلةٍ} قال: " الّتي قد تركت. وقال غيره: لا أهل لها ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وبئرٍ معطّلةٍ} قال: " عطّلها أهلها، تركوها ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {وبئرٍ معطّلةٍ} قال: " لا أهل لها ".
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {وقصرٍ مشيدٍ} فقال بعضهم: معناه: وقصرٍ مجصّصٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني مطر بن محمّدٍ الضّبّيّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، عن هلال بن خبّابٍ، عن عكرمة، في قوله: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: " مجصّصٍ ".
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان، عن هلال بن خبّابٍ، عن عكرمة، مثله.
- حدّثني محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ قال: حدّثني غالب بن فائدٍ قال: حدّثنا سفيان، عن هلال بن خبّابٍ، عن عكرمة، مثله.
- حدّثني الحسين بن محمّدٍ العنقزيّ قال: حدّثني أبي، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن عكرمة، في قوله: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: " مجصّصٍ ".
- حدّثني مطر بن محمّدٍ قال: حدّثنا كثير بن هشامٍ قال: حدّثنا جعفر بن برقان قال: " كنت أمشي مع عكرمة فرأى حائط آجرٍّ مصهرجٍ، فوضع يده عليه وقال: هذا المشيد الّذي قال اللّه ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن هلال بن خبّابٍ، عن عكرمة: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: " المجصّص " قال عكرمة: " والجصّ بالمدينة يسمّى الشيد ".
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: " بالقصّة أو الفضّة ".
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: " بالقصّة، يعني: بالجصّ ".
- حدّثنا القاسم. قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن، أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، في قوله: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: " مجصّصٍ ".
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن هلال بن خبّابٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: " مجصّصٍ " هكذا هو في كتابي: عن سعيد بن جبيرٍ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وقصرٍ رفيعٍ طويلٍ.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وقصرٍ مشيدٍ} قال: " كان أهله شيّدوه وحصّنوه، فهلكوا وتركوه ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {وقصرٍ مشيدٍ} يقول: " طويلٍ ".
وأولى القولين في ذلك بالصّواب: قول من قال: عني بالمشيد المجصّص، وذلك أنّ الشّيد في كلام العرب هو الجصّ بعينه؛ ومنه قول الرّاجز:
كحية الماء بين الطّيّ والشّيد
فالمشيد: إنّما هو مفعولٌ من الشّيد؛ ومنه قول امرئ القيس:
وتيماء لم يترك بها جذع نخلةٍ = ولا أطمًا إلاّ مشيدًا بجندل
يعني بذلك: إلاّ بالبناء بالشّيد والجندل.
وقد يجوز أن يكون معنيًّا بالمشيد: المرفوع بناؤه بالشّيد، فيكون الّذين قالوا: عني بالمشيد الطّويل، نحوا بذلك إلى هذا التّأويل؛ ومنه قول عديّ بن زيدٍ:
شاده مرمرًا وجلّله كلـ سًا = فللطّير في ذراه وكور
وقد تأوّله بعض أهل العلم بلغات العرب، بمعنى المزيّن بالشّيد، من: شدته أشيده. إذا زيّنته به، وذلك شبيهٌ بمعنى من قال مجصّصٌ). [جامع البيان: 16/589-595]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقصر مشيد قال يعني بالقصة). [تفسير مجاهد: 427]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمه فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {فهي خاوية على عروشها} قال: خربة ليس فها أحد {وبئر معطلة} قال: عطلها أهلها وتركوها {وقصر مشيد} قال شيدوه وحصنوه فهلكوا وتركوه). [الدر المنثور: 10/503]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وبئر معطلة} قال: التي تركت لا أهل لها). [الدر المنثور: 10/503]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وقصر مشيد} قال: هو المجصص). [الدر المنثور: 10/503]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {وقصر مشيد} قال: شيد بالجص والآجر، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول:
شاده مرمرا وجلله * كلسا فللطير في ذراه وكور). [الدر المنثور: 10/503-504]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {وقصر مشيد} قال: بالقصة). [الدر المنثور: 10/504]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن عطاء {وقصر مشيد} قال: مجصص). [الدر المنثور: 10/504]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:35 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ} قوم، يذكّر ويؤنّث).[مجاز القرآن: 2/52]

تفسير قوله تعالى: {وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43)}

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ وثمود {42} وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ {43} وأصحاب مدين} [الحج: 42-44] يعني الّذين بعث اللّه إليهم شعيبًا.
قال: {وكذّب موسى} [الحج: 44] كذّبه فرعون.
[تفسير القرآن العظيم: 1/381]
{فأمليت للكافرين} [الحج: 44] يعني جميع هؤلاء ثمّ لم أهلكهم عند تكذيبهم رسلهم حتّى جاء الوقت الّذي أردت أن أهلكهم فيه.
{ثمّ أخذتهم} [الحج: 44] بالعذاب حين جاء الوقت.
{فكيف كان نكير} [الحج: 44] يعني عقابي، أي كان شديدًا.
يحذّر بذلك المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 1/382]

تفسير قوله تعالى: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فكأيّن من قريةٍ} [الحج: 45] يعني كم من قريةٍ.
{أهلكناها} [الحج: 45] يعني أهلكها.
{فهي خاويةٌ} [الحج: 45] فالقرية خاويةٌ.
قال قتادة: ليس فيها أحدٌ، قد هلك أهلها.
{على عروشها} [الحج: 45] يعني على بنيانها.
وبعضهم يقول: العروش السّقوف، فصار أعلاها أسفلها.
{وبئرٍ معطّلةٍ} [الحج: 45] قد باد أهلها فعطّلت.
{وقصرٍ مشيدٍ} [الحج: 45] مبنًى معطّلٌ.
وقال الكلبيّ: المشيّد الحصين). [تفسير القرآن العظيم: 1/382]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ مّعطّلةٍ وقصرٍ مّشيدٍ...}

البئر والقصر يخفضان على العطف على العروش وإذا نظرت في معناها وجدتها ليست تحسن فيها (على) لأن العروش أعالي البيوت، والبئر في الأرض وكذلك القصر، لأن القرية لم تخو على القصر. ولكنه أتبع بعضه بعضاً، كما قال {وحورٍ عينٍ كأمثال اللؤلؤ} ولو خفضت البئر والقصر - إذا نويت أنهما ليسا من القرية - بمن كأنك قلت: كم من قرية أهلكت، وكم من بئر ومن قصرٍ. والأول أحبّ إليّ). [معاني القرآن: 2/228]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فكأيّن من قريةٍ} الياء من فكأيّن مثقلة وهي قراءة الستة ويخففها آخرون
قال ذو الرمة:
وكائن تخطّت ناقتي من مفازة=وهلباجةٍ لا يطلع الهمّ رامك
أي يطلب ومعناها وكم من قرية). [مجاز القرآن: 2/53-52]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وقصر مشيدٍ} مجازه مجاز مفعول من " شدت نشيد " أي زينته بالشيد وهو الجص والجيار والملاط الجيار الصاروج وهو الكلس وقال عدي بن زيد العبادي:
شاده مرمراً وجلّله كلسا فللطير في ذراه وكور
وهو الكلس وقال:
كحيّة الماء بين الطّيّ والشّيد). [مجاز القرآن: 2/53]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فكأيّن مّن قريةٍ أهلكناها وهي ظالمةٌ فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ مّعطّلةٍ وقصرٍ مّشيدٍ}
وقال: {وبئرٍ مّعطّلةٍ وقصرٍ مّشيدٍ} حمله على {كأيّن} والمشيد هو المفعول من "شدته" فـ"أنا أشيده" مثل "عنته" فـ"أنا أعينه" فـ"هو معين"). [معاني القرآن: 3/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({قصر مشيد}: مزين، والشيد الجص). [غريب القرآن وتفسيره: 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقصرٍ مشيدٍ} يقال: هو المبني بالشّيد. وهو الجصّ.
والمشيد: المطوّل. ويقال: المشيد المشيّد سواء في معنى المطول، وقال عدي بن زيد:
شاده مرمرا وجلّله كلـ =ـسا فللطير في ذراه وكور).
[تفسير غريب القرآن: 294]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (... وليس جهلُهم بما في هذه الآية من لطيف المعنى بأعجب من هذا جهلهم بمعنى قوله: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} حتى أبدأوا في التعجّب منه وأعادوا، حتى ضربه بعض المجّان لبارد شعره مثلا.
وهل شيء أبلغ في العبرة والعظة من هذه الآية؟ لأنه أراد: أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها، أو آذان يسمعون بها، فينظروا إلى آثار قوم أهلكهم الله بالعتوّ، وأبادهم بالمعصية، فيروا من تلك الآثار بيوتا خاوية قد سقطت على عروشها، وبئراً كانت لشرب أهلها قد عطّل رشاؤها، وغار معينُها، وقصراً بناه ملكه بالشِّيدِ قد خلا من السَّكَنِ، وتداعى بالخراب، فيتَّعِظوا بذلك، ويخافوا من عقوبةِ الله وبأسه، مثل الذي نزل بهم.
ونحوه قوله: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}
ولم يزل الصالحون يعتبرون بمثل هذا، ويذكرونه في خطبهم ومقاماتهم: فكان سليمان صلّى الله عليه وآله وسلّم، إذا مرَّ بخرابٍ قال: يا خَرِبَ الخَرِبين أين أهلُكَ الأوّلون؟.
وقال: أبو بكر رضي الله عنه، في بعض خُطَبهِ: أين بانو المدائنِ ومحصّنوها بالحوائط؟ أين مشيّدو القصورِ، وعامروها؟! أين جاعلو العَجَبَ فيها لمن بعدهم؟! تلك منازلهم خالية، وهذه منازلهم في القبور خاوية، هل تحسّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا؟.
وهذا الأسود بن يعفر يقول:

ماذا أؤمّل بعد آل محرّق = تركوا منازلهم وبعد إياد
أهل الخورنق والسّدير وبارق = والقصر ذي الشّرفات من سنداد
نزلوا بأنقرة يسيل عليهم = ماء الفرات يجيء من أطواد
أرض تخيّرها لطيب مقيظها = كعب بن مامة وابن أم دؤاد
جرت الرياح على محلّ ديارهم = فكأنهم كانوا على ميعاد
فأرَى النعيم وكلَّ ما يُلهى به = يوماً يصير إلى بِلَىً ونفادِ
وهذه الشّعراء تبكي الديار، وتصف الآثار، وإنما تسمعهم يذكرون دمنا وأوتادا، وأثافيّ ورمادا، فكيف لم يعجبوا من تذكّرهم أهل الديار بمثل هذه الآثار، وعجبوا من ذكر الله، سبحانه أحسن ما يذكر منها وأولاه بالصّفة، وأبلغه في الموعظة؟ ). [تأويل مشكل القرآن:10- 11]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فكأيّن من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطّلة وقصر مشيد}
ويقرأ أهلكتها، المعنى فكيف كان نكير أي ثم أخذتهم فأبلغت أبلغ الإنكار.
فأهلكت قرى كثيرة، لأن معنى {فكأيّن من قرية} معنى فكم من قرية، ومعنى كم من قرية عدد كثير من القرى.
ويجوز كائن بتشديد الياء، ويجوز كائن من قرية، وهو عند البصريين في معنى العدد الكبير، نقول: وكائن من رجل جاءني معناه العدد الكثير من الرجال.
{فهي خاوية على عروشها}
والعروش السقوف، فالمعنى أنها قد خربت وخلت فصارت على سقوفها كما قال في موضع آخر: {فجعلنا عاليها سافلها}، يقال خوت الدار والمدينة خواء، ممدود، فهي خاوية، وخويت المرأة وخوي الإنسان إذا خلا من الطعام خوى، مقصور فهو خو.
وقوله: {وبئر معطّلة وقصر مشيد}.
أكثر ما جاء في مشيد من التفسير مجصّص، والشيد الجصّ والكلس أيضا شيد، وقيل مشيد محصّن مرتفع، والمشيد إذا قيل مجصّص فهو مرتفع في قدره وإن لم يرتفع في سمكه، وأصل الشيد الجصّ والنورة، وكل ما بني بهما أو بأحدهما فهو مشيد). [معاني القرآن: 3/432-431]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فكأين قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها }
قال أهل التفسير المعنى فكم وهي عند النحويين أي دخلت عليها كاف التشبيه فصار التقدير كالعدد الكثير والمعنى معنى كم
وقوله جل وعز: {فهي خاوية على عروشها}
وروي معمر عن قتادة قال خالية ليس فيها أحد
قال أبو جعفر يقال خوت الدار تخوي خواء إذا خلت وخوى الرجل يخوي خوى إذا جاع والعروش السقوف). [معاني القرآن: 4/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وبئر معطلة }
قال الضحاك أي لا أهل لها
وقصر مشيد قال عكرمة أي مجصص
قال ابن أبي نجيح أي بالقصة وهي الجص
وروي علي بن الحكم عن الضحاك وقصر مشيد قال طويل
والقول الأول أولى لأنه يقال شاده يشيده إذا بناه بالشيد وهو الجص كما قال عدي بن زيد:
شاده مرمرا وجلله كلسا = فللطين في ذاره وكور
فأما إذا طوله ورفعه فإنما يقال فيه شيده وأشاده ومنه أشاد فلان بذكر فلان). [معاني القرآن: 4/420-422]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وقَصْرٍ مَّشِيدٍ}: المبني بالشيد وهو الجص، والمشيد: المطول). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَشِيـد}: مجصّـص). [العمدة في غريب القرآن: 214]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:36 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن كل جمعٍ ليس بينه وبين واحده إلا الهاء فإنه جارٍ على سنة الواحد وإن عنيت به جمع الشيء؛ لأنه جنس. من أنثه فليس إلى الاسم يقصد، ولكنه يؤنثها على معناه؛ كما قال عز وجل: {تنزع الناس كأنهم أعجاز نخلٍ منقعرٍ}؛ لأن النخل جنس. وقال: {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخلٍ خاويةٍ}؛ لأنه جمع نخلة فهو على المعنى جماعة. ألا ترى أن القوم اسمٌ مذكر! وقال عز وجل: {كذبت قبلهم قوم نوحٍ} لأن التقدير - والله أعلم -: إنما هو جماعة قوم نوح). [المقتضب: 3/346-347] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44) }

تفسير قوله تعالى: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«البئر» أنثى). [المذكور والمؤنث: 81]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (قال أبو عبيدة: البناء المُشَيَّد المطول والمَشِيد المعمول بالشِّيد وهو كل شيء طليت به الحائط من جص أو بلاط. وقال الكسائي: مَشِيد للواحد، وقال الله تعالى: {وقَصْر مَشِيد}، والمَشِيد
للجميع. قال الله تعالى: {في بروج مُشَيَّدة} ). [الغريب المصنف: 1/264-265]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
((من أشاد على مسلم عورة يشينه بها بغير حق شانه الله بها في النار يوم القيامة)).
قال: حدثناه أبو معاوية عن عبد الله بن ميمون عن موسى بن مسكين عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((أشاد)) يعني رفع ذكره بها ونوه به وشهره بالقبيح.
وكذلك كل شيء رفعته فقد أشدته.
ولا أرى البنيان المشيد إلا من هذا، يقال: أشدت البنيان، فهو مشاد، وشيدته فهو مُشيد: إذا رفعته وأطلته.
وأما البناء المَشِيد فمن قوله تعالى: {وبئر معطلة وقصر مشيد} فإنه من غير المُشَيّد.
هذا هو الذي بني بالشيد وهو الجص). [غريب الحديث: 2/558-560]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
تضحى إذا دق المطي كأنها = فدن ابن حية شاده بالآجر
قوله: تضحي يعني أنها سارت ليلتها وضحوتها لم يكلها السير ولم يتعبها، وكأنه فدن في ذلك الوقت، والفدن القصر، وشاده بناه بالشيد وهو الجص، قال الله تعالى: {وقصر مشيد}، ويقال: المشيد المبني المرتفع، ومنه قولهم شيد بناءه وشاده إذا رفعه، وأنشد الأصمعي في الشيد قول الشماخ:

لا تحسبني وإن كنت امرأ غمرا = كحية الماء بين الطمي والشيد
أي: بين الحجارة والجص). [شرح المفضليات: 256-257]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
وكانوا هم البانين قبل اختلافهم = ومن لا يشد بنيانه يتهدم
ويروى: ومن لا يذد عن حوضه يتهدم، شاد بنيانه زينه وطوله والشيد من الجص والصاروج، يقال شدته بجص أو ملاط أو جيار، تقول شدته فهو مشيد أي زينته بالشيد، و{قصر مشيد} منه، هذا
قول أبي عبيدة: وأنشد لعدي بن زيد ٍ العبادي:
شاده مرمرًا وجلله كلسـ = ـًا فللطير في ذراه وكور
وقال الشماخ:
لا تحسبني وإن كنت امرأ غمرًا = كحية الماء بين الطي والشيد
قال يعقوب: يقول وإن كنت امرأ غمرًا مما نحن فيه ما عرفته لا تدري ما هو ولا تعقله، يقول فلا تحسبني كحية الماء لا تضر شيئًا والطي طي البئر والشيد: الجص، وقال أحمد: أصل الشيد الجص وكل ملاط شيد وقصر مشيد بالجص، وقال الملاط الذي طوي به البئر، وقال غيره شاده بناه بالشيد والشيد الجص، قال الأصمعي: شاده رفع بناءه وشرفه وأصله التجصيص وقال ثعلب: {قصر مشيد}: مجصص فإذا قالوا مَشِيد أرادوا ارتفاعه وعلوه.
قال أبو عبيدة: فإذا زدت في فعلت من شدت ألفًا فإن معناه أذعته، يقال شيدت البناء وأشدت الحديث أي أذعته، قال أبو الأسود:
أشاد به في الناس حتى كأنه = بعلياء نار أوقدت بثقوب
وقال أبو عبيدة: أشاد بالحديث وشاد به لغتان وطرح الألف منهما لغة قريش). [شرح المفضليات: 424-425]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 09:05 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 09:06 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 09:09 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {وإن يكذبوك} يعني قريشا، وهذه آية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ووعيد لقريش، وذلك أنه مثلهم بالأمم المكذبة المعذبة). [المحرر الوجيز: 6/257]

تفسير قوله تعالى: {وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وأسند فعلا فيه علامة التأنيث إلى "قوم" من حيث أراد والقبيلة ليطرد القول في عاد وثمود، وقوم نوح هم أول أمة كذبت نبيها). [المحرر الوجيز: 6/257]

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أسند التكذيب في موسى عليه السلام إلى من لم يسم فاعله من حيث لم يكذبه قومه بل كذبه القبط وقومه مؤمنون به. و"أمليت" معناه: أمهلت، وكأن الإمهال أن تمهل من تنوي فيه المعاقبة وأنت في حيز إمهالك عالم بفعله. و"النكير" مصدر كالغدير بمعنى الإنكار والإعذار، وهو في هذه المصادر بناء مبالغة، فمعنى هذه الآية: فكما فعلت بهذه الأمم كذلك أفعل بقومك). [المحرر الوجيز: 6/257]

تفسير قوله تعالى: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير}
"كأين" هي كاف التشبيه دخلت على "أي": قاله سيبويه، وقد أوعبت القول في
[المحرر الوجيز: 6/257]
معنى هذه اللفظة وقراءتها في سورة آل عمران، في قوله تعالى: {وكأين من نبي}، وهي لفظة إخبار، وقد تجيء استفهاما، وحكى الفراء: كأين ما لك؟ أي: كم ما لك؟ وقرأت فرقة: "أهلكناها"، وقرأت فرقة: "أهلكتها" بالإفراد، والمراد أهل القرية، و"ظالمة" معناه: بالكفر، و"خاوية" معناه: خالية، ومنه: خوى النجم إذا خلا من القوة، ونحوه "ساقطة على عروشها"، و"العروش": السقوف، فالمعنى أن السقوف سقطت ثم وقعت الحيطان عليها فهي على العروش.
وقوله تعالى: {وبئر معطلة}، قيل: هو معطوف على "العروش"، وقيل: على "القرية"، وهو أصوب، وقرأت فرقة: "وبئر" بهمزة على الياء، وسهلها الجمهور، وقرأت فرقة: "معطلة" بفتح الميم وسكون العين وفتح الطاء وتخفيفها، والجمهور على "معطلة" بضم الميم وفتح العين وشد الطاء. و"المشيد": المبني بالشيد وهو الجص، وقيل: المشيد: المعلى بالآجر ونحوه فمن المشيد قول عدي بن زيد:
شاده مرمرا وجلله كلـ ـسا فللطير في ذراه وكور
[المحرر الوجيز: 6/258]
شاده: بناه بالشيد، والأظهر في البيت أنه أراد: علاه بالمرمر، وقالت فرقة في هذه الآية: إن "مشيدا معناه: معلى محصنا، ومعنى الآية يقتضي أنه كان كذلك قبل خرابه). [المحرر الوجيز: 6/259]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:12 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:16 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن يكذّبوك فقد كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ وثمود (42) وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ (43) وأصحاب مدين وكذّب موسى فأمليت للكافرين ثمّ أخذتهم فكيف كان نكير (44) فكأيّن من قريةٍ أهلكناها وهي ظالمةٌ فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ معطّلةٍ وقصرٍ مشيدٍ (45) أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذانٌ يسمعون بها فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور (46)}.
يقول تعالى مسلّيًا نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم في تكذيب من خالفه من قومه: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت قبلهم قوم نوحٍ} إلى أن قال: {وكذّب موسى} أي: مع ما جاء به من الآيات البيّنات والدّلائل الواضحات.
{فأمليت للكافرين} أي: أنظرتهم وأخّرتهم، {ثمّ أخذتهم فكيف كان نكير} أي: فكيف كان إنكاري عليهم، ومعاقبتي لهم؟!
ذكر بعض السّلف أنّه كان بين قول فرعون لقومه: {أنا ربّكم الأعلى} [النّازعات: 24]، وبين إهلاك اللّه له أربعون سنةً.
وفي الصّحيحين عن أبي موسى، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: "إنّ اللّه ليملي للظّالم حتّى إذا أخذه لم يفلته، ثمّ قرأ: {وكذلك أخذ ربّك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ إنّ أخذه أليمٌ شديدٌ} [هود: 102]).[تفسير ابن كثير: 5/ 437]

تفسير قوله تعالى: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {فكأيّن من قريةٍ أهلكناها} أي: كم من قريةٍ أهلكتها {وهي ظالمةٌ}] أي: مكذّبةٌ لرسولها، {فهي خاويةٌ على عروشها} قال الضّحّاك: سقوفها، أي: قد خرّبت منازلها وتعطّلت حواضرها.
{وبئرٍ معطّلةٍ} أي: لا يستقى منها، ولا يردها أحدٌ بعد كثرة وارديها والازدحام عليها.
{وقصرٍ مشيدٍ} قال عكرمة: يعني المبيّض بالجصّ.
وروي عن عليّ بن أبي طالبٍ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وأبي المليح، والضّحّاك، نحو ذلك.
وقال آخرون: هو المنيف المرتفع.
وقال آخرون: الشّديد المنيع الحصين.
وكلّ هذه الأقوال متقاربةٌ، ولا منافاة بينها، فإنّه لم يحم أهله شدّة بنائه ولا ارتفاعه، ولا إحكامه ولا حصانته، عن حلول بأس اللّه بهم، كما قال تعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيّدةٍ} [النّساء: 78]). [تفسير ابن كثير: 5/ 438]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة