دراسة المفعول لأجله
1- الزجاج مع النحويين في تسمية المفعول له، وأنه يفيد التعليل وأنه على تقدير اللام ولكنه يخالفهم في عامله، إذ يجعل العامل فعلاً محذوفًا من لفظ المصدر، فيكون إعرابه كإعراب المفعول المطلق سار على هذا في كثير من الآيات في كتابه: [معاني القرآن]
وجوز في بعض المواضع أن يكون المفعول له منصوبًا بنزع الخافض، وإليك بعض نصوصه:
1- قال في [معاني القرآن: 1/ 63]: «وإنما نصبت {حذر الموت} لأنه مفعول له، والمعنى: يفعلون ذلك لحذر الموت، وليس نصبه لسقوط اللام، وإنما نصبه أنه في تأويل المصدر، كأنه قال: يحذرون حذرا».
وقال [الرضي: 1/ 175]: «المفعول لأجله هو المفعول المطلق عند الزجاج».
2- وقال في [معاني القرآن: 1/ 148]: «بغيا أن ينزل الله» «ونصب بغيا مصدرا مفعولا له، كما تقول: فعلت ذلك حذر الشر، أي لحذر الشر، كأنك قلت: حذرت حذرا، ومثله من الشعر قول الشاعر:
وأغفر عوراء الكريم إدخاره = وأعرض عن شتم اللئيم تكرما
المعنى: أغفر عوراء الكريم لادخاره، وأعرض عن شتم اللئيم للتكرم، وكأنه قال: أدخر الكريم إدخارًا، وأتكرم على اللئيم تكرما، لأن قوله: (وأغفر عوراء الكريم) معناه: أدخر الكريم».
3- وقال في [معاني القرآن: 2/ 115]: «نصب {ابتغاء مرضاة الله} لأنه مفعول له والمعنى: ومن يفعل ذلك لابتغاء مرضاة الله، وهو راجع إلى تأويل المصدر، كأنه قال: ومن يبتغ ابتغاء مرضاة الله».
4- وقال في [معاني القرآن: 2/ 323]: «وهذا يسميه سيبويه مفعولاً له، وحقيقته أن قوله: {لا يذكرون} بمعنى: يفترون، فكأنه قال: يفترون افتراء».
5- وقال في [معاني القرآن: 2/ 426]: «يجوز النصب في {معذرة} على معنى: يعتذرون معذرة».
6- وقال في [معاني القرآن: 2/ 445]: « {أمنة} منصوب مفعول له، كقولك: فعلت ذلك حذر الشر، والتأويل أن الله أمنهم أمنا».
وجوز الزجاج أن يكون المفعول لأجل منصوبا بنزع الخافض:
قال في [معاني القرآن: 2/ 519]: «انتصب {ضرارا} مفعولا له، المعنى: اتخذوه للضرار والكفر، والتفريق والإرصاد، فلما حذفت اللام أفضى الفعل فنصب ويجوز أن يكون مصدرًا محمولاً على المعنى، لأن اتخاذهم المسجد على غير التقوى معناه: ضاروا به ضرارا».
وممن جعل المفعول له منصوبًا بنزع الخافض أو البركات الأنباري.
قال في [البيان: 1/ 61]: « {حذر الموت} منصوب لأنه مفعول له، والأصل: لحذر الموت، فحذفت اللام».
وسكت الزجاج عن تقدير الفعل الناصب، فقال في [معاني القرآن: 2/ 337]: «تمام منصوب مفعول له، وكذلك: (وتفصيلا لكل شيء المعنى: آتيناه لهذه العلة، أي للتمام والتفصيل».
وقال الجري: هو مصدر واقع حالا. [الرضي: 176].
يرى أبو حيان أنه إذا اجتمعت شروط المفعول لأجله فلا يعدل عن إعرابه إلى إعرابه حالاً ولو كان نكرة لأن وقوع المصدر حالاً لا يناقس.
1- قال في [البحر: 1/ 348]
{لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم} [2: 109]
«حسدا: مفعول لأجله... وجوزوا أن يكون حالاً، وضعف بأن جعل المصدر حالاً لا ينقاس:
والأول أظهر لأنه اجتمعت فيه شروط المفعول لأجله».
وقال في [البحر: 2/ 119]: « {ابتغاء مرضات الله} [2: 207] مفعول لأجله مستوف للشروط، وإضافته محضة، خلافًا للجرمي والرياشي والمبرد وبعض المتأخرين الزاعمين أنها غير محضة».
وقال في البحر: {رئاء الناس} [4: 38] «رئاء: مصدر مفعول لأجله، وفيه شروطه، فلا ينبغي أن يعدل عنه، وقيل: مصدر في موضع الحال».
وقال في [البحر: 5/ 382]: {ابتغاء حلية} [13: 17]«مفعول لأجله، وشروطه متوفرة، وقال الحوفي: مصدر في موضع الحال».
وقال في [البحر: 5/ 386]:
{والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم} [13: 22]
«ابتغاء: مصدر في موضع الحال، والأولى أن يكون مفعولا لأجله، أن صبر هؤلاء لابتغاء وجه الله خالصًا، لا لرجاء أن يقال: ما أصبره، ولا مخافة أن يعاب بالجزع أو تشمت به الأعداء».
من هذا يتبين لنا أنه ليس هناك إجماع من النحويين على أساليب يتعين فيها أن تكون مفعولاً لأجله، ولا يجوز فيها المصدرية أو الحالية.
لهذا كثرت وجوه الإعراب في المفعول لأجله: يعربونه مفعولاً مطلقًا أو مفعولاً لأجله كما يعربونه مفعولاً لأجله أو حالاً، كما أجازوا الوجوه الثلاثة في كثير من المواضع.