العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 05:45 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة الفرقان

توجيه القراءات في سورة الفرقان


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 05:49 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي مقدمات سورة الفرقان

مقدمات توجيه القراءات في سورة الفرقان
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة الفرقان). [معاني القراءات وعللها: 2/213]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ومن سورة الفرقان) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/116]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في سورة الفرقان). [الحجة للقراء السبعة: 5/335]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة الفرقان). [المحتسب: 2/117]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (25 - سورة الفرقان). [حجة القراءات: 507]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة الفرقان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/144]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة الفرقان). [الموضح: 925]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/144]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي سبع وسبعون آية في المدني والكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/144]

ياءات الإضافة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- فيها ياء إضافة قوله: {يا ليتني اتخذت} «27» قرأها أبو عمرو بالفتح، وقوله: {إن قومي اتخذوا} «30» قرأ نافع وأبو عمرو والبزي بالفتح). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/149]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها ياءان للمتكلم وهما: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا} و{يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ}.
ففتحهما أبو عمرو.
وفتح البزي عن ابن كثير وكذلك نافع ويعقوب {إِنَّ قَوْمِي} وحدها.
والباقون أسكنوهما جميعًا.
وقد ذكرنا أن الفتح في هذه الياء أصلٌ، والإسكان تخفيفٌ). [الموضح: 937]

الياءات المحذوفة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (ليس فيها ياء محذوفة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/149]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 05:50 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الفرقان

[ من الآية (1) إلى الآية (6) ]
{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)}


قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قرأ ابن الزبير: [نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْادِهِ].
قال أبو الفتح: وجه ذلك أنه وإن كان إنزاله على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لما كان عليه السلام موصلا له إلى العباد ومخاطبا به لهم صار كأنه منزل عليهم، ولذلك كثر فيه خطاب العباد بالأمر والنهي لهم، والترغيب والترهيب والمصروف اللفظ إليهم، ونحو ذلك مما يوجه فيه الخطاب نحوهم). [المحتسب: 2/117]

قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)}
قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3)}
قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)}
قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة بن مصرف: [اكْتُتِبَهَا]، بضم الألف والتاء الأولى وكسر الثانية. قال أبو الفتح: قراءة العامة: {اكْتَتَبَهَا} معناه استكتبها، ولا يكون معناه كتبها، أي: كتبها بيده؛ لأنه عليه السلام كان أميا لا يكتب، وهو من تمام إعجازه، وأنه لم يكن يقرأ الكتب فيظن بما يورده من الأنباء المتقادمة الأزمان كان عن قراءته الكتب.
فـ {اكْتَتَبَهَا} معناه استكتبها؛ لأنه لم يكن أحد من المشركين يدعي أنه يقرأ الكتب وإذا كان كذلك فمعنى {اكْتَتَبَهَا} إنما هو استكتبها، وهو على القالب، أي: استكتبت له. ومثله في القلب قراءة من قرأ: [قُدِّرُوهَا تَقْدِيرًا]، أي: قدرت لهم، والقلب باب، وشواهده كثيرة، منها قولهم:
[المحتسب: 2/117]
مِثلُ القنافِذِ هَدّاجُونَ قدْ بَلَغَتْ ... نجرانَ أو بَلَغَتْ سَوْاءَتِهِمْ هَجَرُ
أراد: وبَلَغَتْ سوءاتُهُم هجرا، ومثله قولهم:
أسلَمُوها في دمشْقَ كَمَا ... أسلمَتْ وحشيَّةٌ وَهَقَا
أي: كما أسلم وهق وحشية، ومنه قوله:
ما أمسكَ الحبلَ حافِره
أي: ما أمسَكَ الحبْلُ حافِرَهُ.
وليس ممتنعا أن يكون قوله: {اكتَتَبَهَا} كتبها وإن لم يلِ ذلك بيده، إلا أنه لما كان عن رأيه أو أمره نسب ذلك إليه، كقولنا: ضرب الأمير اللص وإن لم يله بيده. وفي الحديث: "من اكتتب ضمنا كان له كذا"، أي: زمنا، يعني كتب اسمه في الفرض.
فعلى هذا يكون [اكْتُتِبهَا] أي: اكْتُتِبَتْ لَهُ). [المحتسب: 2/118]

قوله تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 05:52 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الفرقان

[ من الآية (7) إلى الآية (10) ]
{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)}


قوله تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7)}
قوله تعالى: {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (يأكل منها)
قرأ حمزة والكسائي (نأكل منها) بالنون
وقرأ الباقون (يأكل منها) بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ (يأكل منها) فمعناه: يأكل الرسول منها، فيبين فضله.
ومن قرأ (نأكل منها) أراد: أو تكون له جنة يطعمنا منها، فنأكل معه منها). [معاني القراءات وعللها: 2/213]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {يأكل منها} [8]
قرأ حمزة والكسائي بالنون.
وقرأ الباقون بالياء. فمن قرأ بالنون أخبر لمتكلم عن نفسه مع جماعة.
ومن قرأ بالياء أخبر الله تعالى عن غائب مفرد، وهو الاختيار؛ لأن الله تعالى خص بالخطاب رجلاً فقال: {إن شاء جعل لك} [10]. ولم يقل: لكم. والقراءتان صحيحتان). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/116]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله تعالى: جنة يأكل منها [الفرقان/ 8]. فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر:
يأكل منها بالياء.
وقرأ حمزة والكسائي: (نأكل منها) بالنون.
قال أبو علي: له جنة يأكل منها يعني النبيّ صلّى الله عليه وسلم، كأنّهم أنكروا أن يكون رسول الله لما رأوه بشرا مثلهم يأكل كما يأكلون فقالوا: لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا [الفرقان/ 7]، فيبين منّا باقتران الملك به، وكونه معه نذيرا من جملتنا، فكذلك اقترحوا عليه إلقاء كنز إليه، أو كون جنّة يختصّ بما يأكل منها، حتى يتبين في مأكله أيضا منهم كما يبين باقتران الملك به وإلقاء الكنز إليه، وعلى هذا قالوا: ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون [المؤمنون/ 34]،
[الحجة للقراء السبعة: 5/335]
فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه [القمر/ 24]، وقد قال في ذلك سواهم من الكفار فقالوا فيما حكى الله تعالى عنهم: أبشر يهدوننا [التغابن/ 6] فأنكروا أن يكون لمن ساواهم في البشرية حال ليست لهم، وقد احتجّ الله سبحانه عليهم في ذلك، بقوله تعالى: ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون [الأنعام/ 9]، وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [الأنبياء/ 7]. ومن قال: نأكل فكأنّه أراد أنّه يكون له بذلك مزيّة علينا في الفضل بأكلنا من جنّته). [الحجة للقراء السبعة: 5/336]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو تكون له جنّة يأكل منها} {تبارك الّذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنّات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} 8 و10
قرأ حمزة والكسائيّ {نأكل منها} بالنّون وقرأ الباقون بالياء أي محمّد صلى الله عليه وحجتهم قوله {تبارك الّذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} فخصه بالوصف ولم يقل جعل لكم فيدخلوا معه في الوصف ومن قرأ بالنّون أخبر المتكلّم عن نفسه مع جماعة كأنّهم أرادوا أن يكون للنّبي صلى الله عليه جنّة له دونهم يرونها ويأكلون منها حتّى يتيقنوا صحة ذلك بأكلهم منه نظير ما أخبر عنهم في قيلهم له {لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعا} وقيلهم أيضا له {ولن نؤمن لرقيك حتّى تنزل علينا كتابا نقرؤه} ولم يقل تقرؤه
[حجة القراءات: 507]
أنت علينا حتّى تفجر لنفسك
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر {ويجعل لك قصورا} برفع اللّام على الابتداء قطعوه عمّا قبله والمعنى وسيجعل لك قصورا أي سيعطيك الله في الآخرة أكثر ممّا قالوا
وقرأ الباقون {ويجعل لك} جزما عطفوا على موضع {إن شاء} المعنى إن يشأ يجعل لك جنّات ويجعل لك قصورا). [حجة القراءات: 508] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {يأكل منها} قرأ حمزة والكسائي بالنون، على معنى: إنهم اقترحوا جنة يأكلون هم منها، وقرأ الباقون بالياء على معنى أنهم اقترحوا جنة يأكل النبي منها، ودل على ذلك قوله عنهم: {لولا أنزل إليه ملك فيكون}، {أو يُلقى إليه كنز} والياء الاختيار، لأن الجماعة على ذلك، ولأن قبله لفظ غيبة خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في اقتراحهم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/144]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {جَنَّةٌ نَأْكُلُ مِنْهَا} [آية/ 8] بالنون:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن فاعل الفعل الكفار الذين قالوا {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ نَأْكُلُ} نحن {مِنْهَا}، لتكون له علينا فضيلةٌ بأن نأكل من جنته.
وقيل: تظهر له جنةٌ في مكة مثمرةٌ نأكل من ثمرها فتكون بأكلنا منها أبعد من الريب.
وقرأ الباقون {يَأْكُلُ مِنْهَا} بالياء.
والوجه أن الضمير فيه يعود إلى النبي صلى الله عليه (وسلم)، أي يأكل منها هو فيختص بأكله منها، فيكون له تميزٌ في المأكل). [الموضح: 925]

قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9)}
قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويجعل لك قصورًا (10)
[معاني القراءات وعللها: 2/213]
قرأ ابن كثير، وعاصم في رواية أبي بكر عنه، وابن عامر (ويجعل لك) رفعًا.
وقرأ الباقون (ويجعل لّك) وكذلك روى الكسائي عن أبي بكر بالجزم مثل حفص.
وقال الفراء: من جزم (ويجعل لك قصورًا) ردّه على قوله: (إن شاء جعل)
و (جعل) في معنى جزم، لأن المعنى: إن شاء يجعل.
قال الفراء: وقد يكون قوله: (ويجعل لك) رفعًا وهي في ذلك مجزومة؛ لأنها لام لقيت لامًا فسكنت.
قال: وإن رفعتها رفعًا بيّنًا فهو جائز.
قال أبو إسحاق: من رفع (ويجعل لك) فعلى الاستئناف، المعنى: وسيجعل لك قصورًا، أى: سيعطك الله في الآخرة أكثر مما قالوا). [معاني القراءات وعللها: 2/214]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ويجعل لك قصورًا} [10].
قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر: {ويجعل لك قصورًا} بالرفع على الاستئناف.
وقرأ الباقون: {ويجعل لك} جزمًا على الشرط الذي قبله نسق؛ لأن موضع {إن شاء} جزم على الشرك الذي قبله نسق؛ لأن موضع {إن شاء} جزم لو كان مستقبلاً، والتقدير: إن يشأ يجعل، فــ «أن» حرف شرط، و«شاء» فعل ماض لفظًا ومعناه الاستقبال، و{يجعل} جزم جواب الشرط، {جنت تجري من تحتها الأنهر} كلام تام، فمن رفع استأنف، ومن جزم عطف {ويجعل لك قصورًا} على يجعل لك جنات ولو قرأ قارئ {ويجعل لك} بالإدغام وإشمام الضم لكان جائزًا مثل: {لاتأمنا}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/116]
فيدغم، لأنه يريد: يجعل لك وتأمننا فيدغم، ومن جزم لم يجز له الإظهار). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/117]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في رفع اللام وجزمها من قوله تعالى: ويجعل لك قصورا [الفرقان/ 10].
فقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية يحيى عن أبي بكر: ويجعل لك برفع اللّام.
الكسائي عن أبي بكر عن عاصم ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم: (ويجعل لك قصورا) بجزم اللّام.
قال أبو علي: من جزم (ويجعل) عطفه على موضع جعل [لأنّ موضع جعل] جزم بأنّه جزاء الشرط، فإذا جزم (يجعل) حمله على ذلك، وإذا كانوا قد جزموا ما لم يله فعل لأنّه في موضع جزم، كقراءة من قرأ: (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) [الأعراف/ 186]، وكقول
[الحجة للقراء السبعة: 5/336]
الشاعر:
أنّى سلكت فإنّنى لك كاشح... وعلى انتقاصك في الحياة وأزدد
وكلّ ذلك ليس بأفعال، وإنما هو في موضع الأفعال، فالفعل أولى أن يحمل عليه من حيث كان الفعل بالفعل أشبه منه بغير الفعل، وحكم المعطوف أن يكون مناسبا للمعطوف عليه، ومشابها له. ومن رفع فقال: ويجعل لك قطعه ممّا قبله واستأنف، والجزاء في هذا النحو موضع استئناف، ألا ترى أنّ الجمل التي من الابتداء والخبر تقع فيه. كقوله تعالى: من يضلل الله فلا هادى له [الأعراف/ 76].
وقوله تعالى: وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم [البقرة/ 271] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/337]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبيد الله بن موسى وطلحة بن سليمان: [وَيَجْعَلَ لَكَ]، بالنصب.
قال أبو الفتح: نصبه على أنه جواب الجزاء بالواو، كقولك: إن تأتني آتك وأُحْسِنَ إليك. وجازت إجابته بالنصب لما لم يكن واجبا إلا بوقوع الشرط من قبله وليس قويا من ذلك، ألا تراه بمعنى قولك: أفعلُ كذا إن شاء الله؟). [المحتسب: 2/118]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو تكون له جنّة يأكل منها} {تبارك الّذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنّات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} 8 و10
قرأ حمزة والكسائيّ {نأكل منها} بالنّون وقرأ الباقون بالياء أي محمّد صلى الله عليه وحجتهم قوله {تبارك الّذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} فخصه بالوصف ولم يقل جعل لكم فيدخلوا معه في الوصف ومن قرأ بالنّون أخبر المتكلّم عن نفسه مع جماعة كأنّهم أرادوا أن يكون للنّبي صلى الله عليه جنّة له دونهم يرونها ويأكلون منها حتّى يتيقنوا صحة ذلك بأكلهم منه نظير ما أخبر عنهم في قيلهم له {لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعا} وقيلهم أيضا له {ولن نؤمن لرقيك حتّى تنزل علينا كتابا نقرؤه} ولم يقل تقرؤه
[حجة القراءات: 507]
أنت علينا حتّى تفجر لنفسك
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر {ويجعل لك قصورا} برفع اللّام على الابتداء قطعوه عمّا قبله والمعنى وسيجعل لك قصورا أي سيعطيك الله في الآخرة أكثر ممّا قالوا
وقرأ الباقون {ويجعل لك} جزما عطفوا على موضع {إن شاء} المعنى إن يشأ يجعل لك جنّات ويجعل لك قصورا). [حجة القراءات: 508] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {ويجعل لك قصورا} قرأه ابن كثير وابن عامر وأبو بكر بالرفع، على الاستئناف والقطع، وفيه معنى الحتم، ليس بموقوف على المشيئة، أي: لابد أن يجعل لك يا محمد قصورا، وقرأ الباقون بالجزم، عطفوه على موضع «جعل» لأنه جواب الشرط في موضع جزم، فيكون {ويجعل لك قصورا} داخلًا في المشيئة، أي: إن شاء الله فعل ذلك بك يا محمد، وهو فاعله بلا شك، ويجوز أن يكونوا قدروه على نية الرفع مثل الأول، لكن أدغموا اللام في اللام، فأسكنوا اللام من «يجعل» للإدغام لا للجزم، فتكون القراءتان بمعنى الحتم، أن الله فاعل ذلك لمحمد على كل حال). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/144]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {وَيَجْعَلُ لَكَ قُصُورًا} [آية/ 10] بالرفع:
قرأها ابن كثير وابن عامر وعاصم ياش-.
والوجه أنه على الاستئناف والقطع مما قبله، ولا يمتنع أن يكون ما يُعطف على جواب الشرط جملة مستأنفة؛ لأن الجمل التي تكون من الابتداء والخبر تقع في جواب الشرط نحو قوله تعالى {مَنْ يُضْلِلِ الله فَلَا هَادِيَ لَهُ} وقوله {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.
وقرأ الباقون و-ص- عن عاصم {وَيَجْعَلْ لَكَ} جزْمًا.
والوجه أنه عطف على موضع جعل، وهو جواب الشرط الذي هو قوله {إِنْ شَاءَ}، ومواضع جواب الشرط جزمٍ، فجزم المعطوف عليه حملًا على الموضع كأنه قال إن شاء يجعل لك خيرًا من ذلك ويجعل لك قصورًا). [الموضح: 926]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 05:55 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الفرقان

[ من الآية (11) إلى الآية (16) ]
{بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14) قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (16)}


قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11)}
قوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12)}
قوله تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مكانًا ضيّقًا)
قرأ ابن كثير (مكانًا ضيقًا) مخففًا.
وروى بعضهم عن أبي عمرو أيضًا كذلك.
وشدد الباقون (ضيّقًا).
قال أبو منصور: الأصل (ضيّق)، بالتشديد، ثم يخفف فيقال: (ضيق)، مثل: هيّن وهين، وليّن ولين). [معاني القراءات وعللها: 2/213]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {مكانا ضيقا} [13]
قرأ ابن كثير برواية قنبل {ضيقًا}.
وقرأ الباقون {ضيقًا}.
فقال قوم: الضيق والضيق: لغتان.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/118]
وقال آخرون: الضيق: فيما يرى له حد، والضيق: فيما لا يرى ولا يحد فتقول: بيت ضيق وفيه ضيق، وصدر ضيق.
وفيه قول آخر: يجوز أن يكون مكانًا ضيقًا بالتخفيف أراد ضيقًا، كما تقول: هين لين ميت، والأصل: هين لين ميت.
واتفقوا على {مقرنين} بالياء؛ لأنه نصب على الحال، إلا أبا شيبة المهرى فإنه قرأ {مقرنون} بالواو، أي هم مقرنون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/119]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عبيد عن أبي عمرو: (مكانا ضيقا) [الفرقان/ 13] خفيف مثل ابن كثير، والباقون يشددون الياء من ضيقا غير ابن كثير.
[قال أبو علي]: ضيقا تقديره فيعل، وليس بمصدر، لأنّه قد جرى وصفا على المكان، ومن خفّف فكتخفيف اللّين والهين، والتخفيف في هذا النحو كثير، وما كان من هذا النحو من الواو نحو: سيّد وميّت
[الحجة للقراء السبعة: 5/338]
فالحذف فيه في القياس أشيع، لأنّ العين تعلّ فيه بالحذف، كما أعلّ بالقلب إلى الياء، والحذف في الياء أيضا كثير، لأنّ الياء قد تجري مجرى الواو في نحو: اتّسر، جعلوه بمنزلة اتّعد). [الحجة للقراء السبعة: 5/339]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا}
قرأ ابن كثير ضيقا بالتّخفيف ووزنه فعل وقرأ الباقون {ضيقا} بالتّشديد ووزنه فيعل وهما لغتان مثل هين ولين وهين ولين ومثله ميت وميت). [حجة القراءات: 508]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {ضَيْقًا} [آية/ 13] ساكنة الياء:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه مخفف من ضيق بالتثقيل، كهينٍ ولينٍ إذ خففا من هينٍ ولينٍ، والتخفيف والتثقيل لغتان.
وقرأ الباقون {ضَيِّقًا} مشددة الياء.
والوجه أن ضيقًا فيعلٌ من الضيق، وهو وصفٌ للمكان، وهو الأصل الذي خفف منه ضيقٌ). [الموضح: 927]

قوله تعالى: {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)}
قوله تعالى: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15)}
قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (16)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 05:57 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الفرقان

[ من الآية (17) إلى الآية (20) ]
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)}


قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون اللّه فيقول (17)
قرأ ابن كثير وحفص ويعقوب (ويوم يحشرهم.. فيقول) بالياء معًا، وكذلك روى عبيد وهارون عن أبي عمرو ومثل ابن كثير، وكذلك روى أبو زيد عن أبي عمرو، (ويوم يحشرهم وما يعبدون.. فيقول) كله بالياء.
وقرأ ابن عامر (ويوم نحشرهم... فنقول) بالنون.
وقرأ نافع وأبو عمرو في رواية اليزيدي وعبد الوارث، وأبو بكر عن عاصم، وحمزة، والكسائي (ويوم نحشرهم) بالنون، (فيقول) بالياء.
[معاني القراءات وعللها: 2/214]
قال الأزهري: المعنى واحد في: (نحشرهم) و(يحشرهم) الله حاشرهم، وهو القائل لهم، لا شريك له، وكله جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/215]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {ويوم يحشرهم وما يعبدون} [17].
قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم بالياء كليهما، أي: قل يا محمد: ويوم يحشرهم الله ويحشر الذي يعبدون، يعنى: الأصنام. قيل: حشرها: فناؤها. وقيل: يحشرها كما يحشر كل شيء ليبكت بها من جعلهاإلها من دون الله. فأما قوله: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} فإن جماعة من المنافقين والكفار خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا قد ذكرت أن الله قد أنزل عليكم: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} وقد عبد قوم عيسى وعزيزًا فأنزل الله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} فهذا في التفسير. وقال أهل النحو: هذا السؤال لا يلزم؛ لأن الله تعالى قال: {وما تعبدون} و«ما» لغير الإنس. ولو دخل عيسى وعزير فيمن عبد في هذه الآية لقيل: إنكم ومن تعبدون؛ لأن «من» للإنس خاصة.
وبلغ الفرزدق أن جريرً قال:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/117]
يا حبذا جبل الريان من جبل = وحبذا ساكن الريان من كانا
فقال الفرزدق: لو كانوا قرودًا؟
فقال جرير: أخطا، ولو كانوا قرودًا لقلت: «ما»، و«إنما» قلت: «من».
وقرأ الباقون: {ويوم نحشرهم} بالنون، الله تعالى يخبر عن نفسه. {وما يعبدون} بالياء مثل الأولين.
وقرأ ابن عامر: {ويوم نحشرهم ........ فنقول} بالنون أيضًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/118]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله تعالى: ويوم يحشرهم وما يعبدون فيقول [الفرقان/ 17]، فقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص:
ويوم يحشرهم وما يعبدون فيقول بالياء جميعا. وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر: (ويوم نحشرهم) بالنون، فيقول بالياء. قال أبو بكر: ليس عندي عن أبي بكر عن عاصم في قوله فيقول شيء، وقال بعض أصحابه: روى الأعشى عن أبي بكر: فيقول بالياء وروى عباس، وعبيد بن عقيل عن هارون عن أبي عمرو [وعبيد عن أبى عمرو]. وأبو زيد والخفاف عن أبي
[الحجة للقراء السبعة: 5/337]
عمرو ويوم يحشرهم فيقول مثل ابن كثير بالياء، وقرأ ابن عامر: (ويوم نحشرهم) فيقول بالنون جميعا.
قال أبو علي: حجّة من قرأ بالياء: قوله تعالى: كان على ربك وعدا [الفرقان/ 16] ويوم يحشرهم... فيقول [الفرقان/ 17]، ويقوي ذلك قوله: عبادي. ومن قرأ: (ويوم نحشرهم) فيقول فإنّه على أنّه أفرد بعد أن جمع، كما أفرد بعد الجمع في قوله تعالى: وآتينا موسى الكتاب... أن لا تتخذوا من دوني [الإسراء/ 2] وقراءة ابن عامر: (ويوم نحشرهم فنقول) حسن لإجرائه المعطوف مجرى المعطوف عليه في لفظ الجمع، وقد قال: (ويوم نحشرهم جميعا، ثم نقول للملائكة) [سبأ/ 40]، ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا [الأنعام/ 22]، وحشرناهم فلم نغادر [الكهف/ 47] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/338]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج: [نَحْشِرُهُمْ]، بكسر الشين.
قال أبو الفتح: هذا وإن كان قليلا في الاستعمال فإنه قوي في القياس، وذلك أن "يَفْعِل" في المتعدي أقيس من "يَفْعُل"، فضرَب يضرِب إذًا أقيسُ من قتَل يقتُل؛ وذلك أن "يَفْعُل" إنما بابها الأقيس أن تأتي في مضارع فَعُلَ، كظرُف يظرُف، وكرُم، يكرُم، ثم نقلت إلى مضارع فعَل، نحو يقتُل ويدخُل؛ لتخالف حركة العين في المضارع حركتها في الماضي؛ إذ كان مبني الأفعال على اختلاف مُثُلِهَا، من حيث كان ذلك دليلا على اختلاف أزمنتها، فكلما خالف الماضي المضارع كان أقيس، وباب فَعَلَ إنما هو يَفْعُل، كما أن باب فَعِلَ إنما هو يَفْعَل. فكما انقاد عَلِمَ يَعْلَم فكذلك كان يجب أن ينقاد باب ضَرَبَ يضرِب.
فأما يفعُل فبابه -على ما تقدم- فعُل، كشرُف يشرُف. وباب فعُل غيرُ متعدٍ، فالأشبه ما أُخْرِجَ إليه من باب فَعَلَ أن يكون مما ليس متعديا كقَعَدَ يقعُد، فكما أن ضرَب يضرِب أقيسُ من قتَل يقتُل فكذلك قعَد يقعُد أقيسُ من جلَس يجلِس وقد شرَحْنا هذا في كتابنا الموسوم بالمنصف). [المحتسب: 2/119]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء} 17
قرأ ابن كثير وحفص {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول} بالياء جميعًا
[حجة القراءات: 508]
وقرأ ابن عامر جميعًا بالنّون وقرأ الباقون {نحشرهم} بالنّون {فيقول} بالياء
حجّة من قرأ جميعًا بالياء قوله قبلها {كان على ربك وعدا مسؤولا ويوم يحشرهم} أي ويوم يحشرهم ربك فيقول ويقوّي ذلك ما بعده {أضللتم عبادي} ولم يقل عبادنا
وحجّة من قرأ نحشرهم بالنّون {فيقول} بالياء فإنّه على أنه أفرد بعد الجمع مثل قوله {وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتّخذوا من دوني وكيلا} وحجّة من قرأ {نحشرهم} بالنّون فالله أخبر عن نفسه أي نحن نحشرهم ثمّ عطف عليه (فنقول) بلفظ الجمع وحجته قوله في الأنعام (ويوم نحشرهم جميعًا ثمّ نقول للملائكة) وكما قال {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا} ). [حجة القراءات: 509]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {فيقول} قرأه ابن عامر بالنون، حمله على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، كما قال بعد ذلك: {أضللتم عبادي} فأضاف «العبد» إلى نفسه، كذلك أضاف «القول» إلى نفسه، ويقوي ذلك أيضًا أنه حمله على {يحشرهم} لأنه قرأه بالنون، فحمل الفعلين على لفظ واحد، وقرأ الباقون
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/144]
بالياء، ردوه على لفظ الغيبة والإخبار عن الله جل ذكره في قوله: {من دون الله} وهو الاختيار، ويقوي ذلك أن قبله: {كان على ربك وعدًا مسؤولا} «16» فجرى {فيقول} على ذلك، أي: فيقول ربك، ويقوي ذلك أيضًا أن قبله: {ويوم يحشرهم} بالياء، في قراءة ابن كثير وحفص، رداه على ما قبله من لفظ الغيبة، ولأن بعده {فيقول} بالياء في قراءة أكثر القراء إلا ابن عامر، فحمل الفعلين على لفظ واحد، وقد ذكرنا {ضيقا} في النحل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/145]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ}، {فَيَقُولُ} [آية/ 17] بالياء فيهما:
قرأها ابن كثير وعاصم ص- ويعقوب.
والوجه أن الضمير يعود إلى الرب في قوله تعالى {كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا} فأفرد الضمير فيهما جميعًا حملًا على لفظ الرب الذي تقدم ذكره.
وقرأ ابن عامر {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ}، {فَنَقُولُ} بالنون فيها.
والوجه أنه على الإخبار عن النفس الوارد على لفظ الجمع المعبر عن
[الموضح: 926]
التعظيم، وهو في المعنى كالقراءة الأولى؛ لأن الحاشر والقائل هو الله سبحانه وتعالى.
وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم ياش- {نَحْشُرُهُمْ} بالنون و{يَقُولُ} بالياء.
والوجه أنهم أوردوا {نَحْشُرُهُمْ} على لفظ الجمع و{يَقُولُ} على لفظ الإفراد، والمعنى فيهما واحدٌ أخذًا بالوجهين.
ويجوز أن يكون إفرادهم الضمير في القول لأجل أن ما يتصل به مما بعده جاء على لفظ الإفراد، وهو قوله تعالى {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي}؟ فاختاروا لفظ الإفراد في "يقول" إرادة التناسب.
وأما {نَحْشُرُهُمْ} فإنه منقطع عما قبله، وهو وما قبله كلامان، فيحسن أن يرد أحدهما بلفظ الإفراد، والآخر بلفظ الجمع). [الموضح: 927]

قوله تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة زيد بن ثابت وأبي الدرداء وأبي جعفر ومجاهد -بخلاف- ونصر بن علقمة ومكحول وزيد بن علي وأبي رجاء والحسن -واختلف عنهما- وحفص بن حميد وأبي عبد الله محمد بن علي: [نُتَّخَذَ]، بضم النون.
[المحتسب: 2/119]
قال أبو الفتح: أما إذا ضمت النون فإن قوله: [مِن أَولياء] في موضع الحال، أي: ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء، ودخلت "من" زائدة لمكان النفي، كقولك: اتخذت زيدا وكيلا، فإن نفيت قلت: ما اتخذت زيدا من وكيل. وكذلك أعطيته درهما، وما أعطيته من درهم، وهذا في المفعول.
وأما في قراءة الجماعة: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} فإن قوله {مِنْ أَوْلِيَاءَ} في موضع المفعول به، أي: أولياء. فهو كقولك: ضربت رجلا، فإن نفيت قلت: ما ضربت من رجل.
وقوله: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ} أي: لسنا ندعي استحقاق الولاء ولا العبادة لنا). [المحتسب: 2/120]

قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فقد كذّبوكم بما يقولون فما يستطيعون)
قرأ حفص وحده (فقد كذّبوكم بما تقولون فما تستطيعون) بالتاء فيهما. وقرأ الباقون (بما تقولون) بالتاء، (فما يستطيعون) بالياء.
قال أدو منصور: أما قراءة حفص (فقد كذّبوكم بما تقولون فما تستطيعون)
فمعناه: فقد كذبكم المعبودات من دونه.
(بما تقولون) أي بقولكم إنها شركاء الله، أقيمت (ما) مقام المصدر مع الفعل. ومن قرأ (بما يقولون) فالمعنى: فقد كذبكم معبوداتكم (بما يقولون) أي: بقولهم: (سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء).
ومن قرأ (فما تستطيعون)، أي: فما تستطيعون يا عبدة الأوثان صرفًا، أي صرفًا لعذاب الله.
ومن قرأ بالياء فالمعنى أن الآلهة لا يستطيعون صرفًا لعذاب الله عنكم ولا نصرًا لكم). [معاني القراءات وعللها: 2/215]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ عاصم في رواية حفص: فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون [الفرقان/ 19] بالتاء جميعا. [ابن سعدان عن محمد بن يحيى عن أبي بكر عن عاصم (يقولون) بالياء]. الباقون وأبو بكر عن عاصم: فقد كذبوكم بما تقولون بالتاء، (فما يستطيعون) بالياء. وقال لي قنبل عن ابن أبي بزة عن ابن كثير بالياء جميعا، (يقولون، فما يستطيعون).
[قال أبو علي]: فقد كذبوكم بما تقولون [الفرقان/ 19] أي: كذبوكم بقولهم، وقولهم هو نحو ما قالوه من قولهم: وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون [يونس/ 28]، وقوله: فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون [النحل/ 86]، وكذلك الملائكة كذبوهم في قولهم في ما ادّعوا من عبادتهم لهم في قوله:
ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن [سبأ/ 40/ 41]. ففي قولهم: أنت ولينا من دونهم دلالة على
[الحجة للقراء السبعة: 5/339]
أنّهم لم يعبدوهم، لأنّهم لو عبدوهم ورضوا بذلك لم يكن الله وليّا لهم. وقوله: فاليوم لا يملك بعضهم لبعض نفعا ولا ضرا [سبأ/ 42] مثل قوله: (فما يستطيعون صرفا ولا نصرا) [الفرقان/ 19] أي: لا يملكون أن يدفعوا العذاب عنهم وينصروهم من بأس الله.
فالمعنى في من قرأ بالتاء: فقد كذّبوكم بما كنتم تعبدون بقولهم: فما تستطيعون أنتم أيها المتّخذون الشّركاء من دونه صرفا ولا نصرا، أي: لا تستطيعون صرفا لعذاب الله ولا نصرا منه لأنفسكم، ومن قرأ: (يستطيعون) كان على الشّركاء، أي: فما يستطيع الشّركاء صرفا ولا نصرا لكم، وليس بالحسن أن تجعل (يستطيعون) للمتّخذين الشركاء على الانصراف من الخطاب إلى الغيبة، لأنّ قبله خطابا، وبعده خطابا، وذلك قوله تعالى: ومن يظلم منكم نذقه [الفرقان/ 19].
ومن قرأ بالتاء تقولون: فالمعنى: كذّبوكم في قولكم: إنّهم شركاء وإنّهم آلهة وذلك في قولهم، تبرأنا إليك، ما كانوا إيانا يعبدون [القصص/ 63] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/340]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا}
قرأ ابن كثير في رواية قنبل (فقد كذبوكم بما يقولون) بالياء أي كذبوكم بقولهم وقولهم {سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء} وقولهم أيضا {سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء} وقولهم أيضا {سبحانك أنت ولينا من دونهم} ففي قوله {أنت ولينا من دونهم} دلالة على أنهم لم
[حجة القراءات: 509]
يعبدوهم لأنهم لو عبدوهم ورضوا بذلك لم يكن الله وليا لهم من دونهم وقرأ (فما يستطيعون) بالياء أي فما يستطيع الملائكة لهم صرفا ولا نصرا
وقرأ حفص {فقد كذبوكم بما تقولون} بالتّاء أي فقد كذبتكم الملائكة بما تقولون أي في قولكم إنّهم آلهة وقرأ {فما تستطيعون} بالياء أي فما يستطيع الشّركاء صرفا ولا نصرا لكم). [حجة القراءات: 510]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {فما تستطيعون} قرأه حفص بالتاء، على الخطاب للمشركين، ردًا على قوله: {فقد كذبوكم}، أي: فقد كذبتم الآلهة فيما تقولون فما تستطيعون لأنفسكم صرفًا ولا نصرًا، أي: صرفًا للعذاب ولا نصرًا مما نزل بكم من العقاب، وقرأ الباقون بالياء، ردوه على الإخبار عن المعبودين من دون الله، أي: قد كذبكم من عبدتم فما يستطيعون صرفًا عنكم العذاب ولا نصرًا لكم، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، وأخبروا عن الآلهة بالواو والنون في {يستطيعون} لأنها كانت عندهم ممن يعقل ويفهم، ولذلك عبدوها، ويجوز أن تكون الملائكة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/145]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا يَقُولُونَ فَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [آية/ 19] بالياء فيهما:
رواها ل- عن ابن كثير.
والوجه أن الفعل للشركاء، والمعنى: كذبكم شركاؤكم الذين كنتم تعبدونهم بما يقولون أي بقولهم، وما مصدرية، وقولهم هو الذي أجابوا به الكفار وهو {مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ}، وقوله {فَمَا يَسْتَطِيعُونَ}، أي فما يستطيع الشركاء المعبودون صرفًا لعذاب الله ولا نصرًا لكم.
وقرأ الباقون و-ياش- عن عاصم {بِمَا تَقُولُونَ} بالتاء {فَمَا يَسْتَطِيعُونَ} بالياء.
والوجه في المعنى كذبوكم بقولكم أي في قولكم إنهم شركاء، وإنهم آلهةٌ، وقيل: في قولكم ربنا هؤلاء أضلونا.
وقوله {فَمَا يَسْتَطِيعُونَ} إخبارٌ عن المعبودين على ما سبق.
وروى ص- عن عاصم {بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ} بالتاء فيهما.
والوجه أن المعنى فقد كذبكم الشركاء فيما تقولونه أنتم أيها العابدون من أنهم شركاء وآلهةٌ على ما سبق بيانه.
ومعنى {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ}: فما تقدرون أنتم أيها العابدون على صرف عذاب الله ولا نصر أنفسكم). [الموضح: 928]

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي عليه السلام وعبد الرحمن بن عبد الله: [وَيُمْشَّونَ فِي الْأَسْوَاق]، بضم الياء، وفتح الشين مشددة.
قال أبو الفتح: [يُمشَّون] كقولك: يدعون إلى المشي، ويحملهم حامل إلى المشي، وجاء على فُعَّل لتكثير فعلهم، إذ هم "عليهم السلام" جماعة، ولو كانت [يُمشُّون] بضم الشين لكانت أوفق لقوله تعالى: {لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام}، إلا أن معناه يكثرون المشي كما قال:
يُمَشِّي بَيْنَنا حانُوتُ خَمْر ... منَ الخُرْسِ الصَّراصِرَةِ القطاط). [المحتسب: 2/120]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 06:14 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الفرقان

[ من الآية (21) إلى الآية (24) ]
{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)}


قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)}
قوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22)}
قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)}
قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 06:15 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الفرقان

[ من الآية (25) إلى الآية (29) ]
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) }


قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويوم تشقّق السّماء بالغمام (25)
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والحضرمي (تشّقّق) بتشديد الشين، وفي (ق) مثلها مشدد.
وخففها الباقون.
[معاني القراءات وعللها: 2/215]
قال أبو منصور: من قرأ (تشّقّق) أراد تتشقّق، فأدغم التاء في الشين، وشددت.
ومن قرأ (ويوم تشقّق) بتخفيف الشين، فإنه كان في الأصل (تتشقق) أيضًا، فحذفت إحدى التاءين). [معاني القراءات وعللها: 2/216]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ونزّل الملائكة تنزيلًا (25)
قرأ ابن كثير وحده (وننزل الملائكة) بنونين الثانية ساكنة، (الملائكة) نصبًا.
وقرأ الباقون (ونزّل الملائكة).
قال أبو منصور: من قرأ (ونزّل الملائكة) فهو على ما لم يسم فاعله.
ومن قرأ (وننزل الملائكة) فهو من قول الله، و(الملائكة) نصبٌ لأنه مفعول به.
قال: والقراءة المختارة: (ونزّل) بالتشديد؛ لأنه قيّده بقوله (تنزيلًا)
ومن أجاز (وننزل) قال: الإنزال، والتنزيل واحدٌ، وهو كقوله جلّ وعزّ: (وتبتّل إليه تبتيلًا (8) ). [معاني القراءات وعللها: 2/216]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {تشقق السماء بالغمام} [25].
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر {تشقق} مشددًا أرادوا: تشقق فأدغموا، ومعناه: تتشقق السماء عن الغمام الأبيض ، ثم تنزل منها الملائكة، فـ «عن» و«الباء» تتعاقبان كقولهم: سأل زيد بكذا يريدون: عن كذا. قال الله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع} أي: عن عذاب وأنشد:
دع المغمر لا تسأل بمصرعه = وآسأل بمصقلة البكرى ما فعلا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/119]
وقرأ الباقون {تشقق} مخففًا أرادوا أيضًا -: التاءين فخزلوا واحدة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/120]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {ونزل الملائكة تنزيلا} [25].
قرأ ابن كثير وحده {وننزل الملائكة} بالنصب و{ننزل} بنونين، الأولى علم الاستقبال. والثانية سنخية، الله تعالى يخبر عن نفسه أي: وننزل نحن الملائكة.
وقرأ الباقون {ونزل الملائكة} على ما لم يسم فاعله.
و{الملائكة} رفع، اسم ما لم يسم فاعله، وهو الاختيار؛ لأن {تنزيلا} لا يكون إلا مصدرًا لنزل، فلو قرأ ابن كثير وننزل بالتشديد لوافق تنزيلا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/120]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: (ويوم تشقق) [الفرقان/ 25] مشددة الشين، وقرأ الباقون خفيفة الشين.
[الحجة للقراء السبعة: 5/340]
قال أبو على: المعنى: تشقق السماء وعليها غمام، وقال: إذا السماء انشقت [الانشقاق/ 1]، فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان [الرحمن/ 37]، وجاء في التفسير فيما زعموا أنه تتشقق سماء سماء، ومعنى: ونزّل الملائكة إلى الأرض كما قال: وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر/ 22]. ويجوز في تشقق أمران: أحدهما أن يراد به الآتى، والآخر أن يكون حكاية حال تكون، كما أنّ قوله: ربما يود الذين كفروا [الحجر/ 2] كذلك، وكما أن قوله: وكلبهم باسط ذراعيه [الكهف/ 18]، في أنّه حكاية حال قد مضت، فكذلك قوله تعالى: هذا من شيعته وهذا من عدوه [القصص/ 15]، وتقدير تشّقّق: تتشقق، فأدغم التاء في الشين، لأنّ الصوت بالشين يلحق بمخارج هذه الحروف التي من طرف اللسان وأصول الثنايا، فأدغمن فيها كما أدغمن في الضاد لما كانت كذلك، وكما يدغم بعضهن في بعض.
ومن قال: تشقق بتخفيف الشين حذف التاء التي أدغمها من قال: تشّقّق. قال أبو الحسن: الخفيفة أكثر في الكلام نحو: تذكّر أمة الله، لأنّهم أرادوا الخفّة، فكان الحذف أخفّ عليهم من الإدغام). [الحجة للقراء السبعة: 5/341]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير وحده: (وننزل الملائكة) [الفرقان/ 25] نصبا تنزيلا منونا منصوبا وقرأ الباقون: ونزل الملائكة بنون لم يسمّ فاعله الملائكة رفعا.
قال أبو علي: التنزيل: مصدر نزّل، فكما أنّ في بعض الحروف: (ونزل الملائكة تنزيلا)، لأنّ أنزل مثل نزّل، كذلك قال
[الحجة للقراء السبعة: 5/341]
ابن كثير: (وننزل الملائكة تنزيلا) وفي التنزيل: وتبتل إليه تبتيلا [المزمل/ 8]، فجاء المصدر على فعّل، ولو كان على تبتّل لكان تبتّلا، وقال:
وقد تطوّيت انطواء الحضب حيث كان تطوّيت وانطويت يتقاربان حمل مصدر ذا على مصدر ذا. فأما: (ننزل الملائكة) نصبا، فالمعنى في (ننزل الملائكة) ونزل الملائكة واحدة. ومن قال: نزل الملائكة فبنى الفعل للمفعول، فمن الدّلالة عليه قوله: تنزل الملائكة والروح فيها [القدر/ 4] ف (تنزّل) مطاوع (نزّل) تقول: نزّلته فتنزّل). [الحجة للقراء السبعة: 5/342]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما روي عن ابن كثير وأهل مكة: [وَنُزِّلُ الْمَلائِكَة]، وكذلك روى خارجة عن أبي عمرو.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون محمولا على أنه أراد: ونُنَزِّلُ الملائكة، إلا أنه حذف النون الثانية التي هي فاء فِعل نزَّل؛ لالتقاء النونين استخفافا، وشبهها بما حذف من أحد المثلين
[المحتسب: 2/120]
الزائدين في نحو قولهم: أنتم تَفكرون وتَطهّرون، وأنت تريد: تتفكرون وتتطهرون ونحوه قراءة من قرأ: [وَكَذَلِكَ نُجِّي الْمُؤْمِنِين]، ألا تراه يريد: ننجِّي، فحذف النون الثانية وإن كانت أصلا لما ذكرنا؟ وقد تقدم القول على ذلك في سورة النور.
وروى عبد الوهاب عن أبي عمرو: [وَنُزِلَ الْمَلائِكَةُ]، خفيفة.
قال أبو الفتح: هذا غير معروف؛ لأن [نَزَلَ] لا يتعدى إلى مفعول به فيبنى هنا للملائكة؛ لأن هذا إنما يجيء على نَزَلتُ الملائكةَ، ونُزِل الملائكةُ. وَنَزَلْت غير متعدّ كما ترى.
فإن قلت: فقد جاء فُعِل مما لا يتعدى فَعَلَ منه، نحو زُكِمَ، ولا يقال زَكَمَه الله. وجُنّ، ولا يقال جنَّه الله. وإنما يقال: أزكمه الله، وأَجَنَّه الله- فإن هذا شاذ ومحفوظ، والقياس عليه مردود مرذول. فإما أن يكون ذلك لغة طارقة لم تقع إلينا، وإما أن يكون على حذف المضاف، يريد: ونُزِل نُزولُ الملائكة، ثم حُذف المضاف وأُقيم المضاف إليه مقامه على ما مضى، فأقام "الملائكة" مقام المصدر الذي كان مضافا إليها، كما فعل ذلك الأعشى في قوله:
أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ ليلةَ أَرْمَدا
إنما يريد اغتماض ليلة أرمد فنصْبُ ليلة إذًا إنما هو على المصدر لا على الظرف؛ لأنه لم يُرد: ألم تغتمض عيناك في ليلة أرمد، وإنما أراد: ألم تغتمض عيناك من الشوق والأسف اغتماضا مثل اغتماض ليلة رَمِد العين. ومثله قول العجاج.
حَتَّى إذا صَفُّوا لَهُ جِدارا
"فجدارا" الآن منصوب نصب المصدر، وليس منصوبا على أنه مفعول به، كقولك: صففتَ قدمَك، إنما يريد: اصطفوا له اصطفاف جدار؛ فحذف الاصطفاف، وأقام "الجدار"
[المحتسب: 2/121]
مقامه، فنصبه على المصدر، كما ينصب الاصطفاف أو ظهر، وكذلك ما رويناه عن محمد بن الحسن عن ابن الأعرابي من قوله:
وطَعْنَةِ مُسْتَبْسِلٍ ثَائِرٍ ... يَرُدُّ الكَتِيبَةَ نِصْفَ النَّهارِ
أي ردّ نصف النهار ألا ترى أن ابن الأعرابي فسره فقال: يرد الكتيبة مقدار نصف يوم، فهذا يدلك على أنه أراد: يردُّ الكتيبة ردّ نصف النهار، أي: الرد الذي يمتد وقته بمقياس ما بين أول النهار إلى نصفه، وذلك نصف يوم. وليس يريد أنه يردها في هذا الوقت البتة، وإنما يريد أنه يردها مقدار نصف النهار، كان ابتداء ذلك في أول النهار أو غيره من نهار أو ليل، وكأنه قال: يرد الكتيبة ست ساعات، فهذا لا يخص نهارا من ليل، فبهذا يعلم أنه لا يريد: يردها في وقت انتصاف النهار دون ما سواه من الأوقات.
وكذلك: [وَنُزِل الْمَلائِكَةُ]، أي نزل نزول الملائكة. ولو سمى الفاعل على هذا التقدير لقيل: نَزَلَ النازلُ الملائكةَ، فنصب الملائكة انتصاب المصدر، كما نصب الجدار انتصاب المصدر، لأن كل مضاف إليه يحذف مِنْ قَبْله ما كان مضافا إليه فإنه يعرَب إعرابه، لا زيادة عليه ولا نقص منه.
فإن قيل: فما معنى: نُزِل نزولَ الملائكة، حتى يصح لك تقديره مثبتا ثم تحذفه؟ فإنه على قولك: هذا نُزولٌ منزول، وهذا صعودٌ مصعود، وهذا ضرب مضروب. وقريب منه قولهم: قد قيل فيه قول، وقد خيف منه خوف. فاعرف ذلك؛ فإنه أمثل ما يحتج به لقراءة من قرأ: [وَنُزِلَ الْمَلائِكَة]، بتخفيف الزاي، فاعرفه). [المحتسب: 2/122]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويوم تشقق السّماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا}
قرأ نافع وابن كثير وابن عامر {ويوم تشقق السّماء} بالتّشديد أرادوا تتشق فأدغموا التّاء في الشين
وقرأ الباقون {تشقق} بالتّخفيف أرادوا أيضا (تتشقق) فحذفوا إحدى التّاءين المعنى تشقق السّماء بالغمام أي مع الغمام وقد قيل عن الغمام
قرأ ابن كثير {وننزل} بنونين الأولى مضمومة والثّانية ساكنة واللّام مرفوعة {الملائكة} نصب الله تعالى يخبر عن نفسه أي ننزل نحن الملائكة وحجته قراءة من قرأ {ما ننزل الملائكة إلّا بالحقّ وما كانوا إذا منظرين} وقوله {تنزيلا} مصدرا نزل تنزيلا ومن أنزل ينزل إنزالا لا يجيء إلّا أنه قد جاء في القرآن مثله وهو قوله {وتبتل إليه تبتيلا} ولم يقل تبتلا فكذلك قراءة ابن كثير
[حجة القراءات: 510]
وقرأ الباقون {ونزل الملائكة} على ما لم يسم فاعله وهو الاختيار لأن {تنزيلا} لا يكون إلّا مصدر نزل). [حجة القراءات: 511]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {ويوم تشقق} قرأ الحرميان وابن عامر بالتشديد، على إدغام التاء الثانية في الشين إذ أصله «تتشقق» وحسن الإدغام وقوي لأن الشين أقوى من التاء فإذا أدغمت التاء في الشين نقلتها إلى حالة أقوى من حالتها قبل الإدغام، وقرأ الباقون بالتخفيف، على حذف التاء استخفافًا، لاجتماع المثلين، وهو مثل «تظاهرون وتساءلون» وقد مضى الكلام على ذلك بأشبع من هذا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/145]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {ونزل الملائكة} قرأ ابن كثير بنونين والرفع مخففا،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/145]
ونصب {الملائكة} جعله من {أنزل} وأجراه على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، فنصب {الملائكة} بوقوع الإنزال عليهم، وقرأ الباقون بنون واحدة والتشديد ورفع {الملائكة} على ما لم يسم فاعله، جعلوه فعلا لم يسم فاعله من «نزل» فرفعوا {الملائكة} به، إذ قامت مقام الفاعل، ودليله قوله: {تنزيلًا}، فهو مصدر «نزل» وقد تقدم ذكر {بشرا}، {وليذكروا} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/146]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ} [آية/ 25] بتشديد الشين:
قرأها ابن كثير ونافع وابن عامر ويعقوب، وكذلك في سورة: ق.
والوجه أن أصله تتشقق، فأدغم التاء الثانية في الشين؛ لأن في الشين تفشيًا يبلغ مخارج حروف طرف اللسان وأصول الثنايا وهي التاء وأمثاله، فأُدغمن في الشين كما أدغمن في الصاد بهذه العلة أيضًا؛ لأن الصاد لإطباقه يبلغ الصوت به مخارجها.
وقرأ أبو عمرو والكوفيون {تَشَقَّقُ} مخففة الشين في السورتين.
والوجه أن في هذه القراءة حذفت التاء التي أدغمت في القراءة الأولى والصنعتان كلتاهما للخفة، والحذف أخف من الإدغام، فلهذا كان الحذف في مثل هذه الكلمة أكثر من الإدغام). [الموضح: 929]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {وَنُنْزِلُ} [آية/ 25] بنونين وتخفيف الزاي ورفع اللام ونصب {الْمَلَائِكَةَ}:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه مضارع أنزلنا، و{الْمَلَائِكَةَ} مفعول به، والمعنى: ننزل نحن الملائكة تنزيلًا، والتنزيل مصدر نزَّل بالتشديد، وليس بمصدر أنزل بالألف، ولكن لما كان نزل وأنزل بمعنى واحد وضع مصدر أحدهما موضع مصدر الآخر.
وقرأ الباقون {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ} بنون واحدة وبتشديد الزاي وفتح اللام،
[الموضح: 929]
وبرفع {الْمَلَائِكَةَ}.
والوجه أن نُزِّل فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمفعول به مسندٌ إلى {الْمَلَائِكَةِ}، و{تَنْزِيلًا} مصدره ينتصب به انتصاب المصادر). [الموضح: 930]

قوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)}
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلًا (27)
حرك الياء أبو عمرو، وأبو خليد عن نافع). [معاني القراءات وعللها: 2/216]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {يا ليتني اتخذت} [27].
فتح الياء أبو عمرو. وأسكنها الباقون. وكذلك ابن خليد عن نافع فتحه. وهذا القول من الظالم يوم القيامة الذي ذكره الله تعالى فقال: {يوم يعض الظالم على يديه} وذلك أن رجلاً من سادات قريش اتخذ وليمة
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/120]
فدعا أشراف قومه ودعا النبي صلى الله عليه وسلم فدخل أبي بن خلف المنافق فقال: والله لا أجلس عندك حتى تخرج محمدًا وبصق في وجهه وقال: أتدعوا مثل هذا؟! فحزن رسول اله صلى الله عليه وسلم فأمره الله بالصبر وعرفه ما أعد للظالم في الآخرة، وإنما كان فعل ذلك تشفيا لآخر كان معه، وهو الذي كنى الله تعالى عن اسمه فقال: {ليتني لم أتخذ فلانا خليلاً} [28].
أخبرني ابن دريد، عن أبي حاتم، عن العرب إنما تكني عن كل مذكر بفلان، وفلانة عن مؤنثة، فإذا كنوا عن البهائم قالوا: الفلان والفلانة، كقولك: السرج للفلانة، تريد البغلة والدابة. وقيل: {لم أتخذ فلانًا خليلاً} يعنى: الشيطان). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/121]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: يا ليتني اتخذت [الفرقان/ 27] ساكنة الياء غير أبي عمرو، فإنّه قرأ: (يا ليتني اتّخذت) بفتح الياء، وكذلك قال أبو خليد عن نافع.
[قال أبو علي]: إسكان الياء وتحريكها جميعا حسنان، فالأصل التحريك، لأنّها بإزاء الكاف التي للمخاطب، إلّا أنّ حرف اللّين تكره فيه الحركة، فلذلك أسكن من أسكن). [الحجة للقراء السبعة: 5/342]

قوله تعالى: {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلًا (28)
أمال حمزة والكسائي التاء من (يا ويلتى).
وفخّمها الباقون.
قال أبو منصور: الإمالة في (يا ويلتى) والتفخيم لغتان جيدتان، والمعنى في (يا ويلتى): شيئان:
أحدهما أنه أراد (يا ويلتى) فلما سكنت الياء قلبت ألفًا.
ومثله: يا بابي، ويا بابا.
والوجه الآخر في (يا ويلتى) أنه بمعنى: يا ويلتاه، فحذفت هاء الندبة، ومثله: يا لهفى، ويا لهفتاه). [معاني القراءات وعللها: 2/217]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {يا ويلتى ليتني} [28].
فيه ثلاث قراءات:
قرأ حمزة والكسائي: {يا ويلتى} بالإمالة مثل: يا عجبى؛ وذلك أن العرب تميل نحو ذلك ولا تنون، وكان الأصمعي ينشد هذا البيت:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/121]
فيا راكبا إما عرضت فبلغن = نداماي من نجران ألا تلاقيا
بالإمالة وترك التنوين، يجعلها معرفة.
والباقون ينشدون: «فيا راكبًا» بالتنوين، فقال ابن مجاهد: من أما ل{يا ويلنى} إنما وقعت الإمالة على الألف فمالت التاء بميل الألف.
قال أبو عبد الله: أكثر النحويين على أن الإمالة لا تكون إلا في الألف فقط.
وقرأ الباقون: {يا ويلتي} بالتفخيم.
والقراءة الثالثة {يا ويلتي} بالإضافة إلى النفس وكسر التاء، قرأ بذلك الحسن وقتادة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: روى عبيد عن أبي عمرو: يا ويلتنا [الفرقان/ 28] بفتح التاء، وكذلك روى البزّيّ عن ابن كثير مثله، وأمال حمزة والكسائي الألف التي بعد التاء من (يا ويلتي)، فمالت التاء بميل الألف.
والباقون لا يميلون.
وقال بعض أصحاب أبي بكر: روى أبو عبد الرحمن بن اليزيدي عن أبيه عن أبي عمرو: يا ويلتا ويا أسفا [يوسف/ 84] ممالتين قال: وأبو عبد الرحمن ثبت فيما يرويه عن أبيه [قال أبو علي]: الإمالة وتركها حسنان، ولو قيل: إنّ ترك الإمالة أحسن لكان قولا، وذلك أن أصل هذه الألف الياء، وكان حكمها (يا ويلتي ويا حسرتي) فأبدل
من الكسرة فتحة، ومن الياء الألف، فإنّما أبدل الألف كراهة الياء، وفرارا منها، فإذا أمال كان عائدا إلى ما كان تركه وآخذا بما رفضه، ألا ترى أن الإمالة إنما هي تقريب الألف من الياء وانتحاء بها نحوها، والإمالة إنّما تكون في الألف بأن تنحو بالفتحة التي قبل الألف نحو الكسر، فتميل الألف لذلك نحو الياء، وذلك نحو عابد وعماد، فإذا كان قبل الألف هاء مفتوحة فمن العرب من يميل الحرف الذي قبل الهاء، وذلك لأنّ الهاء لمّا كانت خفية لم يعتد بها، كما لم يعتدّ بها في نحو: ردّها، ففتحها الجميع فيما يرويه من يسكن إليه، لأنّه لخفاء الهاء كأنّه قال ردّا، وذلك قولهم: «يريد أن ينزعها»، «ويريد أن يضربها» فيميل قبل الألف فتحتى الحرفين لخفاء الهاء). [الحجة للقراء السبعة: 5/343]

قوله تعالى: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة