سورة العنكبوت
[ من الآية (28) إلى الآية (35) ]
{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)}
قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولوطًا إذ قال لقومه أئنّكم لتأتون الفاحشة (28)
قرأ ابن كثير ونافع ويعقوب وابن عامر وحفص (إنّكم لتأتون) بغير استفهام.
وقرأ أبو عمرو (أئنّكم لتأتون الرّجال) مستفهمًا.
وقرأ الباقون (أئنّكم) يستفهمون بهما جميعًا.
[معاني القراءات وعللها: 2/258]
قال الأزهري: من قرأ (إنّكم) بغير استفهام فهو تحقيق لسوء فعلهم.
ومن قرأ (أينّكم) بألف وياء فاللفظ لفظ استفهام، ومعناه التقريع والتوبيخ). [معاني القراءات وعللها: 2/259]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {ولوطًا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة} [ 28].
قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم {إنكم} على الخبر من غير استفهام {أئنكم} [29] بالاستفهام.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/185]
غير أن ابن كثير لا يمد، ونافع يمد، وحفص عن عاصم وابن عامر بهمزتين وأبو عمرو يستفهم بهما جمعيًا. غير أنه يمد {أئنكم} {أئنكم} وقد ذكرت علة ذلك فيما مضى.
فإن قيل: بم نصب لوطًا؟
فقل: بإضمار فعل، والتقدير: واذكر لوطًا إذ قال لقومه.
وإن قيل: لم صرفت لوطًا، وهو عجمي؟
فقل: لما كان آسمًا على ثلاثة أحرف وأوسطه ساكن خف فصرف لذلك، وكذلك نوح، فأما هو فعربي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/186]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم: ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة [العنكبوت/ 28]، (أينكم) [العنكبوت/ 29]. وكان ابن كثير يستفهم بغير مدّ، يلفظ بياء بعد الألف، [وروي عن نافع المدّ، وروي] عنه مثل قراءة ابن كثير.
وكان ابن عامر يهمز همزتين في أإنكم، وقال ابن ذكوان عنه بهمزتين والاستفهام، فكأنّ قراءته: (أإنّكم) يمدّ بين الهمزتين، وإنّما قلت ذلك، لأنّ أبا العباس أحمد بن محمد بن بكر أخبرني عن هشام بن عمّار بإسناده عن ابن عامر: (أإذا) في وزن: عاعذا.
حفص عن عاصم في الأوّل مثل نافع الثاني بهمزتين.
وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي
[الحجة للقراء السبعة: 5/431]
بالاستفهام فيهما غير أنّ أبا عمرو لا يهمز همزتين، وهؤلاء يهمزون همزتين.
[قد تقدم ذكر القول في ذلك] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/432] (م)
قوله تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)} قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم: ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة [العنكبوت/ 28]، (أينكم) [العنكبوت/ 29]. وكان ابن كثير يستفهم بغير مدّ، يلفظ بياء بعد الألف، [وروي عن نافع المدّ، وروي] عنه مثل قراءة ابن كثير.
وكان ابن عامر يهمز همزتين في أإنكم، وقال ابن ذكوان عنه بهمزتين والاستفهام، فكأنّ قراءته: (أإنّكم) يمدّ بين الهمزتين، وإنّما قلت ذلك، لأنّ أبا العباس أحمد بن محمد بن بكر أخبرني عن هشام بن عمّار بإسناده عن ابن عامر: (أإذا) في وزن: عاعذا.
حفص عن عاصم في الأوّل مثل نافع الثاني بهمزتين.
وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي
[الحجة للقراء السبعة: 5/431]
بالاستفهام فيهما غير أنّ أبا عمرو لا يهمز همزتين، وهؤلاء يهمزون همزتين.
[قد تقدم ذكر القول في ذلك] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/432] (م)
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)}
قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31)}
قوله تعالى: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لننجّينّه (32) و(إنّا منجّوك (33) قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر (لننجّينّه وأهله) مشددًا، و(إنّا منجوك) خفيفًا.
وقرأ حمزة والكسائي والحضرمي (لننجينّه) و، (إنّا منجوك). مخففين.
وقرأ أبو عمرو ونافع وابن عامر وحفص بالتشديد: (لننجّينّه) و: (إنّا منجّوك).
قال أبو منصور: هما لغتان: أنجيته، ونجّيته، فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 2/259] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {لننجينه وأهله} [32] و{إنا منجوك} [33].
قرأ حمزة والكسائي بتخفيف الحرفين كليهما.
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم بتشديد الحرفين كليهما.
وقرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم: {لننجينه} مشددًا و{إنا منجوك} مخففًا، فمن خففها جعلها من أنجي ينجي مثل أقام يقيم، كما تقول: نجا زيد من الغرق، وقام زيد وأنجاه الله، وأقامة، وشاهده: {فأنجيناه وأصحاب السفينة} [15] و{لئن أنجانا من هذه}.
ومن شددها جعلها من نجي ينجي، وهو بمعنى أنجي، مثل كرم، وأكرم، ونزل وأنزل. غير أن نجي وكرم أبلغ؛ لأنه مرة بعد مرة؛ ومن خفف واحدًا جمع بين اللغتين؛ أنهما جائزتان.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/186]
فإن سأل سائل فقال: لم قال الله تعالى: {منجوك وأهلك} بفتح اللام، وقال: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} بكسر اللام. وموضعهما نصب؟
فالجواب في ذلك: أن العرب تقول: رأيت أهلك يريدون جميع القرابات، ومنهم من يقول: رأيت أهلين، فجمع أهلا على أهلين فقوله: {وأهليكم} يريد تعالى: وأهلينكم، فذهبت النون للإضافة والياء علامة الجمع والنصب، واللام كسرت لمجاورة الياء، ومن ذلك الحديث: «إن لله أهلين قيل: من هم؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته». من العرب من يجمع أهلا أهلات أنشدني ابن مجاهد:
فهم أهلات حول قيس بن عاصم = إذا أدلجوا بالليل يدعون كوثرا
والصواب: أن تجعل أهلات جمع أهلية.
فإن قيل لك: يجوز أن تقول: أهلون بفتح الهاء كما تقول: أرضون إذ كان الأصل فيه أرضات؟
فالجواب في ذلك قال يبوية: إنما جمعت أرضون على فتح الراء؛ لأن الأصل أرضات. فلما عدل إلى جمع السلامة بالواو والنون تركت الفتحة التي كانت في أرضات؛ لأن ما لا يعقل لا يجمع بالواو وبالنون.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/187]
وأجاز الفراء أرضون، وأرضون، ولغة ثالثة آراض.
واعلم أن «أهل» مذكر تصغيره: أهيل. وأن «أرض» لمؤنثه، وتصغيرها: أريضة. فالتاء سائغة في المؤنث ممتعة في المذكر، فهذا فصل ما بينهما وما علمت أحدًا تكلم فيه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/188] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر: لننجينه [العنكبوت/ 32] مشددة، و (إنا منجوك) [العنكبوت/ 33] ساكنة النون خفيفة.
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم بتشديد الحرفين، وقرأ حمزة والكسائي بتخفيف الحرفين.
أبو زيد عن أبي عمرو: (لننجينّه) ساكنة النون الثانية.
[قال أبو علي]: حجّة من قال: (إنّا منجوك) بالتخفيف:
قوله سبحانه: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24].
وحجّة من ثقّل قوله: ونجينا الذين آمنوا [فصّلت/ 18]، يقال: نجا زيد، قال:
نجا سالم والروح منه بشدقه
[الحجة للقراء السبعة: 5/432]
ونجّيته، وأنجيته مثل: فرّحته وأفرحته، ويقوّي التشديد قوله تعالى: إلا آل لوط نجيناهم بسحر [القمر/ 34]، وفي قصة لوط في موضع آخر فنجيناه). [الحجة للقراء السبعة: 5/433]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لننجينه وأهله إلّا امرأته} {إنّا منجوك وأهلك إلّا امرأتك} {إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزا} 32 34
قرأ حمزة والكسائيّ {لننجينه وأهله} و{إنّا منجوك} بتخفيف الحرفين وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص بتشديد الحرفين وقرأ ابن كثير وأبو بكر {لننجينه} بالتّشديد و{إنّا منجوك} بالتّخفيف فمن خففها جعلهما من أنجى ينجي مثل أقام يقيم وحجته قوله قبل {فأنجيناه وأصحاب السّفينة} و{لئن أنجيتنا} ومن شددهما جعلهما من نجى ينجي وحجته {ونجينا الّذين آمنوا} وقوله {نجيناهم بسحر} وهما لغتان نطق القرآن بهما ومن خفف واحدًا وشدد الآخر جمع بين اللغتين ليعلم أنّهما جائزتان والأصل في منجوك منجونك فسقطت النّون للإضافة
[حجة القراءات: 551]
قرأ ابن عامر {إنّا منزلون} بالتّشديد من نزل ينزل
وقرأ الباقون بالتّخفيف من أنزل وقد ذكرت). [حجة القراءات: 552] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {لننجينه}، و{إنا منجوك} قرأ حمزة والكسائي «لننجينه» بالتخفيف، وشدد الباقون، وقرأ ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي «منجوك» بالتخفيف، وشدد الباقون، وهما لغتان قد أتتا في القرآن بإجماع قال الله جل ذكره: {فنجيناه وأهله} «الأنبياء 76»، وقال: {إذ أنجيناكم} «الأعراف 141» و{فأنجاه الله من النار} «العنكبوت 24» وفي التشديد معنى التكرير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/179]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {لَنُنَجِّيَنَّهُ} [آية/ 32]، و{إِنَّا مُنَجُوكَ} [آية/ 33] بالتخفيف فيهما:
قرأهما حمزة والكسائي ويعقوب.
[الموضح: 993]
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر و-ص- عن عاصم بالتشديد في الحرفين.
وقرأ ابن كثير و-ياش- عن عاصم {لَنُنَجِّيَنَّهُ} بالتشديد {مُنَجُوكَ} بالتخفيف.
والوجه أن أنجتته ونجيته لغتان، مثل أفرحته وفرَّحته وأخرجته وخرَّجته، وقد سبق مثله). [الموضح: 994] (م)
قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لننجّينّه (32) و(إنّا منجّوك (33)
قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر (لننجّينّه وأهله) مشددًا، و(إنّا منجوك) خفيفًا.
وقرأ حمزة والكسائي والحضرمي (لننجينّه) و، (إنّا منجوك). مخففين.
وقرأ أبو عمرو ونافع وابن عامر وحفص بالتشديد: (لننجّينّه) و: (إنّا منجّوك).
قال أبو منصور: هما لغتان: أنجيته، ونجّيته، فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 2/259] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {لننجينه وأهله} [32] و{إنا منجوك} [33].
قرأ حمزة والكسائي بتخفيف الحرفين كليهما.
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم بتشديد الحرفين كليهما.
وقرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم: {لننجينه} مشددًا و{إنا منجوك} مخففًا، فمن خففها جعلها من أنجي ينجي مثل أقام يقيم، كما تقول: نجا زيد من الغرق، وقام زيد وأنجاه الله، وأقامة، وشاهده: {فأنجيناه وأصحاب السفينة} [15] و{لئن أنجانا من هذه}.
ومن شددها جعلها من نجي ينجي، وهو بمعنى أنجي، مثل كرم، وأكرم، ونزل وأنزل. غير أن نجي وكرم أبلغ؛ لأنه مرة بعد مرة؛ ومن خفف واحدًا جمع بين اللغتين؛ أنهما جائزتان.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/186]
فإن سأل سائل فقال: لم قال الله تعالى: {منجوك وأهلك} بفتح اللام، وقال: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} بكسر اللام. وموضعهما نصب؟
فالجواب في ذلك: أن العرب تقول: رأيت أهلك يريدون جميع القرابات، ومنهم من يقول: رأيت أهلين، فجمع أهلا على أهلين فقوله: {وأهليكم} يريد تعالى: وأهلينكم، فذهبت النون للإضافة والياء علامة الجمع والنصب، واللام كسرت لمجاورة الياء، ومن ذلك الحديث: «إن لله أهلين قيل: من هم؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته». من العرب من يجمع أهلا أهلات أنشدني ابن مجاهد:
فهم أهلات حول قيس بن عاصم = إذا أدلجوا بالليل يدعون كوثرا
والصواب: أن تجعل أهلات جمع أهلية.
فإن قيل لك: يجوز أن تقول: أهلون بفتح الهاء كما تقول: أرضون إذ كان الأصل فيه أرضات؟
فالجواب في ذلك قال يبوية: إنما جمعت أرضون على فتح الراء؛ لأن الأصل أرضات. فلما عدل إلى جمع السلامة بالواو والنون تركت الفتحة التي كانت في أرضات؛ لأن ما لا يعقل لا يجمع بالواو وبالنون.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/187]
وأجاز الفراء أرضون، وأرضون، ولغة ثالثة آراض.
واعلم أن «أهل» مذكر تصغيره: أهيل. وأن «أرض» لمؤنثه، وتصغيرها: أريضة. فالتاء سائغة في المؤنث ممتعة في المذكر، فهذا فصل ما بينهما وما علمت أحدًا تكلم فيه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/188] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لننجينه وأهله إلّا امرأته} {إنّا منجوك وأهلك إلّا امرأتك} {إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزا} 32 34
قرأ حمزة والكسائيّ {لننجينه وأهله} و{إنّا منجوك} بتخفيف الحرفين وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص بتشديد الحرفين وقرأ ابن كثير وأبو بكر {لننجينه} بالتّشديد و{إنّا منجوك} بالتّخفيف فمن خففها جعلهما من أنجى ينجي مثل أقام يقيم وحجته قوله قبل {فأنجيناه وأصحاب السّفينة} و{لئن أنجيتنا} ومن شددهما جعلهما من نجى ينجي وحجته {ونجينا الّذين آمنوا} وقوله {نجيناهم بسحر} وهما لغتان نطق القرآن بهما ومن خفف واحدًا وشدد الآخر جمع بين اللغتين ليعلم أنّهما جائزتان والأصل في منجوك منجونك فسقطت النّون للإضافة
[حجة القراءات: 551]
قرأ ابن عامر {إنّا منزلون} بالتّشديد من نزل ينزل
وقرأ الباقون بالتّخفيف من أنزل وقد ذكرت). [حجة القراءات: 552] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {لَنُنَجِّيَنَّهُ} [آية/ 32]، و{إِنَّا مُنَجُوكَ} [آية/ 33] بالتخفيف فيهما:
قرأهما حمزة والكسائي ويعقوب.
[الموضح: 993]
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر و-ص- عن عاصم بالتشديد في الحرفين.
وقرأ ابن كثير و-ياش- عن عاصم {لَنُنَجِّيَنَّهُ} بالتشديد {مُنَجُوكَ} بالتخفيف.
والوجه أن أنجتته ونجيته لغتان، مثل أفرحته وفرَّحته وأخرجته وخرَّجته، وقد سبق مثله). [الموضح: 994] (م)
قوله تعالى: {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {إنا منزلون} [34].
قرأ ابن عامر وحده {منزلون} مشددًا من نزل ينزل.
والباقون: {منزلون} مخففًا من أنزل. وقد ذكرته بعامة فيغير موضع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/188]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن عامر وحده: (إنا منزلون) [العنكبوت/ 34] بالتشديد، وقرأ الباقون: إنا منزلون بإسكان النون.
الكسائي عن أبي بكر عن عاصم (إنا منزّلون) مشددا، وكذلك روى الأعشى عن أبي بكر.
قال [أبو علي: قال سبحانه]: نزل به الروح الأمين [الشعراء/ 193] فإذا عدّيته نقلته بالهمزة أو بتضعيف العين، كما أنّ نجا زيد، كذلك، تقول: نجّيته، وأنجيته، قال: وأنزل لكم من الأنعام [الزمر/ 6] فأنزلنا على الذين ظلموا [البقرة/ 59]، وأكثر ما في القرآن من التنزيل دلالة على تقدم تضعيف العين). [الحجة للقراء السبعة: 5/433]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لننجينه وأهله إلّا امرأته} {إنّا منجوك وأهلك إلّا امرأتك} {إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزا} 32 34
قرأ حمزة والكسائيّ {لننجينه وأهله} و{إنّا منجوك} بتخفيف الحرفين وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص بتشديد الحرفين وقرأ ابن كثير وأبو بكر {لننجينه} بالتّشديد و{إنّا منجوك} بالتّخفيف فمن خففها جعلهما من أنجى ينجي مثل أقام يقيم وحجته قوله قبل {فأنجيناه وأصحاب السّفينة} و{لئن أنجيتنا} ومن شددهما جعلهما من نجى ينجي وحجته {ونجينا الّذين آمنوا} وقوله {نجيناهم بسحر} وهما لغتان نطق القرآن بهما ومن خفف واحدًا وشدد الآخر جمع بين اللغتين ليعلم أنّهما جائزتان والأصل في منجوك منجونك فسقطت النّون للإضافة
[حجة القراءات: 551]
قرأ ابن عامر {إنّا منزلون} بالتّشديد من نزل ينزل
وقرأ الباقون بالتّخفيف من أنزل وقد ذكرت). [حجة القراءات: 552] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {إنا منزلون} قرأه ابن عامر بالتشديد، وخفف الباقون، وهما أيضًا لغتان «نزل وأنزل» قد أتى ذلك في القرآن كثيرًا بإجماع، نحو {ونزلنا من السماء} «ق 9» ونحو: {أنزل من السماء ماء} «البقرة 22»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/179]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {إِنَّا مُنْزِّلُونَ} [آية/ 34] بتشديد الزاي:
قرأها ابن عامر وحده.
وقرأ الباقون {مُنْزِلُونَ} مخففة.
والوجه أن الإنزال والتنزيل واحد، كما سبق في الإنجاء والتنجية، وإن كان قد فرّق بعضهم بأن التنزيل لما يكون شيئًا بعد شيء وقد سبق). [الموضح: 994]
قوله تعالى: {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)}