حادثة سحرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
حديث عائشة رضي الله عنها
طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها
قالَ أَحْمَدُ بنُ محمَّدِ بنِ حَنبَلٍ الشَّيبَانِيُّ (ت:241هـ): (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ. قَالَتْ: حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ -أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ- دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ: « يَا عَائِشَةُ، شَعَرْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، جَاءَنِي رَجُلانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ
فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِيلِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ -أَوِ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي -: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟
قَالَ: مَطْبُوبٌ.
قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟
قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ.
قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟
قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ.
قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟
قَالَ: فِي بِئْرِ أَرْوَانَ ».
قَالَتْ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلَّمَ- في نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: « يَا عَائِشَةُ، لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَهَلاَّ أَحْرَقْتَهُ!
قَالَ: « لا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا ».
قَالَتْ: فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ). [مسند الإمام أحمد:40/343]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ (ت:256هـ): (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - رضِي اللهُ عنها - قَالَتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّمَ - يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ: « يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: مَطْبُوبٌ.
قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: في مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ.
قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ».
فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّمَ - في نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ: « يَا عَائِشَةُ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ؟
قَالَ: « قَدْ عَافَانِي اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا ». فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ.
تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ: في مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ. يُقَالُ: المُشَاطَةُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الكَتَّانِ). [صحيح البخاري: كتاب الطب/ باب السحر]
قالَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ القُشَيرِيُّ النَّيسَابُورِيُّ (ت:261هـ): (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:، سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَتْ: حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلَّم- يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- ثُمَّ دَعَا ثُمَّ دَعَا، ثُمَّ قَالَ:« يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، جَاءَنِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِيلِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ -أَوِ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي- مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ في أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: في مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ. قَالَ وَجُبِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: في بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ ».
قَالَتْ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلَّم- في أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ: « يَا عَائِشَةُ، وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ». قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا أَحْرَقْتَهُ؟ قَالَ: « لا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللَّهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ ».
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُحِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وَسَاقَ أَبُو كُرَيْبٍ الحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَقَالَ فِيهِ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إِلَى البِئْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ. وَقَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْرِجْهُ. وَلَمْ يَقُلْ: أَفَلا أَحْرَقْتَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ: « فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ ».). [صحيح مسلم/ باب السحر]
قال ابنُ ماجَهْ محمدُ بنُ يَزيدَ القَزْوِينِيُّ (ت: 273هـ): (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَحَرَ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَيَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلا يَفْعَلُهُ. قَالَتْ: حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم ثُمَّ دَعَا ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ: « يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، جَاءَنِي رَجُلانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِيلِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ-أَوِ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّلِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي-: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ:في أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: في مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ:في بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ ». قَالَتْ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَفي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ:« وَاللَّهِ يَا عَائِشَةُ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ». قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا أَحْرَقْتَهُ؟ قَالَ:« لا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللَّهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا ». فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ). [سنن ابن ماجه/ كتاب الطب/ باب السحر]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحِيرِيُّ، أخبَرَنا أحمدُ بنُ عليٍّ المَوْصِلِيُّ، أخبَرَنا مُجاهدُ بنُ موسى، أخبَرَنا أبو أُسامَةَ، عن هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أَبِيهِ، عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم حَتَّى إنَّه لَيُتَخَيَّلُ إليه أَنَّه فَعَلَ الشَّيْءَ وما فَعَلَ، حتى إذا كانَ ذاتَ يَوْمٍ وهو عِنْدِي دَعَا اللَّهَ ودَعَا، ثُمَّ قَالَ: ((أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟)). قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((أَتَانِي مَلَكَانِ))، وذَكَرَ القِصَّةَ بطُولِهَا. رواه البُخارِيُّ عن عُبَيْدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ، عن أبي أُسامَةَ، ولهذا الحَدِيثِ طَرِيقٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ). [أسباب النزول: 553-554]
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (أَخْبَرَنَا أبو حامِدٍ أحمَدُ بنُ عبدِ اللهِ الصالحيُّ، أَخْبَرَنَا أبو سعيدٍ مُحَمَّدُ بنُ موسى الصَّيْرَفيُّ، حَدَّثَنَا أبو العباسِ مُحَمَّدُ بنُ يعقوبَ الأصَمُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ [عبدِ الحكَمِ], أَخْبَرَنَا أنَسُ بنُ عِياضٍ, عن [هِشامٍ]، عن أبيه, عن عائشةَ, أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُبَّ, حتى إنه ليُخَيَّلُ إليه أنه قد صَنَعَ شيئًا وما صَنَعَه، وأنه دعا رَبَّهُ، ثم قالَ: ((أَشَعَرْتِ أنَّ اللهَ تعالى أَفْتَانِي فيما اسْتَفْتَيْتُه فيه؟))، فقالَتْ عائشةُ: وما ذاك يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: ((جاءني رَجلانِ, فجَلَسَ أحدُهما عندَ رأْسِي, والآخَرُ عندَ رِجْلَيَّ، فقالَ أحدُهما لصاحبِه: ما وَجَعُ الرجُلِ؟ قالَ الآخَرُ: هو مَطبوبٌ. قالَ: مَن طَبَّهُ؟ قالَ: لَبيدُ بنُ الأَعْصَمِ. قالَ: في ماذا؟ قالَ: في مُشطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قالَ: فأَيْنَ هو؟ قالَ: في ذَرْوانَ)) - وذَرْوانُ بئرٌ في بني زُرَيْقٍ- قالَتْ عائشةُ: فأَتاها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم رجَعَ إلى عائشةَ فقالَ: ((واللهِ لكَأَنَّ ماءَها نُقاعَةُ الحِنَّاءِ، ولكأنَّ نَخْلَهَا رُؤوسُ الشياطينِ))، قالَتْ: فقلتُ له: يا رسولَ اللهِ, هلا أَخْرَجْتَه؟ قالَ: (( أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفانِي اللهُ، فكَرِهْتُ أن أُثِيرَ على الناسِ به شَرًّا)).
ورُوِيَ أنه كان تَحْتَ صخرةٍ في البئرِ فرَفَعُوا الصخرةَ وأَخْرَجُوا جُفَّ الطَّلْعَةِ، فإذا فيه مُشاطةُ رأسِه وأسنانُ مُشْطِه). [معالم التنزيل: 723-724]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ التَّيْمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ (ت:535هـ): (أخبرنا أحمدُ بنُ عليٍّ المقرئُ، أنا هبةُ اللهِ بنُ الحسنِ، أنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ العبسقي، أنا محمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ عبدِ اللهِ، نا أبو عُبيدِ اللهِ المَخْزُوميُّ، نا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنهاقالت: كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ أصابه شيءٌ حتى كان يرَى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، فانتبه من نومهفقال: (( يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ، أَتَانِي آتِيَانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَرِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ. قَالَ: فِيمَ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ. قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ تَحْتَ رَاعُوفَةِ بِئْرِ ذَرْوَانَ)).
قال: فأتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم البئرَ فاستخرجه، وقال النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ: (( هَذِهِ الْبِئْرُ الَّتِي رَأَيْتُهَا كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ)).
قالت عائشةُ: فقلتُ له تعني ألا تَتْنَشِرُ؟
قالَ: ((أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ)). يعني شرًّا
قالت: ونزلت: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} حتى ختَم السورةَ). [الحجة في بيان المحجة:1/519]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُرْطُبِيُّ (ت: 671هـ): (الثَانِيَةُ: ثَبَتَ في الصحيحيْنِ مِن حديثِ عائشةَ, أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَحَرَهُ يَهُودِيٌّ مِن يهودِ بَنِي زُرَيْقٍ، يُقالُ لَه: لَبِيدُ بنُ الأَعْصَمِ، حتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْه أنَّه كانَ يَفْعَلُ الشيْءَ ولا يَفْعَلُه، فمَكَثَ كذلك ما شاءَ اللهُ أنْ يَمْكُثَ - في غيرِ الصحيحِ: سَنَةً - ثُمَّ قَالَ: ((يَا عَائِشَةُ, أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُه فِيهِ, أَتَانِي مَلَكَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ [الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ]: مَا شَأْنُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ؟ قالَ: لَبِيدُ بنُ الأَعْصَمِ. قَالَ في مَاذَا؟ قَالَ: في مُشْطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ)). فجاءَ البِئْرَ واسْتَخْرَجَه. انْتَهَى الصحيحُ). [الجامع لأحكام القرآن: 20/253]
قالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الخَازِنُ (ت: 725هـ):( (ق) عنْ عَائِشَةَ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سُحِرَ حتَّى كانَ يُخَيَّلُ إليهِ أَنَّهُ يَصْنَعَ الشيْءَ ولَمْ يَصْنَعْهُ.
وفي روايَةٍ: أنَّهُ يُخَيَّلُ إليهِ فِعْلُ الشيءِ وما فَعَلَهُ، حتَّى إذا كانَ يَوْمٌ وهوَ عندِي دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ، ثمَّ قالَ: ((أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟)).
قُلْتُ: وما ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ؟
قال: ((قَدْ جَاءَنِي رَجُلانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلِي، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ اليَهُودِيُّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ. قَالَ: فِيمَ ذَا؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ))، ومِن الرُّوَاةِ مَنْ قالَ: ((فِي بِئْرِ بَنِي زُرَيْقٍ)).
فذَهَبَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في أُنَاسٍ مِنْ أصحابِهِ إلى البِئْرِ فنَظَرَ إليها وعليْهَا نَخْلٌ، ثُمَّ رَجَعَ إلى عَائِشَةَ فقالَ: ((وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ))، قُلْتُ: يا رسولَ اللَّهِ، فأَخْرِجْهُ. قَالَ: ((أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللَّهُ وَشَفَانِي، وَخِفْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا)). وفي روايَةٍ للبُخَارِيِّ أنَّهُ كانَ يَرَى أنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ ولا يَأْتِيهِنَّ.
قالَ سُفْيَانُ: وهذا أَشَدُّ ما يَكُونُ مِن السِّحْرِ إذا كانَ كَذَلِكَ). [لباب التأويل: 4/499-500]
قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّرَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (في الصحيحِ، عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، عن عائشةَ: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُبَّ حتى إنه ليُخَيَّلُ إليه أنه صَنَعَ شيئًا وما صَنَعَه، وأنه دَعَا رَبَّه ثم قالَ: ((أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ)). فقالَتْ عائشةُ: وما ذاك يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: ((جَاءَنِي رَجُلانِ فجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ الآخَرُ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قالَ: فِي ماذا؟ قالَ: في مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعٍ ذَكَرٍ. قالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذَرْوَانَ بِئْرٍ في بَنِي زُرَيْقٍ)). قالَتْ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: فأتاها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم رَجَعَ إلى عائشةَ فقالَ: ((وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ)). قالَ: فقُلْتُ له: يا رسولَ اللهِ، هَلا أَخْرَجْتَه؟ قالَ: ((أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا)). فأَمَرَ بها فدُفِنَتْ.
قالَ البُخاريُّ: وقالَ الليثُ وابنُ عُيَيْنَةَ عن هِشامٍ: في مُشْطٍ ومُشاقَةٍ. ويُقالُ: إنَّ المُشاطَةَ ما يَخرُجُ من الشعْرِ إذا مُشِطَ، والمُشاقَةُ من مُشاقَةِ الكَتَّانِ. قلتُ: هكذا في هذه الروايةِ أنه لم يُخْرِجْه اكتفاءً بِمُعافاةِ اللهِ له وشِفائِه إيَّاه). [بدائع الفوائد: 2/222]
قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّرَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (وقد رَوَى البُخاريُّ من حديثِ ابنِ عُيَيْنَةَ، قالَ: أَوَّلُ مَن حَدَّثنا به ابنُ جُرَيْجٍ يَقولُ: حَدَّثَني آلُ عُروةَ، عن عُروةَ، فسَأَلْتُ هِشامًا عنه فحَدَّثَنا عن أبيهِ، عن عائشةَ: كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ حتى كان يَرَى أنه يأتي النِّساءَ ولا يَأتِيهِنَّ. قالَ سفيانُ: وهذا أَشَدُّ ما يكونُ من السِّحْرِ إذا كان كذا، فقالَ: ((يَا عَائِشَةُ، أَعَلِمْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي والآَخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي للآخَرِ: مَا بَالُ الرُّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَن طَبَّهُ؟ قالَ: لَبِيدُ بْنُ الأعْصَمِ، رَجُلٌ من بني زُرَيْقٍ حَلِيفُ اليَهُودِ، وَكَانَ مُنَافِقًا. قالَ: وَفِيمَ؟ قالَ: في مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ. قَالَ: وَأَيْنَ؟ قالَ: في جُفِّ طَلْعٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ. قَالَ: فَأَتَى البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ، فَقَالَ: هَذِه البِئْرُ الَّتي أُرِيتُهَا، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشياطينِ)). قَالَ: فَاسْتُخْرِجَ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَفَلا، أي: تَنَشَّرْتَ؟ قالَ: ((أَمَّا اللهُ فَقَدْ شَفَانِي، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا)). ففي هذا الحديثِ أنه اسْتَخْرَجَه، وتَرْجَمَ البخاريُّ عليه: بابٌ هل يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ.
وقالَ قَتادةُ: قلتُ لسَعيدِ بنِ المُسَيَّبِ: رجُلٌ به طِبٌّ، ويُؤَخَّذُ عن امرأتِه، أَيُحَلُّ عنه وَيُنَشَّرُ؟ قالَ: لا بأسَ به، إنما يُريدون به الإصلاحَ، فأمَّا ما يَنْفَعُ الناسَ فلم يُنْهَ عنه). [بدائع الفوائد: 2/222-223] (م)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ ابْنُ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقالَ البخاريُّ في كتابِ الطِّبِّ مِن صَحيحِه: حدَّثنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ محمدٍ، قالَ: سَمِعْتُ سُفْيانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَن حدَّثنَا بهِ ابنُ جُرَيْجٍ, يقولُ: حدَّثنِي آلُ عُرْوَةَ, عن عُرْوَةَ، فسَأَلْتُ هِشَاماً عَنْهُ فحدَّثنَا عن أبيهِ, عن عائشةَ قالتْ: كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ سُحِرَ حَتَّى كانَ يُرَى أَنَّه يَأْتِي النِّسَاءَ ولا يَأْتِيهِنَّ -قالَ سفيانُ: وهذا أشَدُّ ما يَكُونُ مِن السِّحْرِ إِذَا كانَ كَذَا- فقالَ: ((يَا عَائِشَةُ, أَعَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ أَتَانِي رَجُلانِ, فقَعَدَ أَحَدُهما عِنْدَ رَأْسِي, والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ, فقالَ الذي عِنْدَ رَأْسِي للآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ. قالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قالَ: لَبِيدُ بنُ أَعْصَمَ -رَجُلٌ مِن بَنِي زُرَيقٍ حَلِيفٌ ليَهُودَ, كانَ مُنافِقاً- قالَ: وفِيمَ؟ قالَ: فِي مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ. قالَ: وأَيْنَ؟ قالَ: في جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ, تَحْتَ رَاعُوفَةٍ في بِئْرِ ذَرْوَانَ)).
قالتْ: فأَتَى النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَه. فقالَ: ((هذهِ البِئْرُ التي أُرِيتُها, وكأنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ, وكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ)). قالَ: فاسْتُخْرِجَ. قالتْ: فقُلْتُ: أَفَلا تَنَشَّرْتَ؟ فقالَ: ((أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي, وأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا)).
وأَسْنَدَهُ مِن حديثِ عِيسَى بنِ يُونُسَ وأَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بنِ عِيَاضٍ وأبي أُسَامَةَ ويَحْيَى القَطَّانِ, وفيه: قالتْ: حَتَّى كانَ يُخَيَّلُ إليهِ أَنَّه فَعَلَ الشَّيْءَ ولَمْ يَفْعَلْهُ. وعندَه: فأَمَر بالبِئْرِ فدُفِنَتْ.
وذُكِرَ أنَّه رَواهُ عن هِشامٍ أيضاً ابنُ أَبِي الزِّنادِ والليثُ بنُ سَعْدٍ. وقدْ رواهُ مسلمٌ مِن حديثِ أبي أُسامةَ حَمَّادِ بنِ أُسامَةَ وعَبْدِ اللَّهِ بنِ نُمَيْرٍ. ورواهُ أحمدُ عن عَفَّانَ, عن وَهْبٍ, عن هشامٍ, به.
ورواهُ الإمامُ أحمدُ أيضاً, عن إبراهيمَ بنِ خَالِدٍ, عن مَعْمَرٍ, عن هِشَامٍ, عن أبيهِ, عن عَائِشَةَ قالتْ: لَبِثَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يُرَى أنَّه يَأْتِي ولا يَأْتِي, فأَتَاهُ مَلَكَانِ؛ فجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِه, والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ, فقالَ أَحَدُهما للآخَرِ: مَا بَالُه؟ قالَ: مَطْبُوبٌ. قالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قالَ: لَبِيدُ بنُ الأَعْصَمِ... وذكَر تمامَ الحديثِ). [تفسير القرآن العظيم: 8/3909]
قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمُ بنُ عُمَرَ البِقَاعِيُّ (ت: 885هـ): (وَرَوَى البخاريُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها قَالَتْ: سُحِرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِليهِ أَنَّهُ فَعَلَ شَيْئاً وَما فَعَلَهُ، حتَّى إِذا كانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهوَ عِنْدِي دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ، ثُمَّ قَالَ: ((أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟)) قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((أَتَانِي مَلَكَانِ)) فَذَكَرَهُ). [نظم الدرر: 8/608]
قالَ الخَطِيبُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشِّرْبِينِيُّ (ت: 977هـ): (وعنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُبَّ -أيْ سُحِرَ- حتى كأنَّهُ يُخَيَّلُ إليهِ أنَّهُ صَنعَ شيئًا وما صَنعَهُ، وأنَّهُ دَعَا ربَّهُ ثمَّ قَالَ: ((أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ)). فقالتْ عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنها: وما ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((جَاءَنِي رَجُلانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ الآخَرُ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأعْصَمِ. قَالَ: فِي مَاذَا؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذَرْوَانَ)). وذَرْوانُ: بئرٌ في بني زُرَيْقٍ. قالتْ عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنها: فأتاها رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ رجعَ إلى عائشةَ، فَقَالَ: ((وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)). قالتْ: فقلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، هلْ أَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: ((أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا)) ). [تفسير القرآن الكريم: 4/ 612]
قالَ أَبو الثَّناءِ مَحْمُودُ بنُ عبدِ اللهِ الآلُوسِيُّ (ت: 1270هـ): (روى البخاريُّ ومسلمٌ وابنُ ماجهْ عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ تعالى عنها قالتْ: سُحِرَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ حتى إنه ليُخَيَّلُ إليه أنه فَعَلَ الشيءَ ولم يكنْ فَعَلَه، حتى إذا كانَ ذاتَ يومٍ -أو ذاتَ ليلةٍ- دعا اللهَ, ثم دَعَا, ثم دعا, ثم قالَ: ((أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟)). قلتُ: وما ذاكَ يا رسولَ اللهِ؟ فقالَ: ((جَاءَنِي رَجُلانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ -أَوِ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي-: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأعْصَمِ. قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ؟ قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ)). قالتْ: فَأَتاها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ في أُناسٍ مِن أصحابِه ثم قالَ: ((يَا عَائِشَةُ، وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ)). قالتْ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أفلا أَحْرَقْتَه؟ قالَ: ((لا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللهُ تَعَالَى، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ)). وهذان المَلَكان على ما يَدُلُّ على روايةِ ابنِ مَردُويهْ مِن طريقِ عِكرمةَ عن ابنِ عبَّاسٍ هما جِبريلُ وميكائيلُ عليهما السلامُ). [روح المعاني: 29/282]
تنبيه:
قالَ أحمدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (قَوْلُهُ: "وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتِ المُعَوِّذَتَانِ"، انْتَهَى، وَهَذَا ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" مِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ تَعْلِيقًا، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا تَعْلِيقًا، وَطَرِيقُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ؛ أَخْرَجَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِهِ، رِوَايَةُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، وَفِيهِ "وَنَزَلَتْ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ (1)}"). [التلخيص الحبير:4/110]
-قال الألباني: (وهذه فائدةٌ هامةٌ من الحافظِ رحِمه اللهُ تعالى، لم ترِدْ في كتابه (فتح الباري)، وهي شاهدٌ قويٌّ لحديثِ الترجمةِ. واللهُ أعلمُ). [السلسلة الصحيحة:6/616]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (هذه الزيادةُ رواها اللالكائيُّ في شرحِ السنةِ، وأبو القاسمِ الأصبهانيُّ في كتابِ الحُجَّةِ في بيان المَحجةِ، كلاهما من طريقِ أحمدَ بنِ إبراهيمَ العبسقي، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ بنِ عبدِ اللهِ، عن أبي عبيدِ اللهِ المَخْزُوميِّ، عن سفيانَ بنِ عُيينةَ، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ. فذكر الحديثَ بنحوِ روايةِ الجماعةِ، وزاد في آخرِه:
قالت: ونزلت {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}حتى ختم السورةَ).
وقد سبق إعلالُها بالتفردِ ومخالفتِها لما رواه الأئمةُ عن سفيانَ، وما رواه الأئمةُ عن هشامِ بنِ عروةَ، وقد سبَقَ بحثُ هذه المسألةِ عند الكلامِ عن سببِ نزولِ المعوذتيْنِ، فراجِعْه).
حديث عَمْرة بنت عبد الرحمن عن عائشة، وهو ضعيف جدًّا
قَالَ أحمدُ بنُ الحسينِ بنِ عليٍّ البَيْهَقِيُّ (ت: 458 هـ): (أخبرنا أبو الحسينِ عليُّ بنُ محمدٍ المقرئُ، قالَ: أخبرَنَا الحسَنُ بنُ محمَّدِ بنِ إسحَاقَ، قالَ: حدَّثَنَا يوسُفُ بنُ يعقُوبَ، قالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ حَيَّانَ، قالَ: حَدَّثَنَا يزيدُ بنُ هارونَ، قالَ: أخبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ أبي بكرِ بنِ محمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عنْ عَائِشَةَ قالَت:
كَانَ لِرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدِمُهُ، يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، وكان تُعجبُه خِدمتُه، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ يَهُودُ حَتَّى سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذُوبُ وَلا يَدْرِي مَا وَجَعُهُ.
فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ إِذْ أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ للذي عِنْدَ رِجْلَيْهِ: مَا وَجَعُهُ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ. قَالَ: بِمَ طَبَّهُ؟ قَالَ: بِمُشْطٍ ومُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ بِذِي أَرْوَانَ، وَهِيَ تَحْتَ رَاعُوفَةِ البِئْرِ.
فاسْتيقظَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فدَعَا عائشَةَ؛ فقالَ: « يا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَنْبَأَنِي بِوَجَعِي؟».
فَلَمَّا أَصْبَحَ غدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغَدَا مَعَهُ أَصْحَابُهُ إِلَى البِئْرِ، فإذَا ماؤُهَا كأنَّهُ نَقُوعُ الحِنَّاءِ، وإذَا نخلُهَا الَّذِي يشْرَبُ مِنْ مَائِها قَدِ التوَى سَعَفُهُ كأنَّهُ رُؤوسُ الشَّياطِينِ.
قالَ: فَنَزَلَ رَجُلٌ فَاسْتَخْرَجَ جُفَّ طَلْعَةٍ مِنْ تَحْتِ الرَّاعُوفَةِ، فَإِذَا فِيهَا مُشْطُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وَمِنْ مُرَاطَةِ رَأْسِهِ، وإذا تِمْثَالٌ مِنْ شَمْعٍ تِمْثَالُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإذا فيها إِبَرٌ مَغْرُوزَةٌ، وَإِذَا وَتَرٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليهِ السلامُ بِالمُعَوِّذَتَيْنِ. فقالَ: يا مُحَمَّدُ، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ (1)} [الفلق: 1]، وَحَلَّ عُقْدَةً{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} [الفلق:2] وَحَلَّ عُقْدَةً. حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، [ثُمَّ قَالَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} [الناس: 1] وَحَلَّ عُقْدَهً، حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا]، وَحَلَّ العُقَدَ كُلَّهَا.
وَجَعَلَ لا يَنْزِعُ إِبْرَةً إلاَّ وجدَ لها أَلَمًا، ثُمَّ يَجِدُ بَعْدَ ذلكَ رَاحَةً، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، لَوْ قَتَلْتَ اليَهُودِيَّ؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: ((قَدْ عَافَانِي اللهُ – عَزَّ وَجَلَّ - وَمَا وَرَاءَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ أَشَدُّ)). قالَ: فَأَخْرَجَهُ.
قدْ رُوِّينَا فِي هذا عن الكَلْبِيِّ، عن أبي صالحٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ بِبَعْضِ معناهُ، وَرُوِّينَاهُ في الحديثِ الصحيحِ، عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أَبِيهِ، عنْ عَائِشَةَ في أبوابِ دَعَوَاتِهِ دونَ ذِكْرِ المُعَوِّذَتَيْنِ). [دلائل النبوة: 7/ 94]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ فِي الدلائلِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدِمُهُ، يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ يَهُودُ حَتَّى سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذُوبُ وَلا يَدْرِي مَا وَجَعُهُ.
فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ إِذْ أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ والآخرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ للذي عِنْدَ رِجْلَيْهِ: مَا وَجَعُهُ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ. قَالَ: بِمَ طَبَّهُ؟ قَالَ: بِمُشْطٍ ومُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ بِذِي أَرْوَانَ، وَهِيَ تَحْتَ رَاعُوفَةِ البِئْرِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَا وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ إِلَى البِئْرِ، فَنَزَلَ رَجُلٌ فَاسْتَخْرَجَ جُفَّ طَلْعَةٍ مِنْ تَحْتِ الرَّاعُوفَةِ، فَإِذَا فِيهَا مُشْطُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ مُشَاطَةِ رَأْسِهِ، وَإِذَا تِمْثَالٌ مِنْ شَمْعٍ؛ تِمْثَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا فِيهَا إِبَرٌ مَغْرُوزَةٌ، وَإِذَا وَتَرٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً.
فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بالمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ (1)} [الفلق: 1]. وَحَلَّ عُقْدَةً, {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} [الفلق: 2], وَحَلَّ عُقدةً. حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، وَحَلَّ العُقَدَ كُلَّهَا, وَجَعَلَ لا يَنْزِعُ إِبْرَةً إِلاَّ وَجَدَ لَهَا أَلَماً، ثُمَّ يَجِدُ بَعْدَ ذَلِكَ رَاحَةً، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ قَتَلْتَ اليَهُودِيَّ. فَقَالَ: ((قَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ وَمَا وَرَاءَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدُّ)). فَأَخْرَجَهُ). [الدر المنثور: 15/793-794]
قالَ أَبو الثَّناءِ مَحْمُودُ بنُ عبدِ اللهِ الآلُوسِيُّ (ت: 1270هـ): (ومِن حديثِها في الدلائلِ للبيهقيِّ بعدَ ذِكْرِ حديثِ الملَكَيَنْ: فلمَّا أَصْبَحَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ غَدَا ومعه أصحابُه إلى البئرِ، فدَخَلَ رَجُلٌ فاستخرَجَ جُفَّ طَلعةٍ مِن تحتِ الراعوثةِ، فإذا فيها مُشطُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ، ومِن مُشاطةِ رأسِه, وإذاتِمثالٌ مِن شمْعٍ, تِمثالُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ، وإذا فيها إِبَرٌ مَغروزةٌ، وإذا وَتَرٌ فيه إحدى عشْرةَ عُقدةً، فأتاهُ جِبريلُ عليه السلامُ بالمُعَوِّذَتَيْنِ، فقالَ: يا محمدُ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ (1)} [الفلق: 1]، وحَلَّ عُقدةً، {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} [الفلق: 2]، وحلَّ عُقدةً. حتى فَرَغَ منهما وحَلَّ العُقَدَ كلَّها، وجَعلَ لا يَنْزِعُ إبرةً إلا وَجَدَ لها أَلَمًا, ثم يَجِدُ بعدَ ذلك راحةً، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، لو قَتَلْتَ اليهوديَّ؟ قالَ: قَدْ عَافَانِي اللهُ تَعَالَى، وَمَا يَرَاهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ أَشَدُّ". ). [روح المعاني: 29/282-283]
قالَ أَبو الثَّناءِ مَحْمُودُ بنُ عبدِ اللهِ الآلُوسِيُّ (ت: 1270هـ): (وفي روايةٍ: أنَّ الذي تَوَلَّى السحرَ لَبيدُ بنُ الأعصمِ وبناتُه، فَمَرِضَ النبيُّ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ، فنَزَلَ جِبريلُ بالمُعَوِّذَتَيْنِ وأَخبرَه بِمَوْضِعِ السحرِ وبِمَنْ سَحَرَه وبِمَ سَحَرَه، فأَرْسَلَ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ عَلِيًّا كَرَّمَ اللهُ تعالى وجهَه والزُّبيرَ وعَمَّارًا، فنَزَحُوا ماءَ البئرِ وهو كنُقاعةِ الحِنَّاءِ، ثم رَفَعوا رَاعُوثةَ البئْرِ فأَخْرَجَوا أَسنانَ المُشطِ ومعها وَتَرٌ قد عُقِدَ فيه إحدى عشْرةَ عُقدةً مُغَرَّزَةً بالإبَرِ، فجاؤوا بها النبيَّ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ، فجَعَلَ يَقرَأُ المُعَوِّذَتَيْنِ عليها، فكان كُلَّمَا يَقرأُ آيةً انْحَلَّتْ عُقدةٌ، ووَجَدَ عليه الصلاةُ والسلامُ خِفَّةً، حتى انْحَلَّتِ العُقدةُ الأخيرةُ عندَ تَمامِ السورتينِ، فقامَ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ كأنما أُنْشِطَ مِن عِقالٍ. الخبرُ والروايةُ الأُولَى أَصَحُّ مِن هذه). [روح المعاني: 29/283]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (وهذا الحديث ضعيفٌ جدًّا؛ فيه محمدُ بنُ عبيدِ اللهِ العَرْزَمِيُّ، متروكُ الحديثِ، وفي بعضِ ألفاظِه نَكارةٌ شديدةٌ).