تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازم أنه سمع [قتادة بن دعامة يقول: {ألم] تر إلى ربك كيف مد الظل}، قال: مده ما بين صلاة [ ............. ]). [الجامع في علوم القرآن: 2/43]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله ألم تر إلى ربك كيف مد الظل قالا مد الظل من حين يطلع الفجر إلى أن تطلع الشمس فذلك مد الظل). [تفسير عبد الرزاق: 2/70]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن مجاهدٍ في قوله: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظل} قال: طلوع الفجر [الآية: 45]). [تفسير الثوري: 227]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({مدّ الظّلّ} [الفرقان: 45] : «ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس» ، {ساكنًا} [الفرقان: 45] : «دائمًا» ، {عليه دليلًا} [الفرقان: 45] : «طلوع الشّمس»). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مدّ الظّلّ ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ مثله وعند عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن الحسن وقتادة مثله وقال بن عطيّة تظاهرت أقوال المفسّرين بهذا وفيه نظرٌ لأنّه لا خصوصيّة لهذا الوقت بذلك بل من بعد غروب الشّمس مدّةٌ يسيرةٌ يبقى فيها ظلٌّ ممدودٌ مع أنّه في نهارٍ وأمّا سائر النّهار ففيه ظلالٌ متقطّعةٌ ثمّ أشار إلى اعتراضٍ آخر وهو أنّ الظّلّ إنّما يقال لما يقع بالنّهار قال والظّلّ الموجود في هذين الوقتين من بقايا اللّيل انتهى والجواب عن الأوّل أنّه ذكر تفسير الخصوص من سياق الآية فإنّ في بقيّتها ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا والشّمس تعقب الّذي يوجد قبل طلوعها فيزيله فلهذا جعلت عليه دليلًا فظهر اختصاص الوقت إليّ قبل الطّلوع بتفسير الآية دون الّذي بعد الغروب وأمّا الاعتراض الثّاني فساقطٌ لأنّ الّذي نقل أنّه يطلق على ذلك ظلٌّ ثقةٌ مثبت فهو مقدم على النّافي حتّى ولو كان قول النّافي محقّقًا لما امتنع إطلاق ذلك عليه مجازًا قوله ساكنًا دائما وصله بن أبي حاتمٍ من الوجه المذكور قوله عليه دليلا طلوع الشّمس وصله بن أبي حاتمٍ كذلك). [فتح الباري: 8/491]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هباء منثورا} ما تسفي به الرّيح {مد الظل} ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس {ساكنا} دائما {عليه دليلا} طلوع الشّمس {خلفه} من فاته من اللّيل عمل أدركه بالنّهار أو فاته بالنّهار أدركه باللّيل
قال ابن جرير ثنا القاسم ثنا الحسين حدثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس قوله 23 الفرقان {هباء منثورا} قال ما يسفي الرّيح ويبثه
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله {هباء منثورا} يقول الماء المهراق
وبه في قوله 45 الفرقان {مد الظل} يقول ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس). [تغليق التعليق: 4/270-271] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هباء منثورا} ما تسفي به الرّيح {مد الظل} ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس {ساكنا} دائما {عليه دليلا} طلوع الشّمس {خلفه} من فاته من اللّيل عمل أدركه بالنّهار أو فاته بالنّهار أدركه باللّيل
قال ابن جرير ثنا القاسم ثنا الحسين حدثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس قوله 23 الفرقان {هباء منثورا} قال ما يسفي الرّيح ويبثه
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله {هباء منثورا} يقول الماء المهراق
وبه في قوله 45 الفرقان {مد الظل} يقول ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس
وبه في قوله 45 الفرقان {ولو شاء لجعله ساكنا} يقول دائما). [تغليق التعليق: 4/270-271] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هباء منثورا} ما تسفي به الرّيح {مد الظل} ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس {ساكنا} دائما {عليه دليلا} طلوع الشّمس {خلفه} من فاته من اللّيل عمل أدركه بالنّهار أو فاته بالنّهار أدركه باللّيل
قال ابن جرير ثنا القاسم ثنا الحسين حدثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس قوله 23 الفرقان {هباء منثورا} قال ما يسفي الرّيح ويبثه
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله {هباء منثورا} يقول الماء المهراق
وبه في قوله 45 الفرقان {مد الظل} يقول ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس
وبه في قوله 45 الفرقان {ولو شاء لجعله ساكنا} يقول دائما
وبه في قوله 45 الفرقان {ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا} يقول طلوع الشّمس). [تغليق التعليق: 4/270-271] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مدّ الظّلّ ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس
أشار به إلى قوله تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} (الفرقان: 45) الآية. وفسره بقوله: (ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس) ، وإنّما جعله ممدوداً لأنّه لا شمس معه، كما قال في ظلّ الجنّة. {وظل ممدود} (الواقعة: 30) ، وبمثل ما فسره رواه ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، وروى مثله أيضا عبد الرّزّاق عن معمر عن الحسن وقتادة.
ساكناً دائماً. عليه دليلاً طلوع الشّمس
أشار به إلى قوله تعالى: {ولو شاء لجعله ساكنا ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا} . وفسّر ساكنا بقوله: (دائما) أي: غير زائل، وقيل: لاصقاً بأصل الجدار غيره منبسط، وفسّر دليلا بقوله: (الشّمس) أي طلوع الشّمس دليل على حصول الظل، وهو قول ابن عبّاس: تدل على الظل الشّمس، يعني لولا الشّمس ما عرف الظل، ولولا النّور ما عرفت الظلمة). [عمدة القاري: 19/93]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مد الظل}) في قوله تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} [الفرقان: 45] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم عنه هو (ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) قال في الأنوار وهو أطيب الأحوال فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الجوّ ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال {وظل ممدود}. اهـ.
والظل عبارة عن عدم الضوء مما من شأنه أن يضيء وجعله ممدودًا لأنه ظل لا شمس معه واعترضه ابن عطية بأنه خصوصية لهذا الوقت بذلك بل من قبل غروب الشمس مدة يسيرة يبقى فيها ظل ممدود مع أنه في نهار وفي سائر أوقات النهار ظلال متقطعة. وأجيب: بأنه ذكر تفسير الخصوص الآية لأن في بقيتها ثم جعلنا الشمس عليه دليلًا فتعين الوقت الذي بعد طلوع الفجر
واعترض ابن عطية أيضًا بأن الظل إنما يقال لما يقع بالنهار، والظل الموجود في هذا الوقت من بقايا الليل. وأجيب: بالحمل على المجاز والرؤية هنا بصرية أو قلبية واختاره الزجاج والمعنى ألم تعلم والخطاب وإن كان ظاهره للرسول -صلّى اللّه عليه وسلّم- فهو عام في المعنى لأن الغرض بيان نعم الله بالظل وجميع المكلفين مشتركون في تنبيههم لذلك.
({ساكنًا}) يريد قوله: {ولو شاء لجعله ساكنًا} [الفرقان: 45] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم: أي (دائمًا) أي ثابتًا لا يزول ولا تذهبه الشمس قال أبو عبيدة الظل ما نسخته الشمس وهو بالغداة والفيء ما نسخ الشمس وهو بعد الزوال وسمي فيئًا لأنه فاء من الجانب الغربي إلى الشرقي.
({عليه دليلًا}) قال ابن عباس: فيما وصله ابن أبي حاتم أيضًا أي (طلوع الشمس) دليل حصول الظل فلو لم تكن الشمس لما عرف الظل ولولا النور ما عرف الظلمة والأشياء تعرف بأضدادها). [إرشاد الساري: 7/271-272]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (مدّ الظل) هو عدم الضوء عما من شأنه أن يضيء والمراد به هنا ما ذكره بقوله: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس). [حاشية السندي على البخاري: 3/62]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (وعن سعيد: {ألم ترى إلى ربك كيف مد الظل} قال: من طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 38] [سعيد: هو ابن جبير]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ ولو شاء لجعله ساكنًا، ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلاً (45) ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا}.
يقول تعالى ذكره: {ألم تر} يا محمّد {كيف مدّ} ربّك {الظّلّ} وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ} يقول: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ} قال: مدّه ما بين صلاة الصّبح إلى طلوع الشّمس.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ ولو شاء لجعله ساكنًا} قال: الظّلّ: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن بزيعٍ، قال: حدّثنا أبو محصنٍ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، قال: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ} قال: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {كيف مدّ الظّلّ} قال: ظلّ الغداة قبل أن تطلع الشّمس.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: الظّلّ ظلّ الغداة.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، قوله: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ} قال: مدّه من طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ} يعني من صلاة الغداة إلى طلوع الشّمس.
وقوله: {ولو شاء لجعله ساكنًا} يقول: ولو شاء لجعله دائمًا لا يزول، ممدودًا لا تذهبه الشّمس، ولا تنقصه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولو شاء لجعله ساكنًا} يقول: دائمًا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولو شاء لجعله ساكنًا} قال: لا تصيبه الشّمس ولا يزول.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ولو شاء لجعله ساكنًا} قال: لا يزول.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولو شاء لجعله ساكنًا} قال: دائمًا لا يزول.
وقوله: {ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلاً} يقول جلّ ثناؤه: ثمّ دللناكم أيّها النّاس بنسخ الشّمس إيّاه عند طلوعها عليه أنّه خلقٌ من خلق ربّكم، يوجده إذا شاء، ويفنيه إذا أراد؛ والهاء في قوله {عليه} من ذكر الظّلّ. ومعناه: ثمّ جعلنا الشّمس على الظّلّ دليلاً.
وقيل: معنى دلالتها عليه أنّه لو لم تكن الشّمس الّتي تنسخه لم يعلم أنّه شيءٌ، إذا كانت الأشياء إنّما تعرف بأضدادها، نظير الحلو الّذي إنّما يعرف بالحامض، والبارد بالحارّ، وما أشبه ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلاً} يقول: طلوع الشّمس.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلاً} قال: تحويه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلاً} قال: أخرجت ذلك الظّلّ فذهبت به). [جامع البيان: 17/460-463]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ ولو شاء لجعله ساكنًا ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلًا (45)
قوله تعالى: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل
- حدّثنا أبي ثنا يزيد بن عبد العزيز الطلاس، ثنا إسحاق ابن سليمان، عن أبي سنانٍ الشّيبانيّ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن عمرو بن ميمونٍ الأوديّ قوله: ألم تر إلى ربك كيف مد الظّلّ قال: أزالته عنكم الشّمس.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: مدّ الظّلّ يقول: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس.
- حدّثنا أبي، ثنا أصبغ بن الفرج أخبرني ابن وهبٍ أنبأ عمرو بن الحارث، عن قيسٍ الحاجب سمع أبا حفصٍ المدينيّ سمع ابن عبّاسٍ يقول: في قول اللّه: مدّ الظّلّ ولو شاء لجعله ساكنًا قال: هو بعد الفجر قبل طلوع الشّمس- وروى عن ابن عمر وأبي مالكٍ وسعيد بن جبيرٍ وأبي العالية وإبراهيم النّخعيّ ومسروقٍ والحسن والضّحّاك والسّدّيّ وقتادة وأبي سنانٍ الشّيبانيّ نحو ذلك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: كيف مدّ الظّلّ قال: الغداة قبل طلوع الشّمس.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً، ثنا محمّد بن شعيب بن شابور أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه مدّ الظّلّ قال ابن عطاءٍ: قبل طلوع الشّمس غدوةً.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا شيبان، ثنا مباركٌ، عن الحسن في قوله: ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ قال: مدّه من المشرق إلى المغرب، وفيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن سليمان بن نضلة الخزاعيّ، عن مسلم بن خالدٍ، عن أيّوب بن موسى في قوله: ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ قال:
الأرض كلّها ظلٌّ ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشّمس.
قوله تعالى: ولو شاء لجعله ساكنًا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: ولو شاء لجعله ساكنًا يقول: دائمًا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: لجعله ساكنًا لا تصيبه الشّمس ولا يزول.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى أنبأنا ابن أبي زائدة أنبأ مبارك، عن الحسن: ولو شاء لجعله ساكنًا قال: يدعه كما هو ظلٌّ ممدد.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا شيبان، ثنا مباركٌ، ثنا الحسن: ولو شاء لجعله ساكنًا قال: أقرّه كما هو ممدودٌ.
قوله تعالى: ثم جعلنا الشمس عليه دليلا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: الشّمس عليه دليلا قال: تحويه.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا يقول: طلوع الشّمس.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا هشيمٌ، عن العوّام، عن إبراهيم التيميّ في قوله: ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا قال على الظّلّ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا تتلوه وتتبعه حتّى تأتي عليه كلّه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا يقول: تتبعه فتقبضه حيث كان.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا قال أخرجت ذلك الظّلّ فذهبت به). [تفسير القرآن العظيم: 8/2701-2703]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ألم تر إلى ربك كيف مد الظل قال مده من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس). [تفسير مجاهد: 453]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولو شاء لجعله ساكنا يقول لو شاء لجعل الظل لا تصيبه الشمس ولا تزول). [تفسير مجاهد: 453]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله دليلا قال تحويه). [تفسير مجاهد: 453]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا مبارك بن فضالة عن الحسن ثم جعلنا الشمس عليه دليلا يقول تتلوه). [تفسير مجاهد: 453]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا * ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا * وهو الذي جعل لكم اليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا.
أخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: بعد الفجر قبل أن تطلع الشمس). [الدر المنثور: 11/183-184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} الآية، قال: ألم تر انك إذا صليت الفجر كان ما بين مطلع الشمس إلى مغربها ظلا ثم بعث الله عليه الشمس دليلا فقبض الله الظل). [الدر المنثور: 11/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: ما بين طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكنا} قال: دائما {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} يقول: طلوع الشمس {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} قال: سريعا). [الدر المنثور: 11/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: ظل الغداة قبل طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكنا} قال: لا تصيبه الشمس ولا يزول {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} قال: تحويه {ثم قبضناه إلينا} فاجوينا الشمس اياه {قبضا يسيرا} قال: خفيفا). [الدر المنثور: 11/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الحسن {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: مده من المشرق إلى المغرب فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكنا} قال: تركه كما هو ظلا ممدودا ما بين المشرق والمغرب). [الدر المنثور: 11/185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: الأرض كلها ظل، ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} قال: قليلا قليلا). [الدر المنثور: 11/185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن إبراهيم التيمي والضحاك وأبي مالك الغفاري في قوله {كيف مد الظل} قالوا: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} قالوا: على الظل: {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} يعني ما تقبض الشمس من الظل). [الدر المنثور: 11/185-186]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية {كيف مد الظل} قال: من حين يطلع الفجر إلى حين تطلع الشمس). [الدر المنثور: 11/186]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {جعلنا الشمس عليه دليلا} قال: يتبعه فيقبضه حيث كان). [الدر المنثور: 11/186]
تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن سعيدٍ عن مجاهدٍ في قوله: {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} قال: خفيا [الآية: 46]). [تفسير الثوري: 227]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا} يقول تعالى ذكره: ثمّ قبضنا ذلك الدّليل من الشّمس على الظّلّ إلينا قبضًا خفيًّا سريعًا بالفيء الّذي نأتي به بالعشيّ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا} قال: حوى الشّمس الظّلّ.
وقيل: إنّ الهاء الّتي في قوله {ثمّ قبضناه إلينا} عائدةٌ على الظّلّ، وإنّ معنى الكلام: ثمّ قبضنا الظّلّ إلينا بعد غروب الشّمس؛ وذلك أنّ الشّمس إذا غربت غاب الظّلّ الممدود، قالوا: وذلك وقت قبضه.
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله {يسيرًا} فقال بعضهم: معناه: سريعًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا} يقول: سريعًا.
وقال آخرون: بل معناه: قبضًا خفيًّا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن مجاهدٍ: {ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا} قال: خفيًّا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: {قبضًا يسيرًا} قال: خفيًّا، قال: إنّ ما بين الشّمس والظّلّ مثل الخيط.
واليسير الفعيل من اليسر، وهو السّهل الهيّن في كلام العرب. فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك يتوجّه لما روي عن ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ، لأنّ سهولة قبض ذلك قد تكون بسرعةٍ وخفاءٍ.
وقيل إنّما قيل {ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا} لأنّ الظّلّ بعد غروب الشّمس لا يذهب كلّه دفعةً، ولا يقبل الظّلام كلّه جملةً، وإنّما يقبض ذلك الظّلّ قبضًا خفيًّا، شيئًا بعد شيءٍ ويعقب كلّ جزءٍ منه يقبضه جزءٌ من الظّلام). [جامع البيان: 17/464-465]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا (46)
قوله تعالى: ثمّ قبضناه إلينا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ ثمّ قبضناه إلينا حوى الشّمس إيّاه.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن كثيرٍ العبديّ أنبأ سليمان يعنى أخاه، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ: قبضناه إلينا قبضه حين تطلع.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا شيبان، ثنا مباركٌ، عن الحسن: ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا قال: القبض للظّلّ.
قوله تعالى: قبضًا يسيرًا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: قبضًا يسيرًا يقول: سريعًا.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان ، عن عبد العزيز ابن رفيعٍ، عن مجاهدٍ: ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا قال: خفيًّا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا يقول: قبضًا خفيًّا حتّى لا يبقى في الأرض ظلٌّ إلا تحت سقفٍ أو تحت شجرةٍ، وقد أظلّت ما فوقه
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن سليمان بن نضلة الخزاعيّ، عن مسلم بن خالدٍ، عن أيّوب بن موسى في قوله: ثمّ قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا قال: قليلا قليلا
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ في قوله: مدّ الظّلّ قال: الظّلّ فيما بين طلوع الفجر إلى أن تطلع الشّمس فيما ذلك كلّه ظلٌّ ثمّ جعلت الشّمس عليه دليلا، ثمّ قبضه الرّبّ تعالى قبضًا يسيرًا حتّى إذا زالت الشّمس على نصف النّهار كان في انتقاصٍ إلى أن تغرب الشّمس قال: إنّ النّهار اثنا عشر ساعةً، فأوّل السّاعة ما بين طلوع الفجر إلى أن ترى شعاع الشّمس، ثمّ إنّ السّاعة الثّانية إذا رأيت شعاع الشّمس إلى أن يضئ الإشراق، عند ذلك لم يبق من قرونها شيءٌ وصفى لونها قال: فهو فيما سمعنا إذا كنت في أرضٍ مستويةٍ أو في مكانٍ لا يحول بينك وبينها شيءٌ فإذا كانت بقدر ما تريك عينك قيد رمحين فذلك أوّل الضّحى وذلك أوّل ساعةٍ من ساعات الضّحى. ثمّ من بعد ذلك الضّحى ساعتين ثمّ ساعة السّادسة حين نصف النّهار، فإذا زالت الشّمس، عن نصف النّهار فتلك ساعة صلاة الظّهر وهي الّتي قال اللّه: أقم الصّلاة لدلوك الشّمس ثمّ من بعد ذلك العشيّ ساعتين ثمّ أنّ السّاعة العاشرة هي ميقات صلاة العصر قال: وهي الآصال. قال اللّه عزّ وجلّ: وسبّحوه بكرةً وأصيلا ثمّ بعد ذلك ساعتين إلى اللّيل). [تفسير القرآن العظيم: 8/2703-2704]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ثم قبضناه يعني حوى الشمس إياه). [تفسير مجاهد: 454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: ما بين طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكنا} قال: دائما {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} يقول: طلوع الشمس {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} قال: سريعا). [الدر المنثور: 11/184] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: ظل الغداة قبل طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكنا} قال: لا تصيبه الشمس ولا يزول {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} قال: تحويه {ثم قبضناه إلينا} فاجوينا الشمس اياه {قبضا يسيرا} قال: خفيفا). [الدر المنثور: 11/184] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: الأرض كلها ظل، ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} قال: قليلا قليلا). [الدر المنثور: 11/185] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن إبراهيم التيمي والضحاك وأبي مالك الغفاري في قوله {كيف مد الظل} قالوا: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} قالوا: على الظل: {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} يعني ما تقبض الشمس من الظل). [الدر المنثور: 11/185-186] (م)
تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي جعل لكم اللّيل لباسًا والنّوم سباتًا وجعل النّهار نشورًا}.
يقول تعالى ذكره: الّذي مدّ الظّلّ ثمّ جعل الشّمس عليه دليلاً هو الّذي جعل لكم أيّها النّاس اللّيل لباسًا. وإنّما قال جلّ ثناؤه: {جعل لكم اللّيل لباسًا} لأنّه جعله لخلقه جنّةً يجتنّون فيها ويسكنون، فصار لهم سترًا يستترون به كما يستترون بالثّياب الّتي يلبسونها.
وقوله {والنّوم سباتًا} يقول: وجعل لكم النّوم راحةً تستريح به أبدانكم، وتهدأ به جوارحكم.
وقوله {وجعل النّهار نشورًا} يقول تعالى ذكره: وجعل النّهار يقظةً وحياةً، من قولهم: نشر الميّت، كما قال الأعشى:
حتّى يقول النّاس ممّا رأوا = يا عجبًا للميّت النّاشر
ومنه قول اللّه: {لا يملكون موتًا ولا حياةً ولا نشورًا}.
وكان مجاهدٌ يقول في تأويل ذلك ما:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وجعل النّهار نشورًا} قال: ينشر فيه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وإنّما اخترنا القول الّذي اخترنا في تأويل ذلك، لأنّه عقيب قوله {والنّوم سباتًا} في اللّيل. فإذا كان ذلك كذلك فوصف النّهار بأنّ فيه اليقظة والنّشور من النّوم أشبه إذ كان النّوم أخا الموت.
والّذي قاله مجاهدٌ غير بعيدٍ من الصّواب لأنّ اللّه أخبر أنّه جعل النّهار معاشًا، وفيه الانتشار للمعاش، ولكنّ النّشور مصدرٌ من قول القائل: نشر، فهو بالنّشر من الموت والنّوم أشبه، كما صحّت الرّواية عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه كان يقول إذا أصبح وقام من نومه: الحمد للّه الّذي أحيانًا بعدما أماتنا، وإليه النّشور). [جامع البيان: 17/465-466]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وهو الّذي جعل لكم اللّيل لباسًا والنّوم سباتًا وجعل النّهار نشورًا (47)
قوله تعالى: وهو الّذي جعل لكم اللّيل لباسًا والنّوم سباتًا وجعل النهار نشوراً
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: النّهار نشورًا ينشر فيه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وهو الّذي جعل لكم اللّيل لباسًا والنّوم سباتًا وجعل النّهار نشورًا لمعايشهم ولحوائجهم ولتصرّفهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2704]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وجعل النهار نشورا قال ينتشرون فيه). [تفسير مجاهد: 454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأمّا قوله تعالى: {وجعل النهار نشورا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال: إن النهار اثنتا عشرة ساعة فاول الساعة ما بين طلوع الفجر إلى أن ترى شعاع الشمس ثم الساعة الثانية إذا رأيت شعاع الشمس إلى أن يضيء الاشراق، عند ذلك لم يبق من قرونها شيء وصفا لونها فإذا كانت بقدر ما تريك عينك قيد رحمين فذلك أول الضحى وذلك أو ساعة من ساعات الضحى ثم من بعد ذلك الضحى ساعتين ثم الساعة السادسة حين نصف النهار، فإذا زالت الشمس عن نصف النهار فتلك ساعة صلاة الظهر وهي التي قال الله {أقم الصلاة لدلوك الشمس} ثم من بعد ذلك العشى ساعتين ثم الساعة العاشرة ميقات صلاة العصر وهي الآصال ثم من بعد ذلك ساعتين إلى الليل). [الدر المنثور: 11/186-187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وجعل النهار نشورا {وجعل النهار نشورا} قال: ينشر فيه). [الدر المنثور: 11/187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة {وجعل النهار نشورا} قال: لمعايشهم وحوائجهم وتصرفهم). [الدر المنثور: 11/187]
تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي أرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا (48) لنحيي به بلدةً ميتًا ونسقيه ممّا خلقنا أنعامًا وأناسيّ كثيرًا}.
يقول تعالى ذكره: واللّه الّذي أرسل الرّياح الملقّحة {بشرًا} حياةً أو من الحيا والغيث الّذي هو منزله على عباده.
{وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا} يقول: وأنزلنا من السّحاب الّذي أنشأناه بالرّياح من فوقكم أيّها النّاس ماءً طهورًا). [جامع البيان: 17/467]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وهو الّذي أرسل الرّياح
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: أرسل الرّياح قال: إن الله- وعز وجلّ- يرسل الرّياح فتأتي بالسّحاب من بين الخافقين طرفا السّماء والأرض حيث يلتقيان فيخرجه من ثمّ، ثمّ ينشره فيبسطه في السّماء كيف يشاء ثمّ يفتح أبواب السّماء ليسيل الماء على السّحاب ثمّ تمطر السّحاب بعد ذلك.
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ حدّثني إسحاق بن محمّدٍ المسيّب، عن نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيمٍ، عن جماعةٍ من التّابعين، عن أبيّ بن كعبٍ قال: كلّ شيءٍ في القرآن من الرّياح فهي رحمةٌ وكلّ شيءٍ في القرآن من الرّيح فهو عذابٌ.
قوله تعالى: بشرًا بين يدي رحمته
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عباس قوله: بشرًا بين يدي رحمته قال: يستبشر بها النّاس.
قوله تعالى: بين يدي رحمته
- حدّثني أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: بين يدي رحمته قال: أمّا رحمته فهو المطر.
قوله تعالى: وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا
تقدّم الماء.
- حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ حدّثني أبي حدّثني أبي عن أبيه، عن عكرمة قال ابن عبّاسٍ: إنّ الماء لا ينجّسه شيءٌ يطهّر ولا يطهّره شيءٌ فإنّ اللّه عزّ وجلّ قال: وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا مسدّدٌ، ثنا معتمرٌ، عن جميد الطّويل، عن ثابتٍ، عن أبي رافعٍ أو، عن أبي العالية في طين المطر يصيب ثوب الرّجل فقرأ هذه الآية: وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا
- حدّثنا أبي، ثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، ثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ حدّثني حميدٌ الطّويل، عن ثابتٍ البنانيّ قال: دخلت مع أبي العالية في يومٍ مطيرٍ وطرق البصرة قذرةٌ فصلّى، فقلت له: فقال: وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا قال: طهّره ماء السّماء.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا وهيبٌ، عن داود، عن سعيد بن المسيّب في هذه الآية: وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا قال: أنزل اللّه ماءً طهورًا لا ينجّسه شيءٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2704-2705]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا * لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا.
أخرج عبد بن حميد عن عطاء أنه قرأ {وهو الذي أرسل الرياح} على الجمع بشرا بالباء ورفع الباء بنون فيهما خفيفة). [الدر المنثور: 11/187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد عن مسروق أنه قرأ {الرياح بشرا} بالنون ونصب النون منونة ومخففة). [الدر المنثور: 11/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب في قوله {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} قال: لا ينجسه شيء). [الدر المنثور: 11/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والدار قطني عن سعيد بن المسيب قال: أنزل الله الماء طهورا لا ينجسه شيء). [الدر المنثور: 11/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الماء لا ينجسه شيء، يطهر ولا يطهره شيء فإن الله قال {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} ). [الدر المنثور: 11/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه والدار قطني والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: يا رسول الله انتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن، فقال: إن الماء طهورا لا ينجسه شيء). [الدر المنثور: 11/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن القاسم بن أبي بزة قال: سأل رجل عبد الله بن الزبير عن طين المطر قال: سألتني عن طهورين جميعا قال الله تعالى {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا). [الدر المنثور: 11/189]
تفسير قوله تعالى: (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {لنحيي به بلدةً ميتًا} يعني أرضًا قحطةً عذيّةً لا تنبت.
وقال {بلدةً ميتًا} ولم يقل ميتة، لأنّه أريد بذلك لنحيي به موضعًا ومكانًا ميّتًا {ونسقيه} من خلقنا {أنعامًا} من البهائم {وأناسيّ كثيرًا} يعني الأناسيّ: جمع إنسانٍ وجمع أناسيٍّ، فجعل الياء عوضًا من النّون الّتي في إنسانٍ، وقد يجمع إنسانٌ: أناسين، كما يجمع البستان: باستين.
فإن قيل: أناسيّ جمعٌ واحده إنسيّ فهو مذهبٌ أيضًا محكيّ، وقد يجمع أناسي مخفّفة الياء، وكأنّ من جمع ذلك كذلك أسقط الياء الّتي بين عين الفعل ولامه، كما يجمع القرقور: قراقير وقراقر.
وممّا يصحّح جمعهم إيّاه بالتّخفيف قول العرب: أناسية كثيرةٌ). [جامع البيان: 17/467-468]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لنحيي به بلدةً ميتًا ونسقيه ممّا خلقنا أنعامًا وأناسيّ كثيرًا (49)
قوله تعالى: لنحيي به بلدةً ميتًا
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن جعفرٍ الأحمر، ثنا محمّد بن سليمان بن الأصبهانيّ، عن عمّه عبد الرّحمن، عن عكرمة قال: ما أنزل اللّه عزّ وجلّ من السّماء قطرةً إلا كانت بها في الأرض عشبةً أو في البحر لؤلؤةٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الأشعث، ثنا معتمرٌ قال: سمعت أبي يحدّث، عن سيّارٍ، عن خالد بن يزيد قال: كان عند عبد الملك بن مروان قال: فذكروا الماء فقال خالد بن يزيد: منه من السّماء ومنه ما يسقيه الغيم من البحر فيعذبه الرّعد والبرق، وأمّا ما كان من البحر فلا يكون له نباتٌ، وأمّا النّبات فممّا كان من السّماء.
قوله تعالى: ونسقيه ممّا خلقنا أنعامًا وأناسيّ كثيرًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباط، عن السدي قوله: أنعامًا قال: الرّاعية). [تفسير القرآن العظيم: 8/2706]
تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا، فأبى أكثر النّاس إلاّ كفورًا}.
يقول تعالى ذكره: ولقد قسمنا هذا الماء الّذي أنزلناه من السّماء طهورًا لنحيي به الميت من الأرض بين عبادي ليتذكّروا نعمي عليهم، ويشكروا أياديّ عندهم وإحساني إليهم، {فأبى أكثر النّاس إلاّ كفورًا} يقول: إلاّ جحودًا لنعمي عليهم وأياديّ عليهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: سمعت الحسن بن مسلمٍ، يحدّث طاوسًا، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: ما عامٌ بأكثر مطرًا من عامٍ، ولكنّ اللّه يصرّفه بين خلقه؛ قال: ثمّ قرأ: {ولقد صرّفناه بينهم}.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سليمان التّيميّ، قال: حدّثنا الحسن بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: ما عامٌ بأكثر مطرًا من عامٍ، ولكنّه يصرّفه في الأرضين، ثمّ تلا {ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولقد صرّفناه بينهم} قال: المطر ينزله في الأرض، ولا ينزله في الأرض الأخرى، قال: فقال عكرمة: {صرّفناه بينهم ليذّكّروا}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا} قال: المطر مرّةٌ ههنا، ومرّةٌ ههنا.
- حدّثنا سعيد بن الرّبيع الرّازيّ، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن يزيد بن أبي زيادٍ، أنّه سمع أبا جحيفة، يقول: سمعت عبد اللّه بن مسعودٍ، يقول: ليس عامٌ بأمطر من عامٍ، ولكنّه يصرّفه، ثمّ قال عبد اللّه: {ولقد صرّفناه بينهم}.
وأمّا قوله: {فأبى أكثر النّاس إلاّ كفورًا}: فإنّ القاسم حدّثنا قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة: {فأبى أكثر النّاس إلاّ كفورًا} قال: قولهم في الأنواء). [جامع البيان: 17/468-469]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا معتمرٌ، عن أبيه قال: سمعت الحسن بن مسلم يحدث طاوس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: ما من عامٍ بأكثر مطرًا من عامٍ ولكنّ اللّه يصرّفه بين عباده وقرأ: ولقد صرّفناه بينهم
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن نضر بن عربيٍّ، عن عكرمة ولقد صرّفناه بينهم قال: الغيث يسقي هذه ويمنع هذه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا إسماعيل بن عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد بن كثير بن الصّلت المدينيّ بالمدينة قال: سمعت إسحاق ابن إبراهيم بن فسطاطٍ يقول، عن عمر مولى غفرة قال: كان جبريل في موضع الجنائز فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يا جبريل إنّي أحبّ أن أعلم أمر السّحاب قال: فقال جبريل عليه السّلام يا نبيّ اللّه هذا ملك السّحاب فسأله قال: تأتينا صكاكاً مختمةٌ إسق بلاد كذا وكذا قطرةً.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ أنبأ سعيدٌ، عن قتادة قوله: ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا فأبى أكثر النّاس إلا كفورًا وإنّ اللّه عزّ وجلّ قسّم هذا الرّزق بين عباده وصرّفه بينهم.
قوله تعالى: ليذّكّروا
- حدّثنا أبي ثنا محمود بن خالدٍ وعبد الرّحمن بن إبراهيم دحيمٌ قالا:، ثنا الوليد، ثنا ابن جابرٍ قال: سألت عطاءً الخراسانيّ، عن قول اللّه: ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا قال: القرآن ألا ترى إلى قوله فيها: ولو شئنا لبعثنا في كلّ قريةٍ نذيرًا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادًا كبيرًا
قوله تعالى: فأبى أكثر النّاس إلا كفورًا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن نضر بن عربيٍّ، عن عكرمة: فأبى أكثر النّاس إلا كفورًا قال: قيل له ما كفرهم؟ قال: يقولون: مطرنا بالأنواء فأنزل اللّه في الواقعة: وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2706-2707]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، ثنا إبراهيم، أنبأ يزيد بن هارون، أنبأ سليمان التّيميّ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " ما من عامٍ أمطر من عامٍ، ولكنّ اللّه يصرفه حيث يشاء، ثمّ قرأ: {ولقد صرّفناه بينهم} [الفرقان: 50] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا * ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا * فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولقد صرفناه بينهم} يعني المطر تسقى هذه الأرض وتمنع هذه {ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا} قال عكرمة: قال ابن عباس: قولهم مطرنا بالانواء، فأنزل الله في الواقعة {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} الواقعة الآية 82). [الدر المنثور: 11/189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سنيد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج عن مجاهد {ولقد صرفناه بينهم} قال: المطر، ينزله في الأرض ولا ينزله في أخرى {فأبى أكثر الناس إلا كفورا} قولهم مطرنا بنوء كذا وبنوء كذا). [الدر المنثور: 11/189-190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا} قال: إن الله قسم هذا الرزق بين عباده وصرفه بينهم، قال: وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول: ما كان عام قط أقل مطرا من عام ولكن الله يصرفه بين عباده، قال قتادة: فترزقه الأرض وتحرمه الأخرى). [الدر المنثور: 11/190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس قال: ما من عام بأقل مطرا من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء، ثم قرأ هذه الآية {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا} الآية.
وأخرج الخرائطي في مكارم الاخلاق عن ابن مسعود، مثله). [الدر المنثور: 11/190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال: كان جبريل في موضع الجنائز فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم يا جبريل اني أحب أن أعلم أمر السحاب، فقال جبريل: هذا ملك السحاب فسأله فقال: تأتينا صكاك مختتمة أسقوا بلاد كذا وكذا قطرة). [الدر المنثور: 11/190-191]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطاء الخرساني في قوله {ولقد صرفناه بينهم} قال: ألا ترى إلى قوله {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} ). [الدر المنثور: 11/191]