العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:03 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يونس [ من الآية (37) إلى الآية (41) ]

تفسير سورة يونس
[ من الآية (37) إلى الآية (41) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:04 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه ولكن تصديق الّذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين}.
يقول تعالى ذكره: ما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى من دون اللّه، يقول: ما ينبغي له أن يتخرّصه أحدٌ من عند غير اللّه، وذلك نظير قوله: {وما كان لنبيٍّ أن يغلّ} بمعنى: ما ينبغي لنبيٍّ أن يغلّه أصحابه.
وإنّما هذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه أنّ هذا القرآن من عنده أنزله إلى محمّدٍ عبده، وتكذيبًا منه للمشركين الّذين قالوا: هو شعرٌ وكهانةٌ. والّذين قالوا: إنّما يتعلّمه محمّدٌ من يعيش الرّوميّ.
يقول لهم جلّ ثناؤه: ما كان هذا القرآن ليختلقه أحدٌ من عند غير اللّه، لأنّ ذلك لا يقدر عليه أحدٌ من الخلق. {ولكن تصديق الّذي بين يديه} يقول تعالى ذكره: ولكنّه من عند اللّه أنزله مصدّقًا لما بين يديه؛ أي لما قبله من الكتب الّتي أنزلت على أنبياء اللّه كالتّوراة والإنجيل وغيرهما من كتب اللّه الّتي أنزلها على أنبيائه {وتفصيل الكتاب} يقول: وتبيان الكتاب الّذي كتبه اللّه على أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وفرائضه الّتي فرضها عليهم في السّابق من علمه. {لا ريب فيه} يقول: لا شكّ فيه أنّه تصديق الّذي بين يديه من الكتاب، وتفصيل الكتاب من عند ربّ العالمين، لا افتراءٌ من عند غيره ولا اختلاقٌ). [جامع البيان: 12/181-182]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه ولكن تصديق الّذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين (37)
قوله تعالى: وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله الآية
- أخبرنا محمّد بن سعيدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: بين يديه قال: هو هذا القرآن شاهدًا على التّوراة والإنجيل مصدّقًا بهما.
قوله تعالى: تفصيل الكتاب لا ريب فيه
- حدّثنا أبي، ثنا أبو اليمان الحكم بن نافعٍ، ثنا جرير بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن أبي عوفٍ، عن عبد الرّحمن بن مسعودٍ الفزاريّ، عن أبي الدّرداء الرّيب يعني: الشّكّ من الكفر
قال أبو محمّدٍ ولا أعلم في هذا الحرف اختلافًا بين المفسّرين منهم ابن عبّاسٍ وسعيد بن جبيرٍ وأبو مالكٍ ونافعٌ ثنا ابن عمر وعطاء بن أبي رباحٍ وأبو العالية والرّبيع وقتادة ومقاتل بن حيّان والسّدّيّ وإسماعيل بن أبي خالد.
قوله: من رب العالمين
قد تقدم تفسير: رب العالمين). [تفسير القرآن العظيم: 6/1952-1953]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين}.
يقول تعالى ذكره: أم يقول هؤلاء المشركون: افترى محمّدٌ هذا القرآن من نفسه، فاختلقه وافتعله. قل يا محمّد لهم: إن كان كما تقولون أنّي اختلقته وافتريته، فإنّكم مثلي من العرب، ولساني وكلامي مثل لسانكم، فجيئوا بسورةٍ مثل هذا القرآن.
والهاء في قوله {مثله} كنايةٌ عن القرآن.
وقد كان بعض نحويّي البصرة يقول: معنى ذلك: قل فأتوا بسورةٍ مثل سورته، ثمّ ألقيت سورةٌ وأضيف المثل إلى ما كان مضافًا إليه السّورة، كما قيل: {واسأل القرية} [يوسف] يراد به: واسأل أهل القرية.
وكان بعضهم ينكر ذلك من قوله ويزعم أنّ معناه: فأتوا بقرآنٍ مثل هذا القرآن.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّ السّورة إنّما هي سورةٌ من القرآن، وهي قرآنٌ، وإن لم تكن جميع القرآن، فقيل لهم: {فأتوا بسورةٍ من مثله} ولم يقل: مثلها، لأنّ الكناية أخرجت على المعنى، أعني معنى السّورة، لا على لفظها، لأنّها لو أخرجت على لفظها لقيل: فأتوا بسورةٍ مثلها.
{وادعوا من استطعتم مّن دون الله} يقول: وادعوا أيّها المشركون على أن يأتوا بسورةٍ مثلها من قدرتم أن تدعوا على ذلك من أوليائكم وشركائكم {من دون اللّه} يقول: من عند غير اللّه، فأجمعوا على ذلك واجتهدوا، فإنّكم لا تستطيعون أن تأتوا بسورةٍ مثله أبدًا.
وقوله: {إن كنتم صادقين} يقول: إن كنتم صادقين في أنّ محمّدًا افتراه، فأتوا بسورةٍ مثله من جميع من يعينكم على الإتيان بها، فإن لم تفعلوا ذلك فلا شكّ أنّكم كذبةٌ في زعمكم أنّ محمّدًا افتراه؛ لأنّ محمّدًا لن يعدو أن يكون بشرًا مثلكم، فإذا عجز الجميع من الخلق أن يأتوا بسورةٍ مثله، فالواحد منهم عن أن يأتي بجميعه أعجز). [جامع البيان: 12/182-183]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين (38)
قوله تعالى: أم يقولون افتراه
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن رستم، ثنا محمّد بن الحسن الصنعاني، ثنا منذر ابن النّعمان الأفطس، عن وهب بن منبّهٍ قال: الكذب هو الفرية وإنّ رأس الفرية الكذب على اللّه ثمّ هو ما بين ذلك حتى يأتي... كذب وما بين الكفر باللّه كفرٌ يأتي كفر النّعم.
قوله تعالى: فأتوا بسورةٍ مثله
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: فأتوا بسورةٍ مثله قال: مثل هذا القرآن.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سفيان، عن قتادة، قوله: فأتوا بسورةٍ مثله قال: مثل هذا القرآن حقًّا وصدقًا لا باطل فيه ولا كذب.
قوله تعالى: وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد ابن إسحاق فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ وادعوا من استطعتم من أعوانكم على ما أنتم عليه إن كنتم صادقين.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وادعوا قال: ناسٌ يشهدون به). [تفسير القرآن العظيم: 6/1953]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله كذلك كذّب الّذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين}.
يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء المشركين يا محمّد تكذيبك، ولكن بهم التّكذيب {بما لم يحيطوا بعلمه} ممّا أنزل اللّه عليك في هذا القرآن من وعيدهم على كفرهم بربّهم، {ولمّا يأتهم تأويله} يقول: ولمّا يأتهم بعد بيان ما يئول إليه ذلك الوعيد الّذي توعّدهم اللّه في هذا القرآن. {كذلك كذّب الّذين من قبلهم} يقول تعالى ذكره: كما كذّب هؤلاء المشركون يا محمّد بوعيد اللّه، كذلك كذّب الأمم الّتي خلت قبلهم بوعيد اللّه إيّاهم على تكذيبهم رسلهم وكفرهم بربّهم. {فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فانظر يا محمّد كيف كان عقبى كفر من كفر باللّه، ألم نهلك بعضهم بالرّجفة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالغرق؟ يقول: فإنّ عاقبة هؤلاء الّذين يكذّبونك، ويجحدون بآياتي من كفّار قومك، كالّتي كانت عاقبة من قبلهم من كفرة الأمم، إن لم ينيبوا من كفرهم ويسارعوا إلى التّوبة). [جامع البيان: 12/184]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله كذلك كذّب الّذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين (39)
قوله عزّ وجلّ: بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي الحسين، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: الظالمين فنفاهم الله ظالمين بشركهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1953]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومنهم من يؤمن به ومنهم مّن لاّ يؤمن به وربّك أعلم بالمفسدين}.
يقول تعالى ذكره: ومن قومك يا محمّد من قريشٍ من سوف يؤمن به، يقول: من سوف يصدّق بالقرآن، ويقرّ أنّه من عند اللّه. {ومنهم من لا يؤمن به} أبدًا، يقول: ومنهم من لا يصدّق به، ولا يقرّ أبدًا. {وربّك أعلم بالمفسدين} يقول: واللّه أعلم بالمكذّبين به منهم، الّذين لا يصدّقون به أبدًا من كلّ أحدٍ لا يخفى عليه، وهو من وراء عقابه. فأمّا من كتبت له أن يؤمن به منهم فإنّي سأتوب عليه). [جامع البيان: 12/184]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربّك أعلم بالمفسدين (40)
قوله تعالى: ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربّك أعلم بالمفسدين
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن جعفرٍ، ثنا مسلمٌ عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: أنّ اللّه لا يخفى عليه الّذين يريدون منك الإصلاح والإفساد). [تفسير القرآن العظيم: 6/1954]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: وإن كذّبك يا محمّد هؤلاء المشركون وردّوا عليك ما جئتهم به من عند ربّك، فقل لهم: أيّها القوم لي ديني وعملي، ولكم دينكم وعملكم، لا يضرّني عملكم ولا يضرّكم عملي، وإنّما يجازى كلّ عاملٍ بعمله. {أنتم بريئون ممّا أعمل} لا تؤاخذون بجريرته، {وأنا بريءٌ ممّا تعملون} لا أؤاخذ بجريرة عملكم. وهذا كما قال جلّ ثناؤه: {قل يا أيّها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد}.
وقيل: إنّ هذه الآية منسوخة، نسخها الجهاد والأمر بالقتال.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم}. الآية، قال: أمره بهذا ثمّ نسخه، وأمره بجهادهم). [جامع البيان: 12/185]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون (41)
قوله تعالى: وإن كذّبوك فقل لي عملي الآية
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، في قول اللّه: وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون قال: أمره بهذا ثمّ نسخه فأمره بجهادهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1954]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 43.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وإن كذبوك فقل لي عملي} الآية، قال: أمره بهذا ثم نسخه فأمره بجهادهم). [الدر المنثور: 7/663]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:08 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما كان هذا القرآن أن يفترى...}
المعنى - والله أعلم -: ما كان ينبغي لمثل هذا القرآن أن يفترى. وهو في معنى: ما كان هذا القرآن ليفترى. ومثله {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} أي ما كان ينبغي لهم أن ينفروا؛
لأنهم قد كانوا نفروا كافّة، فدلّ المعنى على أنه لا ينبغي لهم أن يفعلوا مرّة أخرى. ومثله {وما كان لنبيّ أن يغلّ} أي ما ينبغي لنبيّ أن يغلّ، ولا يغل. فجاءت {أن} على معنى ينبغي؛ كما قال {مالك ألاّ تكون مع الساجدين} والمعنى: منعك، فأدخلت {أن} في {مالك} إذا كان معناها: ما منعك. ويدلّ على أن معناهما واحد أنه قال له في موضع: {ما منعك}، وفي موضع {مالك} وقصّة إبليس واحدة). [معاني القرآن: 1/464]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله} و{ما كان حديثا يفترى} فالمعنى والله أعلم: ما كان هذا القرآن لأن يفترى؛ أي للفرية، فيصير {أن يفترى} خبرًا في موضع نصب.
قال الشاعر:
لسان السوء يهديها إلينا = وحنت وما حسبتك أن تحينا
وزعم يونس أنه جائز عنده: حسبتك أن تذهب؛ وظننتك أن تأتي؛ يصير الخبر في "أن تحينا"؛ كأنه قال: ما حسبتك للحين.
[معاني القرآن لقطرب: 668]
ووجه آخر تكون الآية عليه: وما كان هذا القرآن أن يفترى؛ أي كي يفترى؛ أي ما وقع وما نزل كي يفترى؛ تصير "كان" التي، يقتصر فيها على اسم واحد؛ كقولك: كان الأمر، وكان ذاك؛ وهذا يصير مثل {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه}؛ كأنه قال: ما كان لأن يذر، والوجه الآخر: كي يذره.
وأما قوله عز وجل في براءة {إنما يريد الله ليعذبهم} فيكون ذلك على ثلاثة أوجه:
فوجه منها: إنما يريد الله كي يعذبهم.
والوجه الآخر: أن يعذبهم؛ أي يريد عذابهم، وتكون اللام توكيدًا.
والوجه الثالث: {إنما يريد الله ليعذبهم}؛ أي إرادته لهذا؛ أي كان الأمر لهذا؛ وقالوا في كلامهم ثمل ذلك: "ما أراد ليفعل، وما أمرت لأفعل"، وكذلك قول الله عز وجل {وأمرت لأن أكون} يكون وأمرت لهذا.
قال الأغلب:
إذا تفصى من شباه صلصلا = قد كاد من عجب بها ليصهلا
فأدخل اللام في يصهل.
وقال الآخر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما = تمثل لي ليلى بكل سبيل
وقال الجعدي:
ألم تر يوم الحبوة الشأن إذ غدت = عليكم خصيف لا تريد لتنكلا
فأدخل اللام في "تنكل".
[معاني القرآن لقطرب: 669]
ومنه قول الله عز وجل {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} وهو محكي عن العرب: أراد ليفعل ذاك.
قال الله عز وجل {ولكن تصديق الذي بين يديه}؛ كأنه قال: ولكن كان تصديق الذي، والرفع جائز في الإعراب؛ الرفع على الابتداء؛ كأنه قال: ولكن هو تصديق الذي بين يديه). [معاني القرآن لقطرب: 670]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه} أي يضاف إلى غيره، أو يختلق). [تفسير غريب القرآن: 197]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه ولكن تصديق الّذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين}
هذا جواب لقولهم: {ائت بقرآن غير هذا أو بدّله}.
وجواب لقولهم افتراه، والمعنى وما كان هذا القرآن لأن يفترى من دون الله ويجوز أن يكون المعنى: وما كان هذا القرآن افتراء، كما تقول: وما كان هذا الكلام كذبا.
{ولكن تصديق الّذي بين يديه}.
وفيه وجهان:
أحدهما أن يكون تصديق الشيء الذي القرآن بين يديه، أي الذي قبل سماعكم القرآن، أي تصديق من أنباء الأمم السالفة وأقاصيص أنبائهم.
ويجوز أن يكون " ولكن تصديق الذي بين يدي القرآن "، أي تصديق الشيء الذي تقدمه القرآن أي يدل على البعث والنشور.
وقرئ ولكن تصديق الذي بين يديه، فمن نصب فإن المعنى ولكن كان تصديق الذي بين يديه، ومن رفع فعلى ولكن تصديق الذي هو بين يديه.
ومن رفع قال: {وتفصيل الكتاب} ). [معاني القرآن: 3/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله} معناه لأن يفترى أي لأن يختلق
ويجوز أن يكون المعنى وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله كما تقول وما كان هذا القرآن كذبا
ثم قال جل وعز: {ولكن تصديق الذي بين يديه}
يجوز أن يكون المعنى ولكن تصديق الشيء الذي القرآن بين يديه أي يصدق ما تقدمه من الكتب وأنباء الأمم
ويجوز أن يكون المعنى أنه يصدق ما لم يأت من أمر الساعة). [معاني القرآن: 3/293]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا ريب فيه من ربّ العالمين}{أم يقولون}مجاز أم ها هنا مجاز الواو ويقولون). [مجاز القرآن: 1/278]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {افتراه} أي اختلقه وابتشكه). [مجاز القرآن: 1/278]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مّثله وادعوا من استطعتم مّن دون اللّه إن كنتم صادقين}
وقال: {فأتوا بسورةٍ مّثله} وهذا - والله أعلم - "على مثل سورته" وألقى السورة كما قال: {واسأل القرية} يريد "أهل القرية"). [معاني القرآن: 2/35]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين}
المعنى بل أيقولون افتراه هذا تقرير لهم لإقامة الحجة عليهم:
{قل فأتوا بسورة مثله} أي أتقولون النبي اختلقه وأتى به من ذات نفسه، فأتوا بسورة من مثله.
أي بسورة مثل سورة منه، وإنما قيل مثله، يراد سورة منه لأنه إنما التمس من هذا شبه الجنس.
{وادعوا من استطعتم} ممن هو في التكذيب مثلكم، وإن خالفكم في أشياء.
{إن كنتم صادقين} في أنّه اختلقه). [معاني القرآن: 3/21]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله}
المعنى بسورة مثل سوره مثل {واسأل القرية} والمراد الجنس
وقيل المعنى فأتوا بقرآن مثل هذا القرآن والسورة قرآن فكنى عنها بالتذكير على المعنى ولو كان على اللفظ لقيل مثلها
ثم قال جل وعز: {وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين}أي ادعوا من يعينكم ممن يذهب إلى مذهبكم إن كنتم صادقين أنه مفترى). [معاني القرآن: 3/293-294]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولمّا يأتهم تأويله} أي عاقبته). [تفسير غريب القرآن: 197]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله كذلك كذّب الّذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين}
هذا - واللّه أعلم - قيل في الذين كذبوا، وهم شاكون {ولمّا يأتهم تأويله}.
أي لم يكن معهم علم تأويله، وهذا دليل أن علم التأويل ينبغي أن ينظر فيه، ويجوز أن يكون: {ولمّا يأتهم تأويله} لم يأتهم ما يؤول إليه أمرهم في التكذيب به من العقوبة.
ودليل هذا القول: {كذّب الّذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين}.
{كيف} في موضع نصب على خبر كان، ولا يجوز أن يعمل فيها.. " انظر " لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل فيه). [معاني القرآن: 3/21]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه}
قيل يراد بهذا والله أعلم من كذب وهو شاك
وقيل بما لم يحيطوا بعلمه أي بما فيه من الوعيد على كفرهم
{ولما يأتهم تأويله} أي ما يؤول إليه ذلك الوعيد
وقيل {ولما يأتهم تأويله} أي لم يعرفوه فهذا يدل على
أنه يجب أن ينظر في التأويل
ويجوز أن يكون المعنى ولما يأتهم ما يؤول إليه أمرهم من العقاب). [معاني القرآن: 3/294-295]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُه} أي عاقبته). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 102]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربّك أعلم بالمفسدين}
أي منهم من يعلم أنه حق فيصدّق به، أو يعاند فيظهر الكفر، {ومنهم من لا يؤمن به} أي منهم من يشك ولا يصدّق). [معاني القرآن: 3/21-22]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين}
أي منهم من يعلم أنه حق ويظهر الكفر عنادا وإبقاء على رياسته ومنهم من لا يؤمن به في السر والعلانية
وقوله جل وعز: {ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم} أي ظاهرهم ظاهر من يستمعون وهم لشدة عداوتهم وانحرافهم عن النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الصم).
[معاني القرآن: 3/295]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)}


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:08 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) }

تفسير قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الله عز وجل وله المثل الأعلى: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}. وقال: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ}. وقد اعترض معترض من الجهالة الملحدين، في هذه الآية. فقال: إنما يمثل الغائب بالحاضر، ورؤوس الشياطين لم نرها، فكيف يقع التمثيل بها! وهؤلاء في هذا القول كما قال الله جل وعز: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ}. وهذه الآية قد جاء تفسيرها على ضربين: أحدهما، أن شجرًا يقال له الأستن، منكر الصورة يقال لثمره: رؤوس الشياطين، وهو الذي ذكره النابغة في قوله:
تحيد عن أستن سود أسافله
وزعم الأصمعي أن هذا الشجر يسمى الصوم.
والقول الآخر - وهو الذي يسبق إلى القلب - أن الله جل ذكره شنع صورة الشياطين في قلوب العباد. فكان7 ذلك أبلغ من المعاينة، ثم مثل هذه الشجرة مما تنفر منه كل نفس). [الكامل: 2/996-997] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: أي الرجلين هندٌ ضاربها أبوها، لم يكن كلاماً؛ لأن أيّاً ابتداءٌ ولم تأت له بخبر.
فإن قلت: هند ضاربها أبوها في موضع خبره لم يجز؛ لأن الخبر إذا كان غير الابتداء فلا بد من راجع إليه.
ولو قلت: أي من في الدار إن يأتيا نأته، كان جيد. كأنك قلت: أي القوم إن يأتنا نأته؛ لأن من تكون جمعاً على لفظ الواحد وكذلك الاثنان. قال الله عز وجل: {ومنهم من يستمع إليك} وقال: {ومنهم من يستمعون إليك} وقال: {ومنهم من يؤمن به} فحمل على اللفظ. وقال: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسنٌ فله أجره عند ربه ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} فحمل مرة على اللفظ، ومرة على المعنى. وقال الشاعر، فحمل على المعنى:
تعش، فإن عاهدتني لا تخونني = نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فهذا مجاز هذه الحروف.
فأما من فإنه لا يعنى بها في خبرٍ ولا استفهام ولا جزاءٍ إلا ما يعقل. لا تقول في جواب من عندك?: فرسٌ ولا متاع، إنما تقول: زيدٌ أو هند. قال الله عز وجل: {فمن كان يرجو لقاء ربه} وقال عز وجل يعني الملائكة: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته} وقال جل اسمه: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}.
فأما ما فتكون لذوات غير الآدميين، ولنعوت الآدميين. إذا قال: ما عندك? قلت: فرسٌ، أو بعيرٌ، أو متاع أو نحو ذلك. ولا يكون جوابه زيدٌ ولا عمرو. ولكن يجوز أن يقول: ما زيدٌ? فتقول: طويلٌ أو قصير أو عاقل أو جاهل.
فإن جعلت الصفة في موضع الموصوف على العموم جاز أن تقع على ما يعقل.
ومن كلام العرب: سبحان ما سبح الرعد بحمده، وسبحان ما سخركن لنا.
وقال عز وجل: {والسماء وما بناها}. فقال قوم: معناه: ومن بناها. وقال آخرون: إنما هو: والسماء وبنائها. كما تقول: بلغني ما صنعت، أي صنيعك؛ لأن ما إذا وصلت بالفعل كانت مصدراً.
وكذلك قوله عز وجل: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} قال قوم: معناه: أو ملك أيمانهم. وقال آخرون: بل هو: أو من.
فأما أي والذي فعامتان، تقعان على كل شيءٍ على ما شرحته لك في أي خاصةً). [المقتضب: 2/294-295] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فـ"من" تقع للواحد والاثنين والجميع والمؤنث على لفظ واحد، فإن شئت حملت خبرها على لفظها فقلت: من في الدار يحبك، عنيت جميعًا أو اثنين أو واحدًا أو مؤنثًا، وإن شئت حملته على المعنى فقلت: يحبانك، وتحبك إذا عنيت امرأة ويحبونك إذا عنيت جميعًا كل ذلك جائز جيد، وقال الله عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ}. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي}. وقال فحمل على المعنى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}. وقرأ أبو عمرو: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا} فحمل الأول على اللفظ والثاني على المعنى. وفي القرآن: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ}.
فهذا كله على اللفظ، ثم قال: {وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} على المعنى). [الكامل: 1/478]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:09 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:09 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 05:41 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 05:41 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه ولكن تصديق الّذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين (37) أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين (38)
هذا نفي قول من قال من قريش إن محمدا يفتري القرآن وينسبه إلى الله تعالى، وعبر عن ذلك بهذه الألفاظ التي تتضمن تشنيع قولهم وإعظام الأمر كما قال تعالى: وما كان لنبيٍّ أن يغلّ [آل عمران: 161] وكما قال حكاية عن عيسى عليه السلام ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍّ[المائدة: 116] ونحو هذا مما يعطي المعنى والقرائن والبراهين استحالته، ويفترى معناه: يختلق وينشأ، وكأن المرء يفريه من حديثه أي يقطعه ويسمه سمة، فهو مشتق من فريت إذا قطعت لإصلاح، وتصديق نصب على المصدر والعامل فيه فعل مضمر، وقال الزجّاج: هو خبر «كان» مضمرة، والتقدير ولكن كان تصديق الذي بين يديه، وقوله الّذي بين يديه يريد التوراة والإنجيل، والذي بين اليد هو المتقدم للشيء، وقالت فرقة في هذه الآية: إن الذي بين يديه هي أشراط الساعة وما يأتي من الأمور.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا خطأ، والأمر بالعكس كتاب الله تعالى بين يدي تلك، أما أن الزجّاج تحفظ فقال: الضمير يعود على الأشراط، والتقدير ولكن تصديق الذي بين يديه القرآن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا أيضا قلق، وقيام البرهان على قريش حينئذ إنما كان في أن يصدق القرآن ما في التوراة والإنجيل مع أن الآتي بالقرآن ممن يقطعون أنه لم يطالع تلك الكتب ولا هي في بلده ولا في قومه، وتفصيل الكتاب هو تبيينه، ولا ريب فيه يريد هو في نفسه على هذه الحالة وإن ارتاب مبطل فذلك لا يلتفت إليه). [المحرر الوجيز: 4/ 481]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله أم يقولون افتراه الآية، أم هذه ليست بالمعادلة لألف الاستفهام التي في قولك أزيد قام أم عمرو، وإنما هي التي تتوسط الكلام، ومذهب سيبويه أنها بمنزلة الألف وبل لأنها تتضمن استفهاما وإضرابا عما تقدم، وهي كقولهم: إنها لا بل أم شاء، وقالت فرقة في أم هذه: هي بمنزلة ألف الاستفهام، ثم عجزهم في قوله قل فأتوا بسورةٍ مثله والسورة مأخوذة من سورة البناء وهي من القرآن هذه القطعة التي لها مبدأ وختم، والتحدي في هذه الآية وقع بجهتي الإعجاز اللتين في القرآن:
إحداهما النظم والرصف والإيجاز والجزالة، كل ذلك في التعريف بالحقائق، والأخرى المعاني من الغيب لما مضى ولما يستقبل، وحين تحداهم بعشر مفتريات إنما تحداهم بالنظم وحده.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: هكذا قول جماعة من المتكلمين، وفيه عندي نظر، وكيف يجيء التحدي بمماثلة في الغيوب ردا على قولهم افتراه، وما وقع التحدي في الآيتين هذه وآية العشر السور إلا بالنظم والرصف والإيجاز في التعريف بالحقائق، وما ألزموا قط إتيانا بغيب، لأن التحدي بالإعلام بالغيوب كقوله وهم من بعد غلبهم سيغلبون [الروم: 3]، وكقوله لتدخلنّ المسجد الحرام [الفتح: 27] ونحو ذلك من غيوب القرآن فبين أن البشر مقصر عن ذلك، وأما التحدي بالنظم فبين أيضا أن البشر مقصر عن نظم القرآن إذ الله عز وجل قد أحاط بكل شيء علما، فإذا قدر الله اللفظة في القرآن علم بالإحاطة اللفظة التي هي أليق بها في جميع كلام العرب في المعنى المقصود، حتى كمل القرآن على هذا النظام الأول فالأول، والبشر مع أن يفرض أفصح العالم، محقوق بنيان وجهل بالألفاظ والحق وبغلط وآفات بشرية، فمحال أن يمشي في اختياره على الأول فالأول، ونحن نجد العربي ينقح قصيدته- وهي الحوليات- يبدل فيها ويقدم ويؤخر، ثم يدفع تلك القصيدة إلى أفصح منه فيزيد في التنقيح، ومذهب أهل الصرفة مكسور بهذا الدليل، فما كان قط في العالم إلا من فيه تقصير سوى من يوحي إليه الله تعالى،
وميّزت فصحاء العرب هذا القدر من القرآن وأذعنت له لصحة فطرتها وخلوص سليقتها وأنهم يعرف بعضهم كلام بعض ويميزه من غيره، كفعل الفرزدق في أبيات جرير، والجارية في شعر الأعشى، وقول الأعرابي «عرفجكم» فقطع ونحو ذلك مما إذا تتبع بان. والقدر المعجز من القرآن ما جمع الجهتين: اطراد النظم والسرد، وتحصيل المعاني وتركيب الكثير منها في اللفظ القليل: فأما مثل قوله تعالى: مدهامّتان [الرحمن: 64] وقوله ثمّ نظر [المدثر: 21] فلا يصح التحدي بالإتيان بمثله لكن بانتظامه واتصاله يقع العجز عنه، وقوله مثله صفة للسورة والضمير عائد على القرآن المتقدم الذكر، كأنه قال: فأتوا بسورة مثل القرآن أي في معانيه وألفاظه، وخلطت فرق في قوله مثله من جهة اللسان كقول الطبري: ذلك على المعنى، ولو كان على اللفظ لقال: «مثلها»، وهذا وهم بيّن لا يحتاج إليه، وقرأ عمرو بن فائد «بسورة مثله»، على الإضافة، قال أبو الفتح: التقدير بسورة كلام مثله، قال أبو حاتم: أمر عبد الله الأسود أن يسأل عمر عن إضافة «سورة» أو تنوينها فقال له عمر كيف شئت، وقوله وادعوا من استطعتم إحالة على شركائهم وجنهم وغير ذلك، وهو كقوله في الآية الأخرى، لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً [الإسراء: 88] أي معينا، وهذا أشد إقامة لنفوسهم وأوضح تعجيزا لهم). [المحرر الوجيز: 4/ 481-483]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله كذلك كذّب الّذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين (39) ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربّك أعلم بالمفسدين (40) وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون (41) ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصّمّ ولو كانوا لا يعقلون (42) ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون (43)
المعنى: ليس الأمر كما قالوا في أنه مفترى بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه، وهذا اللفظ يحتمل معنيين: أحدهما أن يريد بها الوعيد الذي توعدهم الله عز وجل على الكفر، وتأويله على هذا يراد به ما يؤول إليه أمره كما هو في قوله هل ينظرون إلّا تأويله [الأعراف: 53]، والآية بجملتها على هذا التأويل تتضمن وعيدا، والمعنى الثاني أنه أراد بل كذبوا بهذا القرآن العظيم المنبئ بالغيوب الذي لم تتقدم لهم به معرفة ولا أحاطوا بعلم غيوبه وحسن نظمه ولا جاءهم تفسير ذلك وبيانه، والّذين من قبلهم يريد من سلف من أمم الأنبياء، قال الزجّاج كيف في موضع نصب على خبر كان ولا يجوز أن يعمل فيها «انظر» لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل فيه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: هذا قانون النحويين لأنهم عاملوا «كيف» في كل مكان معاملة الاستفهام المحض في قولك: كيف زيد، ول «كيف» تصرفات غير هذا، تحل محل المصدر الذي هو كيفية وتخلع معنى الاستفهام، ويحتمل هذا أن يكون منها ومن تصرفاتها قولهم: كن كيف شئت، وانظر قول البخاري:كيف كان بدء الوحي فإنه لم يستفهم، وذكر الفعل المسند إلى «العاقبة» لما كانت بمعنى المآل ونحوه وليس تأنيثها بحقيقي). [المحرر الوجيز: 4/ 484-485]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ومنهم من يؤمن به الآية، الضمير في منهم عائد على قريش، ولهذا الكلام معنيان قالت فرقة: معناه من هؤلاء القوم من سيؤمن في المستقبل ومنهم من حتم الله أنه لا يؤمن به أبدا، وقالت فرقة: معناه من هؤلاء القوم من هو مؤمن بهذا الرسول إلا أنه يكتم إيمانه وعلمه بأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإعجاز القرآن حق، حفظا لرياسته أو خوفا من قومه، كالفتية الذين خرجوا إلى بدر مع الكفار فقتلوا فنزل فيهم إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم [النساء: 97] وكالعباس ونحو هذا، ومنهم من ليس بمؤمن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفائدة الآية على هذا التأويل التفرق لكلمة الكفار، وإضعاف نفوسهم، وأن يكون بعضهم على وجل من بعض، وفي قوله وربّك أعلم بالمفسدين، تهديد ووعيد). [المحرر الوجيز: 4/ 485]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله وإن كذّبوك، آية مناجزة لهم ومتاركة وفي ضمنها وعيد وتهديد، وهذه الآية نحو قوله قل يا أيّها الكافرون [الكافرون: 1] إلى آخر السورة، وقال كثير من المفسرين منهم ابن زيد: هذه الآية منسوخة بالقتال لأن هذه مكية، وهذا صحيح). [المحرر الوجيز: 4/ 485]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 05:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 05:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه ولكن تصديق الّذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين (37) أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين (38) بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله كذلك كذّب الّذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين (39) ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربّك أعلم بالمفسدين (40)}
هذا بيانٌ لإعجاز القرآن، وأنّه لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله، ولا بعشر سورٍ، ولا بسورةٍ من مثله، لأنّه بفصاحته وبلاغته ووجازته وحلاوته، واشتماله على المعاني العزيزة [للعزيرة] النّافعة في الدّنيا والآخرة، لا يكون إلّا من عند اللّه الّذي لا يشبهه شيءٌ في ذاته ولا صفاته، ولا في أفعاله وأقواله، فكلامه لا يشبه كلام المخلوقين؛ ولهذا قال تعالى: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه} أي: مثل هذا القرآن لا يكون إلّا من عند اللّه، ولا يشبه هذا كلام البشر، {ولكن تصديق الّذي بين يديه} أي: من الكتب المتقدّمة، ومهيمنًا عليها، ومبيّنًا لما وقع فيها من التّحريف والتّأويل والتّبديل.
وقوله: {وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين} أي: وبيان الأحكام والحلال والحرام، بيانًا شافيًا كافيًا حقًّا لا مرية فيه من اللّه ربّ العالمين، كما تقدّم في حديث الحارث الأعور، عن عليّ بن أبي طالبٍ: "فيه خبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وفصل ما بينكم"، أي: خبر عمّا سلف وعمّا سيأتي، وحكمٌ فيما بين النّاس بالشّرع الّذي يحبّه اللّه ويرضاه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 268-269]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين} أي: إن ادّعيتم وافتريتم وشككتم في أنّ هذا من عند اللّه، وقلتم كذبًا ومينا: "إنّ هذا من عند محمّدٍ"، فمحمّدٌ بشرٌ مثلكم، وقد جاء فيما زعمتم بهذا القرآن، فأتوا أنتم بسورةٍ مثله، أي: من جنس القرآن، واستعينوا على ذلك بكلّ من قدرتم عليه من إنسٍ وجانٍّ.
وهذا هو المقام الثّالث في التّحدّي، فإنّه تعالى تحدّاهم ودعاهم، إن كانوا صادقين في دعواهم، أنّه من عند محمّدٍ، فلتعارضوه بنظير ما جاء به وحده واستعينوا بمن شئتم وأخبر أنّهم لا يقدرون على ذلك، ولا سبيل لهم إليه، فقال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا} [الإسراء: 88]، ثمّ تقاصر معهم إلى عشر سورٍ منه، فقال في أوّل سورة هودٍ: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفترياتٍ وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين} [هودٍ: 13]، ثمّ تنازل إلى سورةٍ، فقال في هذه السّورة: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين} وكذا في سورة البقرة -وهي مدنيّةٌ -تحدّاهم بسورةٍ منه، وأخبر أنّهم لا يستطيعون ذلك أبدًا، فقال: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتّقوا النّار} الآية: [البقرة: 24].
هذا وقد كانت الفصاحة من سجاياهم، وأشعارهم ومعلّقاتهم إليها المنتهى في هذا الباب، ولكن جاءهم من اللّه ما لا قبل لأحدٍ به، ولهذا آمن من آمن منهم بما عرف من بلاغة هذا الكلام وحلاوته، وجزالته وطلاوته، وإفادته وبراعته، فكانوا أعلم النّاس به، وأفهمهم له، وأتبعهم له وأشدّهم له انقيادًا، كما عرف السّحرة، لعلمهم بفنون السّحر، أنّ هذا الّذي فعله موسى، عليه السّلام، لا يصدر إلّا عن مؤيّد مسدد مرسلٍ من اللّه، وأنّ هذا لا يستطاع لبشرٍ إلّا بإذن اللّه. وكذلك عيسى، عليه السّلام، بعث في زمان علماء الطّبّ ومعالجة المرضى، فكان يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن اللّه، ومثل هذا لا مدخل للعلاج والدّواء فيه، فعرف من عرف منهم أنّه عبد اللّه ورسوله؛ ولهذا جاء في الصّحيح، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "ما من نبيٍّ من الأنبياء إلّا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنّما كان الّذي أوتيته وحيًا أوحاه اللّه إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 269]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله} يقول: بل كذّب هؤلاء بالقرآن، ولم يفهموه ولا عرفوه، {ولمّا يأتهم تأويله} أي: ولم يحصّلوا ما فيه من الهدى ودين الحقّ إلى حين تكذيبهم به جهلًا وسفهًا {كذلك كذّب الّذين من قبلهم} أي: من الأمم السّالفة {فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين} أي: فانظر كيف أهلكناهم بتكذيبهم رسلنا ظلمًا وعلوًّا، وكفرًا وعنادًا وجهلًا فاحذروا أيّها المكذّبون أن يصيبكم ما أصابهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 270]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربّك أعلم بالمفسدين} أي: ومن هؤلاء الّذين بعثت إليهم يا محمّد من يؤمن بهذا القرآن، ويتّبعك وينتفع بما أرسلت به، {ومنهم من لا يؤمن به} بل يموت على ذلك ويبعث عليه، {وربّك أعلم بالمفسدين} أي: وهو أعلم بمن يستحقّ الهداية فيهديه، ومن يستحقّ الضّلالة فيضلّه، وهو العادل الّذي لا يجور، بل يعطي كلًّا ما يستحقّه، تبارك وتعالى وتقدّس وتنزّه، لا إله إلّا هو). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 270]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون (41) ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصّمّ ولو كانوا لا يعقلون (42) ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون (43) إنّ اللّه لا يظلم النّاس شيئًا ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون (44)}
يقول تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: وإنّ كذبّك هؤلاء المشركون، فتبرّأ منهم ومن عملهم، {فقل لي عملي ولكم عملكم} كقوله تعالى: {قل يا أيّها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابدٌ ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دين} [سورة الكافرون]. وقال إبراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين: {إنّا برآء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتّى تؤمنوا باللّه وحده} [الممتحنة: 4]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 270]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة