العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:29 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ من الآية (58) إلى الآية (60) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة أن ابن عباس قال في قوله تعالى ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرت قال ثلاث آيات محكمات لا يعمل بهن أحد هذه الآية إحداهن وأخرى قال الله يا أيها الناس إنا خلقنكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقكم فأبيتم أنتم إلا فلانا وفلانا). [تفسير عبد الرزاق: 2/62]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري قال المملوكون ومن لم يبلغ الحلم يستأذنوا في هذه الثلاث الساعات صلاة العشاء التي تسمى العتمة وقبل صلاة الفجر ونصف النهار فإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فإنهم يستأذنون على كل حال لا يدخل الرجل على والديه إلا بإذن قال وذلك قوله وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/62]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عاصم عن أبي رزيق قال خاصم نافع ابن الأزرق ابن عباس فقال هل تجد الصلوات الخمس في القرآن قال ابن عباس نعم ثم قرأ عليه {فسبحان الله حين تمسون} المغرب {وحين تصبحون} الفجر {وعشيا} العصر {وحين تظهرون} الظهر ثم قرأ {ومن بعد صلاة العشاء}). [تفسير عبد الرزاق: 2/103] (م)

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ طوّافون عليكم بعضكم على بعضٍ كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات واللّه عليمٌ حكيمٌ}.
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} فقال بعضهم: عني بذلك الرّجال دون النّساء، ونهوا عن أن يدخلوا عليهم في هذه الأوقات الثّلاثة هؤلاء الّذين سمّوا في هذه الآية إلاّ بإذنٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن ليثٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قوله: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} قال: هي على الذّكور دون الإناث.
وقال آخرون: بل عني به الرّجال والنّساء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حصينٍ، عن أبي عبد الرّحمن، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} قال: هي في الرّجال والنّساء، يستأذنون على كلّ حالٍ، باللّيل والنّهار.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: عني به الذّكور والإناث؛ لأنّ اللّه عمّ بقوله: {الّذين ملكت أيمانكم} جميع أملاك أيماننا، ولم يخصّص منهم ذكرًا ولا أنثى؛ فذلك على جميع من عمّه ظاهر التّنزيل.
فتأويل الكلام: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله، ليستأذنكم في الدّخول عليكم عبيدكم وإماؤكم، فلا يدخلوا عليكم إلاّ بإذنٍ منكم لهم.
{والّذين لم يبلغوا الحلم منكم} يقول: والّذين لم يحتلموا من أحراركم ثلاث مرّاتٍ، يعني: ثلاث مرّاتٍ في ثلاثة أوقاتٍ من ساعات ليلكم ونهاركم.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} قال: عبيدكم المملوكون. {والّذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال: لم يحتلموا من أحراركم.
قال ابن جريجٍ: قال لي عطاء بن أبي رباحٍ: فذلك على كلّ صغيرٍ وصغيرةٍ أن يستأذن، كما قال: {ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء} قالوا: هي العتمة. قلت: فإذا وضعوا ثيابهم بعد العتمة استأذنوا عليهم حتّى يصبحوا؟ قال نعم. قلت لعطاءٍ: هل استئذانهم إلاّ عند وضع النّاس ثيابهم؟ قال: لا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن صالح بن كيسان، ويعقوب بن عتبة، وإسماعيل بن محمّدٍ، قالوا: لا استئذان على خدم الرّجل عليه إلاّ في العورات الثّلاث.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} يقول: إذا خلا الرّجل بأهله بعد صلاة العشاء، فلا يدخل عليه خادمٌ ولا صبيّ إلاّ بإذنٍ حتّى يصلّي الغداة، فإذا خلا بأهله عند صلاة الظّهر فمثل ذلك.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني قرّة بن عبد الرّحمن، عن ابن شهابٍ، عن ثعلبة بن أبي مالكٍ القرظيّ، أنّه سأل عبد اللّه بن سويدٍ الحارثيّ، وكان من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عن الإذن في العورات الثّلاث، فقال: إذا وضعت ثيابي من الظّهيرة، لم يلج عليّ أحدٌ من الخدم الّذي بلغ الحلم ولا أحدٌ ممّن لم يبلغ الحلم من الأحرار، إلاّ بإذنٍ.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن جريجٍ، قال: سمعت عطاءً، يقول: قال ابن عبّاسٍ: ثلاث آياتٍ جحدهنّ النّاس: الإذن كلّه، وقال: {إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم}، وقال النّاس: أكرمكم أعظمكم بيتًا، ونسيت الثّالثة.
- حدّثني ابن أبي الشّوارب، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا يونس، عن الحسن، في هذه الآية: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} قال: كان الحسن يقول: إذا أبات الرّجل خادمه معه فهو إذنه، وإن لم يبته معه استأذن في هذه السّاعات.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثني موسى بن أبي عائشة، عن الشّعبيّ، في قوله: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} قال: لم تنسخ قلت: إنّ النّاس لا يعملون به قال: اللّه المستعان.
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن الشّعبيّ، وسألته عن هذه الآية: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} قلت: منسوخةٌ هي؟ قال: لا واللّه، ما نسخت، قلت: إنّ النّاس لا يعملون بها قال: اللّه المستعان.
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: إنّ ناسًا يقولون نسخت، ولكنّها ممّا يتهاون النّاس به.
- قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم}. إلى آخر الآية، قال: لا يعمل بها اليوم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثنا حنظلة، أنّه سمع القاسم بن محمّدٍ يسأل عن الإذن، فقال: يستأذن عند كلّ عورةٍ، ثمّ هو طوّافٌ؛ يعني الرّجل على أمّه.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا عبد العزيز بن أبي روّادٍ، قال: أخبرني رجلٌ من أهل الطّائف، عن غيلان بن شرحبيل، عن عبد الرّحمن بن عوفٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا يغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم قال اللّه {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم} وإنّما العتمة عتمة الإبل.
وقوله: {ثلاث عوراتٍ لكم} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة: {ثلاث عوراتٍ لكم} برفع (الثّلاث).
بمعنى الخبر عن هذه الأوقات الّتي ذكرت. كأنّه عندهم قيل: هذه الأوقات الثّلاثة الّتي أمرناكم بأن لا يدخل عليكم فيها من ذكرنا إلاّ بإذنٍ، ثلاث عوراتٍ لكم؛ لأنّكم تضعون فيها ثيابكم، وتخلون بأهليكم.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: (ثلاث عوراتٍ) بنصب (الثّلاث) على الرّدّ على (الثّلاث) الأولى. وكأنّ معنى الكلام عندهم: ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ، ثلاث عوراتٍ لكم.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان متقاربتا المعنى، وقد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماءٌ من القرّاء، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ طوّافون عليكم} يقول تعالى ذكره: ليس عليكم معشر أرباب البيوت والمساكن، {ولا عليهم} يعني: ولا على الّذين ملكت أيمانكم من الرّجال والنّساء والّذين لم يبلغوا الحلم من أولادكم الصّغار حرجٌ ولا إثمٌ بعدهنّ، يعني: بعد العورات الثّلاث.
والهاء والنّون في قوله: {بعدهنّ} عائدتان على (الثّلاث) من قوله: {ثلاث عوراتٍ لكم}. وإنّما يعني بذلك أنّه لا حرج ولا جناح على النّاس أن يدخل عليهم مماليكهم البالغون، وصبيانهم الصّغار بغير إذنٍ بعد هذه الأوقات الثّلاث اللاّتي ذكرهنّ في قوله: {من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: ثمّ رخّص لهم في الدّخول فيما بين ذلك بغير إذنٍ، يعني فيما بين صلاة الغداة إلى الظّهر، وبعد الظّهر إلى صلاة العشاء؛ أنّه رخّص لخادم الرّجل والصّبيّ أن يدخل عليه منزله بغير إذنٍ. قال: وهو قوله: {ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ} فأمّا من بلغ الحلم فإنّه لا يدخل على الرّجل وأهله إلاّ بإذنٍ على كلّ حالٍ.
وقوله: {طوّافون عليكم} رفع (الطّوّافون) بمضمرٍ، وذلك (هم). يقول لهؤلاء المماليك والصّبيان الصّغار: هم طوّافون عليكم أيّها النّاس.
ويعني بالطّوّافين: أنّهم يدخلون ويخرجون على مواليهم وأقربائهم في منازلهم غدوةً وعشيّةً بغير إذنٍ، يطوفون عليهم.
{بعضكم على بعضٍ} في غير الأوقات الثّلاث الّتي أمرهم أن لا يدخلوا على ساداتهم وأقربائهم فيها إلاّ بإذنٍ. {كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات} يقول جلّ ثناؤه: كما بيّنت لكم أيّها النّاس أحكام الاستئذان في هذه الآية، كذلك يبيّن اللّه لكم جميع أعلامه، وأدلّته، وشرائع دينه. {واللّه عليمٌ حكيمٌ} يقول: واللّه ذو علمٍ بما يصلح عباده، حكيمٌ في تدبيره إيّاهم وغير ذلك من أموره). [جامع البيان: 17/351-357]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ طوّافون عليكم بعضكم على بعضٍ كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات واللّه عليمٌ حكيمٌ (58)
قوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم يعنى: في بيوتكم.
قوله تعالى: الّذين ملكت أيمانكم
- حدّثنا الرّبيع بن سليمان، ثنا ابن وهبٍ أنبأ سليمان بن بلالٍ، عن عمرو بن أبي عمرٍو، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ رجلين سألاه، عن الاستئذان في الثّلاث عوراتٍ الّتي أمر اللّه بها في القرآن، فقال لهم ابن عبّاسٍ: إنّ اللّه ستّيرٌ يحبّ السّتر، كان النّاس ليس لهم ستورٌ على أبوابهم ولا حجالٌ في بيوتهم فربّما فاجأ الرّجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره وهو على أهله، فأمرهم اللّه أن يستأذنوا في تلك العورات الّتي سمّى اللّه، ثمّ جاء اللّه عزّ وجلّ بعد بالسّتور فبسط عليهم في الرّزق فاتّخذوا السّتور واتّخذوا الحجال، فرأى النّاس أنّ ذلك قد كفاهم من الاستئذان الّذي أمروا به.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن الوليد بن مهران الرّازيّ، ثنا سلمة بن الفضل، عن إسماعيل بن مسلمٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: غلب الشّيطان النّاس على ثلاث آياتٍ من كتاب اللّه والاستئذان والسّاعات الّتي أمر اللّه يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم- إلى آخر الآية.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: ترك النّاس ثلاث آياتٍ فلم يعملوا بها يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم.. إلى آخر الآية. والآية الّتي في سورة النساء وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فأرزقوهم منه والآية الّتي في الحجرات إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن سفيان الثّوريّ، عن موسى بن أبي عائشة قال: سألت الشّعبيّ، عن قوله: ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم قال: لم تنسخ فقلت: فإنّ النّاس لا يعملون بها، فقال: اللّه المستعان.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا مسدّدٌ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن يونس، عن الحسن في هذه الآية ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال: إذا أبات خادمه معه فهو إذنه، فإن لم يبيّته معه استأذن في هذه السّاعات الّتي قال اللّه عزّ وجلّ.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن أبي حصينٍ، عن أبي عبد الرّحمن قال: يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم قال: هي في النّساء خاصّةً الرّجال يستأذنون على كلّ حالٍ باللّيل والنّهار.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان، أنبأ ابن المبارك، أنبأ سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ وعطاءٍ في هذه الآية ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ قال مجاهدٌ: يجزيهم أن يستأذنوا مرّةً في هذه السّاعات وقال عطاءٌ: يستأذنون عليهم في هذه السّاعات وإن كانوا على غير حاجةٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: الّذين ملكت أيمانكم يعنى العبيد والإماء.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم بلغنا واللّه أعلم أنّ رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرشدةٍ صنعا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم طعامًا فجعل النّاس يدخلون بغير إذنٍ، فقالت أسماء: يا رسول اللّه ما أقبح هذا! إنّه ليدخل على المرأة وزوجها في ثوبٍ واحدٍ غلامهما بغير إذنٍ. فأنزل اللّه في ذلك يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم في العبيد والإماء.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر كان أناسٌ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه السّاعات، ليغتسلوا ثمّ يخرجوا إلى الصّلاة، فأمرهم اللّه أن يأمروا المملوكين والغلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك السّاعات إلا بإذنٍ.
قوله تعالى: والّذين لم يبلغوا الحلم منكم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم يقول: إذا خلا الرّجل بأهله بعد العشاء فلا يدخل عليه خادمٌ ولا صبيّ إلا بإذنه حتّى يصلّي الغداة.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: والّذين لم يبلغوا الحلم منكم يعنى الصّبيان الّذين لم يحتلموا- وروى، عن مجاهدٍ نحوٌ من قول سعيد بن جبيرٍ.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن موسى، ثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن رجلٍ قد سمّاه قال: هو في بعض القراءة أو ما ملكت أيمانكم الّذين لم يبلغوا الحلم منكم.
قوله تعالى: منكم
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا الوليد بن صالحٍ، ثنا شريكٌ عن إسماعيل بن مسلمٍ، عن الحسن في قوله: والّذين لم يبلغوا الحلم منكم قال: أبناؤكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قول اللّه: منكم يعنى الأحرار.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ.، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان والّذين لم يبلغوا الحلم منكم من أحراركم من الرّجال والنّساء.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان أنبأ ابن المبارك أنبأ يونس، عن الزّهريّ قال: لا أرى علي خدمه إذنا إلا في العورات الثّلاث، وليس على من لم يبلغ المحيض من النّساء ولا خمرٌ ولا جلابيب.
قوله تعالى: ثلاث مرّاتٍ
- حدّثنا أبي، حدّثنا عبدة بن سليمان أنبأ بن المبارك أنبأ سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ وعطاءٍ في هذه الآية ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات قال مجاهدٌ: يجزيهم أن يستأذنوا مرّةً في هذه السّاعات وقال عطاءٌ: يستأذنون في هذه السّاعات وإن كانوا على غير حاجةٍ.
قوله تعالى: من قبل صلاة الفجر
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: من قبل صلاة الفجر يقول: إذا خلا الرّجل بأهله بعد العشاء فلا يدخل عليه خادمٌ ولا صبيّ إلا بإذنه حتّى يصلّي الغداة.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر يعنى من قبل صلاة الغداة.
قوله تعالى: وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة قال: إذا خلا بأهله عند الظّهر.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة نصف النّهار.
قوله تعالى: ومن بعد صلاة العشاء
- به، عن سعيد بن جبيرٍ ومن بعد صلاة العشاء يعنى من بعد صلاة العشاء الآخرة، لا ينبغي للمسلمين أن يدخل عليهم أحدٌ في هذه السّاعات الثّلاث أحدٌ من أولادهم وأقاربهم الصّغار ومملوكيهم الكبار إلا بإذنٍ.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم وهذا من المفروض، يحقّ على الرّجل أن يأمر بذلك من كان من حرٍّ أو عبد أن لا يدخلوا تلك السّاعات الثّلاث إلا بإذنٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ثلاث عوراتٍ لكم يعنى هذه ساعات غفلةٍ وغرّةٍ وما يخلو الرّجل إلى أهله ثمّ رخّص لهم بعد هذه السّاعات، فقال ليس عليكم... جناحٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا مسدّدٌ، ثنا يحيى بن سعيد بن حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت القاسم بن محمّدٍ سئل، عن الإذن فقال: يستأذن عند كلّ عورةٍ ثم طواف بعدها.
قوله تعالى: ليس عليكم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: ليس عليكم يعنى على أرباب البيوت وفي قوله: ولا عليهم يعنى الصّبيان الصّغار والمملوكين الكبار في قوله:
جناحٌ يعنى حرج. وفي قوله: بعدهنّ يعنى بعد العورات الثّلاث.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: بعدهنّ قال: رخّص لهم في الدّخول فيها من ذلك بغير إذنٍ، وهو قوله: ليس عليكم (ولا عليهم) جناحٌ بعدهنّ.
قوله تعالى: طوّافون عليكم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: طوّافون عليكم يعنى بالطّواف الدّخول والخروج غدوةً وعشيّةً بغير إذنٍ.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: طوّافون عليكم يعنى: لا جناح على الطّواف يعنى الخادم الّذي يخدم الرّجل وأهله أن يدخل بعد تلك السّاعات الثّلاث بغير إذنٍ، وعلّمه أن يأمر من كان منهم حرًّا وعبدًا وإن كان لم يبلغ الحلم من ذكرٍ أو أنثى أو حرٍّ أو عبدٍ أن يستأذنوا في تلك السّاعات الثّلاث.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا يونس، عن الحسن في هذه الآية ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم إلى قوله: بعدهنّ طوّافون عليكم قال: إذا أبات خادمه معه فهو إذنه وإذا لم يبيّته معه استأذن في هذه السّاعات.
قوله تعالى: بعضكم على بعضٍ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: بعضكم على بعضٍ في العورات الثّلاث وفي قوله: كذلك يعنى هكذا، وفي قوله: يبيّن اللّه لكم الآيات يعني ما ذكر من الاستئذان من الصّبيان والمملوكين في العورات الثّلاث قوله: واللّه عليمٌ حكيمٌ يعنى حكم ما ذكر من هذه الآية). [تفسير القرآن العظيم: 8/2632-2637]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكر بن أبي دارمٍ الحافظ، ثنا أحمد بن موسى التّميميّ، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن أبي حصينٍ، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، في قوله تعالى: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] قال: «النّساء فإنّ الرّجال يستأذنون» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/434]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (د) عكرمة بن أبي جهل - رضي الله عنه -: أنّ نفراً من أهل العراق قالوا: يا ابن عباسٍ، كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا بها ولا يعمل بها أحدٌ؟ قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم... } الآية [النور: 58] فقال ابن عباسٍ: إن الله حليمٌ رحيمٌ بالمؤمنين، يحبّ السّتر. وكان الناس ليس لبيوتهم ستورٌ ولا حجالٌ، فربما دخل الخادم، أو الولد، أو يتيمة الرّجل، والرجل على أهله، فأمرهم الله تعالى بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالسّتور والخير، فلم أر أحداً يعمل بذلك بعد.
وفي رواية عن ابن عباس: «أنه سمع يقول: لم يؤمر بها أكثر الناس: آية الإذن، وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن عليّ». أخرجه أبو داود). [جامع الأصول: 2/282-283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم * وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ابن حيان قال: بلغنا أن رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرشدة صنعا للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما فقالت أسماء: يا رسول الله ما أقبح هذا انه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد كل منهما بغير إذن فأنزل الله في ذلك {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} من العبيد والإماء {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال: من أحراركم من الرجال والنساء). [الدر المنثور: 11/100-101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في هذه الآية قال: كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبهم ان يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا ثم يخرجوا إلى الصلاة فأمرهم الله أن يأمروا المملوكين والغلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك الساعات إلا باذن). [الدر المنثور: 11/101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ثعلبة القرظي عن عبد الله بن سويد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العورات الثلاث فقال إذا أنا وضعت ثيابي بعد الظهيرة لم يلج علي أحد من الخدم من الذين لم يبلغوا الحلم ولا أحد من الاجراء إلا باذن واذا وضعت ثيابي بعد صلاة العشاء ومن قبل صلاة الصبح). [الدر المنثور: 11/101-102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه ركب عبد الله بن سويد أخي بني حارثة بن الحارث يسأله عن العورات الثلاث وكان يعمل لهن فقال: ما تريد قال: أريد أن أعمل بهن فقال: إذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد من أهلي بلغ الحلم إلا باذني إلا أن أعدوه فذلك اذنه ولا إذا طلع الفجر وتحرك الناس حتى تصلي الصلاة ولا إذا صليت العشاء الآخرة ووضعت ثيابي حتى أنام، قال: فتلك العورات الثلاث). [الدر المنثور: 11/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن سويد بن النعمان أنه سئل عن العورات الثلاث فقال: إذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد من أهلي إلا أن أدعوه فذلك اذنه واذا طلع الفجر وتحرك الناس حتى يصلي الصبح واذا صليت العشاء وضعت ثيابي فتلك العورات الثلاث). [الدر المنثور: 11/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة وأبو داود، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس قال: آية لم يؤمن بها أكثر الناس، آية الاذن لآمر جاريتي هذه الجارية قصيرة قائمة على رأسه ان تستأذن علي). [الدر المنثور: 11/102-103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: هذه الآية تهاون الناس بها {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} وما نسخت قط). [الدر المنثور: 11/103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال: ليست منسوخة، قيل فان الناس لا يعملون بها قال: الله المستعان). [الدر المنثور: 11/103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: يمكث الناس في الساعات الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم). [الدر المنثور: 11/103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} والآية التي في سورة النساء {وإذا حضر القسمة} النساء الآية 8 والآية التي في الحجرات {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} الحجرات الآية 13). [الدر المنثور: 11/103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال: إذا خلا الرجل بأهله بعد العشاء فلا يدخل عليه خادم ولا صبي إلا بإذنه حتى يصلي الغداة واذا خلا بأهله عند الظهر فمثل ذلك ورخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير اذن، وهو قوله {ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن} فاما من بلغ الحلم فانه لا يدخل على الرجل وأهله إلا باذن على كل حال، وهو قوله {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} ). [الدر المنثور: 11/104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في السنن عن ابن عباس ان رجلين سألاه عن الاستئذان في الثلاث عورات التي أمر الله بها في القرآن فقال ابن عباس: ان الله ستير يحب الستر وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حجال في بيوتهم فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره وهو على أهله، فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمى الله ثم جاء الله بعد بالستور وبسط الله عليهم في الرزق فاتخذوا الستور واتخذوا الحجال فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستذان الذي أمروا به). [الدر المنثور: 11/104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عمر في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال هو على الذكور دون الاناث). [الدر المنثور: 11/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن ابن عمر في قوله {ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم} قال: هو للاناث دون الذكور ان يدخلوا بغير اذن). [الدر المنثور: 11/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بعض أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال: نزلت في النساء ان يستأذن علينا). [الدر المنثور: 11/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال: النساء فان الرجال يستأذنون). [الدر المنثور: 11/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن السلمى في هذه الآية قال: هي في النساء خاصة، الرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار). [الدر المنثور: 11/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن موسى بن أبي عائشة قال: سألت الشعبي عن هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} أمنسوخة هي قال: لا). [الدر المنثور: 11/105-106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال: أبناءكم). [الدر المنثور: 11/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {طوافون عليكم} قال: يعني بالطوافين: الدخول والخروج غدوة وعشية بغير اذن، وفي قوله {وإذا بلغ الأطفال} يعني الصغار {منكم الحلم} يعني من الاحرار من ولد الرجل وأقاربه {فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} يعني كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه). [الدر المنثور: 11/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير والبيهقي في السنن عن ابن مسعود ان رجلا سأله استأذن على أمي فقال: نعم، ما على كل أحيانها تحب أن تراها). [الدر المنثور: 11/106-107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب، عن جابر قال: ليستأذن الرجل على ولده وأمه - وان كانت عجوزا - وأخيه وأخته وأبيه). [الدر المنثور: 11/107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عطاء أنه سأل ابن عباس استأذن على أختي قال: نعم، قلت انها في حجري واني أنفق عليها وانها معي في البيت استأذن عليها قال: نعم، ان الله يقول {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم} فلم يؤمر هؤلاء بالاذن إلا في هؤلاء العورات الثلاث قال: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} فالاذن واجب على خلق الله أجمعين). [الدر المنثور: 11/107-108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رجلا سأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم استأذن على أمي قال: نعم، أتحب أن تراها عريانة). [الدر المنثور: 11/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والبيهقي في السنن عن عطاء بن يسار أن رجلا قال: يا رسول الله استأذن على أمي قال: نعم، قال: إني معها في البيت قال: استأذن عليها قال: إني خادمها أفاستأذن عليها كلما دخلت قال: أفتحب أن تراها عريانة قال: لا، قال: فاستأذن عليها). [الدر المنثور: 11/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب والبيهقي عن حذيفة انه سئل أيستأذن الرجل على والدته قال: نعم، ان لم تفعل رأيت منها ما تكره). [الدر المنثور: 11/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين في قوله {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال: كانوا يعلمونا إذا جاء أحدنا ان نقول السلام عليكم، أيدخل فلان). [الدر المنثور: 11/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن عوف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم قال الله تعالى {ومن بعد صلاة العشاء} وإنما العتمة عتمة الإبل). [الدر المنثور: 11/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنما هي في كتاب الله العشاء وإنما يعتم بحلاب الإبل). [الدر المنثور: 11/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ (ثلاث عورات) بالنصب). [الدر المنثور: 11/109]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة أنه سئل أيستأذن الرجل على والدته قال نعم إنك إن لم تفعل رأيت منها ما تكره). [تفسير عبد الرزاق: 2/63]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم كذلك يبيّن اللّه لكم آياته واللّه عليمٌ حكيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: إذا بلغ الصّغار من أولادكم وأقربائكم ويعني بقوله: {منكم} من أحراركم {الحلم} يعني الاحتلام، واحتلموا. {فليستأذنوا} يقول: فلا يدخلوا عليكم في وقتٍ من الأوقات إلاّ بإذنٍ، لا في أوقات العورات الثّلاث ولا في غيرها.
وقوله: {كما استأذن الّذين من قبلهم} يقول: كما استأذن الكبار من ولد الرّجل وأقربائه الأحرار. وخصّ اللّه تعالى ذكره في هذه الآية الأطفال بالذّكر وتعريف حكمهم عباده في الاستئذان دون ذكر ما ملكت أيماننا، وقد تقدّمت الآية الّتي قبلها بتعريفهم حكم الأطفال الأحرار والمماليك؛ لأنّ حكم ما ملكت أيماننا من ذلك حكمٌ واحدٌ، سواءٌ فيه حكم كبارهم، وصغارهم في أنّ الإذن عليهم في السّاعات الثّلاث الّتي ذكرها اللّه في الآية الّتي قبل.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: أمّا من بلغ الحلم، فإنّه لا يدخل على الرّجل وأهله يعني: من الصّبيان الأحرار إلاّ بإذنٍ على كلّ حالٍ؛ وهو قوله: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال عطاءٌ: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} قال: واجبٌ على النّاس أن يستأذنوا إذا احتلموا، على من كان من النّاس.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، عن ابن المسيّب، قال: يستأذن الرّجل على أمّه؟ قال: إنّما نزلت: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم} في ذلك.
{كذلك يبيّن اللّه لكم آياته} يقول: هكذا يبيّن اللّه لكم آياته، أحكامه وشرائع دينه، كما بيّن لكم أمر هؤلاء الأطفال في الاستئذان بعد البلوغ. {واللّه عليمٌ حكيمٌ} يقول: واللّه عليمٌ بما يصلح خلقه وغير ذلك من الأشياء، حكيمٌ في تدبيره خلقه). [جامع البيان: 17/357-359]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم قال: ثمّ ذكر الصّبيان الأحرار ونزّل المملوكين على حالهم فقال: وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم يعنى الصّغار قوله: منكم الحلم يعنى من الأحرار من ولد الرّجل وأقاربه.
قوله تعالى: فليستأذنوا
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان أنبأ ابن المبارك، أنبأ عبد الملك، عن عطاءٍ قال: كنّ بنات أخٍ لي في حجري، فأتيت ابن عبّاسٍ فقلت: أستأذن عليهنّ؟ قال: نعم استأذن، فقلت: إنّما هنّ بمنزلة بناتي وهنّ معي في بيتي، فلمّا عاودته قال: أتحبّ أن ترى إحداهنّ عريانةً؟ فقلت: لا، فقال: إنّ المرأة ربّما وضعت ثيابها في بيتها، قال: فاستأذنت عليهنّ فقعدن يبكين، فقلت ما ذنبي، أمرت بذلك. قال عبد الملك: وسئل عطاءٌ، عن رجلٍ كان مع أمّه في دارٍ واحدةٍ أيستأذن عليها؟ قال: نعم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قال: فأمّا من بلغ الحلم فإنّه لا يدخل على الرّجل وأهله إلا بإذنٍ على كلّ حالٍ وهو قوله: وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة، أنبأ ابن المبارك، أنا يونس، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب قال: ليستأذن الرّجل على أمّه فإنّما نزلت وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم في ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الرّحمن بن الضّحّاك، ثنا الوليد بن مسلمٍ، ثنا الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثير قال: إذا كان الغلام رباعيًا فليستأذن في العورات الثّلاث على أبويه، فإذا بلغ الحلم فليستأذن على كلّ حالٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: فليستأذنوا يعنى في السّاعات الثّلاث وغيرها اللّيل والنّهار كلّما دخلوا على آبائهم.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا يقول: فليستأذنوا على كلّ حالٍ وفي كلّ حينٍ.
قوله تعالى: كما استأذن الّذين من قبلهم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: كما استأذن الّذين من قبلهم يعنى كما استأذن الكبار من ولد الرّجل وأقاربه.
- وبإسناده إلى مقاتل بن حيّان قوله: كما استأذن الّذين من قبلهم يقول كما استأذن الّذين بلغوا الحلم من قبلهم الّذين أمروا بالاستئذان على كلّ حالٍ.
قوله تعالى: يبيّن اللّه لكم آياته
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: كذلك قال: هكذا يبيّن لكم آياته، يعنى ما يكون في هذه الآية.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد، ثنا محمّدٌ، ثنا بكيرٌ، عن مقاتلٍ قوله: كذلك يبيّن اللّه لكم آياته يعنى ما فرض عليهم في هذه السّورة.
قوله تعالى: واللّه عليمٌ حكيمٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ واللّه عليمٌ حكيمٌ حكم الاستئذان). [تفسير القرآن العظيم: 8/2637-2639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {طوافون عليكم} قال: يعني بالطوافين: الدخول والخروج غدوة وعشية بغير اذن، وفي قوله {وإذا بلغ الأطفال} يعني الصغار {منكم الحلم} يعني من الاحرار من ولد الرجل وأقاربه {فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} يعني كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه). [الدر المنثور: 11/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {كما استأذن الذين من قبلهم} قال: كما استأذن الذين بلغوا الحلم من قبلهم الذين أمروا بالاستئذان على كل حال). [الدر المنثور: 11/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال: ليستأذن الرجل على أمة فانما نزلت {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم} في ذلك). [الدر المنثور: 11/106]

تفسير قوله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني عبد الجبّار بن عمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا}، قال: التي إذا رأيتها استقذرتها، فلا بأس أن تضع الخمار والجلباب وأن تراها). [الجامع في علوم القرآن: 2/89]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النور: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلا ما ظهر منها}، حتى بلغ: {ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أو بني أخواتهنّ أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة من الرّجال أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النساء}؛
فنسخ: {والقواعد من النّساء اللّاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرجاتٍ بزينةٍ وأن يستعففن خيرٌ لهنّ والله سميعٌ عليمٌ}). [الجامع في علوم القرآن: 3/78-79] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله تعالى يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة قال هو الجلباب والمنطق يقول لا جناح على المرأة إذا قعدت عن النكاح أن تضع الجلباب والمنطق وفي حرف ابن مسعود أن يضعن من ثيابهن). [تفسير عبد الرزاق: 2/63]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر وقال الكلبي إن المرأة تكون قد جلت فيكون لها العضو من أعضائها حسنا فلا ينبغي لها أن تبدي ذلك تلتمس به الزينة). [تفسير عبد الرزاق: 2/63]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني الثوري عن علقمة بن مرثد عن ذر عن أبي وائل عن ابن مسعود في قوله تعالى أن يضعن ثيابهن قال هو الرداء). [تفسير عبد الرزاق: 2/63]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود قال هو الرداء). [تفسير عبد الرزاق: 2/63]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن أبي حصين وسالم عن سعيد بن جبير قال هو الرداء). [تفسير عبد الرزاق: 2/63]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن معقل أو غيره عن عمرو بن ميمون قال هو الجلباب). [تفسير عبد الرزاق: 2/63-64]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والقواعد من النّساء اللاّتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ وأن يستعففن خيرٌ لهنّ واللّه سميعٌ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: واللّواتي قد قعدن عن الولد من الكبر من النّساء، فلا يحضن ولا يلدن؛ واحدتهنّ قاعدٌ. {اللاّتي لا يرجون نكاحًا} يقول: اللاّتي قد يئسن من البعولة، فلا يطمعن في الأزواج {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} يقول: فليس عليهنّ حرجٌ ولا إثمٌ أن يضعن ثيابهنّ، يعني جلابيبهنّ، وهي القناع الّذي يكون فوق الخمار، والرّداء الّذي يكون فوق الثّياب، لا حرج عليهنّ أن يضعن ذلك عند المحارم من الرّجال وغير المحارم من الغرباء غير متبرّجاتٍ بزينةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والقواعد من النّساء اللاّتي لا يرجون نكاحًا} وهي المرأة، لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرعٍ وخمارٍ وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرّج لما يكره اللّه، وهو قوله: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} ثمّ قال: {وأن يستعففن خيرٌ لهنّ}.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يضعن ثيابهنّ} يعني: الجلباب، وهو القناع؛ وهذا للكبيرة الّتي قد قعدت عن الولد، فلا يضرّها أن لا تجلبب فوق الخمار. وأمّا كلّ امرأةٍ مسلمةٍ حرّةٍ، فعليها إذا بلغت المحيض أن تدني الجلباب على الخمار. وقال اللّه في سورة الأحزاب: {يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}، وكان بالمدينة رجالٌ من المنافقين إذا مرّت بهم امرأةٌ سيّئة الهيئة والزّيّ، حسب المنافقون أنّها مزنّيةٌ وأنّها من بغيتهم، فكانوا يؤذون المؤمنات بالرّفث، ولا يعلمون الحرّة من الأمة؛ فأنزل اللّه في ذلك: {يا أيّها النّبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} يقول: إذا كان زيّهنّ حسنًا لم يطمع فيهنّ المنافقون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ، في قوله: {والقواعد من النّساء} الّتي قعدت من الولد وكبرت.
قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: {اللاّتي لا يرجون نكاحًا} قال: لا يردنه {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} قال: جلابيبهنّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والقواعد من النّساء اللاّتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} قال: وضع الخمار قال: الّتي لا ترجو نكاحًا: الّتي قد بلغت أن لا يكون لها في الرّجال حاجةٌ ولا للرّجال فيها حاجةٌ؛ فإذا بلغن ذلك وضعن الخمار غير متبرّجاتٍ بزينةٍ. ثمّ قال: {وأن يستعففن خيرٌ لهنّ} كان أبي يقول هذا كلّه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، وعبد الرّحمن، قالا: حدّثنا سفيان، عن علقمة بن مرثدٍ، عن زرٍّ، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه، في قوله: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} قال: الجلباب أو الرّداء - شكّ سفيان.
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرّحمن بن يزيد، عن عبد اللّه: {ليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} قال: الرّداء.
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرّحمن بن يزيد، قال: قال عبد اللّه في هذه الآية: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} قال: هي الملحفة.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت أبا وائلٍ، قال: سمعت عبد اللّه، يقول في هذه الآية: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} قال: الجلباب.
- قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة قال: أخبرني الحكم، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه، مثله.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرّحمن بن يزيد، عن ابن مسعودٍ، في قوله: {أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} قال: هو الرّداء.
- قال الحسن: قال عبد الرّزّاق: قال الثّوريّ: وأخبرني أبو حصينٍ وسالمٌ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ قال: هو الرّداء.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ: {أن يضعن، ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} قال: تضع الجلباب المرأة الّتي قد عجزت ولم تزوّج. قال الشّعبيّ: فإنّ أبيّ بن كعبٍ يقرأ: (أن يضعن من ثيابهنّ).
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: قلت لابن أبي نجيحٍ: قوله: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} قال: الجلباب قال يعقوب: قال أبو يونس: قلت له: عن مجاهدٍ؟ قال: نعم، في الدّار والحجرة
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} قال: جلابيبهنّ.
وقوله: {غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} يقول: ليس عليهنّ جناحٌ في وضع أرديتهنّ إذا لم يردن بوضع ذلك عنهنّ أن يبدين ما عليهنّ من الزّينة للرّجال.
والتّبرّج: هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تستره.
وقوله: {وأن يستعففن خيرٌ لهنّ} يقول: وإن يعفّفن عن وضع جلابيبهنّ وأرديتهنّ، فيلبسنها، خيرٌ لهنّ من أن يضعنها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أن يستعففن، خيرٌ لهنّ} قال: أن يلبسن جلابيبهنّ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ: {وأن يستعففن خيرٌ لهنّ} قال: ترك ذلك، يعني: ترك وضع الثّياب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأن يستعففن خيرٌ لهنّ} والاستعفاف: لبس الخمار على رأسها، كان أبي يقول هذا كلّه.
{واللّه سميعٌ} ما تنطقون بألسنتكم. {عليمٌ} بما تضمره صدوركم، فاتّقوه أن تنطقوا بألسنتكم ما قد نهاكم عن أن تنطقوا بها، أو تضمروا في صدوركم ما قد كرهه لكم، فتستوجبوا بذلك منه عقوبةً). [جامع البيان: 17/359-365]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والقواعد من النّساء اللّاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ وأن يستعففن خيرٌ لهنّ واللّه سميعٌ عليمٌ (60)
قوله تعالى: والقواعد من النّساء
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: كان كريكٌّ لي يقال له مسلمٌ وكان مولًى لامرأة حذيفة بن اليمان، فجاء يومًا إلى السّوق وأثر الحنّاء في يده فسألته، عن ذلك فأخبرني أنّه خضب رأس مولاته وهي امرأة حذيفة، فأنكرت ذلك فقال: إن شئت أن أدخلك عليها؟ قالت: نعم فأدخلني عليها، فإذا امرأةٌ جليلةٌ، فقلت: إنّ مسلمًا حدّثني أنّه خضّب رأسك، قالت: نعم يا بنيّ إنّي من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا وقد قال اللّه في ذلك ما سمعت.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ والقواعد من النّساء يعنى المرأة الكبيرة الّتي لا تحيض من الكبر- وروي، عن مقاتل بن حيّان وقتادة نحو قول سعيد بن جبيرٍ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن الحسن في قوله: والقواعد من النّساء يقول: المرأة إذا قعدت، عن النّكاح
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ، عن عبيدٍ، عن الضّحّاك قوله والقواعد من النّساء هذا للكبيرة الّتي قعدت، عن الولد فلا يضرّها أن لا تجلب فوق الخمار.
قوله تعالى: اللاتي لا يرجون نكاحًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: اللاتي لا يرجون نكاحًا يعنى لا يرجون تزويجًا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله والقواعد من النّساء اللاتي لا يرجون نكاحًا قال: وهي المرأة القاعد الّتي لا تحيض ولا تحدّث نفسها بالباءة، رخّص اللّه لها أن تضع من جلبابها.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ اللاتي لا يرجون نكاحًا لا يردنه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ قال: كان أبي يقول في قول اللّه: والقواعد من النّساء اللاتي لا يرجون نكاحًا قال: وضع الخمار اللاتي لا يرجون نكاحًا الّتي قد بلغت أن لا يكون لها في الرّجال حاجةٌ ولا يكون للرّجال فيها حاجةٌ.
قوله تعالى: فليس عليهنّ جناحٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا ابن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ فليس عليهنّ جناحٌ يعنى حرجًا.
قوله تعالى: أن يضعن ثيابهنّ
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان، عن علقمة، عن زرٍّ، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ قال الجلباب أو الرّداء شكّ سفيان.
- حدّثنا محمّد بن عبد الملك بن زنجويه، ثنا عبد الرّزّاق ، ثنا الثّوريّ، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد اللّه بن يزيد، عن ابن مسعودٍ قوله: أن يضعن ثيابهنّ قال: هو الرّداء.
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا بشر بن عمر أنبأ شعبة، أخبرني الحكم قال سمعت أبا وائلٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ في هذه الآية فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ قال: جلابيبهنّ.
وروى، عن ابن عبّاسٍ وابن عمر في إحدى الرّوايات وسليمان بن يسارٍ في إحدى الرّوايات وسعيد بن جبيرٍ وجابر بن زيدٍ وإبراهيم النّخعيّ ومجاهدٍ أنّه الجلباب.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا الوليد، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان في قراءة ابن مسعودٍ وليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ أن يضعن الجلباب ولا يضعن الخمار، وروى عن الحسن وقتادة والزّهريّ والأوزاعيّ نحو قول مقاتل بن حيّان.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ عيسى بن يونس، ثنا عمران بن سليمان المراديّ قال: سمعت أبا صالحٍ يقول في هذه الآية: فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ قال: تضع الجلباب وتقوم بين يدي الرّجل في الدّرع والخمار.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عبيد اللّه، ثنا ابن المبارك، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن جلابيبهنّ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ قال: هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرعٍ وخمارٍ وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج ما يكره اللّه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ قراءة ابن مسعودٍ أن يضعن ثيابهنّ، وهو الجلباب من فوق الخمار فلا بأس أن يضعن عند غريبٍ أو غيره بعد أن يكون عليها خمارٌ صفيفٌ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا الوليد، عن شيبان، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن عكرمة في قوله: فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ قال: يضعن الجلباب والخمار.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا الوليد، حدّثني ابن لهيعة، عن بكير بن الأشجّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر مثله وعن بكيرٍ، عن سليمان بن يسارٍ مثله.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عبيد اللّه، ثنا ابن المبارك، عن معمرٍ أنّ الحسن قال في قوله: والقواعد من النّساء قال: لا جناح على المرأة إذا قعدت، عن النّكاح أن تضع الجلباب والمنطق قال معمرٌ: وفي حرف ابن مسعودٍ أن يضعن من ثيابهنّ.
قوله تعالى: غير متبرّجاتٍ بزينةٍ
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عبيد اللّه، ثنا ابن المبارك، ثنا سوّار بن ميمونٍ، ثنا طلحة بنت عاصمٍ، عن أمّ الضّياء أنّها قالت: دخلت عليها فقلت: يا أمّ المؤمنين ما تقولين في الخضاب والنقاض والصّباغ والقرطين والخلخال وخاتم الذّهب وثياب الرّقاق؟ فقالت: يا معشر النّساء قصّتكنّ كلّها واحدةٌ أحلّ اللّه لكنّ الزّينة غير متبرّجاتٍ أي: لا يحلّ لكنّ أن يروا منكنّ محرّمًا.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا الوليد، عن خليدٍ، عن الحسن وقتادة قال: في قوله غير متبرّجاتٍ بزينةٍ بادياتٍ، عن النّحر ونحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، عن عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: غير متبرّجاتٍ بزينةٍ يقول: لا تتبرّجن بوضع الجلباب أن يرى ما عليها من الزّينة.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: غير متبرّجاتٍ بزينةٍ يقول: ليس لها أن تضع الجلباب لتريد بذلك أن تظهر قلائدها وقرطها وما عليها من الزّينة.
قوله تعالى: وأن يستعففن
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا أبو زيدٍ عثرٌ، عن مطرّفٍ، عن عطيّة قوله وأن يستعففن خيرٌ لهنّ قال: يدمن القناع خيرٌ لهنّ.
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله وأن يستعففن أي: يلبسن جلابيبهنّ- وروى عن الحسن وقتادة نحو قول مجاهدٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: وأن يستعففن خيرٌ لهنّ يعنى: وأن لا يضعن الجلباب من فوق الخمار عند غير ذي محرمٍ خيرٌ لهنّ من أن يضعنه.
قوله تعالى: خيرٌ لهنّ
- حدّثنا أبي ثنا هشام بن خالدٍ، عن خليدٍ، عن الحسن وقتادة قالا: قوله وأن يستعففن خيرٌ لهنّ قالا: يلبسن الجلباب أفضل من وضعهنّ إيّاه.
قوله تعالى: واللّه سميعٌ عليمٌ
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة، ثنا محمّد بن إسحاق واللّه سميعٌ عليمٌ أي: سميعٌ بما يقولون وعليمٌ بما يخفون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2639-2643]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أن يضعن ثيابهن يعني جلابيبهن وأن يستعففن خيرا لهن يقول أن يلبسن جلابيبهن خير لهن). [تفسير مجاهد: 444]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -:، {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ... } الآية [النور: 31] فنسخ، واستثني من ذلك، {والقواعد من النّساء اللّاتي لا يرجون نكاحاً... } الآية [النور: 60]، أخرجه أبو داود). [جامع الأصول: 2/280-281] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} [النور: 60].
قال: الرّداء.
رواه الطّبرانيّ، ولم أكتب قائله ولا إسناده). [مجمع الزوائد: 7/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينه وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم.
أخرج أبو داود والبيهقي في السنن عن ابن عباس {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} فنسخ واستثنى من ذلك {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا} الآية). [الدر المنثور: 11/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله {والقواعد من النساء} قال: هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج لما يكره الله وهو قوله {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة} ). [الدر المنثور: 11/109-110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله، وابن المنذر، وابن الانباري في المصاحف والبيهقي في السنن عن ابن عباس انه كان يقرأ {أن يضعن ثيابهن} ويقول: هي الجلباب). [الدر المنثور: 11/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في السنن عن ابن مسعود في قوله {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} قال: الجلباب والرداء). [الدر المنثور: 11/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن ابن عمر في الآية قال: تضع الجلباب). [الدر المنثور: 11/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن الحسن {والقواعد من النساء} يقول: المرأة إذا قعدت عن النكاح). [الدر المنثور: 11/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والقواعد من النساء} يعني المرأة الكبيرة التي لا تحيض من الكبر {اللاتي لا يرجون نكاحا} يعني تزويجا). [الدر المنثور: 11/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {اللاتي لا يرجون نكاحا} قال: لا يردنه). [الدر المنثور: 11/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: أخبرني مسلم مولى امرأة حذيفة بن اليمان انه خضب رأس مولاته فدخلت عليها فسألتها فقالت: نعم يا بني إني من {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا} وقد قال الله في ذلك ما سمعت). [الدر المنثور: 11/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ميمون بن مهران قال: في مصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود (فليس عليهن جناح ان يضعن جلابيبهن غير متبرجات) ). [الدر المنثور: 11/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود عن ابن عباس انهما كانا يقرآن (فليس عليهم جناح ان يضعن جلابيبهن خير متبرجات) ). [الدر المنثور: 11/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود، وابن عباس انهما كانا يقرآن (فليس عليهن جناح ان يضعن جلابيبهن غير متبرجات) ). [الدر المنثور: 11/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة انها سئلت: عن الخضاب والصباغ والقرطين والخلخال وخاتم الذهب وثياب الرقاق فقال: يا معشر النساء قصتكن كلها واحدة أحل الله لكن الزينة غير متبرجات). [الدر المنثور: 11/111-112]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأن يستعففن خير لهن} قال: يلبسن جلابيبهن). [الدر المنثور: 11/112]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر والبيهقي في السنن عن عاصم الأحول قال: دخلت على حفصة بنت سيرين وقد ألقت عليها ثيابها فقلت أليس يقول الله {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} قال: اقرأ ما بعده {وأن يستعففن خير لهن} وهو ثياب الجلباب). [الدر المنثور: 11/112]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م, 05:46 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم} [النور: 58] تفسير مجاهدٍ: لم يحتلموا.
{ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة} [النور: 58] وهو نصف النّهار عند القائلة.
[تفسير القرآن العظيم: 1/459]
{ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ طوّافون عليكم بعضكم على بعضٍ كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات واللّه عليمٌ حكيمٌ} [النور: 58] وهي السّاعات الّتي يخلو فيهنّ الرّجل بأهله لحاجته منها.
فأمّا قوله: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] فهم المملكون، الرّجال والنّساء الّذين يخدمون الرّجل في بيته ومن كان من الأطفال من المملوكين.
{والّذين لم يبلغوا الحلم} [النور: 58] قال: الّذين لم يبلغوا الحلم منكم، يعني الأطفال الّذين يحسنون الوصف إذا رأوا شيئًا.
وكذلك من كان مثلهم من المملوكين، إلا الصّغار الّذين لا يحسنون الوصف إذا رأوا شيئًا من الأحرار والمملوكين فلا ينبغي لها ولا الكبار، والّذين يحسنون الوصف أن يدخلوا هذه الثّلاث ساعاتٍ إلا بإذنٍ، إلا ألا يكون للرّجل إلى أهله حاجةٌ.
ولا ينبغي له إذا كانت له إلى أهله حاجةٌ أن يطأ أهله ومعه في البيت من هؤلاء أحدٌ.
فلذلك لا يدخلون في هذه الثّلاث ساعاتٍ إلا بإذنٍ.
قال: {ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ} [النور: 58] بعد هذه الثّلاث السّاعات أن يدخلوا بغير إذنٍ.
{طوّافون عليكم} [النور: 58] يدخلون بغير إذنٍ.
{بعضكم على بعضٍ كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات واللّه عليمٌ حكيمٌ} [النور: 58] حدّثني نصر بن طريفٍ وأشعث، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد قال: دخلت على ابن عبّاسٍ فأراني وصيفةً له خماسيّةً.
وقال نصرٌ: نحو الخماسيّة أو أصغر.
فقال: ما تدخل عليّ هذه في هذه الثّلاث السّاعات إلا بإذنٍ.
نصر بن طريفٍ، عن يونس، عن الحسن قال: إذا كانوا معك في البيت فهو إذنهم.
وحدّثنا الحسن بن دينارٍ قال: قال رجلٌ للحسن: إنّا قومٌ تجّارٌ نسافر ونشتري الجواري فننزل في الخباء، فنكون جميعًا.
أفيغشى الرّجل منّا جاريةً من جواريه في الخباء وهنّ فيه فغضب وقال: لا). [تفسير القرآن العظيم: 1/460]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:
{ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم...}

يعني الرجال والنساء. ثم قال {والّذين لم يبلغوا الحلم} الصبيان (ثلاث مرّاتٍ) ثم فسرهنّ فقال {مّن قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم مّن الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء} عند النوم. ثم قال {ثلاث عوراتٍ لّكم} فنصبها عاصم والأعمش، ورفع غيرهما. والرفع في العربيّة أحبّ إليّ. وكذلك أقرأ. والكسائي يقرأ بالنصب؛ لأنه قد فسرها في المرات وفيما بعدها فكرهت أن تكرّ ثالثة واخترت الرفع لأنّ المعنى - والله أعلم - هذه الخصال وقت العورات ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهنّ. فمعها ضمير يرفع الثلاث. كأنك قلت: هذه ثلاث خصال كما قال (سورة أنزلناها) أي هذه سورة، وكما قال {لم يلبثوا إلاّ ساعةً من نهارٍ بلاغٌ فهل يهلك إلاّ القوم الفاسقون}.
وأمّا قوله: {طوّافون عليكم} فإنه أيضاً مستأنف كقولك في الكلام: إنما هم خدمكم، وطوّافون عليكم. ولو كان نصباً لكان صواباً تخرجه من (عليهم) لأنها معرفة {وطوّافون} نكرة ونصبه كما قال {ملعونين أينما ثقفوا} فنصب لأن في الآية قبلها ذكرهم معرفة، و{ملعونين} نكرة). [معاني القرآن: 2/260]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ثلث عورات لكم}: ساعات. العورة والغفلة ومطرح الثياب والخلوة). [غريب القرآن وتفسيره: 274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم}يعني: العبيد والإماء، {والّذين لم يبلغوا الحلم منكم}يعني: الأطفال، {ثلاث مرّات}.
ثم بينهن، فقال: {من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء} يريد: عند النوم.
ثم قال: {عوراتٍ لكم} يريد هذه الأوقات، لأنها أوقات التجرّد وظهور العورة: فأمّا قبل صلاة الفجر، فللخروج من ثياب النوم، ولبس ثياب النهار.
وأمّا عند الظهيرة، فلوضع الثياب للقائلة.
وأمّا بعد صلاة العشاء، فلوضع الثياب للنوم.
ثم قال: {ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ} أي بعد هذه الأوقات.
ثم قال {طوّافون عليكم}، يريد: إنهم خدمكم، فلا بأس أن يدخلوا في غير هذه الأوقات الثلاثة، بغير إذن. قال اللّه عز وجل: {يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون} [ الواقعة: 17]
أي يطوفون عليهم في الخدمة.
وقال - النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلّم - في الهرّة: «ليست بنجس»، إنما هي من الطّوّافين عليكم والطّوّافات»
جعلها بمنزلة العبيد والإماء). [تفسير غريب القرآن: 307-305]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهنّ طوّافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات واللّه عليم حكيم}
فأمر اللّه عزّ وجلّ بالاستئذان في الأوقات التي يتخفى فيها ويتكشفون، وبيّنها فقال: {من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء)}.
يعنى به العتمة عشاء الآخرة، فأعلم أنها عورات فقال (ثلاث عورات لكم)، على معنى هي ثلاث عورات لكم، وقرئت " ثلاث عورات لكم "
والإسكان أكثر لثقل الحركة والواو.
تقول طلحة وطلحات، وجمرة وجمرات.
ويجوز في لوزة لوزات بحركة الواو، والأجود لوزات، ويجوز ثلاث عورات بالنصب، على معنى ليستأذنوكم ثلاث عورات، أي في أوقات ثلاث عورات.
وقوله: {ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهنّ} أي ليس عليكم جناح ولا عليهم في أن لا يستأذنوا بعد أن يمضي كل وقت من هذه.
وقوله تعالى: (طوّافون عليكم) على معنى هم طوافون عليكم.
وقوله: (بعضكم على بعض) على معنى يطوف بعضكم على بعض). [معاني القرآن: 4/53-52]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم}
في هذه الآية أقوال:
1 - روى ابن جريح عن مجاهد قال هم العبيد المملوكون
2 - وروى إسرائيل عن ليث عن نافع عن ابن عمر ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم الإناث
3 - وروى سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن قال هي للنساء خاصة
أي إن سبيل الرجال أن يستأذنوا في كل وقت والنساء يستأذن في هذه الأوقات الخاصة
ولا يجوز في اللغة أن يقال للنساء الذين ولو كان للنساء خاصة لقيل اللاتي أو اللائي أو ما أشبه ذلك إلا أن يجتمع مذكر ومؤنث فيقال الذين لهم جميعا
وروى عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلين من أهل العراق سألاه عن قوله عز وجل: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} فقال إن الله جل وعز ستير يحب السترة ولم يكن للمسلمين يومئذ ستور ولا حجال فكان ولد الرجل وخادمه ويتيمه ربما دخل عليه وهو مع أهله فأمر الله جل وعز بالاستئذان فلما بسط الله الرزق واتخذ الناس الستور والحجال رأوا أن ذلك يغنيهم عن الاستئذان وفي بعض الروايات فترك الناس العمل بالآية
قال الشعبي ليست بمنسوخة
وأولى ما في هذا وأصحه إسنادا ما رواه عبد الملك عن عطاء قال سمعت ابن عباس يقول ثلاث آيات ترك الناس العمل بها
أ- قوله: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم}
ب- وقوله: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}
ويقول فلان أنا أكرم من فلان وإنما أكرمهما أتقاهما
قال عطاء ونسيت الثالثة
قال أبو جعفر فهذا من ابن عباس على جهة الإنكار وهو مفسر لما رواه عكرمة في رواية من قال فترك الناس العمل بها
وقد روى ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قال إني لآمر جاريتي هذه وأومأ إلى جارية بيضاء قصيرة أن تستأذن علي).
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم بين المرات فقال سبحانه: {من قبل صلاة الفجر} لأنه الوقت الذي يلبس الناس فيه ثيابهم يخرجون من فرشهم،
{وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة} لأنه وقت القائلة
{ومن بعد صلاة العشاء} قال الزهري وهي التي يسميها الناس العتمة
قال فيستأذنون في هذه الأوقات خاصة فأما غيرهم فيستأذنوا كل وقت).
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {ثلاث عورات لكم}
أي أوقات الاستئذان ثلاث عورات
والنصب بمعنى يستأذنون وقت ثلاث عورات لكم
ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن أي في الدخول بغير إذن
طوافون عليكم أي يخدمونكم
بعضكم على بعض أي يطوف بعضكم على بعض). [معاني القرآن: 4/554-550]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ثلاث عَوْرَاتٍ}: الغفلة، الخلوة، طرح الثياب). [العمدة في غريب القرآن: 221]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم} [النور: 59] يعني من احتلم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/460]
{كذلك يبيّن اللّه} [النور: 59] هكذا يبيّن اللّه.
{لكم آياته واللّه عليمٌ} [النور: 59] بخلقه.
{حكيمٌ} [النور: 59] في أمره). [تفسير القرآن العظيم: 1/461]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:
{وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم...}

يقول: لا يدخلنّ عليكم في هذه الساعات إلا بإذن ولا في غير هذه السّاعات إلاّ بإذن. وقوله: {كما استأذن الذين من قبلهم} يريد الأحرار). [معاني القرآن: 2/260]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} في كل وقت {كما استأذن الّذين من قبلهم} يعني: الرجال).
[تفسير غريب القرآن: 307]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم كذلك يبيّن اللّه لكم آياته واللّه عليم حكيم}
فالبالغ يستأذن في كل الأوقات، والطفل والمملوك يستأذن في الثلاث العورات).
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا}
قال الزهري أي يستأذن الرجل على أمه وفي هذا المعنى نزلت هذه الآية). [معاني القرآن: 4/555-553]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {كما استأذن الذين من قبلهم}
يعني البالغين). [معاني القرآن: 4/555]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والقواعد من النّساء اللّاتي} [النور: 60] قد قعدت من المحيض والولد.
{لا يرجون نكاحًا} [النور: 60] لا يردنه.
تفسير مجاهدٍ.
قال يحيى: قد كبرن عن ذلك.
{فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} [النور: 60] غير متزيّنةٍ ولا متشوّفةٍ.
وأمّا الّتي قعدت من المحيض ولم تبلغ هذا الحدّ فلا.
والجلباب: الرّداء الّذي يكون فوق الثّياب، وإن كان كساءً، أو ساجًا أو ما كان من ثوبٍ.
سعيدٌ عن قتادة قال: القواعد من النّساء الّتي لا تحيض ولا تحدّث نفسها بالأزواج، رخّص لها أن تضع جلبابها.
- ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} [النور: 60] قال: تضع الجلباب.
قال: فلقيت سليمان بن يسارٍ فقال: تضع الخمار إن شاءت.
- وقال عكرمة عن ابن عبّاسٍ: لا ينبغي أن يبدو من المرأة لذوي المحرم إلا السّوار والخواتم والقرط.
ذكره ابن لهيعة، عن بكير بن الأشجّ، عن عكرمة.
قال: {وأن يستعففن} [النور: 60] يعني {اللّاتي لا يرجون نكاحًا} [النور: 60] عن ترك الجلباب.
{خيرٌ لهنّ واللّه سميعٌ عليمٌ} [النور: 60] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/461]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:
{والقواعد من النّساء الّلاتي لا يرجون نكاحاً...}

لا يطمعن في أن يتزوّجن من الكبر {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} و{من ثيابهنّ} وهو الرداء. فرخّص للكبيرة أن تضعه، لا تريد لذلك التزيّن. ثم قال {وأن يستعففن} فلا يضعن الأردية {خيرٌ لّهنّ} وفي قراءة عبد الله (أن يضعن من ثيابهم) ). [معاني القرآن: 2/261]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {والقواعد من النّساء} هن اللواتي قد قعدن عن الولد ولا يحضن قال الشماخ:
أبوال النساء القواعد). [مجاز القرآن: 2/69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {متبرّجاتٍ} التبرج أن يظهرن محاسنهن مما ينبغي لهن أن يظهرنها). [مجاز القرآن: 2/69]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {والقواعد من النساء}: اللاتي قعدن عن الولد.
{والتبرج}: أن تظهر المرأة ما لا ينبغي أن تظهره من محاسنها). [غريب القرآن وتفسيره: 275-274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والقواعد} يعني: العجز. واحدها: قاعد.
ويقال: «إنما قيل لها قاعد: لقعودها عن المحيض والولد».
وقد تقعد عن المحيض والولد: ومثلها يرجو النكاح، أي يطمع فيه.
ولا أراها سميت قاعدا، إلا بالقعود. لأنها إذا أسنّت: عجزت عن التصرف وكثرة الحركة، وأطالت القعود، فقيل لها: «قاعد» بلا هاء، ليدل بحذف الهاء على انه قعود كبر.
كما قالوا: «امرأة حامل» بلا هاء، ليدل بحذف الهاء على أنه حمل حبل. وقالوا في غير ذلك: قاعدة في بيتها، وحاملة على ظهرها.
{فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} يعني: الرداء.
{وأن يستعففن}: فلا يلقين الرداء، خيرٌ لهنّ. والعرب تقول: «امرأة واضع»: إذا كبرت فوضعت الخمار. ولا يكون هذا إلا في الهرمة). [تفسير غريب القرآن: 307-308]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والقواعد من النّساء اللّاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهنّ جناح أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجات بزينة وأن يستعففن خير لهنّ واللّه سميع عليم}
القواعد جمع قاعدة، وهي التي قعدت عن الزواج.
{اللّاتي لا يرجون نكاحا} أي لا يردنه، ولا يرجونه، وقيل أيضا اللاتي قد قعدن عن الحيض.
{فليس عليهنّ جناح أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجات بزينة}
قال ابن مسعود: أن يضعن الملحفة والرّداء.
{وأن يستعففن خير لهنّ}.
أي أن لا يضعن الرداء والملحفة خير لهن من أن يضعنه). [معاني القرآن: 4/53]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا}
قال أبو جعفر أبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى اللواتي قعدن عن الولد
وقال غيره يراد بهذا العجوز الكبيرة التي قعدت عن التصرف لأنها قد تقعد عن الولد وفيها بقية
قال ربيعة هي التي إذا رأيتها استقذرتها). [معاني القرآن: 4/555]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن}
روى أبو وائل عن عبد الله بن مسعود قال يعني الرداء
قال أبو جعفر والمعروف من قراءة عبد الله أن يضعن من ثيابهن). [معاني القرآن: 4/556]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن يستعففن خير لهن}
قال مجاهد أي يلبسن الجلباب خير لهن). [معاني القرآن: 4/556]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م, 06:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وغلام حالم، وجارية حالمة عند الإدراك، وقد حلم حلما، وكل محتلم من ذاك). [الفرق في اللغة: 95]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
[غريب الحديث: 1/340]
((ليست الهرة بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات))
قال: وكان يصغي لها الإناء.
قال: حدثنيه سفيان بن عيينة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن امرأة، عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((من الطوافين أو الطوافات عليكم)) إنما جعلها بمنزلة المماليك، ألا تسمع قول الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} إلى قوله: {ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم} وقال عز وجل في موضع آخر: {يطوف عليهم ولدان مخلدون}.
فهؤلاء الخدم.
فمعنى هذا الحديث أنه جعل الهرة كبعض الطوافين.
ومن هذا قول إبراهيم: إنما الهرة كبعض أهل البيت.
ومثله قول ابن عباس: إنما هي من متاع البيت.
وأما حديث ابن عمر أنه كان يكره سؤر الهرة فإنه إنما ذهب إلى أنه سبع له ناب.
وكذلك حديث أبي هريرة). [غريب الحديث: 1/341-342]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) }

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وامرأة قاعد إذا قعدت من المحيض وامرأة قاعدة من القعود وواحد قواعد البيت قاعدة وواحد القواعد من النساء قاعد). [إصلاح المنطق: 341]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن وإن الخفيفتين
اعلم أن أن تكون في الكلام على أربعة أوجه: فوجه: أن تكون هي والفعل الذي تنصبه مصدراً؛ نحو قولك: أريد أن تقوم يا فتى؛ أي: أريد قيامك، وأرجو أن تذهب يا فتى، أي: أرجو ذهابك. فمن ذلك قول الله: {وأن تصوموا خيرٌ لكم} أي والصيام خير لكم. ومثله: {وأن يستعففن خيرٌ لهن}.
ووجه آخر: أن تكون مخففة من الثقيلة. وذلك قوله عز وجل: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}. لو نصبت بها وهي مخففة لجاز. فإذا رفعت ما بعدها فعلى حذف التثقيل والمضمر في النية، فكأنه قال: إنه الحمد لله رب العالمين. وقد مضى تفسير هذا في موضع عملها خفيفةً.
والوجه الثالث أن تكون في معنى أي التي تقع للعبارة والتفسير، وذلك قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم}. ومثله: بينت له الحديث أن قد كان كذا وكذا. تريد: أي امشوا، وأي قد كان كذا وكذا.
ووجه رابع: أن تكون زائدة مؤكدة؛ وذلك قولك: لما أن جاء زيد قمت، ووالله أن لو فعلت لأكرمتك.
وأما إن المكسورة فإن لها أربعة أوجه مخالفةً لهذه الوجوه.
فمن ذلك إن الجزاء؛ وذلك قولك: إن تأتني آتك، وهي أصل الجزاء؛ كما أن الألف أصل الاستفهام.
وتكون في معنى ما. تقول: إن زيد منطلق، أي: ما زيد منطلق.
وكان سيبويه لا يرى فيها إلا رفع الخبر؛ لأنها حرف نفي دخل على ابتداء وخبره؛ كما تدخل ألف الاستفهام فلا تغيره. وذلك كمذهب بني تميم في ما.
وغيره يجيز نصب الخبر على التشبيه بليس؛ كما فعل ذلك في ما. وهذا هو القول، لأنه لا فصل بينها وبين ما في المعنى، وذلك قوله عز وجل: {إن الكافرون إلا في غرورٍ} وقال: {إن يقولون إلا كذباً}. فهذان موضعان.
والموضع الثالث: أن تكون إن المكسورة المخففة من الثقيلة، فإذا رفعت ما بعدها لزمك أن تدخل اللام على الخبر، ولم يجز غير ذلك؛ لأن لفظها كلفظ التي في معنى ما، وإذا دخلت اللام علم أنها الموجبة لا النافية، وذلك قولك: إن زيداً لمنطلق. وعلى هذا قوله عز وجل: {إن كل نفسٍ لما عليها حافظ} {وإن كانوا ليقولون}.
وإن نصبت بها لم تحتج إلى اللام إلا أن تدخلها توكيداً؛ كما تقول: إن زيداً لمنطلق.
والموضع الرابع: أن تدخل زائدةً مع ما، فتردها إلى الابتداء، كما تدخل ما على إن الثقيلة، فتمنعها عملها، وتردها إلى الابتداء في قولك: إنما زيد أخوك، و{إنما يخشى الله من عباده العلماء} وذلك قولك: ما إن يقوم زيد، وما إن زيدٌ منطلق. لا يكون الخبر إلا مرفوعاً لما ذكرت لك. قال زهير:
ما إن يكاد يخليهم لوجهتـهـم = تخالج الأمر إن الأمر مشترك
وقال الآخر:
وما إن طبنا جبنٌ ولكن = منايانا ودولة آخرينـا
فإن قال قائل: فما بالها لما خففت من الثقيلة المكسورة اختير بعدها الرفع، ولم يصلح ذلك في المخففة من المفتوحة إلا أن ترفع على أن يضمر فيها? قيل: لأن المفتوحة وما بعدها مصدرٌ، فلا معنى لها للابتداء، والمكسورة، إنما دخلت على الابتداء وخبره، فلما نقصت عن وزن الفعل رجع الكلام إلى أصله.
ومن رأى النصب بها أو بالمفتوحة مع التخفيف قال: هما بمنزلة الفعل، فإذا خففتا كانتا بمنزلة فعل محذوف منه، فالفعل يعمل محذوفاً عمله تاماً. فذلك قولك: لم يك زيداً منطلقاً، فعمل عمله والنون فيه. والأقيس الرفع فيما بعدها، لأن إن إنما أشبهت الفعل باللفظ لا بالمعنى، فإذا نقص اللفظ ذهب الشبه. ولذلك الوجه الآخر وجهٌ من القياس كما ذكرت لك.
وكان الخليل يقرأ إن هذان لساحران، فيؤدي خط المصحف ومعنى إن الثقيلة في قراءة ابن مسعود إن ذان لساحران). [المقتضب: 2/358-361] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن الصلة موضحة للاسم؛ فلذلك كانت في هذه الأسماء المبهمة، وما شاكلها في المعنى؛ ألا ترى أنك لو قلت: جاءني الذي، أو مررت بالذي لم يدللك ذلك على شيءٍ حتى تقول: مررت بالذي قام، أو مررت بالذي من حاله كذا وكذا، أو بالذي أبوه منطلق. فإذا قلت: هذا وما أشبهه وضعت اليد عليه. فإذا قلت: أريد أن تقوم يا فتى، فتقوم من صلة أن حتى تم مصدراً، فصار المعنى: أريد قيامك، وكذلك يسرني أن تقوم يا فتى. تقوم من صلة أن حتى تم مصدرا، فصار المعنى: يسرني قيامك. قال الله عز وجل: {وأن يستعففن خيرٌ لهن}، و{وأن تصوموا خيرٌ لكم} فهذا على ما وصفت لك). [المقتضب: 3/197]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
جربن فما يهنأن إلا بغلقة = عطين وأبوال النساء القواعد
ويروى: فلا هكذا رواها أبو عكرمة بغلقة بكسر الغين وأنكر ذلك أحمد بن عبيد وغيره وثعلب أنكر أيضًا، وقالوا: الغين مفتوحة لا غير، قال أبو عكرمة: قوله جربن مثل يلزق بكم من عارها مثل الجرب لا يذهبه إلا الغلقة، والغلقة: دباغ يدبغ به أهل اليمن، يقال: أديم مغلوق إذا دبغ بالغلقة، ويهنأن: يطلين وذلك الفعل الهنأ، و(القواعد من النساء) اللاتي كبرن وارتفع حيضهن، ويئسن من الولادة، قال الأصمعي: أراد أن يهول عليهم بالجرب والغلقة ويفظع بأبوال العجائز، قال أبو عمرو: وغلقة شجرة لها لبن، والعطين: المعفنة كما يعطن الجلد وهو أن يدرج بصوفه حتى يتمعط، ويروى جربن فلا يهنأن، قال: وإنما قال جربن أي عليكم بها تبعة وهي لإعراضكم بلاء لا يداوى إلا بمنتن من الأمر، يقال غلقة عطين أي: منتنة وإنما يدبغ بها أهل الطائف الجلود، يقول جربت فلا تهنأ إلا بأبوال النساء يفظع). [شرح المفضليات: 136-137]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقوله: بعد إقعادها أي: بعد أن طال مكثها مأخوذ من المرأة القاعد وهي التي قعدت عن الأزواج، قال الله عز ذكره: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا}، واحدتهن قاعد بغير هاء). [شرح المفضليات: 665]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:46 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:46 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:49 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم}
قال ابن عمر رضي الله عنهما: الذين ملكت أيمانكم يراد به الرجال خاصة، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: يراد به النساء خاصة، وسبيل الرجال أن يستأذنوا في كل وقت، وحكى الزهراوي عن أبي عمر رضي الله عنهما ونحوه، وقيل: الرجال والنساء
[المحرر الوجيز: 6/406]
كلهم مراد، ورجحه الطبري. وقرأ الجمهور الناس: "الحلم" بضم اللام، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "الحلم" بسكون اللام، وكان أبو عمرو يستحسنها.
وهذه الآية محكمة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: تركها الناس، وكذلك ترك الناس قوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، فأبى الناس إلا أن الأكرم هو الأنسب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه العبارة بترك [الناس] إغلاظ وزجر، إذ لم تلتزم حق الالتزام، وإلا فما قال الله تعالى هو المعتقد في ذلك عند العلماء المكتوب في تواليفهم، أعني أن الكرم التقوى، وأما أمر الاستئذان فإن تغيير المباني والحجب أغنت عن كثير من الاستئذان، وصيرته على حد آخر، وأين أبواب المنازل اليوم من مواضع النوم؟ وقد ذكر المهدوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان العمل بهذه الآية واجبا إذ كانوا لا غلق ولا أبواب، ولو عادت الحال لعاد الوجوب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهي الآن واجبة في كثير من مساكن المسلمين في البوادي والصحارى ونحوها.
ومعنى الآية عند جماعة من العلماء أن الله تعالى أدب عباده بأن يكون العبيد -إذ لا بال لهم- والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم إلا أنهم عقلوا معاني الكشفة ونحوها، يستأذنون على أهليهم في هذه الأوقات الثلاثة، وهي الأوقات التي تقتضي عادة الناس الانكشاف فيها وملازمة التعري في المضاجع، وهي: عند الصباح لأن الناس في ذلك الوقت عراة في مضاجعهم، وقد ينكشف النائم فمن مشى ودخل وخرج فحكمه أن يستأذن لئلا يطلع على ما يجب ستره، وكذلك في وقت القائلة -وهي الظهيرة- لأن النهار يظهر فيها إذا علا واشتد حره، وبعد العشاء لأنه وقت التعري للنوم والتبدل للفراش، وأما غير هذه الأوقات التي هي عروة، أي ذات انكشاف، فالعرف من
[المحرر الوجيز: 6/407]
الناس التحفظ والتحرز، فلا حرج في دخول هذه الصنيفة بغير إذن؛ إذ هم طوافون يمضون ويجيئون لا يجد الناس بدا من ذلك. وقرأ ابن أبي عبلة: "طوافين" بالياء، وقال الحسن: إذا أبات الرجل خادمه معه فلا استئذان عليه حتى في هذه الأوقات الثلاثة. وقوله تعالى: {بعضكم على بعض} بدل من قوله: "طوافون" وثلاث عورات نصب على الظرف لأنهم لم يؤمروا بالاستئذان ثلاثا، إنما أمروا بالاستئذان ثلاثة مواطن، فالظرفين في "ثلاث" بينة.
قرأ جمهور السبعة: "ثلاث عورات" برفع "ثلاث"، وكذا على الابتداء، وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: "ثلاث عورات" بنصب "ثلاث"، وهذه على البدل من الظرف في قوله: "ثلاث مرات"، وهذا البدل إنما يصح معناه بتقدير: أوقات ثلاث عورات، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، و"عورات" جمع عورة، وبابه في الصحيح أن يجيء على "فعلات" بفتح العين، كجفنة وجفنات ونحو ذلك، وسكنوا العين في المعتل كبيضة وبيضات وجوبة وجوبات ونحوه، لأن فتحه داع إلى اعتلاله فلم يفتح لذلك). [المحرر الوجيز: 6/408]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم}
المعنى أن الأطفال أمروا بالاستئذان في الأوقات الثلاثة المذكورة، وأبيح لهم الأمر في غير ذلك من الأوقات، ثم أمر الله تعالى في هذه الآية أن يكونوا -إذا بلغوا الحلم- على حكم الرجال في الاستئذان في كل وقت، وهذا بيان من الله عز وجل). [المحرر الوجيز: 6/408]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "القواعد" يريد النساء اللائي قد أسنن وقعدن عن الولد، واحدتهن قاعد، وقال ربيعة: هي هنا التي تستقذر من كبرها، قال غيره: وقد تقعد المرأة عن الولد وفيها مستمتع، فلما كان الغالب من النساء أن ذوات هذا السن لا مذهب للرجل فيهن أبيح
[المحرر الوجيز: 6/408]
لهن ما لم يبح لغيرهن، وأزيل عنهن كلفة التحفظ المتعب؛ إذ علة التحفظ مرتفعة فيهن. وقرأ ابن مسعود: "أن يضعن من ثيابهن"، وهي قراءة أبي، وروي عن ابن مسعود أيضا: "من جلابيبهن"، والعرب تقول: "امرأة واضع" للتي كبرت فوضعت خمارها، ثم استثني عليهن في وضع الثياب ألا يقصدن به التبرج وإبداء الزينة، فرب عجوز يبدو منها الحرص على أن يظهر لها جمال ونحو هذا مما هو أقبح الأشياء وأبعده عن الحق.
والتبرج طلب البدو والظهور، ومنه: "بروج مشيدة"، وأصل ذلك بروج السماء والأسوار، والذي أبيح وضعه لهذه الصنيفة الجلباب الذي فوق الخمار والرداء، قاله ابن مسعود، وابن جبير، وغيرهما.
ثم ذكر تعالى أن تحفظ الجميع منهن واستعفافهن عن وضع الثياب والتزامهن ما يلتزمه الشباب من الستر، أفضل لهن وخير، وقرأ ابن مسعود: "وأن يتعففن" بغير سين، ثم ذكر تعالى أنه سميع لما يقول كل قائل وقائلة، عليم بمقصد كل أحد في قوله، وفي هاتين الصفتين توعد وتحذير، والله الموفق للصواب برحمته). [المحرر الوجيز: 6/409]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:59 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 06:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ طوّافون عليكم بعضكم على بعضٍ كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات واللّه عليمٌ حكيمٌ (58) وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم كذلك يبيّن اللّه لكم آياته واللّه عليمٌ حكيمٌ (59) والقواعد من النّساء اللاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ وأن يستعففن خيرٌ لهنّ واللّه سميعٌ عليمٌ (60)}
هذه الآيات الكريمة اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعضٍ. وما تقدّم في أوّل السّورة فهو استئذان الأجانب بعضهم على بعضٍ. فأمر اللّه تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم ممّا ملكت أيمانهم وأطفالهم الّذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوالٍ: الأوّل من قبل صلاة الغداة؛ لأنّ النّاس إذ ذاك يكونون نيامًا في فرشهم {وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة} أي: في وقت القيلولة؛ لأنّ الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله، {ومن بعد صلاة العشاء} لأنّه وقت النّوم، فيؤمر الخدم والأطفال ألّا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال، لما يخشى من أن يكون الرّجل على أهله، ونحو ذلك من الأعمال؛ ولهذا قال: {ثلاث عوراتٍ لكم ليس عليكم ولا عليهم جناحٌ بعدهنّ} أي: إذا دخلوا في حالٍ غير هذه الأحوال فلا جناح عليكم في تمكينكم إيّاهم من ذلك، ولا عليهم إن رأوا شيئًا في غير تلك الأحوال؛ لأنّه قد أذن لهم في الهجوم، ولأنّهم {طوّافون} عليكم، أي: في الخدمة وغير ذلك، ويغتفر في الطّوّافين ما لا يغتفر في غيرهم؛ ولهذا روى الإمام مالكٌ وأحمد بن حنبلٍ وأهل السّنن أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في الهرّة: "إنّها ليست بنجس؛ إنّها من الطّوّافين عليكم -أو -والطّوّافات".
ولـمّا كانت هذه الآية محكمةً ولم تنسخ بشيءٍ، وكان عمل النّاس بها قليلًا جدًّا، أنكر عبد اللّه بن عبّاسٍ ذلك على النّاس، كما قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكير، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عبّاسٍ: ترك النّاس ثلاث آياتٍ فلم يعملوا بهنّ: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم [منكم ثلاث مرّاتٍ]} إلى آخر الآية، والآية الّتي في سورة النّساء: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} [النّساء: 8]، والآية الّتي في الحجرات: {إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم} [الحجرات: 13]
وروي أيضًا من حديث إسماعيل بن مسلمٍ -وهو ضعيفٌ -عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عبّاسٍ قال: غلب الشّيطان النّاس على ثلاث آياتٍ، فلم يعملوا بهنّ: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} إلى آخر الآية.
وقال أبو داود: حدّثنا ابن الصّبّاح بن سفيان وابن عبدة -وهذا حديثه -أخبرنا سفيان، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، سمع ابن عبّاسٍ يقول: لم يؤمن بها أكثر النّاس -آية الإذن -وإنّي لآمر جاريتي هذه تستأذن عليّ.
قال أبو داود: وكذلك رواه عطاءٌ، عن ابن عبّاسٍ يأمر به.
وقال الثّوريّ، عن موسى بن أبي عائشة سألت الشّعبيّ: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم}، قال: لم تنسخ. قلت: فإنّ النّاس لا يعملون بها. فقال: اللّه المستعان.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الرّبيع بن سليمان، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرنا سليمان بن بلالٍ، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ رجلين سألاه عن الاستئذان في الثّلاث عوراتٍ الّتي أمر اللّه بها في القرآن، فقال ابن عبّاسٍ: إنّ اللّه ستّير يحبّ السّتر، كان النّاس ليس لهم ستورٌ على أبوابهم ولا حجال في بيوتهم، فربّما فاجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره، وهو على أهله، فأمرهم اللّه أن يستأذنوا في تلك العورات الّتي سمّى اللّه. ثمّ جاء اللّه بعد بالسّتور، فبسط [اللّه] عليهم الرّزق، فاتّخذوا السّتور واتّخذوا الحجال، فرأى النّاس أنّ ذلك قد كفاهم من الاستئذان الّذي أمروا به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ إلى ابن عبّاسٍ، ورواه أبو داود، عن القعنبيّ، عن الدّراورديّ، عن عمرو بن أبي عمرو به.
وقال السّدّي: كان أناسٌ من الصّحابة، رضي اللّه عنهم، يحبّون أنّ يواقعوا نساءهم في هذه السّاعات ليغتسلوا ثمّ يخرجوا إلى الصّلاة، فأمرهم اللّه أن يأمروا المملوكين والغلمان ألّا يدخلوا عليهم في تلك السّاعات إلّا بإذنٍ.
وقال مقاتل بن حيّان: بلغنا -واللّه أعلم -أنّ رجلًا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرشدة صنعا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم طعامًا، فجعل النّاس يدخلون بغير إذنٍ، فقالت أسماء: يا رسول اللّه، ما أقبح هذا! إنّه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوبٍ واحدٍ، غلامهما بغير إذنٍ! فأنزل اللّه في ذلك: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم [ثلاث مرّاتٍ]} الآية.
وممّا يدلّ على أنّها محكمةٌ لم تنسخ، قوله: {كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات واللّه عليمٌ حكيمٌ}). [تفسير ابن كثير: 6/ 81-83]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم} يعني: إذا بلغ الأطفال الّذين إنّما كانوا يستأذنون في العورات الثّلاث، إذا بلغوا الحلم، وجب عليهم أن يستأذنوا على كلّ حالٍ، يعني بالنّسبة إلى أجانبهم وإلى الأحوال الّتي يكون الرّجل على امرأته، وإن لم يكن في الأحوال الثّلاث.
قال الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ: إذا كان الغلام رباعيًّا فإنّه يستأذن في العورات الثّلاث على أبويه، فإذا بلغ الحلم فليستأذن على كلّ حالٍ. وهكذا قال سعيد بن جبيرٍ.
وقال في قوله: {كما استأذن الّذين من قبلهم} يعني: كما استأذن الكبار من ولد الرّجل وأقاربه). [تفسير ابن كثير: 6/ 83]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والقواعد من النّساء} قال سعيد بن جبير، ومقاتل بن حيّان، وقتادة، والضّحّاك: هنّ اللّواتي انقطع عنهنّ الحيض ويئسن من الولد، {اللاتي لا يرجون نكاحًا} أي: لم يبق لهنّ تشوّف إلى التّزويج، {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} أي: ليس عليها من الحرج في التّستّر كما على غيرها من النّساء.
قال أبو داود: حدّثنا أحمد بن محمّدٍ المروزيّ حدّثني عليّ بن الحسين بن واقدٍ، عن أبيه، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ} الآية [النّور: 31] فنسخ، واستثنى من ذلك {والقواعد من النّساء اللاتي لا يرجون نكاحًا} الآية
قال ابن مسعودٍ [في قوله]: {فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ} قال: الجلباب، أو الرّداء: وكذا روي عن ابن عبّاسٍ، وابن عمر، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وأبي الشّعثاء وإبراهيم النّخعيّ، والحسن، وقتادة، والزّهريّ، والأوزاعيّ، وغيرهم.
وقال أبو صالحٍ: تضع الجلباب، وتقوم بين يدي الرّجل في الدّرع والخمار.
وقال سعيد بن جبير وغيره، في قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ: "إن يضعن من ثيابهنّ" وهو الجلباب من فوق الخمار فلا بأس أن يضعن عند غريبٍ أو غيره، بعد أن يكون عليها خمارٌ صفيق.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {غير متبرّجاتٍ بزينةٍ} يقول: لا يتبرّجن بوضع الجلباب، أن يرى ما عليها من الزّينة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن عبيد اللّه، حدّثنا ابن المبارك، [حدّثني سوّار بن ميمونٍ، حدّثتنا طلحة بنت عاصم، عن أم المصاعن، عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّها قالت: دخلت عليّ] فقلت: يا أمّ المؤمنين، ما تقولين في الخضاب، والنّفاض، والصّباغ، والقرطين، والخلخال، وخاتم الذّهب، وثياب الرّقاق؟ فقالت: يا معشر النّساء، قصّتكنّ كلّها واحدةٌ، أحلّ اللّه لكنّ الزّينة غير متبرّجاتٍ. أي: لا يحلّ لكنّ أن يروا منكنّ محرّمًا.
وقال السّدّيّ: كان شريكٌ لي يقال له: "مسلمٌ"، وكان مولًى لامرأة حذيفة بن اليمان، فجاء يومًا إلى السّوق وأثر الحنّاء في يده، فسألته عن ذلك، فأخبرني أنّه خضب رأس مولاته -وهي امرأة حذيفة -فأنكرت ذلك. فقال: إن شئت أدخلتك عليها؟ فقلت: نعم. فأدخلني عليها، فإذا امرأةٌ جليلةٌ، فقلت: إنّ مسلمًا حدّثني أنّه خضّب رأسك؟ فقالت: نعم يا بنيّ، إنّي من القواعد اللّاتي لا يرجون نكاحًا، وقد قال اللّه في ذلك ما سمعت.
وقوله: {وأن يستعففن خيرٌ لهنّ} أي: وترك وضعهنّ لثيابهنّ -وإن كان جائزًا -خيرٌ وأفضل لهنّ، واللّه سميعٌ عليمٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 83-84]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة