العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:12 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة الكهف

التفسير اللغوي لسورة الكهف

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 06:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 16]

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16)}

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الحمد للّه} حمد نفسه، وهو أهل الحمد.
{الّذي أنزل على عبده} محمّدٍ.
{الكتاب} القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/171]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولم يجعل له عوجا {1} قيّمًا} فيها تقديمٌ.
يقول: أنزل على عبده الكتاب قيّمًا ولم يجعل له عوجًا.
عاصم بن حكيمٍ، أنّ مجاهدًا قال: أنزله قيّمًا لا عوج فيه ولا اختلاف.). [تفسير القرآن العظيم: 1/171] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(قوله تبارك وتعالى: {ولم يجعل لّه عوجا قيّماً}
المعنى: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيّما، ولم يجعل له عوجاً.
ويقال في القيّم: قيّم على الكتب أي أنه يصدّقها). [معاني القرآن: 2/133]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل لّه عوجا * قيّماً لّينذر بأساً شديداً مّن لّدنه ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجراً حسناً}
قال: {عوجا}، {قيّماً} أي: أنزل على عبده الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا). [معاني القرآن: 2/74-73]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيّماً} مقدّم ومؤخّر.
أراد: أنزل الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا). [تفسير غريب القرآن: 263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} بل نزَّله قيّمًا مفصّلاً بيّناً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ). [تأويل مشكل القرآن: 3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن المقدّم والمؤخّر قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا}
أراد: أنزل الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا). [تأويل مشكل القرآن: 206]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا}
قال أهل التفسير وأهل اللغة: إن معناه الحمد للّه الذي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا.
ومعنى قيّم: مستقيم، والعوج - بكسر العين - فيما لا يرى له شخص، وما كان له شخص قيل فيه عوج بفتح العين؛ تقول: في دينه عوج، وفي العصا عوج - بفتح العين -.
وتأويله الشكر للّه الذي أنزل على محمد الكتاب مستقيما ولم يجعل له عوجا، أي لم يجعل فيه اختلافا، كما قال جل ثناؤه: (ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) ). [معاني القرآن: 3/267]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (من ذلك قوله جل وعز: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قـيّما} في هذا قولان:
أحدهما: أنها على التقديم والتأخير، والمعنى: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا.. يروى هذا المعنى عن ابن عباس ومجاهد.
قال أبو جعفر: حدثنا بكر بن سهل قال: نا عبد الله بن صالح قال: نا معاوية بن صالح قال: حدثني علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {ولم يجعل له عوجا قيما}، يقول: أنزل الكتاب عدلا قيما ولم يجعل له عوجا ملتبسا.
والقول الآخر: رواه سعيد عن قتادة قال: (في بعض القراءات {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا} ولكن جعله قيما) ). [معاني القرآن: 4/211-212]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وفي قوله تعالى: {ولم يجعل له عوجا} قولان:
أحدهما: أنه لم يجعله مختلفا كما قال سبحانه: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}
والقول الآخر: أنه لم يجعله مخلوقا كما روى عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال: غير مخلوق.). [معاني القرآن: 4/212]

تفسير قوله تعالى: (قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الحمد للّه} حمد نفسه، وهو أهل الحمد.
{الّذي أنزل على عبده} محمّدٍ.
{الكتاب}: القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/171]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولم يجعل له عوجا {1} قيّمًا} فيها تقديمٌ.
يقول: أنزل على عبده الكتاب قيّمًا ولم يجعل له عوجًا.
عاصم بن حكيمٍ، أنّ مجاهدًا قال: أنزله قيّمًا لا عوج فيه ولا اختلاف.
{لينذر بأسًا شديدًا} عذابًا شديدًا.
{من لدنه} قال قتادة: أي من عنده، من عند اللّه.
{ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرًا حسنًا} عند اللّه في الجنّة.
وقال في آيةٍ أخرى: {ولكلٍّ درجاتٌ ممّا عملوا} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/171]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {لّينذر بأساً شديداً...} مع البأس أسماء مضمرة يقع عليها الفعل قبل أن يقع على البأس.

ومثله في آل عمران {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه} معناه: يخوفكم أولياءه). [معاني القرآن: 2/133]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({من لدنه} من عنده). [مجاز القرآن: 1/393]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل لّه عوجا * قيّماً لّينذر بأساً شديداً مّن لّدنه ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجراً حسناً}
قال: {عوجا}، {قيّماً} أي: أنزل على عبده الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا). [معاني القرآن: 2/73-74] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لينذر بأساً شديداً} أي لينذر ببأس شديد، أي عذاب). [تفسير غريب القرآن: 263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن المقدّم والمؤخّر قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا} أراد: أنزل الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا). [تأويل مشكل القرآن: 206] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}. أي يخوّفكم بأوليائه،
كما قال سبحانه: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} أي لينذركم ببأس شديد). [تأويل مشكل القرآن: 222] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قيّما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرا حسنا} أي: لينذرهم بالعذاب البائس.
{من لدنه}: من قبله.
{ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرا حسنا} المعنى بأن لهم أجرا حسنا). [معاني القرآن: 3/267-268]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (من ذلك قوله جل وعز: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما} في هذا قولان:
أحدهما: أنها على التقديم والتأخير، والمعنى: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا، يروى هذا المعنى عن ابن عباس ومجاهد.
قال أبو جعفر: حدثنا بكر بن سهل قال نا عبد الله بن صالح قال نا معاوية بن صالح قال حدثني علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ولم يجعل له عوجا قيما يقول أنزل الكتاب عدلا قيما ولم يجعل له عوجا ملتبسا.
والقول الآخر: رواه سعيد عن قتادة قال: في بعض القراءات {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا} ولكن جعله قيما). [معاني القرآن: 4/211-212] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وفي قوله جل وعز: {قيما} قولان:
أحدهما: رواه جويبر عن الضحاك، قال: مستقيما.
والقول الآخر: أنه قيما على الكتب؛ أي يصدقها). [معاني القرآن: 4/213]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {لينذر بأسا شديدا من لدنه}، المعنى: لينذركم بأسا شديدا، كما قال تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه}). [معاني القرآن: 4/213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لينذر بأسا شديدا} أي ببأس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 141]

تفسير قوله تعالى: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ماكثين فيه} في ذلك الثّواب، وهو الجنّة، {أبدًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/171]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ):
({مّاكثين فيه أبداً}

وقال: {مّاكثين فيه أبداً} حال على {أنّ لهم أجراً حسناً} ). [معاني القرآن: 2/74]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ماكثين فيه أبدا}
{ماكثين}: منصوب على الحال في معنى خالدين). [معاني القرآن: 3/268]

تفسير قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أبدًا {3} وينذر الّذين قالوا اتّخذ اللّه ولدًا {4} ما لهم به من علمٍ} أنّ
للّه ولدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/171-172]

تفسير قوله تعالى: (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أبدًا {3} وينذر الّذين قالوا اتّخذ اللّه ولدًا {4} ما لهم به من علمٍ} أنّ للّه ولدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/171-172] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولا لآبائهم} قبلهم الّذين كانوا في الشّرك.
{كبرت كلمةً تخرج من أفواههم} هي على قراءة النّصب عملٌ في باب كان.
وكان الحسن يقرأها بالرّفع: كلمةٌ، يقول: كبرت تلك الكلمة أن قالوا: إنّ للّه ولدًا.
قال: {إن يقولون إلا كذبًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/172]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {مّا لهم به من علمٍ ولا لآبائهم...} معناه ولا لأسلافهم: آبائهم وآباء آبائهم [ولا] يعني الآباء الذين هم لأصلابهم فقط.

وقوله: {كبرت كلمةً تخرج من أفواههم} نصبها أصحاب عبد الله، ورفعها الحسن وبعض أهل المدينة..
- فمن نصب أضمر في (كبرت): كبرت تلك الكلمة كلمةً.
- ومن رفع لم يضمر شيئاً؛ كما تقول: عظم قولك وكبر كلامك). [معاني القرآن: 2/134-133]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({مّا لهم به من علمٍ ولا لآبائهم كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلاّ كذباً}
وقال: {كبرت كلمةً} لأنّها في معنى: أكبر بها كلمةً. كما قال: {وساءت مرتفقاً} وهي في النصب مثل قول الشاعر:
ولقد علمت إذ الرّياح تروّحت.......هدج الرّئال تكبّهنّ شمالا
أي: تكبّهنّ الرّياح شمالا. فكأنّه قال: كبرت تلك الكلمة. وقد رفع بعضهم الكلمة لأنّها هي التي كبرت). [معاني القرآن: 2/74]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلّا كذبا}
{كبرت كلمة تخرج من أفواههم}
وتقرأ "كلمة" بالرفع والنصب..
- فمن نصب فالمعنى كبرت مقالتهم "اتخذ اللّه ولدا" كلمة، فكلمة منصوب على التمييز.
- ومن قرأ "كلمة" بالرفع فالمعنى عظمت كلمة هي قولهم: "اتخذ الله ولدا".
ويجوز في كبرت، كبرت كلمة - بتسكين الباء، ولا أعلم أحدا قرأ بها). [معاني القرآن: 3/268]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} المعنى كبرت تلك الكلمة كلمة عند الله وهي قولهم: {اتخذ الله ولدا} أي كبرت من كلمة
وقيل فيه معنى التعجب، كما يقال لقاض قضى بالحق ما أقضاه، فيكون المعنى ما أكبرها من كلمة.
وقرأ الحسن ومجاهد ويحيى بن يعمر (كبرت كلمة تخرج من أفواههم) بالرفع، ومعناه: عظمت، يقال "كبر الشيء" إذا عظم، وكبر إذا أسن). [معاني القرآن: 4/213-214]


تفسير قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فلعلّك باخعٌ نفسك}
قاتلٌ نفسك؛ في تفسير قتادة والعامّة،
{على آثارهم} ...
{أسفًا}، أي: حزنًا في تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه، أي: حزنًا عليهم {إن لم يؤمنوا بهذا الحديث}، يعني: القرآن.
أي: فلا تفعل.
فيها تقديمٌ.
وقال قتادة: {أسفًا} ، أي: غضبًا.
قال يحيى: مثل قوله: {فلمّا آسفونا} أغضبونا.
وقال مجاهدٌ: أسفًا، جزعًا. ذكره عاصم بن حكيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/172]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فلعلّك باخعٌ نّفسك...}

أي مخرج نفسك، قاتل نفسك.
وقوله: {إن لّم يؤمنوا} تكسرها إذا لم يكونوا آمنوا على نيّة الجزاء، وتفتحها إذا أردت أنها قد مضت؛ مثل قوله في موضع آخر: {أفنضرب عنكم الذّكر صفحاً إن كنتم} ، و{أن كنتم}.
ومثله قول الشاعر:
أتجزع أن بان الخليط المودّع.......وحبل الصّفا من عزّة المتقطع).
[معاني القرآن: 2/134]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فلعلّك باخعٌ نفسك} مهلكٌ نفسك،
قال ذو الرّمّة:
ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه.......لشئٍ نحته عن يديه المقادر
أي نحّته مشدّد، ويقال: بخعت له نفسي ونصحي أي جهدت له.
{بهذا الحديث أسفاً} أي ندماً وتلهّفاً، وأسىً). [مجاز القرآن: 1/393]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فلعلّك باخعٌ نّفسك على آثارهم إن لّم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً}
وأمّا قوله: {أسفاً} فإنّما هو {فلعلّك باخعٌ نّفسك}، {أسفاً}). [معاني القرآن: 2/74]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({باخع نفسك}: قاتل لها ومهلكها). [غريب القرآن وتفسيره: 223]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({باخعٌ نفسك} أي قاتل نفسك ومهلك نفسك.
قال ذو الرّمّة:
إلا أيها الباخع الوجد نفسه.......لشيء نحته عن يديه المقادر
{أسفاً}: حزنا.
الصعيد: المستوي. ويقال: وجه الأرض. ومنه قيل للتراب:
صعيد، لأنه وجه الأرض.
و(الجزر): التي لا تنبت شيئا. يقال: أرض جزر وأرضون أجراز). [تفسير غريب القرآن: 263]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فلعلّك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا}
تأويله: فلعلك مهلك نفسك، وقال بعضهم: قاتل نفسك، والمعنى واحد.
قال الشاعر:
ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه.......لشيء نحته عن يديه المقادر
المعنى: ألا أيهذا الذي أهلك الوجد نفسه.
ومعنى {على آثارهم}: أي من بعدهم.
{إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} يعنى بالحديث القرآن، و (أسفا) منصوب لأنه مصدر في موضع الحال،
والأسف المبالغة في الحزن أو الغضب. يقال: قد أسف الرجل؛ فهو أسيف وآسف.
قال الشاعر:
أرى رجلا منهم أسيفا كأنّما.......يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا).
[معاني القرآن: 3/269-268]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فلعلك باخع نفسك على آثارهم}
روى سعيد عن قتادة قال: قاتل نفسك، ثم قال على آثارهم أي بعدهم). [معاني القرآن: 4/214]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا}
قال قتادة: (أي غضبا).
قال مجاهد: (أي جزعا وهذا أشبه أي حزنا عليهم) ). [معاني القرآن: 4/215]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({باخع نفسك} أي: قاتل نفسك). [ياقوتة الصراط: 317]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أسفا}: حزنا). [ياقوتة الصراط: 317]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({باخع نفسك} أي قاتل ومهلك.
{أسفا}: أي حزنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 141]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَاخِعٌ}: قاتل). [العمدة في غريب القرآن: 186]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم} لنختبرهم.
{أيّهم أحسن عملا} أيّهم أطوع للّه، وقد علم ما هم فاعلون). [تفسير القرآن العظيم: 1/172]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {إنّا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيّهم أحسن عملا}

أي لنختبرهم، و {أيّهم} مرفوع بالابتداء، إلا أن لفظه لفظ الاستفهام المعنى ليخبر أهذا أحسن عملا أم هذا، فالمعنى: (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها)، أي اختبارا ومحنة،
فالحسن العمل من زهد فيما زيّن له من الدنيا، ثم أعلمهم أنه مبيد ومفن ذلك كلّه مقال:
{وإنّا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا}). [معاني القرآن: 3/269]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها}
قال قطرب: (أي ما على الأرض مما تزين به) ). [معاني القرآن: 4/215]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {لنبلوهم أيهم أحسن عملا}
أي: لنختبرهم). [معاني القرآن: 4/215]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّا لجاعلون ما عليها} ما على الأرض.
{صعيدًا جرزًا} والجرز هاهنا: الخراب في تفسير الحسن.
وقال قتادة: الّتي ليس فيها شجرٌ ولا بناءٌ.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: بلقعًا.
قال يحيى: (وهي في موضعٍ آخر حيث قالوا: {أولم يروا أنّا نسوق الماء إلى الأرض الجرز} اليابسة الّتي ليس فيها نباتٌ {فنخرج به زرعًا})). [تفسير القرآن العظيم: 1/172-173]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {صعيداً...}

الصعيد: التراب. والجرز: أن تكون الأرض لا نبات فيها. يقال: جرزت الأرض وهي مجروزة. وجرزها الجراد أو الشاء أو الإبل فأكلن ما عليها). [معاني القرآن: 2/134]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({صعيداً} أي مستوياً، وجه الأرض.
{جرزاً}: أي غلظاً لا ينبت شيئاً والجميع أرضون أجراز، ويقال للسنة المجدبة: جرز وسنون أجراز لجدوبها ويبسها وقلة مطرها،
قال ذو الرّمّة:
طوى النّخر والأجراز ما في عروضها.......فما بقيت إلا الصدور الجراشع
وقال:
قد جرّفتهن السّنون الأجراز).[مجاز القرآن: 1/394-393]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({صعيدا جرزا}: الصعيد المستوي المنبسط). [غريب القرآن وتفسيره: 223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وإنّا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا}
و"الصعيد": الطريق الذي لا نبات فيه، و"الجرز": الأرض التي لا تنبت شيئا، كأنها تأكل النبت أكلا، يقال "أرض جرز"، و"أرضون أجراز"). [معاني القرآن: 3/269]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا}
روى سعيد عن قتادة قال: (أي لا شجر فيها ولا نبات ولا بناء).
وقال مجاهد: أي بلقعا، قال أبو جعفر: والصعيد في اللغة وجه الأرض ، ومنه قيل للتراب صعيد، والجرز في اللغة: الأرض التي لا نبات فيها.
قال الكسائي: (يقال "جرزت الأرض تجرز"، و"جرزها القوم يجرزونها" إذا أكلوا كل ما فيها من النبات والزرع؛ فهي مجروزة وجرز) ). [معاني القرآن: 4/216]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({صعيدا}: بلا نبات). [ياقوتة الصراط: 317]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({جرزا}: بغير سقي ماء). [ياقوتة الصراط: 317]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الصعيد) المستوي. قيل: وجه الأرض، ومنه قيل للتراب: صعيد.
(الجرز): التي لا تنبت شيئا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 141]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الصَّعيد): وجه الأرض.
{جُرُزاً}: لا تنبت). [العمدة في غريب القرآن: 186]


تفسير قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم حسبت} تفسير السّدّيّ: أفحسبت.
{أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجبًا} سعيدٌ، عن قتادة قال: أي قد كان في آياتنا ما هو أعجب من ذلك.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: هو عجبٌ.
قال يحيى: معنى تفسير قتادة يقول: ليس هم أعجب آياتنا.
والكهف: كهف الجبل.
والرّقيم: الوادي الّذي فيه الكهف في تفسير قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/173]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {أم حسبت...}

يخاطب محمداً صلّى الله عليه وسلم {أنّ أصحاب الكهف}، الكهف: الجبل الذي أووا إليه.
والرقيم: لوح رصاصٍ كتبت فيه أنسابهم ودينهم وممّ هربوا). [معاني القرآن: 2/134]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({والرّقيم} الوادي الذي فيه الكهف). [مجاز القرآن: 1/394]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({والرقيم}: أصله، والله أعلم، المرقوم لأنه بلغنا أنه لوح فيه تسمية أصحاب الكهف. قيل رقيم بمعنى مرقوم كما قيل جريح بمعنى مجروح وقتيل بمعنى مقتول.
ويرى أنه سمي رقيما لأن أسمائهم كانت مرقومة فيه فسمي رقيما. يقال للحية أرقم لما فيه من الآثار). [غريب القرآن وتفسيره: 223-224]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أم حسبت} أي أحسبت.
{والرّقيم}: لوح كتب فيه خبر أصحاب الكهف، ونصب على باب الكهف والرّقيم: الكتاب. وهو فعيل بمعنى مفعول، ومنه: {كتابٌ مرقومٌ} أي: مكتوب). [تفسير غريب القرآن: 263]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجبا}
و"الرقيم" قيل إنه اسم الجبل الذي كان فيه الكهف، والكهف كالفجّ وكالغار في الجبل، وقيل إن الرقيم اسم القرية التي كانوا فيها.
وقيل إن "الرقيم" لوح كان فيه كتاب في المكان الذي كانوا فيه - واللّه أعلم.
وقيل كان المشركون سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الروح وعن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين، وذلك أنهم أعياهم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة فصارت جماعة منهم إلى يثرب فأعلمت جماعة من رؤساء اليهود بقصة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقالت اليهود: إنّ اسمه عندنا مكتوب وأن يبعث على فترة من الرسل فاسألوه عن هذه الأشياء؛ فإن أجاب عنها فهو نبي، فصارت الجماعة من المشركين إلى مكة وجمعوا جمعا كثيرا وسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الأشياء.
فأعلمهم أنه لا يعلمها، وأنه إن نزل عليه وحي بها أعلمهم.
فروى بعضهم أنه قال: سأخبركم بها ولم يقل إن شاء الله فأبطأ عنه الوحي أياما ونزلت: {ولا تقولنّ لشيء إنّي فاعل ذلك غدا * إلّا أن يشاء اللّه}.
فأخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما أوحى الله إليه وأنزله الله في كتابه مما دل على حقيقة نبوته.
ثم أعلم الله عزّ وجلّ أنّ قصة أصحاب الكهف ليست بعجيبة من آيات اللّه، لأنّا نشاهد من خلق السّماوات والأرض وما بينهما مما يدل على توحيد اللّه ما هو أعجب من قصة أصحاب الكهف فقال جلّ وعزّ: {أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجبا}؛ أي: حتى نبيّن قصتهم). [معاني القرآن: 3/269-270]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا}
قال الضحاك: الكهف: الغار في الوادي، والرقيم: الوادي.
وقال يزيد بن درهم: سئل أنس بن مالك عن الكهف والرقيم؛ فقال: الكهف: الجبل، والرقيم: الكلب.
وروى سفيان بن سعيد، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه سأل كعبا: ما الرقيم؟ فقال: هو اسم القرية التي خرجوا منها.
وقال عكرمة: "الرقيم": الدواة.
وقال مجاهد: "الرقيم": الكتاب.
وقال السدي: الصخرة.
وقال الفراء: "الرقيم": لوح من رصاص كتبت فيه أسماؤهم وأنسابهم ودينهم وممن هربوا.
وقال أبو عبيدة: "الرقيم": الوادي الذي فيه الكهف وروى إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة عن ابن عباس قال: كل القرآن أعلم إلا أربعا؛ غسلينا وحنانا والأواه والرقيم.
وروى سفيان بن حسين، عن يعلي بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه ذكر أصحاب الكهف فقال: إن الفتية فقدوا فطلبهم أهلوهم فلم يجدوهم فرفع ذلك إلى الملك، فقال: (ليكونن لهم نبأ)، وأحضر لوحا من رصاص فكتب فيه أسماءهم وجعله في خزائنه؛ فذلك اللوح هو الرقيم.
وروى وكيع عن أبي مكين، عن سعيد بن جبير قال: الرقيم لوح فيه أسماء فتية رقمت أسماؤهم في الصخرة فذلك الكتاب.
وفي بعض الروايات أنه كتب أسماؤهم وخبرهم في لوح وجعل على باب الكهف.
قال أبو جعفر: والروايات التي رويت عن ابن عباس ليست بمتناقضة لأن القول الأول إنما سمعه من كعب والقول الثاني يجوز أن يكون عرف الرقيم بعده وأحسن ما قيل فيه أنه الكتاب وذلك معروف في اللغة يقال رقمت الشيء أي كتبته؛ قال الله عز وجل: {كتاب مرقوم} ورقيم بمعنى مرقوم، كما يقال قتيل بمعنى مقتول.
وروى ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى: {كانوا من آياتنا عجبا} قال: هم عجب.
قال أبو جعفر: يذهب مجاهد إلى أنه ليس بإنكار على النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون عنده أنهم عجب.
وقد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: يقول ليس هم بأعجب آياتنا.). [معاني القرآن: 4/216-220]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({الكهف والرقيم}
قال: "الرقيم": لوح كتب فيه أسماؤهم، وكيف خرجوا، ومن أي شيء هربوا.). [ياقوتة الصراط: 318]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):{الرقيم} هو لوح كتب فيه خبر أصحاب الكهف، ونصب على باب الكهف، وهو بمعنى "مفعول" أي مرقوم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 141-142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الرَّقِيم}: الكتاب). [العمدة في غريب القرآن: 186]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربّنا آتنا} أعطنا.
{من لدنك} من عندك. {رحمةً}، يعني: رزقًا. وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {وهيّئ لنا من أمرنا رشدًا}
كانوا قومًا قد آمنوا، فرّوا بدينهم من قومهم، وإنّ قومهم على الكفر وخشوا على أنفسهم القتل). [تفسير القرآن العظيم: 1/173]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {وهيّئ...}

كتبت الهمزة بالألف (وهيّأ) بهجائه. وأكثر ما يكتب الهمز على ما قبله. فإن كان ما قبله مفتوحاً كتبت بالألف. وإن كان مضموماً كتب بالواو، وإن كان مكسوراً كتبت بالياء.
وربما كتبتها العرب بالألف في كل حال؛ لأن أصلها ألف.
قالوا: نراها إذا ابتدئت تكتب بالألف في نصبها وكسرها وضمّها؛ مثل قولك: أمروا، وأمرت، {وقد جئت شيئاً إمرا} فذهبوا هذا المذهب.
قال: ورأيتها في مصحف عبد الله (شيأً) في رفعه وخفضه بالألف ورأيت يستهزءون يستهزأون بالألف وهو القياس. والأوّل أكثر في الكتب). [معاني القرآن: 2/134-135]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربّنا آتنا من لدنك رحمة وهيّئ لنا من أمرنا رشدا}
ومعنى "أووا إليه": صاروا إليه وجعلوه مأواهم، و"الفتية": جمع فتى مثل غلام وغلمة، وصبي وصبية، وفعلة من أسماء الجمع، وليس ببناء يقاس عليه، لا يجوز غراب وغربة، ولا غنى وغنية.
وقوله: {فقالوا ربّنا آتنا من لدنك رحمة} أي أعطنا من عندك رحمة، أي مغفرة ورزقا.
{وهيّئ لنا من أمرنا رشدا}.
يجوز في (رشدا): (رشدا) إلا أنه لا يقرأ بها ههنا لأن فواصل الآيات على فعل نحو أمد وعدد، فرشد أحسن في هذا المكان أي أرشدنا إلى ما يقرب منك ويزلف عندك). [معاني القرآن: 3/270]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا}
أي أرشدنا إلى أحب الأشياء إليك). [معاني القرآن: 4/220]

تفسير قوله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فضربنا على آذانهم...}
بالنوم.
وقوله: {سنين عدداً} العدد ها هنا في معنى معدودة والله أعلم. فإذا كان ما قبل العدد مسمّىً مثل المائة والألف والعشرة والخمسة كان في العدد وجهان:
أحدهما: أن تنصبه على المصدر فتقول: لك عندي عشرة عدداً. أخرجت العدد من العشرة؛ لأن في العشرة معنى عدّت، كأنك قلت: أحصيت وعدّت عدداً وعدّا.
وإن شئت رفعت العدد، تريد: لك عشرة معدودة؛ فالعدد ها هنا مع السنين بمنزلة قوله تبارك وتعالى في يوسف: {وشروه بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودةٍ}؛ لأن الدراهم ليست بمسمّاة بعدد. وكذلك ما كان يكال ويوزن تخرجه (إذا جاء) بعد أسمائه على الوجهين؛ فتقول لك عندي عشرة أرطال وزناً ووزنٌ وكيلاً وكيلٌ على ذلك). [معاني القرآن: 2/135]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً}
وقال: {سنين عدداً} أي: نعدّها عددا). [معاني القرآن: 2/74]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فضربنا على آذانهم في الكهف}: أي أنهم رقود والعرب تقول: ضرب الله على أذن فلان أي أنامه). [غريب القرآن وتفسيره: 224]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {فضربنا على آذانهم} أي أنمناهم. ومثله قول أبي ذرّ: قد ضرب اللّه على أصمختهم.
والأمد: الغاية). [تفسير غريب القرآن: 264]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكذلك قوله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} إن أردت أن تنقله بلفظه، لم يفهمه المنقول إليه،
فإن قلت: أنمناهم سنين عددا، لكنت مترجما للمعنى دون اللفظ). [تأويل مشكل القرآن: 21]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا}
معنى {ضربنا على آذانهم} منعناهم - أن يسمعوا، لأن النائم - إذا سمع انتبه. فالمعنى أنمناهم، ومنعناهم السمع.
و{عددا} منصوب على ضربين:
أحدهما: على المصدر، المعنى نعدّ عددا، ويجوز أن يكون نعتا للسنين.
المعنى سنين ذات عدد، والفائدة في قولك عدد في الأشياء المعدودات أنك تريد توكيد كثرة الشيء لأنه إذا قل فهم مقداره ومقدار عدده، فلم يحتج إلى أن يعدّ، فإذا كثر احتاج إلى أن يعد، فالعدد في قولك أقمت أياما عددا أنك تريد بها الكثرة.
وجائز أن تؤكد بعدد معنى الجماعة في أنها قد خرجت من معنى الواحد). [معاني القرآن: 3/271]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا}
أي منعناهم من أن يسمعوا، والمعنى: أنمناهم لأنهم إذا سمعوا انتبهوا.
ثم قال {سنين عددا}، وفي الفائدة في قوله: {عددا} قولان:
أحدهما: أنه توكيد وإفراد من الواحدة.
والآخر: أنه توكيد معنى الكثرة لأن القليل لا يحتاج إلى عدد لأنه قد عرف). [معاني القرآن: 4/220-221]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فضربنا على آذانهم} أي أنمناهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددًا * ثمّ بعثناهم لنعلم أيّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمدًا} المنتهى الّذي بعثوا فيه، أي: لم يكن لواحدٍ من الفريقين علمٌ لا لكافرهم ولا لمؤمنهم في تفسير قتادة.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: ({أمدًا}، عددًا، أي: لم يكن لهم علمٌ بما لبثوا) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/173]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {لنعلم أيّ الحزبين أحصى...}

رفعت أيّا بأحصى لأن العلم ليس بواقع على أيّ؛ إنما هو: لتعلم بالنظر والمسألة وهو كقولك اذهب فاعلم لي أيّهم قام، أفلا ترى أنك إنما توقع العلم على من تستخبره.
ويبيّن ذلك أنك تقول: "سل عبد الله أيّهم قام" فلو حذفت عبد الله لكنت له مريداً، ولمثله من المخبرين.
وقوله: {أيّ الحزبين} فيقال: إنّ طائفتين من المسلمين في دهر أصحاب الكهف اختلفوا في عددهم. ويقال: اختلف الكفّار والمسلمون.
وأما {أحصى} فيقال: أصوب: أي أيّهم قال بالصواب.
وقوله: {أمداً} الأمد يكون نصبه على جهتين إن شئت جعلته خرج من {أحصى} مفسّراً، كما تقول: أي الحزبين أصوب قولاً وإن شئت أوقعت عليه اللّباث: للباثهم أمداً). [معاني القرآن: 2/135-136]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أحصى لما لبثوا أمداً} أي غاية). [مجاز القرآن: 1/394]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أمدا}: غاية). [غريب القرآن وتفسيره: 224]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (فمعنى قوله: {ثمّ بعثناهم لنعلم أيّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا}
أي بعثناهم من نومهم، ويقال لكل من خرج من الموت إلى الحياة أو من النوم إلى الانتباه مبعوث.
وتأويل مبعوث أنه قد زال عنه ما كان يحبسه عن التصرف والانبعاث.
وقوله: {لنعلم أيّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا}.
الأمد: الغاية، و (أمدا) منصوب على نوعين، وهو على التمييز منصوب وإن شئت كان منصوبا على أحصى أمدا فيكون العامل فيه أحصى، كأنه قيل لنعلم أهؤلاء أحصى للأمد أم هؤلاء، ويكون منصوبا بـ لبثوا، ويكون أحصى متعلقا بـ (لما) فيكون المعنى أي الحزبين أحصى للبثهم في الأمد). [معاني القرآن: 3/271]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ثم بعثناهم} أي من نومهم يقال لمن أحيي أو أقيم من نومه مبعوث لأنه كان ممنوعا من الانبعاث والتصرف). [معاني القرآن: 4/221]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا}
قال مجاهد: أي عددا.
قال أبو جعفر: (والأمد في اللغة الغاية) ). [معاني القرآن: 4/222-221]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و(الأمد): الغاية). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَمَداً}: غاية). [العمدة في غريب القرآن: 186]


تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {نحن نقصّ عليك نبأهم بالحقّ} خبرهم بالحقّ.
{إنّهم فتيةٌ آمنوا بربّهم وزدناهم هدًى}، يعني: إيمانًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/173-174]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وربطنا على قلوبهم} بالإيمان.
وهو تفسير قتادة.
{إذ قاموا فقالوا ربّنا ربّ السّموات والأرض لن ندعو من دونه إلهًا لقد قلنا إذًا شططًا} جورًا، أي: كذبًا.
وهو تفسير قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/174]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):
({وربطنا على قلوبهم} مجازه: صبّرناهم وألهمناهم الصبر.

{قلنا إذاً شططاً} أي جوراً وغلوّاً قال:
ألا يالقـومٍ قد أشطّــــت عواذلــــي.......ويزعمـــن أن أودى بحـــقي باطلي
ويلحينـني في اللّهــو أن لا أحبّه.......وللّهـــو داعٍ دائـــــبٌ غيــــر غـافــــل).
[مجاز القرآن: 1/394]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ربطنا على قلوبهم}: ألهمناها صبرا.
{شططا}: غلوا يقال قد أشط في الشؤم إذا جاوز القدر). [غريب القرآن وتفسيره: 224]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ربطنا على قلوبهم} أي: ألهمناهم الصبر وثبّتنا قلوبهم.
{شططاً} أي غلوا. يقال: قد أشطّ عليّ: إذا غلا في القول). [تفسير غريب القرآن: 264]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربّنا ربّ السّماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا}
{لقد قلنا إذا شططا} أي: قد قلنا إذن جورا.
و{شططا} منصوب على المصدر، المعنى: لقد قلنا إذن قول شطط، يقال "شط الرجل" و"أشط" إذا جار.
قال الشاعر:
ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي.......ويزعمن أني أقصر اليوم باطلي).
[معاني القرآن: 3/271-272]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وربطنا على قلوبهم}
قال قتادة: أي بالإيمان والمعنى عند أهل اللغة صبرناهم وثبتناهم.). [معاني القرآن: 4/222]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها} فأنكروا أن يعبد مع الله غيره). [معاني القرآن: 4/222]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {لقد قلنا إذا شططا}
قال قتادة: أي كذباً.
قال أبو جعفر: والشطط في اللغة التجاوز في الجور.). [معاني القرآن: 4/222]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({شططا} أي: جورا). [ياقوتة الصراط: 318]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ربطنا على قلوبهم} أي ألهمناهم الصبر.
{شططا} غلوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَبَطْناَ}: ألهمنا.
{شَطَطاً}: جوراً). [العمدة في غريب القرآن: 186-187]

تفسير قوله تعالى: {هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({هؤلاء قومنا اتّخذوا من دونه آلهةً لولا} هلا.
{يأتون عليهم بسلطانٍ} بحجّةٍ بيّنةٍ.
تفسير ابن عبّاسٍ والحسن في هذا الحرف في القرآن كلّه: حجّةٌ بيّنةٌ.
وتفسير قتادة فيه في القرآن كلّه: عذرٌ بيّنٌ.
وقال الحسن: يقول: أي: بأنّ اللّه أمرهم بعبادتهم.
قال: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا}، أي: لا أحد أظلم منه في تفسير الحسن). [تفسير القرآن العظيم: 1/174]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {هؤلاء قومنا اتّخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبا}

أنكر الفتية عبادة قومهم، وأن يعبدوا مع الله غيره، فقالوا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون.
ولولا في معنى هلّا، المعنى هلّا يأتون عليهم بحجة بينة، ومعنى عليهم أي على عبادة الآلهة). [معاني القرآن: 3/272]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين}
روى ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس: (كل سلطان في القرآن فهو حجة) ). [معاني القرآن: 4/222-223]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإذ اعتزلتموهم} يقوله بعضهم لبعضٍ.
{وما يعبدون إلا اللّه}، أي: وما يعبدون من دون اللّه، أي: وما يعبدون سوى اللّه.
سعيدٌ، عن قتادة قال: هي في مصحف عبد اللّه: وما يعبدون من دون اللّه.
وهذا تفسيرها.
{فأووا إلى الكهف}، يعني: فانتهوا إلى الكهف.
{ينشر لكم ربّكم}، يعني: يبسط لكم ربّكم.
{من رحمته ويهيّئ لكم من أمركم مرفقًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/174]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون...}

يعني أصحاب الكهف فقال: وإذ اعتزلتم جميع ما يعبدون من الآلهة إلاّ الله. و(ما) في موضع نصب. وذلك أنهم كانوا يشركون بالله، فقال: اعتزلتم الأصنام ولم تعتزلوا الله تبارك وتعالى ولا عبادته:
وقوله: {فأووا إلى الكهف} جواب لإذ كما تقول: إذ فعلت ما فعلت فتب.
وقوله: {مّن أمركم مّرفقاً} كسر الميم الأعمش والحسن، ونصبها أهل المدينة وعاصم. فكأنّ الذين فتحوا الميم وكسروا الفاء أرادوا أن يفرقوا بين المرفق من الأمر والمرفق من الإنسان وأكثر العرب على كسر الميم من الأمر ومن الإنسان. والعرب أيضاً تفتح الميم من مرفق الإنسان. لغتان فيهما). [معاني القرآن: 2/136]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ويهيّئ لكم من أمركم مرفقاً} هو ما ارتفق به ويقرؤه قوم مرفقاً فأما في اليدين فهو مرفق). [مجاز القرآن: 1/395]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلاّ اللّه فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربّكم مّن رّحمته ويهيّئ لكم مّن أمركم مّرفقاً}
وقال: {مّن أمركم مّرفقاً} أي: شيئاً يرتفقون به مثل: "المقطع" و{مرفقا} جعله أسما كـ"المسجد" أو يكون لغة يقولون: "رفق" "يرفق". وإن شئت {مرفقا} يريد: "رفقاً" ولم تقرأ).[معاني القرآن: 2/74]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مرفقا}
ما ارتفقت به وبعضهم يقول المرفق، فأما في اليد فهو المرفق). [غريب القرآن وتفسيره: 225]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مرفقاً}: ما يرتفق به). [تفسير غريب القرآن: 264]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلّا اللّه فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربّكم من رحمته ويهيّئ لكم من أمركم مرفقا}
موضع (ما) نصب، المعنى إذا اعتزلتموهم واعتزلتم ما يعبدون إلا اللّه فإنكم لن تتركوا عبادته.
{فأووا إلى الكهف} أي اجعلوا الكهف مأواكم
{ينشر لكم ربّكم من رحمته} أي ينشر لكم من رزق
{ويهيّئ لكم من أمركم مرفقا}يقال هو مرفق اليد بكسر الميم وفتح الفاء، وكذلك مرفق الأمر مثل مرفق اليد سواء.
قال الأصمعي: لا أعرف غير هذا. وقرأت القراء مرفقا
- بفتح الميم وكسر الفاء.
وذكر قطرب وغيره من أهل اللغة اللغتين جميعا في مرفق الأمر ومرفق اليد.
وقالوا جميعا المرفق لليد بكسر الميم. هو أكثر في اللغة وأجود). [معاني القرآن: 3/273-272]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله} والمعنى اعتزلتم ما يعبدون إلا الله فإنكم لم تتركوا عبادته
روى سعيد عن قتادة قال في قراءة ابن مسعود {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله}). [معاني القرآن: 4/223]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {فأووا إلى الكهف} أي صيروه مأواكم
ثم قال جل وعز: {ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا}
قرئ بفتح الميم وكسرها وهو ما يرتفق به وكذلك مرفق الإنسان ومرفقه ومنهم من يجعل المرفق بفتح الميم وكسر الفاء من الأمر والمرفق من الإنسان وقد قيل المرفق بفتح الميم الموضع كالمسجد وهما لغتان). [معاني القرآن: 4/224]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مرفقا} مرتفق به). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({المِرْفَقُ}: ما ارتفقْت به). [العمدة في غريب القرآن: 187]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 06:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 17 إلى 26]

{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وترى الشّمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم} تعدل عن كهفهم.
وقال قتادة: تميل.
{ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشّمال} وقال قتادة: تدعهم ذات اليمين.
{وإذا غربت تقرضهم ذات الشّمال}، يقول:تدعهم ذات اليمين.
وقال الحسن: لا تدخل الشّمس كهفهم على حالٍ.
{وهم في فجوةٍ منه} سعيدٌ، عن قتادة، قال: أي في قضاءٍ من الكهف.وتلك آيةٌ.
قال: {ذلك من آيات اللّه من يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا}).
[تفسير القرآن العظيم: 1/174-175]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {تّزاور...}

وقرئت {تزّاور} وتريد (تتزاور) فتدغم التاء عند الزاي. وقرأ بعضهم (تزورّ) وبعضهم (تزوارّ) مثل تحمرّ وتحمارّ. والازورار في هذا الموضع أنها كانت تطلع على كهفهم ذات اليمين ولا تدخل عليهم، وذات الشمال. والعرب تقول: قرضته ذات اليمين وحذوته وكذلك ذات الشمال وقبلا ودبرا، كلّ ذلك أي كنت بحذائه من كلّ ناحية). [معاني القرآن: 2/137-136]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تزاور عن كهفهم} أي تميل وتعدل وهو من الزور يعني العوج والميل، قال ابن مقبل:

فينا كراكر أجوازٍ مضبّرةٍ.......فيها دروٌّ إذا شئنا من الزّور
وقال أبو الزحف الكليبي:
ودون ليــــلــــى بــــلـــــدٌ ســـمـــــــهـــــــــــدر.......جدب المندّى عن هوانا أزور
بنضـــى المــطايــــا خمـــســـة العشنزر....... . . . . . . . . . . . . .
العشنزر: الشديد؛ المندّى حيث يرتع ساعة من النهار). [مجاز القرآن: 1/395]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تقرضهم ذات الشّمال} أي تخلّفهم شمالاً وتجاورهم وتقطعهم وتتركهم عن شمالها، ويقال: هل مررت بمكان كذا وكذا،
فيقول المسئول: قرضته ذات اليمين ليلا،
وقال ذو الرّمّة:
إلى ظعنٍ يقرضن أجواز مشرفٍ.......شمالاًوعن أيمانهن الفوارس
(وهم في فجوةٍ منه ذلك من آيات الله) أي متّسع، والجميع فجوات، وفجاء مكسورة الفاء). [مجاز القرآن: 1/396]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وترى الشّمس إذا طلعت تّزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تّقرضهم ذات الشّمال وهم في فجوةٍ مّنه ذلك من آيات اللّه من يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مّرشداً}
وقال: {تّقرضهم ذات الشّمال} فـ{ذات الشّمال} نصب على الظرف). [معاني القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تزاور}: أي تميل.
{تقرضهم}: تأخذ عن اليمين وعن الشمال، يقال: هل وردت مكان كذا وكذا فيقول: قرضته ذات الشمال.
{وهم في فجوة منه}: أي متسع والجمع فجوات وفجاء ممدود). [غريب القرآن وتفسيره: 226-225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تتزاور}: تميل.
{تقرضهم ذات الشّمال} تعدل عنهم وتجاوزهم. قال ذو الرّمّة:
إلى ظعن يقرضن أجواز مشرف شمالا وعن أيمانهن الفوارس
{وهم في فجوةٍ} أي متسع وجمعها فجوات وفجاء. ويقال: في مقنأة والتفسير الأول أشبه بكلام العرب.
و{بالوصيد}: الفناء. ويقال: عتبة الباب. وهذا أعجب إليّ، لأنهم يقولون: أوصد بابك. أي أغلقه. ومنه {إنّها عليهم مؤصدةٌ} أي مطبقة مغلقة.
وأصله أن تلصق الباب بالعتبة إذا أغلقته. ومما يوضح هذا: أنك إن جعلت الكلب بالفناء كان خارجا من الكهف.
وإن جعلته بعتبة الباب أمكن أن يكون داخل الكهف. والكهف وإن لم يكن له باب وعتبة - فإنما أراد أن الكلب منه بموضع العتبة من البيت.
فأستعير على ما أعلمتك من مذاهب العرب في كتاب «المشكل».
وقد يكون الوصيد الباب نفسه. فهو على هذا كأنه قال: وكلبهم باسط ذراعيه بالباب. قال الشاعر:
بأرض فضاء لا يسد وصيدها عليّ ومعروفي بها غير منكر). [تفسير غريب القرآن: 264-265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وقد قال قوم بقُصورِ العلم وسوء النظر في قوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} : وما في هذا الكلام من الفائدة؟.
وما في الشمس إذا مالت بالغداة والعشيّ عن الكهف من الخبر؟
ونحن نقول: وأيّ شيء أولى بأن يكون فائدة من هذا الخبر؟ وأيّ معنى ألطف مما أودع الله هذا الكلام؟.
وإنما أراد عز وجل: أن يعرّفنا لطفه للفتية، وحفظه إياهم في المهجع، واختياره لهم أصلح المواضع للرّقود، فأعلمنا أنه بَوَّأَهم كهفا في مِقْنَأَةِ الجبل، مستقبلا بناتِ نَعْشٍ، فالشمس تَزْوَرُّ عنه وتستدبرُه طالعةً، وجارِيَةً، وغارِبَةً. ولا تدخلُ عليهم فتؤذيهم بحرّها وتلفحهم بسمومها، وتغيّر ألوانهم، وتبلي ثيابهم. وأنهم كانوا في فجوة من الكهف- أي متَّسَعٍ منه- ينالهم فيه نسيمُ الريح وبردُها، وينفي عنهم غُمَّةَ الغارِ وكَرْبَه). [تأويل مشكل القرآن: 9]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وترى الشّمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشّمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات اللّه من يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا}
في (تزاور) ثلاثة أوجه: تزاور، وتزورّ - بغير ألف، على مثال تحمرّ.
وتزوارّ على مثال تحمارّ، ووجه رابع تزاور. والأصل فيه تتزاور فأدغمت التاء في الزاي.
{وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال}.
{تقرضهم} بكسر الراء، وتقرضهم - بضم الراء -.
والكسر القراءة عليه، وتأويله تعدل عنهم وتتركهم.
قال ذو الرؤبة:
إلى ظعن يقرضن أقواز مشرف.......شمالا وعن أيمانهنّ الفوارس
يقرضن يتركن، وأصل القرض القطع والتفرقة بين الأشياء، ومن هذا قولك: اقرضني درهما، تأويله اقطع لي من مالك درهما.
وقوله: {وهم في فجوة منه} أي في متسع منه
{ذلك من آيات اللّه} قيل إنّ باب الكهف كان بإزاء بنات نعش، فلذلك لم تكن الشمس تطلع عليهم وهذا التفسير ليس ببيّن،
إنما جعل اللّه فيهم هذه الآية لأن الشمس لا تقربهم في مطلعها ولا عند غروبها.
وقوله: {ذلك من آيات اللّه من يهد الله فهو المهتد}
أكثر اللغة فهو المهتدي بإثبات الياء، وفي المصحف في هذا.
الموضع بغير ياء وهذا في هذا الموضع كالذي في الأعراف، فهذا هو الوجه، وهو في الأعراف بالياء وفي الكهف بغير ياء. -
وحذف الياء جائز في الأسماء خاصة ولا يجوز في الأفعال، لأن حذف الياء في الفعل دليل الجزم.
وحذف الياء في الأسماء واقع إذا لم يكن مع الاسم، الألف واللام، نحو مهتد ومقتد، فأدخلت الألف واللام وترك الحذف على ما كان عليه. ودلت الكسرة على الياء المحذوفة). [معاني القرآن: 3/274-273]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({في فجوة منه} أي: في سعة منه). [ياقوتة الصراط: 318]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تزاور} تميل.
{تقرضهم} أي تعدل عنهم وتجاوزهم.
{فجوة} أي متسع. وقيل: في مقنأة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَزاوَرُ}: تميل.
{تَقْرِضُهم}: تأخذ يمينا وشمالا.
{فَجْوَةٍ}: متسع). [العمدة في غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وتحسبهم أيقاظًا وهم رقودٌ} مفتّحةٌ أعينهم وهم موتى.
{ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال} قال قتادة: ذاك في رقدتهم الأولى قبل أن يموتوا.
قال قتادة: وقال أبو عياضٍ: لهم في كلّ عامٍ تقليبتان.
{وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد} قال قتادة: بفناء الكهف.
{لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارًا ولملئت منهم رعبًا} لحالهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/175]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ذراعيه بالوصيد...}

الوصيد: الفناء. والوصيد والأصيد لغتان مثل الإكاف والوكاف، ومثل أرّخت الكتاب وورّخته، ووكّدت الأمر وأكّدته، ووضعته يتنا وأتنا ووتنا يعني الولد. فأمّا قول العرب: واخيت ووامرت وواتيت وواسيت فإنها بنيت على المواخاة والمواساة والمواتاة والموامرة، وأصلها الهمز؛ كما قيل: هو سول منك، وأصله الهمز فبدّل واوا وبنى على السؤال.
وقوله: {في فجوةٍ مّنه} أي ناحية متّسعة.
وقوله: {ولملئت} بالتخفيف قرأه عاصم والأعمش وقرأ أهل المدينة {ولملئت منهم} مشدّداً.وهذا خوطب به محمّد صلّى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 2/137]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وتحسبهم أيقاظاً} واحدهم: يقظٌ، ورجال أيقاظ، وكذلك جميع يقظان أيقاظ، يذهبون به إلى جميع يقظٍ،
وقال رؤبة:
ووجدوا إخوانهم أيقاظاً.......وسيف غيّاظٍ لهم غياظا
{ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال} أي على أيمانهم وعلى شمائلهم.
{باسطٌ ذراعيه بالوصيد} على الباب وبفناء الباب جميعاً لأن الباب يوصد، أي يغلق، والجميع وصائد ووصد). [مجاز القرآن: 1/397-396]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وتحسبهم أيقاظاً وهم رقودٌ ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً}
وقال: {أيقاظاً} واحدهم "اليقظ"، وأما "اليقظان" فجماعه "اليقاظ"). [معاني القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {والوصيد}: الفناء وقالوا الحظيرة وقالوا عتبة الباب والجميع وصائد ووصد). [غريب القرآن وتفسيره: 226]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا }
الأيقاظ: المنتبهون، والرقود النيام، وواحد الأيقاظ يقظ ويقظان والجمع أيقاظ.
قال الراجز:
ووجدوا إخوتهم أيقاظا
وقيل في التّفسير إنهم كانوا مفتحي الأعين، الّذي يراهم يتوهمهم منتبهين وقيل لكثرة تقلبهم يظن أنهم غير نيام، ويدل عليه (ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال)
ويجوز وتحسبهم، وتحسبهم.
{وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} والوصيد فناء البيت، وفناء الدار.
وقوله: {لو اطّلعت عليهم}بكسر الواو، وتقرأ لو اطلعت عليهم بضم الواو، والكسر أجود، لأن الواو ساكنة والطاء ساكنة، فكسرت الواو لالتقاء السّاكنين، وهذا هو الأصل.
وجاز الضم لأن الضم من جنس الواو، ولكنه إذا كان بعد الساكن مضموم فالضم هناك أحسن منه ههنا. نحو (أو انقص) -واو انقص بالضم والكسر -وقوله:{لولّيت منهم فرارا}.
{فرارا} منصوب على المصدر، لأن معنى ولّيت فررت منهم.
{ولملئت منهم رعبا}ورعبا ورعبا، ورعبا منصوب على التمييز، تقول: امتلأت ماء وامتلأت فرقا، أي امتلأت من الفرق ومن الماء.
وقيل في التفسير إنهم طالت شعورهم جدا وأظفارهم، فلذلك كان الرائي لو رآهم لهرب منهم مرعوبا). [معاني القرآن: 3/275-274]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أيقاظا} أي: منتبهين، واحدهم: يقظ ويقظ. (وهم رقود) أي: نيام). [ياقوتة الصراط: 319]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({بالوصيد} قال أبو العباس: اختلف الناس فيه، فقالت طائفة: الوصيد: الباب نفسه،
وقالت طائفة: الوصيد: الفناء). [ياقوتة الصراط: 319]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الوصيد}: الفناء، وقيل: عتبة الباب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الوَصيدُ}: الفناء، الباب). [العمدة في غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يومًا أو بعض يومٍ} وكانوا دخلوا الكهف في أوّل النّهار.
قال: فنظروا فإذا هو قد بقي من الشّمس بقيّةٌ، فقالوا: {أو بعض يومٍ}، ثمّ إنّهم شكّوا فردّوا علم ذلك إلى اللّه.
فـ {قالوا ربّكم أعلم بما لبثتم} يقوله بعضهم لبعضٍ.
{فابعثوا أحدكم بورقكم هذه}، أي: بدراهمكم هذه.
{إلى المدينة} وكانت معهم دارهم.
{فلينظر أيّها أزكى طعامًا}سفيان الثّوريّ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: أيّها أحلّ.
قال يحيى: وقد كان من طعام قومهم ما لا يستحلّون أكله.
وقال بعضهم: أطيب.
{فليأتكم برزقٍ منه وليتلطّف ولا يشعرنّ} لا يعلمنّ.
{بكم أحدًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/175-176]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {بورقكم...}

قرأها عاصم والأعمش بالتخفيف وهو الورق. ومن العرب من يقول الورق، كما يقال كبد وكبدٌ وكبدٌ، وكلمةٌ وكلمةٌ وكلمة.
وقوله: {فلينظر أيّها أزكى} يقال: أحلّ ذبيحة لأنهم كانوا مجوساً). [معاني القرآن: 2/137]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكذلك بعثناهم} أي أحييناهم، وهو من يوم البعث.
{أيّها أزكى طعاماً} أي أكثر، قال:
قبائلنا سبعٌ وأنتم ثلاثةٌ.......وللسّبع أزكى من ثلاثٍ وأكثر
(ولا يشعرنّ بكم) لا يعلمنّ بكن، يقال: شعرت بالأمر، أي علمت به، ومنه الشاعر). [مجاز القرآن: 1/397]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ مّنهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوماً أو بعض يومٍ قالوا ربّكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيّها أزكى طعاماً فليأتكم برزقٍ مّنه وليتلطّف ولا يشعرنّ بكم أحداً}
وقال: {فلينظر أيّها أزكى طعاماً} فلم يوصل {فلينظر} إلى {أيّ} لأنه من الفعل الذي يقع بعده حرف الاستفهام تقول: "انظر أزيدٌ أكرم أم عمرٌو"). [معاني القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({بعثناهم}: ومنه يوم البعث أي يوم الحياة.
{أزكى طعاما}: أي أكثر وقال بعضهم أزكى أحل). [غريب القرآن وتفسيره: 226]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وكذلك بعثناهم} أحييناهم من هذه النّومة التي تشبه الموت.
(الورق) الفضة دراهم كانت أو غير دراهم. يدلك على ذلك أن عرفجة بن اسعد أصيبت أنفه يوم الكلاب فأتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه - أي من فضة - فأمره النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتخذ أنفا من ذهب). [تفسير غريب القرآن: 265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أيّها أزكى طعاماً} يجوز أن يكون أكثر، ويجوز أن يكون أجود، ويجوز أن يكون أرخص. واللّه أعلم.
وأصل الزكاء: النّماء والزيادة.
{ولا يشعرنّ بكم أحداً} أي لا يعلمن. ومنه يقال: ما أشعر بكذا.
وليت شعري. ومنه قيل: شاعر، لفطنته). [تفسير غريب القرآن: 265]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربّكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيّها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطّف ولا يشعرنّ بكم أحدا }
{فابعثوا أحدكم بورقكم}
فيها أربعة أوجه - بفتح الواو وكسر الراء، وبورقكم بتسكين الراء وبورقكم - بكسر الواو وتسكين الراء، يقال ورق، وورق، وورق، كما قيل: كبد، وكبد، وكبد. وكسر الواو أردؤها. ويجوز "بورقكم" تدغم القاف في الكاف وتصير كافا خالصة.
وقوله: {فلينظر أيّها أزكى طعاما}.
(أيها) مرفوع بالابتداء، ومعنى {أيّها أزكى طعاما} أي أي أهلها أزكى طعاما، وأزكى خبر الابتداء، وطعاما منصوب على التمييز.
وقيل: إن تأويل {أزكى طعاما} أحل طعاما، وذكروا أن القوم كان أكثرهم مجوسا، وكانوا لا يستنظفون ذبائحهم، وقيل: (أزكى طعاما) أي طعاما لم يؤخذ من غصب، ولا هو من جهة لا تحل.
وقوله: {فليأتكم برزق منه}.
و(فليأتكم) - بإسكان اللام وكسرها - والقراءة بإسكان اللام.
والكسر جائز.
قوله: {ولا يشعرنّ بكم أحدا}.
قيل لا يعلمن بكم، أي إن ظهر عليه فلا يوقعنّ إخوانه فيما يقع فيه). [معاني القرآن: 3/276-275]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بورقكم} أي: بدراهمكم، يقال للفضة: ورق، وورق، وورق، ورقة هـ، وأنشدنا المبرد وثعلب في الرقة:
خالد من ربه على ثقة.......لاذهبا يبعثكم ولا دقه
أي: ولا فضة، فقد فرق بينهما، فالورق (بالتحريك) المال كله، من من الصامت والناطق كله). [ياقوتة الصراط: 320-319]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {أزكى} أي: أحل). [ياقوتة الصراط: 320]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {ولا يشعرن بكم أحدا} أي: ولا يعلمن بكم أحدا، ومن قرأ: ولا يشعرن، أي: لا يفطنن، والعمل على الأول،
لأن في الآية (أحدا) ). [ياقوتة الصراط: 321]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أزكى طعاما} أي أجود. وقيل: أرخص. وقيل: أحل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَعَثْناهم}: أحييْناهم.
{أَزْكى}: أكْثَر أو أحَلّه). [العمدة في غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم} يقتلوكم بالحجارة.
{أو يعيدوكم في ملّتهم}في الكفر.
{ولن تفلحوا إذًا أبدًا} إن فعلتم). [تفسير القرآن العظيم: 1/176]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({يرجموكم} يقتلوكم. وقد تقدم هذا).
[تفسير غريب القرآن: 265]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملّتهم ولن تفلحوا إذا أبدا} أي يقتلوكم بالرجم، والرجم من أخبث القتل.
{أو يعيدوكم في ملّتهم ولن تفلحوا إذا أبدا} "إذا" تدل على الشرط، أي ولن تفلحوا إن رجعتم إلى ملّتهم). [معاني القرآن: 3/276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يرجموكم} أي يقتلوكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكذلك أعثرنا عليهم} قال قتادة: أطلعنا عليهم، على أصحاب الكهف، أطلعنا أهل ذلك الزّمان الّذي أحياهم اللّه فيه وليس بحياة النّشور.
{ليعلموا أنّ وعد اللّه حقٌّ وأنّ السّاعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم} كانت تلك الأمّة الّذين هربوا منهم قد بادت وخلقت بعدهم أمّةٌ أخرى، وكانوا على الإسلام.
ثمّ إنّهم اختلفوا في البعث، فقال بعضهم: يبعث النّاس في أجسادهم.
وهؤلاء المؤمنون، وكان الملك منهم.
وقال بعضهم: تبعث الأرواح بغير أجسادٍ فكفروا، وهذا قول أهل الكتاب اليوم.
فاختلفوا، فبعث اللّه أصحاب الكهف آيةً ليعلمهم أنّ النّاس يبعثون في أجسادهم.
وقال في آيةٍ أخرى: {يوم يقوم الرّوح} روح كلّ شيءٍ في جسده.
وهو قوله: {يوم يقوم النّاس لربّ العالمين}.
فلمّا بعث أصحاب الكهف صاحبهم بالدّراهم ليشتري لهم بها طعامًا وهميرون أنّها تلك الأمّة المشركة الّذين فرّوا منهم، فأمروا صاحبهم أن يتلطّف ولا يشعر بهم أحدًا.
فلمّا دخل المدينة، وهي مدينةٌ بالرّوم يقال لها: فسوس، فأخرج الدّراهم؛ ليشتري بها الطّعام، استنكرت الدّراهم وأخذ، فذهب به إلى ملك المدينة، فإذا الدّراهم دراهم الملك الّذي فرّوا منه.
فقالوا: هذا رجلٌ وجد كنزًا.
فلمّا خاف على نفسه أن يعذّب أطلع على أصحابه.
فقال لهم الملك: قد بيّن اللّه لكم ما اختلفتم فيه، فأعلمكم أنّ النّاس يبعثون في أجسادهم.
فركب الملك والنّاس معه حتّى انتهوا إلى الكهف، وتقدّم الرّجل حتّى إذا دخل على أصحابه فرآهم ورأوه ماتوا؛ لأنّهم قد كانت أتت عليهم آجالهم.
فقال القوم: كيف نصنع بهؤلاء؟ {فقالوا ابنوا عليهم بنيانًا}فـ {قال الّذين غلبوا على أمرهم} رؤساؤهم وأشرافهم.
وقال بعضهم: مؤمنوهم.
{لنتّخذنّ عليهم مسجدًا} سعيدٌ، عن قتادة، عن عكرمة، أنّهم كانوا بني الأكفاء والرّقباء، ملوك الرّوم، رزقهم اللّه الإسلام ففرّوا بدينهم، اعتزلوا قومهم حتّى انتهوا إلى الكهف، فضرب اللّه على أسمختهم.
فلبثوا دهرًا طويلا حتّى هلكت أمّتهم وجاءت أمّةٌ مسلمةٌ.
وكان ملكهم مسلمًا، فاختلفوا في الرّوح والجسد، فقال قائلون: يبعث الأرواح والجسد معًا، وقال قائلون: يبعث الرّوح وأمّا الجسد فتأكله الأرض ولا يكون شيئًا.
فشقّ على ملكهم اختلافهم، فانطلق فلبس المسوح وقعد على الرّماد، ثمّ دعا اللّه، فقال: ربّ إنّك قد ترى اختلاف هؤلاء فابعث إليهم آيةً تبيّن لهم.
فبعث اللّه أصحاب الكهف، فبعثوا أحدهم ليشتري لهم من الطّعام، فجعل ينكر الوجوه ويعرف الطّرق ورأى الإيمان في المدينة ظاهرًا.
فانطلق وهو مستخفٍ حتّى انتهى إلى رجلٍ ليشتري من طعامه، فلمّا أبصر صاحب الطّعام الورق أنكرها.
قال له الرّجل: أليس ملككم فلانًا؟ قال: لا، بل ملكنا فلانٌ.
فلم يزالا بينهما حتّىرفعه إلى الملك، فأخبره صاحب الكهف بحديثه وأمره.
فبعث الملك في النّاس فجمعهم، فقال: إنّكم اختلفتم في الرّوح والجسد، وإنّ اللّه قد بعث لكم آيةً وبيّن لكم الّذي اختلفتم فيه، فهذا رجلٌ من قوم فلانٍ، يعني ملكهم الّذي مضى، فقال صاحب الكهف: انطلقوا إلى أصحابي.
فركب الملك وركب معه النّاس حتّى انتهوا إلى الكهف، فقال الرّجل: دعوني حتّى أدخل على أصحابي.
فلمّا أبصرهم وأبصروه ضرب اللّه على أسمختهم.
فدخل النّاس عليهم، فإذا أجسادٌ لا ينكرون منها شيئًا غير أنّه لا أرواح فيها.
فقال الملك: هذه آيةٌ بعثها اللّه لكم.
{قال الّذين غلبوا على أمرهم} ملوكهم وأشرافهم.
{لنتّخذنّ عليهم مسجدًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/176-178]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {أعثرنا عليهم...}

أظهرنا وأطلعنا. ومثله في المائدة {فإن عثر}: اطّلع (واحد الأيقاظ يقظ ويقظ) ). [معاني القرآن: 2/137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أعثرنا عليهم}: أي أطلعنا). [غريب القرآن وتفسيره: 226]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أعثرنا عليهم} أي أظهرنا عليهم وأطلعنا، ومنه يقال: ما عثرت على فلان بسوء قط.
{قال الّذين غلبوا على أمرهم} يعني المطاعين والرؤساء). [تفسير غريب القرآن: 266-265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} يريد أطلعنا عليهم.
وأصل هذا أنّ من عثر بشيء وهو غافل نظر إليه حتى يعرفه. فاستعير العثار مكان التّبيّن والظهور.
ومنه يقول الناس: ما عثرت على فلان بسوء قطّ. أي ما ظهرت على ذلك منه). [تأويل مشكل القرآن: 139]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمر: القول، قال الله تعالى: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ}، يعني قولهم). [تأويل مشكل القرآن: 515]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أنّ وعد اللّه حقّ وأنّ السّاعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربّهم أعلم بهم قال الّذين غلبوا على أمرهم لنتّخذنّ عليهم مسجدا }
أي أطلعنا عليهم {ليعلموا أنّ وعد اللّه حقّ}، أي ليعلم الذين يكذبون بالبعث أنّ وعد الله حق، ويزداد من يؤمن به إيمانا.
{وأنّ السّاعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم}.
أي يتناظرون في أمرهم، فيجوز أن يكون " إذ " منصوبا بقوله {أعثرنا عليهم} فيكون المعنى وكذلك أعثرنا عليهم أي أطلعنا عليهم إذ وقعت المنازعة في أمرهم، ويجوز أن يكون منصوبا بقوله: ليعلموا، أي ليعلموا في وقت منازعتهم.
وقوله: {قال الّذين غلبوا على أمرهم لنتّخذنّ عليهم مسجدا}.
هذا يدل - واللّه أعلم - أنه لما ظهر أمرهم غلب المؤمنون بالبعث والنشور لأن المساجد للمؤمنين). [معاني القرآن: 3/277-276]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345 هـ): ( {أعثرنا} أي: أطلعنا). [ياقوتة الصراط: 321]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أعثرنا عليهم} أي أظهرنا وأطلعنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَعْثَرْنا}: أَطْلَعْنا). [العمدة في غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {سيقولون..} سيقول أهل الكتاب.
{ثلاثةٌ رابعهم كلبهم ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم رجمًا بالغيب} قال قتادة: أي قذفًا بالغيب.
وقال السّدّيّ: رميًا بقول الظّنّ.
{ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم قل ربّي أعلم بعدّتهم ما يعلمهم إلا قليلٌ} سعيدٌ، عن قتادة، قال: إلا قليلٌ من النّاس.
وذكر لنا أنّ ابن عبّاسٍ كان يقول: إنّا من أولئك القليل الّذين استثنى اللّه، كانوا سبعةً وثامنهم كلبهم.
قال: {فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهرًا} يقول اللّه للنّبيّ: فلا تمار أهل الكتاب في أصحاب الكهف {إلا مراءً ظاهرًا} إلا بما أخبرتك في تفسير الحسن.
وقال قتادة: يقول: حسبك ما قصصت عليك من شأنهم.
{ولا تستفت فيهم} في أصحاب الكهف.
{منهم أحدًا} من اليهود.
يقول: لا تسل عنهم من اليهود أحدًا.
وهم الّذين سألوه عنهم ليعنّتوه بذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/178]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(قوله: {ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم...}

قال ابن عباس: كانوا سبعة وثامنهم كلبهم. وقال ابن عباس: أنا من القليل الذين قال الله عزّ وجل: {مّا يعلمهم إلاّ قليلٌ}.
ثم قال الله تبارك تعالى لنبيه عليه السّلام {فلا تمار فيهم} يا محمد {إلاّ مراء ظاهراً} إلا أن تحدّثهم به حديثاً.
وقوله: {ولا تستفت فيهم} في أهل الكهف (مّنهم) من النصارى (أحداً) وهم فريقان أتوه من أهل نجران: يعقوبيّ ونسطوري. فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن عددهم، فنهي. فذلك قوله: {ولا تستفت فيهم مّنهم أحداً} ). [معاني القرآن: 2/138]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {سيقولون ثلاثةٌ رّابعهم كلبهم ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم قل رّبّي أعلم بعدّتهم مّا يعلمهم إلاّ قليلٌ فلا تمار فيهم إلاّ مراء ظاهراً ولا تستفت فيهم مّنهم أحداً}
وقال: {مّا يعلمهم إلاّ قليلٌ} أي: ما يعلمهم من الناس إلاّ قليلٌ. والقليل يعلمونهم). [معاني القرآن: 2/75-76]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({رجما بالغيب}
(الرجم): ما لم تستيقن؛ يقال: حديث مرجم). [غريب القرآن وتفسيره: 226]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({رجماً بالغيب} أي ظنا غير يقين). [تفسير غريب القرآن: 266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرجم: أصله الرّمي...، ويوضع موضع الظن، ومنه قوله: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}، أي ظنّا.
ويقال: رجم بالظّنّ، كأنه رمى به.
والرّجم: اللعن. والطّرد: لعن، ومنه قيل: ذئب لعين: أي طريد.
وإنما قيل للشيطان: رجيم، أي طريد، لأنه يطرد برجم الكواكب). [تأويل مشكل القرآن: 508]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربّي أعلم بعدّتهم ما يعلمهم إلّا قليل فلا تمار فيهم إلّا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا}
(ثلاثة) مرفوع بخبر الابتداء، المعنى سيقول الذين يتنازعون في أمرهم؛ هم ثلاثة رابعهم كلبهم.
{رجما بالغيب} أي يقولون ذلك رجما، أي ظنّا وتخرصا.
قال زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم.......وما هو عنها بالحديث المرجّم
{ويقولون خمسة سادسهم كلبهم}.
{ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم}.
دخول الواو ههنا وإخراجها من الأول واحد، وقد يجوز أن يكون الواو يدخل ليدل على انقطاع القصة وأن الشيء قد تمّ.
وقوله: {قل ربّي أعلم بعدّتهم ما يعلمهم إلّا قليل}.
روي عن ابن عباس أنه قال، كان أصحاب الكهف سبعة، وأنا من القليل الذين يعلمونهم، وقول ابن عباس إذا صح عنه فهو من أوثق التفسير.
وقوله: {فلا تمار فيهم إلّا مراء ظاهرا} أي لا تأت في أمرهم بغير ما أوحي إليك، أي أفت في قصتهم بالظاهر الذي أنزل إليك.
{ولا تستفت فيهم منهم} أي في أصحاب الكهف.
{منهم أحدا} أي من أهل الكتاب). [معاني القرآن: 3/278-277]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({ولا تستفت فيهم منهم أحدا}
قال الإمامان: الهاء والميم في (فيهم) لأصحاب الكهف،
والهاء والميم في (منهم) لليهود.). [ياقوتة الصراط: 321]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَجْماً}: ظنّاً غير يقين). [العمدة في غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تقولنّ لشيءٍ إنّي فاعلٌ ذلك غداً...}
{إلاّ أن يشاء اللّه...}
إلاّ أن تقول: إن شاء الله (ويكون مع القول: ولا تقولنّه إلا أن يشاء الله) أي إلاّ ما يريد الله). [معاني القرآن: 2/138]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {رجماً بالغيب} والرجم ما لم تستيقنه، وقال: ظن مرجّم لا يدري أحق هو أم باطل؛ قال زهير:
وما الجرب إلاّ ما رأيتم وذقتم.......وما هو عنها بالحديث المرجّم).
[مجاز القرآن: 1/398]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ولا تقولنّ لشيء إنّي فاعل ذلك غدا * إلّا أن يشاء اللّه).
موضع (أن) نصب، المعنى: لا تقولن إني أفعل أبدا إلا بمشيئة اللّه، فإذا قال القائل: إني أفعل ذلك إن شاء اللّه فكأنّه قال: لا أفعل إلا بمشيئة اللّه). [معاني القرآن: 3/278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فتية مضوا في الزمن الأول، وعن رجل طواف وعن الروح؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((غدا أخبركم عن ذلك))، ولم يستثن؛ فمكث عنه جبريل بضع عشرة ليلة، ثم جاءه بسورة الكهف، ونزل في قوله: ((أخبركم به غدا)): {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}). [معاني القرآن: 4/225-224]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقولنّ لشيءٍ إنّي فاعلٌ ذلك غدًا * إلا أن يشاء اللّه}، يقول: إلا أن تستثني.
قال يحيى: بلغنا أنّ اليهود لمّا سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أصحاب الكهف قال لهم رسول اللّه: ((أخبركم عنهم غدًا))، فلم يستثن، فأنزل اللّه هذه الآية.
قال: {واذكر ربّك إذا نسيت} إذا نسيت الاستثناء.
{وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشدًا} ومتى ما ذكر الّذي حلف فليقل: إن شاء اللّه؛ لأنّ اللّه أمره أن يقول: إن شاء اللّه.
ومن حلف على يمينٍ فاستثنى قبل أن يتكلّم بين اليمين وبين الاستثناء بشيءٍ فله ثنياه، ولا كفّارة عليه، وإن كان استثنى بعد ما تكلّم بعد اليمين قبل الاستثناء، متى ما استثنى فالكفّارة لازمةٌ له، ويسقط عنه المأثم حيث استثنى؛ لأنّه كان ركب ما نهي عنه من تركه ما أمر به من الاستثناء، أي: لا يقول: إنّي أفعل حتّى يقول: إن شاء اللّه، ولا يقول: لا أفعل حتّى يقول:إن شاء اللّه.
عمّارٌ، عن عمرٍو، عن الحسن، قال: (أمر ألا يقول لشيءٍ في الغيب: {إنّي فاعلٌ ذلك غدًا} دون أن يستثني، إلا أن ينسى الاستثناء، وأمر أن يستثني إذا ذكره).
فكان الحسن يقول: ( إذا حلف الرّجل على شيءٍ وهو ذاكرٌ للاستثناء فلم يستثن فلا ثنيا له، وإن حلف على شيءٍ وهو ناسٍ للاستثناء فله ثنياه، ما دام في مجلسه ذلك، تكلّم أو لم يتكلّم ما لم يقم).
- ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة أنّ ابن عبّاسٍ قال: (إذا حلف ثمّ قال: إن شاء اللّه فليس عليه كفّارةٌ).
- حمّادٌ، عن أيّوب، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((من حلف ثمّ قال: إن شاء اللّه فهو بالخيار، إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل)).
- حدّثني محلٌّ، عن إبراهيم، قال: ليس الاستثناء بشيءٍ حتّى تجهر به كما تجهر باليمين.
قال يحيى: يعني أنّ استثناءه في قلبه ليس بشيءٍ حتّى يتكلّم به لسانه.
الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن قال: (من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الّذي هو خيرٌ، وليكفّر يمينه، الإطلاق أو عتاقٌ) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/178-180]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {واذكر رّبّك إذا نسيت} قال ابن عبّاس: إذا حلفت فنسيت أن تستثنى فاستثن متى ما ذكرت ما لم تحنث).
[معاني القرآن: 2/138]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إلاّ أن يشاء اللّه واذكر رّبّك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشداً}
وقال: {إلاّ أن يشاء اللّه} أي: إلاّ أن تقول: "إن شاء الله" فأجزأ من ذلك هذا، وكذلك إذا طال الكلام أجزأ فيه شبيه بالإيماء لأنّ بعضه يدل على بعض). [معاني القرآن: 2/76]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولا تقولنّ لشيء إنّي فاعل ذلك غدا * إلّا أن يشاء اللّه}.
موضع (أن) نصب، المعنى: لا تقولن إني أفعل أبدا إلا بمشيئة اللّه، فإذا قال القائل: إني أفعل ذلك إن شاء اللّه فكأنّه قال: لا أفعل إلا بمشيئة اللّه). [معاني القرآن: 3/278] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {واذكر ربّك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشدا}
أي أي وقت ذكرت أنك لم تستثن، فاستثن، وقل: إن شاء اللّه.
{وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشدا} أي قل عسى أن يعطيني من الآيات والدلالات على النبوة ما يكون أقرب في الرشد وأدل من قصة أصحاب الكهف). [معاني القرآن: 3/278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فتية مضوا في الزمن الأول وعن رجل طواف وعن الروح؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((غدا أخبركم عن ذلك))، ولم يستثن؛ فمكث عنه جبريل بضع عشرة ليلة، ثم جاءه بسورة الكهف ونزل في قوله: ((أخبركم به غدا)): {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} ). [معاني القرآن: 4/225-224] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا} أي عسى أن يعطيني من الآيات والدلائل ما هو أرشد وأبين من خبر أصحاب الكهف). [معاني القرآن: 4/225]

تفسير قوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ} ثمّ أخبر ما تلك الثّلاث مائةٍ، فقال: {سنين وازدادوا تسعًا}، أي: تسع سنين.
تفسير قتادة قال: هذا قول أهل الكتاب، رجع إلى أوّل الكلام: {سيقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم رجمًا بالغيب ويقولون سبعةٌ وثامنهم} ....
ويقولون: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنين وازدادوا تسعًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/180]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثلاث مئةٍ سنين...}

مضافة. وقد قرأ كثير من القراء (ثلاث مئةٍ سنين) يريدون ولبثوا في كهفهم سنين فينصبونها بالفعل.
ومن العرب من يضع السنين في موضع سنة فهي حينئذ في موضع خفض لمن أضاف. ومن نوّن على هذا المعنى يريد الإضافة نصب السّنين بالتفسير للعدد كقول عنترة:
فيها اثنتان وأربعون حلوبةً.......سودا كخافية الغراب الأسحم
فجعل (سوداً) وهي جمع مفسّرة كما يفسّر الواحد). [معاني القرآن: 2/138]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً}
وقال: (ثلاث مائة سنين) على البدل من (ثلاث) ومن "المائة" أي: لبثوا ثلاث مائة" فإن كانت السنون تفسير للمائة فهي جرّ وإن كانت تفسيرا للثّلاث فيه نصب). [معاني القرآن: 2/76]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنين} ولم يقل: سنة. كأنه قال: ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة.
ثم قال: (سنين). أي ليست شهورا ولا أياما. ولم يخرج مخرج ثلاثمائة درهم.
وروي ابن فضيل عن الأجلح، عن الضحاك، قال: نزلت ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة. فقالوا: أيام أو أشهر أو سنين؟ فنزلت: سنين. {وازدادوا تسعاً} ). [تفسير غريب القرآن: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا }
جائز أن يكون (سنين) نصبا، وجائز أن تكون جرّا.
فأما النصب فعلى معنى فلبثوا في كهفهم سنين ثلاثمائة، ويكون على تقدير آخر "سنين" معطوفا على ثلاث عطف البيان والتوكيد، وجائز أن تكون (سنين) من نعت المائة،
وهو راجع في المعنى إلى ثلاث كما قال الشاعر:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة.......سودا كخافية الغراب الأسحم
فجعل سودا نعتا لحلوبة، وهو في المعنى نعت لجملة العدد، فجائز أن يكون: ولبثوا في كهفهم، محمولا على قوله: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون لبثوا في كهفهم وهذا القول دليله قوله: {قل اللّه أعلم بما لبثوا}.
ويجوز - وهو الأجود عندي - أنه إخبار عن الله أخبرهم بطول لبثهم.
وأعلم أنّه أعلم بذلك.
وكان هذا أبلغ في الآية فيهم أن يكون الصحيح أنهم قد لبثوا هذا العدد كلّه.
فأمّا قوله: {وازدادوا تسعا}.
فلا يكون على معنى وازدادوا تسع ليال، ولا تسع ساعات، لأن العدد يعرف تفسيره، وإذا تقدم تفسيره استغنى بما تقدم عن إعادة ذكر التفسير.
تقول: عندي مائة درهم وخمسة فيكون الخمسة قد دل عليها ذكر الدرهم
وكذلك قوله: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجا يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهر وعشرا}.
قال أبو العباس محمد بن يزيد: (وعشرا) معناه وعشر مدد، وتلك المدد كل مدة منها يوم وليلة، والعرب تقول: ما رأيته منذ عشر.
وأتيته لعشر خلون، فيغلّبون الليالي على ذكر الأيام، والأيام داخلة في الليالي والليالي مع اليوم مدة معلومة من الدهر، فتأنيث عشر يدل على أنه لا يراد به أشهر فهذا أحسن ما فسّر في هذه الآية). [معاني القرآن: 3/279-278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} في معناه ثلاثة أقوال:
أ- قال مجاهد: هذا عدد ما لبثوا.
ب- وقال قتادة: في قراءة ابن مسعود (وقالوا لبثوا في كهفهم).
ج- والقول الثالث: أن الله خبر بما لبثوا إلى أن بعثوا من الكهف ولا نعلم كم مذ بعثوا إلى هذا الوقت؛ فقال سبحانه: {قل الله أعلم بما لبثوا} أي من أي وقت مبعثهم إلى هذا الوقت.
قال أبو جعفر: وأحسن هذه الأقوال الأول وإنما يقع الإشكال فيه لقوله جل وعز: {قل الله أعلم بما لبثوا} ففر قوم إلى أن قالوا هو معطوف على قوله تعالى: {سيقولون}.
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الأول لأنه أبلغ وأن ابن فضيل روى عن الأجلح عن الضحاك قال لما أنزلت ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة قالوا أسنين أم شهروا أم أياما فأنزل الله جل وعز: {سنين}.
قال أبو جعفر: فأما ما أشكل من قوله تعالى: {قل الله أعلم بما لبثوا} فنحن نبينه يجوز أن يكون لما اختلفوا في مقدار ما لبثوا ثم أخبر الله جل وعز به؛ فقال: {قل الله أعلم بما لبثوا} أي هو أعلم به من المختلفين فيه.
وقول آخر أحسن من هذا: أن يكون اعلم بمعنى عالم وذلك كثير موجود في كلام العرب قال الله جل وعز: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}
أجود الأقوال فيه أن معناه هو هين عليه وهو اختيار أبي العباس ومنه الله أكبر بمعنى كبير ومنه قول الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا.......بيتا دعائمه أعز وأطول
وقول الآخر:
أصبحت أمنحك الصدود وإنني.......قسما إليك مع الصدود لأميل
وقول الآخر:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل.......على أينا تعدو المنية أول).
[معاني القرآن: 4/228-225]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين} قال ثعلب: وهذا كله وبعده أخبار عمن عدهم في القرآن، لأنه
قال: {قل الله أعلم بما لبثوا} . قال: وقوله - عز وجل: {وازدادوا تسعا} هو - أيضا - إخبار عمن عدهم، ولم يصب. قال الشيخ أبو عمر: سنين بمعنى: سنة،
وهذا لفظ جمع بمعنى واحد، كما جاء لفظ الواحد بمعنى الجمع، وهو قوله - جل وعز: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} والإنسان بمعنى: الناس - هاهنا -؛ لأن الجماعة لا تستثني من واحد،
ومن قرأ: (ثَلاثمِائَةٍ سِنِينَ) جعله على البدل، ومن قراء: (ثَلاثمائةَ سِنِينَ) جعله على الترجمة). [ياقوتة الصراط: 323-322]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قتادة: فردّ اللّه على نبيّه فقال: {قل اللّه أعلم بما لبثوا له غيب السّموات والأرض} يعلم غيب السّموات والأرض.
{أبصر به وأسمع}، يقول: ما أبصره وأسمعه، كقول الرّجل للرّجل: أفقه به، وأشباه ذلك.
سعيدٌ، عن قتادة قال: لا أحد أبصر من اللّه ولا أسمع من اللّه.
قوله: {ما لهم من دونه من وليٍّ} يمنعهم من عذاب اللّه.
{ولا يشرك في حكمه أحدًا} وهي تقرأ بالياء والتّاء.
يقولون: ولا تشرك يا محمّد في حكمه أحدًا، يقول: حتّى تجعله معه شريكًا في حكمه وقضائه وأموره.
ومن قرأها بالياء يقول: ولا يشرك اللّه في حكمه أحدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/180]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أبصر به وأسمع...}

يريد الله تبارك وتعالى كقولك في الكلام: أكرم بعبد الله ومعناه: ما أكرم عبد الله وكذلك قوله: {أسمع بهم وأبصر}: ما أسمعهم ما أبصرهم. وكلّ ما كان فيه معنى من المدح والذمّ فإنك تقول فيه: أظرف به وأكرم به، ومن الياء والواو: أطيب به طعاماً، وأجود به ثوباً، ومن المضاعف تظهر فيه التضعيف ولا يجوز الإدغام، كما لم يجز نقص الياء ولا الواو؛ لأن أصله ما أجوده وما أشدّه وأطيبه فترك على ذلك، وأما أشدد به فإنه ظهر التضعيف لسكون اللام من الفعل، وترك فيه التضعيف فلم يدغم لأنه لا يثنّى ولا يؤنّث، لا تقول للاثنين: أشدّا بهما، ولا للقوم أشدّوا بهم. وإنما استجازت العرب أن يقولوا مدّ في موضع امدد لأنهم قد يقولون في الاثنين: مدّا وللجميع: مدّوا، فبنى الواحد على الجميع.
وقوله: {ولا يشرك في حكمه أحداً} ترفع إذا كان بالياء على: وليس يشرك. ومن قال {لا تشرك} جزمها لأنها نهي). [معاني القرآن: 2/139]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ((ثلثمائةٍ سنين) مقدّم ومؤخّر، مجازه: سنين ثلثمائة). [مجاز القرآن: 1/398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل اللّه أعلم بما لبثوا له غيب السّماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم مّن دونه من وليٍّ ولا يشرك في حكمه أحداً}
وقال: {أبصر به وأسمع} أي: ما أبصره وأسمعه كما تقول: "أكرم به" أي: ما أكرمه. وذلك أن العرب تقول: "يا أمة الله أكرم بزيدٍ" فهذا معنى ما أكرمه ولو كان يأمرها أن تفعل لقال "أكرمي زيداً). [معاني القرآن: 2/76]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أبصر به واسمع}: ما أبصرهم وأسمعهم). [غريب القرآن وتفسيره: 227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( ثم قال: {قل اللّه أعلم بما لبثوا} وقد بيّن لنا قبل هذا كم لبثوا. والمعنى أنهم اختلفوا في مدة لبثهم.
فقال اللّه عز وجل: {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا}. وأنا أعلم بما لبثوا من المختلفين.
{أبصر به وأسمع} أي ما أبصره وأسمعه!). [تفسير غريب القرآن: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل اللّه أعلم بما لبثوا له غيب السّماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من وليّ ولا يشرك في حكمه أحدا}
(أبصر به وأسمع} أجمعت العلماء أن معناه ما أسمعه وأبصره. أي هو عالم بقصة أصحاب الكهف وغيرهم:
وقوله: {ولا يشرك في حكمه أحدا}.
قرئت: {ولا يشرك} على النهي.
والآية - واللّه أعلم - تدل على أحد معنيين:
أحدهما أنه أجرى ذكر علمه وقدرته، فأعلم عزّ وجلّ أنه لا يشرك في حكمه مما يخبر به من الغيب أحدا، كما قال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا}
وكذلك إذا قرئت: ولا تشرك - بالتاء - في حكمه أحدا، أي لا تنسبنّ أحدا إلى علم الغيب، ويكون - واللّه أعلم، وهو جيد بالغ - على معنى أنه لا يجوز أن يحكم حاكم إلا بما حكم اللّه، أو بما يدل عليه حكم اللّه، وليس لأحد أن يحكم من ذات نفسه، فيكون شريكا للّه في حكمه، يأمر بحكم كما أمر اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/280-279]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {أبصر به وأسمع} المعنى ما أبصره وأسمعه أي هو عالم بقصة أصحاب الكهف وغيرهم). [معاني القرآن: 4/228]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال رجل وعز: {ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا}
نظيره قوله تعالى: {فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول}
ومن قرأ {ولا تشرك في حكمه أحدا} فمعناه عنده لا تنسب أحدا إلى أنه يعلم الغيب). [معاني القرآن: 4/229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَبْصِرْ به}: ما أبصره.
{وأَسْمِع}: ما أسمعه). [العمدة في غريب القرآن: 188]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 06:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 27 إلى 31]

{وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}

تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربّك لا مبدّل لكلماته}
لا يحكم في الآخرة بخلاف ما قال في الدّنيا، هو كقوله: {ما يبدّل القول لديّ}.
قوله: {ولن تجد من دونه ملتحدًا}
قال قتادة: وليًّا ولا مولًى.). [تفسير القرآن العظيم: 1/180-181]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {ملتحداً...}
الملتحد: الملجأ). [معاني القرآن: 2/139]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ملتحدا}
- قالوا: ملجأ.
- وقال بعضهم: معدلا مأخوذ من الإلحاد.). [غريب القرآن وتفسيره: 227]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ملتحداً} أي معدلا. وهو من ألحدت ولحدت: إذا عدلت). [تفسير غريب القرآن: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربّك لا مبدّل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا}
أي لن تجد معدلا عن أمره ونهيه، ولا ملجأ إلا إليه.
وكذلك: {لا مبدّل لكلماته} أي ما أخبر الله به، وما أمر به فلا مبدّل له). [معاني القرآن: 3/280]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا} قال مجاهد أي ملجأ أي يمنعك منه جل وعز.
قال أبو جعفر: وهو حسن في اللغة وأصله في اللغة من اللحد وهو من الميل والملحد المائل عن الحق العادل عنه فإذا ألحدت إلى الشيء فقد ملت إليه.). [معاني القرآن: 4/229]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ملتحدا} أي: ملجأ). [ياقوتة الصراط: 324]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}
قال قتادة: وهما الصّلاتان: صلاة الفجر وصلاة العصر.

وإنّما فرضت الصّلوات قبل خروج النّبيّ من مكّة إلى المدينة بسنةٍ.
نزلت في سلمان الفارسيّ، وبلالٍ، وصهيبٍ، وخبّاب بن الأرتّ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة.
قال المشركون للنّبيّ: إن أردت أن نجالسك فاطرد عنّا هؤلاء القوم؛ فأنزل اللّه: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} .
{يريدون وجهه ولا تعد عيناك} محقّرةً لهم إلى غيرهم.
{تريد زينة الحياة الدّنيا}
الخليل بن مرّة قال: سمعت معاوية بن قرّة يقول في هذه الآية: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: في الصّلاة.
- الحسن بن دينارٍ، عن قتادة قال: لمّا نزلت: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال رسول اللّه: ((الحمد للّه الّذي جعل في أمّتي من أصبر نفسي معه))، أو قال: ((من أمرت أن أصبر نفسي معه)).
- أشعث، عن يعلى بن عطاءٍ، عن عمرو بن عاصمٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لذكر اللّه بالغداة والعشيّ أفضل من خطم السّيوف في سبيل اللّه ومن إعطاء المال سحًّا)).
- الحسن بن دينارٍ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليهوسلّم أتى على سراقة بن مالكٍ وهو يحدّث أصحابه، فلمّا رأى النّبيّ أمسك، ورئي في نفسه أنّ النّبيّ أحقّ بالمجلس، فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((حدّث فوالّذي نفسي بيده لأن أصبر نفسي مع قومٍ يذكرون اللّه من صلاة الصّبح حتّى تطلع الشّمس أحبّ إليّ من أن أعتق أربعةً محرّرين)).
- الرّبيع بن صبيحٍ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لأن أجالس قومًا يذكرون اللّه بعد صلاة العصر حتّى تغيب الشّمس أحبّ إليّ من أن أعتق ثمانيةً من ولد إسماعيل)).
قوله: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه}، يعني: شهوته. تفسير السّدّيّ.
{وكان أمره فرطًا} ضياعًا في تفسير مجاهدٍ والسّدّيّ.
وقال: كان مقصّرًا مضيّعًا وهو مثل قوله: {يا حسرتى على ما فرّطت في جنب اللّه} ، يعني: ضيّعت وقصّرت.
قال يحيى: ومثل قوله: {يا حسرتنا على ما فرّطنا فيها} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/181-182]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {بالغداة والعشيّ...}

قرأ أبو عبد الرحمن السّلمي {بالغدوة والعشّي} ولا أعلم أحداً قرأ غيره. والعرب لا تدخل الألف واللام في الغدوة؛ لأنها معرفة بغير ألف ولام سمعت أبا الجراح.
يقول: ما رأيت كغدوة قطّ، يعني غداة يومه. وذاك أنها كانت باردة؛ ألا ترى أن العرب لا تضيفها فكذلك لا تدخلها الألف واللام.
إنما يقولون: أتيتك غداة الخميس، ولا يقولون: غدوة الخميس. فهذا دليل على أنها معرفة.
وقوله: {ولا تعد عيناك عنهم} الفعل للعينين: لا تنصرف عيناك عنهم. وهذه نزلت في سلمان وأصحابه.
وقوله: {وكان أمره فرطاً} متروكاً قد ترك فيه الطاعة وغفل عنها. ويقال إنه أفرط في القول فقال: نحن رءوس مضر وأشرافها، وليس كذلك. وهو عيينة بن حصن.
وقد ذكرنا حديثه في سورة الأنعام). [معاني القرآن: 2/140-139]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ولن تجد من دونه ملتحداً} أي معدلاً واللّحد منه والإلحاد). [مجاز القرآن: 1/398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطاً}
وقال: {ولا تعد عيناك عنهم} أي: العينان فلا تعدوان). [معاني القرآن: 2/76]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ولا تعد عيناك}: أي لا تجاوز، من تعديت). [غريب القرآن وتفسيره: 227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولا تعد عيناك عنهم} أي لا تتجاوزهم إلى زينة الحياة الدنيا.
{وكان أمره فرطاً} أي ندما. [هذا] قول أبي عبيدة: وقول
المفسرين: سرفا. وأصله العجلة والسّبق. يقال: فرط مني قول قبيح: أي سبق. وفرس فرط: أي متقدم.
و(السّرادق) الحجرة التي تكون حول الفسطاط. وهو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة. وهو الظل ذو الثلاث شعب، الذي ذكره اللّه في سورة والمرسلات عرفا). [تفسير غريب القرآن: 267-266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطا}
وقرئت بالغدوة والعشي، وبالغداة والعشي أجود في قول جميع العلماء لأن " غدوة " معرفة لا تدخلها الألف واللام، والذين أدخلوا الألف واللام جعلوها نكرة،
ومعنى {يدعون ربهم بالغداة والعشي} أي: يدعونه بالتوحيد والإخلاص له، ويعبدونه يريدون وجهه، أي لا يقصدون بعبادتهم إلا إياه.
وقوله: {ولا تعد عيناك عنهم} أي: لا تصرف بصرك إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة.
روي أن جماعة من عظماء المشركين قالوا للنبي عليه السلام،: باعد عنك هؤلاء الذين رائحتهم كرائحة الضّأن، وهم موال وليسوا بأشراف لنجالسك ولنفهم عنك، يعنون خبّابا، وصهيبا وعمّارا - وبلالا ومن أشبههم، فأمره اللّه بأن لا يفعل ذلك وأن يجعل إقباله على المؤمنين وألا يلتفت إلى غيرهم فقال: {ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطا}أي كان أمره التفريط، والتفريط تقديم العجز). [معاني القرآن: 3/281-280]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (قوله جل وعز: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}
روى ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر قال: الصلاة المكتوبة.
قال مجاهد وإبراهيم: الصلوات الخمس.). [معاني القرآن: 4/230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا} أي لا تتجاوزهم إلى المترفين.
وروى عن الحسن أنه قرأ {ولا تعد عينيك عنهم} بتشديد الدال والنصب). [معاني القرآن: 4/231-230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} قال مجاهد: أي ضياعا.
قال أبو جعفر: وقيل إسرافا وقيل ندما وهذه الأقوال متقاربة وهو من الإفراط في الشيء والتجاوز فيه وبين هذا أن سفيان بن سعيد
قال: هو عيينة بن حصن، وقال غيره قال أنا أشرف مضر وأجلها فهذا هو التجاوز بعينه
وقال الفراء: فرطا متروكا قد تركت فيه الطاعة.). [معاني القرآن: 4/232-231]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {فرطا} أي: عجلة بغير تثبت). [ياقوتة الصراط: 324]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ولا تعد عيناك} أي لا تتجاوز.
{فرطا} أي ندما، وقيل: سرفا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143-142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ولا تَعْدُ}: لا تجاوز). [العمدة في غريب القرآن: 188]


تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقل الحقّ من ربّكم} سعيدٌ، عن قتادة، قال: وهو القرآن.
قال: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} هذا وعيدٌ.
أي: من آمن دخل الجنّة، ومن كفر دخل النّار.
قال: {إنّا أعتدنا} أعددنا.
{للظّالمين} للمشركين.
{نارًا أحاط بهم سرادقها} سورها.
ولها عمدٌ، فإذا مدّت تلك العمد أطبقت على أهلها، وذلك حين يقول: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} فإذا قال ذلك أطبقت عليهم، وهو قوله: {إنّها عليهم مؤصدةٌ * في عمدٍ ممدّدةٍ} [الهمزة: 8-9].
قوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل}
- سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ هديت له سقاية ذهبٍ وفضّةٍ، فأمر بخدودٍ فخدّت في الأرض، ثمّ قذف فيها من جزل الحطب، ثمّ قذف فيها تلك السّقاية، حتّى إذا أزبدت وامّاعت، قال لغلامه: ادع من بحضرتنا من أهل الكوفة.
فدعا رهطًا، فلمّا دخلوا عليه قال: أترون هذا؟ قالوا: نعم، قال: ما رأينا في الدّنيا شبهًا للمهل أدنى من هذا الذّهب وهذه الفضّة حين أزبد وامّاع.
عثمان، عن زيد بن أسلم، قال: كعكر الزّيت.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه، قال: المهل: القيح والدّم.
قوله: {يشوي الوجوه} يحرق الوجوه إذا أهوى ليشربه.
{بئس الشّراب وساءت مرتفقًا} قال قتادة: منزلا ومأوًى، يعني النّار.
وقال مجاهدٌ، عن أبيه: {وساءت مرتفقًا} مجتمعًا.
وقوله: {وساءت} بئس المنزل والمأوى هي. وهذا وعيدٌ لمن كفر). [تفسير القرآن العظيم: 1/182-183]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تعد عيناك عنهم} جرم لأن مجازه مجاز النهى، والموضع: لا تجاوز عيناك، ويقال: ما عدوت ذلك أي ما جاوزته.

{وكان أمره فرطا} أي سرفاً وتضييعاً). [مجاز القرآن: 1/398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {وقل الحقّ من رّبّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقاً}
وقال: {وقل الحقّ من رّبّكم} أي: قل هو الحقّ. وقوله: {وساءت مرتفقاً} أي: وساءت الدار مرتفقا). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {سرادقها}: مثل الحجرة التي تطيف بالفسطاط.
{المهل}: قالوا كدردي الزيت وقالوا كلما أذبته من نحاس أو رصاص أو فضة.
{مرتفقا}: متكأ يقال ارتفقت أي اتكأت على مرفقه). [غريب القرآن وتفسيره: 228-227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و (المهل) دردي الزيت. ويقال: ما أذيب من النّحاس والرّصاص.
{وساءت مرتفقاً} أي مجلسا. وأصل الارتفاق: الاتكاء على المرفق). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقا }
المعنى وقل الذي أتيتكم به الحقّ من ربّكم.
{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
هذا الكلام ليس بأمر لهم، ما فعلوه منه فهم فيه مطيعون، ولكن كلام وعيد وإنذار قد بين بعده ما لكل فريق من مؤمن وكافر.
قال عزّ وجلّ: {إنا أعتدنا للظّالمين نارا}.
معنى أعتدنا جعلناها عتادا لهم كما تقول: جعلت هذا عدة لهذا.
والعتاد: الشيء الثابت اللازم.
وقوله: {أحاط بهم سرادقها} أي صار عليهم سرادق من العذاب، والسرادق كل ما أحاط بشيء نحو الشقة في المضرب والحائط المشتمل على الشيء.
وقوله: (كالمهل) يعنى أنهم يغاثون بماء كالرّصاص المذاب أي الصّفر والفضّة، وكل ما أذبته من هذه الأشياء فهو مهل.
وقيل المهل: درديّ الزّيت أيضا.
وقيل المهل صديد الجرح.
{يشوي الوجوه} أي إذا قدّم ليشرب أشوى الوجه من حرارته.
{بئس الشّراب وساءت مرتفقا}.
(مرتفقا) منصوب على التمييز، و (مرتفقا) منزلا.
وقال أهل اللغة (مرتفقا): متكأ.
وأنشدوا:

إني أرقت فبتّ الليل مرتفقا.......كأنّ عيني فيها الصّاب مذبوح).
[معاني القرآن: 3/283-281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {وقل الحق من ربكم} المعنى وقل الذي جئتكم به الحق الحق من ربكم). [معاني القرآن: 4/232]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}
هذا على التهديد). [معاني القرآن: 4/232]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {إنا أعتدنا للظالمين نارا}
أي جعلناها لهم عتادا والعتاد الثابت اللازم وهو مثل العدة). [معاني القرآن: 4/232]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {أحاط بهم سرادقها}
(السرادق) في اللغة: كل شيء محيط بشيء،
قيل إنه يراد به الدخان الذي يحيط بالكفار يوم القيامة وهو الذي ذكره الله في قوله سبحانه: {انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب} ). [معاني القرآن: 4/232-233]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه}

- روى هشيم عن عوف عن الحسن قال جاء قوم إلى عبد الله بن مسعود يسألونه عن المهل فأخذ فضة فأذابها حتى انماعت ثم أذن لهم بالدخول فقال لهم هذا أشبه بالمهل.
- وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: المهل دردي الزيت.
- وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: المهل القيح والدم.
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال متقاربة وإنما هو ما تمهل وسكن وأكثر ما يستعمل لدردي الزيت كما قال ابن عباس.). [معاني القرآن: 4/234-233]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا} المعنى وساءت النار مرتفقا
قال مجاهد: أي مجتمعا.
وقال غيره أي مجلسا.

قال أبو جعفر: والمعروف في اللغة أن المرتفق المتكأ وأنشد أهل اللغة:
إني أرقت فبت الليل مرتفقا.......كأن عيني فيها الصاب مذبوح
قال أبو جعفر: ولا يمتنع أن يكون المعنى موضع مرتفق.). [معاني القرآن: 4/235-234]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال ثعلب: هذا تهدد ووعيد،
كما قال: {اعملوا ما شئتم} إنما هو تهديد ووعيد، وليس بأمر). [ياقوتة الصراط: 324]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({إنا أعتدنا} أي: أعددنا). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ):{سرادقها} أي: سورها). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({كالمهل}: المهل: المذاب من الرصاص). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((والسرادق) دخان يحيط بالكفار كسرادق الفسطاط، وهو الظل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والمهل) دردي الزيت. وقيل: هو ما أذيب من الرصاص والنحاس.
{وساءت مرتفقا} أي مجلسا، وأصل الارتفاق الجلوس والاتكاء على المرافق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({السُّرَادِقُ}: حول الفسطاط.
{المُهْلِ}: النحاس.
{مُرْتَفَقاً}: متكأً). [العمدة في غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع...}
خبر {الّذين آمنوا} في قوله: {إنّا لا نضيع} وهو مثل قول الشاعر:
إن الخليفة إنّ الله سربله.......سربال ملك بها تزجى الخواتيم
كأنه في المعنى: إنا لا نضيع أجر من عمل صالحاً فترك الكلام الأول واعتمد على الثاني بنيّة التكرير؛ كما قال {يسألونك عن الشّهر الحرام} ثم قال {قتالٍ فيه} يريد: عن قتال فيه بالتكرير ويكون أن تجعل {إنّ الّذين آمنوا وعملوا} في مذهب جزاء، كقولك: إن من عمل صالحاً فإنا لا نضيع أجره، ب: فتضمر فتضمّن الفاء في قوله (فإنّا) وإلقاؤها جائز.
وهو أحبّ الوجوه إليّ.
وإن شئت جعلت خبرهم مؤخّرا كأنك قلت: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم جنّات عدن}).
[معاني القرآن: 2/140]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (إنّا أعتدنا) من العتاد وموضعه موضع أعددنا من العدة.
{أحاط بهم سرادقها} كسرادق الفسطاط وهي الحجرة التي تطيف بالفسطاط، قال رؤبة:
يا حكم بن المنذر بن الجارود.......أنت الجواد بن الجواد المحمود
سرادق المجــد إليــــك ممـدود....... . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال سلامة بن جندل:
هو المولج النّعمان بيتاً سماؤه.......صدور بعد بيتٍ مسردق
أي له سرادق.
{يغاثوا بماءٍ كالمهل} كل شئ أذبته من نحاس أو رصاص ونحو ذلك فهو مهل، وسمعت المنتجع بن نبهان يقول: والله لفلانٌ أبغض إلىّ من الطّلياء والمهل،
فقلنا: وما هما فقال الجرباء والملّة التي تنحدر عن جوانب الخبزة إذا ملت في النار من النار كأنه مهلة حمراء مدقّفة فهي جمرة.
{وساءت مرتفقاً} أي متّكئاً، قال أبو ذؤيب الهذليّ:
إنّي أرقت فبتّ الليل مرتفقاً.......كأنّ عينيّ فيها الصاب مذبوح
وذبحه: انفجاره، قال: وهو شديد وحكى عن أبي عمرو بن العلاء أو غيره يقال: انفقأت واحدة فقطّرت في عيني فكأنه كان في عيني وتدٌ). [مجاز القرآن: 1/401-398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً}
وقال: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً} لأنه لما قال: {لا نضيع أجر من أحسن عملاً} كان في معنى: لا نضيع أجورهم لأنهم ممن أحسن عملا). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(إنَّ الثقيلة) تزاد كقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}
وكذلك قوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ}.
وقال الشاعر:
إنَّ الخليفة إنَّ الله سَرْبَلَهُ.......سِرْبَالِ مُلْكِ به تُرجى الخواتيمُ).
[تأويل مشكل القرآن: 251]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا }
خبر (إنّ) هنا على ثلاثة أوجه:
فأحدها: أن يكون على إضمار " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم" ، ولم يحتج إلى ذكر منهم لأن الله تعالى قد أعلمنا أنه يحبط عمل غير المؤمنين،
قال عزّ وجلّ: {وعد اللّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}.
ويجوز أن يكون خبر (إنّ): {أولئك لهم جنّات عدن}
ويكون قوله: {إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا} قد فصل به بين الاسم وخبره، لأن فيه ذكر ما في الأول، لأن من أحسن
عملا بمنزلة الذين آمنوا.
ووجه ثالث، أن يكون الخبر {إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا} في معنى إنا لا نضيع أجرهم، لأن ذكر " من " كذكر الذي، وذكر حسن العمل كذكر الإيمان.
فيكون كقولك: إن الذين يعملون الصالحات إن الله لا يضيع أجر من آمن، فهو كقولك إن اللّه لا يضيع أجرهم). [معاني القرآن: 3/283]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل ذكره: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}
قال أبو جعفر: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال: حدثنا محمد بن حميد قال: نا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: (قدم أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته الصهباء؛ فقال: إني رجل متعلم فأخبرني عن قول الله {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}؛ قال النبي عليه السلام: ((يا أعرابي ما أنت منهم ببعيد وما هم منك ببعيد هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف معي؛
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فاعلم قومك أن هذا الآية نزلت في هؤلاء الأربعة)) ) ). [معاني القرآن: 4/236-235]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ أخبر بوعده لمن آمن فقال: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا * أولئك لهم جنّات عدنٍ تجري من تحتهم الأنهار} قد فسّرناه قبل هذا الموضع.
قوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ} ابن لهيعة، أنّ رسول اللّه قال: ((إنّ الرّجل من أهل الجنّة لو بدا إسواره لغلب على ضوء الشّمس)).
وأخبرني بعض أصحابنا، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال: ليس من أهل الجنّة أحدٌ إلا وفي يده ثلاثة أسورةٍ: إسوارٌ من ذهبٍ، وإسوارٌ من فضّةٍ، وإسوارٌ من لؤلؤٍ.
قال: وهو قوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا}، وقوله: {وحلّوا أساور من فضّةٍ}.
قوله: {ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندسٍ وإستبرقٍ} سعيدٌ، عن قتادة، عن عكرمة قال: أمّا السّندس فقد رأيتموه.
قال يحيى: السّندس الّذي قال عكرمة يعمل بالسّوس، وهو الخزّ.
قال عكرمة: وأمّا الإستبرق: فالدّيباج الغليظ.
قال يحيى: سمعت بعض أهل الكوفة يقول: هي بالفارسيّة استبره.
- قوله: {متّكئين فيها على الأرائك} حدّثني أشعث، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: على السّرر في الحجال.
قال يحيى: وبلغني عن سعيد بن جبيرٍ أنّها أيضًا مزمولةٌ بقضبان اللّؤلؤ الرّطب.
وقال الحسن: مرمولةٌ بالدّرّ والياقوت.
وحدّثني خالدٌ، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، قال: يعانق الرّجل زوجته قدر عمر الدّنيا كلّه لا يملّها ولا تملّه.
- وبلغني عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن معاذ بن جبلٍ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ الرّجل في الجنّة ليتنعّم في تكاةٍ واحدةٍ سبعين عامًا)).
- وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ الرّجل من أهل الجنّة يتّكئ على أحد شقّيه فينظر إلى زوجته كذا وكذا سنةً، ثمّ يتّكئ على الشّقّ الآخر فينظر إليها مثل ذلك في قبّةٍ حمراء من ياقوتةٍ حمراء ولها ألف بابٍ وله فيها سبع مائة امرأةٍ.
قوله: {نعم الثّواب وحسنت مرتفقًا} منزلا ومأوًى، يعني: الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/184-185]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ...}

لو ألقيت (من) الأساور كانت نصباً. ولو ألقيت (من) من الذهب جاز نصبه على بعض القبح، لأن الأساور ليس بمعلوم عددها، وإنما يحسن النصب في المفسّر إذا كان معروف العدد، كقولك: عندي جبّتان خزّا، وأسواران ذهباً، وثلاثة أساور ذهبا. فإذا قلت: عندي أساور ذهباً فلم تبيّن عددها كان بمن، لأن المفسّر ينبغي لما قبله أن يكون معروف المقدار.
ومثله قول الله تبارك وتعالى: {وينزّل من السماء من جبالٍ فيها من برد} المعنى: فيها جبال برد، فدخلت (من) لأن الجبال غير معدودة في اللفظ.
ولكنه يجوز كأنك تريد بالجبال والأساور الكثيرة، كقول القائل: ما عنده إلا خاتمان ذهباً قلت أنت: عنده خواتم ذهباً لمّا أن كان ردّا على شيء معلوم العدد فأنزل الأساور والجبال من برد على هذا المذهب.

فأمّا (يحلّون) فلو قال قائل: يحلون لجاز، لأن العرب تقول: امرأة حالية، وقد حليت فهي تحلى إذا لبست الحلي فهي تحلى حليّاً وحلياً.
وقوله: {نعم الثّواب} ولم يقل: نعمت الثواب، وقال {وحسنت مرتفقاً} فأنّث الفعل على معنى الجنّة ولو ذكّر بتذكير المرتفق كان صوابا، كما قال {وبئس المهاد} {وبئس القرار} {وبئس المصير} وكما قال {بئس للظالمين بدلاً} يريد إبليس وذرّيتّه، ولم يقل بئسوا.
وقد يكون (بئس) لإبليس وحده أيضاً. والعرب توحّد نعم وبئس وإن كانتا بعد الأسماء فيقولون: أمّا قومك فنعموا قوماً، ونعم قوماً، وكذلك بئس. وإنما جاز توحيدها لأنهما ليستا بفعل يلتمس معناه، إنما أدخلوهما لتدلاّ على المدح والذمّ، ألا ترى أن لفظهما لفظ فعل وليس معناهما كذلك، وأنه لا يقال منهما يبأس الرجل زيد، ولا ينعم الرجل أخوك، فلذلك استجازوا الجمع والتوحيد في الفعل. ونظيرهما {عسى أن يكونوا خيراً منهم} وفي قراءة عبد الله (عسوا أن يكونوا خيراً منهم) ألا ترى أنك لا تقول، هو يعسى كما لم تقل يبأس). [معاني القرآن: 2/140-142]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أساور من ذهبٍ} واحدها: إسوار ومن جعلها سوار فإن جمعه سور وما بين الثلاثة إلى العشرة أسورة.
{متّكئين فيها على الأرائك} واحدتها أريكة وهي السّرر في الحجال قال ذو الرّمّة:
خدوداً جفت في السّير حتى كأنما.......يباشرن بالمعزاء مسّ الأرائك
وقال الأعشى:
الرّواق وجانبٍ من سترها.......منها وبين أريكة الأنضاد).
[مجاز القرآن: 1/401]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {الأرائك}: السرر في الحجال واحدتها أريكة). [غريب القرآن وتفسيره: 228]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {أساور} جمع: أسوار.
و(السّندس) رقيق الديباج.
و(الإستبرق) ثخينه. ويقول قوم: فارسي معرب، أصله: استبره، وهو الشديد.
و(الأرائك) السّرر في الحجال، واحدها أريكة). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {أولئك لهم جنّات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقا }
ومعنى {جنات عدن} جنات إقامة.
وقيل في التفسير جنات عدن، جنات من الأربع الجنان التي أعدها الله لأوليائه.
{يحلّون فيها من أساور من ذهب} أساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار.
يقال هو سوار في اليد بالكسر، وقد حكي سوار وحكي قطرب إسوار، وذكر أن أساور جمع إسوار، على حذف الياء، لأن جمع أسوار أساوير.
(ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق) والسندس والإستبرق نوعان من الحرير.
{متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقا} الأرائك واحدتها: أريكة، والأرائك الفرش في الحجال.
و (مرتفقا) منصوب على التمييز وقد فسرنا المرتفق). [معاني القرآن: 3/283-284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار} العدن الإقامة ثم قال تجري من تحتهم الأنهار أي ماء الأنهار). [معاني القرآن: 4/236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {يحلون فيها من أساور من ذهب} أساور جمع أسورة وأسورة جمع سوار ويقال سوار
وحكى قطرب أن أساور جمع أسوار ولا يعرف ذلك). [معاني القرآن: 4/237-236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق} السندس رقيق الديباج والإستبرق ثخينه). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {متكئين فيها على الأرائك} وهي السرر في الحجال). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {نعم الثواب وحسنت مرتفقا} أي حسنت الجنة مرتفقا). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (السندس) رقيق الديباج.
(والإستبرق) ثخينه.
و{الأرائك} السرر في الحجال، واحدتها أريكة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الأَرائِك}: الأسرّة في الحجال). [العمدة في غريب القرآن: 189]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 32 إلى 45]

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) }


تفسير قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وحففناهما بنخلٍ} مجازه: اطفناهما وحجزناهما من جوانبهما قال الطّرمّاح:

تظلّ بالأكمام محفوفةً.......ترمقها أعين جرّامها).
[مجاز القرآن: 1/402]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {واضرب لهم مّثلاً رّجلين جعلنا لأحدهما جنّتين من أعنابٍ وحففناهما بنخلٍ وجعلنا بينهما زرعاً * كلتا الجنّتين آتت أكلها ولم تظلم مّنه شيئاً وفجّرنا خلالهما نهراً * وكان له ثمرٌ فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعزّ نفراً}
وقوله: {واضرب لهم مّثلاً رّجلين} وقال: {وكان له ثمرٌ} وإنّما ذكر الرجلين في المعنى وكان لأحدهما ثمر فأجزأ ذلك من هذا.
وقال: {كلتا الجنّتين آتت أكلها} فجعل الفعل واحد ولم يقل "آتتا" لأنه جعل ذلك لقوله: {كلتا} في اللفظ. ولو جعله على معنى قوله: {كلتا} لقال: "آتتا"). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وحففناهما بنخل}: أي أحطناهما). [غريب القرآن وتفسيره: 228]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنّتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا }
كان المشركون سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بمشورة اليهود عليهم أن يسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قصة أصحاب الكهف وعن الروح وعن هذين الرجلين، فأعلمه اللّه الجواب وأنه مثل له عليه السلام وللكفار، ومثل لجميع من آمن باللّه وجميع من عَند عنه وكفر به، فقال تعالى: {واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنّتين من أعناب وحففناهما بنخل}.
{رجلين} منصوب على معنى المفعول على معنى واضرب لهم مثلا مثل رجلين.
{وحففناها بنخل} أي جعلنا النخل مطيفا بهما، يقال: قد حفّ القوم بزيد إذا كانوا مطيفين به.
(وجعلنا بينهما زرعا).
فأعلم اللّه أن عمارتهما كاملة متصلة لا يفصل بينهما إلا عمارة، وأعلمنا أنهما كاملتان في تأدية حملهما من نخلهما وأعنابهما والزرع الذي بينهما.
فقال: {كلتا الجنّتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجّرنا خلالهما نهرا } ). [معاني القرآن: 3/284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب}
يروى أن اليهود قالوا سلوه عن أصحاب الكهف وعن الروح وعن رجلين فأنزل الله عز وجل هذا وجعله مثلا لجميع الناس). [معاني القرآن: 4/238-237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وحففناهما بنخل} أي حوطناهما به وقد حف القوم بفلان إذا حدقوا). [معاني القرآن: 4/238]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وجعلنا بينهما زرعا} فأخبر أنه ليس بينهما إلا عمران). [معاني القرآن: 4/238]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَفَفْناهما}: حفظناهما). [العمدة في غريب القرآن: 189]

تفسير قوله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنّتين من أعنابٍ وحففناهما بنخلٍ وجعلنا بينهما زرعًا * كلتا الجنّتين آتت أكلها} أطعمت ثمرتها.
قال: {ولم تظلم منه شيئًا} قال قتادة والسّدّيّ: أي: ولم تنقص منه شيئًا.
{وفجّرنا خلالهما نهرًا} بينهما نهرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/185]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كلتا الجنّتين آتت أكلها...}

ولم يقل: آتتا. وذلك أن (كلتا) ثنتان لا يفرد واحدتهما، وأصله كلّ كما تقول للثلاثة: كلّ: فكان القضاء أن يكون للثنتين ما كان للجمع، لا أن يفرد للواحدة شيء فجاز توحيده على مذهب كلّ. وتأنيثه جائز للتأنيث الذي ظهر في كلتا. وكذلك فافعل بكلتا وكلا وكلّ إذا أضفتهنّ إلى معرفة وجاء الفعل بعدهن، فاجمع ووحّد.
من التوحيد قوله: {وكلّهم آتيه يوم القيامة فرداً} ومن الجمع {وكلٌّ أتوه داخرين} و(آتوه) مثله. وهو كثير في القرآن وسائر الكلام.
قال الشاعر:
وكلتاهما قد خطّ لي في صحيفتي.......فلا العيش أهواه ولا الموت أروح
وقد تفرد العرب إحدى كلتا وهم يذهبون بإفرادها إلى اثنتيها،
أنشدني بعضهم:
في كلت رجليها سلامي واحده.......كلتاهما مقرونة بزائده
يريد بكلت كلتا.
والعرب تفعل ذلك أيضاً في (أيّ) فيؤنثون ويذكّرون، والمعنى التأنيث، من ذلك قول الله تبارك وتعالى: {وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت} ويجوز في الكلام بأيّة أرض.
ومثله {في أي صورة} يجوز في الكلام في أيّة صورة.
وقال الشاعر:
بأيّ بلاء أم بأيّة نعمة.......يقدّم قبلي مسلم والمهلّب
ويجوز أيّتهما قال ذاك. وقالت ذاك أجود. فتذكّر وقد أدخلت الهاء، تتوهّم أنّ الهاء ساقطة إذا جاز للتأنيث {بأيّ أرضٍ تموت} وكذلك يجوز أن تقول للاثنتين: كلاهما وكلتاهما
قال الشاعر:
كلا عقبيه قد تشعّب رأسها.......من الضرب في جنبي ثفالٍ مباشر
الثفال: البعير البطيء.
فإن قال قائل: إنما استجزت توحيد (كلتا) لأن الواحد منهما لا يفرد فهل تجيز: الاثنتان قام وتوحّد، والاثنان قام إذ لم يفرد له واحد؟
قلت: إن الاثنين بنيا على واحد ولم يبن (كلا) على واحد، ألا ترى أن قولك: قام عبد الله كلّه خطأ، وأنك تجد معنى الاثنين على واحد كمعنى الثلاثة وزيادات العدد،
ولا يجوز إلا أن تقول: الاثنان قاما والاثنتان قامتا.
وهي في قراءة عبد الله:
* كلّ الجنتين آتى أكله *
ومعناه كلّ شيء من ثمر الجنتين آتى أكله. ولو أراد جمع الثنتين ولم يرد كل الثمر لم يجز إلاّ كلتاهما، ألا ترى أنك لا تقول: قامت المرأتان كلهما، لأن (كل) لا تصلح لإحدى المرأتين وتصلح لإحدى الجنّتين. فقس على هاتين كل ما يتبعّض مما يقسم أو لا يقسم.
وقوله: {وفجّرنا خلالهما نهراً} يقال: كيف جاز التّشديد وإنما النهر واحد؟ قلت: لأن النهر يمتدّ حتى صار التفجر كأنه فيه كلّه فالتخفيف فيه والتثقيل جائزان.
ومثله {حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً} يثقّل ويخفّف). [معاني القرآن: 2/144-142]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولم تظلم منه شيئاً} ولم تنقص، ويقال: ظلمني فلان حقي أي نقصني، وقال رجل لابنه:
تظلّمني مالي كذا ولوى يدي.......لوى يده الله الذي لا يغالبه
{وفجّرنا خلالهما نهراً} أي وسطهما وبينهما، وبعضهم يسكّن هاء النهر). [مجاز القرآن: 1/402]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({واضرب لهم مّثلاً رّجلين جعلنا لأحدهما جنّتين من أعنابٍ وحففناهما بنخلٍ وجعلنا بينهما زرعاً * كلتا الجنّتين آتت أكلها ولم تظلم مّنه شيئاً وفجّرنا خلالهما نهراً * وكان له ثمرٌ فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعزّ نفراً}
وقوله: {واضرب لهم مّثلاً رّجلين} وقال: {وكان له ثمرٌ} وإنّما ذكر الرجلين في المعنى وكان لأحدهما ثمر فأجزأ ذلك من هذا.
وقال: {كلتا الجنّتين آتت أكلها} فجعل الفعل واحد ولم يقل "آتتا" لأنه جعل ذلك لقوله: {كلتا} في اللفظ. ولو جعله على معنى قوله: {كلتا} لقال: "آتتا"). [معاني القرآن: 2/77] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {ولم تظلم منه شيئا}: تنقص يقال ظلمتني حقي أي نقصتني.
{خلالهما}: أي بينهما). [غريب القرآن وتفسيره: 228]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {ولم تظلم منه شيئاً} أي لم تنقص منه). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكون الظلم: النّقصان، قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أي ما نقصونا.
وقال: {آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} أي لم تنقص منه شيئا. ومنه يقال: ظلمتك حقّك، أي: نقصتك. ومنه قوله تعالى: {وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}
و{لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} ). [تأويل مشكل القرآن: 468-467] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({كلتا الجنّتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجّرنا خلالهما نهرا}
أي لم تنقص منه شيئا، وقال آتت ولم يقل آتتا، رده على (كلتا) لأن لفظ (كلتا) لفظ واحد، والمعنى كل واحد؛ منهما آتت أكلها،
ولو كان (آتتا) لكان جائزا أن يكون المعنى الجنتان كلتاهما آتتا أكلهما.
{وفجّرنا خلالهما نهرا} ولو قرئت نهرا لكان جائزا.
يقال نهر ونهر، فأعلمنا أن شربهما. كان من ماء نهر وهو من أغزر الشرب). [معاني القرآن: 3/285-284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم أخبر أنهما في تأدية الحمل والثمر على النهاية فقال: {كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا} أي ولم تنقص).
[معاني القرآن: 4/238]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {وفجرنا خلالهما نهرا}فأخبر أن شربهما كان من نهر وهو أغزر الشرب). [معاني القرآن: 4/239-238]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ولم تظلم منه شيئا} أي لم تنقص). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ولَمْ تظْلِم}: لم تنقص). [العمدة في غريب القرآن: 189]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وكان له ثمرٌ} وهي تقرأ على وجهين: ثمرٌ وهو الأصل.
وقال قتادة: من المال.
وقال مجاهدٌ: ذهبٌ وفضّةٌ.
وثمرٌ وهي الثّمرة.
{فقال لصاحبه} بلغنا أنّهما كانا أخوين من بني إسرائيل، ورثا عن أبيهما مالا فاقتسماه، فأصاب كلّ واحدٍ منهما أربعة آلاف دينارٍ.
فأمّا أحدهما فكان مؤمنًا فأنفقه في طاعة اللّه وقدّمه لنفسه،
وأمّا الآخر فكان كافرًا فاتّخذ بها الأرضين والجنان والدّور والرّقيق وتزوّج.

فاحتاج المؤمن ولم يبق في يده شيءٌ، فجاء إلى أخيه يزوره ويتعرّض لمعروفه؛ فقال له أخوه: فأين ما ورثت؟ قال: أقرضته ربّي، وقدّمته لنفسي.
فقال له أخوه: لكنّي اتّخذت به لنفسي ولولدي ما قد رأيت.
[تفسير القرآن العظيم: 1/185]
قال اللّه: {فقال لصاحبه وهو يحاوره} والمحاورة: مراجعة الكلام.
{أنا أكثر منك مالا وأعزّ نفرًا} أكثر رجالا وناصرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/186]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(قوله: {وكان له ثمرٌ...}

... وحدثني المعلّي بن هلال الجعفي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: ما كان في القرآن من ثمر بالضمّ فهو مال، وما كان من ثمر مفتوح فهو من الثمار). [معاني القرآن: 2/144]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وكان له ثمرٌ} وهو جماعة الثّمر). [مجاز القرآن: 1/402]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (الثمر): المأكول و(الثمر) المال). [غريب القرآن وتفسيره: 228]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعزّ نفرا }
وقرئت ثمر، وقيل الثمر ما أخرجته الشجر، والثمر المال، يقال قد ثمّر فلان مالا. والثمر ههنا أحسن، لأن قوله: {كلتا الجنتين آتت أكلها}.
قد دلّ على الثمر، وتجوز أن يكون ثمر جمع ثمرة. وثمار وثمر.
وقوله: {فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعزّ نفرا}.
مالا، ونفرا، منصوبان على التمييز، وأخبره أنه أعز منه ناصرا، أي يخبر أنّ نصّاره كثير). [معاني القرآن: 3/285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {وكان له ثمر} ويقرأ (ثمر) فالثمر معروف وفي الثمر قولان:
أ- قال مجاهد كل ما كان في القرآن من ثمر فهو المال وما كان من ثمر فهو من الثمار.
ب- وقال أبو عمران الجوني الثمر أنواع المال والثمر الثمرات.
ج- وقال أبو يزيد المدني الثمر الأصل والثمر الثمرة.
قال أبو جعفر: وكأنه يريد بالأصل الشجر وما أشبهها.
وهذه الثلاثة الأقوال ترجع إلى معنى واحد وهو أن الثمر المال.
والقول الآخر: حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني عمران بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا شعيب بن إسحاق قال حدثنا هارون قال حدثني أبان بن تغلب عن الأعمش أن الحجاج قال لو سمعت أحدا يقول وكان له ثمر لقطعت لسانه فقلت للأعمش أتأخذ بذلك قال لا ولا نعمة عين فكان يقرأ ثمر ويأخذه من جمع الثمر
قال أبو جعفر فالتقدير على هذا القول أنه جمع ثمرة على ثمار ثم جمع ثمارا على ثمر وهو حسن في العربية إلا أن القول الأول أشبه والله أعلم لأن قوله تعالى: {كلتا الجنتين آتت أكلها} يدل على أن له ثمرا). [معاني القرآن: 4/240-239]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {فقال لصاحبه وهو يحاوره} أي يخاطبه {أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا}
النفر الرهط وهو ما دون العشرة وأراد ههنا الأتباع والخدم والولد). [معاني القرآن: 4/241-240]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الثَّمَرُ}: المأكول.
(المُثْمِرُ): المائل). [العمدة في غريب القرآن: 189]

تفسير قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ودخل جنّته وهو ظالمٌ لنفسه}، يعني: بشركه.
{قال ما أظنّ} ما أوقن.
{أن تبيد هذه أبدًا} ، أي: تفنى هذه أبدًا.
تفسير الحسن ليس يعني أنّها لا تفنى فتذهب ولكنّه يعني أنّه يعيش فيه حتّى يأكلها حياته، كقوله: {يحسب أنّ ماله أخلده} ، أي: يحسب أنّه يخلّد في ماله حتّى يأكله). [تفسير القرآن العظيم: 1/186]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {ودخل جنّته وهو ظالم لنفسه قال ما أظنّ أن تبيد هذه أبدا}

وكل من كفر باللّه فنفسه ظلم، لأنه يولجها النار ذات العذاب الدائم.
فأي ظلم للنفس فوق هذا). [معاني القرآن: 3/285]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ما أظنّ أن تبيد هذه أبدا * وما أظنّ السّاعة قائمة ولئن رددت إلى ربّي لأجدنّ خيرا منها منقلبا }
فأخبر بكفره بالساعة وبكفره بفناء الدنيا). [معاني القرآن: 3/285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (قال الله جل وعز: {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه} وكل من كفر فقد ظلم نفسه لأنه يولجها النار). [معاني القرآن: 4/241]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة}
فكفر بالبعث وبأن الدنيا تفنى). [معاني القرآن: 4/241]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وما أظنّ السّاعة قائمةً} وما أوقن أنّ السّاعة قائمةٌ.
يجحد بالبعث.
{ولئن رددت إلى ربّي لأجدنّ خيرًا منها} من جنّتي.
{منقلبًا} في الآخرة إن كانت آخرةٌ، كقوله: {ولئن رجعت إلى ربّي إنّ لي عنده للحسنى} الجنّة إن كانت جنّةٌ، أي ولكن ليس جنّةٌ ولا مردٌّ.
وهي تقرأ على وجهٍ آخر: لأجدنّ خيرًا منهما منقلبًا، يعني: الجنّتين، وهي في موضعٍ جنّةٌ وفي موضعٍ جنّتان.
قال: {ودخل جنّته}، وقال: {جعلنا لأحدهما جنّتين} فهي جنّةٌ بينهما نهرٌ فصارت جنّتين، وهي جنّةٌ، وهي جنّتان). [تفسير القرآن العظيم: 1/186]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خيراً مّنها منقلباً...}

مردودة على الجنّة وفي بعض مصاحف أهل المدينة {منهما منقلباً} مردودةً على الجنّتين). [معاني القرآن: 2/144]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ما أظنّ أن تبيد هذه أبدا * وما أظنّ السّاعة قائمة ولئن رددت إلى ربّي لأجدنّ خيرا منها منقلبا}
فأخبر بكفره بالساعة وبكفره بفناء الدنيا.
{ولئن رددت إلى ربّي لأجدنّ خيرا منها منقلبا}.
فدل على أن صاحبه المؤمن قد أعلمه أن السّاعة تقوم وأنه يبعث، فأجابه بأن قال له: {ولئن رددت إلى ربّي} كما أعلمتني أن أبعث ليعطيني في الآخرة خيرا مما أعطاني في الدنيا،
لأنه لم يعطني هذا في الدنيا إلا وهو يزيدني إن كان الأمر على هذا في الآخرة، فقال له صاحبه منكرا له بهذا القول:
{أكفرت بالّذي خلقك من تراب ثمّ من نطفة ثمّ سوّاك رجلا } ). [معاني القرآن: 3/286-285]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ولئن رددت إلى ربّي لأجدنّ خيرا منها منقلبا}.
فدل على أن صاحبه المؤمن قد أعلمه أن السّاعة تقوم وأنه يبعث، فأجابه بأن قال له: {ولئن رددت إلى ربّي} كما أعلمتني أن أبعث ليعطيني في الآخرة خيرا مما أعطاني في الدنيا،
لأنه لم يعطني هذا في الدنيا إلا وهو يزيدني إن كان الأمر على هذا في الآخرة، فقال له صاحبه منكرا له بهذا القول:
{أكفرت بالّذي خلقك من تراب ثمّ من نطفة ثمّ سوّاك رجلا} ). [معاني القرآن: 3/286-285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال تعالى: {قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة}
فكفر بالبعث وبأن الدنيا تفنى). [معاني القرآن: 4/241] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا} وهذا مما يسأل عنه فيقال كيف ينكر البعث ويقول ولئن رددت إلى ربي ويحكم أنه يعطي خيرا منهما
فالجواب أن المعنى ولئن رددت إلى ربي على قولك وقد أعطاني في الدنيا فكما أعطاني في الدنيا فهو يعطيني في الآخرة
ونظير هذا قوله جل وعز: {أين شركائي} أي على قولكم ومن قرأ منها أراد الجنة). [معاني القرآن: 4/242-241]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال له صاحبه} المؤمن.
{وهو يحاوره أكفرت بالّذي خلقك من ترابٍ} يعني أوّل خلق الإنسان، يعني آدم). [تفسير القرآن العظيم: 1/186]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {وهو يحاوره} أي يكلّمه، ومعناه من المحاورة). [مجاز القرآن: 1/403]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أكفرت بالّذي خلقك من تراب ثمّ من نطفة ثمّ سوّاك رجلا }
أي ثم أكملك، فأنكرت أمر البعث حتى شككت فيه، وقد أعلمنا أن الشاكّ في أمر اللّه كافر، وأن بعض الظنّ إثم أي باطل، وقد قال اللّه تعالى:
{وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويل للّذين كفروا من النّار}
ثم أعلمه صاحبه أنه موحّد للّه، وأن كل ما قدر عليه الإنسان من ملك ونعمة فلا قوة له ولا قدرة عليه إلا باللّه، فقال:
{لكنّا هو اللّه ربّي ولا أشرك بربّي أحدا} ). [معاني القرآن: 3/286]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة} فألزمه الكفر بقوله).
[معاني القرآن: 4/242]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {ثم سواك رجلا} أي كملك). [معاني القرآن: 4/242]

تفسير قوله تعالى: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لكنّا هو اللّه ربّي...}
معناه: لكن أنا هو الله ربّي ترك همزة الألف من أنا، وكثر بها الكلام، فأدغمت النون من (أنا) مع النون من (لكن) ومن العرب من يقول: أنا قلت ذاك بتمام الألف فقرئت لكنّا على تلك اللغة وأثبتوا الألف في اللغتين في المصحف: كما قالوا: رأيت يزيدا وقواريرا فثبتت فيهما الألف في القولين إذا وقفت. ويجوز الوقوف بغير ألف في غير القرآن في أنا.
ومن العرب من يقول إذا وقف: أنه وهي في لغة جيّدة. وهي في عليا تميم وسفلى قيس وأنشدني أبو ثروان:
وترمينني بالطّرف أي أنت مذنب.......وتقلينني لكنّ إيّاك لا أقلى
يريد: لكن أنا إيّاك لا أقلى، فترك الهمز فصار كالحرف الواحد. وزعم الكسائي أنه سمع العرب تقول لكنّ والله، يريدون: لكن أنا والله.
وقال الكسائي: سمعت بعض العرب يقول: إنّ قائم يريد إن أنا قائم فترك الهمز: وأدغم فهي نظير للكن). [معاني القرآن: 2/145-144]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لكنّا هو الله ربّي} مجازه: لكن أنا هو الله ربي، ثم حذفت الألف الأولى وأدغمت إحدى النونين في الأخرى فشددت،
والعرب تفعل ذلك). [مجاز القرآن: 1/403]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({لكن هو الله}: معناه لكن أنا). [غريب القرآن وتفسيره: 229]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({لكنّا هو اللّه ربّي ولا أشرك بربّي أحدا }
فدل خطابه على أنّ صاحب الجنتين مشرك عابد مع الله غيره، وفي قوله: {لكنّا هو اللّه ربّي} خمسة أوجه:
لكنّ هو الله ربي - بتشديد النون وفتحها، ويوقف عليها بالألف، ويوصل بغير ألف، ويقرأ: لكنا هو الله ربي بالألف موصولة، ويقرأ لكن هو اللّه ربي بسكون النون.
ويجوز - ولا أعلم أحدا قرأ به - لكنن هو اللّه ربي بنونين مفتوحتين، ويجوز لكننا هو الله ربي بنونين وألف.
فمن قرأ بتشديد النون فالمعنى لكن أنا هو الله ربي فطرحت الهمزة على النون فتحركت بالفتح واجتمع حرفان من جنس واحد، فأدغمت النون الأولى في الثانية، وحذفت الألف في الوصل لأنها تثبت في الوقف وتحذف في الوصل ومن قرأ: لكنّا فأثبت الألف في الوصل كما كان تثبيتها في الوقف فهذا على لغة من قال أنا قمت فأثبت الألف قال الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني جميعا قد تذرّيت السّناما
قال أبو إسحاق وألف أنا في كل هذا إثباتها شاذ في الوصل؛ ولكن من أثبت فعلى الوقف كما أثبت الهاء في قوله:
{وما أدراك ما هيه}.
و{كتابيه}.
ومن قرأ {لكنّ هو اللّه ربّي}، وهي لكن وحدها ليس معها اسم، ومن قرأ لكنن لم يدغم لأن النونين من كلمتين، وكذلك من قال: لكننا بنونين وألف، على قياس لكن أنا،
لم يدغم لأن النونين من كلمتين، وفي أنا في الوصل ثلاث لغات أجودها أنا قمت، مثل قوله (أنا ربكم) بغير ألف في اللفظ، ويجوز أنا قمت بإثبات الألف، هو ضعيف جدا،
وحكوا أن قمت بإسكان النون، وهو ضعيف أيضا فأما {لكنّا هو اللّه ربّي} - فهو الجيّد بإثبات الألف، لأن الهمزة قد حذفت من أنا، فصار إثبات الألف عوضًا من الهمزة.
فهذا جميع ما يحتمله هذا الحرف.
والجيّد البالغ ما في مصحف أبي بن كعب ولم نذكره في هذه القراءات لمخالفته المصحف وهو " لكن أنا هو الله ربي "، فهذا هو الأصل، وجميع ما قرئ به جيد بالغ، ولا أنكر القراءة بهذا، لأن الحذف قد يقع في الكتاب كثيرا في الياءات والهمزات، فيقرأ بالحذف وبالتمام نحو قوله: {يوم يدع الدّاع إلى شيء نكر}
من قرأ الداعي فمصيب، ومن قرأ الداع فمصيب.
وكذلك من قرأ لكنّا، ولكن أنا فهو مصيب، والأجود اتباع القراء ولزوم الرواية، فإن القراءة سنة، وكلما كثرت الرواية في الحرف وكثرت به القراءة فهو المتبع،
وما جاز في العربية ولم يقرأ به قارئ فلا تقرأنّ به فإن القراءة به بدعة، وكل ما قلّت فيه الرواية وضعف عند أهل العربية فهو داخل في الشذوذ، ولا ينبغي أن تقرأ به). [معاني القرآن: 3/288-286]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا} فدل هذا على أنه كان مشركا
والمعنى لكن أنا). [معاني القرآن: 4/242-243]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لكِنَّا}: لكن أنا). [العمدة في غريب القرآن: 189]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ثمّ من نطفةٍ ثمّ سوّاك رجلا * لكنّا هو اللّه ربّي ولا أشرك بربّي أحدًا * ولولا..} فهلا.
{إذ دخلت جنّتك قلت ما شاء اللّه لا قوّة إلا باللّه}). [تفسير القرآن العظيم: 1/186]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ما شاء اللّه...}

ما، في موضع رفع، إن شئت رفعته بإضمار (هو) تريد: هو ما شاء الله. وإن شئت أضمرت ما شاء الله كان فطرحت (كان) وكان موضع (ما) نصبا بشاء، لأن الفعل واقع عليه.
وجاز طرح الجواب كما قال {فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلّماً في السّماء} ليس له جواب لأن معناه معروف.
وقوله: {إن ترن أنا أقلّ منك} (أنا) إذا نصبت (أقلّ) عماد. وإذا رفعت (أقل) فهي اسم والقراءة بهما جائزة). [معاني القرآن: 2/145]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله {ولولا إذ دخلت جنّتك قلت ما شاء اللّه لا قوّة إلّا باللّه إن ترن أنا أقلّ منك مالا وولدا }
والجنة البستان. ومعنى: (ولولا) هلّا، وتأويل الكلام التوبيخ.
{قلت ما شاء اللّه}.
(ما) في موضع رفع، المعنى قلت: الأمر ما شاء اللّه.
ويجوز أن تكون (ما) في موضع نصب على معنى الشرط والجزاء، ويكون الجواب مضمرا، ويكون التأويل أيّ شيء شاء اللّه كان، ويضمر الجواب كما أضمر جواب لو في
قوله: {ولو أنّ قرآنا سيّرت به الجبال} المعنى لكان هذا القرآن.
وقوله: {لا قوّة إلّا باللّه}.
الاختيار النصب بغير تنوين على النفي كما قال لا ريب فيه، ويجوز لا قوة إلا باللّه على الرفع بالابتداء، والخبر " باللّه " المعنى أنه لا يقوى أحد في ديدنه ولا في ملك يمينه إلا باللّه، ولا يكون له إلا ما شاء اللّه.
وقوله: {إن ترن أنا أقلّ منك}.
(أقلّ) منصوب، وهو مفعول ثان بـ ترني، وأنا يصلح لشيئين، إن شئت كانت توكيدا للنون والياء، وإن شئت كانت فصلا، كما تقول: كنت أنت القائم يا هذا،
ويجوز رفع (أقلّ)، وقد قرأ بها عيسى بن عمر: إن ترني أنا أقلّ منك مالا، على أن أنا ابتداء، وأقل خبر الابتداء، والجملة في موضع المفعول الثاني لترني). [معاني القرآن: 3/289-288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} المعنى هذه الجنة هي ما شاء الله
ويجوز أن يكون المعنى ما شاء الله كان والمعنى لا يكون لأحد إلا ما شاء الله وليس لأحد في بدنه ولا ماله قوة إلا بالله
وروى عمرو بن ميمون عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة من تحت العرش
قال قلت بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال لا قوة إلا بالله إذا قالها العبد قال الله أسلم عبدي واستسلم). [معاني القرآن: 4/244-243]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا * فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك..}
يجوز أن يكون أراد في الدنيا وأن يكون أراد في الآخرة). [معاني القرآن: 4/244]

تفسير قوله تعالى: {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {إن ترن أنا أقلّ منك مالا وولدًا * فعسى ربّي أن يؤتين} في الآخرة.
{خيرًا من جنّتك ويرسل عليها حسبانًا من السّماء} نارًا من السّماء، أي: عذابًا من السّماء، وهي النّار.
وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {فتصبح صعيدًا زلقًا} لا نبات فيها، والصّعيد الزّلق في تفسير الحسن: الزّلق، التّراب الّذي لا نبات فيه.
وفي تفسير قتادة: أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيءٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/187]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {صعيداً زلقاً...}

الزلق: التراب الذي لا نبات فيه محترق رميم). [معاني القرآن: 2/145]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({حسباناً من السّماء} مجازها: مرامى، وواحدتها حسبانة أي ناراً تحرقها.
{صعيداً زلقاً} الصعيد وجه الأرض، والزّلق الذي لا يثبت فيه القدم). [مجاز القرآن: 1/403]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({حسبانا}: واحدها حسبانة وهي المرامي.
{زلقا}: لا تثبت فيها قدم). [غريب القرآن وتفسيره: 229]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {حسباناً من السّماء} أي مرامي. واحدها: حسبانة.
(الصّعيد) الأملس المستوي.
و(الزّلق) الذي تزل عنه الأقدام). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فعسى ربّي أن يؤتين خيرا من جنّتك}.
جائز أن يكون أراد في الدنيا، أو في الآخرة.
{ويرسل عليها حسبانا من السّماء}.
وهذا موضع لطيف يحتاج أن يشرح وهو أن الحسبان في اللغة – هو الحساب قال تعالى: {الشّمس والقمر بحسبان} المعنى بحساب، فالمعنى في هذه الآية أن يرسل عليها عذاب حسبان، وذلك الحسبان هو حساب ما كسبت يداك.
وقوله {فتصبح صعيدا زلقا}
الصعيد الطريق الذي لا نبات فيه، وكذلك الزلق). [معاني القرآن: 3/289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {ويرسل عليها حسبانا من السماء}
قال قتادة والضحاك: أي عذابا.

وقال أبو عبيدة: هي المرامي جمع مرماة وشيء فيه الحصب.
والمعروف في اللغة أن الحسبان والحساب واحد قال الله جل وعز: {الشمس والقمر بحسبان}
وقول قتادة والضحاك صحيح المعنى كأنه قال أو يرسل عليها عذاب حساب ما كسبت يداه وهو مثل قوله تعالى: {واسأل القرية} ). [معاني القرآن: 4/245-244]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {فتصبح صعيدا زلقا} الصعيد في اللغة وجه الأرض الذي لا نبات عليه والزلق ما نزل فيه الأقدام). [معاني القرآن: 4/245]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حسبانا} أي: مرامي يا هذا، والحسبانة: السحاب،
والحسبانة - أيضا - الوسادة، والحسبانة - أيضا - الصاعقة). [ياقوتة الصراط: 326-325]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حسبانا من السماء} أي مرامي.
(والصعيد) الأملس المستوي.
(الزلق) الذي تزلق عليه الأقدام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حُسْباناً}: المَرَامِي.
{زَلَقاً}: لا يثبت فيها قدم). [العمدة في غريب القرآن: 189-190]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أو يصبح} ، يعني: أو يصير.
تفسير السّدّيّ.
{ماؤها غورًا} سعيدٌ، عن قتادة قال: ذاهبًا قد غار في الأرض.
{فلن تستطيع له طلبًا} قد غار في الأرض.
قال الكلبيّ: والغور الّذي لا تناله الدّلاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/187]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
( [قوله:] {ماؤها غوراً...}

العرب تقول: ماء غور، وماءان غور، ومياه غور بالتوحيد في كل شيء.
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {أو يصبح ماؤها غّوراً} أي غائراً، والعرب قد تصف الفاعل بمصدره وكذلك الأثنين والجميع على لفظ المصدر،
قال عمرو بن كلثوم.
تظلّ جياده نوحاً عليه.......مقلّدةً أعنّتها صفونا
أي ناحيات، وقال باكٍ يبكي هشام بن المغيرة:
هريقي من دموعها سجاما.......ضباع وجاوبي نوحاً قياما
وقال لقيط بن زرارة يوم جبلة:
شتّان هذا والعناق والنوم.......والمشرب البارد والظلّ الدّوم
أي الدائم). [مجاز القرآن: 1/404-403]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({غورا}: غائرا). [غريب القرآن وتفسيره: 229]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أو يصبح ماؤها غوراً} أي غائرا. فجعل المصدر صفة. كما يقال: رجل نوم ورجل صوم ورجل فطر، ويقال للنساء: نوح: إذا نحن). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا}
معناه غائرا، يقال ماء غور، ومياه غور، وغور مصدر مثل عدل ورضى.
وقوله: {فلن تستطيع له طلبا}.
أي يغور فلا تقدر على أثر تطلبه من أجله). [معاني القرآن: 3/289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {أو يصبح ماؤها غورا}
أي: غائرا والتقدير ذا غور). [معاني القرآن: 4/246]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {فلن تستطيع له طلبا} أي لم يبق له أثر فيطلب من أجله). [معاني القرآن: 4/246]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({غورا} أي غائرا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {وأحيط بثمره} من اللّيل.
{فأصبح} من الغد قائمًا.
{يقلّب كفّيه} يسفّق كفّيه في تفسير الحسن وقتادة.
وقال الحسن: يضرب إحداهما على الأخرى ندامةً.
{على ما أنفق فيها} وقال قتادة: تلهّفًا على ما فاته.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {وأحيط بثمره} مثل قوله: {وكان له ثمرٌ} : ذهبٌ وفضّةٌ.
قال: {وهي خاويةٌ على عروشها} قال الحسن: عروشها: التّراب، قد ذهب ما فيها من النّبات.
[تفسير القرآن العظيم: 1/187]
وبعضهم يقول: مقلوبةٌ على رءوسها.
{ويقول} في الآخرة.
{يا ليتني لم أشرك بربّي} في الدّنيا.
أحدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/188]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خاويةٌ على عروشها...}
على سقوفها). [معاني القرآن: 2/145]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فأصبح يقلّب كفّيه على ما أنفق فيها} أي فأصبح نادماً، والعرب تقول ذلك للنادم:
أصبح فلان يقّلب كفيه ندماً وتلهّفاً على ذلك وعلى ما فاته.
{وهي خاويةٌ على عروشها} مجازه: خالية على بيوتها). [مجاز القرآن: 1/405-404]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {يقلب كفيه}: أي يتندم. يقال أنه ليقلب كفيه إذا كان نادما). [غريب القرآن وتفسيره: 229]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وأحيط بثمره} أي أهلك.
{فأصبح يقلّب كفّيه} أي نادما. وهذا مما يوصف [به] النادم.
{خاويةٌ} خربة.
(العروش) السّقوف). [تفسير غريب القرآن: 268]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} أي دنوا من الهلاك.
وأصل هذا: أن العدوّ إذا أحاط بقوم أو بلد فحاصره فقد دنا أهله من الهلكة. وقال في موضع آخر: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ}). [تأويل مشكل القرآن: 167] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( أحيط بثمره فأصبح يقلّب كفّيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربّي أحدا}
أي أحاط اللّه العذاب بثمره.
{فأصبح يقلّب كفّيه على ما أنفق فيها}تقلب الكفين، يفعله الناس كثيرا.
{وهي خاوية على عروشها} أي: حيطانها قائمة لا سقوف عليها، وقد تهدّمت سقوفها فصارت في قرارها والعروش: السقوف، فصارت الحيطان كأنّها على السقوف). [معاني القرآن: 3/290-289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وأحيط بثمره}
أي: أحاط الله العذاب بثمره). [معاني القرآن: 4/246]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها}
وهذا يوصف به النادم). [معاني القرآن: 4/246]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {وهي خاوية على عروشها}

الخاوية في اللغة الخالية والعروش السقوف والمعنى أن حيطانها قيام وقد سقطت سقوفها فكان الحيطان على السقوف). [معاني القرآن: 4/247-246]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وأحيط بثمره} أي أهلك.
{فأصبح يقلب كفيه} أي نادما.
(العروش) السقوف). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ولم تكن له فئةٌ} تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: عشيرةٌ.
{ينصرونه من دون اللّه} يمنعوه من دون اللّه.
{وما كان منتصرًا} ممتنعًا في تفسير قتادة والسّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/188]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولم تكن لّه فئةٌ ينصرونه...}

ذهب إلى الرجال. ولو قيل: تنصره يذهب إلى الفئة - كما قال {(فئةٌ) تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرةٌ} – لجاز). [معاني القرآن: 2/145]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (فئةٌ ينصرونه من دون الله) أي جماعة،
وقال العجّاج:كما يحوز الفئة الكميّ). [مجاز القرآن: 1/405]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولم تكن له فئة ينصرونه من دون اللّه وما كان منتصرا}
{ينصرونه} محمول على معنى فئة، المعنى ولم يكن له أقوام ينصرونه.
ولو كان ينصره لجاز، كما قال: {فئة تقاتل في سبيل اللّه}.
{وما كان منتصرا} وما كان هو أيضا قادرا على نصر نفسه). [معاني القرآن: 3/290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله}
قال مجاهد: أي عشيرة.). [معاني القرآن: 4/247]


تفسير قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {هنالك الولاية للّه الحقّ} في الآخرة.
هنالك يتولّى اللّه كلّ عبدٍ، لا يبقى أحدٌ يومئذٍ إلا تولّى اللّه، فلا يقبل ذلك من المشرك.
وقال السّدّيّ: يعني ولاية الدّين.
هي مفتوحةٌ عنده.
وهي تقرأ على وجهين: أحدهما برفع الحقّ، والآخر بجرّه.
فمن قرأها بالرّفع يقول: هناك الولاية الحقّ للّه، فيها تقديمٌ، ومن قرأها بالجرّ يقول: للّه الحقّ.
والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
{هو خيرٌ ثوابًا} خير من أثاب وخيرٌ ثوابًا للمؤمنين من الأوثان لمن عبدها.
{وخيرٌ عقبًا} وخير من أثاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/188]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {هنالك الولاية للّه الحقّ...}

رفع من نعت (الولاية) وفي قراءة أبيّ (هنالك الولاية الحقّ للّه) وإن شئت خفضت تجعله من نعت (الله) والولاية الملك. ولو نصبت (الحقّ) على معنى حقّا كان صواباً).
[معاني القرآن: 2/145-146]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {هنالك الولاّية لله} مصدر الولى، فإذا كسرت الواو فهو مصدر وليت العمل والأمر تليه.
{خيرٌ ثواباً وخيرٌ عقباً} مجازه مجاز العاقبة والعقبي والعقبة، كلهن واحدة والمعنى الآخرة). [مجاز القرآن: 1/405]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {الولاية}: التولي والولاية النصر. يقال هم ولاية عليك
أي متناصرون. والولاية ولاية السلطان.
وقد يجوز الفتح في هذا والكسر في ذلك كما قالوا الوكالة والوكالة والوصاية والوصاية بمعنى واحد.

{خير عقبا}: أي عاقبة). [غريب القرآن وتفسيره: 230-229]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({هنالك الولاية للّه} يريد: يومئذ [يتولون اللّه ويؤمنون ويتبرءون مما كانوا يعبدون].
{وخيرٌ عقباً} أي عاقبة.
و(الهشيم) من النبت المتفتت. وأصله: من هشمت الشيء إذا كسرته ومنه سمي الرجل: هاشما). [تفسير غريب القرآن: 268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {هنالك الولاية للّه الحقّ هو خير ثوابا وخير عقبا}
وتقرأ (الولاية) - بكسر الواو وفتحها - (للّه الحقّ)، وتقرأ (الحقّ)، المعنى: في مثل تلك الحال بيان الولاية للّه.
أي عند ذلك يتبين نصره، ولي اللّه - يتولى الله إياه.
فمن قرأ (الحقّ) بالرفع، فهو نعت للولاية، ومن قرأ (الحقّ) فهو بالجر فهو نعت للّه - جلّ وعزّ.
ويجوز (الحقّ)، ولا أعلم أحدا قرأ بها.
ونصبه على المصدر في التوكيد، كما تقول: هنالك الحقّ، أي أحقّ الحقّ.
وقوله: {هو خير ثوابا وخير عقبا}.
وعقبا، ويجوز و (خير عقبى) على وزن بشرى، وثوابا وعقبا منصوبان على التمييز). [معاني القرآن: 3/290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {هنالك الولاية لله الحق} أي يؤمنون بالله وحده ويتبرءون مما كانوا يعبدون ويقرأ الولاية بكسر الواو والمعنى على الفتح لأن الولاية المعروف أنها الإمارة). [معاني القرآن: 4/247]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {هو خير ثوابا وخير عقبا}
العقب عند أهل اللغة والعقبى والعاقبة واحد وهو ما يصير إليه الأمر). [معاني القرآن: 4/248-247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عقبا} أي عاقبة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الوَلايَةُ}: النصر). [العمدة في غريب القرآن: 190]

تفسير قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واضرب لهم مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض} وقد فسّرناه في غير هذا الموضع.
قال: {فأصبح هشيمًا تذروه الرّياح} هشّمته الرّياح فأذهبته.
فأخبر أنّ الدّنيا ذاهبةٌ زائلةٌ كما ذهب ذلك النّبات بعد بهجته وحسنه.
{وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقتدرًا} قديرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/188]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {تذروه الرّياح...}

من ذروت وذريت لغة، وهي كذلك في قراءة عبد الله (تذريه الريح) ولو قرأ قارئ (تذريه الريح) من أذريت أي تلقيه كان وجهاً وأنشدني المفضّل:
فقلت له صوّب ولا تجهدنّه.......فيذرك من أخرى القطاة فتزلق
تقول: أذريت الرجل عن الدابّة وعن البعير أي ألقيته). [معاني القرآن: 2/146]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({هشيماً} أي يابساً متفتّتا، قال لبيد:
ولا للضّيف إن طرقت بليلٌ.......بأفنان العضاة وبالهشيم).
[مجاز القرآن: 1/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تذروه الرّياح}
أي: تطيّره وتفرقه، ويقال: ذرته الريح تذروه وأذرته تذريه). [مجاز القرآن: 1/405]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الهشيم}: اليابس المفتت.
{تذروه}: تفرقه). [غريب القرآن وتفسيره: 230]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({تذروه الرّياح} أي تنسفه.

{مقتدراً} مفتعل من قدرت). [تفسير غريب القرآن: 268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {واضرب لهم مثل الحياة الدّنيا كماء أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرّياح وكان اللّه على كلّ شيء مقتدرا }
تأويله أنه نجع في النبات حتى خالطه، فأخذ النبات زخرفة.
{فأصبح هشيما} والهشيم النبات الجاف الذي تسفيه الريح.
{تذروه الرّياح}
ويقرأ الريح، وفي تذروه لغتان لا يقرأ بهما: تذريه - بضم التاء وكسر الراء، وتذريه بفتح التاء. أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن الحياة الدنيا زائلة، ودليل ذلك أنّ ما مضى منها بمنزلة ما لم يكن، وأعلم أن مثلها هذا المثل.
وقوله: {وكان اللّه على كلّ شيء مقتدرا} أي على الإنشاء، والإفناء، مقتدرا.
فإن قال قائل: " فالكلام كان اللّه "، فتأويله أنّ ما شاهدتم من قدرته ليس بحادث عنده، وأنه كذلك كان لم يزل.
هذا مذهب سيبويه، وقال الحسن: {وكان اللّه على كلّ شيء مقتدرا} أي كان مقتدرا عليه قبل كونه.
وقال بعضهم: "كان" من اللّه بمنزلة كائن ويكون.
وقول الحسن في هذا حسن جميل ومذهب سيبويه والخليل مذهب النحويين الحذاق كما وصفنا، لأنهم يقولون: إنما خوطبت العرب بلغتها ونزل القرآن بما يعقلونه ويتخاطبون به، والعرب لا تعرف كان في معنى يكون، إلا أن يدخل على الحرف آلة تنقلها إلى معنى الاستقبال، وكذلك لا يعرف الماضي في معنى الحال.
فهذا شرح ما في القرآن من هذا الباب نحو قوله: {وكان اللّه غفورا رحيما}،{وكان اللّه بكلّ شيء عليما}، وقد فسرناه قبل هذا الموضع). [معاني القرآن: 3/291-290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما}
(الهشيم): ما جف من الثياب أو تفتت ويقال هشمته أي كسرته). [معاني القرآن: 4/248]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {تذروه الرياح} أي تنسفه ضرب الله هذا المثل للحياة الدنيا لأن ما مضى منها بمنزلة ما لم يكن). [معاني القرآن: 4/248]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الهَشِيمُ): اليابس.
{تَذْرُوهُ}: تفرقه). [العمدة في غريب القرآن: 190]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 46 إلى 59]

{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58) وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)}

تفسير قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {المال والبنون زينة الحياة الدّنيا والباقيات الصّالحات} الصّلوات الخمس.
- حدّثني أبو الأسحم، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عليًّا يقول: الباقيات الصّالحات هي: سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر.
وبعضهم يقول: الصّلوات الخمس.
وبعضهم يجمعها جميعًا.هو قول ابن عبّاسٍ.
{خيرٌ عند ربّك ثوابًا}: عاقبةً.
{وخيرٌ أملا}: خير ما يأمل العباد في الدّنيا أن يثابوه في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/189]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والباقيات الصّالحات...}
يقال هي الصلوات الخمس ويقال هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وقوله: {وخيرٌ أملاً} (يقول خير ما يؤمل) والأمل للعمل الصّالح خير من الأمل للعمل السّيء). [معاني القرآن: 2/146]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والباقيات الصّالحات} يقال: الصلوات الخمس. ويقال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر.
{وخيرٌ أملًا} أي خير ما تؤمّلون). [تفسير غريب القرآن: 268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {المال والبنون زينة الحياة الدّنيا والباقيات الصّالحات خير عند ربّك ثوابا وخير أملا}
{الباقيات الصّالحات} هي الصلوات الخمس، - وقيل هي: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر.
والباقيات الصّالحات - واللّه أعلم - كل عمل صالح يبقى ثوابه، فالصلوات الخمس وتوحيد اللّه وتعظيمه داخل في الباقيات الصّالحات، وكذلك الصدقات والصيام والجهاد وأعمال الخير والبر كلّها). [معاني القرآن: 3/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا}
قال أبو جعفر: حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا خالد هو ابن عبد الله عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس قال: (الباقيات الصالحات): سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
-وحدثنا أبو بكر قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، عن عمارة بن صياد، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول في (الباقيات الصالحات) إنها قول العبد: سبحان الله والله أكبر والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال أبو جعفر: وروى عن ابن عباس أيضا أنه قال: "الباقيات الصالحات": الصلاة، والصوم، والحج، والغزو، والتهليل، والتسبيح.
ولا يمتنع شيء من هذا عند أهل اللغة؛ لأنه كل ما بقي ثوابه جاز أن يقال له هذا). [معاني القرآن: 4/250-248]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وخير أملا} أي خير ما يؤمل). [معاني القرآن: 4/250]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({والباقيات الصالحات} الصلوات الخمس. وقيل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]


تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزةً} مستويةً.
سعيدٌ، عن قتادة قال: ليس عليها بناءٌ ولا شجرٌ.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: ليس عليها خمرٌ ولا غيايةٌ.
قال: {وحشرناهم} ، يعني: وجمعناهم. وهو تفسير السّدّيّ.
{فلم نغادر منهم أحدًا}: أحضروا فلم يغب منهم أحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/189]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويوم نسيّر الجبال...}

وقوله: {وترى الأرض بارزةً} يقول: أبرزنا أهلها من بطنها. ويقال: سيّرت عنها الجبال فصارت كلها بارزة لا يستر بعضها بعضاً.
وقوله: {فلم نغادر منهم} هذه القراءة (ولو قرئت "ولم نغدر" كان صواباً)، ومعناهما واحد، يقال: "ما أغدرت منهم أحداً"، و"ما غادرت"، وأنشدني بعضهم:

هل لك والعائض منهم عائض.......في هجمة يغدر منها القابض
* سدسا وربعا تحتها فرائض *
قال الفراء: سدس وربع من أسنان الإبل.). [معاني القرآن: 2/147-146]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وترى الأرض بارزةً} أي ظاهرة). [مجاز القرآن: 1/406]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فلم نغادر منهم أحدا}: لم نترك). [غريب القرآن وتفسيره: 230]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فلم نغادر منهم أحداً} أي لم نخلّف. يقال: "غادرت كذا" و"أغدرته": إذا خلفته. ومنه سمي الغدير، لأنه ماء تخلّفه السيول). [تفسير غريب القرآن: 268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}
(يوم) منصوب على معنى التلاوة والذكر، المعنى: واذكر يوم نسير الجبال.
ويجوز أن يكون نصبه على " والباقيات الصالحات خير يوم يسير الجبال" أي: خير في القيامة من الأعمال التي تبقى آثامها.
وقوله {وترى الأرض بارزة}، معناه ظاهرة، وقد سيّرت جبالها، واجتثت أشجارها، وذهبت أبنيتها فبقيت ظاهرة، وقد ألقت ما فيها وتخلت.
وقوله: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}؛ أي: لم نخلّف أحدا منهم). [معاني القرآن: 3/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة} في قوله: {بارزة} قولان:
أحدهما: قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها وهدم بنيانها فهي بارزة أي ظاهرة وعلى هذا القول أهل التفسير وهو البين
والقول الآخر: إن معنى {بارزة}: قد أبرز من فيها من الموتى؛ فيكون هذا على النسب، كما قال كليني لهم يا أميمة ناصب). [معاني القرآن: 4/251-250]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}
أي لم نبق). [معاني القرآن: 4/251]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({وترى الأرض بارزة}
قال أبو عبد الله: أي: ظاهره بلا جبل، ولا تل ولا رمل). [ياقوتة الصراط: 326]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({فلم نغادر}: فلم نترك). [ياقوتة الصراط: 326]

تفسير قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وعرضوا على ربّك صفًّا} صفوفًا.
وقال السّدّيّ: صفًّا، يعني: جميعًا.
- مندل بن عليٍّ، عن موسى الجهنيّ، عن الشّعبيّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه ذات يومٍ: ((يسرّكم أن تكونوا ثلث أهل الجنّة؟))

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: ((يسرّكم أن تكونوا شطر أهل الجنّة؟))

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: فقال: ((النّاس يوم القيامة عشرون ومائة صفٍّ وأنتم منها ثمانون صفًّا)).
- المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((عرضت عليّ البارحة الأنبياء وأممها فرأيت النّبيّ يتبعه من أمّته الثّلاثة، ورأيت النّبيّ يتبعه من أمّته العصابة، ورأيت النّبيّ يتبعه من أمّته الرّجلان، ورأيت النّبيّ يتبعه من أمّته الواحد، ورأيت النّبيّ لا يتبعه من أمّته أحدٌ، فاهتممت بأمّتي فقلت: أي ربّ، أمّتي)).
قال: [انظر هاهنا]؛ فرفعت رأسي فإذا الأفق سادٍّ.
قال: [أرضيت يا محمّد؟]، قلت: نعم.
قال: [انظر هاهنا]؛ فنظرت فإذا شعاب مكّة وظرابها مواشٍ ناسًا.
قال: [أرضيت يا محمّد؟]، قلت: نعم أي ربّ.
قال: [ومع هؤلاء سبعون ألفًا يدخلون الجنّة بغير حسابٍ].
فقال أصحاب رسول اللّه: ما ترون هؤلاء؟ هؤلاء قومٌ يولدون في الإسلام لم يشركوا باللّه شيئًا، لم يدركوا الجاهليّة ولا جهلها ولا ضلالتها.
فقال رسول اللّه: ما تقولون؟ فأخبروه، فقال: بل هم الّذين لا يسترقون ولا يكتوون، ولا يتطيّرون، وعلى ربّهم يتوكّلون.
فقام عكّاشة فقال: يا رسول اللّه، ادع اللّه أن يجعلني منهم، قال: اللّهمّ اجعله منهم.
ثمّ قال آخر: يا رسول اللّه ادع اللّه أن يجعلني منهم.
قال: سبقك بها عكّاشة.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عائشة، قالت: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الّذي يحاسب حسابًا يسيرًا، قال: «يعرف بعمله ثمّ يتجاوز اللّه عنه، ولكن من نوقش حسابًا فذلك الهالك».
- همّامٌ، عن قتادة، عن صفوان بن محرزٍ، قال: بينما أنا آخذٌ بيد ابن عمر إذ عرض له رجلٌ، فقال: يا أبا عبد الرّحمن كيف سمعت رسول اللّه يقول في النّجوى؟ فقال ابن عمر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " إنّ اللّه يدني منه المؤمن يوم القيامة حتّى يضع عليه كنفه ويستره من النّاس، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم يا ربّ، أتعرف ذنب كذا؟
فيقول: نعم يا ربّ، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم يا ربّ، حتّى إذا قرّره بذنوبه، ورئي في نفسه أنّه قد هلك قال: فإنّي سترتها عليك في الدّنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، ثمّ يعطى كتاب حسناته، وأمّا الكفّار والمنافقون فإنّه ينادي الأشهاد {هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة اللّه على الظّالمين} [هود: 18] ".
قوله: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّةٍ} حفاةً عراةً غرلا، أي: غلفًا غير مختّنين.
{بل زعمتم} يقول للمشركين.
{ألّن نجعل لكم موعدًا} أن لن تبعثوا.
- وبلغنا عن الحسن أنّ عائشة قالت: يا رسول اللّه، أما يحتشم النّاس يومئذٍ بعضهم من بعضٍ؟ قال: «هم أشغل من أن ينظر بعضهم إلى عورة بعضٍ».
حدّثني الأزهر بن عبد اللّه الأزديّ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا ذكر هذه الآية قالت عائشة: يا سوأتاه لك يا ابنة أبي بكرٍ.
فقال رسول اللّه: «النّاس يومئذٍ أشغل من أن ينظر بعضهم إلى بعضٍ؛ إنّ أوّل من يكسى إبراهيم خليل اللّه»). [تفسير القرآن العظيم: 1/189-191]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
({وعرضوا على ربّك صفّا لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّة بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدا}

معناه أنهم كلهم ظاهرون للّه، ترى جماعتهم كما يرى كل واحد منهم، لا يحجب واحد واحدا.
وقوله: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّة} أي بعثناكم كما خلقناكم.
وجاء - في التفسير أنهم يحشرون عراة غرلا حفاة.
معنى غرلا، جمع أغرل وهو الأقلف.
وقوله: {بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدا} أي: بل زعمتم أن لن تبعثوا، لأن الله جل ثناؤه، وعدهم بالبعث). [معاني القرآن: 3/292-293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وعرضوا على ربك صفا}
أي: لا يسترهم شيء ولا يحجبهم). [معاني القرآن: 4/251]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة}
قيل: معناه بعثناكم كما خلقناكم أول مرة.
وقيل: هو كما روى أنهم يحشرون حفاة عراة غرلا.). [معاني القرآن: 4/252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا} أي كنتم تنكرون البعث). [معاني القرآن: 4/252]

تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ووضع الكتاب} ما كانت تكتب عليهم الملائكة في الدّنيا من أعمالهم.
{فترى المجرمين} المشركين.
{مشفقين} أي: خائفين.
{ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا} في كتبهم.
{ولا يظلم ربّك أحدًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/191]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربّك أحدا }

معناه - والله أعلم - وضع كتاب كل امرئ بيمينه أو شماله.
{فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا}، كل من وقع في هلكة دعا بالويل.
{مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها}أي لا تاركا صغيرة.
{ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربّك أحدا} أي: إنما يعاقبهم فيضع العقوبة موضعها في مجازاة الذنوب.
وأجمع أهل اللغة أن "الظلم": وضع الشيء في غير موضعه). [معاني القرآن: 3/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ووضع الكتاب} في الكلام حذف، والمعنى: ووضع الكتاب في يد كل امريء إما في يمينه وإما في شماله). [معاني القرآن: 4/252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم يبين هذا بقوله: {فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} أي تراهم خائفين وجلين مما فيه من أعمالهم السيئة ويقولون ما شأن هذا الكتاب لا يبقى صغيرة من ذنوبنا ولا كبيرة إلا حفظها وضبطها). [معاني القرآن: 4/253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} أي إنما تقع العقوبة على المجازاة وأصل الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه). [معاني القرآن: 4/253]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُغادِرُ}: يترك). [العمدة في غريب القرآن: 190]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجنّ}
قال الحسن: وهو أوّل الجنّ، كما أنّ آدم من الإنس وهو أوّل الإنس.

- سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان من الجنّ قبيلٌ من الملائكة يقال له "الجنّ".
قال وكان ابن عبّاسٍ يقول: (لو أنّه لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسّجود).
وكان على خزانة السّماء الدّنيا؛ في قول قتادة.
وقال قتادة: جنّ عن طاعة ربّه.
قال: وقال الحسن: أنحاه اللّه إلى نسبه.
قال: {ففسق عن أمر ربّه}: عصى أمر ربّه عن السّجود لآدم، تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: فكفر واستكبر.
قال: {أفتتّخذونه وذرّيّته}، يعني: الشّياطين الّذين دعوهم إلى الشّرك.
{أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلا}
سعيدٌ، عن قتادة قال: {بدلا} ما استبدلوا بعبادة ربّهم إذ أطاعوا إبليس فبئس ذلك لهم بدلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/191-192]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {ففسق عن أمر ربّه...}

أي خرج عن طاعة ربّه. والعرب تقول، "فسقت الرّطبة من (جلدها) وقشرها" لخروجها منه؛ وكأنّ الفأرة إنها سمّيت فويسقة لخروجها من جحرها على الناس). [معاني القرآن: 2/147]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ففسق عن أمر ربّه}: جار عنه وكفر به، وقال رؤبة:
يهوين في نجدٍ وغوراً غائراً.......فواسقاً عن قصدها جوائرا).
[مجاز القرآن: 1/406]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلاً}
وقال: {ففسق عن أمر ربّه} يقول: عن ردّ أمر ربّه" نحو قول العرب: "أتخم عن الطّعام" أي: عن مأكله أتخم، ولما ردّ هذا الأمر فسق.
وقال: {بئس للظّالمين بدلاً} كما تقول: "بئس في الدّار رجلا"). [معاني القرآن: 2/78]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ففسق عن أمر ربّه}" أي خرج عن طاعته. يقال: "فسقت الرّطبة" إذا خرجت من قشرها). [تفسير غريب القرآن: 268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلّا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوّ بئس للظّالمين بدلا}
قوله: {ففسق عن أمر ربّه} دليل على أنه أمر بالسجود مع الملائكة، وأكثر ما في التفسير أن إبليس من غير الملائكة وقد ذكره اللّه عزّ وجلّ أنه كان من الجن بمنزلة آدم من الإنس.
وقد قيل إن الجن ضرب من الملائكة، كانوا خزان الأرض، وقيل خزان الجنان.

فإن قال قائل: فكيف استثنى مع ذكر الملائكة، فقال {فسجدوا إلّا إبليس}، فكيف وقع الاستثناء وليس هو من الأول؟
فالجواب في هذا أنه أمر معهم بالسجود فاستثنى من أنه لم يسجد، والدليل على ذلك أنك تقول: أمرت عبدي وأخوتي فأطاعوني إلا عبدي، وكذلك قوله عزّ وجلّ: {فإنّهم عدوّ لي إلّا ربّ العالمين}، ورب العالمين ليس كمثله شيء، وقد جرى ذكره في
الاستثناء - وهو استثناء ليس من الأول.
ولا يقدر أحد أن يعرف معنى الكلام غير هذا.
{ففسق عن أمر ربّه} فيه ثلاثة أوجه:
-
يجوز أن يكون معناه: خرج عن أمر ربّه، يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها.
-
وقال قطرب: يجوز أن يكون معناه فسق عن ردّ أمر ربّه.
-
ومذهب سيبويه والخليل وهو الحق عندنا أن معنى {فسق عن أمر ربّه} أتاه الفسق لما أمر فعصى، فكان سبب فسقه أمر ربّه، كما تقول أطعمه عن جوع وكساه عن عري،
المعنى: كان سبب فسقه الأمر بالسّجود لما كان سبب الإطعام الجوع، وسبب الكسوة العرى.
وقوله: {بئس للظّالمين بدلا}
معناه أنه بئس ما استبدل به الظالمون من رب العزة جلّ وعزّ، إبليس). [معاني القرآن: 3/294-293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذ قلنا للملائكة أسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن} في هذا قولان:
أحدهما: أنه نسب إلى الجن لأنه عمل عملهم.
والقول الآخر: أنه منهم). [معاني القرآن: 4/253]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ففسق عن أمر ربه} أي فخرج وحكى الفراء فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وقال رؤبة:
يهوين في نجد وغورا غائرا.......فواسقا عن قصدها جوائرا
وفي هذه الآية سؤال: يقال ما معنى {ففسق عن أمر ربه}؟
ففي هذا قولان:
أحدهما: وهو مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى أتاه الفسق لما أمر فعصى فكان سبب الفسق أمر ربه كما تقول أطعمته عن جوع
والقول الآخر: وهو مذهب محمد بن قطرب أن المعنى ففسق عن رد أمر ربه). [معاني القرآن: 4/255-254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو} أي عداء). [معاني القرآن: 4/256-255]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {بئس للظالمين بدلا} أي بئس ما اسبتدلوا من طاعة الله طاعة إبليس). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ففسق عن أمر ربه} أي: خرج عن الطاعة). [ياقوتة الصراط: 326]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ما أشهدتهم خلق السّموات والأرض ولا خلق أنفسهم} وذلك أنّ المشركين قالوا: إنّ الملائكة بنات اللّه.
وقال في آيةٍ أخرى: {وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثًا أشهدوا خلقهم} أي: ما أشهدتهم شيئًا من ذلك، فمن أين ادّعوا أنّ الملائكة بنات اللّه؟ {وما كنت متّخذ المضلّين عضدًا} أعوانًا في تفسير قتادة.
وقال المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: ما كنت لأتولّى المضلّين.
قال يحيى: (سمعت من يقول: المضلّون: الشّياطين).). [تفسير القرآن العظيم: 1/192]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):
({متّخذ المضلّين عضداً} أي أنصاراً وعزّاً وأعواناً، ويقال: فلان عضدي أي ناصري وعزّي وعوني،

ويقال: قد عاضد فلان فلاناً وقد عضده، أي قوّاه ونصره). [مجاز القرآن: 1/406]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({عضدا}: أنصارا. يقال "هو عضدي" و"قد عاضدت فلانا"). [غريب القرآن وتفسيره: 230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ما أشهدتهم خلق السّماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متّخذ المضلّين عضدا}
أي لم يكونوا موجودين إذ خلقت السّماوات والأرض.
{وما كنت متّخذ المضلّين عضدا}.
ويقرأ {وما كنت متّخذ المضلّين} - بفتح التاء - المعنى في فتحها: ما كنت يا محمد لتتخذ المضلّين أنصارا، وضم التاء هي القراءة، وعليها المعنى.
يخبر اللّه عزّ وجلّ بقدرته، وأنه لا يعتضد فيها ولا في نصرته بالمضلّين والاعتضاد التقوى. وطلب المعونة، يقال: اعتضدت بفلان، معناه استعنت به.
و{عضدا} فيه خمسة أوجه:
وجهان منها كثيران جيّدان، وهما عضد بفتح العين وضم الضاد، وعضد - بضم العين والضاد -.
ويجوز عضدا، وعضدا،
بتسكين الضاد وضم العين وفتحها.
وقد رويت عضد بكسر الضّاد. ويجوز في عضد بكسر الضاد (عضدا) ). [معاني القرآن: 3/295-294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} أي لم يكونوا موجودين إذ ذاك). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وما كنت متخذ المضلين عضدا} روى معمر عن قتادة قال أعوانا قال أبو جعفر وكذلك هو في اللغة يقال عضدني فلان وعاضدني أي أعانني وأعزني). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَضُداً}: أنصارا). [العمدة في غريب القرآن: 190]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقًا} وادٍ في جهنّم.
وقال بعضهم: موبقًا، مهلكًا.
يقول: جعلنا بينهم وصلهم الّذي كان في الدّنيا مهلكًا.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّ نوفًا البكاليّ حدّث عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: هو وادٍ عميقٌ فرّق به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضّلالة.
وقال بعضهم: (أوبقناهم: أدخلناهم النّار)). [تفسير القرآن العظيم: 1/192]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {وجعلنا بينهم مّوبقاً...}

يقال: جعلنا تواصلهم في الدنيا (موبقاً) يقول مهلكا لهم في الآخرة ويقال: إنه وادٍ في جهنم). [معاني القرآن: 2/147]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وجعلنا بينهم موبقاً} أي موعداً، قال:
وحاد شروري والسّتار فلم يدع.......تعاراً له والواديين بموبق).
[مجاز القرآن: 1/406]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم مّوبقاً}
وقال: {مّوبقاً} مثل {مّوعداً} من "وبق" "يبق" وتقول "أوبقته حتى وبق"). [معاني القرآن: 2/78]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({موبقا}: مهلكا ويقال قد أوبقت الرجل أي أهلكته ومنه {أو يوبقهن بما كسبوا}). [غريب القرآن وتفسيره: 231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وجعلنا بينهم موبقاً} أي مهلكا بينهم وبين آلهتهم في جهنم.
ومنه يقال: أوبقته ذنوبه.
وقوله: {أو يوبقهنّ بما كسبوا}. ويقال: موعدا).
[تفسير غريب القرآن: 269]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا} أضافهم إليه على قولهم.
وقوله: {وجعلنا بينهم موبقا}
جعلنا بينهم من العذاب ما يوبقهم، أي يهلكهم، والموبق المهلك.
يقال "وبق الرجل يوبق، وبقا"، ويقال "ييبق، وبائق"، وفيه لغة أخرى "وبق يبق وبوقا، وهو وابق"، والأول هو وبق). [معاني القرآن: 3/295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا} وفي معناه أقوال:
- روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: مهلكا. وكذلك قال الضحاك.
- وروى معمر عن قتادة قال: هلاكا.
- وروى يزيد بن درهم عن أنس بن مالك في قوله تعالى:
{وجعلنا بينهم موبقا} قال: واديا من قيح ودم في جهنم.
- وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: واد في جهنم. وكذلك قال نوف، إلا أنه قال: يحجر بينهم وبين المؤمنين.
- وقال أبو عبيدة {موبقا}: موعدا.

- وقال عوف {موبقا}: أي جعلنا بينهم عداوة.
- قال أبو جعفر: وأصح هذه الأقوال: الأول؛ لأنه معروف في اللغة أن يقال "وبق يوبق ويابق وييبق"، ووبق يبق إذا هلك، وأوبقه الله أي أهلكه، ومنه {أو يوبقهن بما كسبوا}، ومنه أوبقت فلانا ذنوبه؛ فالمعنى: جعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة، إلا أنه يجوز أن يسمى الوادي موبقا لأنه يهلك.).
[معاني القرآن: 4/258-257]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345 هـ): ({موبقا}كل شيء حاجز بين شيئين، فهو موبق). [ياقوتة الصراط: 327]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({موبقا} مهلكا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَوْبِقا}: مهلكا). [العمدة في غريب القرآن: 190]

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ورأى المجرمون} المشركون.
{النّار فظنّوا} فعلموا.
{أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفًا} إلى غيرها). [تفسير القرآن العظيم: 1/192]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {فظنّوا أنّهم مّواقعوها...}:
أي علموا). [معاني القرآن: 2/147]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولم يجدوا عنها مصرفاً} أي معدلاً، وقال أبو كبير الهذليّ:
أزهير هل عن شيبةٍ من مصرف.......أم لا خلود لباذلٍ متكلّف).
[مجاز القرآن: 1/407]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مصرفا}: معدلا). [غريب القرآن وتفسيره: 231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فظنّوا أنّهم مواقعوها} أي علموا.
{ولم يجدوا عنها مصرفاً}: أي معدلا). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك أن يسمّى المتضادّان باسم واحد، والأصل واحد؛ فيقال للصبح: صريم، ولليل: صريم...
ولليقين: ظنّ، لأنّ في الظن طرفا من اليقين. قال الله عز وجل: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ}، أي يستيقنون.
وكذلك: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ}، {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}، و{إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}، هذا كلّه في معنى (اليقين).
قال دريد بن الصّمة:
فقلتُ لهم: ظُنّوا بألفَي مُدجَّح.......سراتهم في الفارسيِّ المسرَّد
أي: تيقنوا بإتيانهم إيّاكم). [تأويل مشكل القرآن: 187-188] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ورأى المجرمون النّار فظنّوا أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا}
القراءة (ورأى)، ويجوز "وراء" المجرمون مثل وراع، كما قال كثير:
وكل خليل راءني فهو قائل.......من أجلك هذا هامة اليوم أو غد
قوله: {فظنّوا أنّهم مواقعوها} معناه أيقنوا. وقد بيّنّا ذلك.
{ولم يجدوا عنها مصرفا} أي معدلا، قال أبو كبير:
أزهير هل عن شيبة من محرف.......أم لا خلود لباذل متكلّف).
[معاني القرآن: 3/296-295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها}
روى معمر عن قتادة قال: أيقنوا.). [معاني القرآن: 4/258]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولم يجدوا عنها مصرفا}
قال أبو عبيدة: أي معدلا.). [معاني القرآن: 4/259]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مصرفا}: معدلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَصْرِفاً}: معدلاً). [العمدة في غريب القرآن: 190]


تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد صرّفنا في هذا القرءان للنّاس من كلّ مثلٍ}، كقوله: {ولقد صرّفنا للنّاس في هذا القرءان من كلّ مثلٍ} [الإسراء: 89].
{وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا} يعني: الكافر يجادل في اللّه.
- الحسن، عن الحسن، قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على بعض أهله وهو نائمٌ، فقال: «قم صلّه».
قال: فقال: كذا وكذا وتمطّى، وقال: (إنّما نصلّي ما قدّر لنا)، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (({وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا})).
- أبو الأشهب، عن الحسن، قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على رجلٍ نائمٍ في المسجد فضربه برجله وقال: «قم صلّه».
فرفع رأسه وقال: إنّما نصلّي هكذا على ما قدّر لي.
فمضى نبيّ اللّه وهو يقول: (({وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا})) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/193]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ولقد صرّفنا في هذا القرآن للنّاس من كلّ مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}

أي من كل مثل يحتاجون إليه، أي بيّناه لهم.
وقوله: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} معناه كان الكافر،
ويدل عليه قوله: {ويجادل الّذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحقّ}.
فإن قال قائل: وهل يجادل غير الإنسان؟
فالجواب في ذلك أن إبليس قد جادل، وأن كل ما يعقل من الملائكة والجنّ يجادل، ولكن الإنسان أكثر هذه الأشياء جدلا). [معاني القرآن: 3/296]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}
- قيل: يراد بالإنسان ههنا الكفار، وهو في معنى جماعة كما قال تعالى: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}.
-
وقيل: هو عام، وفي الحديث ما يدل على أنه عام؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لام على بن أبي طالب رضي الله عنه وفاطمة معه في ترك الصلاة بالليل قال علي:(أنفسنا بيد الله إذا شاء أطلقها)، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول
: (({وكان الإنسان أكثر شيء جدلا})) ). [معاني القرآن: 4/259]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345 هـ): ({جدلا} أي: جدالا ومجادلة). [ياقوتة الصراط: 327]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربّهم} أي: من شركهم.
{إلا أن تأتيهم سنّة الأوّلين} ما عذّب اللّه به الأمم السّالفة.
{أو يأتيهم العذاب قبلا}: عيانًا. تفسير مجاهدٍ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: فجأةً.). [تفسير القرآن العظيم: 1/193]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما منع النّاس أن يؤمنوا...}

يقال: الناس ها هنا في معنى رجل واحد.
وقوله: {إلاّ أن تأتيهم سنّة الأوّلين} أن في موضع رفع، وقوله: {سنّة الأوّلين} يقول: سنتنا في إهلاك الأمم المكذّبة.

وقوله: {أو يأتيهم العذاب قبلاً}: عياناً.
وقد تكون (قبلاً) لهذا المعنى. وتكون (قبلاً) كأنه جمع قبيل وقبل أي عذاب متفرق يتلو بعضه بعضاً).
[معاني القرآن: 2/147]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أو يأتيهم العذاب قبلاً} أي أولاً يقال: من ذي قبلٍ، فإن فتحوا أولها فالمعنى: استئنافاً،
قال: لن يغلب اليوم جباكم قبلى؛ أي استئنافي، وإن ضمّوا أوّلها فالمعنى: مقابلة، يقال: أقبل قبل فلانٍ: انكسر، وله موضع آخر: أن يكون جميع قبيل فمعناه: أو يأتيهم العذاب قبلاً، أي قبيلاً قبيلاً، أي ضرباً ضرباً ولوناً لوناً). [مجاز القرآن: 1/407]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربّهم إلاّ أن تأتيهم سنّة الأوّلين أو يأتيهم العذاب قبلاً}
وقال: {إلاّ أن تأتيهم سنّة الأوّلين} لأنّ "أن" في موضع اسم "إلاّ" إتيان سنّة الأوّلين). [معاني القرآن: 2/78]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أو يأتيهم العذاب قبلا}: جمع قبيل والمعنى تأتيهم طوائف وضروب من العذاب.
قبلا قصدا وقبلا معاينة يأتيهم من قبلهم وقد يكون قبلا). [غريب القرآن وتفسيره: 231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إلّا أن تأتيهم سنّة الأوّلين} أي سنتنا في إهلاكهم.
{أو يأتيهم العذاب قبلًا} وقبلا أي: مقابلة وعيانا. ومن قرأ بفتح القاف والباء أراد استئنافا). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربّهم إلّا أن تأتيهم سنّة الأوّلين أو يأتيهم العذاب قبلا}
موضع (أن) نصب.
المعنى: وما منع الناس من الإيمان {إلّا أن تأتيهم سنّة الأوّلين}.
المعنى إلا طلب أن تأتيهم سنّة الأوّلين -.
وسنّة الأوّلين أنهم عاينوا العذاب، فطلب المشركون أن قالوا:{اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم}.
{أو يأتيهم العذاب قبلا}
ويقرأ قبلا - بكسر القاف وفتح الباء -، ويجوز قبلا - بتسكين الباء – ولم يقرا بها أحد.
وموضع (أن) في قوله (إلّا أن تأتيهم) رفع، وتأويل قِبَلا معاينة، وتأويل قُبُلاً جمع قبيل، المعنى أو يأتيهم العذاب أنواعا.
ويجوز أن يكون تأويل قبلا بمعنى من قبل أي مما يقابلهم). [معاني القرآن: 3/297-296]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين}
في الكلام حذف، والمعنى إلا طلب أن تأتيهم سنة الأولين، وسنة الأولين معاينة العذاب؛ لأنهم قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فطلبوا العذاب).
[معاني القرآن: 4/260]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أو يأتيهم العذاب قبلا}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: فجأة.

قال الكسائي: أي عيانا. والمعنيان متقاربان.
ويقرأ (قبلا) فأكثر أهل اللغة على أنه جمع "قبيل" أي: أنواعا وضروبا.
وقال بعضهم معنا يقابلهم كما يقال جاءه من قبل ومعنى "قبلا" أي استئنافا، كما يقال "لا أكلمك إلى عشر من ذي قبل".). [معاني القرآن: 4/261-260]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سنة الأولين} أي سنتنا في إهلاكهم.
{قبلا} من كسر ومن ضم فمعناه: مقابلة وعيانا، ومن فتح أراد: استئنافا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قُبُلاً}: قصدا.
{قِبَلاً}: مقابلة). [العمدة في غريب القرآن: 191]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما نرسل المرسلين إلا مبشّرين} بالجنّة.
{ومنذرين} من النّار.
ويبشّرونهم أيضًا بالرّزق في الدّنيا قبل الجنّة إن آمنوا. وقد فسّرناه قبل هذا الموضع.
وينذرونهم العذاب في الدّنيا قبل عذاب الآخرة إن لم يؤمنوا.
قوله: {ويجادل الّذين كفروا بالباطل ليدحضوا}: ليذهبوا.
{به الحقّ} فيما يظنّون ولا يقدرون على ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/193]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):
({ليدحضوا به الحقّ} مجازه: ليزيلوا به الحق ويذهبوا به، ودحض هو، ويقال: "مكان دحضٌ"، أي مزلٌ مزلق، لا يثبت فيه خفّ ولا قدم ولا حافر، قال طرفة:

وردت ونحّى اليشكريّ حذاره.......وحاد كما حاد البعير عن الدّحّض).
[مجاز القرآن: 1/408]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ليدحضوا به الحق}: ليزيلوا، يقال "مكان دحض"؛ أي زلق لا يثبت شيئا). [غريب القرآن وتفسيره: 231]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ليدحضوا} أي: ليسقطوا، ومنه قوله - عز وجل: {حجتهم داحضة} أي: ساقطة). [ياقوتة الصراط: 327]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ليُدْحِضوا}: ليزيلوا). [العمدة في غريب القرآن: 191]


تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {واتّخذوا آياتي وما أنذروا هزوًا * ومن أظلم} يقوله على الاستفهام، وهذا استفهامٌ على معرفةٍ.
{ممّن ذكّر بآيات ربّه فأعرض عنها} لم يؤمن بها.
{ونسي ما قدّمت يداه}، قال قتادة: أي ما سلف من الذّنوب الكثيرة.
قال: وقال الحسن: عمله السّوء.أي: لا أحد أظلم منه.
قوله: {إنّا جعلنا على قلوبهم أكنّةً} غلفًا.
{أن يفقهوه} ، يعني: لئلا يفقهوه.وهو تفسير السّدّيّ.
{وفي آذانهم وقرًا}، وهو الصّمم عن الهدى.
{وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذًا أبدًا} يعني: الّذين يموتون على شركهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/193-194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ومن أظلم ممّن ذكّر بآيات ربّه فأعرض عنها ونسي ما قدّمت يداه إنّا جعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا}

{وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا}
هؤلاء قد أخبر اللّه عنهم أنهم من أهل الطبع فقال: {إنّا جعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه}.
{أكنّة}: جمع كنانة، وهو الغطاء، وهو مثل عنان وأعنة.
فأعلم اللّه عزّ وجل أن هؤلاء بأعيانهم لن يهتدوا أبدا). [معاني القرآن: 3/297]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وربّك الغفور ذو الرّحمة} لمن آمن ولا يغفر أن يشرك به.
{لو يؤاخذهم بما كسبوا} بما عملوا.
{لعجّل لهم العذاب بل لهم موعدٌ لن يجدوا من دونه موئلا}
- قال الحسن: ملجأً.

- وقال قتادة: وليًّا ولا ملجأً.
- وقال المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: ما لهم ملجأٌ.
- وقال عاصم بن حكيمٍ وابن مجاهدٍ، عن أبيه: محرزًا.). [تفسير القرآن العظيم: 1/194]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لّن يجدوا من دونه موئلاٍ...}

(الموئل المنجي) وهو الملجأ في المعنى واحد. والعرب تقول: إنه ليوائل إلى موضعه يريدون: يذهب إلى موضعه وحرزه.
وقال الشاعر:
لا وألت نفسك خلّيتها.......للعامريّين ولم تكلم
(يريد: لا نجت) ). [معاني القرآن: 2/148]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لن يجدوا من دونه موئلاً} مجازه منجىً، وهو من قولهم:
فلا وألت نفسٌ عليها تحاذر
أي: لا نجت.
وقال الأعشى:
وقد أخالس ربّ البيت غفلته.......وقد يحاذر منّي تم ما يئل
أي لا ينجو). [مجاز القرآن: 1/408]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وربّك الغفور ذو الرّحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجّل لهم العذاب بل لّهم مّوعدٌ لّن يجدوا من دونه موئلاً}
وقال: {موئلاٍ} من "وأل" "يئل" "وألاً"). [معاني القرآن: 2/78]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({موئلا}: ملجأ. يقال وألت إليه أي لجأت). [غريب القرآن وتفسيره: 231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لن يجدوا من دونه موئلًا} أي ملجأ. يقال: وأل فلان [إلى كذا وكذا]، إذا [لجأ].
ويقال: لا وألت نفسك، أي لا نجت. وفلان يوائل، أي: يسابق لينجو). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وربّك الغفور ذو الرّحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجّل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا}
الموئل: المنجا، يقال "وأل يئل" إذا نجا). [معاني القرآن: 3/297]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا}
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ملجأ. وحكى أهل اللغة: وأل يئل إذا نجا). [معاني القرآن: 4/262-261]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({موئلا} ملجأ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَوئِلا}: ملجأ). [العمدة في غريب القرآن: 191]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا} لمّا أشركوا وجحدوا رسلهم.
وقال السّدّيّ: {أهلكناهم} يعني: عذّبناهم، {لمّا ظلموا} لمّا أشركوا.
{وجعلنا لمهلكهم موعدًا} الوقت الّذي جاءهم فيه العذاب.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: موعدًا أجلا.
وقال السّدّيّ: {وجعلنا لمهلكهم موعدًا} يعني: لعذابهم موعدًا، يعني: أجلا ووقتًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/194-195]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {لمهلكهم مّوعداً...}

يقول: لإهلاكنا إيّاهم (موعداً) أجلا وقرأ عاصم (لمهلكهم) فتح الميم واللام ويجوز (لمهلكهم) بكسر اللام تبنيه على هلك يهلك.
فمن أراد الاسم مّما يفعل منه مكسور العين كسر مفعلا.
ومن أراد المصدر فتح العين. مثل المضرب والمضرب والمدبّ والمدبّ والمفرّ والمفرّ فإذا كان يفعل مفتوح العين آثرت العرب فتحها في مفعل، اسماً كان أو مصدراً.
وربما كسروا العين في مفعل إذا أرادوا به الاسم. منهم من قال {مجمع البحرين} وهو القياس وإن كان قليلا.

فإذا كان يفعل مضموم العين مثل يدخل ويخرج آثرت العرب في الاسم منه والمصدر فتح العين؛ إلا أحرفاً من الأسماء ألزموها كسر العين في مفعل.
من ذلك المسجد والمطلع والمغرب والمشرق والمسقط والمفرق والمجزر والمسكن والمرفق من رفق يرفق والمنسك من نسك ينسك، والمنبت.
فجعلوا الكسر علامة للاسم، والفتح علامة للمصدر.
وربما فتحه بعض العرب (في الاسم) وقد قرئ مسكن ومسكن. وقد سمعنا المسجد والمسجد وهم يريدون الاسم، والمطلع والمطلع. والنصب في كلّه جائز وإن لم تسمعه فلا تنكرنه إن أتى.

وما كان من ذوات الياء والواو من دعوت وقضيت فالمفعل منه فيه مفتوح اسماً كان أو مصدراً، إلا المأقي من العين فإن العرب كسرت هذا الحرف.
وبعض العرب يسمّى مأوى الإبل مأوي فهذان نادران. وإنما امتنعوا من (كسر العين) في الياء والواو لأن الياء والواو تذهبان في السكت للتنوين الذي يلحق، فردّوها إلى الألف إذ كانت لا تسقط في السكوت.

وإذا كان المفعل من كال يكيل وشبهه من الفعل فالاسم منه مكسور، والمصدر مفتوح من ذلك مال مميلا وممالا تذهب بالكسر إلى الأسماء، وبالفتح إلى المصادر. ولو فتحتهما جميعاً أو كسرتهما في المصدر والاسم لجاز. تقول العرب: المعاش. وقد قالوا: المعيش.
وقال رؤبة ابن العجّاج:
إليك أشكو شدّة المعيش.......ومرّ أعوام نتفن ريشي

* نتف الحبارى عن قرا رهيش *
القرا: الظهر، وقال الآخر:
أنا الرجل الذي قد عبتموه.......وما فيكم لعيّاب معاب
ومثله مسار ومسير، وما كان يشبهه فهو مثله.
وإذا كان يفعل مفتوحاً من ذوات الياء والواو مثل يخاف ويهاب فالاسم والمصدر منه مفتوحان مثل المخاف والمهاب:
وما كان من الواو مضموماً مثل يقوم ويقول ويعود ويقود وأشباهه فالاسم والمصدر فيه مفتوحان، وإنما فتحوه إذا نووا الاسم ولم يكسروه كما كسر المغرب لأنهم كرهوا تحول الواو إلى الياء فتلتبس الواو بالياء.
وما كان أوّله واواً مثل وزنت وورثت ووجلت فالمفعل فيه اسماً كان أو مصدراً مكسور؛ مثل قوله: {أن لن نجعل لكم موعداً} وكذلك يوحل ويوحل المفعل منهما مكسور (في الوجهين) وزعم الكسائيّ أنه سمع موجل وموحل. ... ويمعت أنا موضع. وإنما كسروا ما أوّله الواو، لأن الفعل فيه إذا فتح يكون على وجهين. فأمّا الذي يقع فالواو منه ساقطة؛ مثل وزن يزن. والذي لا يقع تثبت واوه في يفعل. والمصادر تستوي في الواقع وغير الواقع. فلم يجعلوا في مصدريهما فرقاً، إنما تكون الفروق في فعل يفعل.
وما كان من الهمز فإنه مفتوح في الوجهين. وكأنهم بنوه على يفعل؛ لأن ما لامه همزة يأتي بفتح العين من فعل ومن فعل. فإن قلت: فلو كسروه إرادة الاسم كما كسروا مجمعاً.
قلت: لم يأت. وكأنهم أنزلوا المهموز. بمنزلة الياء والواو؛ لأن الهمز قد يترك فتلحقهما.
وما كان مفعل مشتقّاً من أفعلت فلك فيه ضمّ الميم من اسمه ومصدره. ولك أن تخرجه على أوّليته قبل أن تزاد عليه الألف. فتقول: أخرجته مخرجاً ومخرجاً، وأنزلته منزلاً ومنزلاً.
وقرئ {أنزلني منزلا مباركاً} {وأنت خير المنزلين} و{منزلا}.
وما كان ممّا يعمل به من الآلة مثل المروحة والمطرقة وأشباه ذلك مما تكون فيه الهاء أو لا تكون فهو مكسور الميم منصوب العين؛ مثل المدرع والملحف والمطرق وأشباه ذلك. إلا أنهم. قالوا: المطهرة والمطهرة، والمرقاة والمرقاة والمسقاة والمسقاة. فمن كسرها شبّهها بالآلة التي يعمل بها. ومن فتح قال: هذا موضع يفعل فيه فجعله مخالفاً ففتح الميم؛ ألا ترى أن المروحة وأشباهها آلة يعمل بها، وأن المطهرة والمرقاة في موضعهما لا تزولان يعلم فيهما.
وما كان مصدراً مؤنّثاً فإنّ العرب قد ترفع عينه؛ مثل المقدرة وأشباهه. ولا يفعلون ذلك في مذكّر ليست فيه الهاء؛ لأن الهاء إذا أدخلت سقط عنها بناء فعل يفعل فصارت اسماً مختلفاً، ومفعل يبنى على يفعل، فاجتنوا الرّفعة في مفعل، لأن خلقة يفعل التي يلزمها الضمّ كرم يكرم فكرهوا أن يلزموا العين من مفعل ضمّة فيظنّ الجاهل أن في مفعل فرقاً يلزم كما يلزم فعل يفعل الفروق، ففتحت إرادة أن تخلط بمصادر الواقع. فأمّا قول الشاعر:
* ليوم روعٍ أو فعال مكرم *
فإنه جمع مكرمة ومكرم. ومثله قول الآخر:
بثين الزمى لا إنّه إن لزمته.......على كثرة الواشين أي معون
أراد جمع معونة. وكان الكسائيّ يقول: هما مفعل نادران لا يقاس عليهما وقد ذهب مذهباً. إلاّ أني أجد الوجه الأول أجمل للعربية ممّا قال. وقد تقلب فيه الياء إلى الواو فيقال:
وكنت إذا جارى دعا لمضوفةٍ.......أشمّر حتى ينصف الساق مئزري
جعلها مفعلة وهي من الياء فقبلها إلى الواو لضمّة ما قبلها، كما قالوا: قد سور به.
وقد قالت العرب في أحرف فضمّوا الميم والعين، وكسروا الميم والعين جميعاً. فممّا ضمّوا عينه وميمه قولهم: مكحلة ومسعط ومدهن ومدقّ. ومما كسروا ميمه وعينه منخر ومنتن. ومما زادوا عليه ياء للكسر، وواواً للضم مسكين ومنديل ومنطق. والواو نحو مغفور ومغثور وهو الذي يسقط على الثمام ويقال للمنخر: منخور وهم طيّء. والذين ضمّوا أوله وعينه شبّهوا الميم بما هو من الأصل، كأنه فعلول. وكذلك الذين كسروا الميم والعين شبّهوه بفلعيل وفعلل.
وما كان من ميم زائدة أدخلتها على فعل رباعي قد زيد على ثلاثيّة شيء من الزيادات فالميم منه في الفاعل والمفعول به والمصدر مضمومة. من ذلك قولك رجل مستضربٌ (ومستضربٌ) ومستطعم ومستطعم. يكون المستطعم - بالفتح - مصدراً ورجلا وكذلك المضارب هو الفاعل والمضارب - بالفتح - مصدر ورجل. وكلّ الزيادات على هذا لا ينكسر، ولا يختلف فيه في لغات ولا غيرها؛ إلا أن من العرب - وهم قليل - من يقول في المتكبّر: متكبّر كأنهم بنوه على يتكبّر. وهو من لغة الأنصار وليس مما يبنى عليه.
- ... وحدّثت أن بعض العرب يكسر الميم في هذا النوع إذا أدغم فيقول هم المطّوّعة والمسّمع للمستمع. وهم من الأنصار. وهي من المرفوض.
وقالت العرب: موهب فجعلوه اسماً موضوعا على غير بناء، وموكل اسماً موضوعاً. ومنه موحد لأنهم لم يريدوا مصدر وحد، إنما جعل اسماً في معنى واحد مثل مثنى وثلاث ورباع. وأما قولهم: مزيد ومزود فهما أيضاً اسمان مختلفان على غير بناء الفعل؛ ولك في الاختلاف أن تفتح ما سبيله الكسر إذا أشبه بعض المثل، وتضمّ المفتوح أو تكسره إذا وجّهته إلى مثالٍ من أسمائهم كما قيل معفور للذي يسقط على الثمام وميمه زائدة فشبه بفعلول، وكما قالت العرب: (في المصير وهو من صرت مصران للجميع) ومسيل الماء وهو مفعل: مسلان للجميع فشبّهوا مفعلا بفعيل؛ ألا ترى أنهم قالوا سؤته مسائية وإنما هي مساءة على مفعلة فزيدت عليها الياء من آخرها كما تزاد على فعالة نحو كراهة وكراهية وطبانة وطبانية).
[معاني القرآن: 2/153-148]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا وجعلنا لمهلكهم مّوعداً}
وقال: {وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا} يعني: أهلها كما قال: {وسأل القرية} ولم يجيء بلفظ "القرى" ولكن أجرى اللفظ على القوم وأجرى اللفظ في "القرية" عليها، إلى قوله: {الّتي كنّا فيها}، وقال: {أهلكناهم} ولم يقل "أهلكناها" حمله على القوم كما قال "وجاءت تميم" وجعل الفعل لـ"بني تميم" ولم يجعله لـ"تميم"، ولو فعل ذلك لقال: "جاء تميم"، وهذا لا يحسن في نحو هذا؛ لأنه قد أراد غير تميم في نحو هذا الموضع فجعله اسما ولم يحتمل إذا اعتل أن يحذف ما قبله كله يعني التاء من "جاءت" مع "بني"، وترك الفعل على ما كان ليدل على أنه قد حذف شيئا قبل "تميم"). [معاني القرآن: 2/79-78]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا}
المعنى وأهل تلك القرى أهلكناهم، يعنى به من أهلك من الأمم الخالية، نحو عاد وثمود وقوم لوط ومن ذكر بالهلاك.
وقوله: {وجعلنا لمهلكهم موعدا} أي أجلا، وفيها ثلاثة أوجهلـ"مهلكهم"، وتأويل المهلك على ضربين؛ على المصدر، وعلى الوقت، معنى المصدر لإهلاكهم، ومعنى الوقت لوقت هلاكهم. وكل فعل ماض على أفعل فالمصدر منه مفعل، أو إفعال، واسم الزمان منه مفعل،وكذلك اسم المكان، تقول أدخلته مدخلا، وهذا مدخله أي المكان الذي يدخل زيد منه، وهذا مدخله أي وقت - إدخاله.
ويجوز أن يقرأ (لمهلكهم) على أن يكون مهلك اسما للزمان على معنى هلك يهلك.

وهذا زمن مهلكه مثل جلس يجلس، إذا أردت المكان أو الزمان، فإذا أردت المصدر قلت مهلك بفتح اللام مثل مجلس، يقال: "أتت الناقة على مضربهاأي على زمان ضرابها، وتقول جلس مجلسا - بفتح اللام - ومثله هلك مهلكا أي هلكا.
وموضع {تلك القرى} رفع بالابتداء، والقرى صفة لها مبيّنة، وأهلكناهم خبر الابتداء. وجائز أن يكون موضع (تلك القرى) نصبا ويكون {أهلكناهم} مفسّرا للناصب،
ويكون المعنى وأهلكنا تلك القرى أهلكناهم). [معاني القرآن: 3/298-297]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا} والمعنى أهل القرى). [معاني القرآن: 4/262]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل عز: {وجعلنا لمهلكهم موعدا} يجوز أن يكون المعنى لإهلاكهم فيكون مصدرا ويجوز أن يكون المعنى لوقت إهلاكهم ومن قرأ لمهلكهم ذهب إلى أن المعنى لهلاكهم كما يقال جلس مجلسا واسم الموضع المجلس وهلك مهلكا واسم الموضع المهلك
قال مجاهد موعدا أي أجلا). [معاني القرآن: 4/263-262]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 60 إلى 82]

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذ قال موسى لفتاه} [الكهف: 60] وهو يوشع بن نون، وهو اليسع.
{لا أبرح} [الكهف: 60] لا أزال.
وهو تفسير السّدّيّ، أمضي قدمًا.
{حتّى أبلغ مجمع البحرين} [الكهف: 60] بحر فارس والرّوم، حيث التقيا وهما محيطان بالخلق.
وقال قتادة: بحر فارس والرّوم، وبحر الرّوم نحو المشرق.
{أو أمضي حقبًا} [الكهف: 60] سبعين سنةً في تفسير مجاهدٍ.
وبعضهم يقول ثمانين.
وذلك أنّ موسى قام في بني إسرائيل مقامًا فقال: ما بقي اليوم أحدٌ أعطاه اللّه مثل ما أعطاكم: أنجاكم من قوم فرعون، وقطع بكم البحر، وأنزل عليكم التّوراة.
ورأى في نفسه حين فعل اللّه ذلك به وعلّمه أنّه لم يبق أحدٌ أعلم منه.
فأوحى اللّه إليه: إنّ لي عبدًا أعلم منك يقال له: «الخضر» فاطلبه.
فقال له موسى: ربّ كيف لي بلقائه؟ فأوحى اللّه إليه أن يجعل حوتًا في متاعه ويمضي على وجهه حتّى يبلغ مجمع البحرين، بحر فارس والرّوم، وجعل العلم على لقائه أن يفتقد الحوت، فإذا فقدت الحوت فاطلب صاحبك عند ذلك.
فانطلق هو وفتاه، وهو يوشع بن نون، وحملا معهما مكتلا فيه حوتٌ مملوحٌ.
قال: فسايرا البحر زمانًا ثمّ أويا يعني: انتهيا.
تفسير السّدّيّ، إلى الصّخرة
[تفسير القرآن العظيم: 1/195]
على ساحل البحر الّذي عند مجتمع البحرين عندها عين ماءٍ، فباتا بها وأكلا نصف الحوت وبقي نصفه، فانسرب الحوت في العين.
وقال بعضهم أدنى فتاه المكتل من العين فأصابه الماء، فعاش الحوت فدخل في البحر.
وارتحل موسى وفتاه فسايرا البحر حتّى أصبح). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح...}

يريد: لا أزال حتى أبلغ، لم يرد: لا أبرح مكاني. وقوله: {فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي} غير معنى أزال، هذه إقامة. وقوله: {لن نبرح عليه عاكفين}: لن نزال عليه عاكفين.
ومثلها ما فتئت وما فتأت - لغة - ولا أفتأ أذكرك. وقوله: {تالله تفتأ تذكر يوسف} معناه: لا تزال تذكر يوسف. ولا يكون تزال وأفتأ وأبرح إذا كانت في معناهما إلاّ بجحد ظاهر أو مضمر. فأما الظاهر فقد تراه في القرآن {ولا يزالون مختلفين} {ولا يزال الذين كفروا} {فما زالت تلك دعواهم} وكذلك {لا أبرح} والمضمر فيه الجحد قول الله {تفتأ} ومعناه:
لا تفتأ. لا تزال تذكر يوسف: ومثله قول الشاعر:
فلا وأبي دهماء زالت عزيزةً = على قومها ما فتّل الزّند قادح
وكذلك قول امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً = ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
قوله: {أو أمضي حقباً} الحقب في لغة قيس: سنة. وجاء التفسير أنه ثمانون سنة.
وأمّ قوله: {مجمع البحرين} فبحر فارس والروم.
وإنما سمّى فتى موسى لأنه كان لازماً له يأخذ عنه العلم. وهو يوشع بن نون). [معاني القرآن: 2/154-153]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أو أمضى حقباً} أي زماناً وجميعه أحقاب، ويقال في معناه: مضت له حقبة والجميع حقب على تقدير كسرة والجميع كسر كثيرةٌ). [مجاز القرآن: 1/409]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً}
وقال: {لا أبرح} أي: لا أزال.
قال الشاعر:
وما برحوا حتّى تهادت نساؤهم = ببطحاء ذي قارٍ عياب اللّطائم
أي: ما زالوا). [معاني القرآن: 2/79]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لا أبرح}: لن أزال ومنه {لن نبرح عليه عاكفين}: لن نزال. يقال ما برحت أقول ذلك، أي مازلت.
{حقبا}: زمانا وهو واحد وجمعه أحقاب). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حقباً} أي زمانا ودهرا. ويقال الحقب: ثمانون سنة). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا}
وإن شئت قلت بالإمالة والكسر، وهي لغة تميم، وأهل الحجاز.
يفتحون ويفخّمون.
ويروى في التفسير أنّ فتاه " يوشع بن نون ".
{لا أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين}.
معنى (لا أبرح) لا أزال، ولو كان لا أزول كان محالا، لأنه إذا لم يزل من مكانه لم يقطع أرضا، ومعنى لا أبرح في معنى لا أزال - موجود في كلام العرب.
قال الشاعر:
وأبرح ما أدام الله قومي= على الأعداء منتطقا مجيدا

أي: لا أزال.
وإنما سمى فتاه لأنه كان يخدمه، والدليل على ذلك قول موسى:{آتنا غداءنا}.
وقوله: {حقبا} الحقب ثمانون سنة، وكان مجمع البحرين الموضع الذي وعد فيه موسى بلقاء الخضر عليه السلام.
وأحب الله عزّ وجلّ أن يعلم موسى - وإن كان قد أوتي التوراة أنه قد أوتي غيره من العلم أيضا ما ليس عنده، فوعد بلقاء الخضر). [معاني القرآن: 3/299-298]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح} قيل إنما قيل له فتاه لأنه كان يخدمه وهو يوشع ومعنى لا أبرح
أي لا أزال وليس معناه لا أزول). [معاني القرآن: 4/263]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى أبلغ مجمع البحرين} روى معمر عن قتادة قال بحر الروم بحر فارس
وقال غيره هو الموضع الذي وعده الله أن يلقى فيه الخضر). [معاني القرآن: 4/264-263]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {أو أمضى حقبا} روى عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عمرو قال الحقب ثمانون سنة وروى ابن نجيح
قال الحقب سبعون خريفا وروى معمر عن قتادة قال الحقب زمان قال أبو جعفر الذي يعرفه أهل اللغة أن الحقب
والحقبة زمان من الدهر مبهم غير محدود كما أن قوما ورهطا مبهم غير محدود والحقب بضمتين جمعه أحقاب ويجوز أن يكون أحقاب جمع حقب وحقب جمع حقبة ثم قال جل وعز: {فلما بلغا مجمع بينهما} قال مجاهد أي بين البحرين وقال أبي بن كعب رحمه الله أفريقيه). [معاني القرآن: 4/265-264]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا أبرح} أي: لا أزال). [ياقوتة الصراط: 327]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الحقب) ثمانون سنة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا أَبْرَحُ}: لا أزول.
{حُقُبـاً}: زمانـاً). [العمدة في غريب القرآن: 191]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {نسيا حوتهما...}
وإنما نسيه يوشع فأضافه إليهما، كما قال {يخرج منهما الّلؤلؤ والمرجان} وإنما يخرج من الملح دون العذب. وقوله: {فاتّخذ سبيله في البحر سرباً} كان مالحاً فلمّا حيي بالماء الذي أصابه من العين فوقع في البحر جمد طريقه في البحر فكان كالسرب.
وقوله: {فاتّخذ سبيله}.
يقول: اتخذ موسى سبيل الحوت {في البحر عجباً}.
ثم قال حين أخبره بقصّة الحوت). [معاني القرآن: 2/155-154]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في البحر سرباً} أي مسلكا ومذهباً أي يسرب فيه، وفي آيةٍ أخرى {وساربٌ بالنّهار} ). [مجاز القرآن: 1/409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سربا}: مذهبا ومسلكا). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاتّخذ سبيله} أي فاتخذ الحوت طريقه في البحر.
{سرباً} أي مذهبا ومسلكا). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجتمع شيئان ولأحدهما فعل فيجعل الفعل لهما:
كقوله سبحانه: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا}.
روي في التفسير: أن النّاسي كان يوشع بن نون ويدلّك قوله لموسى، صلّى الله عليه وسلم: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} .
وقوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ} والرسل من الإنس دون الجن.
وقوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} ثم قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}.
واللؤلؤ والمرجان إنما يخرجان من الماء الملح لا من العذب.
وكذلك قوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}.
وقد غلط في هذا المعنى أبو ذؤيب الهذليّ ولا أدري أمن جهة هذه الآيات غلط
أم من غيرها؟ قال يذكر الدّرّة:
فجاء بها ما شئت من لطميّة = يدوم الفرات فوقها ويموج
والفرات لا يدوم فوقها وإنما يدوم الأجاج). [تأويل مشكل القرآن: 288-286]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {فلمّا بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتّخذ سبيله في البحر سربا}
يعنى به موسى ويوشع.
{نسيا حوتهما} وكانت فيما روي سمكة مملوحة، وكانت آية لموسى في الموضع الذي يلقى فيه الخضر.
{فاتّخذ سبيله في البحر سربا} أحيا اللّه السمكة حتى سربت في البحر، و (سربا) منصوب على جهتين.
على المفعول كقولك: اتخذت طريقي في السرب، واتخذت طريقي مكان كذا وكذا، فيكون مفعولا ثانيا كقولك اتخذت زيدا وكيلا.
ويجوز أن يكون " سربا " مصدرا يدل عليه (فاتخذ سبيله في البحر) فيكون المعنى نسيا حوتهما فجعل الحوت طريقه في البحر ثم بين كيف ذلك، فكأنه قال: سرب الحوت سربا،
ومعنى نسيا حوتهما، كان النسيان من يوشع أن تقدمه، وكان النسيان من موسى أن يأمره فيه بشيء). [معاني القرآن: 3/299]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا} قيل كان النسيان من موسى صلى الله عليه وسلم أن يتقدم إلى يوشع بشيء من أمر الحوت وكان النسيان من يوشع عليه السلام يخبره بسربه وقيل أن يقدمه،
ثم قال {فاتخذ سيله في البحر سربا} السرب في اللغة المذهب والمسلك). [معاني القرآن: 4/266-265]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سربا} مذهبا ومسلكا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سَرَبا}: هرباً مرهباً). [العمدة في غريب القرآن: 191]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وارتحل موسى وفتاه فسايرا البحر حتّى أصبح ثمّ: {قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا} شدّةً، يعني: نصب السّفر). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) :
( {فلمّا جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً}

وقال: {آتنا غداءنا} إن شئت جعلته من "آتى الغداء" أو "أئية" كما تقول "ذهب" و"أذهبته" وإن شئت من "أعطى" وهذا كثير). [معاني القرآن: 2/79]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال فتاه:
{أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت} [الكهف: 63] السّدّيّ: يعني لم أحفظ ذكره.
قال: {وما أنسانيه إلا الشّيطان أن أذكره} [الكهف: 63] لك، وفي بعض القراءة: أن أدركه.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ موسى لمّا قطع البحر وأنجاه اللّه من آل فرعون جمع بني إسرائيل فخطبهم فقال: أنتم اليوم خير أهل الأرض وأعلمه، قد أهلك اللّه عدوّكم، وأقطعكم البحر، وأنزل عليكم التّوراة.
قال: فقيل له: إنّ هاهنا رجلا هو أعلم منك.
فانطلق هو وفتاه يوشع بن نون يطلبانه وتزوّدا مملوحة في مكتلٍ لهما، وقيل لهما: إذا نسيتما بعض ما معكما لقيتما رجلا عالمًا يقال له: «خضرٌ».
فلمّا أتيا ذلك المكان ردّ اللّه إلى الحوت روحه فسرب له من الجدّ حتّى أفضى إلى البحر، ثمّ سلك فجعل لا يسلك فيه طريقًا إلا صار الماء جامدًا.
ومضى موسى وفتاه، {فلمّا جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا {62} قال أرأيت إذ أوينا} [الكهف: 62-63] يعني: إذ انتهينا.
وهوتفسير السّدّيّ.
{إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت} أن أذكره، وفي مصحف عبد اللّه: أن أدركه، فرجعا عودهما على بدئهما). [تفسير القرآن العظيم: 1/196-197]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {واتّخذ سبيله في البحر عجبًا}
موسى يعجب من أثر الحوت في البحر.
وهو تفسير مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({واتّخذ سبيله في البحر} سبيلا {عجباً}). [تفسير غريب القرآن: 269]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (النسيان: ضد الحفظ، كقوله: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} ، وقال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} ). [تأويل مشكل القرآن: 500]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا}
والصخرة موضع الموعد).
{قال أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا}
{فإنّي نسيت الحوت}.
وهذا قول يوشع لموسى، حين قال موسى {آتنا غداءنا}.
وكانت السمكة من عدّة غدائهما، فقال: {وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره}.
كسر الهاء وضمها جائزان في (أنسانيه)، (أن أذكره) بدل من الهاء لاشتمال الذكر على الهاء في المعنى، والمعنى وما أنساني أن أذكره إلا الشيطان.
{واتّخذ سبيله في البحر عجبا}.
(عجبا) منصوب على وجهين، على قول يوشع: واتخذ الحوت سبيله في البحر عجبا، ويجوز أن يكون قال يوشع: اتخذ الحوت سبيله في البحر.
فأجابه موسى فقال: (عجبا)، كأنّه قال: أعجب عجبا). [معاني القرآن: 3/300]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فارتدّا على آثارهما قصصًا} [الكهف: 64] فلقيا الخضر.
وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّما سمّي الخضر لأنّه قعد على قرددٍ بيضاء فاهتزّت به خضراء»). [تفسير القرآن العظيم: 1/197]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال ذلك ما كنّا نبغ} [الكهف: 64] قال موسى: ذلك حيث أمرت أن أجد «خضرًا» حيث يفارقني الحوت.
قال يحيى: والخضر هو إلياس.
قوله: {فارتدّا على آثارهما} [الكهف: 64] اتّبع موسى وفتاه الحوت يشقّ البحر راجعًا.
هذا تفسير مجاهدٍ.
قال: {قصصًا} [الكهف: 64] عودهما على بدئهما راجعين حتّى أتيا الصّخرة فاتّبعا أثر الحوت في البحر.
وكان الحوت حيث مرّ جعل يضرب بذنبه يمينًا وشمالا في البحر، فجعل كلّ شيءٍ يضربه الحوت بذنبه ييبس فصار كهيئة طريقٍ في البحر.
فاتّبعا أثره حتّى خرجا إلى جزيرةٍ، فإذا هما بالخضر في روضةٍ يصلّي.
فأتياه من خلفه فسلّم عليه موسى، فأنكر الخضر التّسليم من ذلك الموضع، فرفع رأسه فإذا هو بموسى فعرفه، فقال: وعليك السّلام يا نبيّ بني إسرائيل.
فقال موسى:
[تفسير القرآن العظيم: 1/197]
وما يدريك أنّي رسول بني إسرائيل؟ قال: أدراني بك الّذي أدراك بي). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ذلك ما كنّا نبغ...}
أي هذا الذي كنّا نبغي). [معاني القرآن: 2/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فارتدّا على آثارهما قصصاً} مجازه: نكصا على أدبارهما فرجعا قصصاً، رجعا يقصان الأّثر). [مجاز القرآن: 1/409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {قصصا}: يقص الأثر أي يتبعه). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قصصاً} أي يقتصّان الأثر الذي جاء فيه). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {ذلك ما كنّا نبغي}.
الأكثر في الوقف (نبغ) على اتباع المصحف.
وبعد " نبغ " آية ويجوز وهو أحسن في العربية {ذلك ما كنا نبغي} في الوقف. أما الوصل فالأحسن فيه نبغي بإثبات الياء، وهذا مذهب أبي عمرو، وهو أقوى في العربية.
ومعنى قول موسى (عليه السلام): {ذلك ما كنّا نبغ}، أي ما كنا نريد.
لأنه وعد بالخضر في ذلك المكان الذي تتسرب فيه السمكة.
{فارتدّا على آثارهما قصصا} أي رجعا في الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر قصصا، والقصص اتباع الأثر). [معاني القرآن: 3/300]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال ذلك ما كنا نبغ} أي الذي كنا نبغي لأنه وعد أن يلقى الخضر في الموضع الذي ينسرب فيه).
[معاني القرآن: 4/266]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فارتدا على آثارهم قصصا} أي رجعا في الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر قصصا والقصص اتباع الأثر). [معاني القرآن: 4/266]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قصصا} أي يقصان الأثر الذي جاء فيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَصَصاً}: اتباع الأثر). [العمدة في غريب القرآن: 191]

تفسير قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنّا علما}
يعنى به الخضر، وقيل إنما سمي الخضر لأنه كان إذا صلى في مكان اخضّر ما حوله.
وفيما فعله موسى - وهو من جلّة الأنبياء، وقد أوتي التوراة، من طلبه العلم والرحلة في ذلك ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم.
وإن كان قد بلغ نهايته وأحاط بأكثر ما يدركه أهل زمانه، وأن يتواضع لمن هو أعلم منه). [معاني القرآن: 3/301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فوجدوا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما} يعني به الخضر وقيل إنما سمى الخضر لأنه كان إذا صلى في مكان اخضر ما حوله وفيما فعله موسى وهو من جله الأنبياء وقد أوتى التوراة من طلبه العلم والرحلة في ذلك ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم وإن كان قد بلغ نهايته وأحاط بأكثر ما يدركه أهل زمانه وأن يتواضع لمن هو أعلم منه). [معاني القرآن: 4/267]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشدًا} [الكهف: 66] ترشدني). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشدا }

ورشدا، والفعل والفعل نحو الرشد والرشد كثير في العربية نحو البخل والبخل، والعجم والعجم، والعرب والعرب). [معاني القرآن: 3/301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا} هذا سؤال الملاطف والمخاطب المبالغ في حسن الأدب والمعنى هل يتفق لك ويخف عليك أن تأذن لي في مرافقتك لأقتبس من علمك ما يرشدني وهذا كما في الحديث هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ والرشد والرشد بمعنى واحد وهو كثير في اللغة العربية نحو البخل والبخل والعرب والعرب). [معاني القرآن: 4/268-267]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال إنّك لن تستطيع معي صبرا}
هدا قول الخضر لموسى، ثم أعلمه العلة في ترك الصبر فقال:
{وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} ). [معاني القرآن: 3/301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} هذا قول الخضر لموسى ثم أعلمه العلة في ترك الصبر،
فقال وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا
أي وكيف تصبر على ما ظاهره خطأ ولم تخبر بوجه الحكمة فيه والأنبياء لا يقرون على منكر ولا يسعهم التقرير أي لا يسعك السكوت جريا على عادتك وحكمك).
[معاني القرآن: 4/268]

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا}
أي وكيف تصبر على ما ظاهره منكر، والأنبياء والصالحون لا يصبرون على ما يرونه منكرا). [معاني القرآن: 3/301]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال ستجدني إن شاء اللّه صابرا ولا أعصي لك أمرا} هذا قول موسى للخضر). [معاني القرآن: 3/301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال ستجدني إن شاء الله صابرا}
هذا قول موسى للخضر أي سأصبر بمشيئة الله ولا أعصي لك أمرا أي قد ألزمت نفسي طاعتك ولن أعصي أمرك إن شاء الله). [معاني القرآن: 4/268]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {حتّى أحدث لك منه ذكراً...}
يقول: حتّى أكون أنا الذي أسألك). [معاني القرآن: 2/155]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا }
أي إن أنكرته فلا تعجل بالمسألة إلى أن أبيّن لك الوجه فيه، ونصب (خبرا) على المصدر لأن معنى لم تحط به لم تخبره خبرا، ومثله قول امرئ القيس:
وصرنا إلى الحسنى ورق حديثنا= ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال
لأن معنى رضت أذللت، وكذلك أحطت به في معنى خبرته). [معاني القرآن: 3/302-301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا}
أي إن أنكرته فلا تعجل بالمسألة إلى أن أبين لك الوجه فيه وحتى أكون أنا الذي أفسره لك
شرط عليه قبل بدء الرحلة ألا يسأله ولا يستفسر عن شيء من تصرفاته حتى يكشف له عن سرها فقبل موسى شرطه رعاية لأدب المتعلم مع العالم). [معاني القرآن: 4/269-268]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال إنّك لن تستطيع معي صبرًا {67} وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا {68} قال ستجدني إن شاء اللّه صابرًا ولا أعصي لك أمرًا {69} قال فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيءٍ حتّى أحدث لك منه ذكرًا {70} فانطلقا حتّى إذا ركبا في السّفينة خرقها قال} [الكهف: 67-71] موسى.
{أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا} [الكهف: 71] أتيت شيئًا.
{إمرًا} [الكهف: 71] عظيمًا.
وقال مجاهدٌ: منكرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ليغرق أهلها...}

قرأها يحيى بن وثّاب والحسن بالرفع والياء وقرأها سائر الناس {لتغرق أهلها} ). [معاني القرآن: 2/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {جئت شيئاً إمراً} أي داهيةً نكراً عظيماً، وفي آية أخرى: (شيئاً إدّاً) قال:
قد لقي الأقران مني نكراً= داهيةً دهياء إدّاً إمراً).
[مجاز القرآن: 1/409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {إمرا}: شديدا عظيما). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {شيئاً إمراً} أي عجبا). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فانطلقا حتّى إذا ركبا في السّفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا }أي خرقها الخضر.
{قال أخرقتها لتغرق أهلها}، وليغرق أهلها، وكان خرقها مما يلي الماء، لأن التفسير جاء بأنه خرقها بأن قلع لوحين مما يلي الماء،
فقال: {لقد جئت شيئا إمرا} ومعنى (إمرا) شيئا عظيما من المنكر). [معاني القرآن: 3/302]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها}
انطلق موسى والخضر يمشيان على ساحل البحر حتى مرت بهما سفينة فعرفوا الخضر فحملوهما بدون أجر فلما ركبا في السفينة عمد الخضر إلى فأس فقلع لوحا من ألواح السفينة بعد أن أصبحت في لجة البحر فذلك قوله تعالى: {حتى إذا ركبا في السفينة خرقها} أي خرقها الخضر). [معاني القرآن: 4/269]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} أي قال له موسى منكرا عليه أخرقت السفينة لتغرق ركابها لقد فعلت شيئا عظيما هائلا ومعنى {إمرا} أي شيئا عظيما من المنكر
ويروي أن موسى لما رأى ذلك أخذ ثوبه فجعله مكان الخرق ثم قال للخضر قوم حملونا بغير أجر عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد فعلت أمرا هائلا عظيما
قال {ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا} أي: قال له: الخضر ألم أخبرك من أول الأمر إنك لا تستطيع أن تصبر على ما ترى من صنيعي. ذكره بلطف في مخالفته للشرط). [معاني القرآن: 4/270-269]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {لقد جئت شيئا إمرا} أي: عجبا). [ياقوتة الصراط: 328]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شيئا إمرا} أي عجبا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شيئاً إِمْرا}: عظيما). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرًا}
وكان موسى ينكر الظّلم).
[تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قال ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرا }

فلما رأى موسى أن الخرق لم يدخل منة الماء، وأنّه لم يضر من في السفينة). [معاني القرآن: 3/302]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال له موسى:{لا تؤاخذني بما نسيت} يعني: ذهب منّي ذكره.
تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لا تؤاخذني بما نسيت...}

- ... حدثني يحيى بن المهلّب - وكان من أفاضل أهل الكوفة - عن رجل عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب الأنصاريّ قال: لم ينس ولكنها من معاريض الكلام.
وقوله: {ولا ترهقني} يقول: لا تعجلني). [معاني القرآن: 2/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا ترهقني} أي لا تغشني وقال زهيرٌ:
ومرهّق النّيران يحمد في ال= لأواء غير ملعّن القدر).
[مجاز القرآن: 1/410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا ترهقني}: لا تغشني). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا ترهقني} أي لا تغشني {عسراً} ). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وروى المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله سبحانه، حكاية عن موسى صلّى الله عليه وسلم:
{لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} لم ينس ولكنها من معاريض الكلام.
أراد ابن عباس أنه لم يقل: إني نسيت فيكون كاذبا، ولكنه قال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}، فأوهمه النسيان، ولم ينس ولم يكذب.
ولهذا قيل: إن في المعاريض عن الكذب لمندوحة). [تأويل مشكل القرآن: 267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (النسيان: ضد الحفظ، كقوله: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}، وقال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} ) [تأويل مشكل القرآن: 500] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا }
ومعنى ترهقني تغشّيني، أي عاملني باليسر لا بالعسر). [معاني القرآن: 3/302]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا}
معنى {ترهقني}: تغشيني أي عاملني باليسر لا بالعسر
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كانت الأولى من موسى نسيانا وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر ما علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر). [معاني القرآن: 4/270]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُرْهِقْني}: تغشيني). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ولا ترهقني من أمري عسرًا {73} فانطلقا حتّى إذا لقيا غلامًا فقتله}
- سفيان، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن رجلٍ من بني تميمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: طبع الغلام كافرًا.

قال يحيى: قوله: طبع كافرًا لعلّه لو بلغ كان يكون كافرًا، مثل قوله: {ولا يلدوا إلا فاجرًا كفّارًا} [نوح: 27] أي: من بلغ منهم ثمّ كفر وفجر.
{قال أقتلت نفسًا زكيّةً} [الكهف: 74] أي: لم تذنب.
وقال قتادة: الزّكيّة التّائبة.
{بغير نفسٍ لقد جئت شيئًا نكرًا} [الكهف: 74]
[تفسير القرآن العظيم: 1/198]
ابن مجاهدٍ، عن أبيه، قال: النّكر: المنكر). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أقتلت نفساً (زكيّةً)...}

مرّ بغلام لم تجن جناية رآها موسى فقتله. وقوله (زكيّة) قرأها عاصم ويحيى بن وثاب والحسن (زكيّة) وقرأها أهل الحجاز وأبو الرحمن السّلمي (زاكية) بألف.
وهي مثل قوله: {وجعلنا قلوبهم قاسيةً} (وقسيّة) ). [معاني القرآن: 2/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {زكيّةٍ بغير نفسٍ} أي مطهّرة.
{شيئاً نكراً} أي داهية: أمراً عظيماً). [مجاز القرآن: 1/410]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فانطلقا حتّى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكيّةً بغير نفسٍ لّقد جئت شيئاً نّكراً}
وقال: {حتّى إذا لقيا غلاماً فقتله} قال: {فقتله} لأن اللّقاء كان علة للقتل). [معاني القرآن: 2/79]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{شيئاً نكراً} أي منكرا). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فانطلقا حتّى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكيّة بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا}
معناه فقتله الخضر، {قال أقتلت نفسا زكيّة بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا}.
قالوا في زكية بريئة، أي لم ير ما يوجب قتلها، و (نكرا) أقل من قوله (إمرا)، لأن تغريق من في السفينة كان عنده أنكر من قتل نفس واحدة وقد قيل إنّ (نكرا) ههنا معناه لقد جئت شيئا أنكر من الأمر الأول.
و(نكرا) منصوب على ضربين: أحدهما معناه أتيت شيئا نكرا، ويجوز أن - يكون معناه: جئت بشيء نكر، فلما حذف الباء أفضى الفعل فنصب). [معاني القرآن: 3/303-302]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله}
أي فقبل عذره وانطلقا بعد نزولهما من السفينة يمشيان فمرا بغلمان يلعبون وفيهم غلام وضيء الوجه جميل الصورة فأمسكه الخضر واقتلع رأسه بيده ثم رماه في الأرض قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا أي قال له موسى أقتلت نفسا طاهرة بريئة لم تذنب قط ولم تقتل نفسا حتى تقتل به لقد فعلت شيئا منكرا عظيما لا يمكن السكوت عنه قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا أي قال له الخضر ألم أخبرك أنك لن تستطيع الصبر على ما ترى مني وقره في الأول ثم واجهة بكاف الخطاب بقوله لك لعدم العذر هنا
ومعنى زكية أي بريئة لم ير ما يوجب قتلها
وقال هنا نكرا أي منكرا فظيعا أنكر من الأمر الأول وهو أبلغ من قوله: {إمرا} في الآية السابقة وهو منصوب على ضربين
أحدهما معناه أتيت شيئا نكرا
والثاني معناه جئت بشيء نكر فلما حذف الباء أفضى إلى الفعل فنصبه). [معاني القرآن: 4/272-271]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (زكيه) و(زاَكِيَّةً) بمعنى واحد، بمعنى: مؤمنة). [ياقوتة الصراط: 328]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {نكرا} أي: منكرا). [ياقوتة الصراط: 328]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):{نكرا} منكرا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرًا {75} قال إن سألتك عن شيءٍ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي} [الكهف: 75-76] من عندي.
{عذرًا} [الكهف: 76] قد أعذرت فيما بيني وبينك). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فلا تصاحبني...}

و{فلا تصحبني} نفسك ولا تصحبني أنت كل ذلك صواب والله محمود). [معاني القرآن: 2/155]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (لدن): بمعنى عند، قال تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} أي بلغت من عندي.
وقال: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} أي من عندنا.
وقد تحذف منها النون، كما تحذف من (لم يكن) قال الشاعر:

مِن لَدُ لَحْيَيْهِ إِلَى مَنْحُورِهِ
أي من عند لحييه.
وفيها لغة أخرى أيضا: لدى، قال الله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} أي عند الباب). [تأويل مشكل القرآن: 563] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا }
أي بعد هذه المسألة: {فلا تصاحبني}.
ويقرأ فلا تصحبني، وقراءة شاذة فلا تصحبني..
فمن قرأ فلا تصحبني فإن معناه فلا تكوننّ صاحبي، ومن قرأ فلا تصاحبني فمعناه إن طلبت صحبتك فلا تتابعني على ذلك.
ومن قرأ تصحبني، ففيها بأربعة أوجه، فأجودها فلا تتابعني على ذلك، يقال قد أصحب المهر إذا انقاد، فيكون معناه فلا تتابعني في شيء ألتمسه منك.
ويجوز أن يكون معناه: فلا تصحبني أحدا ولا أعرف لهذا معنى لأن موسى لم يكن سأل الخضر أن يصحبه أحدا.
وقوله: {قد بلغت من لدنّي عذرا}.
ويقرأ من لدني بتخفيف النّون، لأن أصل لّدن الإسكان، فإذا أضفتها إلى نفسك زدت نونا ليعلم سكون النون الأولى، تقول من لدن زيد، فتسكن النون ثم تضيف إلى نفسك،
فتقول من لدنى كما تقول عن زيد وعني. ومن قال من لدني لم يجز أن يقول عني ومني بحذف النون، لأن لدن اسم غير متمكن، ومن وعن حرفان جاءا لمعنى.
ولدن مع ذلك أثقل من " من " و " في ".
والدليل على أن الأسماء يجوز فيها حذف النون قولهم: قدني في معنى حسبي، ويقولون قد زيد فيدخلون النون لما ذكرناه إذا أضيفت.
ويجوز قدي بحذف النون لأن قد اسم غير متمكن.
قال الشاعر (فجاء باللغتين):
قدني من نصر الخبيبين قدي
فأمّا إسكانهم دال لدن فأسكنوها كما يقولون في عضد: عضد.
فيحذفون الصفة). [معاني القرآن: 3/304-303]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا}
أي إن أنكرت عليك بعد هذه المرة واعترضت على ما يصدر منك فلا تصحبني معك فقد أعذرت إلى ونبهتني على مخالفتي الشرط فأنت معذور عندي). [معاني القرآن: 4/272]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {عذرا} أي: أعذاراً). [ياقوتة الصراط: 328]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فانطلقا حتّى إذا أتيا أهل قريةٍ استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقضّ فأقامه} [الكهف: 77] دفعه بيده.
قال له موسى.
{لو شئت لاتّخذت عليه أجرًا} [الكهف: 77] أي: ما يكفينا اليوم). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فأبوا أن يضيّفوهما...}

سألوهم القرى: الإضافة فلم يفعلوا. فلو قرئت) (أن يضيفوهما) كان صواباً. ويقال القرية أنطاكية [وقوله] {يريد أن ينقضّ} يقال: كيف يريد الجدار أن ينقضّ؟
وذلك من كلام العرب أن يقولوا: الجدار يريد أن يسقط. ومثله قول الله {ولمّا سكت عن موسى الغضب} والغضب لا يسكت (إنما يسكت صاحبه) وإنما معناه: سكن،
وقوله: {فإذا عزم الأمر} [و] إنما يعزم الأمر أهله وقد قال الشاعر:
إن دهرا يلفّ شملي بجملٍ = لزمان يهمّ بالإحسان

وقال الآخر:
شكا إلى جملي طول السّرى = صبراً جميلاً فكلانا مبتلى

والجمل لم يشك، إنما تكلّم به على أنه لو نطق لقال ذلك. وكذلك قول عنترة.
فازورّ من وقع القنا بلبانه = وشكا إليّ بعبرة وتحمحم

وقد ذكرت (ينقاض) للجدار والانقياض: الشقّ في طول الجدار وفي طيّ البئر وفي سنّ الرّجل يقال: انقاضت سنّه إذا انشقّت طولاً.
فقال موسى لو شئت [لم تقمه حتّى يقرونا فهو الأجر. وقرأ مجاهد] {لو شئت لتخذت عليه أجراً} وأنشدني القناني:
* تخذها سرّيّةً تقعّده *
وأصلها اتّخذ: افتعل). [معاني القرآن: 2/155-156]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {فأبوا أن يضيّفوهما} أي أن ينزلوهما منزل الأضياف، ويقال: ضفت أنا، وأضافني الذي أنزلني.
{يريد أن ينقضّ} وليس للحائط إرادة ولا للموات ولكنه إذا كان في هذه الحال من ربه فهو إرداته، وهذا قول العرب في غيره
قال الحارثيّ:
يريد الرمح صدر بني براءٍ= ويرغب عن دماء بني عقيل
ومجاز (أن ينقضّ) مجاز يقع، يقال: انقضت الدار إذا انهدمت وسقطت وقرأ قوم أن ينقاضّ ومجازه: أن ينقلع من أصله ويتصدع بمنزلة قولهم: قد انقاضت السن،
أي انصدعت وتقلعت من أصلها، يقال: فراق كقيض السّن أي لا يجتمع أهله، وقال:
فراقٌ كقيض السّنّ فالصّبر إنه= لكل أناسٍ عثرةٌ وجبور

(لو شئت لتخذت عليه أجراً) الخاء مكسورة، ومعناها معنى أخذت فكان مخرجها مخرج فعلت تفعل، قال الممزّق العبديّ:
وقد تخذت رجلي إلى جنب غررها= نسيفاً كأفحوص القطة المطّرق

النسيف موضع العقب الأثر الذي يكون في خلال الرجل؛ وأفحوص القطاة: الموضع الذي تبيض فيه. والمطرق التي تريد أن تبيض، يقال: قد طرّقت المرأة لولدها إذا استقام ليخرج). [مجاز القرآن: 1/410-412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {لاتخذت عليه أجرا}: المعنى اتخذت). [غريب القرآن وتفسيره: 233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {يريد أن ينقضّ} أي ينكسر ويسقط). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ولو قلنا للمنكر لقوله: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} كيف كنت أنت قائلا في جدارٍ رأيته على شفا انهيار: رأيت جدارا ماذا؟ لم يجد بدّا من أن يقول: جدارا يهمّ أن ينقضّ، أو يكاد أن ينقضّ، أو يقارب أن ينقضّ. وأيّا ما قال فقد جعله فاعلا، ولا أحسبه يصل إلى هذا المعنى في شيء من لغات العجم، إلا بمثل هذه الألفاظ.
وأنشدني السّجستاني عن أبي عبيدة في مثل قول الله: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}:
يُرِيدُ الرُّمْحُ صَدْرَ أَبي بَرَاءٍ = وَيَرْغَبُ عَن دِمَاءِ بَني عَقِيل).

[تأويل مشكل القرآن: 133]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها} أي مشيا حتى وصلا إلى قرية، فطلبا طعاما فلم يعطوهما واستضافاهم فلم يضيفوهما
قال ابن عباس هي انطاكية وقال ابن سيرين هي الأيلة). [معاني القرآن: 4/272]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه}
والمعنى وجدا في القرية حائطا مائلا يوشك أن يسقط ويقع فمسحه الخضر بيده فاستقام وقيل إنه هدمه ثم بناه
وروى أن موسى قال للخضر قوم استطعمناهم فلم يطعمونا وضفناهم فلم يضيفونا ثم قعدت تبني لهم الجدار لو شئت لاتخذت عليه أجرا
وقوله تعالى: {يريد أن ينقض} أي يوشك أن يسقط وهذا مجاز وتوسع وهو في كلام العرب وأشعارها كثير فمن ذلك قول عنترة:
وازور من وقع القنا بلبانه = وشكا إلى بعبرة وتحمحم
وقول الآخر:
يريد الرمح صدر أبي براء = ويرغب عن دماء بني عقيل).
[معاني القرآن: 4/273-272]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا} يعني: عاقبته.
وتفسيره هذا تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {هذا فراق بيني وبينك...}

[ولو نصبت الثانية كان صوابا، يتوهم أنه كان (فراق ما بيني وبينك)] ). [معاني القرآن: 2/156]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا}
زعم سيبويه أن معنى مثل هذا التوكيد، والمعنى هذا فراق بيننا أي هذا فراق اتصالنا، قال: ومثل هذا أمر الكلام: أخزى اللّه الكاذب مني ومنك، فذكر بيني وبينك ثانية توكيد، وهذا لا يكون إلا بالواو ولا يجوز: " هذا فراق بيني فبينك " لأن معنى الواو الاجتماع، ومعنى الفاء أن يأتي الثاني في إثر الأول). [معاني القرآن: 3/304]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال هذا فراق بيني وبينك} سيبويه يذهب إلى أن إعادة بين في مثل هذا على التوكيد أي فراق بيننا كما يقال أخزى الله الكاذب مني ومنك أي منا). [معاني القرآن: 4/274]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أمّا السّفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها} ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: أن أخرقها.
قال: {وكان وراءهم} أي: أمامهم.
{ملكٌ يأخذ كلّ سفينةٍ غصبًا} سعيدٌ، عن قتادة، قال: في بعض القراءة: وكان أمامهم ملكٌ يأخذ كلّ سفينةٍ صالحةٍ غصبًا.
قال قتادة: ولعمري لو عمّ السّفن ما انفلتت، ولكن كان يأخذ خيار السّفن). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكان وراءهم مّلكٌ...}

يقول: أمامهم ملك. وهو كقوله: {من ورائه جهنّم} أي أنها بين يديه. ولا يجوز أن تقول لرجل وراءك: هو بين يديك، ولا لرجل هو بين يديك: هو وراءك، إنما يجوز ذلك في المواقيت من الأيّام والليالي والدهر أن تقول: وراءك برد شديد: وبين يديك برد شديد؛ لأنك أنت وراءه فجاز لأنه شيء يأتي، فكأنه إذا لحقك صار من ورائك، وكأنك إذا بلغته صار بين يديك. فلذلك جاز الوجهان). [معاني القرآن: 2/157]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وكان وراءهم ملكٌ} أي بين أيديهم وأمامهم، قال:
أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي= وقومي تميمٌ والفلاة ورائيا
أي أمامي). [مجاز القرآن: 1/412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وكان من وراءهم ملك}: بين أيديهم وأمامهم، كما تقول الموت من ورائك أي بين يديك). [غريب القرآن وتفسيره: 233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكان وراءهم ملكٌ} أمامهم). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(وراء) تكون بمعنى (خلف) وبمعنى (قدّام).
ومنها المواراة والتّواري. فكلّ ما غاب عن عينك فهو وراء، كان قدّامك أو خلفك.
قال الله عز وجل: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}، أي أمامهم.
وقال: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ}، أي أمامهم.
وقال: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ}). [تأويل مشكل القرآن: 189]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أمّا السّفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا}
مساكين: لا ينصرف لأنه جمع لا يكون على مثال الواحد، وكذلك كل جمع نحو مساجد ومفاتيح وطوامير، لا ينصرف كما ذكرنا.
وقد بيّنّا ذلك فيما تقدم في باب ما لا ينصرف.
وقوله: {وكان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا}.
كان يأخذ كل سفينة لا عيب فيها غصبا، فإن كانت عائبة لم يعرض لها. ووراءهم: خلفهم، هذا الأجود الوجهين.
ويجوز أن يكون: كان رجوعهم في طريقهم عليه ولم يكونوا يعلمون بخبره فأعلم اللّه الخضر خبره.
وقيل: {كان وراءهم} معناه كان قدّامهم.
وهذا جاء في العربية، لأنه ما بين يديك وما قدّامك إذا توارى عنك فقد صار وراءك.
قال الشاعر:
أليس ورائي إن تراخت منيّتي= لزوم العصا تثنى عليها الأصابع).
[معاني القرآن: 3/305-304]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر}
أهل اللغة جميعا لا نعلم بينهم اختلافا يقولون المسكين الذي لا شيء له والفقير الذي له الشيء اليسير وأكثر الفقهاء على ضد هذا فيهما ويحتجون بهذه الآية قال أبو جعفر قيل وليس قوله: {كانت لمساكين يعملون في البحر} يدل على أنهم كانوا يملكونها ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من باع عبدا له مال فماله للبائع))
فليس قوله له مال مما يوجب أنه يملكه وهذا كثير جدا منه قول الله جل وعز: {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت}
ومنه قولهم باب الدار وجل الدابة والأشياء تضاف إلى الأشياء ولا يوجب ذلك ملكا فأضيفت إليهم لأنهم كانوا يعملون فيها كما أضيف المال إلى العبد لأنه معه
والاشتقاق يوجب ما قال أهل اللغة لأن مسكينا مأخوذ من السكون وهو عدم الحركة فكأنه بمنزلة الميت
والفقير كأنه الذي كسر فقاره فقد بقيت له بقية ويدل على هذا أيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا أحمد بن منصور الحاسب قال حدثنا علي بن الجعد قال أنبأنا حماد ابن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم عليه السلام يقول إن المسكين ليس بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ويسأل الناس إلحافا) [معاني القرآن: 4/276-274]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس أنه قرأ وكان أمامهم ملك قال أبو جعفر في وراء ههنا قولان: أحدهما أنه بمعنى أمام والآخر أنه بمعنى خلف على بابه كأنه قال على طريقهم إذا رجعوا
والقول الأول أحسن لقراءة ابن عباس رحمه الله به وأن اللغة تجيزه لأن ما توارى عنك فهو وراء فهذا يقع لما كان أماما ثم قال يأخذ كل سفينة غصبا،
وقرأ عثمان رحمه الله كل سفينة صالحة غصبا). [معاني القرآن: 4/277-276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وراءهم ملك} أي أمامهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَراءَهم}: قدامهم). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين}
- سعيدٌ، عن قتادة، قال: في بعض القراءة: وكان أبواه مؤمنين وكان كافرًا.

قال قتادة: ولعمري ما قتله إلا على علمٍ كان عنده.
قوله: {فخشينا أن يرهقهما طغيانًا وكفرًا}
- سعيدٌ، عن قتادة، قال: هي في مصحف عبد اللّه: (فخاف ربّك أن يرهقهما
طغيانًا وكفرًا).
قال يحيى: تفسير فخاف ربّك: فكره ربّك، مثل قوله: {ولكن كره اللّه انبعاثهم} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/199-200]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {فخشينا...}:
فعلمنا.
وهي في قراءة أبيّ (فخاف ربّك أن يرهقهما) على معنى: علم ربّك. وهو مثل قوله: {إلاّ أن يخافا} قال: إلا أن يعلما ويظنّا. والخوف والظنّ يذهب بهما مذهب العلم). [معاني القرآن: 2/157]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أن يرهقهما} أي يغشيهما). [مجاز القرآن: 1/412]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً}
وأما {فخشينا} فمعناه: كرهنا، لأنّ الله لا يخشى. وهو في بعض القراءات {فخاف ربّك} وهو مثل "خفت الرّجلين أن يقولا" وهو لا يخاف من ذلك أكثر من أنه يكرهه لهما). [معاني القرآن: 2/80-79]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(خشيت) بمعنى: (علمت). قال عز وجل: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا}، أي علمنا.
وفي قراءة أبيّ: فخاف ربك.
ومثله: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}. وقوله: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا}، أي علم.
وقوله: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ}، لأنّ في الخشية والمخافة طرفا من العلم). [تأويل مشكل القرآن: 190-191]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا}
{يرهقهما} يحملهما على الرهق وهو الجهل.
وقوله {فخشينا} من كلام الخضر، وقال قوم لا يجوز أن يكون فخشينا عن اللّه، وقالوا دليلنا على أن فخشينا من كلام الخضر قوله {فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيرا}
وهذا جائز أن يكون عن اللّه عزّ وجلّ: (فخشينا) لأن الخشية من اللّه عزّ وجلّ معناه الكراهة، ومعناها من الآدميين الخوف). [معاني القرآن: 3/305]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين}
روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأ وكان أبواه مؤمنين وكان كافرا
وروى أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال طبع على الكفر فألقى على أبويه محبته). [معاني القرآن: 4/278-277]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا} فخشينا أن يرهقهما {فأردنا أن يبدلهما}
قال أبو حاتم هذا من كلام صاحب موسى يعني الخضر وقال غيره هو من قول الله جل وعز فإن قال قائل كيف يجوز أن يكون فخشينا إخبارا عن الله
فالجواب عنه أن الفراء قال: {فخشينا} بمعنى فعلمنا كما يقال ظننا بمعنى علمنا
وقال البصريون: يقال خشيت الشيء بمعنى كرهته وبمعنى فزعت منه كما يقال للرجل أخشى أن يكون كذا وكذا أي أكره
وقال الأخفش: وفي قراءة أبي فخاف ربك أن يرهقهما طغيانا وكفرا
وقال غيره وكذلك هو في مصحف عبد الله والكلام في خفت وخشيت واحد حكى الأخفش خفت أن تقولا بمعنى كرهت أن تقولا
ومعنى {أن يرهقهما} أن يلحقهما أي أن يحملهما على الرهق وهو الجهل
وقال أبو زيد: أرهقته كلفته.). [معاني القرآن: 4/280-278]

تفسير قوله تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيرًا منه زكاةً} [الكهف: 81] في التّقوى.
{وأقرب رحمًا} يعني: برًّا في قول الحسن.
وقال قتادة: وأقرب خيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/200]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خيراً مّنه زكاةً...}

صلاحاً {وأقرب رحماً} يقول: أقرب أن يرحما به. وهو مصدر رحمت). [معاني القرآن: 2/157]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {وأقرب رحماً} معناها معنى رحماً مثل عمر وعمر وهلك وهلك، قال الشاعر:
فلا ومنزّل الفرقا= ن مالك عندها ظلم
وكيف بظلم جاريةٍ= ومنها اللّين والرّحم

قال العجّاج:
ولم تعوّج رحم من تعوّجا). [مجاز القرآن: 1/413-412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({رحما}: عطفا). [غريب القرآن وتفسيره: 233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وأقرب رحماً} أي رحمة وعطفا.
{فأتبع سبباً} أي طريقا). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما}
{فأردنا} بمعنى أراد اللّه - جلّ وعزّ - لأن لفظ الإخبار عن اللّه كذا أكثر من أن يحصى.
ومعنى: {وأقرب رحما} أي أقرب عطفا وأمسّ بالقرابة، والرّحم والرّحم في اللغة العطف والرحمة
قال الشاعر:
وكيف بظلم جارية= ومنها اللين والرّحم
وقوله: {فانطلقا حتّى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما}
وتقرأ أن يضيفوهما. يقال: ضفت الرجل نزلت عليه، وأضفته وضيّفته، إذا أنزلته وقربته
وقوله {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه}.
أي فأقامه الخضر، ومعنى جدارا يريد - والإرادة إنما تكون في الحيوان المبين، والجدار لا يريد إرادة حقيقية، إلّا أن هيئته في التهيؤ للسقوط قد ظهرت كما تظهر أفعال المريدين القاصدين، فوصف بالإرادة إذ الصورتان واحدة، وهذا كثير في الشعر واللغة.
قال الراعي يصف الإبل:
في مهمة قلقت به هاماتها = قلق الفؤوس إذا أردن نضولا
وقال الآخر:
يريد الرمح صدر أبي براء= ويعدل عن دماء بني عقيل
ويقرأ: أن ينقضّ، وأن ينقاضّ، فينقض يسقط بسرعة. وينقاضّ: ينشق طولا.
يقال: "انقاضّ سنّه" إذا انشقت طولا
وقوله: {قال لو شئت لاتّخذت عليه أجرا}.
ويروى: لتخذت، وذلك أنهما لما نزلا القرية لم يضيفهما أهلها، ولا أنزلوهما فقال موسى لو شئت لأخذت أجرة إقامتك هذا الحائط، ويقرأ لتخذت عليه أجرا،
يقال تخذ يتخذ في اتّخذ يتخذ، وأصل تخذ من أخذت وأصل اتخذت ائتخذت). [معاني القرآن: 3/307-305]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما} قال ابن جريج زكاة أي إسلاما
وقال الفراء إصلاحا قال ابن جريج وحدثني عبد الله بن عثمان بن خشم عن سعيد بن جبير قال أبدلا منه جارية قال ابن جريج وهما بها أرحم
قال ابن عباس: أبدلا منه جارية فولدت نبيا.
وحكى الفراء رحمته رحمة ورحمة. وحكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء رحمة الله رحما.
ويجوز على مذهب الخليل رحما بالفتح). [معاني القرآن: 4/281-280]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رحما} رحمة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رُحْماً}: عطفاً). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزٌ لهما} [الكهف: 82] سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: علمٌ.
سفيان، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: علمٌ.
سفيان، عن أبي حصينٍ، عن عكرمة، قال: مالٌ.
وهو قول الحسن.
سعيدٌ، عن قتادة قال: مالٌ.
فلا يقولنّ رجلٌ: ما شأن الكنز أحلّ لمن قبلنا وحرّم علينا، فإنّ اللّه يحلّ من أمره ما شاء لأمّةٍ ويحرّم ما يشاء على أمّةٍ.
قال: {وكان أبوهما صالحًا} [الكهف: 82] يعني: كان ذا أمانةٍ في تفسير السّدّيّ.
قال: {فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمةً من ربّك} [الكهف: 82] لهما.
{وما فعلته} أي ما فعلت ما فعلت.
{عن أمري} إنّما فعلته عن أمر اللّه.
{ذلك تأويل} تبيانٌ.
{ما لم تسطع عليه صبرًا}
[تفسير القرآن العظيم: 1/200]
بلغني أنّهما لم يفترقا حتّى بعث اللّه طيرًا فطار إلى المشرق، ثمّ طار إلى المغرب، ثمّ طار نحو السّماء، ثمّ هبط إلى البحر فتناول من ماء البحر بمنقاره وهما ينظران.
فقال الخضر لموسى: أتعلم ما يقول هذا الطّير؟ يقول: وربّ المشرق، وربّ المغرب، وربّ السّماء السّابعة، وربّ الأرض السّابعة ما علمك يا خضر وعلم موسى في علم اللّه إلا قدر هذا الماء الّذي تناولته من البحر في البحر). [تفسير القرآن العظيم: 1/201]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كنزٌ لّهما...}

يقال: علم.
وقوله: {رحمةً مّن رّبّك} نصب: فعل ذلك رحمة منه. وكلّ فعل رأيته مفسّراً للخبر الذي قبله فهو منصوب. وتعرفه بأن ترى هو وهي تصلحان قبل المصدر. فإذا ألقيتا اتّصل المصدر بالكلام الذي قبله فنصب، كقوله: {فضلاً من ربّك} وكقوله: {إنّك لمن المرسلين على صراطٍ مستقيم تنزيل العزيز الرّحيم} معناه: إنك من المرسلين وهو تنزيل العزيز {وهذا تنزيل العزيز الرحيم} وكذلك قوله: {فيها يفرق كلّ أمرٍ حكيمٍ أمراً من عندنا} معناه: الفرق فيها أمر من عندنا. فإذا ألقيت ما يرفع المصدر اتّصل بما قبله فنصب). [معاني القرآن: 2/157]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربّك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا }
{وكان تحته كنز لهما}.
قيل كان الكنز علما، وقيل كان الكنز مالا، والمعروف في اللغة أن الكنز إذا أفرد فمعناه المال المدفون والمدّخر فإذا لم يكن المال قيل: عنده علم وله كنز فهم، والكنز ههنا بالمال أشبه، لأن العلم لا يكاد يتعدم إلا بمعلّم، والمال لا يحتاج أن ينتفع فيه بغيره، وجائز أن يكون الكنز كان مالا مكتوبا فيه علم، لأنه قد روي أنه كان لوحا من ذهب عليه مكتوب:
" لا إله إلا الله محمد رسول الله "، فهذا مال وعلم عظيم، هو توحيد اللّه عزّ وجلّ وإعلام أن محمدا مبعوث.
وقوله {رحمة من ربّك}.
{رحمة} منصوب على وجهين:
أحدهما: قوله {فأراد ربك} وأردنا ما ذكرنا رحمة أي للرحمة، أي فعلنا ذلك رحمة كما تقول: أنقذتك من الهلكة رحمة بك.
ويجوز أن يكون (رحمة) منصوبا على المصدر.
لأن معنى {فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما}: رحمهما الله بذلك.
وجميع ما ذكر من قوله: {فأردت أن أعيبها}.
ومن قوله {فأردنا أن يبدلهما ربّهما}، معناه رحمهما اللّه رحمة.
وقوله: {وما فعلته عن أمري}.
يدل على أنه فعله بوحي الله عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما} قال سعيد بن جبير ومجاهد علم
وقال قتادة وعكرمة مال
وهذا القول أولى من جهة اللغة لأنه إذا قيل عند فلان كنز فإنما يراد به المال المدفون والمدخر فإن أراد غير ذلك بين فقال عنده كنز علم وكنز فهم ويحتمل أن يكون كما روى أنه لوح من ذهب مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله فهذا يجمع المال والعلم). [معاني القرآن: 4/281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} يدل على أن ذلك كان بوحي). [معاني القرآن: 4/282]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 83 إلى 98]

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)}

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويسألونك عن ذي القرنين} [الكهف: 83] سعيدٌ عن قتادة قال: سألت اليهود نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذي القرنين، فأنزل اللّه: {قل سأتلو عليكم منه ذكرًا} [الكهف: 83] يعني خبرًا.
وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/201]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا }

كانت اليهود سألت عن قصة ذي القرنين على جنس الامتحان.
{قل سأتلو عليكم منه ذكرا}
يقال إنه سمي ذا القرنين لأنه كانت، له ضفيرتان، ويروى عن علي عليه السلام أنه قال سمي ذا القرنين لأنه ضرب على جانب رأسه الأيمن، وجانب رأسه الأيسر، أي ضرب على قرني رأسه.
ويجوز أن يكون على مذهب أهل اللغة أن يكون سمّي ذا القرنين لأنه بلغ قطري الدنيا - مشرق الشمس ومغربها). [معاني القرآن: 3/308-307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا}
روى أبو الطفيل أن ابن الكوا سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذي القرنين أكان نبيا أو ملكا فقال لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ونصح الله فنصحه الله ضرب على قرنه الأيمن فمات فبعثه الله ثم ضرب على قرنه الأيسر فمات ففيكم مثله
قال أبو جعفر وهذا أجل إسناد روى في تسميه بذي القرنين وقد قيل كانت له ضفيرتان وقيل لأنه بلغ قطري الأرض المشرق والمغرب
قال محمد بن إسحاق حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه إن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر اسمه مرزبان بن مردبه اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح قال ابن هشام واسمه الإسكندر وهو الذي بنى الإسكندرية فنسبت إليه
قال محمد بن إسحاق وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي وكان رجلا قد أدرك الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب
وقال خالد سمع عمر بن الخطاب رحمة الله عليه رجلا يقول يا ذا القرنين فقال عمر اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بالنبيين حتى تسميتم بالملائكة). [معاني القرآن: 4/285-283]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّا مكّنّا له في الأرض وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} [الكهف: 84] بلاغًا بحاجته في تفسير الحسن.
وقال السّدّيّ: علمًا.
وفي تفسير قتادة: علمًا، يعني: علمه الّذي أعطي.
بلغنا أنّه ملك مشارق الأرض ومغاربها). [تفسير القرآن العظيم: 1/201]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا}

روى على بن أبي طلحة عن ابن عباس قال علما والمعنى على هذا التفسير علما يصل به إلى المسير في أقطار الأرض). [معاني القرآن: 4/285]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَبَباً}: طريقا). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فأتبع سببًا} [الكهف: 85] طرق الأرض ومعالمها بحاجته في تفسير الحسن.
وقال المعلّى بن هلالٍ عن أبي يحيى عن مجاهدٍ: طرق الأرض ومنازلها.
وقال السّدّيّ: علمًا، يعني: علم منازل الأرض والطّرق.
وقال قتادة: منازل الأرض ومعالمها). [تفسير القرآن العظيم: 1/201]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فأتبع سبباً...}

قرئت (فأتبع) و(اتّبع) وأتبع أحسن من اتّبع، لأن اتّبعت الرجل إذا كان يسير وأنت تسير وراءه. وإذا قلت أتبعته بقطع الألف فكأنك قفوته). [معاني القرآن: 2/158]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأتبع سبباً} أي طريقاً وأثراً ومنهجاً). [مجاز القرآن: 1/413]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السبب والحبل
السّبب أصله: الحبل.
ثم قيل لكل شيء وصلت به إلى موضع، أو حاجة تريدها: سبب.
تقول: فلان سببي إليك، أي وصلني إليك. وما بيني وبينك سبب، أي آصرة رحم، أو عاطفة مودّة.
ومنه قيل للطريق: سبب، لأنّك بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال عز وجل: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي: طريقا.
وأسباب السماء: أبوابها، لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها. قال الله عز وجل- حكاية عن فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}.
وقال زهير:

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه = ولو نالَ أسبابَ السَّمَاءِ بسُلَّمِ).
[تأويل مشكل القرآن: 464]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا مكّنّا له في الأرض وآتيناه من كلّ شيء سببا *[فاتّبع] سببا}
ويقرأ (فأتبع) أي آتيناه من كل شيء ما يبلغ به في التمكّن أقطار الأرض.
(سببا) أي علما يوصله إلى حيث يريد، كما سخر الله عزّ وجل لسليمان الريح.
ومعنى {فأتبع سببا} - واللّه أعلم - أي فاتبع سببا من الأسباب التي أوتي). [معاني القرآن: 3/308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {فاتبع سببا} روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال منزلا وطريقا بين المشرق والمغرب). [معاني القرآن: 4/285]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فأتبع سببا} أي طريقة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ} [الكهف: 86] وهي تقرأ على وجهين: حمئةٍ وحاميةً.
[تفسير القرآن العظيم: 1/201]
- حدّثني المعلّى عن محمّد بن عبيد اللّه عن ابن أبي مليكة قال: مارى ابن عبّاسٍ عمرو بن العاصي في: {عينٍ حمئةٍ} [الكهف: 86] فقال ابن عبّاسٍ: {حمئةٍ} [الكهف: 86]، وقال عمرٌو: «عينٍ حاميةٍ» فجعلا بينهما كعبًا الحبر، فقال كعبٌ: نجدها في التّوراة: تغرب في ماءٍ وطينٍ كما قال ابن عبّاسٍ.
قال يحيى: يعني بالحمأة: الطّين المنتن.
ومن قرأها حاميةٍ يقول: حارّةٍ.
قال: {ووجد عندها قومًا قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب} [الكهف: 86] قال الحسن: يعني القتل.
وذلك حكم اللّه فيمن أظهر الشّرك إلا من حكم عليه بالجزية من أهل الكتاب إذا لم يسلم وأقرّ بالجزية، ومن تقبل منه الجزية اليوم.
{وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنًا} [الكهف: 86] يعني العفو.
تفسير السّدّيّ.
قال: فحكّموه فحكم بينهم، فوافق حكمه حكم اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/202]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {حمئةٍ...}

... حدثني حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس (حمئةٍ) قال: تغرب في عين سوداء.
وكذلك قرأها ابن عباس ... حدثني سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه قرأ (حمئةٍ)، ... حدثني محمد بن عبد العزيز عن مغيرة عن مجاهد أن ابن الزبير قرأ (حامية) وذكر بعض المشيخة عن خصيف عن أبي عبيدة (أن ابن مسعود قرأ) (حاميةٍ).
وقوله: {إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسناً} موضع أن كلتيهما نصب. ولو رفعت كان صواباً أي فإنما هو هذا أو هذا. وأنشدني بعض العرب:
فسيرا فإمّا حاجةٌ تقضيانها = وإما مقيل صالح وصديقا
ولو كان قوله: {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداء} رفعاً كان صواباً؛ والعرب تستأنف بإمّا وإمّا. أنشدني بعض بني عكل:
ومن لا يزل يستودع الناس ماله = تربه على بعض الخطوب الودائع
ترى الناس إمّا جاعلوه وقاية = لمالهم أو تاركوه فضائع
وقايةً ووقاءهم. والنصب على افعل بنا هذا أو هذا، والرفع على هو هذا أو هذا). [معاني القرآن: 2/159-158]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في عينٍ حمئةٍ} تقديرها: فعلةٌ ومرسة وهي مهموزة، لأن مجازها مجاز ذات حمأةٍ، قال:
تجئ بملئها يوماً ويوماً= تجئ بحمأةٍ وقليل ماء
وقال حاتم طيّ:
وسقيت بالماء النّمير ولم= أترك الأطم حمأة الجفر
النمير الماء الذي تسمن عنه الماشية. ومن لم يهمزها جعل مجازه مجاز فعلة من الحرّ الحامي وموضعها حامية). [مجاز القرآن: 1/413]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تغرب في عينٍ حمئةٍ} ذات حمأة. ومن قرأ: حامية، أراد حارة قال الشاعر يذكر ذا القرنين:
فأتي مغيب الشمس عند مآبها في عين ذي خلب وثأط حرمد
والخلب: الطين في بعض اللغات. والثّأط: الحمأة. والحرمد: الأسود). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :( {حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنا}
{حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس وجدها تغرب في عين حامية}
ويقرأ (حمئة) بالهمز فمن قرأ حمئة أراد في عين ذات حمأة، ويقال حمأت البئر إذا أخرجت حمأتها، وأحمأتها - إذا ألقيت فيها الحمأة، وحمئت هي تحمأ فهي حمئة إدا صارت فيها الحمأة.
ومن قرأ حامية بغير همز أراد حارّة، وقد تكون حارّة ذات حمأة.
{ووجد عندها قوما} أي عند العين.
وقوله: {قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنا}.
أباحه اللّه - عزّ وجلّ - هذين الحكمين كما أباح محمدا - صلى الله عليه وسلم - الحكم بين أهل الكتاب أو الإعراض عنهم). [معاني القرآن: 3/309-308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة}
قرأ عبد الله بن مسعود وابن الزبير حامية وقرأ ابن عباس حمئة
قال أبو جعفر حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا عمرو بن ميمون قال سمعت أبا حاضر يقول سمعت ابن عباس يقول كنت عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت ما نقرؤها إلا حمئة فقال لعبد الله بن عمرو كيف تقرؤها يا عبد الله بن عمرو قال كما قرأتها يا أمير المؤمنين فقلت في بيتي يا أمير المؤمنين أنزل القرآن فأرسل معاوية إلى كعب فقال أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال أما في العربية فأنتم أعلم بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب فقلت لابن عباس لو كنت عندك فرفدتك بكلمة تزداد بها بصيرة في حمئة قال ابن عباس ما هي قلت فيما نأثر من قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين من قوله:

بلغ المشارق والمغارب يبتغي = أسباب أمر من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها = في عين ذي خلب وثاط حرمد
فقال ابن عباس ما الخلب فقال الطين بكلامهم قال وما الثاط قلت الحمأة قال وما الحرمد قلت الأسود
قال أبو جعفر فهذا تفسير الحمأة يقال حمئت البئر إذا صارت فيها الحمأة وأحمأتها ألقيت فيها الحمأة وحمأتها أخرجت منها الحمأة
فأما قراءة من قرأ حامية فيحتمل معنيين
أحدهما أن يكون المعنى حمئة فكأنه قال حامئة أي ذات حمأة ثم خففت الهمزة
والمعنى الآخر أن يكون بمعنى حارة ويحوز أن تكون حارة وهي ذات حمأ والله أعلم بحقيقته قال القتبي يجوز أن تكون هذه العين من البحر ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها فيقام حرف الصفة مقام صاحبة والله أعلم بذلك). [معاني القرآن: 4/288-285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا}
قال إبراهيم بن السري خيره بين هذين كما خير محمدا صلى الله عليه وسلم فقال فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم
وقال علي بن سليمان المعنى قلنا يا محمد قالوا يا ذا القرنين
قال لأن بعده قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا
فكيف يقول لربه ثم يرد إلى ربه وكيف يقول فسوف تعذبه والعبد لا يخاطب بهذا ولم يصح أن ذا القرنين نبي فيقول الله قلنا يا ذا القرنين
قال أبو جعفر وهذا موضع مشكل وليس بممتنع حذف القول والله أعلم بما أراد). [معاني القرآن: 4/289-288]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {في عين حمئة} و(حامية) فحمئة: كثيرة الحمأة، وحاميه: حارة). [ياقوتة الصراط: 329-328]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حمئة} أي ذات حمأة. ومن قرأ (حامية) أراد حارة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال أمّا من ظلم} [الكهف: 87] يعني: من الشّرك.
{فسوف نعذّبه} [الكهف: 87] يعني: القتل.
{ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه عذابًا نكرًا} [الكهف: 87] عظيمًا في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/202]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قال أمّا من ظلم فسوف نعذّبه ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه عذابا نكرا}

أي فسوف نعذّبه بالقتل وعذاب اللّه إيّاه بالنار أنكر من عذاب القتل). [معاني القرآن: 3/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة}
قرأ عبد الله بن مسعود وابن الزبير حامية وقرأ ابن عباس حمئة
قال أبو جعفر حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا عمرو بن ميمون قال سمعت أبا حاضر يقول سمعت ابن عباس يقول كنت عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت ما نقرؤها إلا حمئة فقال لعبد الله بن عمرو كيف تقرؤها يا عبد الله بن عمرو قال كما قرأتها يا أمير المؤمنين فقلت في بيتي يا أمير المؤمنين أنزل القرآن
فأرسل معاوية إلى كعب فقال أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال أما في العربية فأنتم أعلم بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب فقلت لابن عباس لو كنت عندك فرفدتك بكلمة تزداد بها بصيرة في حمئة قال ابن عباس ما هي قلت فيما نأثر من قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين من قوله:

بلغ المشارق والمغارب يبتغي = أسباب أمر من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها = في عين ذي خلب وثاط حرمد
فقال ابن عباس ما الخلب فقال الطين بكلامهم قال وما الثاط قلت الحمأة قال وما الحرمد قلت الأسود
قال أبو جعفر فهذا تفسير الحمأة يقال حمئت البئر إذا صارت فيها الحمأة وأحمأتها ألقيت فيها الحمأة وحمأتها أخرجت منها الحمأة
فأما قراءة من قرأ حامية فيحتمل معنيين
أحدهما أن يكون المعنى حمئة فكأنه قال حامئة أي ذات حمأة ثم خففت الهمزة
والمعنى الآخر أن يكون بمعنى حارة
ويحوز أن تكون حارة وهي ذات حمأ والله أعلم بحقيقته قال القتبي يجوز أن تكون هذه العين من البحر ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها فيقام حرف الصفة مقام صاحبة والله اعلم بذلك). [معاني القرآن: 4/288-285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وروى معمر عن قتادة في قوله جل وعز: {فسوف نعذبه} قال بالقتل). [معاني القرآن: 4/289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا} لأن عذاب الآخرة أنكر من القتل). [معاني القرآن: 4/290-289]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وأمّا من آمن وعمل صالحًا فله جزاءً الحسنى} [الكهف: 88] سفيان عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: {فله جزاءً الحسنى} [الكهف: 88] قال: هي لا إله إلا اللّه، أي: الحسنى: هي لا إله إلا اللّه.
سفيان عن أبي هاشمٍ صاحب الرّمّان عن مجاهدٍ قال: الجنّة.
وقال السّدّيّ: {فله جزاءً الحسنى} [الكهف: 88] يعني: العفو.
{وسنقول له من أمرنا} [الكهف: 88] ما صحبناه في الدّنيا وصحبنا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/202]
{يسرًا} [الكهف: 88] يعني العارف.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: {من أمرنا يسرًا} [الكهف: 88] معروفًا وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فله جزاء الحسنى...}

أي فله جزاء الحسنى نصبت الجزاء على التفسير وهذا مما فسّرت لك. وقوله: {جزاء الحسنى} مضاف. وقد تكون الحسنى حسناته فهو جزاؤها. وتكون الحسنى الجنة، تضيف الجزاء إليها، وهي هو، كما قال {حقّ اليقين} و{دين القيّمة} {ولدار الآخرة خيرٌ} ولو جعلت (الحسنى) رفعاً وقد رفعت الجزاء ونوّنت فيه كان وجهاً. ولم يقرأ به أحد.
فتكون كقراءة مسروق {إنّا زيّنا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب} فخفض الكواكب ترجمة عن الزينة). [معاني القرآن: 2/159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأمّا من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا}
{وأمّا من آمن وعمل صالحا فله [جزاء] الحسنى}
وتقرأ {جزاء الحسنى}، المعنى فله الحسنى جزاء، وجزاء مصدر موضوع في موضع الحال.
المعنى فله الحسنى مجزيّا بها جزاء.
ومن قرأ {جزاء الحسنى}، أضاف جزاء إلى الحسنى.
وقد قرئ بهما جميعا.
{وسنقول له من أمرنا يسرا} أي نقول له قولا جميلا). [معاني القرآن: 3/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى} قيل الحسنى ههنا الجنة ويقرأ فله جزاء الحسنى
أي الإحسان). [معاني القرآن: 4/290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وسنقول له من أمرنا يسرا} أي قولا جميلا). [معاني القرآن: 4/290]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ثمّ أتبع سببًا} [الكهف: 89] طرق الأرض ومعالمها لحاجته على ما وصفت من تفسيرهم فيها). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)
: ( {ثم اتبع سببا}: طريقا وأثرا).
[غريب القرآن وتفسيره: 233]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ثمّ أتبع سببا}
أي سببا آخر مما يوصله إلى قطر من أقطار الأرض). [معاني القرآن: 3/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: (ثم اتبع سببا) ويقرأ {ثم أتبع} بقطع الألف أي سببا من الأسباب التي تؤديه إلى أقطار الأرض
قال الأصمعي يقال أتبعت القوم بقطع الألف أي لحقتهم واتبعتهم بوصل الألف إذا مررت في آثارهم وإن لم تلحقهم). [معاني القرآن: 4/291-290]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} [الكهف: 90] سعيدٌ عن قتادة قال: ذكر لنا أنّهم كانوا في مكانٍ لا يستقرّ عليهم البناء وأنّهم يكونون في أسرابٍ لهم حتّى إذا زالت عنهم الشّمس خرجوا في معائشهم وحروثهم.
وقال الحسن: إذا طلعت الشّمس انسربوا في البحر فكانوا فيه حتّى تغيب الشّمس، فإذا غابت الشّمس خرجوا فتسوّقوا وتبايعوا في أسواقهم وقضوا حوائجهم باللّيل). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لّم نجعل لّهم مّن دونها ستراً...}

يقول: لا جبل ولا ستر ولا شجر؛ هم عراة). [معاني القرآن: 2/159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا }
أي: لم نجعل لهم شيئا يظلهم من سقف ولا لباس). [معاني القرآن: 3/310]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا}
أي ليس لهم بنيان ولا قمص
قال الحسن إذا طلعت نزلوا الماء حتى تغرب
فأما معنى كذلك فقيل فيه حكمهم كحكم الذين تغرب عليهم الشمس أي هم كأولئك). [معاني القرآن: 4/291]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرًا} [الكهف: 91] أي: هكذا كان ما قصّ من أمر ذي القرنين). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {كذلك} يجوز أن يكون وجدها تطلع على قوم كذلك القبيل الذين كانوا عند مغرب الشمس، وأن حكمهم حكم أولئك).
[معاني القرآن: 3/310]


تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ثمّ أتبع سببًا} [الكهف: 92] طرق الأرض ومعالمها لحاجته في تفسير الحسن.
سعيدٌ عن قتادة قال: جبلان، يعني بين الجبلين). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ثمّ أتبع سببا}
أي سببا ثالثا مما يبلغه قطرا من أقطار الأرض). [معاني القرآن: 3/310]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وجد من دونهما قومًا لا يكادون يفقهون قولا} [الكهف: 93] كلام غيرهم.
وهي تقرأ على وجهٍ آخر: {لا يكادون يفقهون قولا} [الكهف: 93] لا يفقه أحدٌ كلامهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {بين السّدّين} مضموم إذا جعلوه مخلوقاً من فعل الله وإن كان من فعل الآدميين فهو سدّ، مفتوح). [مجاز القرآن: 1/414]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {السدين}: قال بعض المشيخة. ما كان من فعل الله فهو سد. وقرؤا التي في يسين سدا {ومن خلفهم سدا}
وما كان من فعل الناس فهو سد. وقال قوم هما لغتان بمعنى واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 234-233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بين السّدّين} أي بين الجبلين. ويقال للجبل: سدّ). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حتّى إذا بلغ بين السّدّين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا}
{حتّى إذا بلغ بين السّدّين}
ويقرأ {بين السّدّين}. وقيل ما كان مسدودا خلقة فهو سدّ، وما كان من عمل الناس فهو سدّ.
وقوله: {وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا}.
ويقرأ يفقهون، فمعناه لا يكادون يفهمون). [معاني القرآن: 3/310]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم اتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين} ويقرأ (السدين)
وقد فرق بينهما أبو عمرو وجماعة من أهل اللغة
فقال بعضهم السد ما كان من صنع الله والسد بالفتح ما كان من صنع الآدميين وقيل السد ما رأيته والسد ما ستر عينيك والصحيح في هذا ما قاله الكسائي أنهما لغتان بمعنى وإن زيد في هذا قيل السد المصدر والسد الاسم). [معاني القرآن: 4/292-291] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالوا يا ذا القرنين إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} [الكهف: 94] يعني: قاتلين النّاس في الأرض.
تفسير السّدّيّ.
يعني أرض العرب، أرض الإسلام.
{فهل نجعل لك خرجًا} [الكهف: 94] قال قتادة: جعلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/204]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يأجوج ومأجوج...}

همزهما عاصم ولم يهمزهما غيره [وقوله: {فهل نجعل لك خرجاً}] الخراج الاسم الأوّل. والخرج كالمصدر كأنه الجعل). [معاني القرآن: 2/159]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يأجوج ومأجوج} لا ينصرفان، وبعضهم يهمز ألقيهما وبعضهم لا يهمزها، قال رؤبة:
لو أن يأجوج ومأجوج معا= وعاد عادٌ واستجاشوا نبّعا
فلم يصرّفها). [مجاز القرآن: 1/414]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا يا ذا القرنين إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سدّاً}
وقال: {يأجوج ومأجوج} فهمز وجعل الألف من الأصل وجعل "يأجوج" من "يفعول" و"مأجوج" [من] "مفعول" والذي لا يهمز يجعل الألفين فيهما زائدتين ويعجلهما من فعل مختلف ويجعل "ياجوج" من "يججت" وماجوج من "مججت"). [معاني القرآن: 2/80]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا يا ذا القرنين إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدّا}
وتقرأ بالهمز في يأجوج ومأجوج، ويقرأ بغير همز، وهما اسمان أعجميان لا ينصرفان لأنهما معرفة.
وقال بعض أهل اللغة: من همز كأنّه يجعله من أجّة الحرّ، ومن قوله: {ملح أجاج}.
وأجّة الحر شدته وتوقده.
ومن هذا قولهم أجّجت النّار ويكون التقدير في يأجوج يفعول، وفي مأجوج مفعول، وجائز أن يكون ترك الهمز على هذا المعنى، ويجوز أن يكون " ماجوج " فاعول، وكذلك ياجوج، وهذا لو كان الاسمان عربيين لكان هذا اشتقاقهما، فأما الأعجمية فلا تشتق من العربية.
وقوله: {فهل نجعل لك خرجا}.
وتقرأ (خراجا). فمن قرأ خرجا، فالخرج الفيء -، والخراج الضريبة وقيل الجزية، والخراج عند النحويين الاسم لما يخرج من الفرائض في الأموال، والخرج المصدر.
وقوله عزّ وجلّ: {على أن تجعل بيننا وبينهم سدّا}.
أي تجعل بيننا وبين يأجوج وماجوج). [معاني القرآن: 3/310]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا} ويقرأ (خراجا)
قال الفراء الخرج المصدر والخراج الاسم
وروى معمر عن قتادة خرجا قال عطية
وكذلك هو في اللغة يقال لك عندي خرج أي عطية وجعل والخراج هو المتعارف وإن كان أصله من ذا). [معاني القرآن: 4/293-292]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {خرجا} الخرج على الرؤوس، والخراج على الأرضين). [ياقوتة الصراط: 329]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({على أن تجعل بيننا وبينهم سدًّا {94} قال ما مكّنّي فيه ربّي خيرٌ} [الكهف: 94-95] من جعلكم.
{فأعينوني بقوّةٍ} [الكهف: 95] يعني عددًا من الرّجال في تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/204]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ما مكّنّي...}

أدغمت نونه في النون التي بعدها. وقد ذكر عن مجاهد (ذكره أبو طلحة الناقط ما يحضرني عن غيره) قال: (ما مكّنني) بنونين ظاهرتين وهو الأصل). [معاني القرآن: 2/159]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال ما مكّنّي فيه ربّي خيرٌ فأعينوني بقوّةٍ أجعل بينكم وبينهم ردماً}
وقال: {ما مكّنّي فيه ربّي خيرٌ} فادغم ورفع بقوله: {خيرٌ} لأن {ما مكّنّي} اسم مستأنف). [معاني القرآن: 2/80]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الردم}: شبه الحائط). [غريب القرآن وتفسيره: 234]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال ما مكّنّي فيه ربّي خير فأعينوني بقوّة أجعل بينكم وبينهم ردما}
ويجوز.. ما مكنني بنونين، أي الذي مكنني فيه ربّي خير لي مما يجعلون لي من الخراج.
فمن قرأ (مكني) أدغم النون في النون لاجتماع النونين.
ومن قرأ (مكنني) بنونين أظهر النونين لأنهما من كلمتين.
الأولى من فعل والثانية تدخل مع الاسم المضمر.
وقوله: {فأعينوني بقوّة} أي بعمل تعملونه معي لا بمال
{أجعل بينكم وبينهم ردما} والردم في اللغة أكثر من السد، لأنّ الردم ما جعل بعضه على بعض يقال: ثوب مردّم، إذا كان قد رقع رقعة فوق رقعة). [معاني القرآن: 3/311-310]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال ما مكني فيه ربي خير} أي خير مما بذلتم لي). [معاني القرآن: 4/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما} والردم في اللغة أكثر من السد لأنه شيء متكاثف بعضه على بعض وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس بين السدين الجبلين أرمينية وأذربيجان). [معاني القرآن: 4/293]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الرَّدْم): السد، الحائط). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أجعل بينكم وبينهم ردمًا {95} آتوني} [الكهف: 95-96] أعطوني.
{زبر الحديد} [الكهف: 96] قطع الحديد.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: قطع الحديد.
{حتّى إذا جعله نارًا} [الكهف: 96] يعني: أحماه بالنّار.
قال: {آتوني} [الكهف: 96] أعطوني.
{أفرغ عليه قطرًا} [الكهف: 96] فيها تقديمٌ.
أعطوني قطرًا أفرغ عليه.
والقطر: النّحاس.
فجعل أساسه الحديد، وجعل ملاطه النّحاس ليلزمه.
تفسير قتادة.
سعيدٌ، عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه قد رأيت سدّ يأجوج ومأجوح قال: «انعته لي».
فقال: هو كالبرد المحبّر، طريقةٌ سوداء وطريقةٌ حمراء.
قال: «قد رأيته»). [تفسير القرآن العظيم: 1/204]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {حتّى إذا ساوى بين الصّدفين...}

و(الصّدفين) و(الصّدفين) ساوى وسوّى بينهما واحد.
[قوله: {آتوني أفرغ عليه}]: قرأ حمزة والأعمش (قال أتوني) (مقصورة) فنصبا القطر بها وجعلاها (من جيئوني) و(آتوني) أعطوني. إذا طوّلت الألف كان جيّدا {آتنا غداءنا}:
آتوني قطرا أفرغ عليه. وإذا لم تطوّل الألف أدخلت الياء في المنصوب فقلت ائتنا بغدائنا. وقول حمزة والأعمش صواب جائز من وجهين. يكون مثل قولك: أخذت الخطام وأخذت بالخطام. ويكون على ترك الهمزة الأولى في (آتوني) فإذا أسقطت الأولى همزت الثانية). [معاني القرآن: 2/160-159]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {زبر الحديد} أي قطع الحديد واحدتها زبرة.
{بين الصّدفين} فبعضهم يضمها وبعضهم يفتحها ويحرّك الدال، ومجازهما ما بين الناحيتين من الجبلين، وقال:
قد أخذت ما بين عرض الصّدفين= ناحيتيها وأعالي الرّكنيين
{أفرغ عليه قطراً} أي أصبّ عليه حديداً ذائباً، قال:
حساماً كلون الملح صافٍ حديده= جرازاً من أقطار الحديد المنعّت
جمع قطرٍ، وجعله قوم الرّصاص النّقر). [مجاز القرآن: 1/415-414]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {زبر الحديد}: واحده زبرة وهي القطعة العظيمة.
{بين الصدفين}: جنبي الجبل وقد قرئت الصدفين.
{أفرغ عليه قطرا}: أي نحاسا). [غريب القرآن وتفسيره: 234]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {زبر الحديد} قطعه. واحدها: زبرة. والزّبر: القطع.
و(القطر) النّحاس). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {آتوني زبر الحديد حتّى إذا ساوى بين الصّدفين قال انفخوا حتّى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا }
أي قطع الحديد، وواحد الزبر زبرة، وهى القطعة العظيمة.
وقوله: {حتّى إذا ساوى بين الصّدفين} وتقرأ الصّدفين والصّدفين، وهما ناحيتا الجبل.
وقوله: {قال انفخوا}.
وهو أن أخذ قطع الحديد العظام وجعل بينها الحطب والفحم ووضع عليها المنافيخ حتى إذا صارت كالنار، وهو قوله: (حتّى إذا جعله نارا).
والحديد إذا أحمي بالفحم والمنفاخ صار كالنّار.
وقوله: {آتوني أفرغ عليه قطرا} المعنى: أعطوني قطرا وهو النحاس.
فصب النحاس المذاب على الحديد الذي قد صار كالزيت فاختلط ولصق بعضه ببعض حتى صار جبلا صلدا من حديد ونحاس.
ويقال إنه بناحية أرمينية). [معاني القرآن: 3/312-311]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {آتوني زبر الحديد الزبر} القطع الكبار من الحديد). [معاني القرآن: 4/294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {حتى إذا ساوى بين الصدفين} روى علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال الجبلين). [معاني القرآن: 4/294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال انفخوا حتى إذا جعله نارا}
قيل جعل قطع الحديد وجعل بينهما الحطب والفحم وأوقد عليها والحديد إذا أوقد عليه صار كالنار فذلك قوله: {حتى إذا جعله نارا}
ثم أذاب الصفر فأفرغه عليه فذلك قوله تعالى: {قال آتوني أفرغ عليه قطرا} أي أعطوني قطرا أفرغ عليه ومن قرأ ائتوني فالمعنى عنده تعالوا أفرغ عليه نحاسا). [معاني القرآن: 4/294-295]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {زبر الحديد} أي: قطع الحديد، واحدها: زبرة). [ياقوتة الصراط: 329]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بين الصدفين} يعني جانبي الجبل). [ياقوتة الصراط: 330]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :{سآوي} وسوى: بمعنى واحد). [ياقوتة الصراط: 330]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {عليه قطرا} قال القطر: النحاس). [ياقوتة الصراط: 330]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {زُبَرَ الحديد}: قطع.
{الصَّدَفيْن}: جانبا الجبل.
{قِطْراً}: نحاسا). [العمدة في غريب القرآن: 193-192]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فما اسطاعوا أن يظهروه} [الكهف: 97] من فوقه أو يظهروا عليه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/204]
{وما استطاعوا له نقبًا} [الكهف: 97] من أسفله، وهذا تفسير قتادة.
وقال السّدّيّ: {أن يظهروه} [الكهف: 97] يعني: يرتقوه فيعلوه.
- سعيدٌ عن قتادة عن أبي رافعٍ، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " إنّ يأجوج ومأجوج يخرقونه كلّ يومٍ حتّى إذا كادوا يرون شعاع الشّمس، قال الّذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدًا.
فيعيده اللّه كأشدّ ما كان.
حتّى إذا بلغت مدّتهم وأراد اللّه أن يبعثهم على النّاس حفروا، حتّى إذا كادوا يرون شعاع الشّمس، قال الّذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه إن شاء اللّه غدًا، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه، فيخرقونه، فيخرجون على النّاس فينشفون المياه ويتحصّن النّاس منهم في حصونهم، فيرمون سهامهم إلى السّماء فترجع كهيئة الدّماء فيقولون: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السّماء،
فيبعث اللّه عليهم نغفًا في أقفائهم فيقتلهم بها.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده إنّ دوابّ الأرض لتسمن وتشكر من لحومهم شكرًا»). [تفسير القرآن العظيم: 1/205]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فما استطاعوا أن يظهروه} أي أن يعلوه، ويقال: ظهرت فوق الجبل وفوق البيت، أي علوته). [مجاز القرآن: 1/415]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً}
وقال: {فما اسطاعوا} لأن لغة للعرب تقول "اسطاع" "يسطيع" يريدون به "استطاع" "يستطيع" ولكن حذفوا التاء إذا جامعت الطاء لأن مخرجهما واحد وقال بعضهم "استاع" فحذف الطاء لذلك وقال بعضهم "أسطاع" "يسطيع" فجعلها من القطع كأنها "أطاع" "يطيع" فجعل السين عوضا عن إسكان الياء). [معاني القرآن: 2/80]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أن يظهروه}: أي يعلوه). [غريب القرآن وتفسيره: 235]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فما اسطاعوا أن يظهروه} أي يعلوه. يقال: ظهر فلان السّطح، أي علاه). [تفسير غريب القرآن: 271]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا}
أي ما قدروا أن يعلو عليه لارتفاعه واملساسه وما استطاعوا أن ينقبوه.
وقوله: {فما اسطاعوا} بغير تاء أصلها استطاعوا بالتاء، ولكن التاء والطاء من مخرج واحد، فحذفت التاء لاجتماعهما ويخف اللفظ، ومن العرب من يقول: فما استاعوا بغير طاء،
ولا تجوز القراءة بها.
ومنهم من يقول: فما اسطاعوا بقطع الألف، المعنى فما أطاعوا، فزادوا السين.
قال الخليل وسيبويه: زادوهما عوضا من ذهاب حركة الواو، لأن الأصل في أطاع أطوع.
فأمّا من قرأ فما اسطاعوا - بإدغام السين في الطاء - فلاحن مخطئ.
زعم ذلك النحويون، الخليل ويونس وسيبويه، وجميع من قال بقولهم. وحجتهم في ذلك أن السين ساكنة فإذا أدغمت التاء صارت طاء ساكنة، ولا يجمع بين ساكنين.
ومن قال: اطرح حركة التاء على السين فأقول: فما اسطاعوا فخطأ أيضا، لأن سين استفعل لم تحرك قط). [معاني القرآن: 3/312]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قال جل اسمه {فما اسطاعوا أن يظهروه} أي أن يعلوا عليه لطوله واملاسه
يقال ظهرت على السطح أي علوت عليه
قال كعب فهم يعالجون فيه كل يوم فإذا أمسوا قالوا غدا ننقضه ولا يوفق لهم أن يقولوا إن شاء الله فإذا أذن الله في إخراجهم قالوا إن شاء الله فينقضونه فيخرجون فيشرب أولهم دجله والفرات حتى يمر آخرهم فيقول قد كان هاهنا مرة ماء ويتأذى بهم أهل الأرض ويدعو عليهم عيسى صلى الله عليه وسلم فيهلكون). [معاني القرآن: 4/295]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أن يظهروه} أن يعلوا عليه بالتسلق). [ياقوتة الصراط: 330]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {نقبا} أي: ثقبا). [ياقوتة الصراط: 330]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :{اسطاعوا} واستطاعوا واحد، أي: ما قدروا). [ياقوتة الصراط: 331]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أن يظهروه} أي يعلوه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَظْهَرُوهُ}: يعلوه). [العمدة في غريب القرآن: 193]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال هذا رحمةٌ من ربّي فإذا جاء وعد ربّي} [الكهف: 98] يعني: خروجهم.
{جعله دكّاء} [الكهف: 98] سعيدٌ، عن قتادة قال: يعني الجبلين، أي: يعفر بعضه على بعضٍ.
قال يحيى: يعني السّدّ.
وهي تقرأ على وجهٍ آخر: دكّاء ممدودةً، أي: أرضٌ مستويةٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/205]
{وكان وعد ربّي حقًّا} [الكهف: 98]
- ابن لهيعة، عن عبد الرّحمن بن زيادٍ، عن سعد بن مسعودٍ، عن رجلين حدّثا أنّ عقبة بن عامرٍ الجهنيّ حدّثهما، قال: كان يومي الّذي كنت أخدم فيه النّبيّ، فخرجت من عنده فإذا أنا برجالٍ من أهل الكتاب معهم مصاحف أو كتبٌ، فقالوا: استأذن لنا على رسول اللّه.
فانصرفت إليه فأخبرته بمكانهم، فقال: " ما لي ولهم يسألونني عمّا لا أدري، إنّما أنا عبدٌ لا أعلم إلا ما علّمني اللّه.
ثمّ قال: أبلغني وضوءًا فأتيته بوضوءٍ، فتوضّأ ثمّ قام إلى المسجد في بيته فركع ركعتين، فما انصرف حتّى بدا لي السّرور في وجهه ثمّ انصرف، فقال: أدخلهم ومن وجدت بالباب من أصحابي.
فأدخلتهم، فلمّا وقفوا عليه قال: إن شئتم أخبرتكم بما أردتم أن تسألوني عنه قبل أن تتكلّموا، وإن شئتم سألتم وأخبرتكم.
قالوا: بل أخبرنا بما جئنا له قبل أن نتكلّم.
قال: جئتم تسألوني هكذا عن ذي القرنين، وسوف أخبركم كما تجدونه في كتبكم مكتوبًا.
إنّ أوّل أمره أنّه كان غلامًا من الرّوم وأعطي ملكًا، فسار حتّى أتى أرض مصر فبنى عندها مدينةً يقال لها: الإسكندريّة، فلمّا فرغ من بنيانها، أتاه ملكٌ فعرج به حتّى استقلّه فرفعه ثمّ قال: انظر ما تحتك.
قال: أرى مدينتي وأرى مدائن معها.
ثمّ عرج به فقال: انظر.
فقال: قد اختلطت مدينتي مع المدائن.
ثمّ زاد فقال: انظر.
فقال: أرى مدينتي وحدها لا أرى غيرها.
فقال الملك: إنّما تلك أرضٌ كلّها، وهذا السّواد البحر، وإنّما أراد اللّه أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانًا فيها، فسر في الأرض، فعلّم الجاهل، وثبّت العالم.
فسار حتّى بلغ مغرب الشّمس، ثمّ سار حتّى بلغ مطلع الشّمس، ثمّ أتى السّدّين وهما جبلان ليّنان يزلق عنهما كلّ شيءٍ، فبنى السّدّ فوجد يأجوج ومأجوج يقاتلون قومًا، وجوههم كوجوه الكلاب، ثمّ قطعهم فوجد أمّةً قصارًا يقاتلون الّذين وجوههم كوجوه الكلاب، ثمّ مضى فوجد أمّةً من الغرانيق يقاتلون القوم القصار، ثمّ مضى فوجد أمّةً من الحيّات تلتقم الحيّة منها الصّخرة
العظيمة، ثمّ أفضى إلى البحر المدير بالأرض.
فقالوا: نحن نشهد أنّ أمره كان هكذا وإنّا نجده في كتابنا هكذا ".
[تفسير القرآن العظيم: 1/206]
- عاصم بن حكيمٍ، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابرٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ من بعد يأجوج ومأجوج لثلاث أممٍ لا يعلم عدّتهم إلا اللّه هاويل وتارس ومنسك.
- سفيان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن أبي الطّفيل أنّ عليًّا سئل عن ذي القرنين، فقال: لم يكن ملكًا ولا نبيًّا، ولكنّه كان عبدًا صالحًا ناصح اللّه فنصحه، دعا قومه إلى الإيمان فلم يجيبوه، فضربوه على قرنه فقتلوه.
فأحياه اللّه، ثمّ دعا قومه أيضًا فضربوه على قرنه فقتلوه.
فأحياه اللّه فسمّي ذا القرنين.
- الحسن بن دينارٍ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عروة، عن ابن مسعودٍ الثّقفيّ قال: حدّثني ابن أخي أو ابن عمّي قال: قلت لعبد اللّه بن عمرٍو: يأجوج ومأجوج الأذرع هم أم الأشبار؟ قال: يابن أخي ما أجد من ولد آدم بأعظم منهم ولا أطول، ولا يموت الميّت منهم حتّى يولد له ألفٌ فصاعدًا.
قال: فقلت ما طعامهم؟ قال: هم في ماءٍ ما شربوا، وفي شجرٍ ما هضموا، وفي نساءٍ ما نكحوا.
يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه قال: بلغني أنّ هؤلاء التّرك ممّا سقط من دون الرّوم من ولد يأجوج ومأجوج.
- صاحبٌ له، عن سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي الزّعراء، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: يخرج يأجوج ومأجوج يموجون في الأرض فيفسدون فيها ثمّ قرأ عبد اللّه: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} [الأنبياء: 96].
ثمّ يبعث اللّه عليهم دابّةً مثل النّغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها.
قال: فتنتن الأرض منهم فتجأر إلى اللّه فيرسل اللّه ماءً فيطهّر الأرض منهم.
أبو أميّة، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضّيف، عن كعبٍ قال: إنّ يأجوج ومأجوج ينقّرون كلّ يومٍ بمناقيرهم في السّدّ فيشرعون فيه فإذا أمسوا قالوا: نرجع غدًا فنفرغ منه، فيصبحون وقد عاد كما كان، فإذا أراد اللّه خروجهم قذف على ألسن بعضهم الاستثناء فقال: نرجع غدًا إن شاء اللّه فنفرغ منه، فيصبحون
[تفسير القرآن العظيم: 1/207]
وهو كما تركوه، فينقّبونه ويخرجون على النّاس، فلا يأتون على شيءٍ
إلا أفسدوه.
فيمرّ أوّلهم على البحيرة فيشربون ماءها، ويمرّ أوسطهم فيلحسون طينها، ويمرّ آخرهم فيقول: قد كان هاهنا مرّةً ماءٌ، فيقهرون النّاس ويفرّ النّاس منهم في البرّيّة والجبال فيقولون: قد قهرنا أهل الأرض فهلمّوا إلى أهل السّماء.
فيرمون نبالهم إلى السّماء فترجع تقطر دمًا فيقولون: قد فرغنا من أهل الأرض وأهل السّماء، فيبعث اللّه عليهم أضعف خلقه: النّغف، دودةً تأخذهم في رقابهم فتقتلهم حتّى تنتن الأرض من جيفهم، ويرسل اللّه الطّير فتنقل جيفهم إلى البحر.
ثمّ يرسل اللّه السّماء فيطهّر الأرض، وتخرج الأرض زهرتها وبركتها ويتراجع النّاس حتّى إنّ الرّمّانة لتشبع السّكن.
قيل: وما السّكن؟ قال: أهل البيت.
وتكون سلوةً من عيشٍ.
فبينما النّاس كذلك إذ جاءهم خبرٌ أنّ ذا السّويقتين صاحب الجيش قد غزا البيت.
فيبعث اللّه جيشًا فلا يصلون إليهم ولا يرجعون إلى أصحابهم حتّى يبعث اللّه ريحًا طيّبةً يمانيّةً من تحت العرش.
فتكفت روح كلّ مؤمنٍ، ثمّ لا أجد مثل السّاعة إلا كرجلٍ أنتج مهرًا له فهو ينتظر متى يركبه.
فمن تكلّف من أمر السّاعة ما وراء هذا فهو متكلّفٌ.
عاصم بن حكيمٍ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، عن عطاء بن يزيد عن بعض من أدرك، أنّ عيسى ابن مريم يقتل الدّجّال بباب لدٍّ أو عندها، فبينما النّاس كذلك إذ أوحى اللّه إلى عيسى أنّي قد أخرجت عبادًا لي لا يدين لأحدٍ بقتالهم فاحرز عبادي إلى الطّور.
ويبعث اللّه يأجوج ومأجوج وهم كما قصّ: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} [الأنبياء: 96].
فيمرّ أوّلهم على بحيرة طبريّة فيشربون ما فيها ويمرّ آخرهم فيقولون: قد كان بهذه ماءٌ مرّةً، ويسيرون حتّى ينتهوا إلى جبل الخمر لا يعدونه فيقول بعضهم لبعضٍ: قد قتلنا من في الأرض إلا من دان لنا، فهلمّوا فلنقتل من في السّماء.
فيرمون بنشابهم نحو السّماء فيردّها اللّه مخضوبةً دماءً، ويحصرون نبيّ اللّه عيسى وأصحابه.
فبينما هم كذلك إذ رغبوا
[تفسير القرآن العظيم: 1/208]
إلى اللّه، فأرسل عليهم النّغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفسٍ واحدةٍ.
ويهبط نبيّ اللّه وأصحابه فلا يجدون في الأرض موضع شبرٍ إلا ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم.
فيرغب عيسى ومن معه إلى اللّه، فيرسل عليهم طيرًا كأعناق البخت فتلقيهم في المهيل.
قلت: يا أبا زيدٍ وأين المهيل؟ قال: مطلع الشّمس.
- سعيدٌ عن قتادة أنّ أبا سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليحجّنّ البيت وليعمرنّ بعد خروج يأجوج ومأجوج»). [تفسير القرآن العظيم: 1/209]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {جعله دكّاء...}

... حدثني قيس بن الربيع عن سعيد بن مسروق عن الشّعبيّ عن الربيع بن خيثم الثوريّ أن رجلا قرأ عليه (دكّاً) فقال (دكّاء) فخّمها. ... يعني: أطلها). [معاني القرآن: 2/160]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {جعله دكّاء} أي تركه مدكوكاً أي ألزقه بالأرض، ويقال: ناقة دكّاء أي لا سنام لها مستوية الظهر، قال الأغلب:
هل غير غارٍ دكّ غاراً فانهدم والعرب تصف الفاعل والمفعول بمصدرهما فمن ذلك (جعله دكّاً) أي مدكوكاً). [مجاز القرآن: 1/416-415]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال هذا رحمةٌ مّن رّبّي فإذا جاء وعد ربّي جعله دكّاء وكان وعد ربّي حقّاً}
وقال: {هذا رحمةٌ مّن رّبّي} أي: هذا الرّدم رحمة من ربي). [معاني القرآن: 2/80]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {جعله دكا}: ملزقا بالأرض. يقال ناقة دكاء أي لا سنام لها). [غريب القرآن وتفسيره: 235]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جعله دكّاء} أي ألصقه بالأرض. يقال: ناقة دكاء: إذا لم يكن لها سنام). [تفسير غريب القرآن: 271]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال هذا رحمة من ربّي فإذا جاء وعد ربّي جعله دكّاء وكان وعد ربّي حقّا}
أي هذا التمكين الذي أدركت به السّدّ رحمة من ربي.
{فإذا جاء وعد ربّي جعله [دكّا] وكان وعد ربّي حقّا}.
وتقرأ (دكاء)، على فعلاء - يا هذا - والذكاء والذكاء، كل ما انسبط من الأرض من مرتفع.
يعنى أنه إذا كان يوم القيامة، أو في وقت خروج يأجوج ومأجوج صار هذا الجبل دكّا.
والدليل على أن هذا الجبل يصير دكّا قوله:{وحملت الأرض والجبال فدكّتا دكّة واحدة } ). [معاني القرآن: 3/312]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال هذا رحمة من ربي} أي هذا التمكين رحمة من ربي ثم قال تعالى: {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} أي لاصقا بالأرض يقال ناقة دكاء أي لا سنام لها). [معاني القرآن: 4/296]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {دكاء} أي: ملتصقا بالأرض، أي: متهدما متهشما، ودكا: مثله). [ياقوتة الصراط: 331]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دَكّاءَ}: ملصقاً بالأرض). [العمدة في غريب القرآن: 193]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة