العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 03:24 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة الاسراء

توجيه القراءات في سورة الاسراء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 03:25 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي مقدمات سورة الاسراء

مقدمات توجيه القراءات في سورة الاسراء
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة بني إسرائيل). [معاني القراءات وعللها: 2/87]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ومن سورة (بني إسرائيل) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/363]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في بني إسرائيل). [الحجة للقراء السبعة: 5/83]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة بني إسرائيل). [المحتسب: 2/14]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (17 - سورة سبحان). [حجة القراءات: 396]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة بني إسرائيل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/42]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة بني إسرائيل). [الموضح: 748]
نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/42]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي مائة آية وعشر في المدني واحدى عشرة في الكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/42]

الياءات المحذوفة
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقد حذف من هذه السورة ياءان: قوله: (لئن أخرتن (62)
وقوله: (فهو المهتد (97).
وقرأ ابن كثير (أخرتني) بياء في الوقف والوصل، وقرأ نافع وأبو عمرو (أخرتني) " و(المهتدي) بالياء في الوصل، ووقفا عليهما بغير ياء، ووصلهما يعقوب بياء، ووقف عليهما بياء.
قال أبو منصور: من حذف الياء اكتفى بالكسرة الدالة على الياء، ومن قرأ بالياء فهو الأصل). [معاني القراءات وعللها: 2/103]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ومن الياءات في هذه السورة ما حذف خطأ).
{فهو المهتد} [97].
أثبت الياء أبو عمرو ونافع وصلاً، وحذفاه وقفًا.
والباقون يحذفون وصلاً ووقفًا.
وقوله: {أخرتن} [62].
أثبتها ابن كثير في الوصل والوقف، وأثبتها نافع وأبو عمرو وصلاً، وحذفها وقفًا ليكونا متبعين للمصحف في الوقف ومتبعين لأصل الكلمة في الدَّرج.
والباقون يحذفون وصلاً ووقفًا اجتزاءً بالكسرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/385]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها ياءان حُذفتا من الخط، وهما قوله {لَئِنْ أَخَّرْتَنِي} و{فَهُوَ الْمُهْتَدِي}:
أثبتهما يعقوب في الوصل والوقف، وتابعه ابن كثير على قوله {لَئِنْ أَخَّرْتَنِي} فأثبتها في الحالين.
وأثبتهما جميعًا نافعٌ وأبو عمرو في الوصل دون الوقف، وحذفهما الباقون في الحالين.
وقد سبق الكلام في مثل هذا). [الموضح: 771]

ياءات الإضافة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- فيها ياء واحدة للإضافة قوله: {رحمة ربي} «100» فتحها نافع وأبو عمرو). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/52]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (واختلفوا في ياء واحدةٍ مضافة {رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا}:
فتحها نافعٌ وأبو عمرو، وأسكنها الباقون.
وقد مضى الكلام في مثل ذلك، وأن فتحة الياء هي الأصل، والإسكان تخفيف). [الموضح: 771]

الياءات الزائدة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فيها زائدتان قوله: {لئن أخرتني} «62» قرأها ابن كثير بياء في الوصل والوقف، وقرأ نافع وأبو عمرو بياء في الوصل خاصة، والثانية قوله: {فهو المهتدي} «97» قرأها نافع وأبو عمرو بياء في الوصل خاصة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/53]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 03:28 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (1) إلى الآية (3) ]
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) }

قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)}

قوله تعالى: {وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا (2)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (ألّا تتّخذوا من دوني وكيلًا (2)
قرأ أبو عمرو وحده (ألّا يتّخذوا) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
قال: المعنى فيهما متقارب، فمن قرأ بالتاء فعلى الخطاب، ومن قرأ بالياء فللغيبة، وكله جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/87]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {ألا تتخذوا من دوني وكيلا} [2].
قرأ أبو عمرو وحده بحذف الياء.
وقرأ الباقون بالتاء، والأمر بينهما قريب؛ لأن التقدير: وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا يتخذوا، وقلنا لهم: لا تتخذوا، وهذا كما تقول: قلت لزيد قم، وقلت له: أن يقوم و{قل للذين كفروا سيغلبون} و{ستغلبون}.
وقوله تعالى: {من دوني وكيلا} أي: كافيًا وربا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/363]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عز وجل: ألا تتخذوا من دوني وكيلا.
فقرأ أبو عمرو وحده: (ألّا يتّخذوا) بالياء.
وقرأ الباقون: ألا تتخذوا بالتاء.
قال أبو علي: وجه قول من قرأ بالياء، أن المتقدم ذكرهم على لغة الغيبة فالمعنى: هديناهم أن لا يتخذوا من دوني وكيلا.
ومن قرأ بالتاء فهو على الانصراف إلى الخطاب بعد الغيبة مثل قوله: الحمد لله ثم قال: إياك نعبد [الفاتحة/ 5]، والضمير في تتخذوا وإن كان على لغة الخطاب فإنّما يعني به الغيب في المعنى، ومن زعم أنّ (أن لا يتّخذوا من دوني) على إضمار القول، كأنّه يراد به: قال: أن لا تتخذوا، لم يكن قوله هذا متّجها، وذلك أن القول لا يخلو من أن يقع بعد جملة تحكى، أو معنى جملة يعمل في لفظه القول، فالأول كقوله: قال زيد: عمرو منطلق، فموضع الجملة نصب
[الحجة للقراء السبعة: 5/83]
بالقول، والآخر: يجوز أن يقول القائل: لا إله إلا الله، فتقول: قلت حقّا، أو يقول: الثلج حار، فتقول: قلت باطلا، فهذا معنى ما قاله، وليس نفس المقول، وقوله: (أن لا تتخذوا) خارج من هذين الوجهين، ألا ترى أن ألا تتخذوا ليس هو بمعنى القول، كما أن قولك حقّا، إذا سمعت كلمة الإخلاص: معنى القول، وليس قوله:
(أن لا تتّخذوا) بجملة، فيكون كقولك: قال زيد: عمرو منطلق.
ويجوز أن تكون (أن) بمعنى: أي التي بمعنى التفسير، وانصرف الكلام من الغيبة إلى الخطاب كما انصرف منها إلى الخطاب في قوله: وانطلق الملأ منهم أن امشوا [ص/ 6] والأمر، وكذلك انصرف من الغيبة إلى النهي في قوله: (أن لا تتخذوا)، وكذلك قوله:
أن اعبدوا الله ربي [المائدة/ 117] في وقوع الأمر بعد الخطاب، ويجوز أن يضمر القول ويحمل تتخذوا على القول المضمر إذا جعلت (أن) زائدة، فيكون التقدير: وجعلناه هدى لبني إسرائيل، فقلنا: لا تتخذوا من دوني وكيلا.
فيجوز إذن في قوله: (أن لا تتخذوا) ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون أن الناصبة للفعل، فيكون المعنى: وجعلناه هدى كراهة أن تتخذوا من دوني وكيلا، أو لأن لا يتخذوا من دوني وكيلا.
والآخر: أن تكون بمعنى (أي)، لأنه بعد كلام ناه، فيكون التقدير: أي لا تتخذوا.
والثالث: أن تكون (أن) زائدة وتضمر القول.
فأمّا قوله: ذرية من حملنا، [الإسراء/ 3] فيجوز أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 5/84]
مفعول الاتخاذ، لأنه فعل يتعدى إلى مفعولين، كقوله: واتخذ الله إبراهيم خليلا [النساء/ 125]. وقوله: اتخذوا أيمانهم جنة [المجادلة/ 16] فأفرد الوكيل وهو في معنى الجمع، لأن فعيلا يكون مفرد اللفظ والمعنى على الجمع، نحو قوله: وحسن أولئك رفيقا [النساء/ 69]. فإذا حمل على هذا كان مفعولا ثانيا في قول من قرأ بالتاء، والياء.
ويجوز أن يكون نداء وذلك على قول من قرأ بالتاء: ألا تتخذوا يا ذرية، ولا يسهل أن يكون نداء على قول من قرأ بالياء، لأن الياء للغيبة والنداء للخطاب، ولو رفع الذرية على البدل من الضمير في قوله: أن لا تتخذوا كان جائزا، وقد ذكر أنها قراءة. ولو رفع على البدل من الضمير المرفوع كان جائزا، ويكون التقدير: أن لا تتّخذ ذرية من حملنا مع نوح من دوني وكيلا، ولو جعله بدلا من قوله بنى إسرائيل جاز، وكان التقدير: وجعلناه هدى لذرية من حملنا مع نوح). [الحجة للقراء السبعة: 5/85]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتّخذوا من دوني وكيلا}
قرأ أبو عمرو (ألا يتخذوا) بالياء وحجته أن الفعل قرب من الخبر عن بني إسرائيل فجعل الفعل مسندًا إليهم إذ قال {وجعلناه هدى لبني إسرائيل} المعنى جعلناه هدى لبني إسرائيل لئلّا يتخذوا من دوني وكيلا
وقرأ الباقون {ألا تتّخذوا} بالتّاء على الخطاب وحجتهم في الانصراف إلى الخطاب بعد الغيبة قوله {الحمد لله رب العالمين} ثمّ قال {إياك نعبد وإيّاك نستعين} فالضّمير في {تتّخذوا} وإن كان على لفظ الخطاب فإنّما يعني به الغيب في المعنى ويجوز أن تكون أن بمعنى أي الّتي هي للتفسير على هذا التّأويل لأنّه انصرف الكلام من الغيبة إلى الخطاب ويجوز أن تكون زائدة وتضمر القول
[حجة القراءات: 396]
المعنى وجعلناه هدى لبني إسرائيل وقلنا لهم لا تتّخذوا من دوني وكيلا ويجوز أن تكون الناصبة للفعل فيكون المعنى وجعلناه هدى كراهة أن تتّخذوا من دوني وكيلا أو بأن لا تتّخذوا). [حجة القراءات: 397]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {ألا تتخذوا من دوني} قرأ أبو عمرو بياء وتاء، حمله على لفظ الغيبة، لتقدم ذكرها في قوله: {وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا يتخذوا} أي: لئلا يتخذوا، ويجوز أن يكون بمعنى «أي» فيكون في الكلام معنى النهي، وقرأ الباقون بتاءين، أجروه على الانصراف من الغيبة إلى المخاطبة كقوله: {الحمد لله رب العالمين} ثم قال: {إياك نعبد} «الفاتحة 2، 5» وهو كثير، وقد مضى لهذه نظائر، ويجوز في هذه القراءة أيضًا أن يكون «أن» بمعنى «أي» ويكون الكلام نهيًا، فيكون من الانصراف من الخبر إلى النهي، ويجوز في القراءتين أن تكون «أن» زائدة، ويضمر القول على تقدير: وقلنا لهم: لا تتخذوا، فيكون نهيًا، وقد ذكرنا وجه نصب «الذرية» على القراءتين في تفسير مشكل إعراب القرآن). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/42]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {أَلَّا يَتَّخِذُوا} [آية/ 2] بالياء:
قرأها أبو عمرو وحده.
والوجه أنه على لفظ الغيبة؛ لأن ما قبله على الغيبة وهو قوله {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}، والمعنى: هديناهم ألا يتخذوا، أي لئلا يتخذوا، أو هديناهم إلى ترك الاتخاذ.
وقيل: إن قوله {وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} متضمن لمعنى الأمر، كأنه قال: أمرنا بني إسرائيل ألا يتخذوا، والعرب تقول أمرت فلانًا أن لا يَفْعَلَ، بالياء نصبًا، وأن تَفْعَلْ بالتاء جزمًا على النهي، كلاهما جائز.
وقرأ الباقون {ألَّا تتّخذوا} بالتاء.
والوجه أنه يجوز أن يكون على الرجوع إلى الخطاب بعد الغيبة.
[الموضح: 748]
ويجوز أن يكون على ما ذكرنا من كونه على معنى الأمر، فيكون الكلام محمولًا على المعنى نحو أمرت فلانًا أن لا تَفْعَل، فإن الأمر خطابٌ.
ويجوز أن يكون نهيًّا، والتقدير: قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلًا). [الموضح: 749]

قوله تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( {ذرية من حملنا} [3] نصب على النداء المضاف والتقدير: يا ذرية من حملنا مع نوح. وهذا الحرف وإن لم يختلف فيه فإنما ذكرته لأن ذرية: وزنها فعلية من الذر، ويكون فعولة من الذرى والذر فيكون الأصل: ذروية، فتقلب من الواو ياء وتدغم الياء في الياء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/363]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قد ذكرنا ما في ذُرِّيَّة وذَرِّيَّة وذِرِّيَّة فما مضى من الكتاب). [المحتسب: 2/14]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 03:54 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (4) إلى الآية (8) ]
{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) }

قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس ونصر بن عاصم وجابر بن يزيد: [لَتُفْسَدُنَّ]، بضم التاء، وفتح السين. وقرأ: [لَتَفْسُدُنَّ]، بفتح التاء، وضم السين والدال -الفعل لهم- عيسى الثقفي.
قال أبو الفتح: إحدى هاتين القراءتين شاهدة للأخرى؛ لأنهم إذا أفسدوا فقد فسدوا). [المحتسب: 2/14]

قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [عَبيدًا لنا].
قال أبو الفتح: أكثر اللغة أن تستعمل العبيد للناس والعباد لله. قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}، وقال تعالى: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُون}، وهو كثير. وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} . ومن أبيات الكتاب:
أتُوعِدُني بقومك يابن حَجْل ... أشاباتٍ يُخَالُون العبادا؟
بما جمَّعْتَ من حضَنٍ وعمرو ... وما حضَنٌ وعمرو والحِيادا؟
[المحتسب: 2/14]
أي يُخالون عبيدا، أي مماليك. ويقال: العبادُ قوم من قبائل شتى من العرب، اجتمعوا على النصرانية، فأنفوا أن يسموا العبيد؛ فقالوا: نحن العباد). [المحتسب: 2/15]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي السمال: [فَحَاسُوا]، بالحاء.
قال أبو الفتح: قال أبو زيد، أو غيره: قلت له إنما هو {فَجَاسُوا}، فقال: فَحَاسُوا وجَاسُوا واحد، وهذا يدل على أن بعض القراءة يتخير بلا رواية، ولذلك نظائر). [المحتسب: 2/15]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رويناه عن أبي زيد أن أبا سرار الغنوي كان يقرأ: [فَحاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ]، والحاء غير معجمة. فقيل له: إنما هو {جاسوا}، فقال: حاسوا، وجاسوا واحد.
ومن ذلك حكاية ذي الرمة في قوله:
وظاهر لها من يابس الشخت
فقيل له: أنشدتنا بائس السخت فقال: بائس، ويابس واحد.
[المحتسب: 2/336]
وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال: قال بعض أصحاب ابن الأعرابي له في قوة الشاعر:
وموضع زبن لا أريد مبيته ... كأني به من شدة الروع آنس
أنشدتناه وموضع ضيق، فقال له أبن الأعرابي: سبحان الله! تصحبنا منذ كذا وكذا سنة ولا تدري أن [زَبْن] و[ضيق] واحد؟). [المحتسب: 2/337] (م)

قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)}

قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليسوءوا وجوهكم)
قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وحمزة (ليسوء) بالياء وفتح الهمزة على واحدٍ، وقرأ الكسائي (لنسوء) بالنون وفتح الهمزة، وقرأ الباقون (ليسوءوا وجوهكم) بالياء وضم الهمزة ممدودةً على جميع.
قال أبو منصور: من قرأ (ليسوء وجوهكم) فالمعنى: فإذا جاء وعد المرة الآخرة ليسوء الوعد وجوهكم.
ومن قرأ (ليسوءوا وجوهكم) بالجمع فالمعنى: ليسوءوا الرجال وأولو البأس الشديد وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرةٍ.
ومن قرأ (لنسوء وجوهكم) فهو من فعل الله، أي: لنسوء نحن وجوهكم
[معاني القراءات وعللها: 2/87]
مجازاة لسوء فعلكم.
وكل ذلك جائز، والاختيار عندي (ليسوءوا) بالجمع؛ لأنه عطف عليه (وليدخلوا المسجد)، والله أعلم.
حدثنا الحسين بن إدريس عن عثمان بن أبي شيبة عن سعيد بن صلة عن الحسن بن عمرو عن الحكم عن مجاهد في قوله جلّ وعزّ: (وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه).
قال: صحيفة في عنقه مكتوب فيها شقي وسعيد.
حدثنا الحسين قال حدثنا عثمان قال حدثنا وكيع عن أبي جعفر الرازيّ عن الربيع بن أنس عن أبي عالية في قوله جلّ وعزّ (وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها). أكثرنا مستكبريها). [معاني القراءات وعللها: 2/88]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ليسئوا وجوهكم} [7].
قرأ أبو عمرو وابن كثير ونافع وحفص عن عاصم: {ليسئوءوا وجوهكم} همزة بين واوين على الجمع كقوله {وليدخلوا} {وليتبروا}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/363]
وقرأ الكسائي بالنون وفتح الواو، كما تقول: لتدعو فعلامة النصب فتحة الواو، وعلامة النصب في القراءة الأولى حذف النون.
وقرأ الباقون {ليسوء وجوهكم} بالياء وفتح الواو على معنى: ليسوء العذاب وجوهكم. وإنما مد {ليسئوا} تمكينًا للهمزة، لأن كل واو سكنت وانضم ما قبلها وأتت بعدها همزة فلابد من مد في كلمة أو كلمتين فما كان من كلمتين فنحو: {قالوا ءامنا} وما كنا من كلمة فنحو: تبوء بإثمه، وينوء بحمله، ويسوء زيدًا، وكذلك الياء، والألف كالواو. وقد بينت ذلك فيما مضى أيضًا.
فحدثني ابن مجاهد رضي الله عنه عن السمري عن الفراء قال: في قراءة أُبَيٍّ: {ليسوءن وجوهكم} بنون خفيفة، وهي نون التأكيد مثل: {لنسفعا بالناصية} و{ليكونا من الصاغرين} وليس في القرآن نون خفيفة وهي نون التأكيد غير هذه الثلاثة. فمن بي قراءته على قراءة أبي يضمر في اللام {كي} وليدخلوا و[تكون] اللام في قراءة أُبَيًّ {ليسؤن} لام التأكيد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/364]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: ليسوءوا وجوهكم [7].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: ليسوءوا بالياء جماع، همزة بين واوين.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر وحمزة: (ليسوء) على واحد بالياء.
وقرأ الكسائي: (لنسوء) بالنون.
قال أبو علي: قوله: لتفسدن في الأرض مرتين [الإسراء/ 4] المعنى: فإذا جاء وعد الآخرة، أي: المرّة الآخرة من قوله: لتفسدن
[الحجة للقراء السبعة: 5/85]
في الأرض مرتين بعثناهم ليسوءوا وجوهكم، فحذف بعثناهم، لأن ذكره قد تقدم، ولأنه جواب إذا وشرطها تقتضيه، فحذف للدّلالة عليه.
فأما ليسوءوا فقال أبو زيد: سؤته مساءة، ومسائية، وسواية.
وقال: وجوهكم على أنّ الوجوه مفعول به لسؤت، وعدي إلى الوجوه لأن الوجوه قد يراد بها ذوو الوجوه، كقوله: كل شيء هالك إلا وجهه [القصص/ 88] وقال: وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة [عبس/ 38، 39] وقال: وجوه يومئذ ناضرة [القيامة/ 22] ووجوه يومئذ باسرة [القيامة/ 24]. وقال النابغة:
أقارع عوف لا أحاول غيرها... وجوه قرود تبتغي من تجادع
وكأنّ الوجوه إنما خصّت بذلك لأنها تدلّ على ما كان في ذوي الوجوه من الناس من حزن، ومسرّة، وبشارة، وكآبة.
فأما ليسوءوا فالحجة له أنه أشبه بما قبله وما بعده، ألا ترى أن الذي يراد قبله: بعثناهم، وبعده: ليدخلوا المسجد، وهو بيت المقدس، والمبعوثون في الحقيقة هم الذين يسوءونهم بقتلهم إياهم وأسرهم لهم، فهو وفق المعنى.
فأما وجه قول من قرأ: (ليسوء وجوهكم): بالياء، ففاعل ليسوء يجوز أن يكون أحد شيئين:
أحدهما: أن يكون اسم الله عز وجل لأن الذي تقدّم: بعثنا، ورددنا لكم وأمددناكم بأموال.
[الحجة للقراء السبعة: 5/86]
والآخر: أن يكون البعث دل عليه: بعثنا المتقدم كقوله: لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم [آل عمران/ 180]، أي: البخل.
ومن قرأ (لنسوء) بالنون كان في المعنى كقول من قدر أن الفاعل ما تقدم من اسم الله، وجاز أن تنسب المساءة إلى الله سبحانه وتعالى، وإن كانت من الذين جاسوا خلال
الديار في الحقيقة لأنهم فعلوا المساءة بقوة الله عز وجل وتمكينه لهم، فجاز أن ينسب إليه كما: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال/ 17] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/87]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبيّ بن كعب: [لِنَسُوءًا]، بالتنوين.
قال أبو الفتح: لم يذكر أبو حاتم التنوين، لكنه قال: وبلغني أنها في مصحف أُبي، [لِيُسِيءً]، بالياء مضمومة بغير واو. فأما التنوين في: [لنَسُوءًا] فطريق القول عليه أن يكون أراد الفاء فحذفها، كما قال في موضع آخر، أي [فَلْنَسُوءًا وُجُوهَكُمْ] على لفظ الأمر، كما تقول: إذا سألتني فلأعطك، كأنك تأمُرُ نفسَكَ، ومعناه فلأعطينَّك. واللامان بعده للأمر أيضا، وهما: {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ ... وَلِيُتَبِّرُوا} . ويقويّ ذلك أنه لم يأت لإذا جواب فيما بعد، فدل على أن تقديره [فَلْنَسُوءًا وُجُوهَكُمْ]، أي فَلْنَسُوءنَّ وُجُوهَكُمْ). [المحتسب: 2/15]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرّة وليتبروا ما علوا تتبيرا}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص {ليسوؤوا وجوهكم} بالياء على الجمع وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال والألف تدل على أنّها جمع ولو كانت ليسوء على واحد أو لتسوء لم يكن فيها ألف وحجّة أخرى وهي أن ما قبله وما بعده جاء بلفظ الجمع فالّذي قبله {بعثنا عليكم عبادا} والّذي بعده {وليدخلوا المسجد} {وليتبروا} قوله {ليسوؤوا} إخبار عن قوله {بعثنا عليكم عبادا} وجواب إذا محذوف المعنى فإذا جاء وعد الآخرة بعثنا عليكم عبادا لنا ليسوؤوا وجوهكم أي ليسوء العباد وجوهكم
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ (ليسوء) بالياء وفتح الهمزة فاعل (ليسوء) يجوز أن يكون أحد شيئين أحدهما أن يكون اسم الله تعالى أي ليسوء الله وجوهكم والآخر أن يكون العذاب أي ليسوء العذاب وجوهكم ويجوز أن يكون الوعد وجواب إذا محذوف المعنى فإذا جاء وعد الآخرة جاء ليسوء وجوهكم ومن وجه تأويله إلى ليسوء الله كان أيضا في الكلام محذوف غير أنه سوى
[حجة القراءات: 397]
جاء ويكون معنى الكلام فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسوء الله وجوهكم
قرأ الكسائي (لتسوء) بالنّون وفتح الهمزة أخبر جلّ وعز عن نفسه وحجته أن الكلام أتى عقيب قوله {بعثنا عليكم} {ثمّ رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم} وبعده {وإن عدتم عدنا} وأعتدنا لهم فكان حكم ما توسط الكلامين الخارجين بلفظ الجمع أن يجري على لفظهما أولى من صرفه إلى العباد وإذا قرئ بالنّون استعمل على المعاني كلها لأن الله تعالى هو الفاعل لذلك في الحقيقة فإذا أسند الفعل في اللّفظ إليه جاز أن يسوء وجوههم بالوعد وجاز أن يسوءها بالعباد). [حجة القراءات: 398]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {ليسئوا وجوهكم} قرأه أبو بكر وحمزة وابن عامر بالياء، وفتح الهمزة، على معنى: ليسوء الله وجوهكم، أو ليسوء البعث وجوهكم، لتقدم ذكر ذلك ودل {بعثنا} على «البعث» وقرأ الكسائي بالنون وفتح الهمزة على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، لأن قبله إخبارًا، فحمله عليه، وهو قوله: {بعثنا عليكم عبادًا لنا} «5»، و{رددنا}
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/42]
و{أمددناكم} و{جعلناكم} حمل {ليسؤوا} على هذه الألفاظ المتكررة بالإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، ليكون الكلام في آخره محمولًا على أوله، فذلك أليق في المشاكلة والمطابقة، وقرأ الباقون بالياء وبهمزة مضمومة، بعدها واو على الجمع، ردوه على الجمع الذي قبله، والغيبة التي دل عليها الكلام في قوله: {فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤا وجوهكم}، لأن تقديره: فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسؤوا وجوهكم، ويقوي الجمع قوله: {وليدخلن المسجد كما دخلوه}، وقوله: {وليتبروا ما علوا}، وهو الاختيار؛ لاتفاق أهل الحرمين عليه، ولصحة معناه، ولأنه أخبر عن المفسرين في المرة الأولى، فقال: {فجاسوا خلال الديار} «5» وكذلك في المرة الثانية هم المخبر عنهم بالفساد والتتبير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/43]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لِنَسُوءَ} [آية/ 7] بالنون وفتح الهمزة:
قرأها الكسائي وحده.
والوجه أن الفعل لله تعالى في هذه القراءة، وهو بالنون إخبارًا عن نفسه على سبيل التعظيم، وإنما أُسندت المساءة إلى الله تعالى، وهي في المتعارف فعل الذين جاسوا خلال الديار؛ لأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وقال بعضهم: لما مكّن الله تعالى أعداءهم منهم صارت المساءة منه سبحانه.
وقرأ ابن عامر وحمزة وعاصم ياش- {لِيَسُوءَ} بالياء وفتح الهمزة على التوحيد.
والوجه أن الفعل يجوز أن يكون مسندًا إلى الله تعالى على المعنى الذي سبق.
ويجوز أن يكون مسندًا إلى البعث الذي يدل عليه {بَعَثْنَا}، أو الوعد
[الموضح: 749]
الذي تقدم في قوله {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ}، والتقدير: ليسوء البعث أو الوعد وجوهكم.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو وعاصم ص- ويعقوب {لِيَسُوءُوا} بالياء وواوٍ بعد الهمزة على الجمع بوزن ليسوعوا.
والوجه أن ما قبله على الإخبار عن جماعة وهو قوله: {بَعَثْنَا عليكم عِبادًا} وكذلك أُضمر قبل هذه الكلمة هذا الفعل، والتقدير: فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسوءوا وجوهكم). [الموضح: 750]

قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 06:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (9) إلى الآية (12) ]
{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) }

قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {وَيَبْشُرُ الْمُؤْمِنِينَ} [آية/ 9] بفتح الياء وتخفيف الشين وضمّها:
قرأها حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون {وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} بضم الياء وتشديد الشين وكسرها.
وقد سبق الكلام في هذه الكلمة). [الموضح: 750]

قوله تعالى: {وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)}

قوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)}

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 07:02 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (13) إلى الآية (17) ]
{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)}

قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ونخرج له يوم القيامة)
قرأ يعقوب (ويخرج له يوم القيامة) بالياء وضم الراء، " كتابا)، وقرأ الباقون (ونخرج له) بالنون وكسر الراء.
قال أبو منصور: من قرأ (ويخرج له يوم القيامة كتابًا) أي: ما طار له من عمله يخرج كتابًا مكتوبًا، ونصب (كتابًا) على الحال، والقراءة الجيدة (ونخرج له يوم القيامة كتابًا).
[معاني القراءات وعللها: 2/88]
وعلى هذه القراءة نصب قوله (كتابًا) بـ (نخرج) لأنه مفعول به). [معاني القراءات وعللها: 2/89]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يلقاه منشورًا)
قرأ ابن عامر (يلقّاه، بضم الياء وتشديد القاف، وقرأ الباقون (يلقاه) بفتح الياء والتخفيف، وأمال القاف حمزة والكسائي.
قال أبو منصور: من قرأ (يلقّاه) فالمعنى: يلقّى كلّ إنسان كتابه منشورًا، أي: يستقبل به.
ومن قرأ (يلقاه) فالمعنى: يلقى كل إنسان كتابه منشورًا، ونصب (منشورًا) على الحال). [معاني القراءات وعللها: 2/89]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {كتابا يلقاه منشورا} [13].
قرأ ابن عامر وحده {يلقاه} مشددًا، جعل الفعل لغير الإنسان، أي:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/364]
الملائكة تلقاه بالكتاب الذي فيه نسخة عمله، وشاهده: {وكل إنسان ألزمناه طائره} [13] فيلزم الطائر ويلقى الكتاب.
وقرأ الباقون: {يلقاه} جعل الفعل للإنسان، لأن الله تعالى إذا ألزمه طائرة لقي هو الكتاب وصحائف عمله كما قال تعالى: {ومن يفعل ذلك يلقى أثاما} ولم يقل: يلق أثاما. وهذا واضح بين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/365]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: كتابا يلقاه منشورا [13].
فقرأ ابن عامر وحده: (كتابا يلقاه) بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف.
وقرأ الباقون: يلقاه بفتح الياء وتسكين اللام وتخفيف القاف.
حمزة والكسائي: يميلان القاف.
من قرأ (يخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) فالمعنى: يخرج طائره له كتابا يلقاه منشورا، وهي قراءة الحسن ومجاهد فيما زعموا.
فأما طائره فقيل فيه: حظّه، وقيل: عمله. وما قدّم من خير أو شرّ، فيكون المعنى على هذا، ويخرج عمله كتابا أي ذا كتاب ومعنى ذا كتاب: أنه مثبت في الكتاب الذي قيل فيه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها [الكهف/ 49] وقوله: أحصاه الله ونسوه [المجادلة/ 6] وقال: هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت [يونس/ 30] وقوله: هاؤم اقرؤوا كتابيه [الحاقة/ 19].
[الحجة للقراء السبعة: 5/87]
وإنما قيل لعمله طائر، وطير في بعض القراءة على حسب تعارف العرب لذلك في نحو قولهم: جرى طائره بكذا. ومثل هذا في ياسين: قالوا طائركم معكم [19] وفي الأعراف: إنما طائرهم عند الله [131]. وروينا عن أحمد بن يحيى عن أبي المنهال المهلبي قال: حدثنا أبو زيد الأنصاري: أن ما مرّ من طائر أو ظبى أو غيره فكلّ ذلك عندهم طائر، وأنشد أبو زيد لكثير في تصييرهم كل ما زجر طائرا، وإن كان ظبيا أو غيره من البهائم. فقال:
فلست بناسيها ولست بتارك إذا عرض الأدم الجواري سؤالها قال: ثم أخبر في البيت الثاني أن الذي زجره طائر فقال:
أأدرك من أم الحكيم غبطة... بها خبّرتني الطّير أم قد أتى لها
وأنشد لزهير في ذلك:
فلمّا أن تفرق آل ليلى... جرت بيني وبينهم ظباء
جرت سنحا فقلت لها مروعا... نوى مشمولة فمتى اللقاء
قال أبو زيد: فقولهم: سألت الطير، وقلت للطير: إنما هو:
[الحجة للقراء السبعة: 5/88]
زجرتها، وقولهم: خبرتني الظباء والطير بكذا: إنما هو وقع زجري عليها على كذا وكذا من خير وشرّ، ويقوّى ما ذكره أبو زيد قول الكميت:
ولا أنا ممّن يزجر الطير همّه... أصاح غراب أم تعرّض ثعلب
وأنشد لحسان بن ثابت:
ذريني وعلمي بالأمور وسيرتي... فما طائري فيها عليك بأخيلا
أي: رأيي ليس بمشئوم، وأنشد لكثير:
أقول إذا ما الطير مرّت مخيلة... لعلّك يوما فانتظر أن تنالها
مخيلة: مكروهة. وهو من الأخيل.
فأمّا قوله في عنقه [الإسراء/ 13] فمعناه والله أعلم: لزوم ذلك له وتعلّقه به، وهذا مثل قولهم: طوقتك كذا، وقلّدتك كذا، أي صرفته نحوك، وألزمته إياك. ومنه: قلده السلطان كذا، أي: صارت الولاية في لزومها له في موضع القلادة، ومكان الطوق، قال الأعشى:
قلّدتك الشّعر يا سلامة ذا ال... إفضال والشّعر حيث ما جعلا
[الحجة للقراء السبعة: 5/89]
وقال أوس بن حجر:
تجول وفي الأعناق منها خزاية... أوابدها تهوي إلى كلّ موسم
وقال الهذليّ:
فليست كعهد الدار يا أمّ خالد... ولكن أحاطت بالرّقاب السلاسل
وأنشد الأصمعيّ:
إنّ لي حاجة إليك فقالت... بين أذني وعاتقي ما تريد
ومن قرأ: ونخرج له يوم القيامة كتابا، وهو قراءة الجمهور، فالكتاب ينتصب بأنه مفعول به كقوله: هاؤم اقرؤوا كتابيه [الحاقة/ 19] وقوله: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا [الإسراء/ 14]، هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون [الجاثية/ 29].
فأما قوله: يلقاه منشورا فيدلّ عليه قوله: وإذا الصحف نشرت [التكوير/ 10]. فأما من قرأ: (يلقاه) فهو من قولك: لقيت الكتاب، فإذا ضعفت قلت: لقانيه زيد، فيتعدى الفعل بتضعيف العين إلى مفعولين بعد ما كان يتعدّى بغير التضعيف إلى مفعول واحد. فإذا
[الحجة للقراء السبعة: 5/90]
بني الفعل للمفعول به نقص مفعول من المفعولين، لأن أحدهما يقوم مقام الفاعل في إسناده فيبقى متعديا إلى مفعول واحد، وعلى هذا قوله: ويلقون فيها تحية وسلاما [الفرقان/ 75] وفي البناء للفاعل:
ولقاهم نضرة وسرورا [الإنسان/ 11].
وإمالة حمزة والكسائي القاف حسنة وتركها حسن). [الحجة للقراء السبعة: 5/91]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}
قرأ ابن عامر {كتابا يلقاه منشورا} بضم الياء وفتح اللّام وتشديد القاف جعل الفعل لغير الإنسان أي الملائكة تتلقاه بكتابه الّذي فيه نسخة عمله وهو من قولك لقيت الكتاب فإذا ضعفت قلت لقانيه زيد فيتعدى الفعل بتضعيف العين إلى مفعولين بعدما كان يتعدّى بغير التّضعيف إلى مفعول واحد ويقوّي هذا قوله {ولقاهم نضرة}
وقرأ الباقون {يلقاه} بفتح الياء جعلوا الفعل للإنسان لأن الله تعالى إذا ألزمه طائره لقي هو الكتاب كما قال تعالى {يلق أثاما}
[حجة القراءات: 398]
{ومن يفعل ذلك يلق أثاما} ولم يقل يلق أثاما وهذا بين واضح متى بني الفعل للمفعول به نقص مفعول من المفعولين لأن أحدهما يقوم مقام الفاعل في إسناده إليه فيبقى متعدّيا إلى مفعول واحد). [حجة القراءات: 399]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {كتابًا يلقاه} قرأ ابن عامر بضم الياء وفتح اللام مشددا، بناه للمفعول، وعداه إلى مفعولين: أحدهما مضمر في {يلقاه} قام مقام الفاعل، يعود على صاحب الكتاب، والآخر الهاء، {منشورًا} نعت لـ «الكتاب» والهاء لـ «الكتاب»، ودليل التشديد قوله: {ولقاهم نضرة} «الإنسان 11» وقرأ الباقون بفتح الياء، وإسكان اللام، والتخفيف، عدوه إلى مفعول واحد، وهو الهاء، وفي {يلقاه} ضمير الفاعل، وهو صاحب الكتاب، وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/43]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {وَيَخْرُجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آية/ 13] بالياء مفتوحةً، والراء مضمومةً:
قرأها يعقوب وحده، ونصب {كِتابًا} مثل القراء.
والوجه أن الفعل مسندٌ إلى ما يدل عليه قوله تعالى {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ
[الموضح: 750]
طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}، والمراد ألزمناه عمله، والضمير في قوله {يَخْرُجُ} راجعٌ إلى الطائر وهو العمل، والتقدير: يخرج له عمله يوم القيامة كتابًا، أي في حال كونه كتابًا، وهو منصوب على الحال أي مكتوبًا أو ذا كتابٍ، والفعل على هذا من خرج.
وقرأ الباقون {ونُخْرِجُ لَهُ} بالنون المضمومةً، والراء مكسورةً.
والمراد نُخرج نحن له كتابًا، والمخرج هو الله عز وجل، والكتاب منصوب؛ لأنه مفعولٌ به، والفعل على هذا من أخرج). [الموضح: 751]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {يُلَقَّاهُ} [آية/ 13] بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن الفعل من لقيته المضعف العين، وهو الذي يتعدى إلى مفعولين؛ لأنه منقول بالتضعيف من لقي، تقول لقي فلانٌ الشيء ولقيته إياه، فلما بني للمفعول به أُقيم أحد المفعولين مقام الفاعل فنقص منهما مفعولٌ وبقي الفعل متعديًا إلى مفعول واحد وهو الهاء في {يُلَقَّاه}، والمفعول الأول الذي أُقيم مقام الفاعل مستترٌ في الفعل، والتقدير يُلقّى هو إياه، و{مَنْشُورًا} منصوبٌ على الحال.
وقرأ الباقون {يَلْقَاهُ} بفتح الياء وتسكين اللام.
والوجه أنه من لقي الذي يتعدى إلى مفعول واحد، تقول لقي زيدٌ الشيء،
[الموضح: 751]
والهاء ضمير المفعول به، و{منشورًا} حالٌ أيضًا.
وأمال القاف حمزة والكسائي.
والوجه أن الألف منقلبة عن الياء، فحسنت إمالتها لذلك.
والباقون تركوا إمالتها). [الموضح: 752]

قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)}

قوله تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)}

قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أمرنا مترفيها)
قرأ يعقوب وخارجة عن نافع (ءامرنا) بألفين، مثل: (ءامنا)، وكذلك حماد بن سلمة عن ابن كثير.
وقرأ الباقون: (أمرنا) مقصورًا مخففا.
وقال أبو العباس ختن ليث: سمعت أبا عمرو يقرأ "أمّرنا) بتشديد الميم.
وروى هدبة عن حماد بن سلمة عن ابن كثير أنه قرأه كذلك.
وقرأ الباقون (أمرنا) بتخفيف الميم وقصر الألف.
[معاني القراءات وعللها: 2/89]
قال أبو منصور: من قرأ (أمرنا) مقصورًا فله وجهان:
أحدهما: أمرناهم بالطاعة ففسقوا فحق عليهم العذاب، وهو كقولك - أمرتك فعصيتني، فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر، وكذلك الفسق: الخروج عن أمر الله، والوجه الثاني في (أمرنا) أنه بمعنى: كثرنا مترفيها، يقال آمرهم الله، وأمرهم، أي: كثرهم، وروى عن النبي صلى الله عليه أنه قال: "خير المال سكة مأبورة، أو مهرة مأمورة" وهي كثيرة النتاج - ويقال: أمر بنو فلانٍ يأمرون، إذا كثروا - ومنه قول لبيد:
إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا... يومًا يصيروا للهلك والنكد
ومن قرأ (آمرنا) بالمد فلا معنى له إلا أكثرنا، آمر الله ماله فأمر يأمر - وكان أبو عبيدة يقول: أمر الله ماله، وأمره بمعنى واحد.
وقوله (آمرنا مترفيها) يصلح أن يكون في شيئين:
أحدهما: كثرة عدد المترفين،
والآخر: كثير حروثهم وأموالهم.
ومن قرأ (أمّرنا مترفيها) فمعناه: سلطنا مترفيها، أي: جعلنا لهم إمارة وسلطانًا.
وأجود هذه الوجوه (أمرنا) بقصر الألف على التفسير الأول، واللّه أعلم). [معاني القراءات وعللها: 2/90]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {أمرنا مترفيها} [16].
اتفق القراء السبعة على {أمرنا} بالتخفيف وفتح الميم وقصر الألف، وله معنيان: أمرناهم بالطاعة ففسقوا فيها.
وتكون من الكثرة، يقال: أمر بنو فلان إذا كثروا وأمرهم الله فهم مأمورون، وأمرهم فالله مؤمر، وهم مؤمرون.
فأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير المال: مهرة مأمورة أو سكة مأبورة» فإنه يعني بالمهرة: الكثيرة النتاج، وإنما قيل المأمورة، من أجل
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/365]
المأبورة. والسكة: الطريق من النخيل، والمأبورة: المصلحة الملقحة. ولو انفردت لقيل: مؤمرة، كما يقال: «جاء بالغدايا والعشايا» وغد: لا يجمع على غدايا ولكن لما قارن العشايا أجري لفظه على لفظه ليزدوج الكلام. وقال آخرون: يقال: أمر الشيء وأمره غيره كما يقال: نزحت البئر ونزحتها. وفغرفوه وفغر عن ابن كثير. وإنما ذكرت هذا الحرف؛ لأن خارجة روى عن نافع وحماد ابن سلمة عن ابن كثير {آمرنا مترفيها} بالمد على ما فسرت. وروى ختن ليث عن أبي عمرو {أمرنا متفريها} مثل قراءة أبي عثمان النهدي جعله من الإمارة.
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: قرأ الحسن: {آمرنا مترفيها} بكسر الميم ومد الأليف وهذه رديئة؛ لأن (فعل) لا يتعدى عند أكثر النحويين من أمر؛ لأن أمر لازم إلا أن يجعله لغتين فيعدى أمر كما يعدى أمر فأخبرني ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: لا يجوز أن يكونا أمرنا، الأصل آمرنا فتحذف المدة كما قرأ بعضهم: {ولأمرنهم فليبتكن ءاذان الأنعام}.
وحدثني أحمد بن علي عن أبي عبيد قال: الاختيار {أمرنا مترفيها}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/366]
لأن المعاني الثلاثة تشتمل عليه، يكون من الأمر ومن الإمارة، ومن الكثرة، أنشدني في أمر الرجل: إذا صار أميرًا -:
كرنبوا ودولبوا
وحيث شئتم فاذهبوا
قد أمر المهلب
أي: صار أميرًا. ومعنى كربنوا، أي: لقحوا نخلكم ودولبوا: أي علقوا دوابيكم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/367]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: ولم يختلفوا في قوله: أمرنا مترفيها [16] أنها خفيفة الميم، إلا ما روى خارجة عن نافع: (آمرنا) ممدودة مثل: آمنا، حدّثني موسى بن إسحاق القاضي قال: حدثنا هارون بن حاتم، قال: حدّثنا أبو العباس ختن ليث قال: سمعت أبا عمرو يقرأ: (أمرنا مترفيها)، مشدّدة الميم.
وروى نصر بن عليّ عن أبيه عن حماد بن سلمة، قال سمعت ابن كثير يقرأ: (آمرنا) ممدودا.
قال أبو عبيدة: (أمّرنا) أي: أكثرنا، يقال: أمر بنو فلان، إذا كثروا، وأنشد للبيد:
إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا... يوما يصيروا للقلّ والنّفد
قال: وقال بعضهم أمرنا [مثل أخذنا وهي] في معنى: أكثرنا،
[الحجة للقراء السبعة: 5/91]
قال: وزعم يونس أن أبا عمرو قال: لا يكون في هذا المعنى أمرنا، قال أبو عبيدة: وقد وجدنا تثبيتا لهذه اللغة:
«سكّة مأبورة، ومهرة مأمورة»
. أي: كثيرة الولد. قال: وقال قوم: أمرنا: من الأمر والنهي.
قال أبو علي: لا يخلو قوله: أمرنا فيمن خفّف العين، من أن يكون فعلنا من الأمر، أو من: أمر القوم، وأمرتهم، مثل شترت عينه، وشترتها، ورجع ورجعته، وسار وسرته. فمن لم ير أن يكون أمرنا من أمر القوم، إذا كثروا، كأبي عمرو، فإنّ يونس حكى ذلك عنه، فإنّه ينبغي أن يجعل أمرنا من الأمر الذي هو خلاف النهي، ويكون المعنى أمرناهم بالطاعة فعصوا، وفسقوا. ومن قال: (آمرنا مترفيها) فإنه يكون: أفعلنا، من أمر القوم، إذا كثروا، وآمرهم الله، أي:
أكثرهم. وذلك إن ضاعف فقال: أمّرنا، ونظير ذلك قولهم: سارت الدابة وسيّرتها، وسرتها، وفي التنزيل: هو الذي يسيركم في البر والبحر [يونس/ 22]. وقال لبيد:
لسيّان حرب أو تبوءوا بخزية... وقد يقبل الضّيم الذليل المسيّر
وكما عدّي بتضعيف العين، كذلك يعدّى بالنقل بالهمز، فيكون آمرنا. وزعم الجرميّ أن آمرنا أكثر في اللغة، ومثل أمر وأمرته، سلك وسلكته، وفي التنزيل: كذلك سلكناه في قلوب المجرمين
[الحجة للقراء السبعة: 5/92]
[الحجر/ 12] وما سلككم في سقر [المدثر/ 42] وقال:
حتّى إذا سلكوهم في قتائدة...
ويقوّي حمل أمرنا على النقل من أمر، وإن لا يجعل من الأمر الذي هو خلاف النهي، لأن الأمر بالطاعة على هذا يكون مقصورا على المترفين، وقد أمر الله بطاعته جميع خلقه، من مترف وغيره، ويحمل أمرنا على أنه مثل: آمرنا. ونظير هذا كثر وأكثره الله وكثره، ولا يحمل أمرنا على المعنى: جعلناهم أمراء، لأنه لا يكاد يكون في قرية واحدة عدّة أمراء، فإن قلت: يكون منهم الواحد بعد الواحد، فإنهم إذا كانوا كذلك لا يكثرون في حال، وإنما يهلك الله لكثرة المعاصي في الأرض، وعلى هذا جاء الأمر في التنزيل في قوله: يا عباد الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياى فاعبدون [العنكبوت/ 56] فأمرهم بالهجرة من الأرض التي تكثر فيها المعاصي إلى ما كان بخلاف هذه الصفة.
ومما جاء فيه أمر بمعنى الكثرة قول زهير:
والإثم من شرّ ما يصال به... والبرّ كالغيث نبته أمر
فقوله: أمر: اسم الفاعل من أمر يأمر، وزعموا أن في حرف أبيّ (بعثنا فيها أكابر مجرميها) فهذا يقوي معنى الكثرة). [الحجة للقراء السبعة: 5/93]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب عليه السلام [آمَرْنَا] في وزن عَامَرْنا، واختلف عن ابن عباس والحسن وأبي عمرو وأبي العتاهية وقتادة وابن كثير وعاصم والأعرج، وقرأ بها
[المحتسب: 2/15]
ابن أبي إسحاق وأبو رجاء والثقفي وسلام وعبد الله بن أبي يزيد والكلبي.
وقرأ [أمَّرْنا] مشددة الميم، ابن عباس بخلاف، وأبو عثمان النهدي، وأبو العالية بخلاف، وأبو جعفر محمد بن علي -بخلاف- والحسن -بخلاف- وأبو عمرو -بخلاف- والسدي وعاصم، بخلاف.
وقرأ: [أَمِرْنا] بكسر الميم، بوزن عَمِرْنا-الحسن ويحيى بن يعمر.
قال أبو الفتح: يقال: أَمِرَ القومُ إذا كثروا، وقد أَمَرَهُم الله أي: كثَّرهم. وكان أبو علي يستحسن قول الكسائي في قول الله تعالى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} : أي كثيرا، من قول الله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، ومن قولهم: أَمِرَ الشيءُ، إذا كثر. ومنه قولهم: خَيرُ المالِ سكة مأبُورَة، أو مُهْرَةٌ مأمُورة. فالسكّةُ الطريقة من النخل، ومأبورة أي: ملقحة، ومهرة مأمورة أي: مُكثِرةُ النسل.
وكان يجب أن يقال: مُؤْمَرَة لأنه من آمَرَها الله، لكنه أتبعها قوله: مَأبُورَة، كقولهم: إنه ليأتينا بالغَدَايا والعَشَايا. هذا على قول الجماعة إلا ابن الأعرابي وحده؛ فإنه قال: الغَدَايا جمع غَدِيّة، كما أن العشايا جمع عَشِيّة. ولم يكن يرى أن الغدايا ملحقٌ بقولهم: العَشَايا، وأنشد شاهدا لذلك:
ألا ليت حظيّ من زيارة أُمِّيَّهْ ... غَدِيّاتُ قيظ أو عشيّاتُ أَشْتِيَهْ
وقد قالوا أيضا: أمَرَها اللهُ مقصورا خفيفا، بوزن عَمَرَها؛ فيكون مأمُورَة على هذا من هذا، ولا تكون ملحقةً بمأبُورَة.
[المحتسب: 2/16]
وأما [أَمَرَّنَا مُتْرَفِيهَا] فقد يكون منقولا من أمِرَ القومُ أي: كثُروا. كعلِمَ وعلِمْتُه. وسلِمَ وسلمْتُه.
وقد يكون منقولا من أمَرَ الرجل إذا صار أميرا. وأمَرَ علينا فلان: إذ وَلِيَ. وإن شئت كان [أمَّرْنا] كثرنا، وإن شئت من الأمْرِ والإمارة.
فأما [أمِرْنا] فَعِلْنا، بكسر الميم، فأخبرنا أبو إسحاق وإبراهيم بن أحمد القرميسيني عن أبي بكر محمد بن هارون الروباني عن أبي حاتم قال: قال أبو زيد: يقال: أمِرَ اللهُ مالَه وآمَرَه. قال أبو حاتم: ورَوَوْا عن الحسن أن رجلا من المشركين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أرى أمْرَكَ هذا حقيرًا، فقال عليه السلام: إنه سَيَأْمَرُ أي ينتشر، قال: وقال أبو عمرو: معنى {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، أي: أمرناهم بالطاعة، فعصوا. وقال زهير:
والإثمُ من شرِّ ما يصال به ... والبر كالغيث نبتُه أمِرُ
وأنشد أبو زيد، رويناه عنه وعن جماعة غيره:
أمُّ جوارٍ ضنؤها غيرُ أمِرْ ... صهصلقُ الصوتِ بعينها الصبِرْ
وقال لبيد:
إن يُغبَطوا يَهبُطوا وإن أمِرُوا ... يومًا يصيرُوا للْهُلْكِ والنفدِ
ومن بعد فالأمر من أم ر، وهي مُحَادَّةٌ للفظ ع م ر ومساوقة لمعناها، لأن الكثرة أقرب شيء إلى العمارة. وما أكثر وأظهر هذا المذهب في هذه اللغة! ومن تنبه عليه حظي بأطرف الطريف، وأظرف الظريف). [المحتسب: 2/17]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {آمَرْنَا} {آية/ 16] بالمد والتخفيف:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أنه منقول بالهمزة من أآمر القوم إذا كثروا، وآمرتهم أنا إذا كثرتهم، فهو على أفعلت.
وقرأ الباقون {أَمَرْنَا} بالقصر والتخفيف.
والوجه أنه يجوز أن يكون متعدي أمر فيكون فعل بالفتح متعدي فَعِلَ بالكسر، كما تقول شَتِرَ زيدٌ وشترته أنا.
ويجوز أن يكون من الأمر الذي هو خلاف النهي أي أمرناهم بالطاعة فعصوا.
وعن أبي عمرو {أَمَّرْنَا} بالتشديد.
[الموضح: 752]
والوجه أنه منقولٌ بالتضعيف من أمر إذا كثر، والمراد كثرنا أيضًا، وهو كالقراءة الأولى في المعنى). [الموضح: 753]

قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 07:04 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (18) إلى الآية (21) ]
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)}

قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)}

قوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)}

قوله تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)}

قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 07:05 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (22) إلى الآية (27) ]
{لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)}

قوله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)}

قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إمّا يبلغانّ عندك الكبر (23)
[معاني القراءات وعللها: 2/91]
قرأ حمزة والكسائي (إمّا يبلغانّ عندك) على اثنين، وقرأ الباقون (إمّا يبلغنّ عندك الكبر) على واحد، فالنون مشددة في القراءتين).
قال أبو منصور: من قرأ (إمّا يبلغانّ عندك الكبر) فإنه تثنية يبلغنّ؛ لأن الأبوين قد ذكرا قبله، فصار الفعل على عددهما، ثم قال أحدهما أوكلاهما على استئناف.
ومن قرأ (إما يبلغنّ) جعله فعلاً لأحدهما فكرر عليه (كلاهما) ). [معاني القراءات وعللها: 2/92]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فلا تقل لهما أفٍّ (23)
[معاني القراءات وعللها: 2/90]
قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب (فلا تقل لهما أفّ) - بفتح الفاء، مثل: مدّ - وقرأ نافع وحفص (أفٍّ) منونا، وكذلك قرآ في الأنبياء والأحقاف.
وقرأ الباقون (أفّ) خفضا غير منون.
قال أبو منصور: هذه الوجوه التي قرئ بها كلها جائزة فصيحة، ولا اختلاف بين النحويين في جوازها وصحتها.
وأخبر المنذري بإسناده عن الفراء: في (أف) ست لغات: أفًّا، وأفٍّ، وأفٌّ، وأفّ وأفّ، وأفّ.
فمن قرأ (أفّ) فهو مثل: مدّ.
ومن قرأ (أفٍّ) فهو مثل: صدٍّ ورمحٍ. ومن قرأ (أفّ) فهو مثل: مدّ وغضّ في الأمر.
وقال أبو طالب: قال الأصمعي: الأف: وسخ الأذن - والتّف: وسخ الأظفار، فكان ذلك يقال عند الشيء الذي يستقذر، ثم كثر حتى صاروا يستعملونه عند كل ما يتأذى به.
قال: وقال غيره: (أفّ) معناه - قلة لك و(تفّ) - إتباع، مأخوذ من الأتف، وهو: الشيء القليل). [معاني القراءات وعللها: 2/91]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {ولا تقل لهما أف} [23].
قرأ ابن كثير وابن عامر بفتح الفاء.
وقرأ نافع وحفص عن عاصم بالكسر مع التنوين.
وقرأ الباقون: «أف» بغير تنوين. وهذه كلمة يكني بها عن الكلام القبيح وما يتأفف منه، لأن التف: وسخ الظفر: والأف: وسخ الأذن، وقد جرى مجرى الأصوات فزال الإعراب عنه كقوله (صه) معناه: اسكت، و(مه) معناه: كف، و(هيهات هيهات) معناه: بعيد بعيد، فإذا نونت أردت النكرة سكوتا وكفًا وقبحًا. وإذا لم تنون أردت المعرفة.
فإن قيل: لم جاء حركة الفاء بالضم والفتح والكسر؟.
فقل: لأن حركتها ليست حركة إعراب، وإنما هي لالتقاء الساكنين فيفتح لخفة الفتحة ويضم؛ لأنه يتبع الضم الضم، ويسكر لأن حكم الساكنين إ ذا التقيا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/367]
أن يكسر أحدهما، ومثل مد ومد ومد وينشد هاذ البيت على ثلاثة أوجه:
فغض الطرف إنك من نمير = فلا كعبا بلغت ولا كلابا
غُضَّ، وغُضُّ وغُضِّ. وفي «أف» سبع لغات: أف وأف وأف، وأفًا وأف وأف، وأفي ممال وزاد ابن الانباري: أف مخففة.
وحدثنا علي بن مهروية قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي عن علي بن موسى الرضى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد أنه قال: لو علم الله تعالى لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من «أف» لأتى بها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/368]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {إما يبلغن عندك الكبر} [23].
قرأ حمزة والكسائي {يبلغن عندك} على الاثنين لذكر الوالدين.
فإن قال قائل فبم ترفع {أحدهما أو كلاهما}؟
ففي ذلك ثلاثة أوجه:
يكون بدلاً من الضمير {يبلغن}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/368]
- ويجوز أن ترفعه بفعل محذوف تقديره: يبلغان عندك الكبر يبلغ أحدهما أو كلاهما.
- ويكون رفعًا على السؤال والتفسير كقوله: {وأسروا النجوى الذين ظلموا}.
وقرأ الباقون: {يبلغن} لأن الفعل إذا تقدم لم يثن ولم يجمع ولا ضمير فيه فيرتفع {أحدهما} بفعله وهو {يبلغن} وينسق {أو كلاهما} على {أحدهما} هذا بين.
فإن سأل سائل: فقال: هل أباح الله أن يقال لهما «أف» قبل أن يبلغا الكبر؟
فالجواب في ذلك: أن الله تعالى قد أوجب على الود لجماعة الوالدين الطاعة في كل حال، وحظر عليه أذاهما، وإنما خص الكبر؛ لأن وقت كبر الوالدين مما يضطر الولد إلى الخدمة إذ كانا محتاجين إليه عند الكبر، والعرب تضرب مثلاً للبار بأبويه فيقولون: «فلان أبر من النسر» وذلك أن النسر إذا كبر ولم ينهض للطيران جاء الفرخ فزقه كما كان أبواه يزقانه، وهذا كقوله: {يكلم الناس في المهد وكهلا}.
إن قال قائل: ما الأعجوبة في {وكهلا} في كلامه وكل الناس يتكلمون إذا اكتهلوا؟
فالجواب في ذلك أن الله تعالى جعل كلام عيسى صلى الله عليه وسلم وهو في المهد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/369]
صبيًا أعجوبة، وخبر أنه يعيش حتى يكتهل فيتكلم بعد الطفولة، ونحوه قوله: {والأمر يومئذ لله}. وقد علمنا أن الأمر له في الدنيا كما له في الآخرة وإنما خص يوم القيامة، لأن الله تعالى قد ملك الدنيا وزينتها أقواما جعلهم ملوكا وخلفاء، وذلك اليوم لا ملك سواه، ألم تسمع قوله: {لمن الملك اليوم} ثم أجاب بنفسه فقال: {لله الواحد القهار} وهذا بين واضح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/370]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الفاء وكسرها من قوله: فلا تقل لهما أف والتنوين [23].
فقرأ ابن كثير، وابن عامر (أفّ ولا) بفتح الفاء.
وقرأ نافع: أف ولا بالتنوين، وكذلك في الأنبياء [67] والأحقاف [17] حفص عن عاصم مثله.
وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي (أفّ) خفضا بغير تنوين.
قول ابن كثير: (أفّ ولا) الفاء فيه مبني على الفتح، لأنه وإن كان في الأصل مصدرا في قولهم: أفة وتفة، يراد بها: نتنا وذفرا، قد سمّي الفعل به فبني، وهذا في البناء على الفتح كقولهم: «سرعان ذي إهالة» كما صار اسما لسرع، وكذلك أفّ، لما كان اسما لأتكره وأتفجّر ونحو ذلك، ومثل سرعان قولهم: وشكان ذلك، وأنشد أبو زيد:
لو شكان لو غنيتم وشمتم... بإخوانكم والعزّ لم يتجمّع
ومثل ذلك قولهم: رويد، في أنه سمّي به الفعل فبني ولم يلحق
[الحجة للقراء السبعة: 5/94]
التنوين، إلا أن هذا في الأمر والنهي، وأفّ في الخبر. وقال:
رويد عليّا جدّ ما ثدي أمّهم... إلينا ولكن بغضهم متماين
وقول نافع: أف ولا فإنه في البناء على الكسر مع التنوين مثل (أفّ) في البناء على الفتح، إلا أنه بدخول التنوين دل على التنكير مثل إيه، وصه، ومثله قولهم: فداء لك، فبنوه على الكسر وإن كان في الأصل مصدرا، كما كان أفة في الأصل كذلك، ومن قال: أفّ، ولم ينون جعله معرفة فلم ينوّن، كما أن من قال: صه وغاق فلم ينوّن أراد به المعرفة، فإن قلت: ما موضع أفّ في هذه اللغات بعد القول، هل يكون موضعه نصبا كما ينتصب المفرد بعده، أو كما تكون الجمل؛ فالقول إن موضعه موضع الجمل، كما أنك لو قلت: رويد، لكان موضعه موضع الجمل، وكذلك لو قلت: فدا.
قال أبو الحسن: وقول الذين قالوا: أفّ أكثر وأجود، ولو جاء أفّ لك، وأفّا لك، لاحتمل أمرين: أحدهما أن يكون الذي صار اسما للفعل، لحقه التنوين لعلامة التنكير. والآخر: أن يكون نصبا معربا، وكذلك الضم، فإن لم يكن معه لك كان ضعيفا، ألا ترى أنك لا تقول: ويل حتى توصل به: لك، فيكون في موضع الخبر). [الحجة للقراء السبعة: 5/95]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التوحيد والتثنية من قوله عز وجل: إما يبلغن عندك [الإسراء/ 23].
فقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم وابن عامر: (إمّا يبلغن عندك) على واحد. وقرأ حمزة والكسائي: (يبلغان).
قال أبو علي: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما) مرتفع بالفعل وقوله: أو كلاهما معطوف عليه. والذكر الذي عاد من قوله (أحدهما) يغني عن إثبات علامة الضمير في (يبلغان) فلا وجه لمن قال: إن الوجه ثبات الألف لتقديم ذكر الوالدين. ووجه ذلك أنه على الشيء الذي يذكر على وجه التوكيد، ولو لم يذكر لم يقع بترك ذكره إخلال نحو قوله: أموات غير أحياء [النحل/ 21] وقوله: غير أحياء توكيد، لأن قوله أموات قد دلّ عليه). [الحجة للقراء السبعة: 5/96]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي السمال: [أُفُّ] مضمومة غير منونة، وقرأ: [أُفَ] خفيفة -ابن عباس. قال هارون النحوي: ويقرأ: [أَفٌّ]، ولو قرئت [أَفًّا] لكان جائزا، ولكن ليس في الكتاب ألف.
قال أبو الفتح: فيها ثماني لغات: أُفِّ، وأُفٍّ، وأُفَّ، وأُفًّا، وأُفُّ، وأُفٌّ، وأُفى, ممال. وهي التي يقول لها العامة: أُفِّي، بالياء. وأُفْ خفيفة ساكنة.
وأما [أُفَ] خفيفة مفتوحة فقياسها قياس ربَ خفيفة مفتوحة، وكان قياسها إذا خففت أن يسكن آخرها؛ لأنه لم يلتق فيها ساكنان فتحرك، لكنهم بقَّوا الحركة مع التخفيف أمارة ودلالة على أنها قد كانت مثقلة مفتوحة، كما قال: لا أكلمك حِيرِي دهر، فأسكن الياء في موضع النصب في غير ضرورة شعر، لأنه أراد التشديد في حيري دهر، فكما أنه لو أدغم الياء الأولى في الثانية لم تكن إلا ساكنة فكذلك إذا حذف الثانية تخفيفا أقر الأولى على سكونها دلالة وتنبيها على إرادة الإدغام الذي لابد معه من سكون الأولى.
هذا هنا كذاك ثمة، وقد مر بنا مما أريد غير ظاهره، فجعل كأنه هو المراد به -كثير نحو من عشرة أشياء، وفي هذا مع ما نحن عليه من الإنجاز وتنكب الإكثار كاف بإذن الله). [المحتسب: 2/18]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقضى ربك ألا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ}
قرأ حمزة والكسائيّ (إمّا يبلغان) على الاثنين وحجتهما أن الوالدين تقدم ذكرهما في قوله تعالى {وبالوالدين إحسانا} فأخرجا الفعل على عددهما مثنى فإن قيل فبم يرتفع {أحدهما أو كلاهما} قيل في ذلك وجهان أحدهما أن يكون بدلا من الضّمير في يبلغان والوجه الآخر أن يرفعه بفعل مجدد تقديره إمّا يبلغان عندك الكبر يبلغه أحدهما أو كلاهما
وقرأ الباقون {إمّا يبلغن} على واحد وحجتهم أن الفعل إذا تقدم لم يثن ولم يجمع ويرتفع {أحدهما} بفعله وهو {يبلغن}
قرأ ابن كثير وابن عامر {أفٍّ} بفتح الفاء وقرأ نافع وحفص أفٍّ بالتّنوين وقرأ الباقون {أفٍّ} خفضا بغير تنوين
قال أبو عبيد من خفض بغير تنوين قال إنّما يحتاج إلى تنوين في الأصوات النّاقصة الّتي على حرفين مثل مه وصه لأنّها قلت فتمموها بالنّون وأف على ثلاثة أحرف قالوا فما حاجتنا إلى التّنوين ولكنّا إنّما خفضنا لئلّا نجمع بين ساكنين ومن قرأ أفٍّ بالفتح فهو
[حجة القراءات: 399]
مبنيّ على الفتح وإنّما بني على الفتح لالتقاء الساكنين والفتح مع التّضعيف حسن لخفة الفتحة وثقل التّضعيف ومن نون {أفٍّ} فإنّه في البناء على الكسر مع التّنوين مثل البناء على الفتح إلّا أنه بدخول التّنوين دلّ على التنكير مثل صه ومه
وقال الزّجاج {أفٍّ} غير متمكن بمنزلة الأصوات فإذا لم ينون فهو معرفة وإذا نون فهو نكرة بمنزلة غاق وعاق في الصّوت وهذه الكلمة يكني بها عن الكلام القبيح لأن الأف وسخ الأظفار والتف الشّيء الحقير). [حجة القراءات: 400]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {إما يبلغن عندك} قرأه حمزة والكسائي بألف ونون مكسورة مشددة، بعد الألف وقرأ الباقون بنون مشددة مفتوحة، من غير ألف قبلها.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/43]
وحجة من قرأ بألف أنه ثنى الفعل، لتقدم ذكر الوالدين، وأعاد الضمير في أحدهما على طريق التأكيد، كما قال: {أموات غير أحياء} «النحل 21»، ويجوز أن يكون وقعت التثنية في هذا الفعل على لغة من رأى ذلك من العرب يثنون الفعل، وهو متقدم، كما ثبتت علامة التأنيث في الفعل، وهو متقدم ويجوز أن يكون وقعت التثنية في «يبلغن» لتقدم ذكر الوالدين ثم أبدل أحدهما أو كلاهما من الضمير في «يبلغن».
5- وحجة من قرأ بغير ألف أنه لما رأى الفعل متقدمًا قد رفع أحدهما أو كلاهما وحده على الأصول في تقدم الفعل، واستغنى بلفظ التثنية عن تثنية لفظ الفعل، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/44]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {فلا تقل لهما أف} قرأ نافع وحفص بكسر الفاء والتنوين، وقرأ ابن كثير وابن عامر بفتح الفاء، من غير تنوين، وقرأ الباقون بكسر الفاء، من غير تنوين وهي لغات كلها، وأصل {أف} المصدر من قوله: أفه وتفه، أي: تتنا ودفرا، وهو اسم سمي به الفعل، فنبي على فتح أو على كسر أو على ضم، منون وغير منون، ذلك جائز فيه لأن فيه لغات مشهورة، فمن نونه قدَّر فيه التنكير، ومن لم ينونه قدر فيه التعريف، ومعناه: لا يقع منك لهما تكره وتطجر، وموضع {أف} نصب بالقول، كما تقول: لا تقل لهما شتما). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/44]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {إِمَّا يَبْلُغَانِّ} [آية/ 23] بالألف، مكسورة النون:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه فعلٌ مثنى دخل عليه نون التأكيد الثقيلة، فكسرت كما كسرت نون التثنية، والألف في {يَبْلُغَانِّ} ضمير الوالدين اللذين تقدم ذكرهما، و{أَحَدُهُمَا} بدل من الضمير، وقوله {كِلاهُما} عطف على {أَحَدُهُمَا}.
والفائدة في هذا البدل والعطف عليه الإبانة عن أن هذا الحكم وهو نفي التأفيف يثبت لأحدهما على الانفراد، وليس يتوقف إلى بلوغهما جميعًا الكبر.
وقرأ الباقون {يَبْلُغَنَّ} بغير ألف على الوحدة، والنون مفتوحةٌ، ولم يختلفوا في تشديد النون.
والوجه أنه فعلٌ لفاعلٍ مفردٍ هو {أحدُهُما} وليس للوالدين، فلهذا وحَّد الضمير، والنون فيه للتأكيد دخلت على فعل الواحد، فلهذا فُتحت). [الموضح: 753]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفَّ} [آية/ 23] بالفتح غير منونٍ:
قرأها ابن كثير وابن عامر ويعقوب.
والوجه أنه مبني على الفتح، بُني لأنه اسمٌ للفعل، ومعناه أتكره وأتضجّر، وفُتح للخفة، كما قالوا رويد وشتان.
وقرأ نافعٌ و-ص- عن عاصم {أُفٍّ} بالكسر والتنوين.
والوجه أنه مبني على الكسر؛ لأنه الأصل في التقاء الساكنين، وألحقوا به التنوين ليدل على التنكير نحو: إيهٍ وصهٍ إذا أرادوا بهما التنكير.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم ياش- {أُفِّ} بالكسر من غير تنوين. وكذلك اختلافهم في سورة الأنبياء.
والوجه في كسر {أُفِّ} بغير تنوين، أنه مبنيٌّ على الأصل في حركة التقاء الساكنين، ولم يُنون؛ لأنهم جعلوه معرفةً، كما قالوا غاق وصه إذا أرادوا التعريف). [الموضح: 754]

قوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وعروة بن الزبير في جماعة غيرهما: [جَنَاحَ الذِّلِّ].
قال أبو الفتح: الذِّلِّ في الدابة: ضد الصعوبة، والذُّلِّ للإنسان، وهو ضد العز. وكأنهم اختاروا للفصل بينهما الضمة للإنسان والكسرة للدابة؛ لأن ما يلحق الإنسان أكبر قدرا مما يحلق الدابة، واختاروا الضمة لقوتها للإنسان، والكسرة لضعفها للدابة. ولا تستنكر مثل هذا ولا تنبُ عنه؛ فإنه من عَرَفَ أَنِسَ، ومن جَهِلَ استوحش. وقد مر من هذا ما لا يحصى كثرة.
[المحتسب: 2/18]
من ذلك قولهم: حلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني، فاختاروا البناء للفعل على فَعَل فيما كان لحاسة الذوق؛ لتظهر فيه الواو، وعلى فَعِل في حَلِي يحلَى لتظهر الياء والألف، وهما خفيفتان ضعيفتان إلى الواو؛ لأن [لو كان حس لكان أشبه] حصة الناظر أضعف من حس الذوق بالفم. وقالوا أيضا: جُمامُ المكوك دقيقا وجِمام القدح ماء؛ وذلك لأن الماء لا يصح أن يعلو على رأس القدح كما يعلو الدقيق ونحوه على رأس المكوك؛ فجعلوا الضمة لقوتها فيما يكثر حجمه، والكسرة لضعفها فيما يقل بل يعدم ارتفاعه.
وقالوا: النضح بالحاء غير معجمة للماء السخيف يخف أثره، وقالوا: النضخ بالخاء لما يقوَى أثره فيبُل الثوب ونحوه بللا ظاهرا؛ وذلك لأن الخاء أوفى صوتا من الحاء. ألا ترى إلى غلظ الخاء ورقة الحاء؟ وقد ثبت في كتاب الخصائص من هذا الضرب ونحوه وما جرى مجراه وأحاط به شيء كثير. وقد قال شاعرنا:
وكم من عائبٍ قولا صحيحا ... وآفته من الفهمِ السقيم
ولكن تأخذُ الأذهانُ منه ... على قدرِ القرائحِ والعلومِ). [المحتسب: 2/19]

قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)}

قوله تعالى: {وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)}

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة