التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {على كرسيّه جسداً...}
يريد: صنما, ويقال: شيطان.). [معاني القرآن: 2/405]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وألقينا على كرسيّه جسداً} : يقال: شيطان, ويقال: صنم.). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ولقد فتنّا سليمان وألقينا على كرسيّه جسدا ثمّ أناب (34)}
{فتنّا}: امتحنا.
{وألقينا على كرسيّه جسدا} : جاء في التفسير : أنه كان لسليمان ابن فخاف عليه الشياطين؛ لأن الشياطين كانت تقدر الراحة مما كانت فيه بموت سليمان، فقالت: إن بقي له ولد لم ننفكّ مما نحن فيه، فغذاه في السحاب إشفاقا عليه , فمات. فألقى على كرسيه جسد، فجائز أن يكون هذا مجازاته على ذنبه، وجائز أن يكون , فأثكله اللّه ولده.
وأكثر ما جاء في التفسير أن " جسدا " : ههنا شيطان، وأن سليمان أمر ألا يتزوج امرأة إلا من بني إسرائيل، فتزوج من غيرهم امرأة كانت تعبد غير اللّه، فعاقبه اللّه بأن سلبه ملكه , وكان ملكه في خاتمه , فدفعه عند دخوله الحمام إلى شيطان، وجاء في التفسير أنه يقال له : صخر، فطرحه في البحر , فمكث أربعين يوما يتيه في الأرض حتى وجد الخاتم في بطن سمكة.
وكان شيطان تصور في صورته , وجلس مجلسه، وكان أمره ينفذ في جميع ما كان ينفذ فيه أمر سليمان، خلا نساء سليمان، إلى أن ردّ اللّه عليه ملكه.
قال:{فغفرنا له ذلك}: أي ذلك الذنب.
{وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}: حسن مرجع.). [معاني القرآن: 4/332]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب}
قد رويت في ذلك أخبار :-
- منها أن شيطانا غلب على ملكه أياما
- ومنها أن الشياطين قتلت ابنه خوفا من أن يملكهم بعده , وألقته على كرسيه , والله اعلم بما كان من ذلك .
والكلام يوجب : أنه أزيل ملكه , فجلس آخر على كرسيه.). [معاني القرآن: 6/113-114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}: قيل صنماً , وقيل: شيطاناً.) [تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]
تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لاّ ينبغي لأحدٍ مّن بعدي...}
, فيريد سخرة الريح , والشياطين.). [معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({هب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي }: لا يكون لأحد من بعدي.
قال أبو عبيدة: قال الحجاج: إن كان لحسوداً، قال ابن أحمر:
ما أم غفرٍ على دعجاء ذي عللق= ينفي القراميد عنها الأعصم الوقل
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة= لا يبتغي دونها سهل ولا جبل
لا يبتغي أي لا يكون فوقها سهل, ولا جبل أحصن منها.). [مجاز القرآن: 2/183]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قال ربّ اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنّك أنت الوهّاب (35)}
أي : هب لي ملكا يكون فيه آية تدل على نبوتي، لا ينبغي لأحد من بعدي من الآدميين الذين ليسوا بأنبياء، يكون له آية تدل على أنك غفرت لي , ورددت إليّ نبوتي, والدليل على هذا قوله:{فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاء حيث أصاب (36) }.) [معاني القرآن: 4/332-333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}
أي : أعطني فضيلة , ومنزلة , كما قال إبراهيم {رب أرني كيف تحيي الموتى} ). [معاني القرآن: 6/114-115]
تفسير قوله تعالى:{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {رخاء حيث أصاب...}
والرخاء: الريح الليّنة التي لا تعصف, وقوله: {حيث أصاب}: حيث أراد.). [معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بأمره رخاءً }: أي رخوة لينة , وهي من الرخاوة.
{حيث أصاب}: حيث أراد , يقال: أصاب الله بك خيراً , أي: أراد الله بك خيراً.). [مجاز القرآن: 2/183]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاء حيث أصاب}
وقال: {رخاء} , فانتصاب {رخاءً} - والله أعلم - على {رخّيناها رخاءً}.). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({رخاء}: لينة رخوة). [غريب القرآن وتفسيره: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {رخاءً}: أي: رخوة لينة حيث أصاب, أي: حيث أراد من النواحي.
قال الأصمعي: العرب تقول: أصاب الصواب، فأخطأ الجواب, أي: أراد الصواب.). [تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاء حيث أصاب (36)}
{رخاء}: لينة، وقيل {تجري بأمره}: ليست بشديدة كما يحب.
{حيث أصاب}: إجماع المفسرين , وأهل اللّغة: أنه حيث أراد، وحقيقته قصد، وكذلك قولك للمجيب في المسألة: أصبت، أي: قصدت، فلم تخطئ الجواب.). [معاني القرآن: 4/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب}
قال قتادة : (الرخاء : اللينة).
قال الحسن: الرخاء : (ليست بعاصفة , ولا هينة , بين ذلك) .
وروى علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قوله تعالى: {رخاء حيث أصاب}, قال : (مطيعة : حيث أراد) .
حكى الأصمعي : أصاب الصواب , فأخطأ الجواب, أي: أراد الصواب .
وحقيقته في اللغة : أنه بمعنى قصد من قولهم: أصبت , أي قصدت : فلم تخطئ.). [معاني القرآن: 6/115]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {رخاء}: أي: ساكنة, {حيث أصاب}: أي: حيث أراد.
قال: والعرب تقول: أصاب الصواب، وأخطأ الجواب، أي: أراد الصواب، فأخطأ الجواب). [ياقوتة الصراط: 440-441]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رُخَاء}: أي: رخوة لينة, {حَيْثُ أَصَابَ} : أي : حيث أراد.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رُخَاء}: لينةً.).[العمدة في غريب القرآن: 259]
تفسير قوله تعالى: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({والشّياطين كلّ بنّاء وغوّاص (37)}
{الشّياطين} : نسق على الريح.
وقوله : {كلّ بنّاء وغوّاص}: يدل على أنه من الشياطين.
المعنى : وسخرنا له كل بناء من الشياطين , وكل غواص, وكان من يبني: {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} , وكان من يغوص يخرجون له الحلية من البحر.). [معاني القرآن: 4/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {والشياطين كل بناء وغواص}
أي: من يبني له المحاريب والتماثيل , ومن يغوص في البحر , فيخرج الحلية.). [معاني القرآن: 6/116]
تفسير قوله تعالى:{وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الأصفاد }: الأغلال , واحدها: صفد، والصفد أيضاً الغطاء , قال الأعشى:
= وأصفدني على الزّمانة قائداً
وبعضهم يقول : صفدني.). [مجاز القرآن: 2/183]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الأصفاد}: الأغلال، في التفسير). [تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآخرين مقرّنين في الأصفاد (38)}: مردة الجن الشياطين، سخروا له حتى قرنهم في الأصفاد.
والأصفاد السلاسل من الحديد، , وكل ما شددته شدّا وثيقا بالحديد وغيره، فقد صفدته , وكل من أعطيته عطاء جزيلا. فقد أصفدته كأنك أعطيته ما ترتبط به، كما تقول للمتخذ مالا أصلا يبقى عليه: قد اتخذت عقدة جيدة.). [معاني القرآن: 4/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وآخرين مقرنين في الأصفاد}
قال قتادة : (أي: في الأغلال).
قال أبو جعفر : يقال صفدت الرجل إذا شددته , وأصفدته : أعطيته.). [معاني القرآن: 6/116]
تفسير قوله تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حسابٍ...}.
يقول : فمنّ به , أي: أعط، أو أمسك، ذاك إليك.
وفي قراءة عبد الله : {هذا فامنن أو أمسك عطاؤنا بغير حساب}: مقدّم , ومؤخّر.). [معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أو أمسك بغير حسابٍ }: سبيلها سبيلان:
فأحدهما بغير جزاء .
والآخر بغير ثواب , وبغير منة , ولا قلةٍ.). [مجاز القرآن: 2/184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك}: أي فأعط , أو أمسك. كذلك قيل في التفسير سورة المدثر.
ومثله: {ولا تمنن تستكثر}: أي : لا تعط , لتأخذ من المكافأة أكثر مما أعطيت.
قال الفراء: أراد: هذا عطاؤنا، فمن به في العطية, أراد: انه إذا أعطاه , فهو منّ, فسمّي العطاء مناً.). [تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ}، أي فأعط أو أمسك.
وقوله: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} مردود إلى قوله: هذا عطاؤنا بغير حساب). [تأويل مشكل القرآن: 184] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب (39)}
{هذا عطاؤنا فامنن}: أي : أطلق من شئت منهم.
{هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب}: {أو أمسك}, أو احبس من شئت , ولا حساب عليك في حبسه.
وجائز أن يكون عطاؤنا ما أعطيناك من المال , والكثرة , والملك.
فامنن، أي : فاعط منه.
{أو أمسك بغير حساب}: بغير منة عليك، وإن شئت بغير حساب بغير جزاء.). [معاني القرآن: 4/333-334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {هذا عطاؤنا أو أمسك بغير حساب}
قال الحسن , والضحاك: (هذا عطاؤنا : الملك فأعط, وأمنع) .
وقال قتادة : (هؤلاء الشياطين, فاحبس من شئت , وسرح من شئت).
وعن ابن عباس : (كان له ثلاثمائة امرأة , وتسعمائة سرية {هذا عطاؤنا } ).
قال أبو جعفر , وأولاها الأول ؛ لأن الأول مشتمل على كل ما أعطي , وهو عقيب تلك الأشياء.
وروى سفيان , عن أبيه, عن عكرمة , عن ابن عباس :( {فامنن }: أي: أعط , {أو أمسك بغير حساب}: أي: أمسك, فليس عليك حساب).
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد :{بغير حساب }: (أي: بغير حرج) .
وقال الحسن: (ليس أحد ينعم عليه بنعمة إلا وهو يحاسب عليها إلا سليمان , ثم قرأ :{هذا عطاؤنا }:أي: بغير تقتير) .
ويجوز أن يكون بمعنى : لا يحاسب عليه.). [معاني القرآن: 6/116-118]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (40) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}
قال قتادة: (أي حسن مصير).). [معاني القرآن: 6/118]