تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، قال: قال لنا أبي: إذا رأى أحدكم شيئًا من زينة الدّنيا وزهرتها فليأت أهله فليأمرهم بالصّلاة وليصطبر عليها، فإنّ اللّه، قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} ثمّ قرأ إلى آخر الآية). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 403]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ولا تنظر إلى ما جعلنا لضرباء هؤلاء المعرضين عن آيات ربّهم وأشكالهم متعةً في حياتهم الدّنيا، يتمتّعون بها، من زهرة عاجل الدّنيا ونضرتها {لنفتنهم فيه} يقول: لنختبرهم فيما متّعناهم به من ذلك، ونبتليهم، فإنّ ذلك فانٍ زائلٌ، وغرورٌ وخدعٌ تضمحلّ {ورزق ربّك} الّذي وعدك أن يرزقكه في الآخرة حتّى ترضى، وهو ثوابه إيّاه {خيرٌ} لك ممّا متّعناهم به من زهرة الحياة الدّنيا {وأبقى} يقول: وأدوم، لأنّه لا انقطاع له ولا نفاذ.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، من أجل أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث إلى يهوديٍّ يستسلف منه طعامًا، فأبى أن يسلّفه إلاّ برهنٍ
ذكر الروايه ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيطٍ، عن أبي رافعٍ، قال: أرسلني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى يهوديٍّ يستسلفه، فأبى أن يعطيه إلاّ برهنٍ، فحزن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأنزل اللّه: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، عن عبد اللّه بن واقدٍ، عن يعقوب بن زيدٍ، عن أبي رافعٍ، قال: نزل برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ضيفٌ: فأرسلني إلى يهوديٍّ بالمدينة أستسلفه، فأتيته، فقال: لا أسلفه إلاّ برهنٍ، فأخبرته بذلك، فقال: " إنّي لأمينٌ في أهل السّماء وفي أهل الأرض، فاحمل درعي إليه " فنزلت: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم} وقوله: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا} إلى قوله: {والعاقبة للتّقوى}.
ويعني بقوله: {أزواجًا منهم} رجالاً منهم أشكالاً، وبزهرة الحياة الدّنيا: زينة الحياة الدّنيا.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {زهرة الحياة الدّنيا} أي زينة الحياة الدّنيا.
ونصب زهرة الحياة الدّنيا على الخروج من الهاء الّتي في قوله به من {متّعنا به} كما يقال: مررت به الشّريف الكريم، فنصب الشّريف الكريم على فعل مررت، وكذلك قوله: {إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا} تنصب على الفعل بمعنى: متّعناهم به زهرةً في الحياة الدّنيا وزينةً لهم فيها، وذكر الفرّاء أنّ بعض بني فقعسٍ أنشده:
أبعد الّذي بالسّفح سفح كواكبٍ = رهينة رمسٍ من ترابٍ وجندل
فنصب رهينة على الفعل من قوله: " أبعد الّذي بالسّفح "، وهذا لا شكّ أنّه أضعف في العمل نصبًا من قوله: {متّعنا به أزواجًا منهم} لأنّ العامل في الاسم الذى هو رهينة، حرفٌ خافضٌ لا ناصبٌ.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله {لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى}، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لنفتنهم فيه} قال: لنبتليهم فيه {ورزق ربّك خيرٌ وأبقى} ممّا متّع به هؤلاء من هذه الدّنيا). [جامع البيان: 16/213-216]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب، ثنا محمّد بن عبد الوهّاب، أنبأ جعفر بن عونٍ، أنبأ مسعرٌ، حدّثني علقمة بن مرثدٍ، عن المغيرة اليشكريّ، عن المعرور بن سويدٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: قالت أمّ حبيبة بنت أبي سفيان: اللّهمّ متّعني بزوجي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وبأبي سفيان وبأخي معاوية. فقال لها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّك دعوت اللّه لآجالٍ معلومةٍ، وأرزاقٍ مقسومةٍ، وآثارٍ مبلوغةٍ لا يعجّل شيءٌ منها قبل حلّه، ولا يؤخّر شيءٌ منها بعد حلّه فلو دعوت اللّه أن يعافيك أو سألت اللّه أن يعيذك أو يعافيك من عذاب النّار أو عذاب القبر لكان خيرًا أو لكان أفضل» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/413]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو بكرٍ أحمد بن إسحاق، أنبأ الحسن بن عليّ بن زيادٍ، ثنا عبد العزيز بن عبد اللّه الأويسيّ، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي اللّه عنها، أنّها قالت: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «فتنة القبر فيّ فإذا سئلتم عنّي فلا تشكّوا» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/414]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا وكيع بن الجراح، عن موسى بن عبيدة عن يزيد بن عبد اللّه، عن أبي رافعٍ قال: "نزل بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ضيفٌ فبعثني إلى يهوديٍّ فقال: قل له: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول لك: بعنا أو أسلفنا إلى رجبٍ. فقلت له فقال: واللّه لا أبيعه ولا أسلفه إلّا برهنٍ. فرجعت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته، فقال: أما والله إن باعني أو أسلفني لقضيته إنّي لأمينٌ في السّماء أمينٌ في الأرض، اذهب بدرعي الحديد. فذهبت بها، فنزلت هذه الآية تعزيةً عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم (ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم) .
رواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصليّ، كلاهما من طريق موسى بن عبيدة به، وتقدم في كتاب....). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/245]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو بكرٍ: حدثنا وكيعٌ، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن عبد اللّه، هو ابن قسيطٍ، عن أبي رافعٍ رضي الله عنه قال: نزل بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ضيفٌ، فبعثني صلّى اللّه عليه وسلّم إلى يهوديٍّ فقال: قل له: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول لك: بعنا أو أسلفنا إلى رجبٍ. فقلت له.
فقال: واللّه لا أبيعه ولا أسلفه إلّا برهنٍ فرجعت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: أما واللّه إنّه لو باعني أو أسلفني لقضيته. إنّي أمينٌ في السّماء. أمينٌ في الأرض. اذهب بدرعي الحديد. فذهبت بها فنزلت هذه الآية تعزيةً للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن زاهويه والبزار وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق وأبو نعيم في المعرفة عن أبي رافع قال: أضاف النّبيّ صلى الله عليه وسلم ضيفا ولم يكن عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما يصلحه فأرسلني إلى رجل من اليهود أن بعنا أو أسلفنا دقيقا إلى هلال رجب، فقال: لإ إلا برهن، فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه اذهب بدرعي الحديد فلما أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} كأنه يعزيه عن الدنيا). [الدر المنثور: 10/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله: {ولا تمدن عينيك} الآية، قال: تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 10/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ما أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا، قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بركات الأرض). [الدر المنثور: 10/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {زهرة الحياة الدنيا} قال: زينة الحياة الدنيا {لنفتنهم فيه} قال: لنبتليهم فيه {ورزق ربك خير وأبقى} قال: مما متع به هؤلاء من زهرة الدنيا). [الدر المنثور: 10/264-265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ورزق ربك خير وأبقى} يقول: رزق الجنة). [الدر المنثور: 10/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج المرهبي في فضل العلم عن زياد الصدعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب العلم تكفل الله برزقه). [الدر المنثور: 10/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج المرهبي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غدا في طلب العلم أظلت عليه الملائكة وبورك له في معيشته ولم ينقص من رزقه وكان عليه مباركا). [الدر المنثور: 10/265]
تفسير قوله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، قال: قال لنا أبي: إذا رأى أحدكم شيئًا من زينة الدّنيا وزهرتها فليأت أهله فليأمرهم بالصّلاة وليصطبر عليها، فإنّ اللّه، قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} ثمّ قرأ إلى آخر الآية). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 403](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأمر} يا محمّد {أهلك بالصّلاة واصطبر عليها} يقول: واصطبر على القيام بها، وأدائها بحدودها أنت. {لا نسألك رزقًا} يقول: لا نسألك مالاً، بل نكلّفك عملاً ببدنك، نؤتيك عليه أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلاً {نحن نرزقك}. يقول: نحن نعطيك المال ونكسبكه، ولا نسألكه.
وقوله: {والعاقبة للتّقوى} يقول: والعاقبة الصّالحة من عمل كلّ عاملٍ لأهل التّقوى والخشية من اللّه دون من لا يخاف له عقابًا، ولا يرجو له ثوابًا.
وبنحو الّذي قلنا في قوله {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن هشام بن عروة، قال: كان عروة إذا رأى ما عند السّلاطين دخل داره، فقال: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى} ثمّ ينادي: الصّلاة الصّلاة، يرحمكم اللّه.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال، حدّثنا عثّامٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّه كان إذا رأى شيئًا من الدّنيا جاء إلى أهله، فقال: الصّلاة {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا}.
- حدثنا العباس بن عبد العظيم، قال: حدّثنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: كان يبيت عند عمر بن الخطاب من غلمانه أنا ويرفأ، وكانت له من الليل ساعة يصليها، فإذا قلنا لا يقوم من الليل كما كان يقوم يكون أبكر ما كان قياما، وكان إذا صلى من الليل ثم فرغ قرأ هذه الآية {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها}..... الآية.
- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه عن عمر مثله). [جامع البيان: 16/216-217]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وأمر أهلك بالصّلاة} [طه: 132].
- عن عبد اللّه بن سلامٍ قال: «كان النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - إذا نزل بأهله الصّيف أمرهم بالصّلاة، ثمّ قرأ وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها» - الآية.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 132.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وأمر أهلك بالصلاة} قال: قومك). [الدر المنثور: 10/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله: {لا نسألك رزقا} قال: لا نكلفك بالطلب). [الدر المنثور: 10/265-266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عروة أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله فدخل الدار قرأ {ولا تمدن عينيك} إلى قوله: {نحن نرزقك} ثم يقول: الصلاة، الصلاة رحمكم الله). [الدر المنثور: 10/266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر، وابن النجار عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت {وأمر أهلك بالصلاة} كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يجيء إلى باب علي صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول: الصلاة رحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزاب آية 33) ). [الدر المنثور: 10/266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ثابت قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله بالصلاة: صلوا، صلوا، قال ثابت: وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة). [الدر المنثور: 10/266-267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وعبد بن حميد عن معمر عن رجل من قريش قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل على أهله بعض الضيق في الرزق أمر أهله بالصلاة ثم قرأ {وأمر أهلك بالصلاة} الآية). [الدر المنثور: 10/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور، وابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عبد الله بن سلام قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة وتلا {وأمر أهلك بالصلاة} الآية). [الدر المنثور: 10/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك والبيهقي عن أسلم قال: كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ويقول لهم: الصلاة، الصلاة، ويتلو هذه الآية: {وأمر أهلك بالصلاة}). [الدر المنثور: 10/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة قال: قال لنا أبي: إذا رأى أحدكم شيئا من زينة الدنيا وزهرتها فليأت أهله وليأمر أهله بالصلاة وليصطبر عليها فإن الله قال لنبيه: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} وقرأ إلى آخر الآية). [الدر المنثور: 10/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في وله {والعاقبة للتقوى} قال: هي الجنة، والله أعلم). [الدر المنثور: 10/268]
تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا لولا يأتينا بآيةٍ من ربّه أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى}.
يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المشركون الّذين وصف صفتهم في الآيات قبل: هلاّ يأتينا محمّدٌ بآيةٍ من ربّه، كما أتى قومه صالحٌ بالنّاقة وعيسى بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص. يقول اللّه جلّ ثناؤه: أولم يأتهم بيان ما في الكتب الّتي قبل هذا الكتاب من أنباء الأمم من قبلهم الّتي أهلكناهم لمّا سألوا الآيات فكفروا بها لمّا أتتهم كيف عجّلنا لهم العذاب، وأنزلنا بهم بأسنا بكفرهم بها، يقول: فماذا يؤمّنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم حال أولئك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى} قال: التّوراة والإنجيل.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى} الكتب الّتي خلت من الأمم الّتي يمشون في مساكنهم). [جامع البيان: 16/218]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله بينة ما في الصحف الأولى قال يعني التوراة والإنجيل). [تفسير مجاهد: 406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 133 - 135.
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} قال: التوراة والإنجيل). [الدر المنثور: 10/268]
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو أنّا أهلكناهم بعذابٍ من قبله لقالوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى}.
يقول تعالى ذكره: ولو أنّا أهلكنا هؤلاء المشركين الّذين يكذّبون بهذا القرآن من قبل أن ننزّله عليهم، ومن قبل أن نبعث داعيًا يدعوهم إلى ما فرضنا عليهم فيه بعذابٍ ننزّله بهم بكفرهم باللّه، لقالوا يوم القيامة، إذا وردوا علينا، فأردنا عقابهم: ربّنا هلاّ أرسلت إلينا رسولاً يدعونا إلى طاعتك {فنتّبع آياتك} يقول: فنتّبع حجّتك وأدلّتك وما تنزّله عليه من أمرك ونهيك من قبل أن نذلّ بتعذيبك إيّانا ونخزى به.
- كما: حدّثني الفضل بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة، عن فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " يحتجّ على اللّه يوم القيامة ثلاثةٌ: الهالك في الفترة، والمغلوب على عقله، والصّبيّ الصّغير، فيقول المغلوب على عقله: لم تجعل لي عقلاً أنتفع به، ويقول الهالك في الفترة: لم يأتني رسولٌ ولا نبيّ، ولو أتاني لك رسولٌ أو نبيّ لكنت أطوع خلقك لك. وقرأ: {لولا أرسلت إلينا رسولاً} ويقول الصّبيّ الصّغير: كنت صغيرًا لا أعقل " قال: " فترفع لهم نارٌ ويقال لهم: ردوها " قال: " فيردها من كان في علم اللّه أنّه سعيدٌ، ويتلكّأ عنها من كان في علم اللّه أنّه شقيّ، فيقول: إيّاي عصيتم، فكيف برسلي لو أتتكم؟ "). [جامع البيان: 16/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال: الهالك في الفترة والمعتوه والمولود يقول: رب لم يأتني كتاب ولا رسول، وقرأ هذه الآية {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا} الآية). [الدر المنثور: 10/268]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل كلٌّ مّتربّصٌ فتربّصوا فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ ومن اهتدى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد: كلّكم أيّها المشركون باللّه متربّصٌ يقول: منتظرٌ لمن يكون الفلاح، وإلى ما يئول أمري وأمركم متوقّفٌ ينتظر دوائر الزّمان {فتربّصوا} يقول: فترقّبوا وانتظروا، {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} يقول: فسيعلمون من أهل الطّريق المستقيم المعتدل الّذي لا اعوجاج فيه إذا جاء أمر اللّه وقامت القيامة، أنحن أم أنتم؟ {ومن اهتدى} يقول: وستعلمون حينئذٍ من المهتدي الّذي هو على سنن الطّريق القاصد غير الجائر عن قصده منّا ومنكم.
وفي " من " من قوله: {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} والثّانية من قوله: {ومن اهتدى} وجهان: الرّفع، وترك أعمال تعلمون فيهما، كما قال جلّ ثناؤه: {لنعلم أيّ الحزبين أحصى} والنّصب على أعمال تعلمون فيهما، كما قال جلّ ثناؤه: {واللّه يعلم المفسد من المصلح} ). [جامع البيان: 16/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {أصحاب الصراط السوي} قال: العدل). [الدر المنثور: 10/268]