العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:06 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة التوبة [ من الآية (49) إلى الآية (52) ]

تفسير سورة التوبة
[ من الآية (49) إلى الآية (52) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:11 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى ائذن لي ولا تفتني قال إن رجلا قال للنبي ائذن لي ولا تفتني فإني أخاف على نفسي الفتنة إن بنات الأصفر صباح الوجوه وإني أخشى الفتنة على نفسي فقال الله تعالى ألا في الفتنة سقطوا قال معمر بلغني أنه الجد بن قيس). [تفسير عبد الرزاق: 1/277]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ولا تفتنّي} [التوبة: 49] : «لا توبّخني»). [صحيح البخاري: 6/63]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ولا تفتنّي لا توبّخني كذا للأكثر بالموحّدة والخاء المعجمة من التّوبيخ وللمستمليّ والجرجانيّ توهّنّي بالهاء وتشديد النّون من الوهن وهو الضّعف ولابن السّكن تؤثّمني بمثلّثةٍ ثقيلةٍ وميمٍ ساكنةٍ من الإثم قال عياضٌ وهو الصّواب وهي الثّابتة في كلام أبي عبيدة الّذي يكثر المصنّف النّقل عنه وأخرجه الطّبريّ من طريق سعيدٍ عن قتادة في قوله ولا تفتنّي قال لا تؤثمني ألا في الفتنة سقطوا ألا في الإثم سقطوا). [فتح الباري: 8/314]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ولا تفتنّي لا توبّخني
أشار به إلى قوله تعالى: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} (التّوبة: 47) وفسّر قوله: لا توبخني، من التوبيخ بالباء الموحدة والخاء المعجمة، وفي وراية المستملي والجرجاني: لا توهني، بالهاء وتشديد النّون من الوهن وهو الضعف وفي رواية ابن السكن: لا تؤتمني بالتّاء المثلّثة الثّقيلة وسكون الميم من الإثم قال عياض: وهو الصّواب، وكذا وقع في كلام أبي عبيدة، والآية نزلت في جد ابن قيس المنافق قال له صلى الله عليه وسلم: هل لك في جلاد بني الأصفر يعني الرّوم تتّخذ منهم سراري ووصفاء؟ فقال: ائذن لي في القعود عنك ولا تفتني بذكر النّساء فقد علم قومي أنّي مغرم بهن وأنّي أخشى أن لا أصبر عنهن، وقال ابن عبّاس: اعتل جد ابن قيس بقوله: ولا تفتني، ولم يكن له علّة إلاّ النّفاق. قال تعالى: {إلّا في الفتنة سقطوا} يعني: إلاّ في الإثم سقطوا). [عمدة القاري: 18/254]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: ({ولا تفتني}) أي (لا توبخني) من التوبيخ ولأبي ذر عن المستملي لا توهني بالهاء وتشديد النون من الوهن وهو الضعف ولابن السكن ولا تؤثمني بمثلثة مشددة وميم ساكنة من الإثم وصوبه القاضي عياض). [إرشاد الساري: 7/139]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين}.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في الجدّ بن قيسٍ.
ويعني جلّ ثناؤه بقوله: {ومنهم} ومن المنافقين {من يقول ائذن لي} أقم فلا أشخص معك {ولا تفتنّي} يقول: ولا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتهم، فإنّي بالنّساء مغرمٌ، فأخرج وآثم بذلك.
وبذلك من التّأويل تظاهرت الأخبار عن أهل التّأويل.
ذكر الرّواية بذلك عمّن قاله:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ائذن لي ولا تفتنّي} قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر ونساء الرّوم فقال الجدّ: ائذن لنا، ولا تفتنّا بالنّساء.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قالوا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اغزوا تغنموا بنات الأصفر يعني: نساء الرّوم، ثمّ ذكر مثله.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، قوله: {ائذن لي ولا تفتنّي} قال: هو الجدّ بن قيسٍ، قال: قد علمت الأنصار أنّي إذا رأيت النّساء لم أصبر حتّى أفتتن، ولكن أعينك بمالي.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن الزّهريّ، ويزيد بن رومان، وعبد اللّه بن أبي بكرٍ، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يومٍ وهو في جهازه للجدّ بن قيسٍ أخي بني سلمة: هل لك يا جدّ العام في جلاد بني الأصفر؟ فقال: يا رسول اللّه، أو تأذن لي ولا تفتنّي؟ فواللّه لقد عرف قومي ما رجلٌ أشدّ عجبًا بالنّساء منّي، وإنّي أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهنّ، فأعرض عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال: أذنت لك، ففي الجدّ بن قيسٍ نزلت هذه الآية {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي} الآية، أي إن كان إنّما يخشى الفتنة من نساء بني الأصفر، وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة بتخلّفه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والرّغبة بنفسه عن نفسه أعظم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي} قال: هو رجلٌ من المنافقين يقال له: جدّ بن قيسٍ، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم العام نغزو بني الأصفر ونتّخذ منهم سراريّ ووصفانًا. فقال: أي رسول اللّه، ائذن لي ولا تفتنّي، إن لم تأذن لي افتتنت ووقعت، فغضب، فقال اللّه: {ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} وكان من بني سلمة، فقال لهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: من سيّدكم يا بني سلمة؟ فقالوا: جدّ بن قيسٍ، غير أنّه بخيلٌ جبانٌ. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: وأيّ داءٍ أدوى من البخل، ولكن سيّدكم الفتى الأبيض الجعد الشّعر البراء بن معرورٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي} يقول: ائذن لي ولا تحرجني. {ألا في الفتنة سقطوا} يعني: في الحرج سقطوا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي} ولا تؤثّمني ألا في الإثم سقطوا.
وقوله: {وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} يقول: وإنّ النّار لمطيفةٌ بمن كفر باللّه وجحد آياته وكذّب رسله، محدقةٌ بهم جامعةٌ لهم جميعًا يوم القيامة. يقول: فكفى للجدّ بن قيس وأشكاله من المنافقين بصليّها خزيًا). [جامع البيان: 11/491-494]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين (49)
قوله تعالى: ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني.
- حدّثنا أبي ثنا دحيم بن إبراهيم الدّمشقيّ، ثنا عبد الرّحمن بن بشيرٍ عن محمّد بن إسحاق ثنا سعيد بن عبد الرّحمن بن حسّان بن ثابتٍ عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول لجدّ بن قيسٍ: «يا جدّ» ، هل لك في جلاد بني الأصفر؟ قال جد: أو تأذن لي يا رسول اللّه؟ فإنّي رجلٌ أحبّ النّساء وإنّي أخشى إن أنا رأيت نساء بني الأصفر أن أفتتن، فقال رسول اللّه- وهو معرضٌ عنه-: قد أذنت لك، فعند ذلك أنزل اللّه: ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله: ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني يقول: ائذن لي ولا تحرجني.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيبٍ، ثنا عثمان بن عطاءٍ عن أبيه عطاء بن أبي مسلمٍ الخراسانيّ ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني فيقال: ائذن لي ولا تؤثّمنّي، ولا تكفّرنّي.
قوله تعالى: ألا في الفتنة سقطوا.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: ألا في الفتنة سقطوا يعني: في الحرج سقطوا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة قوله: ألا في الفتنة سقطوا يقول: ألا في الإثم سقطوا.
قوله تعالى: وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا حفص بن عمر المهرقانيّ ثنا مسلم بن قتيبة عن شعبة عن سماكٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين قال: البحر- وروي عن عكرمة: نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 6/1809-1810]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغزوا معي تبوكا تغنموا بنات الأصفر نساء الروم قالوا ائذن لنا ولا تفتنا بالنساء يقول الله ألا في الفتنة سقطوا). [تفسير مجاهد: 281]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي} [التوبة: 49].
- عن ابن عبّاسٍ قال: «لمّا أراد النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - أن يخرج إلى غزوة تبوك قال للجدّ بن قيسٍ: " ما تقول في مجاهدة بني الأصفر؟ ". قال: يا رسول اللّه، إنّي امرؤٌ صاحب نساءٍ، ومتى أرى نساء بني الأصفر أفتتن، أفتأذن لي في الجلوس ولا تفتنّي؟ فأنزل اللّه: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا} [التوبة: 49]».
رواه الطّبرانيّ في الكبير والأوسط، وفيه يحيى الحمّانيّ، وهو ضعيفٌ.
- وعن ابن عبّاسٍ أنّ النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: «اغزوا تغنموا بنات بني الأصفر ". فقال رجلٌ من المنافقين: إنّه ليفتنكم بالنّساء، فأنزل اللّه - عزّ وجلّ -: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي} [التوبة: 49]».
رواه الطّبرانيّ، وفيه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/30]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 49.
أخرج ابن المنذر والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما أراد النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى غزوة تبوك قال لجد بن قيس: ما تقول في مجاهدة بني الأصفر فقال: إني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن أفتن فائذن لي ولا تفتني فأنزل الله {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} الآية
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لجد بن قيس: يا جد هل لك في جلاد بني الأصفر قال جد: أتأذن لي يا رسول الله فإني رجل أحب النساء وإني أخشى إن أنا رأيت نساء بني الأصفر أن أفتتن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عنه: قد أذنت لك، فأنزل الله {ومنهم من يقول ائذن لي} الآية.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: اغزوا تغنموا بنات بني الأصفر، فقال ناس من المنافقين: إنه ليفتنكم بالنساء، فأنزل الله {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني}.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} قال: نزلت في الجد بن قيس قال: يا محمد ائذن لي ولا تفتني بنساء بني الأصفر.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر نساء الروم، فقالوا: ائذن لنا ولا تفتنا بالنساء.
وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل من طريقه عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما كان يخرج في وجه من مغازيه إلا أظهر أنه يريد غيره غير أنه في غزوة تبوك قال: أيها الناس إني أريد الروم فأعلمهم وذلك في زمان البأس وشدة من الحر وجدب البلاد وحين
طابت الثمار والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص عنها فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في جهازه إذ قال للجد بن قيس: يا جد هل لك في بنات بني الأصفر قال: يا رسول الله لقد علم قومي أنه ليس أحد أشد عجبا بالنساء مني وإني أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر أن يفتنني فأذن لي يا رسول الله، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد أذنت، فأنزل الله {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا} يقول: ما وقع فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبته بنفسه عن نفسه أعظم مما يخاف من فتنة نساء بني الأصفر {وإن جهنم لمحيطة بالكافرين} يقول: من ورائه، وقال رجل من المنافقين (لا تنفروا في الحر) فأنزل الله (قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون) (التوبة الآية 81) قال: ثم إن رسول الله جد في سفره وأمر الناس بالجهاز وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا وأنفق عثمان رضي عنه في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد أعظم منها وحمل على مائتي بعير.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة وموسى بن عقبة قالا ثم إن رسول الله تجهز غازيا يريد الشام فأذن في الناس بالخروج وأمرهم به وكان ذلك في حر شديد ليالي الخريف والناس في نخيلهم خارفون فأبطأ عنه ناس كثير وقالوا: الروم لا طاقة بهم، فخرج أهل الحسب وتخلف المنافقون وحدثوا أنفسهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرجع إليهم أبدا فاعتلوا وثبطوا من أطاعهم وتخلف عنه رجال من المسلمين بأمر كان لهم فيه عذر منهم السقيم والمعسر وجاء ستة نفر كلهم معسر يستحملونه لا يحبون التخلف عنه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أجد ما أحملكم عليه، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون منهم من بني سلمة عمر بن غنمة ومن بني مازن ابن النجار أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ومن بني حارث علية بن زيد ومن بني عمرو بن عوف بن سالم بن عمير وهرم بن عبد الله وهم يدعون بني البكاء وعبد الله بن عمر ورجل من بني مزينة فهؤلاء الذين بكوا واطلع الله عز وجل أنهم يحبون الجهاد وأنه الجد من أنفسهم فعذرهم في القرآن فقال (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله) (التوبة الآية 91) الآية والآيتين بعدها.
وأتاه الجد بن قيس السلمي وهو في المسجد معه نفر فقال: يا رسول الله ائذن لي في القعود فإني ذو ضيعة وعلة فيها عذر لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تجهز فإنك موسر لعلك أن تحقب بعض بنات بني الأصفر، فقال: يا رسول الله ائذن لي ولا تفتني، فنزلت {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} وخمس آيات معها يتبع بعضها بعضا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه كان فيمن تخلف عنه غنمة بن وديعة من بني عمرو بن عوف فقيل: ما خلفك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مسلم فقال: الخوض واللعب، فأنزل الله عز وجل فيه وفيمن تخلف من المنافقين (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب) (التوبة الآية 65) ثلاث آيات متتابعات.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغزو تبوك قال نغزو الروم إن شاء الله ونصيب بنات بني الأصفر - كان يذكر من حسنهن ليرغب المسلمون في الجهاد - فقام رجل من المنافقين فقال: يا رسول الله قد علمت حبي للنساء فائذن لي ولا تخرجني فنزلت الآية.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا تفتني} قال: لا تخرجني {ألا في الفتنة سقطوا} يعني في الحرج.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ولا تفتني} قال: لا تؤثمني {ألا في الفتنة} قال: ألا في الإثم سقطوا). [الدر المنثور: 7/394-399]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن تصبك حسنةٌ تسؤهم وإن تصبك مصيبةٌ يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولّوا وهم فرحون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد إنّ يصبك سرورٌ بفتح اللّه عليك أرض الرّوم في غزاتك هذه يسؤ الجدّ بن قيسٍ ونظراءه وأشياعه من المنافقين، وإن تصبك مصيبةٌ بفلول جيشك فيها يقول الجدّ ونظراؤه: {قد أخذنا أمرنا من قبل} أي قد أخذنا حذرنا بتخلّفنا عن محمّدٍ وترك اتّباعه إلى عدوّه. {من قبل} يقول: من قبل أن تصيبه هذه المصيبة. {ويتولّوا وهم فرحون} يقول: ويرتدّوا عن محمّدٍ، وهم فرحون بما أصاب محمّدًا وأصحابه من المصيبة بفلول أصحابه وانهزامهم عنه وقتل من قتل منهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: {إن تصبك حسنةٌ تسؤهم}، يقول: إن تصبك في سفرك هذا لغزوة تبوك حسنةٌ تسؤهم، قال: الجدّ وأصحابه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {قد أخذنا أمرنا من قبل} حذرنا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إلاّ إحدى الحسنيين} قال: القتل في سبيل اللّه والظّهور على أعدائه.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {{إن تصبك حسنةٌ تسؤهم}، إن كان فتح للمسلمين كبر ذلك عليهم وساءهم). [جامع البيان: 11/494-495]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إن تصبك حسنةٌ تسؤهم وإن تصبك مصيبةٌ يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولّوا وهم فرحون (50)
قوله تعالى: إن تصبك حسنةٌ.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عبد الجبّار بن سعيدٍ المساحقي ثنا يحيى بن محمّدٍ عن محمّد بن إسحاق عن الحسن بن عطيّة العوفيّ عن أبيه عن جابر بن عبد اللّه قال: جعل المنافقون الّذين تخلّفوا بالمدينة يخبرون عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- أخبار السّوء، يقولون إنّ محمّدًا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا، فبلغهم تكذيب حديثهم، وعافية النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- وأصحابه فساءهم ذلك فأنزل- اللّه تعالى- في ذلك من أمرهم إن تصبك حسنةٌ تسؤهم وإن تصبك مصيبةٌ يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولّوا وهم فرحون.
- حدّثنا أبي ثنا أبو حذيفة ثنا شبلٌ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: أمّا قوله: إن تصبك حسنةٌ تسؤهم فالحسنة: العافية، والرّخاء، والغنيمة.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: إن تصبك حسنةٌ تسؤهم أمّا الحسنة: فإن أظفرك اللّه وردّك سالمًا ساءهم ذلك.
قوله تعالى: تسؤهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة قوله: إن تصبك حسنةٌ تسؤهم: إن كان فتحٌ للمسلمين كبر ذلك عليهم وساءهم.
قوله تعالى: وإن تصبك مصيبةٌ.
- حدّثنا أبي ثنا أبو حذيفة ثنا شبلٌ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: وإن تصبك مصيبةٌ قال: البلاء والشّدّة.
قوله تعالى: يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: قد أخذنا أمرنا من قبل حذرنا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات حدّثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قد أخذنا أمرنا من قبل قد أخذنا أمرنا في القعود من قبل أن تصيبهم.
قوله تعالى: ويتولّوا وهم فرحون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان زنيجٌ ثنا سلمة بن الفضل قال: قال محمّد بن إسحاق: قوله: يتولوا قال: على كفرٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1810-1811]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قد أخذنا أمرنا من قبل يعني حذرنا). [تفسير مجاهد: 281]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 50.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن جابر بن عبد الله قال: جعل المنافقون الذين تخلفوا بالمدينة يخبرون عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أخبار السوء يقولون: إن محمدا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية النبي وأصحابه فساءهم ذلك فأنزل الله تعالى {إن تصبك حسنة تسؤهم} الآية.
وأخرج سنيد، وابن جرير عن ابن عباس {إن تصبك حسنة تسؤهم} يقول: إن تصبك في سفرك هذا لغزوة تبوك {حسنة تسؤهم} قال: الجد وأصحابه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إن تصبك حسنة تسؤهم} قال: العافية والرخاء والغنيمة {وإن تصبك مصيبة} قال: البلاء والشدة {يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل} قد حذرنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إن تصبك حسنة تسؤهم} قال: إن أظفرك الله وردك سالما ساءهم ذلك {وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا} في القعود من قبل أن تصيبهم.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن تصبك حسنة تسؤهم} قال: إن كان فتح للمسلمين كبر ذلك عليهم وساءهم). [الدر المنثور: 7/399-401]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل لن يصيبنا إلاّ ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون}.
يقول تعالى ذكره مؤدّبًا نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء المنافقين الّذين تخلّفوا عنك: {لن يصيبنا} أيّها المرتابون في دينهم {إلاّ ما كتب اللّه لنا} في اللّوح المحفوظ وقضاه علينا. {هو مولانا} يقول: هو ناصرنا على أعدائه. {وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون} يقول: وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون، فإنّهم إن يتوكّلوا عليه ولم يرجوا النّصر من عند غيره ولم يخافوا شيئًا غيره، يكفهم أمورهم وينصرهم على من بغاهم وكادهم). [جامع البيان: 11/495]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل لن يصيبنا إلّا ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون (51)
قوله تعالى: قل لن يصيبنا إلا ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
- حدّثنا أبي ثنا أبو حذيفة ثنا شبلٌ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: يقول اللّه لنبيّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-: قل لن يصيبنا إلا ما كتب اللّه لنا.
- ذكر عن محمّد بن المثنّى، ثنا عبد الصّمد ثنا همّامٌ عن قتادة عن مسلم بن يسارٍ قال: الكلام في القدر واديان عريضان، يهلك الناس، لا يدرك غورهما فاعمل عمل رجلٍ يعلم أنّه لا ينجّيه إلا عمله، وتوكّل توكّل رجلٍ يعلم أنّه لا يصيبه إلا ما كتب اللّه له.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة قال: قال ابن إسحاق: وعلى اللّه لا على النّاس فليتوكّل المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1811-1812]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 51.
أخرج أبو الشيخ عن السدي {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} قال: إلا ما قضى الله لنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم بن يسار رضي الله عنه قال: الكلام في القدر واديان عريضان يهلك الناس فيهما لا يدرك عرضهما فاعمل عمل رجل يعلم أنه لا ينجيه إلا عمله وتوكل توكل رجل يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له.
وأخرج أبو الشيخ عن مطرف رضي الله عنه قال: ليس لأحد أن يصعد فوق بيت فيلقي نفسه ثم يقول: قدر لي، ولكن نتقي ونحذر فإن أصابنا شيء علمنا أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه). [الدر المنثور: 7/401]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم مّتربّصون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء المنافقين الّذين وصفت لك صفتهم وبيّنت لك أمرهم: هل تنتظرون بنا إلاّ إحدى الخلّتين اللّتين هما أحسن من غيرهما، إمّا ظفرًا بالعدوّ وفتحًا لنا بغلبتناهم، ففيها الأجر والغنيمة والسّلامة، وإمّا قتلاً من عدوّنا لنا، ففيه الشّهادة والفوز بالجنّة والنّجاة من النّار، وكلتاهما ممّا يحبّ، ولا يكره، ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده. يقول: ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم اللّه بعقوبةٍ من عنده عاجلةً تهلككم، أو بأيدينا فنقتلكم. {فتربّصوا إنّا معكم متربّصون} يقول: فانتظروا إنّا معكم منتظرون ما اللّه فاعلٌ بنا، وما إليه صائرٌ أمر كلّ فريقٍ منّا ومنكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين} يقول: فتحٌ أو شهادةٌ. وقال مرّةً أخرى: يقول القتل، فهي الشّهادة والحياة والرّزق. وإمّا يخزيكم بأيدينا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين} يقول: قتلٌ فيه الحياة والرّزق، وإمّا أن يغلب فيؤتيه اللّه أجرًا عظيمًا، وهو مثل قوله: {ومن يقاتل في سبيل اللّه} إلى {فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إلاّ إحدى الحسنيين} قال: القتل في سبيل اللّه والظّهور على أعدائه.
- قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، عن ابن جريجٍ، قال: بلغني عن مجاهدٍ، قال: القتل في سبيل اللّه، والظّهور.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {إحدى الحسنيين}: القتل في سبيل اللّه، والظّهور على أعداء الله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ: {بعذابٍ من عنده} بالموت {أو بأيدينا}، قال: القتل.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين} إلاّ فتحًا أو قتلاً في سبيل اللّه. {ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا} أي قتلٍ). [جامع البيان: 11/496-497]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل هل تربّصون بنا إلّا إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم متربّصون (52)
قوله تعالى: قل هل تربّصون بنا إلا إحدى الحسنيين
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: قل هل تربّصون بنا إلا إحدى الحسنيين يعني: القتال فهي الشّهادة والحياة والرّزق، قال: وإحدى الحسنيين: فتحٌ أو شهادةٌ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: إحدى الحسنيين القتل في سبيل اللّه، والظّهور على أعداء اللّه.
قوله تعالى: ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا الآية.
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن صالح ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم متربّصون أمّا يخزيكم اللّه بأيدينا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا أي: قتلٌ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1812]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إلا إحدى الحسنيين يعني القتل في سبيل الله أو الظهور على أعداء الله). [تفسير مجاهد: 281]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 52
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} قال: فتح أو شهادة.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إلا إحدى الحسنيين} قال: إلا فتحا أو قتلا في سبيل الله.
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جده بينما النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالروحاء إذ هبط عليه أعرابي من سرب فقال: من القوم وأين تريدون قال: قوم بدوا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: ما لي أراكم بذة هيئتكم قليلا سلاحكم قال: ننتظر إحدى الحسنيين إما أن نقتل فالجنة وإما أن نغلب فيجمعهما الله تعالى لنا الظفر والجنة، قال: أين نبيكم قالوا: ها هو ذا، فقال له: يا نبي الله ليست لي مصلحة آخذ مصلحي ثم ألحق قال اذهب إلى أهلك فخذ مصلحتك فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وخرج الرجل إلى أهله حتى فرغ من حاجته ثم لحق بهم ببدر فدخل في الصف معهم فاقتتل الناس فكان فيمن استشهد فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن انتصر فمر بين ظهراني الشهداء ومعه عمر رضي الله عنه فقال: ها يا عمر إنك تحب الحديث وإن للشهداء سادة وأشرافا وملوكا وإن هذا يا عمر منهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا} قال: القتل بالسيوف). [الدر المنثور: 7/401-403]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:14 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومنهم مّن يقول ائذن لّي ولا تفتنّي...}
وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجد بن قيس: هل لك في جلاد بني الأصفر؟ - يعني الروم - وهي غزوة تبوك، فقال جدّ: لا، بل تأذن لي، فأتخلف؛ فإني رجل كلف بالنساء أخاف فتنة بنات الأصفر. وإنما سمي الأصفر لأن حبشيا غلب على ناحية الروم وكان له بنات قد أخذن من بياض الروم وسواد الحبشة فكن صفرا لعسا. فقال الله تبارك وتعالى: {ألا في الفتنة سقطوا} في التخلف عنك. وقد عذل المسلمون في غزوة تبوك وثقل عليهم الخروج لبعد الشقة، وكان أيضا زمان عسرة وأدرك الثمار وطاب الظل، فأحبّوا الإقامة، فوبّخهم الله.
فقال عز وجل: {ياأيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه اثّاقلتم}.
ووصف المنافقين فقال: {لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتّبعوك} ). [معاني القرآن: 1/440-441]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ائذن لي ولا تفتنّي} مجازه: ولا تؤثمني.
{ألا في الفتنة سقطوا} أي ألا في الإثم وقعوا وصاروا). [مجاز القرآن: 1/261]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة ابن أبي إسحاق {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} وهي القياس.
وأما أبو عمرو "يقول ايذن لي" يصيرها ياء ساكنة قبلها ضمة؛ وليست بالسهلة في اللغة، ولا المستحسنة). [معاني القرآن لقطرب: 630]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: الإشراك والكفر والإثم، كقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193]، أي: شرك.
وقال: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191] يعني الشرك.
وقال: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49] أي: في الإثم.
وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]، أي: كفر وإثم). [تأويل مشكل القرآن: 473] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين}
أي لا تؤثمني بأمرك إياي بالخروج، وذلك غير متيسر لي فآثم.
وقيل إن المنافقين هزئوا بالمسلمين في غزوة تبوك، فقالوا أتريدون بنات
الأصفر: فقال: {لا تفتنّي} أي {لا تفتنّي} ببنات الأصفر.
فأعلم اللّه تعالى أنهم قد سقطوا في الفتنة أي سقطوا في الإثم). [معاني القرآن: 2/451-452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} فيه قولان:
قال الضحاك ولا تكفرني وكذلك قال قتادة أي ولا تؤثمني
ومعناه لا تؤثمني بالخروج وهو لا يتيسر لي فإذا تخلفت أثمت
والقول الآخر وهو قول مجاهد أنه قيل لهم تغزون فتغنمون بنات الأصفر فقال بعضهم لا تفتني ببنات الأصفر
قال أبو إسحاق في الجد بن قيس أحد بني سلمة وهو الذي قال هذا). [معاني القرآن: 3/216-217]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إن تصبك حسنةٌ تسؤهم} أي ظفر.
{وإن تصبك مصيبةٌ} أي نكبة يفرحوا بها {ويقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل} أي أخذنا الوثيقة فلم نخرج). [تفسير غريب القرآن: 187-188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولّوا وهم فرحون}
أي قد علمنا بالحزم في التخلف عنك. فأعلم الله جلّ وعزّ أن المسلمين لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم فقال جلّ وعزّ: {قل لن يصيبنا إلّا ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون (51)} ). [معاني القرآن: 2/452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن تصبك حسنة تسؤهم}
أي إن تظفر وتغنم يسؤوهم ذلك وإن تصبك مصيبة تهزم يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل أي قد أخذنا بالحزم إذ لم نخرج كذلك
وقال مجاهد معناه حذرنا). [معاني القرآن: 3/217]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} أي ظفر، {وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ} أي نكبة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 97]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قل هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين...}
الظفر أو الشهادة، فهما الحسنيان. والعرب تدغم اللام من (هل) و(بل) عند التاء خاصة. وهو في كلامهم عالٍ كثير؛ هل تدرى، وهتّدري. فقرأها القراء على ذلك، وإنما أستحبّ في القراءة خاصّة تبيان ذلك، لأنهما منفصلان ليسا من حرف واحد، وإنما بني القرآن على الترسّل والترتيل وإشباع الكلام؛ فتبيانه أحب إليّ من إدغامه، وقد أدغم القرّاء الكبار، وكلٌّ صواب). [معاني القرآن: 1/441]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ ما كتب الله لنا} إلا ما قضى الله لنا وعلينا
{هو مولانا} أي ربّنا). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أصل الكتاب: ما كتبه الله في اللّوح مما هو كائن.
ثم تتفرع منه معان ترجع إلى هذا الأصل. كقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] أي: قضى الله ذلك وفرغ منه.
وقوله: {لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] أي: ما قضى الله لنا.
وقوله: {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] أي: قضي، لأنّ هذا قد فرغ منه حين كتب). [تأويل مشكل القرآن: 462] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل لن يصيبنا إلّا ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون}
أي ما قدّر علينا كما قال: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلّا في كتاب من قبل أن نبرأها}.
ثم أكد ذلك فقال: {إن ذلك على اللّه يسير}.
وفيه وجه آخر إنّه {لن يصيبنا إلا ما كتب اللّه لنا} ما بيّن لنا في كتابه.
من أنا نظفر، فتكون تلك حسنى لنا أو نقتل فتكون الشهادة حسنى لنا أيضا، أي فقد كتب اللّه لنا ما يصيبنا أو علمنا ما لنا فيه حظ، ثم بيّن جل ثناؤه فقال تعالى:
{قل هل تربّصون بنا إلّا إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم متربّصون (52)} ). [معاني القرآن: 2/452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل لن يصيبنا إلا ما تحب كتب الله لنا} في معناه قولان:
أحدهما إلا ما قدر الله علينا
والآخر إلا ما أخبرنا به في كتابه من أنا نقتل فنكون شهداء أو نقتلكم
وكذلك معنى {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} [آية: 52] ). [معاني القرآن: 3/217]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا ما كتب الله لنا} معناه: إلا ما كتب الله علينا). [ياقوتة الصراط: 243]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أن يصيبكم الله بعذابٍ} أي أن يميتكم). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إحدى الحسنيين}: الشهادة. والأخرى: الغنيمة). [تفسير غريب القرآن: 188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل هل تربّصون بنا إلّا إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم متربّصون}
إلا الظفر أو الشهادة.
{ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده أو بأيدينا}.
فأنتم تربصون بنا إحدى الحسنيين، ونحن نتربص بكم إحدى الشّرّتين.
فبين ما تنتظرونه وننتظره فرق عظيم). [معاني القرآن: 2/452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والحُسنيان} الشهادة والغنيمة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 97]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:21 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فـ"من" تقع للواحد والاثنين والجميع والمؤنث على لفظ واحد، فإن شئت حملت خبرها على لفظها فقلت: من في الدار يحبك، عنيت جميعًا أو اثنين أو واحدًا أو مؤنثًا، وإن شئت حملته على المعنى فقلت: يحبانك، وتحبك إذا عنيت امرأة ويحبونك إذا عنيت جميعًا كل ذلك جائز جيد، وقال الله عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ}. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي}. وقال فحمل على المعنى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}. وقرأ أبو عمرو: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا} فحمل الأول على اللفظ والثاني على المعنى. وفي القرآن: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ}.
فهذا كله على اللفظ، ثم قال: {وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} على المعنى). [الكامل: 1/478] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:30 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:33 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:11 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:11 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى ومنهم من يقول ائذن لي نزلت في الجد بن قيس، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما أمر بالغزو إلى بلاد الروم حرض الناس فقال للجد بن قيس هل لك العام في جلاد بني الأصفر، وقال له وللناس: اغزوا تغنموا بنات الأصفر، فقال له الجد بن قيس: ائذن لي في التخلف ولا تفتني بذكر بنات الأصفر، فقد علم قومي أني لا أتمالك عن النساء إذا رأيتهن، ذكر ابن إسحاق ونحو هذا من القول الذي فيه فتور كثير وتخلف في الاعتذار، وأسند الطبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر، فقال الجد ائذن ولا تفتنا بالنساء، وهذا منزع الأول إذا نظر، وهو أشبه بالنفاق والمحادة، وقال ابن عباس إن الجد قال: ولكني أعينك بمالي، وتأول بعض الناس قوله ولا تفتنّي أي لا تصعب علي حتى أحتاج إلى مواقعة معصيتك ومخالفتك، فسهل أنت عليّ ودعني غير مجلح، وهذا تأويل حسن واقف مع اللفظ، لكن تظاهر ما روي من ذكر بنات الأصفر، وذلك معترض في هذا التأويل، وقرأ عيسى بن عمر «ولا تفتني» بضم التاء الأولى قال أبو حاتم هي لغة بني تميم، والأصفر هو الروم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وكان أصفر اللون فيقال للروم بنو الأصفر، ومن ذلك قول أبي سفيان: أمر أمر ابن أبي كبشة أنه يخافه ملك بني الأصفر، ومنه قول الشاعر [عدي بن زيد العبادي]:[الخفيف]
وبنو الأصفر الكرام ملوك الر = وم لم يبق منهم مذكور
وذكر النقاش والمهدوي أن الأصفر رجل من الحبشة وقع ببلاد الروم فتزوج وأنسل بنات لهن جمال وهذا ضعيف، وقوله: ألا في الفتنة سقطوا أي في الذي أظهروا الفرار منه بما تبين لك وللمؤمنين من نفاقهم وصح عندكم من كفرهم وفسد مما بينكم وبينهم، وسقطوا عبارة منبئة عن تمكن وقوعهم ومنه على الخبير سقطت، ثم قال وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين، وهذا توعد شديد لهم أي هي مآلهم ومصيرهم كيف ما تقلبوا في الدنيا فإليها يرجعون فهي محيطة بهذا الوجه). [المحرر الوجيز: 4/ 328-329]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إن تصبك حسنةٌ الآية، أخبر تعالى عن معتقدهم وما هم عليه، و «الحسنة» هنا بحسب الغزوة هي الغنيمة والظفر، و «المصيبة» الهزم والخيبة، واللفظ عام بعد ذلك في كل محبوب ومكروه، ومعنى قوله: قد أخذنا أمرنا من قبل، أي حزمنا نحن في تخلفنا ونظرنا لأنفسنا). [المحرر الوجيز: 4/ 329]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: قل لن يصيبنا الآية، أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يرد على المنافقين ويفسد عليهم فرحهم بأن يعلمهم أن الشيء الذي يعتقدونه مصيبة ليس كما اعتقدوه، بل الجميع مما قد كتبه الله عز وجل للمؤمنين، فإما أن يكون ظفرا وسرورا في الدنيا وإما أن يكون ذخرا للآخرة، وقرأ طلحة بن مصرف «قل هل يصيبنا»، ذكره أبو حاتم، وعند ابن جني وقرأ طلحة بن مصرف وأعين قاضي الري «قل لن يصيّبنا» بشد الياء التي بعد الصاد وكسرها كذا ذكر أبو الفتح وشرح ذلك وهو وهم، والله أعلم.
قال أبو حاتم: قال عمرو بن شفيق سمعت أعين قاضي الري يقرأ «قل لن يصيبنا» النون مشددة، قال أبو حاتم: ولا يجوز ذلك لأن النون لا تدخل مع لن، ولو كانت لطلحة بن مصرف لجازت لأنها مع «هل»، قال الله عز وجل هل يذهبنّ كيده ما يغيظ [الحج: 15] وقوله: كتب اللّه يحتمل أن يريد ما قضى وقدر.
ويحتمل أن يريد ما كتب الله لنا في قرآننا علينا من أنّا إما أن نظفر بعدونا وإما أن نستشهد فندخل الجنة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا الاحتمال يرجع إلى الأول وقد ذكرهما الزجّاج، وقوله: وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون، معناه مع سعيهم وجدهم إذ لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا قول أكثر العلماء وهو الصحيح، والذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، مدة عمره ومنه مظاهرته بين درعين، وتخبط الناس في معنى التوكل في الرزق فالأشهر والأصح أن الرجل الذي يمكنه التحرف الحلال المحض الذي لا تدخله كراهية ينبغي له أن يمتثل منه ما يصونه ويحمله كالاحتطاب ونحوه، وقد قرن الله تعالى الرزق بالتسبب، ومنه وهزّي إليك بجذع النّخلة تساقط عليك رطباً جنيًّا [مريم: 25] ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الطير: «تغدو خماصا» الحديث.
ومنه قوله: «قيدها وتوكل»، وذهب بعض الناس إلى أن الرجل القوي الجلد إذا بلغ من التوكل إلى أن يدخل غارا أو بيتا يجهل أمره فيه ويبقى في ذكر الله متوكلا يقول إن كان بقي لي رزق فسيأتي الله به وإن كان رزقي قد تم مت إذ ذلك حسن بالغ عند قوم، وحدثني أبي رضي الله عنه أنه كان في الحرم رجل ملازم، يخرج من جيبه المرة بعد المرة بطاقة ينظر فيها ثم يصرفها ويبقى على حاله حتى مات في ذلك الموضع، فقرأت البطاقة فإذا فيها مكتوب واصبر لحكم ربّك فإنّك بأعيننا [الطور: 48].
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذه الطريقة لا يراها جل أهل العلم بل ينبغي أن يسعى الرجل لقدر القوت سعيا جميلا لا يواقع فيه شبهة، فإن تعذر عليه جميع ذلك وخرج إلى حد الاضطرار فحينئذ إن تسامح في السؤال وأكل الميتة وما أمكنه من ذلك فهو له مباح، وإن صبر وتحتسب نفسه كان في أعلى رتبة عند قوم، ومن الناس من يرى أن فرضا عليه إبقاء رمقه وأما من يختار الإلقاء باليد- والسعي ممكن- فما كان هذا قط من خلق الرسول ولا الصحابة ولا العلماء، والله سبحانه الموفق للصواب، ومن حجج من يقول بالتوكل حديث النبي صلى الله عليه وسلم في قوله «يدخل الجنة سبعون ألفا من أمتي بلا حساب وهم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطببون وعلى ربهم يتوكلون»، وفي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لعكاشة بن محصن أن يكون منهم، فقيل ذلك لأنه عرف منه أنه معد لذلك، وقال للآخر سبقك بها عكاشة وردّت الدعوة، فقيل: ذلك لأنه كان منافقا، وقيل بل عرف منه أنه لا يصح لهذه الدرجة من التوكل). [المحرر الوجيز: 4/ 329-332]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: قل هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم متربّصون (52) قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قوماً فاسقين (53)
فالمعنى في هذه الآية الرد على المنافقين في معتقدهم في المؤمنين، وإزالة ظنهم أن المؤمنين تنزل بهم مصائب، والإعلام بأنها حسنى كيف تصرفت، وتربّصون معناه تنتظرون و «الحسنيان» الشهادة والظفر، وقرأ ابن محيصن: «إلا احدى الحسنيين» بوصل ألف إحدى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذه لغة ليست بالقياس وهذا مثل قول الشاعر: [الكامل]
يا أبا المغيرة رب أمر معضل
وقول الآخر: [الكامل]
إن لم أقاتل فالبسيني برقعا
وقوله بعذابٍ من عنده، يريد الموت بأخذات الأسف، ويحتمل أن يكون توعدا بعذاب الآخرة، وقوله أو بأيدينا، يريد القتل وقيل بعذابٍ من عنده يريد أنواع المصائب والقوارع وقوله: فتربّصوا إنّا معكم متربّصون وعيد وتهديد). [المحرر الوجيز: 4/ 332-333]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:11 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:12 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين (49)}
يقول تعالى: ومن المنافقين من يقول لك يا محمّد: {ائذن لي} في القعود {ولا تفتنّي} بالخروج معك، بسبب الجواري من نساء الرّوم، قال اللّه تعالى: {ألا في الفتنة سقطوا} أي: قد سقطوا في الفتنة بقولهم هذا. كما قال محمّد بن إسحاق، عن الزّهريّ، ويزيد بن رومان، وعبد اللّه بن أبي بكرٍ، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يومٍ، وهو في جهازه، للجدّ بن قيسٍ أخي بني سلمة: "هل لك يا جدّ العام في جلاد بني الأصفر؟ " فقال: يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتنّي، فواللّه لقد عرف قومي ما رجلٌ أشدّ عجبًا بالنّساء منّي، وإنّي أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر لا أصبر عنهنّ. فأعرض عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: "قد أذنت لك". ففي الجدّ بن قيسٍ نزلت هذه: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي} الآية، أي: إن كان إنّما يخشى من نساء بني الأصفر وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة بتخلّفه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والرّغبة بنفسه عن نفسه، أعظم
وهكذا روي عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وغير واحدٍ: أنّها نزلت في الجدّ بن قيسٍ. وقد كان الجدّ بن قيسٍ هذا من أشراف بني سلمة، وفي الصّحيح: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال لهم: "من سيّدكم يا بني سلمة؟ " قالوا: الجدّ بن قيسٍ، على أنّا نبخّله فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "وأيّ داءٍ أدوأ من البخل، ولكن سيّدكم الفتى الأبيض الجعد بشر بن البراء بن معرور".
وقوله تعالى: {وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} أي: لا محيد لهم عنها، ولا محيص، ولا مهرب). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 161]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إن تصبك حسنةٌ تسؤهم وإن تصبك مصيبةٌ يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولّوا وهم فرحون (50) قل لن يصيبنا إلا ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون (51)}
يعلم تبارك وتعالى نبيّه بعداوة هؤلاء له؛ لأنّه مهما أصابه من {حسنةٌ} أي: فتح ونصر وظفر على الأعداء، ممّا يسرّه ويسرّ أصحابه، ساءهم ذلك، {وإن تصبك مصيبةٌ يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل} أي: قد احترزنا من متابعته من قبل هذا، {ويتولّوا وهم فرحون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 161-162]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فأرشد اللّه تعالى رسوله، صلوات اللّه وسلامه عليه، إلى جوابهم في عداوتهم هذه التّامّة، فقال: {قل} أي: لهم {لن يصيبنا إلا ما كتب اللّه لنا} أي: نحن تحت مشيئة اللّه، وقدره، {هو مولانا} أي: سيّدنا وملجؤنا {وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون} أي: ونحن متوكّلون عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 162]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل هل تربّصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم متربّصون (52) قل أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قومًا فاسقين (53) وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنّهم كفروا باللّه وبرسوله ولا يأتون الصّلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون (54)}
يقول تعالى: {قل} لهم يا محمّد: {هل تربّصون بنا}؟ أي: تنتظرون بنا {إلا إحدى الحسنيين} شهادة أو ظفرٌ بكم. قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، وغيرهم. {ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ من عنده أو بأيدينا} أي: ننتظر بكم هذا أو هذا، إمّا أن يصيبكم اللّه بقارعةٍ من عنده أو بأيدينا، بسبيٍ أو بقتلٍ، {فتربّصوا إنّا معكم متربّصون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 162]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:14 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة