تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّةً ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين}.
يقول تعالى ذكره: ولو أراد هؤلاء المستأذنوك يا محمّد في ترك الخروج معك لجهاد عدوّك الخروج معك.
{لأعدّوا له عدّةً} يقول: لأعدّوا للخروج عدّةً، ولتأهّبوا للسّفر والعدوّ أهبتهما. {ولكن كره اللّه انبعاثهم} يعني: خروجهم لذلك. {فثبّطهم} يقول: فثقل عليهم الخروج حتّى استخفّوا القعود في منازلهم خلافك، واستثقلوا السّفر والخروج معك، فتركوا لذلك الخروج. {وقيل اقعدوا مع القاعدين} يعني: اقعدوا مع المرضى والضّعفاء الّذين لا يجدون ما ينفقون ومع النّساء والصّبيان، واتركوا الخروج مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمجاهدين في سبيل اللّه. وكان تثبيط اللّه إيّاهم عن الخروج مع رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين به، لعلمه بنفاقهم، وغشّهم للإسلام وأهله، وأنّهم لو خرجوا معهم ضرّوهم ولم ينفعوا. وذكر أنّ الّذين استأذنوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في القعود كانوا عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول، والجدّ بن قيسٍ، ومن كانا على مثل الّذي كانا عليه.
- كذلك حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان الّذين استأذنوه فيما بلغني من ذوي الشّرف منهم عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول، والجدّ بن قيسٍ، وكانوا أشرافًا في قومهم، فثبّطهم اللّه لعلمه بهم أن يخرجوا معهم فيفسدوا عليه جنده). [جامع البيان: 11/481-482]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّةً ولكن كره اللّه انبعاثهم فثبّطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين (46)
قوله تعالى: ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّةً.
- وبه عن السّدّيّ قوله: ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّةً فأمّا العدّة فالقوة.
قوله تعالى: ولكن كره اللّه انبعاثهم.
- ذكره ابن أبي أسلم ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ أنبأ عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ ثنا جويبرٌ عن الضّحّاك في قوله: ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّةً ولكن كره اللّه انبعاثهم يقول: خروجهم.
قوله تعالى: فثبّطهم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: فثبّطهم قال: حبسهم- وروي عن الضّحّاك والسّدّيّ: مثل ذلك.
قوله تعالى: وقيل اقعدوا مع القاعدين الآية.
بياضٌ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1807]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 46 - 48.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ولكن كره الله انبعاثهم} قال: خروجهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فثبطهم} قال: حبسهم). [الدر المنثور: 7/393]
تفسير قوله تعالى: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولأوضعوا خلالكم يقول لأسرعوا خلالكم بينكم يبغونكم الفتنة بذلك). [تفسير عبد الرزاق: 1/276]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (47) : قوله تعالى: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلّا خبالًا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ - في قوله (جلّ) وعزّ: {وفيكم سمّاعون لهم} - قال: عيونًا ليسوا بمنافقين، منهم: عبد اللّه بن أبي رفاعة، وابن تابوت). [سنن سعيد بن منصور: 5/254]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (الخبال: الفساد، والخبال: الموت "). [صحيح البخاري: 6/63]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الخبال الفساد قال أبو عبيدة في قوله تعالى ما زادوكم إلّا خبالا الخبال الفساد قوله والخبال الموت كذا لهم والصّواب الموتة بضمّ الميم وزيادة هاءٍ في آخره وهو ضربٌ من الجنون). [فتح الباري: 8/314]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الخبال الفساد والخبال الموت
أشار به إلى قوله تعالى: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً} (التّوبة: 47) وفسّر الخبال بالفساد، وكذا فسره أبو عبيدة، والخبال في الأصل الفساد ويكون في الأفعال والأبدان والعقول، من خبله يخبله خبلاً بسكون الباء وبفتحها الجنون. قوله: (والخبال الموت) ، كذا وقع في جمع الرّوايات قيل: الصّواب الموتة بضم الميم وبالهاء في آخره، وقال الجوهري: الموتة بالضّمّ جنس من الجنون والصرع يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه كمال عقله كالنائم والسكران). [عمدة القاري: 18/254]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الخبال) في قوله: {ما زادوكم إلا خبالًا} [التوبة: 47] (الفساد) والاستثناء يجوز أن يكون منقطعًا أي أنه لم يكن في عسكر رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- خبال فيزيد المنافقون فيه، وكأن المعنى ما زادوكم قوّة ولا شدة لكن خبالًا وأن يكون متصلًا وذلك أن عسكر الرسول -صلّى اللّه عليه وسلّم- في غزوة تبوك كان فيهم منافقون كثير ولهم لا محالة خبال فلو خرج هؤلاء لالتأموا مع الخارجين فزاد الخبال. (والخبال: الموت) كذا في جميع الروايات والصواب الموتة بضم الميم وزيادة هاء آخره وهو ضرب من الجنون). [إرشاد الساري: 7/139]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم واللّه عليمٌ بالظّالمين}.
يقول تعالى ذكره: لو خرج أيّها المؤمنون فيكم هؤلاء المنافقون {ما زادوكم إلاّ خبالاً} يقول: لم يزيدوكم بخروجهم فيكم إلاّ فسادًا وضرًّا، ولذلك ثبّطتهم عن الخروج معكم.
وقد بيّنّا معنى الخبال بشواهده فيما مضى قبل.
{ولأوضعوا خلالكم} يقول: ولأسرعوا بركائبهم السّير بينكم.
وأصله من إيضاع الخيل والرّكاب، وهو الإسراع بها في السّير، يقال للنّاقة إذا أسرعت السّير: وضعت النّاقة تضع وضعًا وموضوعًا، وأوضعها صاحبها: إذا جدّ بها وأسرع يوضعها إيضاعًا، ومنه قول الرّاجز:
يا ليتني فيها جذع = أخبّ فيها وأضع
وأمّا أصل الخلال: فهو من الخلل: وهي الفرج تكون بين القوم في الصّفوف وغيرها ومنه قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: تراصّوا في الصّفوف لا يتخلّلكم أولاد الحذف.
وأمّا قوله: {يبغونكم الفتنة} فإنّ معنى يبغونكم الفتنة: يطلبون لكم ما تفتنون به عن مخرجكم في مغزاكم، بتثبيطهم إيّاكم عنه، يقال منه: بغيته الشّرّ، وبغيته الخير أبغيه بغاءً: إذا التمسته له، بمعنى: بغيت له، وكذلك عكمتك وحلبتك، بمعنى: حلبت لك وعكمت لك، وإذا أرادوا أعنتك على التماسه وطلبه، قالوا: أبغيتك كذا وأحلبتك وأعكمتك: أي أعنتك عليه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ولأوضعوا خلالكم} بينكم {يبغونكم الفتنة} بذلك.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولأوضعوا خلالكم} يقول: ولأوضعوا أسلحتهم خلالكم بالفتنة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة} يبطّئونكم. قال: رفاعة بن التّابوت، وعبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول، وأوس بن قيظيٍّ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولأوضعوا خلالكم} قال: لأسرعوا الأزقّة خلالكم {يبغونكم الفتنة} يبطّئونكم، عبد اللّه بن نبتلٍ، ورفاعة بن تابوتٍ، وعبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول.
- قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة: {ولأوضعوا خلالكم} قال: لأسرعوا خلالكم {يبغونكم الفتنة} بذلك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً} قال: هؤلاء المنافقون في غزوة تبوك، يسلّي اللّه عنهم نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين، فقال: وما يحزنكم؟ {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً}، يقولون: قد جمع لكم وفعل وفعل، يخذّلونكم. {ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة} الكفر.
وأمّا قوله: {وفيكم سمّاعون لهم} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معنى ذلك: وفيكم سمّاعون لحديثكم لهم يؤدّونه إليهم عيونٌ لهم عليكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وفيكم سمّاعون لهم} يحدّثون بأحاديثكم، عيونٌ غير منافقين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وفيكم سمّاعون لهم} قال: محدّثون عيونٌ غير منافقين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وفيكم سمّاعون لهم} يسمعون ما يؤدّونه لعدوّكم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وفيكم من يسمع كلامهم ويطيع لهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وفيكم سمّاعون لهم} وفيكم من يسمع كلامهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان الّذين استأذنوا فيما بلغني من ذوي الشّرف منهم: عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول والجدّ بن قيسٍ، وكانوا أشرافًا في قومهم، فثبّطهم اللّه لعلمه بهم أن يخرجوا معهم فيفسدوا عليه جنده، وكان في جنده قومٌ أهل محبّةٍ لهم وطاعةٍ فيما يدعونهم إليه لشرفهم فيهم، فقال: {وفيكم سمّاعون لهم}.
فعلى هذا التّأويل: وفيكم أهل سمعٍ وطاعةٍ منكم لو صحبوكم أفسدوهم عليكم بتثبيطهم إيّاهم عن السّير معكم.
وأمّا على التّأويل الأوّل، فإنّ معناه: وفيكم منهم سمّاعون يسمعون حديثكم لهم، فيبلّغونهم ويؤدّونه إليهم عيونٌ لهم عليكم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى التّأويلين عندي في ذلك بالصّواب تأويل من قال: معناه: وفيكم سمّاعون لحديثكم لهم يبلّغونه عنكم عيونٌ لهم؛ لأنّ الأغلب من كلام العرب في قولهم: سمّاعٌ، وصف من وصف به أنّه سمّاعٌ للكلام، كما قال اللّه جلّ ثناؤه في غير موضعٍ من كتابه: {سمّاعون للكذب} واصفًا بذلك قومًا بسماع الكذب من الحديث. وأمّا إذا وصفوا الرّجل بسماع كلام الرّجل وأمره ونهيه وقبوله منه، وانتهائه إليه فإنّما تصفه بأنّه له سامعٌ ومطيعٌ، ولا تكاد تقول: هو له سمّاعٌ مطيعٌ.
وأمّا قوله: {واللّه عليمٌ بالظّالمين} فإنّ معناه: واللّه ذو علمٍ بمن يوجّه أفعاله إلى غير وجوهها ويضعها في غير مواضعها، ومن يستأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعذرٍ ومن يستأذنه شكًّا في الإسلام ونفاقًا، ومن يسمع حديث المؤمنين ليخبر به المنافقين ومن يسمعه ليسرّ بما سرّ المؤمنين ويساء بما ساءهم، لا يخفى عليه شيءٌ من سرائر خلقه وعلانيتهم.
وقد بيّنّا معنى الظّلم في غير موضعٍ من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 11/482-487]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلّا خبالًا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم واللّه عليمٌ بالظّالمين (47)
قوله تعالى: لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا قال: هؤلاء المنافقون في غزوة تبوك سأل اللّه عنهم نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنون فقال: ما يحزنكم؟ لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا يقول: جمع لكم، وفعل وفعل، يخذلونكم.
قوله تعالى: ولأوضعوا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ ولأوضعوا خلالكم: لأرفضوا.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن قتادة قوله: ولأوضعوا خلالكم لأسرعوا خلالكم.
قوله تعالى: خلالكم.
- وبه عن قتادة قوله: خلالكم يقول: بينكم.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباط عن السدي قوله: لأوضعوا خلالكم يقول: أوضعوا رحالهم، حتّى يدخلوا بينكم.
قوله تعالى: يبغونكم الفتنة.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ يبغونكم الفتنة يبغونكم: عبد اللّه بن نبتل وعبد اللّه بن أبي بن سلول ورفاعة بن تابوت وأوس بن قيظيّ.
قوله تعالى: الفتنة.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ يبغونكم الفتنة يقول: الكفر. وروي عن عبد الرّحمن بن زيد نحو ذلك.
قوله تعالى: وفيكم سمّاعون لهم واللّه عليمٌ بالظّالمين
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: وفيكم سمّاعون لهم: محدّثين بأحاديثهم، عيونًا غير منافقين.
- حدّثنا أبي ثنا ابن عمر ثنا سفيان ثنا ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله: وفيكم سماعون لهم قال: عيونٌ للمنافقين، عبد اللّه بن أبيّ بن سلولٍ، ورفاعة ابن تابوت وأوس بن قيظيٍّ ليسوا بمنافقين، هم عيونٌ للمنافقين. قال سفيان: وأرى حميد بن قيسٍ ذكره عن مجاهدٍ.
- حدّثنا أبي ثنا القاسم بن دينارٍ ثنا إسحاق بن منصورٍ عن محمّد بن أبان عن زيد بن أسلم وفيكم سمّاعون لهم قال: مبلّغون.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: وفيكم سمّاعون لهم يسّمّعون ما تأتون به لعدوّكم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1807-1809]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولأوضعوا خلالكم يعني لأرفضوا). [تفسير مجاهد: 280]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يبغونكم الفتنة يعني يبطئونكم يعني عبد الله بن نبتل ورفاعة بن تابوت وعبد الله بن أبي بن سلول وأوس بن قيظي). [تفسير مجاهد: 280]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وفيكم سماعون لهم يعني محدثين بأحاديثكم عيون غير منافقين). [تفسير مجاهد: 280-281]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا} قال: هؤلاء المنافقون في غزوة تبوك سأل الله عنها نبيه والمؤمنين فقال: ما يحزنكم {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا} يقول: جمع لكم وفعل وفعل يخذلونكم.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولأوضعوا خلالكم} قال: لأسرعوا بينكم.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولأوضعوا خلالكم} قال: لأرفضوا {يبغونكم الفتنة} قال: يبطئنكم عبد الله بن نبتل وعبد الله بن أبي بن سلول ورفاعة بن تابوت وأوس بن قيظي {وفيكم سماعون لهم} قال: محدثون بأحاديثهم غير منافقين هم عيون للمنافقين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {وفيكم سماعون لهم} قال: مبلغون). [الدر المنثور: 7/393-394]
تفسير قوله تعالى: (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلّبوا لك الأمور حتّى جاء الحقّ وظهر أمر اللّه وهم كارهون}.
يقول تعالى ذكره: لقد التمس هؤلاء المنافقون الفتنة لأصحابك يا محمّد، التمسوا صدّهم عن دينهم، وحرصوا على ردّهم إلى الكفر بالتّخذيل عنه، كفعل عبد اللّه بن أبيٍّ بك وبأصحابك يوم أحدٍ حين انصرف عنك بمن تبعه من قومه، وذلك كان ابتغاءهم ما كانوا ابتغوا لأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الفتنة من قبل.
ويعني بقوله: {من قبل}: من قبل هذا. {وقلّبوا لك الأمور} يقول: وأجالوا فيك وفي إبطال الدّين الّذي بعثك به اللّه الرّأي بالتّخذيل عنك، وإنكار ما تأتيهم به، وردّه عليك. {حتّى جاء الحقّ} يقول: حتّى جاء نصر اللّه {وظهر أمر اللّه} يقول: وظهر دين اللّه الّذي أمر به وافترضه على خلقه وهو الإسلام. {وهم كارهون} يقول: والمنافقون لظهور أمر اللّه ونصره إيّاك كارهون، وكذلك الآن يظهرك اللّه ويظهر دينه على الّذين كفروا من الرّوم وغيرهم من أهل الكفر به وهم كارهون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {وقلّبوا لك الأمور} أي ليخذّلوا عنك أصحابك، ويردّوا عليك أمرك. {حتّى جاء الحقّ وظهر أمر اللّه}.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في نفرٍ مسمّين بأعيانهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمرٍو، عن الحسن، قوله: {وقلّبوا لك الأمور} قال: منهم عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول، وعبد اللّه بن نبتلٍ أخو بني عمرو بن عوفٍ، ورفاعة بن رافعٍ، وزيد بن التّابوت القينقاعيّ.
وكان تخذيل عبد اللّه بن أبيٍّ أصحابه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في هذه الغزاة كالّذي:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزّهريّ، ويزيد بن رومان، وعبد اللّه بن أبي بكرٍ، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم كلٌّ قد حدّث في، غزوة تبوك ما بلغه عنها، وبعض القوم يحدّث ما لم يحدّث بعضٌ، وكلٌّ قد اجتمع حديثه في هذا الحديث: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر أصحابه بالتّهيّؤ لغزو الرّوم، وذلك في زمان عسرةٍ من النّاس وشدّةٍ من الحرّ وجدبٍ من البلاد، وحين طاب الثّمار وأحبّت الظّلال، والنّاس يحبّون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشّخوص عنها على الحال من الزّمان الّذي هم عليه. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قلّما يخرج في غزوةٍ إلاّ كنّى عنها وأخبر أنّه يريد غير الّذي يصمد له، إلاّ ما كان من غزوة تبوك، فإنّه بيّنها للنّاس لبعد الشّقّة وشدّة الزّمان وكثرة العدوّ الّذي صمد له ليتأهّب النّاس لذلك أهبته. فأمّ النّاس بالجهاد، وأخبرهم أنّه يريد الرّوم، فتجهّز النّاس على ما في أنفسهم من الكره لذلك الوجه لما فيه، مع ما عظّموا من ذكر الرّوم وغزوهم. ثمّ إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جدّ في سفره، فأمر النّاس بالجهاز والانكماش، وحضّ أهل الغنى على النّفقة والحملان في سبيل اللّه. فلمّا خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ضرب عسكره على ثنيّة الوداع، وضرب عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول عسكره على ذي حدةٍ أسفل منه نحو ذباب جبلٍ بالجبّانة أسفل من ثنيّة الوداع وكان فيما يزعمون ليس بأقلّ العسكرين، فلمّا سار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تخلّف عنه عبد اللّه بن أبيٍّ فيمن تخلّف من المنافقين وأهل الرّيب، وكان عبد اللّه بن أبيٍّ أخا بني عوف بن الخزرج، وعبد اللّه بن نبتلٍ أخا بني عمرو بن عوفٍ، ورفاعة بن زيد بن التّابوت أخا بني قينقاعٍ، وكانوا من عظماء المنافقين، وكانوا ممّن يكيد للإسلام وأهله.
قال: وفيهم كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عمرو بن عبيدٍ، عن الحسن البصريّ أنزل اللّه: {لقد ابتغوا الفتنة من قبل} الآية). [جامع البيان: 11/488-490]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلّبوا لك الأمور حتّى جاء الحقّ وظهر أمر اللّه وهم كارهون (48)
قوله تعالى: وقلّبوا لك الأمور حتّى جاء الحقّ
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسن بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلّبوا لك الأمور (حتّى جاء الحقّ) وظهر أمر اللّه وهم كارهون أمّا قلّبوا لك الأمور: فقلبوها ظهرًا لبطنٍ: كيف يصنعون؟!). [تفسير القرآن العظيم: 6/1809]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر عن الحسن البصري قال: كان عبد الله بن أبي وعبد الله بن نبتل ورفاعة بن زيد بن تابوت من عظماء المنافقين وكانوا ممن يكيد الإسلام وأهله وفيهم أنزل الله تعالى {لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور} إلى آخر الآية). [الدر المنثور: 7/394]