{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8) إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)}
*تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {يسألونك عن الأنفال...}
نزلت في أنفال أهل بدر. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا رأى قلّة الناس وكراهيتهم للقتال قال: من قتل قتيلا فله كذا، ومن أسر أسيرا فله كذا. فلما فرغ من أهل بدر قام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله إن نفّلت هؤلاء ما سمّيت لهم بقي كثير من المسلمين بغير شيء، فأنزل الله تبارك وتعالى: {قل الأنفال للّه والرّسول}: يصنع فيها ما يشاء، فسكتوا وفي أنفسهم من ذلك كراهية). [معاني القرآن:1/403]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يسئلونك عن الأنفال} ومجازها الغنائم التي نفلها الله النبيّ صلى الله عليه وأصحابه، واحدها نفلٌ، متحرك بالفتحة، قال لبيد:
إنّ تقوى ربّنا خير نفل
{وجلت قلوبهم}أي خافت وفزعت، وقال معن بن أوس:
لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل... على أيّنا تعدو المنيّة أول
{كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ} مجازها مجاز القسم، كقولك: والذي أخرجك ربك لأن ما في موضع الذي وفي آية أخرى {والسّماء وما بناها} [91 :5] أي والّذي بناها، وقال:
دعيني إنما خطأي وصوبي..=. علىّ وإن ما أهلكت مال
أي وإنّ الذي أهلكت مالٌ. وفي آية أخرى {إنّ ما صّنعوا كيد ساحرٍ} [20 :69]: إنّ الذي فعلوه كيد ساحر فلذلك رفعوه). [مجاز القرآن:141-1/240]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا اللّه ورسوله إن كنتم مّؤمنين}
الواحد من {الأنفال}: النفل").[معاني القرآن:2/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ) : ({الأنفال}: الغنائم واحدها نفل). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت276هـ): ( {الأنفال}: الغنائم. واحدها نفل. قال لبيد:
إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن اللّه ريثي وعجل). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وكقوله سبحانه: {إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النمل: 10، 11] لم يقع الاستثناء من المرسلين، وإنما وقع من معنى مضمر في الكلام، كأنه قال: لا يخاف لديّ المرسلون، بل غيرهم الخائف، إلا من ظلم ثم تاب فإنه لا يخاف.
وهذا قول الفراء، وهو يبعد: لأن العرب إنما تحذف من الكلام ما يدل عليه ما يظهر، وليس في ظاهر هذا الكلام- على هذا التأويل- دليل على باطنه.
قال أبو محمد:
والذي عندي فيه، والله أعلم، أنّ موسى عليه السلام، لما خاف الثعبان وولّى ولم يعقّب، قال الله عز وجل: {يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 10] وعلم أن موسى مستشعر خيفة أخرى من ذنبه في الرّجل الّذي وكزه فقضى عليه، فقال: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ} [النمل: 11] أي توبة وندما، فإنه يخاف، وإني غفور رحيم.
وبعض النحويين يحمل {إلّا من ظلم}بمعنى: ولا من ظلم، كقوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [البقرة: 150]. على مذهب من تأول هذا في {إلّا}: كقوله في سورة الأنفال، بعد وصف المؤمنين: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} [الأنفال: 5]. ولم يشبّه قصة المؤمنين بإخراج الله إيّاه، ولكن الكلام مردود إلى معنى في أول السورة ومحمول عليه، وذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلم، رأى يوم بدر قلّة المسلمين وكراهة كثير منهم للقتال، فنفّل كلّ امرئ منهم ما أصاب، وجعل لكل من قتل قتيلا كذا، ولمن أتى بأسير كذا، فكره ذلك قوم فتنازعوا واختلفوا وحاجّوا النبي، صلّى الله عليه وسلم، وجادلوه، فأنزل الله سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} يجعلها لمن يشاء {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}. أي فرّقوها بينكم على السواء {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1]، ووصف المؤمنين ثم قال: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] يزيد: أن كراهتهم لما فعلته في الغنائم ككراهتهم للخروج معك، كأنه قال: هذا من كراهيتهم كما أخرجك وإيّاهم ربّك وهم كارهون.
ومن تتبع هذا من كلام العرب وأشعارها وجده كثيرا.
قال الشاعر:
فلا تدفنوني إنّ دفني محرّم = عليكم، ولكنْ خامِرِي أمَّ عامِر
يريد: لا تدفنوني ولكن دعوني للتي يقال لها إذا صيدت: خامري أمّ عامر، يعني الضّبع، لتأكلني.
وقال عنترة:
هل تبلغنِّي دارَها شَدَنِيَّة = لُعِنَتِ بمحرومِ الشَّرابِ مُصَرَّمِ
يريد: دُعيَ عليها بأن يحرم ضرعها أن يدرَّ فيه لَبَن، فاستجيب للداعي، فلم تحمل ولم ترضع.
ومثله قول الآخر: ملعونة بعقر أو خادج
أي: دعي عليها أن لا تحمل، وإن حملت: أن تلقي ولدها لغير تمام، فإذا لم تحمل الناقة ولم ترضع كان أقوى لها.
ومن أمثال العرب: (عسى الغوير أبؤسا) أي: أن يأتينا من قبل الغوير بأس ومكروه. والغوير: ماء، ويقال: هو تصغير غار). [تأويل مشكل القرآن:221-219] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (قوله جلّ وعزّ: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا اللّه ورسوله إن كنتم مؤمنين}
{الأنفال} الغنائم، واحدها نفل، قال لبيد:
إن تقوى ربنا خير نفل..=. وبإذن الله ريثي وعجل
وإنما يسألوا عنها لأنّها فيما روي كانت حراما على من كان قبلهم.
ويروى أن الناس في غزاة بدر كانوا قليلين، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن جاء بأسير غنما ومن جاء بأسيرين على حسب ذلك.
وقيل أيضا أنه نفل في السرايا فقال الله جلّ وعز: {الأنفال للّه والرسول} ). [معاني القرآن:2/399]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (قوله جل وعز: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول} [آية:1]
قال ابن عباس نزلت في يوم بدر
وروى إسرائيل عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن أبيه قال أصبت سيفا يوم بدر فاستحسنته فقلت يا رسول الله هبه لي فنزلت: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول}
قال أبو جعفر المعروف من قراءة سعد بن أبي وقاص يسألونك الأنفال بغير عن هكذا رواه شعبة عن سماك عن مصعب عن أبيه
قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر من قتل قتيلا فله كذا ومن أسر أسيرا فله كذا فلما فتح لهم جاءوا يطلبون ذلك فقام سعد والأشياخ فقالوا يا رسول الله إنما قمنا هذا المقام ردءا لكم لا جبنا فنزلت: {يسألونك عن الأنفال} فسلموا الغنيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نزلت بعد واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه
فبين الله جل وعز في هذا أن الأنفال صارت من الخمس لا من الجملة
قال مجاهد وعكرمة هي منسوخة نسخها واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه إلى آخر الآية قال مجاهد والأنفال الغنائم
قال أبو جعفر والأنفال في اللغة ما يتطوع به الإمام مما لا يجب عليه نحو قوله من جاء بأسير فله كذا ومنه النافلة من الصلوات ثم قيل للغنيمة نفل لأنه يروى أن الغنائم لم تحل لأحد إلا لأمة محمد فكأنهم أعطوها نافلة
وقوله جل وعز: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} [آية:1]
الذات الحقيقة والبين الوصل ومنه لقد تقطع بينكم). [معاني القرآن:129-3/127]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({الأنفال}: الغنائم والأنفال - أيضا: ما يدفع بعد قسمة الغنائم، والنافلة: ما يكون بعد الفريضة). [ياقوتة الصراط:235]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {الأَنْفَالُ} الغنائم، واحدها نفل). [تفسير المشكل من غريب القرآن:91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الأَنفَالُ}: الغنائم). [العمدة في غريب القرآن:142]
*تفسير قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ( {وجلت قلوبهم}: خافت). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربّهم يتوكّلون})
تأويله: إذا ذكرت عظمة اللّه وقدرته، وما خوّف به من عصاه، وجلت قلوبهم أي فزعت لذلك قال الشاعر:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل... على أيّنا تعدو المنية أول
يقال: وجل يوجل وجلا، ويقال في معنى يوجل ياجل ييجل وييجل، هذه أربع لغات حكاها سيبويه وأجودها يوجل، قال اللّه عزّ وجلّ: {لا توجل إنّا نبشّرك بغلام عليم (53)} ).
وقوله: {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا}
تأويل: الإيمان التصديق، وكل ما تلى عليهم من عند اللّه صدقوا به فزاد تصديقهم، بذلك زيادة إيمانهم). [معاني القرآن:401-2/400]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} [آية:2]
قال ابن أبي نجيح أي فرقت وأنشد أهل اللغة:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل = على أينا تغدو المنية أول
وروى سفيان عن السدي في قوله جل وعز: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال إذا أراد أن يظلم مظلمة قيل له اتق الله كف ووجل قلبه
ثم قال جل وعز: {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} [آية:2]
أي صدقوا بها فازدادوا إيمانا
قال الحسن الذين يقيمون الصلاة الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وخشوعها
وقال مقاتل بن حيان إقامتها أن تحافظ على مواقيتها وإسباغ الطهور فيها وتمام ركوعها وسجودها وتلاوة القرآن فيها والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا إقامتها). [معاني القرآن:130/3، 129]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ( {وجلت قلوبهم} أي: اقشعرت، وخافت من الوعيد). [ياقوتة الصراط:235]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {وَجِلَتْ} خافت). [تفسير المشكل من غريب القرآن:91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وَجِلَتْ}: خافت). [العمدة في غريب القرآن:142]
*تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)}
*تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الكثير الكرم، قال الله تعالى: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 4، والحج: 50، والنور: 26، وسبأ: 4] أي: كثير). [تأويل مشكل القرآن:494]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أولئك هم المؤمنون حقّا لهم درجات عند ربّهم ومغفرة ورزق كريم}
{حقّا}منصوب بمعنى دلّت عليه الجملة.
والجملة هي {أولئك هم المؤمنون} حقا.
فالمعنى أحق ذلك حقا.
وقوله: {لهم درجات عند ربّهم}أي لهم منازل في الرفعة على قدر منازلهم). [معاني القرآن:2/401]
*تفسير قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (وقوله: {كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ...}
على كره منهم، فامض لأمر الله في الغنائم كما مضيت على مخرجك وهم كارهون. ويقال فيها: يسألونك عن الأنفال كما جادلوك يوم بدر فقالوا: أخرجتنا للغنيمة ولم تعلمنا قتالا فنستعدّ له. فذلك). [معاني القرآن:1/403]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ( {كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ وإنّ فريقاً مّن المؤمنين لكارهون}
وقال: {كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ} فهذه الكاف يجوز أن تكون على قوله: {أولئك هم المؤمنون حقّاً} [4] {كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ}. وقال بعض أهل العلم {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} {فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم} [1] فأضاف {ذات} إلى "البين" وجعله {ذات} لأن بعض الأشياء يوضع عليه اسم مؤنث وبعضه يذكر نحو "الدار" و"الحائط" أنّثت "الدار" وذكّر "الحائط"). [معاني القرآن:24-2/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] يزيد: أن كراهتهم لما فعلته في الغنائم ككراهتهم للخروج معك، كأنه قال: هذا من كراهيتهم كما أخرجك وإيّاهم ربّك وهم كارهون.
ومن تتبع هذا من كلام العرب وأشعارها وجده كثيرا.
قال الشاعر:
فلا تدفنوني إنّ دفني محرّم = عليكم، ولكنْ خامِرِي أمَّ عامِر
يريد: لا تدفنوني ولكن دعوني للتي يقال لها إذا صيدت: خامري أمّ عامر، يعني الضّبع، لتأكلني.
وقال عنترة:
هل تبلغنِّي دارَها شَدَنِيَّة = لُعِنَتِ بمحرومِ الشَّرابِ مُصَرَّمِ
يريد: دُعيَ عليها بأن يحرم ضرعها أن يدرَّ فيه لَبَن، فاستجيب للداعي، فلم تحمل ولم ترضع.
ومثله قول الآخر: ملعونة بعقر أو خادج
أي: دعي عليها أن لا تحمل، وإن حملت: أن تلقي ولدها لغير تمام، فإذا لم تحمل الناقة ولم ترضع كان أقوى لها.
ومن أمثال العرب: (عسى الغوير أبؤسا) أي: أن يأتينا من قبل الغوير بأس ومكروه. والغوير: ماء، ويقال: هو تصغير غار). [تأويل مشكل القرآن:221](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ وإنّ فريقا من المؤمنين لكارهون}
أي بالحق الواجب، ويكون تأويله: {كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ وإنّ فريقا من المؤمنين لكارهون}.
كذلك ننفل من رأينا وإن كرهوا. لأن بعض الصحابة قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - حين جعل لكل من أتى بأسير شيئا، قال يبقى أكثر الناس بغير شيء.
فموضع الكاف في { كما }" نصب، المعنى الأنفال ثابتة لك مثل إخراج ربّك إياك من بيتك بالحق.
وقوله: {فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم}.
معنى {ذات بينكم}حقيقة وصلكم، والبين: الوصل، قال تعالى: {لقد تقطّع بينكم}أي وصلكم.
فالمعنى: اتقوا اللّه وكونوا مجتمعين على ما أمر الله ورسوله، وكذلك اللهم أصلح ذات البين، أي أصلح الحال التي بها يجتمع المسلمون.
وقوله: {وأطيعوا اللّه ورسوله}
أي اقبلوا ما أمرتم به في الغنائم وغيرها). [معاني القرآن:400-2/399]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): ( وقوله جل وعز: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} [آية:5] فيه أقوال
أ- قال الكسائي المعنى يجادلونك في الحق مجادلتهم كما أخرجك ربك من بيتك بالحق
ب- قال أبو عبيدة ما بمعنى الذي، أي والذي أخرجك هذا معنى كلامه
ج- وقول ثالث وهو أن المعنى قل الأنفال لله والرسول كما أخرجك ربك من بيتك بالحق أي كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وهم كارهون قل الأنفال لله والرسول وإن كرهوا
وقيل كما أخرجك ربك من بيتك متعلق بقوله تعالى: {لهم درجات عند ربهم} أي هذا الوعد لهم حق في الآخرة كما أخرجك ربك من بيتك بالحق فأنجز وعدك بالظفر). [معاني القرآن:132-3/131]
*تفسير قوله تعالى: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ(ت:207هـ): (وقوله: {يجادلونك في الحقّ بعدما تبيّن...}
وقوله: {فاتّقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} أمر المسلمين أن يتآسوا في الغنائم بعد ما أمضيت لهم، أمرا ليس بواجب.
وقوله: {وإذ يعدكم اللّه إحدى الطّائفتين}، ثم قال {أنّها لكم} فنصب {إحدى الطائفتين}بـ "يعد" ثم كرّها على أن يعدكم أن إحدى الطائفتين لكم كما قال: {فهل ينظرون إلا الساعة} ثم قال: {أن تأتيهم بغتة} فأن في موضع نصب كما نصبت الساعة وقوله: {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات} رفعهم بـ {لولا}، ثم قال: {أن تطئوهم} فأن في موضع رفع بـ {لولا}). [معاني القرآن:404-1/403]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {يجادلونك في الحقّ بعدما تبيّن كأنّما يساقون إلى الموت وهم ينظرون}
وعدهم الله جلّ وعزّ في غزاة بدر أنّهم يظفرون بأهل مكة وبالعير وهي الإبل لكراهتهم القتال، فجادلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا إنما خرجنا إلى العير.
وقوله: {كأنّما يساقون إلى الموت}.
أي وهم كانوا في خروجهم للقتال كأنهم يساقون إلى الموت لقلّة عددهم وأنهم رجّالة، يروى أنهم إنما كان فيهم فارسان فخافوا). [معاني القرآن:2/401]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {يجادلونك في الحق بعد ما تبين} [آية:6]
فكما كان هذا حقا فكذلك كل ما وعدكم به حق يجادلونك في الحق بعد ما تبين، وتبيينه أنه لما خبرهم بخبر بعد خبر من الغيوب حقا وجب أن لا يشكوا في خبره
وأحسنها قول مجاهد أن المعنى كما أخرجك ربك من بيتك أي من المدينة إلى بدر على كره كذلك يجادلونك في الحق لأن كلا الأمرين قد كان مع قرب أحدهما من الآخر فذلك أولى مما بعد عنه). [معاني القرآن:3/132]
*تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {غير ذات الشّوكة} مجاز الشوكة: الحدّ، يقال: ما أشدّ شوكة بني فلان أي حدّهم). [مجاز القرآن:1/241]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ( {وإذ يعدكم اللّه إحدى الطّائفتين أنّها لكم وتودّون أنّ غير ذات الشّوكة تكون لكم ويريد اللّه أن يحقّ الحقّ بكلماته ويقطع دابر الكافرين}
وقال: {وإذ يعدكم اللّه إحدى الطّائفتين أنّها لكم} فقوله: {أنّها} بدل من قوله: {إحدى الطّائفتين} وقال: {غير ذات الشّوكة} فأنث لأنه يعني "الطائفة"). [معاني القرآن:2/24]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ) : ( {غير ذات الشوكة}: والحج، ومنه شاك السلاح). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {ذات الشّوكة} ذات السلاح. ومنه قيل: فلان شاكّ السلاح). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وإذ يعدكم اللّه إحدى الطّائفتين أنّها لكم وتودّون أنّ غير ذات الشّوكة تكون لكم ويريد اللّه أن يحقّ الحقّ بكلماته ويقطع دابر الكافرين}
المعنى: واذكروا إذ يعدكم الله أن لكم إحدى الطائفتين.
{أنّها لكم} في موضع نصب على البدل من {إحدى} ومثله قوله:
{ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم}
المعنى: ولولا أن تطؤوهم.
وقوله: {وتودّون أنّ غير ذات الشّوكة تكون لكم}.
أي تودّون أنّ الطائفة التي ليست فيها حرب ولا سلاح، وهي الإبل تكون لكم، وذات الشوكة ذات السلاح، يقال: فلان شاك في السلاح.
وشائك في السلاح وشالّ السلاح بتشديد الكاف من الشكة، ومثل شاكي
قول الشاعر:
فتعرّفوني إنّني أنا ذاكم..=. شاك سلاحي في الحوادث معلم
وقوله: {ويريد اللّه أن يحقّ الحقّ بكلماته ويقطع دابر الكافرين}
أي ظفركم بذات الشوكة أقطع لدابرهم). [معاني القرآن:402-2/401]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم} [آية:7]
قال قتادة الطائفتان أبو سفيان معه العير وأبو جهل معه نفير قريش وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبون أن يظفروا بالعير وأراد الله عز وجل غير ذلك
والشوكة السلاح.
8-ثم قال جل وعز: {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين} [آية:7] أي كان في ظهورهم على المشركين وإمدادهم بالملائكة ما أحق به الحق وقطع دابر الكافرين). [معاني القرآن:3/133]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (و{الشوكة}: السلاح، وحدة الحرب وخشونتها). [ياقوتة الصراط:236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {ذَاتِ الشَّوْكَةِ} ذات السلاح). [تفسير المشكل من غريب القرآن:91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {الشَّوْكَةِ}: السلاح). [العمدة في غريب القرآن:142]
تفسير قوله تعالى: (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8) )
*تفسير قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (وقوله: {بألفٍ مّن الملائكة مردفين...}
ويقرأ {مردفين} فأما {مردفين} فمتتابعين، و {مردفين} فعل بهم). [معاني القرآن: 1/404]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (بألفٍ من الملائكة مردفين) مجازه: مجاز فاعلين، من أردفوا أي جاءوا بعد قوم قبلهم وبعضهم يقول: ردفني أي جاء بعدي وهما لغتان، ومن قرأها بفتح الدال وضعها في موضع مفعولين من أردفهم الله من بعد من قبلهم وقدامهم). [مجاز القرآن:1/241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({مردفين}: بعضهم على أثر بعض). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {مردفين} رادفين يقال: ردفته وأردفته: إذا جئت بعده.
{الأمنة}: الأمن). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {إذ تستغيثون ربّكم فاستجاب لكم أنّي ممدّكم بألف من الملائكة مردفين}
لما رأوا أنفسهم في قلة عدد استغاثوا فأمدّهم اللّه بالملائكة.
قال اللّه - عزّ وجلّ -: {أنّي ممدّكم بألف من الملائكة مردفين}.
يقال: ردفت الرجل إذا ركبت خلفه، وأردفته إذا أركبته خلفي، ويقال: هذه دابة لا ترادف، ولا يقال لا تردف، ويقال أردفت الرجل إذا جئت بعده، فمعنى {مردفين} يأتون فرقة بعد فرقة، ويقرأ مردفين، ويجوز في اللغة {مردّفين}، ويجوز مردّفين ومردّفين. يجوز في الراء مع تشديد الدال: كسرها وفتحها وضمها، والدال مشدّدة مكسورة على كل حال: قال سيبويه: الأصل مرتدفين. فأدغمت التاء في الدال فصارت مردّفين، لأنك طرحت حركة التاء على الراء، قال: وإن شئت لم تطرح حركة التاء وكسرت الراء لالتقاء السّاكنين، والذين ضموا الراء جعلوها تابعة لضمة الميم). [معاني القرآن:403-2/402]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [آية:9]
قال ابن عباس أي متتابعين
وقال أبو جعفر قال أهل اللغة يقال ردفته وأردفته إذا تبعته
قال مجاهد مردفين أي ممدين). [معاني القرآن:3/134]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {مُرْدِفِينَ} بعضهم في إثر بعض). [تفسير المشكل من غريب القرآن:91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {مُرْدِفِينَ}: بعض في أثر بعض). [العمدة في غريب القرآن:142]
*تفسير قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (وقوله: {وما جعله اللّه...}
هذه الهاء للإرداف: ما جعل الله الإرداف {إلاّ بشرى}). [معاني القرآن:1/404]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وما جعله اللّه إلّا بشرى ولتطمئنّ به قلوبكم وما النّصر إلّا من عند اللّه إنّ اللّه عزيز حكيم}
أي ما جعل اللّه المدد إلا بشرى). [معاني القرآن:2/403]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {وما جعله الله إلا بشرى} [آية:10]
يعني الإمداد ويجوز أن يكون يعني الإرداف). [معاني القرآن:3/134]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (قوله - جل وعز: {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} أي: ترجو وتلين عند الوعيد، وذكر الله - عز وجل). [ياقوتة الصراط:236]
*تفسير قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ(ت:207هـ): (وقوله: {إذ يغشّيكم النّعاس أمنةً مّنه...}
بات المسلمون ليلة بدر على غير ماء، فأصبحوا مجنبين، فوسوس إليهم الشيطان فقال: تزعمون أنكم على دين الله وأنتم على غير الماء وعدوّكم على الماء تصلّون مجنبين، فأرسل الله عليهم السماء وشربوا واغتسلوا؛ وأذهب الله عنهم رجز الشيطان يعني وسوسته، وكانوا في رمل تغيب فيه الأقدام فشدّده المطر حتى اشتدّ عليه الرجال، فذلك قوله: {ويثبّت به الأقدام}). [معاني القرآن:1/404]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {النّعاس أمنةً منه} وهي مصدر بمنزلة أمنت أمنةً وأماناً وأمنا، كلهن سواء.
{رجز الشّيطان} (11) أي لطخ الشيطان، وما يدعو إليه من الكفر.
{ويثبّت به الأقدام} (11) مجازه: يفرغ عليهم الصبر وينزله عليهم فيثبتون لعدوهم). [مجاز القرآن:1/242]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({أمنة}: نعاسا. الأمنة والأمان واحد). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {رجز الشّيطان}: كيده. والرّجز والرّجس يتصرفان على معان قد ذكرتها في كتاب «المشاكل»). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {إذ يغشّيكم النّعاس أمنة منه وينزّل عليكم من السّماء ماء ليطهّركم به ويذهب عنكم رجز الشّيطان وليربط على قلوبكم ويثبّت به الأقدام}
" {إذ} " موضعها نصب على معنى وما جعله اللّه إلا بشرى في ذلك الوقت، ويجوز على أن يكون: اذكروا إذ يغشيكم النعاس.
يقال: نعس الرجل ينعس نعاسا وهو ناعس، وبعضهم يقول: نعسان ولكن لا أشتهيها.
و {أمنة} منصوب مفعول له كقولك: فعلت ذلك حذر الشر.
والتأويل أن اللّه أمّنهم أمنا حتى غشيهم النعاس لما وعدهم من النصر.
يقال: قد آمنت آمن أمنا - بفتح الألف - وأمانا وأمنة.
وقوله: {وينزّل عليكم من السّماء ماء ليطهّركم به}.
كان المشركون قد نزلوا على الماء وسبقوا المسلمين، ونزل المسلمون في رمل تسوخ فيه الأرجل، وأصابت بعضهم الجنابة فوسوس لهم الشيطان بأن عدوّهم يقدرون على الماء وهم لا يقدرون على الماء، وخيل إليهم أن ذلك عون من اللّه لعدوهم، فأمطر اللّه المكان الذي كانوا فيه فتطهروا من الماء، واستوت الأرض التي كانوا عليها حتى أمكن الوقوف فيها والتصرف.
وهذا من آيات اللّه جل ثناؤه التي تدل على نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأمر بدر كان من أعظم الآيات لأن عدد المسلمين كان قليلا جدا، وكانوا رجّالة فأيدهم الله، وكان المشركون أضعافهم، وأمدّهم اللّه بالملائكة.
قال بعضهم: كان الملائكة خمسة آلاف، وقال بعضهم تسعة آلاف.
وقوله: {ويذهب عنكم رجز الشيطان}.
أي وساوسه وخطاياه.
{ويثبّت به الأقدام}
أي ويثبّت بالماء الذي أنزله على الرمل حتى استوى، وجائز أن يكون زين به للربط على قلوبهم، فيكون المعنى " وليربط على قلوبكم ويثبّت" بالربط الأقدام). [معاني القرآن:404-2/403]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه} قال ابن أبي نجيح كان المطر قبل النعاس
ويقال أمن يأمن أمنا وأمانا وأمنة وأمنة وروي عن ابن محيصن أنه قرأ أمنة بإسكان الميم وقال عبد الله بن مسعود النعاس في الصلاة من الشيطان وفي الحرب أمنة
ثم قال جل وعز: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}
قال الضحاك سبق المشركون المسلمين إلى الماء ببدر فبقي المسلمون عطاشا محدثين مجنبين لا يصلون إلى الماء فوسوس إليهم الشيطان فقال إنكم تزعمون أنكم على الحق وأن فيكم النبي صلى الله عليه وسلم وعدوكم معه الماء وأنتم لا تصلون إليه فأنزل الله جل وعز المطر فشربوا منه حتى رووا واغتسلوا وسقوا دوابهم قال ابن أبي نجيح رووا من الماء وسكن الغبار
وقال غيره كان ذلك من الآيات العظام لأنهم كانوا على سبخة لا تثبت فيها الأقدام فلما جاء المطر ثبتت أقدامهم
ثم قال جل وعز: {ويذهب عنكم رجز الشيطان} [آية:11]
قال ابن أبي نجيح أي وساوسه
قال الضحاك وأما قوله: {ويثبت به الأقدام} فإنه كانت به رميلة لا يقدر أحد أن يقف عليها فلما جاء المطر ثبتت الأقدام عليها وكقوله جل وعز: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا}يجوز أن يكون المعنى ثبتوهم بشيء تلقونه في قلوبهم
ويجوز أن يكون المعنى ثبتوهم بالنصر والقتال عنهم). [معاني القرآن:137-3/134]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {أمنة منه} قال: الأمنه والأمان والأمن كله بمعنى واحد، وقد حكيت: إمن - بالكسر - والأول أفصح). [ياقوتة الصراط:236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأمنة} الأمن.
{رِجْزَ الشَّيْطَانِ} كيده). [تفسير المشكل من غريب القرآن:91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {أَمَنَةً}: أمان). [العمدة في غريب القرآن:142]
*تفسير قوله تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {إذ يوحي ربّك إلى الملائكة أنّي معكم فثبّتوا الّذين آمنوا...}
كان الملك يأتي الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: سمعت هؤلاء القوم - يعني أبا سفيان وأصحابه - يقولون: والله لئن حملوا علينا لننكشفنّ، فيحدّث المسلمون بعضهم بعضا بذلك فتقوى أنفسهم. فذلك وحيه إلى الملائكة.
وقوله: {فاضربوا فوق الأعناق} علّمهم مواضع الضرب فقال: اضربوا الرءوس والأيدي والأرجل.
فذلك قوله: {واضربوا منهم كلّ بنانٍ} ). [معاني القرآن:1/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاضربوا فوق الأعناق} مجازه: على الأعناق، يقال ضربته فوق الرأس وضربته على الرأس.
{واضربوا منهم كلّ بنانٍ} وهي أطراف الأصابع واحدتها بنانى، قال عباس بن مرداس:
ألا ليتني قطّعت مني بنانةً... ولاقيته في البيت يقظان حاذرا يعني أبا ضبٍّ رجلاً من هذيل قتل هريم بن مرداس وهو نائم وكان جاورهم بالربيع). [مجاز القرآن:243-1/242]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ( {إذ يوحي ربّك إلى الملائكة أنّي معكم فثبّتوا الّذين آمنوا سألقي في قلوب الّذين كفروا الرّعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلّ بنان}
وقال: {فاضربوا فوق الأعناق} معناها: "اضربوا الأعناق" كما تقول: "رأيت نفس زيدٍ" تريد "زيداً".
{واضربوا منهم كلّ بنان} واحد "البنان": "البنانة"). [معاني القرآن:4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({كل بنان}: الأطراف واحدها بنانة). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {فاضربوا فوق الأعناق} أي الأعناق.
و(البنان): أطراف الأصابع). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {إذ يوحي ربّك إلى الملائكة أنّي معكم فثبّتوا الّذين آمنوا سألقي في قلوب الّذين كفروا الرّعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلّ بنان}
" {إذ} " في موضع نصب على " وليربط إذ يوحي " ويجوز أن يكون على {اذكروا}".
{فثبّتوا الّذين آمنوا}.
جائز أن يكون أنهم يثبتوهم بأشياء يلقونها في قلوبهم تقوى بها.
وجائز أن يكونوا يرونهم مددا، فإذا عاينوا نصر الملائكة ثبتوا.
وقوله: {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلّ بنان}.
أباحهم اللّه قتلهم بكل نوع في الحرب.. واحد البنان: بنانة، ومعناه ههنا الأصابع وغيرها من جميع الأعضاء.
وإنما اشتقاق البنان من قولهم أبنّ بالمكان إذا أقام به، فالبناء به يعتمل كل ما يكون للإقامة والحياة). [معاني القرآن: 2/404-405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {فاضربوا فوق الأعناق} [آية:12]
قيل إن فوق ههنا زائدة وإنما أبيحوا أن يضربوهم على كل حال
ويدل عليه واضربوا منهم كل بنان لأن البنان أطراف الأصابع الواحدة بنانة مشتق من قولهم أبن بالمكان إذا أقام به). [معاني القرآن:3/137]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ( {الرعب}: الفزع). [ياقوتة الصراط:236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} أي الأعناق، وقيل: الرؤوس.
{والبنان} أطراف الأصابع). [تفسير المشكل من غريب القرآن:92-91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {البَنَانٍ}: أطراف الأصابع). [العمدة في غريب القرآن:143]
*تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {شاقّوا الله} مجازه: خانوا الله وجانبوا أمره ودينه وطاعته.
{ومن يشاقق الله ورسوله فإنّ الله شديد العقاب} والعرب إذا جازت بـ «من يفعل كذا» فإنهم يجعلون خبر الجزاء لـ«من» وبعضهم يترك الخبر الذي يجاز به لمن ويخبر عما بعده فيجعل الجزاء له كقول شدّاد بن معاوية العبسيّ وهو أبو عنترة:
فمن يك سائلاً عني فإني..=. وجروة لا ترود ولا تعار
لا أدعها تجئ وتذهب تعار. ترك الخبر عن نفسه وجعل الخبر لفرسه، والعرب أيضاً إذا خبروا عن اثنين أظهروا الخبر عن أحدهما وكفوا عن خبر الآخر ولم يقولوا: ومن يحارب الصلت وزيداً فإن الصلت وزيداً شجاعان كما فعل ذلك قائل:
فمن يك سائلاً عني فإني = وجروة لا ترود ولا تعار
ولم يقل لا نرود ولا نعار فيدخل نفسه معها في الخبر، وكذلك قول الأعشى:
وإنّ إمراءً أهدى إليك ودونه = من الأرض موماةٌ ويهماء خيفق
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته = وأن تعلمي أن المعان موفّق
قال أبو عبيدة: كان المحلق أهدى إليه طلباً لمديحه وكانت العرب تحب المدح فقال لناقته يخاطبها:
وإن امراءً أهدى إليك ودونه
ترك الخبر عن امرئ وأخبر عن الناقة فخاطبها. وفي آية أخرى: {ومن يتوكّل على الله فإنّ الله عزيزٌ حكيمٌ} [8: 49] ). [مجاز القرآن: 1/243-244]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ( {شاقوا الله}: المشاقة المبانية والمجانبة). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {شاقّوا اللّه ورسوله}: نابذوه وباينوه). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {ذلك بأنّهم شاقّوا اللّه ورسوله ومن يشاقق اللّه ورسوله فإنّ اللّه شديد العقاب}{شاقّوا}. جانبوا، صاروا في شقّ غير شقّ المؤمنين، ومثل شاقوا جانبوا وحازبوا وحاربوا.
معنى حازبوا صار هؤلاء حزبا وهؤلاء حزبا.
{ومن يشاقق اللّه ورسوله فإنّ اللّه شديد العقاب}
{يشاقق، ويشاقّ} جميعا، إلا أنها ههنا يشاقق، بإظهار التضعيف مع الجزم وهي لغة أهل الحجاز، وغيرهم يدغم، فإذا أدغمت قلت: من يشاقّ زيدا أهنه، بفتح القاف، لأن القافين ساكنتان فحركت الثانية بالفتح لالتقاء السّاكنين ولأن قبلها ألفا، وإن شئت كسرت فقلت يشاقّ زيدا، كسرت القاف لأن أصل التقاء السّاكنين الكسر.
فإذا استقبلتها ألف ولام اخترت الكسر فقلت {ومن يشاقّ اللّه} ولا أعلم أحدا قرأ بها). [معاني القرآن:2/405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله}
أي خالفوا كأنهم صاروا في شق آخر). [معاني القرآن:3/137]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {شَاقُّواْ}: حاربوا). [العمدة في غريب القرآن:143]
*تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ذلكم فذوقوه...}
خاطب المشركين.
ثم قال: {وأنّ للكافرين عذاب النّار} فنصب {أنّ} من جهتين. أما إحداهما: وذلك بأن للكافرين عذاب النار، فألقيت الباء فنصبت. والنصب الآخر أن تضمر فعلا مثل قول الشاعر:
تسمع للأحشاء منه لغطا = ولليدين جسأةً وبددا
أضمر {وترى لليدين}كذلك قال {ذلكم فذوقوه} واعلموا {أنّ للكافرين عذاب النّار}. وإن شئت جعلت {أن} في موضع رفع تريد: {ذلكم فذوقوه} وذلكم {أنّ للكافرين عذاب النّار} ومثله في كتاب الله تبارك وتعالى: {ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةً} قرأها عاصم فيما حدثني المفضل، وزعم أن عاصما أخذها عليه مرتين بانصب. وكذلك قوله: {وحورٌ عينٌ} ). [معاني القرآن:406-1/405]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ( {ذلكم فذوقوه وأنّ للكافرين عذاب النّار}
وقال: {ذلكم فذوقوه وأنّ للكافرين} كأنه جعل "ذلكم" خبراً لمبتدأ أو مبتدأ أضمر خبره حتى كأنه قال: "ذلكم الأمر" أو "الأمر ذلكم". ثم قال: {وأنّ للكافرين عذاب النّار} أي: الأمر ذلكم وهذا، فلذلك انفتحت {أن}. ومثل ذلك قوله: {وأنّ اللّه موهن كيد الكافرين} وأمّا قول الشاعر:
ذاك وإنّي على جاري لذو حدبٍ = أحنو عليه كما يحنى على الجار
فإنما كسر "إنّ" لدخول اللام. قال الشاعر:
وأعلم علماً ليس بالظنّ أنّه = إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل
وإنّ لسان المرء ما لم تكن له = حصاةٌ على عوراته لدليل
فكسر الثانية لأن اللام بعدها.
ومن العرب من يفتحها لأنه لا يدري أن بعدها لاما، وقد سمع مثل ذلك من العرب في قوله: {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور [9] وحصّل ما في الصّدور [10] إنّ ربّهم بهم يومئذٍ لّخبيرٌ [11]} ففتح وهو غير ذاكر للام وهذا غلط قبيح). [معاني القرآن: 2/24-25]
*تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15)}:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا لقيتم الّذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الأدبار}
يقال: أزحفت للقوم إذا ثبت لهم، فالمعنى: إذا وافقتموهم للقتال.
{فلا تولّوهم الأدبار}.
أي لا تنهزموا حتى تدبروا). [معاني القرآن:2/405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): ( وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار} [آية:15]
أي إذا واقفتموهم يقال زحفت له إذا ثبت
وقيل التزاحف التداني والتقارب أي متزاحف بعضهم إلى بعض). [معاني القرآن:3/138]
*تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ(ت:207هـ): (وقوله: {إلاّ متحرّفاً لّقتالٍ أو متحيّزاً إلى فئةٍ...}
هو استثناء والمتحيّز غير من. وإن شئت جعلته من صفة من، وهو على مذهب قولك: إلا أن يوليهم؛ يريد الكرّة، كما تقول في الكلام: عبد الله يأتيك إلاّ ماشيا، ويأتيك إلا أن تمنعه الرحلة. ولا يكون {إلا} ها هنا على معنى قوله: {إلى طعام غير ناظرين إناه} لأن {غير} في مذهب {لا} ليست في مذهب {إلا} ). [معاني القرآن:1/410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {أو متحيّزاً} يقال: تحوّزت وتحيّزت. بالياء والواو. وهما من انحزت.
و {الفئة} الجماعة.
{فقد باء بغضبٍ} أي رجع بغضب). [تفسير غريب القرآن:178]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ومن يولّهم يومئذ دبره إلّا متحرّفا لقتال أو متحيّزا إلى فئة فقد باء بغضب من اللّه ومأواه جهنّم وبئس المصير}
يعني يوم حربهم.
{إلّا متحرّفا} منصوب على الحال ويجوز أن يكون النصب في متحرف، ومتحيز على الاستثناء، أي إلا رجلا متحيزا، أي
يكون منفردا فينحاز ليكون مع المقاتلة..
وأصل {متحيّز}متحيوز فأدغمت الياء في الواو). [معاني القرآن:2/406]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): ( ثم قال جل وعز: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله} [آية:16]
قال الحسن كان هذا يوم بدر خاصة وليس الفرار من الزحف من الكبائر
وروى شعبة عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال نزلت في يوم بدر حدثنا أبو جعفر قال نا ابن سماعه قال نا أبو نعيم قال نا موسى بن محمد عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد {ومن يولهم يومئذ دبره} إلى قوله: {وبئس المصير} قال ذلك يوم بدر
وقال عطاء هي منسوخة إلى قوله: {فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} أهل بدر لم يكن لهم إمام ينحازون إليه إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم معهم فلم يكن لهم أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه
وفي حديث ابن عمر حصنا حيصة في جيش فخفنا فقلنا يا رسول الله نحن الفرارون فقال أنا فئتكم
وكذا قال عمر يوم القادسية أنا فئة كل مسلم
وقيل ذا عام لأن ذلك حكم من، إلا أن يقع دليل فإن خاف رجل على نفسه وتيقن أنه لا طاقة له بالمشركين فله الرجوع لئلا يلقي بيده إلى التهلكة). [معاني القرآن: 3/138-140]
*تفسير قوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (وقوله: {وما رميت إذ رميت ولكنّ اللّه رمى...}
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر بكفّ من تراب فحثاه في وجوه القوم، وقال: "شاهت الوجوه"، أي قبحت، فكان ذلك أيضا سبب هزمهم). [معاني القرآن:1/406]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى} مجازه: ما ظفرت ولا أصبت ولكن الله أيّدك وأظفرك وأصاب بك ونصرك ويقال: رمى الله لك، أي نصرك الله وصنع لك). [مجاز القرآن:1/244]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ( {فلم تقتلوهم ولكنّ اللّه قتلهم وما رميت إذ رميت ولكنّ اللّه رمى وليبلي المؤمنين منه بلاءً حسناً إنّ اللّه سميعٌ عليمٌ}
وقال: {وما رميت إذ رميت ولكنّ اللّه رمى} تقول العرب: "و الله ما ضربت غيره" وإنما ضربت أخاه كما تقول "ضربه الأمير" والأمير لم يل ضربه. ومثل هذا في كلام العرب كثير). [معاني القرآن:2/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {فلم تقتلوهم ولكنّ اللّه قتلهم وما رميت إذ رميت ولكنّ اللّه رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إنّ اللّه سميع عليم}
ويقرأ، ولكن اللّه قتلهم، فمن شدّد نصب لنصب {لكنّ} ومن خفف أبطل عملها ورفع قوله: {اللّه} بالابتداء.
أضاف اللّه قتلهم إليه، لأنه هو الذي تولى نصرهم، وأظهر في ذلك الآيات المعجزات.
وقوله عزّ وجلّ: {وما رميت إذ رميت}.
ليس هذا نفي رمي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن العرب خوطبت بما تعقل.
ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر الصديق: ناولني كفا من بطحاء، فناوله كفّا فرمى بها فلم يبق منهم أحد - أعني من العدو إلا شغل بعينه فأعلم اللّه - جلّ وعزّ - أن كفّا من تراب أو حصى لا يملأ عيون ذلك الجيش الكثير برمية بشر، وأنه عزّ وجلّ تولى إيصال ذلك إلى أبصارهم، فقال عزّ وجلّ: {وما رميت إذ رميت}. أي لم يصب رميك ذاك ويبلغ ذلك المبلغ بك، إنما اللّه عز وجل تولى ذلك، فهذا مجاز {وما رميت إذ رميت ولكنّ اللّه رمى}.
وقوله جلّ وعزّ: {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا}.
أي لينصرهم نصرا جميلا، ويختبرهم بالتي هي أحسن.
ومعنى يبليهم ههنا يسدي إليهم). [معاني القرآن:407-2/406]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): ( ثم قال جل وعز: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم}
وقال ابن أبي نجيح: لما قال هذا قتلت وهذا قتلت.
ثم قال جل وعز: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} قال ابن أبي نجيح: هذا لما حصبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر: وحقيقة هذا في اللغة إنهم خوطبوا على ما يعرفون لن لأن عددهم كان قليلا وأبلغوا من المشركين ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حصبهم بكفه فلم يبق أحد من المشركين إلا وقع في عينه أي فلو كان إلى ما في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل إلى ذلك الجيش العظيم ولكن الله فعل بهم ذلك
والتقدير والله أعلم وما رميت بالرعب في قلوبهم إذ رميت بالحصباء في وجوههم وقلت شاهت الوجوه ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم
وقيل المعنى وما رميت الرمي الذي كانت به الإماتة ولكن الله رمى.
ثم قال جل وعز: {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا}والبلاء ههنا النعمة). [معاني القرآن: 3/140-141]
*تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ذالكم وأنّ اللّه موهن كيد الكافرين...}
و(موهّن). فإن شئت أضفت، وإن شئت نوّنت ونصبت، ومثله: {إنّ اللّه بالغ أمره، وبالغٌ أمره} و{كاشفات ضرّه، وكاشفاتٌ ضرّه} ). [معاني القرآن:1/406]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {ذلكم وأنّ اللّه موهن كيد الكافرين}
بتشديد الهاء والنصب في {كيد} ويجوز الجر في {كيد} وإضافة {موهن}
إليه. ففيه أربعة أوجه. في النصب وجهان، وفي الجر وجهان.
وموضع {ذلكم}رفع، المعنى الأمر ذلكم وأن اللّه، والأمر أن اللّه موهن.
وقوله: {ذلكم فذوقوه}.
موضع {ذلكم} رفع على إضمار الأمر، المعنى: الأمر ذلكم فذقوه، فمن قال: إنه يرفع ذلكم بما عاد عليه من الهاء أو بالابتداء وجعل الخبر فذوقوه.
فقد أخطأ من قبل أن ما بعد الفاء لا يكون خبرا لمبتدأ.
لا يجوز زيد فمنطلق، ولا زيد فاضربه، إلا أن تضمر " هذا " تريد هذا زيد فاضربه.
قال الشاعر:
وقائلة خولان فانكح فتاتهم..=. وأكرومة الحيّين خلو كما هيا
وذكر بعضهم: أن تكون في موضع نصب على إضمار واعلموا أن للكافرين عذاب النار. ويلزم على هذا أن يقال: زيد منطلق وعمرا قائما.
على معنى واعلم عمرا قائما، بل يلزمه أن يقول عمرا منطلقا، لأن المخبر معلم، ولكنه لم يجز إضمار أعلم ههنا، لأن كل كلام يخبر به أو يستخبر فيه فأنت معلم به. فاستغنى عن إظهار العلم أو إضماره.
وهذا القول لم يقله أحد من النحويين). [معاني القرآن:408-2/407]
*تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح...}
قال أبو جهل يومئذ: اللهم انصر أفضل الدينين وأحقّه بالنصر، فقال الله تبارك وتعالى: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} يعني النصر.
وقوله: {وأنّ اللّه مع المؤمنين} قال: كسر ألفها أحب إليّ من فتحها؛ لأن في قراءة عبد الله: {وإن الله لمع المؤمنين} فحسّن هذا كسرها بالابتداء. ومن فتحها أراد {ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت} يريد: لكثرتها ولأن الله مع المؤمنين، فيكون موضعها نصبا لأن الخفض يصلح فيها). [معاني القرآن:407-1/406]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} مجازه: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر.
{فئتكم شيئاً} مجازها: جماعتكم، قال العجّاج:
كما يحوز الفئة الكمىّ). [مجاز القرآن:1/245]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}: تستنصروا). [غريب القرآن وتفسيره:158]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {إن تستفتحوا} أي تسألوا الفتح، وهو النصر.
{فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خيرٌ لكم} وذلك أن أبا جهل قال: اللهم انصر أحبّ الدينين إليك. فنصر اللّه رسوله). [تفسير غريب القرآن:178]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأنّ اللّه مع المؤمنين}
معناه: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، ويجوز أن يكون معناه إن تستحكموا فقد جاءكم الحكم.؛ وقد أتى التفسير بالمعنيين جميعا.
رووا أن أبا جهل قال يوم بدر: " اللهم أقطعنا للرحم، وأفسدنا للجماعة فأحنه اليوم " فسأل الله أن يحكم بحين من كان كذلك، فنصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونال الحين أبا جهل وأصحابه، فقال اللّه جلّ وعزّ: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}أي إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء.
وقيل إنه قال: اللهم انصر أحبّ الفئتين إليك، فهذا يدلّ على أن معناه: إن تستنصروا. وكلا الوجهين جيد). [معاني القرآن:2/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} [آية:19]
قال مجاهد أي إن تستنصروا
وقال الضحاك قال أبو جهل اللهم انصر أحب الفئتين إليك فقال الله عز وجل: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}
والمعنى عند أهل اللغة إن تستدعوا الفتح وهو النصر). [معاني القرآن:3/142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا} أي تسألوا الفتح وهو النصر). [تفسير المشكل من غريب القرآن:92]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {تَسْتَفْتِحُواْ}: تستنصروا). [العمدة في غريب القرآن:143]
*تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون} مجازه: ولا تدبروا عنه ولا تعرضوا عنه فتدعوا أمره). [مجاز القرآن:1/245]
تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {ولا تكونوا كالّذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}
يعنى به الذين قالوا: قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا.
فسماهم اللّه جل ثناؤه لا يسمعون، لأنهم استمعوا استماع عداوة وبغضاء، فلم يتفهموا، ولم يتفكروا. فكانوا بمنزلة من لم يسمع). [معاني القرآن:2/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}
لأنهم استمعوا استماع عداوة ويبينه قوله: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} أي هم بمنزلة الصم في أنهم لا يسمعون سماع من يقبل الحق وبمنزلة البكم لأنهم لا يتكلمون بخير ولا يعقلونه). [معاني القرآن: 3/142-143]