العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:04 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة هود [ من الآية (89) إلى الآية (95) ]

تفسير سورة هود
[ من الآية (89) إلى الآية (95) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:06 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يجرمنّكم شقاقي...}
يقول: لا تحملنكم عداوتي أن يصيبكم. وقد يكون: لا يكسبنكم. وقوله: {وما قوم لوطٍ مّنكم ببعيدٍ} يقول: إنما هلكوا بالأمس قريباً. ويقال: إن دراهم منكم قريبة وقريب).
[معاني القرآن: 2/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا يجرمنّكم شقاقي} أي لا يكسبّنكم ويجرّ عليكم شقاقي أي عداوتي، أن تهلكوا). [تفسير غريب القرآن: 208]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد}
موضع أن نصب، المعنى لا تكسبنّكم عداوتكم إيّاي أن يصيبكم عذاب
العاجلة {مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد}.
وكان إهلاك قوم لوط أقرب الإهلاكات التي عرفوها، فكأنّه قال لهم: العظة في قوم لوط قريبة منكم). [معاني القرآن: 3/74]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي}
قال قتادة أي لا يحملنكم
قال أبو جعفر والشقاق في اللغة العداوة كأنه يصير في شق غير شقه
وقوله جل وعز: {وما قوم لوط منكم ببعيد}
يقال إن أقرب الإهلاكات التي عرفوها إهلاك قوم لوط
أي فالعظة لكم فيها بينة بقربه منكم). [معاني القرآن: 3/375]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا يجرمنكم} اختلف الناس، فقالت طائفة: لا يحملنكم، وقالت طائفة أخرى: لا يكسبنكم). [ياقوتة الصراط: 270]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا يجرمنكم} أي يكسبنكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَدُودٌ} متحبب إلى عباده بنعمه وإحسانه). [ياقوتة الصراط: 270]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {فينا ضعيفا} فقال لي الهيثم بن عدي: أنه المكفوف في لغة حمير؛ وحكى الهيثم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اذهبوا بنا إلى البصير نعوده"؛ يريد: مكفوفًا؛ فصيره بصيرًا.
قال أبو علي: وسنخبر عن هذا في موضعه إن شاء الله.
وأما قوله {لرجمناك} فكان ابن عباس رحمه الله يقول: لقتلناك، وكذلك قوله {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} أي تقتلون). [معاني القرآن لقطرب: 696]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولولا رهطك لرجمناك} أي قتلناك. وكانوا يقتلون رجما.
فسمّي القتل رجما. ومثله قوله: {لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم وليمسّنّكم منّا عذابٌ أليمٌ} ). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرجم: أصله الرّمي، كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} أي مرامي.
ثم يستعار فيوضع موضع القتل، لأنهم كانوا يقتلون بالرّجم.
وروي أنّ ابن آدم قتل أخاه رجما بالحجارة، وقتل رجما بالحجارة، فلما كان أول القتل كذلك، سمّي رجما وإن لم يكن بالحجارة، ومنه قوله تعالى: {لَنَرْجُمَنَّكُمْ} أي لنقتلنكم.
وقال: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} أي تقتلون. وقال: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} أي قتلناك). [تأويل مشكل القرآن: 508] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا ممّا تقول وإنّا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز}
وكان ضريرا.
وحمير تسمي المكفوف ضعيفا، وهذا كما قيل ضرير أي قد ضر بذهاب بصره، وكذلك قد كفّ عن التصرف بذهاب بصره.
{ولولا رهطك لرجمناك}.
أي لولا عشيرتك لرجمناك أي لقتلناك بالرجم، والرجم من سيئ القتلات، وكان رهطه من أهل ملّتهم فلذلك أظهروا الميل إليهم والإكرام لهم). [معاني القرآن: 3/74]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا}
قال سفيان بلغنا أنه كان مصابا ببصره
قال أبو جعفر وحكى أهل اللغة أن حمير تقول للأعمى ضعيف أي قد ضعف بذهاب بصره كما يقال له ضرير أي قد ضر بذهاب بصره كما يقال مكفوف أي قد كف عن النظر بذهاب بصر
وقوله جل وعز: {ولولا رهطك لرجمناك} أي ولولا عشيرتك لقتلناك بالرجم قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله أي أنتم تزعمون أنكم تتركون قتلي من أجل عشيرتي ولا تخافون من الله جل وعز في ردكم أمره
ويقال إن رهطه كانوا على ملتهم فلذلك أظهروا الميل إليهم). [معاني القرآن: 3/376-375]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لرجمناك} أي قتلناك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أرهطي أعزّ عليكم مّن اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريّاً...}:
رميتم بأمر الله وراء ظهوركم؛ كما تقول: تعظّمون أمر رهطي وتتركون أن تعظّموا الله وتخافوه). [معاني القرآن: 2/26]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {واتّخذتموه وراءكم ظهريّاً} مجازه: ألقيتموه خلف ظهوركم فلم تلتفتوا إليه، ويقال: للذي لا يقضى حاجتك ولا يلتفت إليها: ظهرت بحاجتي وجعلتها ظهريّة أي خلف ظهرك؛
وقال: وجدنا بني البرصاء من ولد الظّهر
أي من الذين يظهرون بهم ولا يلتفتون إلى أرحامهم). [مجاز القرآن: 1/298]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} فإنهم يقولون: للرجل إذا لم يقض حاجة صاحبه: ظهرت بحاجتي، وجعلتها ظهرية؛ فكأن المعنى: نبذتها خلف ظهرك؛ وروي عن الكلبي {وراءكم ظهريا} قال: سخريًا، وقالوا أيضًا {وراءكم ظهريا} أي
[معاني القرآن لقطرب: 696]
خلف ظهوركم، والظهير أيضًا: المعين لك، وهو من قول الله عز وجل {والملائكة بعد ذلك ظهير} {وكان الكافر على ربه ظهيرا} ). [معاني القرآن لقطرب: 697]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وراءكم ظهريا}: أي لم تلفتوا إليه. تقول للرجل إذا لم يقص حاجتك: ظهرت بحاجتي وجعلتني ظهريا).
[غريب القرآن وتفسيره: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} أي لم تلتفتوا إلى ما جئتكم به عنه، تقول العرب: جعلتني ظهريّا وجعلت حاجتي منك بظهر، إذا أعرضت عنه وعن حاجته). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريّا إنّ ربّي بما تعملون محيط}
أي أنتم تزعمون أنكم تتركون قتلي إكراما لرهطي - واللّه - جلّ وعزّ - أولى بأن يتبع أمره.
{واتّخذتموه وراءكم ظهريّا} أي نبذتموه وراء ظهوركم، والعرب تقول لكل من لا يعبأ بأمر قد جعل فلان الأمر بظهره.
قال الشاعر:
تميم بن قيس لا تكوننّ حاجتي= بظهر فلا يعيا عليّ جوابها).
[معاني القرآن: 3/75-74]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واتخذتموه وراءكم ظهريا}
قال مجاهد أي تركتم ما جئتكم به
قال أهل اللغة المعنى واتخذتم أمر الله وراءكم ظهريا يقال اتخذته ظهريا وجعلت حاجته بظهر أي إذا لم تعن بذلك). [معاني القرآن: 3/377-376]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وراءكم ظهريا} أي لم تلتفتوا إلى ما جئتكم به عن الله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ظهريا}: لم يلتفتوا إليه). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {من يأتيه عذابٌ يخزيه...}
(من) في موضع رفع إذا جعلتها استفهاماً. ترفعها بعائد ذكرها. وكذلك قوله {ومن هو كاذبٌ} وإنما أدخلت العرب (هو) في قوله {ومن هو كاذبٌ} لأنهم لا يقولون: من قائمٌ ولا من قاعد، إنما كلامهم: من يقوم ومن قام أو من القائم، فلمّا لم يقولوه لمعرفة أو لفعل أو يفعل أدخلوا هو مع قائم ليكونا جميعاً في مقام فعل ويفعل؛ لأنهما يقومان مقام اثنين. وقد يجوز في الشعر وأشباهه من قائم قال الشاعر:
من شارب مربح بالكأس نادمني= لا بالحصور ولا فيها بسوّار
وربما تهيبت العرب أن يستقبلوا من بنكرة فيخفضونها فيقولون: من رجلٍ يتصدّق فيخفضونه على تأويل: هل من رجل يتصدّق. وقد أنشدونا هذا البيت خفضاً ورفعاً:
من رسولٌ إلى الثريّا تأني =ضقت ذرعاً بهجرها والكتاب
وإن جعلتهما من ومن في موضع (الذي) نصبت كقوله: {يعلم المفسد من المصلح} وكقوله: {ولمّا يعلم اللّه الذين جاهدوا منكم ويعلم الصّابرين} ). [معاني القرآن: 2/27-26]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (العمش {على مكاناتكم} جمعًا.
أبو عمرو {على مكانتكم} واحدًا مؤنثًا.
وقال: المكان والمكانة، وقد مكن مكنًا ومكانة، والرجل يعمل على مكينته ومكيثته أي على اتئاده.
وكان ابن عباس رحمه الله يقول {على مكانتكم} أي: على منازلكم). [معاني القرآن لقطرب: 677]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وارتقبوا إنّي معكم رقيبٌ} أي انتظروا إني معكم منتظر). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأخذت الذين ظلموا الصيحة}
يروى أن جبرائيل صاح بهم صيحة فماتوا أجمعون وبين هذا قوله تعالى: {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} أي ميتين لا حراك لهم). [معاني القرآن: 3/377]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا} و{الصيحة مصبحين} فقالوا: هي الهلكة، ويقال: صيح بالقوم؛ أي أهلكوا، وإن لم يكن ثم صياح.
وأما الحسن فكان يقول {فأخذتهم الصيحة مصبحين} قال: صاح بهم جبريل صيحة خرجت أرواحهم، فأصبحوا جاثمين). [معاني القرآن لقطرب: 697]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله -جلّ وعزّ -:{ولمّا جاء أمرنا نجّينا شعيبا والّذين آمنوا معه برحمة منّا وأخذت الّذين ظلموا الصّيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين}
يروى أن جبريل صاح بهم صيحة فماتوا في أمكنتهم، فأصبحوا جاثمين لا يقدرون على حركة قد ماتوا). [معاني القرآن: 3/75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {كأن لم يغنوا فيها}
قال قتادة أي كان لم يعيشوا فيها
قال أبو جعفر وقد ذكرناه فيما تقدم وهو مأخوذ من الصوت لأنه إنما يقال مغنى للمنزل إذا كان أهله فيه). [معاني القرآن: 3/377]

تفسير قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ألا بعداً لمدين} مجازه: بعداً لأهل مدين، ومجاز ألا مجاز التوكيد والتثبيت والتنبيه ونصب بعداً كما ينصبون المصادر التي في مواضع الفعل كقولهم: بعداً وسحقاً وسقياً ورعياً لك وأهلاً وسهلاً). [مجاز القرآن: 1/298]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو جعفر وشيبة ونافع {بعدت ثمود}.
وقراءة أخرى "بعدت" بالضم؛ وهما لغتان بعد وبعد). [معاني القرآن لقطرب: 677]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود} يقال: بعد يبعد، إذا كان بعد هلكة. وبعد يبعد: إذا نأى). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود}
كان لم ينزلوا فيها، يقال: غنينا بالمكان إذا أنزلنا به).
{ألا بعدا لمدين}.
(ألا) حرف يبتدأ الكلام به، وهو تنبيه للمخاطب ومعنى {بعدا لمدين} أنهم قد بعدوا من رحمة اللّه، وهو منصوب على المصدر، المعنى أبعدهم الله فبعدوا بعدا.
ودليل ذلك: {كما بعدت ثمود}.
ويجوز بعدت وبعدت). [معاني القرآن: 3/76-75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود}
يقال بعد يبعد إذا هلك ومن النأي بعد يبعد). [معاني القرآن: 3/378-377]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:07 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) }

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والرَّهْط ما دون العشرة من الرجال. والعُصْبَة من العشرة إلى الأربعين). [الغريب المصنف: 1/105]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو عبيدة: جعلت حاجته بظهر ومنه قوله تعالى: {واتخذتموه وراءكم ظهريا}.
وهو استهانتك بحاجة الرجل). [الغريب المصنف: 3/774]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "{واتخذتموه وراءكم ظهريًا}"، أي رميتم به وراء ظهوركم، أي لم تلتفتوا إليه، يقال في المثل: "لا تجعل حاجتي منك بظهرٍ"، أي لا تطرحها غير ناظر إليها). [الكامل: 1/33]

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} الهاء تعود على ذكر الله عز وجل، أي ألقيتموه وراء ظهوركم لم تعبئوا به). [مجالس ثعلب: 180]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وظِهْري حرف من الأضداد؛ يقال: ظهري للمعين، قال عمران بن حطان:
ومن يك ظهريا على الله ربه = بقوته فالله أغنى وأوسع
أراد: ومن يكون معاونا على الله ربه، والظهري في هذا المعنى بمنزلة الظهير، قال الله عز وجل: {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين}، أراد معاونا. وقال الله عز وجل: {وكان الكافر على ربه ظهيرا}، أراد: وكان معاونا للكافرين على ربه. ويكون الظهري المطرح الذي لا يلتفت إليه، فيقول القائل: جعلتني ظهريا، وجعلت حاجتي ظهرية، أي مطرحة، وقال الله: {واتخذتموه وراءكم ظهريا}، أراد: اطرحتموه ولم تعبدوه، ولم تقفوا عند أمره ونهيه.
وقال أبو عبيدة: يقال: سألت فلانا حاجة فظهر بها،
إذا ضيعها ولم يلتفت إليها). [كتاب الأضداد: 255-256] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) }

تفسير قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95) }

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:08 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:08 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط}
لا يجرمنكم معناه: لا يكسبنكم، يقال: جرمه كذا وكذا وأجرمه إذا أكسبه،
[المحرر الوجيز: 5/7]
كما يقال: كسب وأكسب بمعنى، ومن ذلك قول الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
وقرأ الجمهور: "يجرمنكم" بفتح الياء، وقرأ الأعمش، وابن وثاب: "يجرمنكم" بضمها، و"شقاقي" معناه: مشاقتي وعداوتي، و"أن" مفعولة بـ "يجرمنكم". وكانت قصة قوم لوط أقرب القصص عهدا بقصة قوم شعيب، وقد يحتمل أن يريد: وما منازل قوم لوط منكم ببعيد، فكأنه قال: وما قوم لوط منكم ببعيد في المسافة، ويتضمن هذا القول ضرب المثل لهم بقوم لوط.
وقرأ الجمهور: "مثل" بالرفع على أنه فاعل "يصيبكم"، وقرأ مجاهد، والجحدري، وابن أبي إسحاق: "مثل" بالنصب؛ وذلك على أحد وجهين: إما أن يكون "مثل" فاعلا، وفتحة اللام فتحة بناء لما أضيف لغير متمكن، فإن "مثل" قد يجري مجرى الظروف في هذا الباب وإن لم يكن ظرفا محضا، وإما أن يقدر الفاعل محذوفا يقتضيه المعنى، ويكون "مثل" منصوبا على النعت لمصدر محذوف تقديره: إصابة مثل). [المحرر الوجيز: 5/8]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {واستغفروا ربكم} الآية. تقدم القول في مثل هذا من ترتيب هذا الاستغفار قبل التوبة، و"ودود" معناه أن أفعاله ولطفه بعباده لما كانت في غاية الإحسان إليهم كانت كفعل من يتودد ويود المصنوع له). [المحرر الوجيز: 5/8]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قالوا يا شعيب} الآية. "نفقه" معناه: نفهم، وهذا نحو قول
[المحرر الوجيز: 5/8]
قريش: قلوبنا في أكنة، ومعنى ما نفقه كثيرا مما تقول: أي ما نفقه صحة قولك، وأما فقههم لفظه ومعناه فمتحصل. وروي عن ابن جبير، وشريك القاضي في قولهم: "ضعيفا" أنه كان ضرير البصر أعمى، وحكى الزهراوي أن حمير تقول للأعمى: ضعيف، كما يقال له: ضرير، وقيل: كان ناحل البدن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله ضعيف ولا تقوم عليه حجة بضعف بصره أو بدنه، والظاهر من قولهم: "ضعيفا" أنه ضعيف الانتصار والقدرة، وأن رهطه الكفرة كانوا يراعون فيه.
و الرهط: جماعة الرجل، ومنه الراهطاء؛ لأن اليربوع يعتصم به كما يفعل الرجل برهطه. و"لرجمناك" قيل: معناه بالحجارة، وهو الظاهر، وقاله ابن زيد. وقيل: معناه: لرجمناك بالسب، وبه فسر الطبري، وهذا أيضا تستعمله العرب، ومنه قوله تعالى: {لأرجمنك واهجرني مليا}، وقولهم: "بعزيز" أي: بذي منعة وعزة ومنزلة في نفوسنا). [المحرر الوجيز: 5/9]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قال يا قوم أرهطي} الآية. "الظهري": الشيء الذي يكون وراء الظهر، وقد يكون الشيء وراء الظهر بوجهين في الكلام: إما بأن يطرح، كما تقول: جعلت كلامي وراء ظهرك ودبر أذنك، ومنه قول الفرزدق:
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي ... بظهر فلا يعيا علي جوابها
[المحرر الوجيز: 5/9]
وإما بأن يسند إليه ويلجأ. ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: "وألجأت ظهري إليك"، فقال جمهور المتأولين في معنى هذه الآية: أنه "واتخذتم الله ظهريا -أي: غير مراعى- وراء الظهر" على معنى الاطراح، ورجحه الطبري.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهو عندي على حذف مضاف ولا بد.
وقال بعضهم: الضمير في قوله: "واتخذتموه" عائد على أمر الله وشرعه، إذ يتضمنه الكلام، وقالت فرقة: المعنى: أترون رهطي أعز عليكم من الله وأنتم تتخذون الله سند ظهوركم وعماد آمالكم؟.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فقول الجمهور على أن كان كفر قوم شعيب جحدا بالله تعالى وجهلا به، وهذا القول الثاني على أنهم كانوا يقرون بالخالق الرازق ويعتقدون الأصنام وسائط ووسائل، ونحو هذا، وهاتان الفرقتان موجودتان في الكفرة، ومن اللفظة: الاستظهار بالبينة، وقد قال ابن زيد: الظهري: الفضل، مثل الجمال يخرج معه بإبل ظهارية يعدها إن احتاج إليها وإلا فهي فضلة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
هذا كله مما يستند إليه.
وقوله: {إن ربي بما تعملون محيط} خبر في ضمنه توعد، ومعناه: محيط علمه وقدرته). [المحرر الوجيز: 5/10]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود}
على مكانتكم معناه: على حالاتكم، وهذا كما تقول: مكانة فلان في العلم فوق مكانة فلان، يستعار من البقاع إلى المعاني. وقرأ الحسن، وأبو عبد الرحمن، وعاصم: "مكانتكم" بالجمع، والجمهور على الإفراد.
وقوله: "اعملوا" تهديد ووعيد، وهو نحو قوله: {اعملوا ما شئتم}. وقوله: {من يأتيه} يجوز أن تكون "من" مفعولة بـ "تعلمون"، والثانية عطف عليها. قال الفراء: ويجوز أن تكون استفهاما في موضع رفع بالابتداء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
الأول أحسن لأنها موصولة ولا توصل في الاستفهام، ويقضي بصلتها أن المعطوفة عليها موصولة لا محالة، والصحيح أن الوقف في قوله: {إني عامل} ثم ابتداء الكلام بالوعيد، و"من" معمولة لـ "تعلمون" وهي موصولة. وقوله: "وارتقبوا" كذلك تهديد أيضا). [المحرر الوجيز: 5/11]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولما جاء أمرنا} الآية. الأمر هاهنا يصح أن يكون مصدر أمر، ويصح أن يكون واحد الأمور. وقوله: {برحمة منا} إما أن يقصد الإخبار عن الرحمة التي لحقت شعيبا لنبوته وحسن عمله وعمل متبعيه، وإما أن يقصد أن النتيجة لم تكن إلا بمجرد رحمة لا بعمل من أعمالهم، وأما "الصيحة" فهي صيحة جبريل عليه السلام، وروي أنه صاح بهم صيحة جثم لها كل واحد منهم في مكانه حيث سمعها ميتا قد تقطعت حجب قلبه. والجثوم أصله في الطائر إذا ضرب بصدره إلى الأرض، ثم يستعمل في غيره إذا كان منه بشبه). [المحرر الوجيز: 5/11]

تفسير قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كأن لم يغنوا فيها} الآية. الضمير في قوله: "فيها" عائد على "الديار"، و"يغنوا" معناه: يقيمون بنعمة وخفض عيش، ومنه المغاني، وهي المنازل المعمورة بالأهل، وقوله: "ألا" تنبيه للسامع، وقوله: "بعدا" مصدر دعا به، وهذا كما تقول: "سقيا لك، ورعيا لك، وسحقا للكافر" ونحو هذا، وفارقت هذه قولهم: "سلام عليك"، لأن هذا كأنه إخبار عن شيء قد وجب وتحصل، وتلك إنما هي دعاء مترجى، ومعنى البعد في قراءة من قرأ "بعدت" بكسر العين: الهلاك، وهي قراءة الجمهور، ومنه قول خرنق بنت هنان:
لا يبعدن قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر
ومنه قول مالك بن الريب:
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني ... وأين مكان البعد إلا مكانيا
وأما من قرأ: "بعدت" وهو السلمي، وأبو حيوة- فهو من البعد الذي ضده القرب، ولا يدعى به إلا على مبغوض). [المحرر الوجيز: 5/12]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:54 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:54 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هودٍ أو قوم صالحٍ وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ (89) واستغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه إنّ ربّي رحيمٌ ودودٌ (90)}
يقول لهم: {ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي} أي: لا تحملنّكم عداوتي وبغضي على الإصرار على ما أنتم عليه من الكفر والفساد، فيصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ، وقوم هودٍ، وقوم صالحٍ، وقوم لوطٍ من النّقمة والعذاب.
قال قتادة: {ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي} يقول: لا يحملنّكم فراقي.
وقال السّدّيّ: عداوتي، على أن تتمادوا في الضّلال والكفر، فيصيبكم من العذاب ما أصابهم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عوفٍ، حدّثنا أبو المغيرة عبد القدّوس بن الحجّاج، حدّثنا ابن أبي غنيّة، حدّثني عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي ليلى الكنديّ قال: كنت مع مولاي أمسك دابّته، وقد أحاط النّاس بعثمان بن عفّان؛ إذ أشرف علينا من داره فقال: {ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هودٍ أو قوم صالحٍ} يا قوم، لا تقتلوني، إنّكم إن تقتلوني كنتم هكذا، وشبّك بين أصابعه.
وقوله: {وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ} [قيل: المراد في الزّمان، كما قال قتادة في قوله: {وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ} يعني] إنّما أهلكوا بين أيديكم بالأمس، وقيل: في المكان، ويحتمل الأمران). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 346]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واستغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه} أي: استغفروه من سالف الذّنوب، وتوبوا فيما تستقبلونه من الأعمال السّيّئة، {إنّ ربّي رحيمٌ ودودٌ} أي: لمن تاب وأناب). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 346]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرًا ممّا تقول وإنّا لنراك فينا ضعيفًا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيزٍ (91) قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا إنّ ربّي بما تعملون محيطٌ (92)}
يقولون: {يا شعيب ما نفقه كثيرًا ممّا تقول} أي: ما نفهم ولا نعقل كثيرًا من قولك، وفي آذاننا وقرٌ، ومن بيننا وبينك حجابٌ. {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا}.
قال سعيد بن جبيرٍ، والثّوريّ: كان ضرير البصر. قال الثّوريّ: وكان يقال له: خطيب الأنبياء.
[وقال السّدّيّ: {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا} قال: أنت واحدٌ].
[وقال أبو روقٍ: {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا} يعنون: ذليلًا؛ لأنّ عشيرتك ليسوا على دينك، فأنت ذليلٌ ضعيفٌ].
{ولولا رهطك} أي: قومك وعشيرتك؛ لولا معزّة قومك علينا لرجمناك، قيل بالحجارة، وقيل: لسببناك، {وما أنت علينا بعزيزٍ} أي: ليس لك عندنا معزّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 346-347]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه} يقول: أتتركوني لأجل قومي، ولا تتركوني إعظامًا لجناب اللّه أن تنالوا نبيّه بمساءةٍ. وقد اتّخذتم جانب اللّه {وراءكم ظهريًّا} أي: نبذتموه خلفكم، لا تطيعونه ولا تعظّمونه، {إنّ ربّي بما تعملون محيطٌ} أي: هو يعلم جميع أعمالكم وسيجزيكم بها). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 347]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ويا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ سوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ومن هو كاذبٌ وارتقبوا إنّي معكم رقيبٌ (93) ولمّا جاء أمرنا نجّينا شعيبًا والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا وأخذت الّذين ظلموا الصّيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين (94) كأن لم يغنوا فيها ألا بعدًا لمدين كما بعدت ثمود (95)}
لمّا يئس نبيّ اللّه شعيبٌ من استجابة قومه له، قال: يا قوم، {اعملوا على مكانتكم} أي: على طريقتكم، وهذا تهديدٌ ووعيدٌ شديدٌ، {إنّي عاملٌ} على طريقتي ومنهجي {سوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه} أي: في الدّار الآخرة، {ومن هو كاذبٌ} أي: منّي ومنكم، {وارتقبوا} أي: انتظروا {إنّي معكم رقيبٌ}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 347]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {ولمّا جاء أمرنا نجّينا شعيبًا والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا وأخذت الّذين ظلموا} وهم قومه، {الصّيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين} وقوله {جاثمين} أي: هامدين لا حراك بهم. وذكر هاهنا أنّه أتتهم صيحةٌ، وفي الأعراف رجفةٌ، وفي الشّعراء عذاب يوم الظّلّة، وهم أمّةٌ واحدةٌ، اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقم كلّها. وإنّما ذكر في كلّ سياقٍ ما يناسبه، ففي الأعراف لمّا قالوا: {لنخرجنّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا} [الأعراف:88]، ناسب أن يذكر هناك الرّجفة، فرجفت بهم الأرض الّتي ظلموا بها، وأرادوا إخراج نبيّهم منها، وهاهنا لمّا أساءوا الأدب في مقالتهم على نبيّهم ناسب ذكر الصّيحة الّتي أسكتتهم وأخمدتهم، وفي الشّعراء لمّا قالوا: {فأسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصّادقين} [الشّعراء:189]، قال {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ} [الشّعراء:189]، وهذا من الأسرار الغريبة الدّقيقة، وللّه الحمد والمنّة كثيرًا دائمًا).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 347]

تفسير قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كأن لم يغنوا فيها} أي: يعيشوا في دارهم قبل ذلك، {ألا بعدًا لمدين كما بعدت ثمود} وكانوا جيرانهم قريبًا منهم في الدّار، وشبيهًا بهم في الكفر وقطع الطّريق، وكانوا عربا شبههم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 348]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:04 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة هود [ من الآية (89) إلى الآية (95) ]

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وما قوم لوط منكم ببعيد قال إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد قوم نوح وعاد وثمود). [تفسير عبد الرزاق: 1/310-311]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة في قوله تعالى {لا يجرمنكم شقاقي} لا يجرمنكم شقاقي). [تفسير عبد الرزاق: 1/311]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {لا يجر منّكم شقاقي} لا تحملنكم عداوتي [الآية: 89]). [تفسير الثوري: 133]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هودٍ أو قوم صالحٍ وما قوم لوطٍ مّنكم ببعيدٍ}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل شعيبٍ لقومه: {ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي} يقول: لا يحملنّكم عداوتي وبغضي وفراق الدّين الّذي أنا عليه، على الإصرار على ما أنتم عليه من الكفر باللّه وعبادة الأوثان، وبخس النّاس في المكيال والميزان، وترك الإنابة والتّوبة، فيصيبكم. {مثل ما أصاب قوم نوحٍ} من الغرق. {أو قوم هودٍ} من العذاب {أو قوم صالحٍ} من الرّجفة. {وما قوم لوطٍ} الّذين ائتفكت بهم الأرض {منكم ببعيدٍ} هلاكهم، أفلا تتّعظون به وتعتبرون؟ يقول: فاعتبروا بهؤلاء، واحذروا أن يصيبكم بشقاقي مثل الّذي أصابهم.
- كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لا يجرمنّكم شقاقي} يقول: لا يحملنّكم فراقي {أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ} الآية.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {لا يجرمنّكم شقاقي} يقول: لا يحملنّكم شقاقي.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {لا يجرمنّكم شقاقي} قال عداوتي وبغضائي وفراقي.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ} قال: إنّما كانوا حديثًا منهم قريبًا؛ يعني قوم نوحٍ، وعادٍ، وثمود.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ} قال: إنّما كانوا حديثي عهدٍ قريبٍ بعد نوحٍ وثمود.
قال أبو جعفرٍ: وقد يحتمل أن يقال: معناه: وما دار قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ). [جامع البيان: 12/550-551]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هودٍ أو قوم صالحٍ وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ (89)
قوله تعالى: ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشرٍ، عن قتادة قوله: لا يجرمنّكم شقاقي أي لا يحملنّكم.
قوله تعالى: شقاقي
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن مرزوقٍ، ثنا عمران يعني القطّان قال: سمعت الحسن في قوله: ويا قوم لا يجرمنّكم شقاقي قال: ضراري.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: لا يجرمنّكم شقاقي يقول: لا يحملنّكم فراقي.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ لا يجرمنّكم شقاقي لا تحملنّكم عداوتي.
قوله تعالى: أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ الآية
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو المغيرة عبد القدّوس بن الحجّاج، ثنا ابن أبي غنيّة قال حدّثني عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي ليلى الكنديّ قال: كنت مع مولاي أمسك دابّته وقد أحاط النّاس بعثمان بن عفّان رضي اللّه عنه إذا أشرف علينا من داره فقال: يا قوم لا يجرمنّكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هودٍ أو قوم صالحٍ يا قوم لا تقتلوني إنّكم إن قتلتموني كنتم هكذا وشبّك بين أصابعه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هودٍ أو قوم صالحٍ يقول: لا تحملنّكم عداوتي على أن تمادوا في الضّلال والكفر فيصيبكم من العذاب ما أصابهم.
قوله تعالى: وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: لا يجرمنّكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هودٍ أو قوم صالحٍ وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ إنّما أهلكوا من أيديكم أمس.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ قال إنّما كانوا حديثي عهدٍ قريبٍ بعد قوم نوحٍ وعادٍ وثمود). [تفسير القرآن العظيم: 6/2074-2075]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 89 - 97
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {لا يجرمنكم شقاقي} لايحملنكم فراقي). [الدر المنثور: 8/130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال {شقاقي} قال: عدواني). [الدر المنثور: 8/130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن خلف بن حوشب قال: هلك قوم شعيب من شعيرة إلى شعيرة كانوا يأخذون بالرزينة ويعطون بالخفيفة). [الدر المنثور: 8/131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي} الآية، قال: لا يحملنكم عدواتي على أن تتمادوا في الضلال والكفر فيصيبكم من العذاب ما أصابهم). [الدر المنثور: 8/131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وما قوم لوط منكم ببعيد} قال: إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود). [الدر المنثور: 8/131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن أبي ليلى الكندي رضي الله عنه قال: أشرف عثمان رضي الله عنه على الناس من داره وقد أحاطوا به فقال {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد} يا قوم لا تقتلوني إنكم إن قتلتموني كنتم هكذا وشبك بين أصابعه). [الدر المنثور: 8/131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس، أن شعيبا قال لقومه: يا قوم اذكروا قوم نوح وعاد وثمود {وما قوم لوط منكم ببعيد} وكان قوم لوط أقربهم إلى شعيب وكانوا أقربهم عهدا بالهلاك {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم} لمن تاب إليه من الذنب {ودود} يعني يحبه ثم يقذف له المحبة في قلوب عباده، فردوا عليه {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا} كان أعمى {ولولا رهطك} يعني عشيرتك التي أنت بينهم {لرجمناك} يعني لقتلناك {وما أنت علينا بعزيز} {قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله} قالوا: بل الله، قال فأتخذتم الله وراءكم {ظهريا} يعني تركتم أمره وكذبتم نبيه غير أن علم ربي أحاط بكم {إن ربي بما تعملون محيط} قال ابن عباس: وكان بعد الشرك أعظم ذنوبهم تطفيف المكيال والميزان وبخس الناس أشياءهم مع ذنوب كثيرة كانوا يأتونها فبدا شعيب فدعاهم إلى عبادة الله وكف الظلم وترك ما سوى ذلك). [الدر المنثور: 8/130-131]

تفسير قوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {إن ربي رحيم ودود} قال: المحب [الآية: 90]). [تفسير الثوري: 133]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واستغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه إنّ ربّي رحيمٌ ودودٌ}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل شعيبٍ لقومه: {استغفروا ربّكم} أيّها القوم من ذنوبكم بينكم وبين ربّكم الّتي أنتم عليها مقيمون من عبادة الآلهة والأصنام، وبخس النّاس حقوقهم في المكاييل والموازين. {ثمّ توبوا إليه} يقول: ثمّ ارجعوا إلى طاعته والانتهاء إلى أمره ونهيه. {إنّ ربّي رحيمٌ} يقول: هو رحيمٌ بمن تاب وأناب إليه أن يعذّبه بعد التّوبة. {ودودٌ} يقول: ذو محبّةٍ لمن أناب وتاب إليه يودّه ويحبّه). [جامع البيان: 12/552]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واستغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه إنّ ربّي رحيمٌ ودودٌ (90) قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرًا ممّا تقول وإنّا لنراك فينا ضعيفًا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيزٍ (91)
قوله تعالى: واستغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه إلى قوله: ودود
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن جعفرٍ قاضي الرّيّ، ثنا سفيان في قوله: إنّ ربّي رحيم ودود مجيبٌ). [تفسير القرآن العظيم: 6/2076]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس، أن شعيبا قال لقومه: يا قوم اذكروا قوم نوح وعاد وثمود {وما قوم لوط منكم ببعيد} وكان قوم لوط أقربهم إلى شعيب وكانوا أقربهم عهدا بالهلاك {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم} لمن تاب إليه من الذنب {ودود} يعني يحبه ثم يقذف له المحبة في قلوب عباده، فردوا عليه {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا} كان أعمى {ولولا رهطك} يعني عشيرتك التي أنت بينهم {لرجمناك} يعني لقتلناك {وما أنت علينا بعزيز} {قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله} قالوا: بل الله، قال فأتخذتم الله وراءكم {ظهريا} يعني تركتم أمره وكذبتم نبيه غير أن علم ربي أحاط بكم {إن ربي بما تعملون محيط} قال ابن عباس: وكان بعد الشرك أعظم ذنوبهم تطفيف المكيال والميزان وبخس الناس أشياءهم مع ذنوب كثيرة كانوا يأتونها فبدا شعيب فدعاهم إلى عبادة الله وكف الظلم وترك ما سوى ذلك). [الدر المنثور: 8/130-131] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر قال قتادة لم يبعث الله نبيا إلا في ثروة من قومه بعد لوط بعث الله محمدا في ثروة قومه وقال قوم شعيب {ولولا رهطك لرجمنك}). [تفسير عبد الرزاق: 2/3] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {إنا لنريك فينا ضعيفا} قال: في بصره ضعف [الآية: 91]). [تفسير الثوري: 133]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (91) : قوله تعالى: {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرًا ممّا تقول وإنّا لنراك فينا ضعيفًا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيزٍ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حديج بن معاوية، قال: نا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن زيد بن ثابتٍ قال: لو كان للوطٍ مثل أصحاب شعيبٍ لجاهد بهم قومه، ولكن لم يكن فيهم رجلٌ رشيدٌ). [سنن سعيد بن منصور: 5/359-360]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرًا ممّا تقول وإنّا لنراك فينا ضعيفًا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيزٍ}.
يقول تعالى ذكره: قال قوم شعيبٍ لشعيبٍ: {يا شعيب ما نفقه كثيرًا ممّا تقول} أي ما نعلم حقيقة كثيرٍ ممّا تقول وتخبرنا به. {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا} ذكر أنّه كان ضريرًا، فلذلك قالوا له: {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدّثنا أسد بن زيدٍ الجصّاص، قال: أخبرنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا} قال: كان أعمى.
- حدّثنا عبّاس بن أبي طالبٍ، قال: ثني إبراهيم بن مهديٍّ المصّيصيّ، قال: حدّثنا خلف بن خليفة عن سفيان، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، مثله.
- حدّثنا أحمد بن الوليد الرّمليّ، قال: حدّثنا إبراهيم بن زيادٍ وإسحاق بن المنذر، وعبد الملك بن زيدٍ، قالوا: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، مثله.
- حدّثنا أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، ومحمّد بن الصّبّاح، قالا: سمعنا شريكًا، يقول في قوله: {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا} قال: أعمى.
- حدّثنا أحمد بن الوليد، حدّثنا سعدويه، قال: حدّثنا عبّادٌ، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، قوله: {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا} قال: كان ضعيف البصر. قال سفيان: وكان يقال له خطيب الأنبياء.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا عبّادٌ، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {وإنّا لنراك فينا ضعيفًا} قال: كان ضرير البصر.
وقوله: {ولولا رهطك لرجمناك} يقول: يقولون: ولولا أنت في عشيرتك وقومك لرجمناك، يعنون: لسببناك. وقال بعضهم: معناه لقتلناك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولولا رهطك لرجمناك} قال: قالوا: لولا أن نتّقي قومك ورهطك لرجمناك.
وقوله: {وما أنت علينا بعزيزٍ} يعنون: ما أنت ممّن يكرم علينا، فيعظم علينا إذلاله وهوانه، بل ذلك علينا هيّنٌ). [جامع البيان: 12/552-554]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرًا ممّا تقول
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان ما نفقه كثيرًا ممّا تقول: ما نعرف.
قوله تعالى: وإنّا لنراك فينا ضعيفا
[الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا يزيد بن عبد العزيز، ثنا عبّادٌ، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: إنا لنراك فينا ضعيفًا قال: كان ضرير البصر.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عطاءٍ النّخعيّ، ثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: وإنّا لنراك فينا ضعيفًا قال: كان أعمى.
- حدّثنا أبي، ثنا الفضل بن دكينٍ، ثنا سفيان إنا لنراك فينا ضعيفًا قال: كان ضعيفًا وكان يقال: خطيب الأنبياء.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا رجلٌ، عن السّدّيّ في قوله: وإنّا لنراك فينا ضعيفًا قال: أنت واحدٌ.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ في قوله: إنا لنراك فينا ضعيفًا قال: ذليلا قال: قالوا له إنّ عشيرتك ليسوا على دينك فأنت ذليلٌ ضعيفٌ.
قوله تعالى: ولولا رهطك لرجمناك
- وبه عن أبي روقٍ ولولا رهطك لرجمناك أي: ولولا عشيرتك نحفظك فيهم لرجمناك.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ولولا رهطك لرجمناك قال: لولا قومك ورهطك لرجمناك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ قوله لرجمناك أي لشتمناك وآذيناك ولفعلنا بك). [تفسير القرآن العظيم: 6/2076-2077]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس، أن شعيبا قال لقومه: يا قوم اذكروا قوم نوح وعاد وثمود {وما قوم لوط منكم ببعيد} وكان قوم لوط أقربهم إلى شعيب وكانوا أقربهم عهدا بالهلاك {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم} لمن تاب إليه من الذنب {ودود} يعني يحبه ثم يقذف له المحبة في قلوب عباده، فردوا عليه {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا} كان أعمى {ولولا رهطك} يعني عشيرتك التي أنت بينهم {لرجمناك} يعني لقتلناك {وما أنت علينا بعزيز} {قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله} قالوا: بل الله، قال فأتخذتم الله وراءكم {ظهريا} يعني تركتم أمره وكذبتم نبيه غير أن علم ربي أحاط بكم {إن ربي بما تعملون محيط} قال ابن عباس: وكان بعد الشرك أعظم ذنوبهم تطفيف المكيال والميزان وبخس الناس أشياءهم مع ذنوب كثيرة كانوا يأتونها فبدا شعيب فدعاهم إلى عبادة الله وكف الظلم وترك ما سوى ذلك). [الدر المنثور: 8/130-131] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: كان أعمى وإنما عمي من بكائه من حب الله عز وجل). [الدر المنثور: 8/131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الواحدي، وابن عساكر عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى شعيب عليه السلام من حب الله حتى عمي فرد الله عليه بصره وأوحى الله إليه: يا شعيب ما هذا البكاء أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار فقال: لا ولكن اعتقدت حبك بقلبي فإذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي فأوحى الله إليه: يا شعيب إن يكن ذلك حقا فهنيأ لك لقائي يا شعيب لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي). [الدر المنثور: 8/132]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والخطيب، وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: كان ضرير البصر). [الدر المنثور: 8/132]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن سفيان في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: كان أعمى وكان يقال له: خطيب الأنبياء عليهم السلام). [الدر المنثور: 8/132]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: إنما أنت واحد). [الدر المنثور: 8/132-133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولولا رهطك لرجمناك} قال: لولا أن نتقي قومك ورهطك لرجمناك). [الدر المنثور: 8/133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: لو كان للوط مثل أصحاب شعيب لجاهد بهم قومه). [الدر المنثور: 8/133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: كان مكفوفا فنسبوه إلى الضعف {ولولا رهطك لرجمناك} قال علي: فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة). [الدر المنثور: 8/133]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى واتخذتموه وراءكم ظهريا قال لم تراقبوه في شيء إنما تراقبون قومي واتخذتم الله وراءكم ظهريا لا تخافونه). [تفسير عبد الرزاق: 1/311-312]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أرهطي أعز عليكم من الله قال أعززتم قومكم واغتررتم بربكم). [تفسير عبد الرزاق: 1/312]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن جابرٍ عن مجاهدٍ في قوله: {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: نبذتم أمره [الآية: 92]). [تفسير الثوري: 133]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وراءكم ظهريًّا} [هود: 92] : " يقول لم تلتفتوا إليه، ويقال: إذا لم يقض الرّجل حاجته، ظهرت بحاجتي، وجعلتني ظهريًّا، والظّهريّ ها هنا: أن تأخذ معك دابّةً أو وعاءً تستظهر به "). [صحيح البخاري: 6/74]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وراءكم ظهريا يقول لم يلتفتوا إليه ويقال إذا لم يقض الرّجل حاجته ظهرت لحاجتي الخ ثبت هذا الكشميهني وحده وقد تقدّم شرحه في ترجمة شعيبٍ عليه السّلام من أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/354]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وراءكم ظهريا يقول لم تلتفتوا إليه ويقال إذا لم يقض الرجل حاجته ظهرت بحاجتي وجعلتني ظهريا والظهري ههنا أن تأخذ معك دابّة أو وعاء تستظهر به) أشار به إلى قوله تعالى واتخذتموه وراءكم ظهريا وهذا أيضا لم يثبت إلّا للكشميهني وحده وفسره بقوله لم تلتفتوا إليه وهو تفسير بالمعنى الغائي لأن معنى قوله واتخذتموه وراءكم ظهريا جعلتموه وراء ظهوركم وجعل الشّيء وراء الظّهر كناية عن عدم الالتفات إليه والظهري منسوب إلى الظّهر وكسرة الظّاء من تغييرات النّسب قوله ويقال إذا لم يقض الرجل حاجته أي حاجة فلان مثلا يقال له ظهرت بها كأنّه استخف بها وجعلها بظهره أي كأنّه أزالها ولم يلتفت إليها وجعلها ظهريا أي خلف ظهره قوله والظهري ههنا إلى آخره أن أراد بقوله ههنا تفسير الظهري الّذي في القرآن فلا يصح ذلك لأن تفسير الظهري هو الّذي ذكره أولا وقال الزّمخشريّ معنى قوله تعالى واتخذتموه وراءكم ظهريا نسيتموه وجعلتموه كالشيء منبوذًا وراء الظّهر لا يعبأ به وعن ابن عبّاس رصي الله تعالى عنهما يريد ألقيتموه خلف ظهوركم وامتنعتم من قتلي مخافة قومي والله أكبر وأعز من جميع خلقه وقوله والظهري ههنا إلى آخره غير المعنى الّذي ذكره المفسّرون في الآية الكريمة نعم جاء الظهري أيضا بهذا المعنى وقد قال الجوهري الظهري بالكسر العدة للحاجة إن احتيج إليه وهذا يؤكد المعنى الّذي قاله ومنه يقال بعير ظهير بين الظهارة إذا كان قويا وناقة ظهيرة قاله الأصمعي قوله يستظهر به أي يستعين به أي بالظهري ويقال فلان ظهرني على فلان وأنا ظهرتك على هذا الأمر أي عونك). [عمدة القاري: 18/294-295]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ((وراءكم ظهريًا}) [هود: 92] يريد قول شعيب لما قال له قومه: {ولولا رهطك لرجمناك} [هود: 91] {يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريًا} [هود: 92] (يقول لم تلتفتوا إليه) أي جعلتم أمر الله خلف ظهوركم تعظمون أمر رهطي وتتركون تعظيم الله تعالى ولا تخافونه (ويقال: إذا لم يقض الرجل حاجته) أي حاجة زيد مثلاً (ظهرت بحاجتى) ولأبي ذر لحاجتي باللام بدل الموحدة كأنه استخف بها (وجعلتني) ولأبي ذر عن الكشميهني وجعلني بإسقاط الفوقية (ظهريًا) أي خلف ظهرك (والظهري: ها هنا أن تأخذ معك دابة أو وعاء تستظهر به) عند الحاجة إن احتجت لكن هذا لا يصح أن يفسر به ما في القرآن فحذف ها هنا كما لأبي ذر أوجه). [إرشاد الساري: 7/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا إنّ ربّي بما تعملون محيطٌ}.
يقول تعالى ذكره: قال شعيبٌ لقومه: يا قوم أعززتم قومكم، فكانوا أعزّ عليكم من اللّه، واستخففتم بربّكم، فجعلتموه خلف ظهوركم، لا تأتمرون لأمره، ولا تخافون عقابه، ولا تعظّمونه حقّ عظمته.
يقال للرّجل إذا لم يقض حاجة الرّجل: نبذ حاجته وراء ظهره: أي تركها لا يلتفت إليها، وإذا قضاها قيل: جعلها أمامه ونصب عينيه؛ ويقال: ظهرت بحاجتي وجعلتها ظهريّةً: أي خلف ظهرك، كما قال الشّاعر:
وجدنا بني البرصاء من ولد الظّهر
بمعنى: أنّهم يظهرون بحوائج النّاس فلا يلتفتون إليها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثنّى أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} وذلك أنّ قوم شعيبٍ، ورهطه كانوا أعزّ عليهم من اللّه، وصغر شأن اللّه عندهم عزّ ربّنا وجلّ ثناؤه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثنّى معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} قال: قصًّى.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} يقول: عززتم قومكم، وأظهرتم بربّكم.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} قال: لم تراقبوه في شيءٍ، إنّما تراقبون قومي، واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا لا تخافونه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {أرهطي أعزّ عليكم من اللّه} قال: أعززتم قومكم واغتررتم بربّكم.
- قال أبو جعفرٍ: سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل قال: قال سفيان: {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} كما يقول الرّجل للرّجل: خلّفت حاجتي خلف ظهرك، فاتّخذتموه وراءكم ظهريًّا: استخففتم بأمره، فإذا أراد الرّجل قضاء حاجة صاحبه، جعلها أمامه بين يديه، ولم يستخفّ بها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} قال: الظّهريّ الفضل، مثل الجمّال يخرج معه بإبلٍ ظهاريّةٍ فضلٍ لا يحمل عليها شيئًا، إلاّ أن يحتاج إليها، قال: فيقول: إنّما ربّكم عندكم مثل هذا إن احتجتم إليه، وإن لم تحتاجوا إليه فليس بشيءٍ.
وقال آخرون: معنى ذلك: واتّخذتم ما جاء به شعيبٌ وراءكم ظهريًّا، فالهاء في قوله: {واتّخذتموه} على هذا من ذكر ما جاء به شعيبٌ عليه السّلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} قال: تركتم ما جاء به شعيبٌ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جعفر بن عونٍ، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، قال: نبذوا أمره.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} قال: نبذتم أمره.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} قال: هم رهط شعيبٍ تركهم ما جاء به وراء ظهورهم ظهريًّا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ. قال: وحدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} قال: استثناؤهم رهط شعيبٍ، وتركهم ما جاء به شعيبٌ وراء ظهورهم ظهريًّا.
وإنّما اخترنا القول الّذي اخترناه في تأويل ذلك لقرب قوله: {واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا} من قوله: {أرهطي أعزّ عليكم من اللّه} فكانت الهاء في قوله {واتّخذتموه} بأن تكون من ذكر اللّه لقرب جوارها منه أشبه وأولى.
وقوله: {إنّ ربّي بما تعملون محيطٌ} يقول: إنّ ربّي محيطٌ علمه بعملكم، فلا يخفى عليه منه شيءٌ، وهو مجازيكم على جميعه عاجلاً وآجلاً). [جامع البيان: 12/554-558]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا إنّ ربّي بما تعملون محيطٌ (92)
قوله تعالى: قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه
- وبه عن أبي روقٍ قال: يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه يقول عشيرتي أعزّ عليكم من اللّه.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا وذلك أنّ قوم شعيبٍ ورهطه كانوا أعزّ عليهم من اللّه وصغر شأن اللّه عن دهم عزّ ربّنا وجلّ.
قوله تعالى: واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا جعفر بن عوفٍ، ثنا سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا قال: نبذتم أمره.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: واتخذتموه وراءكم ظهريا يقول: قضا قضى.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ظهريًّا رهط شعيبٍ جعلوا اللّه وراءهم ظهريًّا.
- حدّثنا أبي هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن أبي عروبة، عن قتادة قوله واتّخذتموه وراءكم ظهريا يقول: عزرتم قومكم وأظهرتم بربّكم إنّ ربّي بما تعملون محيطٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا: لا تخافونه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا قال الظّهريّ: الفضل مثل الجّبّال يحتاج معه إلى إبلٍ ظهريٍّ فضلٍ لا يحمل عليها شيئًا إلا أن يحتاج. إليها فيقول: أنا ربّكم عندكم هكذا فإن احتجتم إليه وإن لم تحتاجوا إليه فليس بشيءٍ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ قوله: يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من اللّه واتّخذتموه وراءكم ظهريًّا فجعلتموه خلف ظهوركم فلم تطيعوه ولم تخافوه.
قوله تعالى: إنّ ربّي بما تعملون محيطٌ
- وقرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: بما تعملون محيطٌ يقول أحاط عليه بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/2077-2078]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وراءكم ظهريا يقول تركوا ما جاء به شعيب وراءهم ظهريا). [تفسير مجاهد: 2/307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس، أن شعيبا قال لقومه: يا قوم اذكروا قوم نوح وعاد وثمود {وما قوم لوط منكم ببعيد} وكان قوم لوط أقربهم إلى شعيب وكانوا أقربهم عهدا بالهلاك {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم} لمن تاب إليه من الذنب {ودود} يعني يحبه ثم يقذف له المحبة في قلوب عباده، فردوا عليه {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا} كان أعمى {ولولا رهطك} يعني عشيرتك التي أنت بينهم {لرجمناك} يعني لقتلناك {وما أنت علينا بعزيز} {قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله} قالوا: بل الله، قال فأتخذتم الله وراءكم {ظهريا} يعني تركتم أمره وكذبتم نبيه غير أن علم ربي أحاط بكم {إن ربي بما تعملون محيط} قال ابن عباس: وكان بعد الشرك أعظم ذنوبهم تطفيف المكيال والميزان وبخس الناس أشياءهم مع ذنوب كثيرة كانوا يأتونها فبدا شعيب فدعاهم إلى عبادة الله وكف الظلم وترك ما سوى ذلك). [الدر المنثور: 8/130-131] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: نبذتم أمره). [الدر المنثور: 8/133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: قضاء قضى). [الدر المنثور: 8/133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} يقول: لا تخافونه). [الدر المنثور: 8/133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: جعلتموه خلف ظهوركم فلم تطيعوه ولم تخافوه). [الدر المنثور: 8/134]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: تهاونتم به). [الدر المنثور: 8/134]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: الظهري الفضل مثل الجمال يحتاج معه إلى إبل ظهري فضل لا يحمل عليها شيئا إلا أن يحتاج إليها فيقول: إنما ربكم عندكم هكذا إن احتجتم إليه فإن لم تحتاجوا فليس بشيء). [الدر المنثور: 8/134]

تفسير قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ سوف تعلمون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل شعيبٍ لقومه: {ويا قوم اعملوا على مكانتكم} يقول: على تمكنكم، يقال منه: الرّجل يعمل على مكينته ومكنته: أي على اتئاده، ومكن الرّجل يمكن مكنًا ومكانةً ومكانًا.
وكان بعض أهل التّأويل يقول في معنى قوله: {على مكانتكم} على منازلكم فمعنى الكلام إذن: ويا قوم اعملوا على تمكنكم من العمل الّذي تعملونه، {إنّي عاملٌ} على تؤدةٍ من العمل الّذي أعمله، {سوف تعلمون} أيّنا الجاني على نفسه، والمخطئ عليها، والمصيب في فعله، المحسن إلى نفسه.
القول في تأويل قوله تعالى: {من يأتيه عذابٌ يخزيه ومن هو كاذبٌ وارتقبوا إنّي معكم رقيبٌ}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل نبيّه شعيبٍ لقومه: الّذي يأتيه منّا ومنكم أيّها القوم {عذابٌ يخزيه} يقول: يذلّه ويهينه؛ {ومن هو كاذبٌ} يقول: ويخزي أيضًا الّذي هو كاذبٌ في قيله وخبره منّا ومنكم. {وارتقبوا} أي انتظروا وتفقّدوا من الرّقبة، يقال منه: رقبت فلانًا أرقبه رقبةً. وقوله: {إنّي معكم رقيبٌ} يقول: إنّي أيضًا ذو رقبةٍ لذلك العذاب معكم، وناظرٌ إليه بمن هو نازلٌ منّا ومنكم). [جامع البيان: 12/558-559]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ سوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ومن هو كاذبٌ وارتقبوا إنّي معكم رقيبٌ (93)
قوله تعالى ويا قوم اعملوا على مكانتكم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: يا قوم اعملوا على مكانتكم قال: على ناحيتكم.
قوله تعالى: إنّي عاملٌ سوف تعلمون
- حدّثنا أبو سعيدٍ، ثنا ابن فضيلٍ، عن أبيه، عن إسماعيل ابن مسلمٍ، عن الحسن سوف تعلمون قال: وعيدٌ.
قوله تعالى: من يأتيه عذابٌ يخزيه
- حدّثني أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر، ثنا الحكم بن ابن أبان، عن عكرمة، في قوله: من يأتيه عذاب يخزيه قال: الغرق.
قوله تعالى: ومن هو كاذبٌ وارتقبوا إنّي معكم رقيبٌ
بياض). [تفسير القرآن العظيم: 6/2078]

تفسير قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولمّا جاء أمرنا نجّينا شعيبًا والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا وأخذت الّذين ظلموا الصّيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين}.
يقول تعالى ذكره: ولمّا جاء قضاؤنا في قوم شعيبٍ بعذابنا نجّينا شعيبًا رسولنا والّذين آمنوا به فصدّقوه على ما جاءهم به من عند ربّهم مع شعيبٍ، من عذابنا الّذي بعثنا على قومه، برحمةٍ منّا له، ولمن آمن به واتّبعه على ما جاءهم به من عند ربّهم. وأخذت الّذين ظلموا الصّيحة من السّماء أخمدتهم فأهلكتهم بكفرهم بربّهم. وقيل: إنّ جبريل عليه السّلام، صاح بهم صيحةً أخرجت أرواحهم من أجسامهم. {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} على ركبهم وصرعى بأفنيتهم). [جامع البيان: 12/559]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولمّا جاء أمرنا نجّينا شعيبًا والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا وأخذت الّذين ظلموا الصّيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين (94) كأن لم يغنوا فيها ألا بعدًا لمدين كما بعدت ثمود (95) ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطانٍ مبينٍ (96)
قوله تعالى: ولمّا جاء أمرنا نجّينا شعيبًا والّذين آمنوا معه برحمة منا
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة حدّثني محمّد بن إسحاق قال: بلغني واللّه أعلم أنّ اللّه سلّط عليهم الحرّ حتّى إذ أنضجهم أنشأ لهم الظّلّة كالسّحابة السّوداء فلمّا رأوها ابتدروها يستغيثون ببردها ما هم فيه حتّى إذا دخلوا تحتها أطبقت. فهلكوا جميعًا ونجّى اللّه شعيبًا والّذين آمنوا معه فأصابه على قومه حزنٌ لمّا نزل بهم من نقمة اللّه.
قوله تعالى: وأخذت الّذين ظلموا الصّيحة
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن صالح الوساطنيّ، ثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال: إنّ أهل مدين عذّبوا ثلاثة أصنافٍ من العذاب أحدهم الرّجفة في دارهم حتّى خرجوا منها فلمّا خرجوا منها أصابهم فزعٌ شديدٌ ففرقوا أن يدخلوا البيوت إنّ تسقط عليهم فأرسل اللّه عليهم الظّلّة فدخل تحتها رجلٌ فقال: ما رأيت كاليوم ظلا أطيب ولا أبرد هلمّوا أيّها النّاس فدخلوا جميعًا تحت الظّلّة فصاح فيهم صيحةً واحدةً فماتوا جميعًا.
قوله تعالى: فأصبحوا في ديارهم جاثمين
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: فأصبحوا في ديارهم جاثمين قال: ميّتين). [تفسير القرآن العظيم: 6/2079]

تفسير قوله تعالى: (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى كأن لم يغنوا فيها يقول كأن لم يعيشوا فيها). [تفسير عبد الرزاق: 1/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كأنّ لم يغنوا فيها ألا بعدًا لمدين كما بعدت ثمود}.
يقول تعالى ذكره: كأن لم يعش قوم شعيبٍ الّذين أهلكهم اللّه بعذابه حين أصبحوا جاثمين في ديارهم قبل ذلك. ولم يغنوا، من قولهم: غنيت بمكان كذا: إذا أقمت به، ومنه قول النّابغة:
غنيت بذلك إذ هم لي جيرةٌ = منها بعطف رسالةٍ وتودّد
- وكما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كأن لم يغنوا فيها} قال: يقول: كأن لم يعيشوا فيها.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، مثله.
وقوله: {ألا بعدًا لمدين كما بعدت ثمود} يقول تعالى ذكره: إلاّ أبعد اللّه مدين من رحمته بإحلال نقمته كما بعدت ثمود، يقول: كما بعدت من قبلهم ثمود من رحمته بإنزال سخطه بهم). [جامع البيان: 12/560-561]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: كأنّ لم يغنوا فيها
قد تقدّم تفسيره واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 6/2079]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة