العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة فاطر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:39 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة فاطر [ من الآية (36) إلى الآية (37) ]

تفسير سورة فاطر
[ من الآية (36) إلى الآية (37) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ (37)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 12:56 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها كذلك نجزي كلّ كفورٍ (36) وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الّذي كنّا نعمل أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير}.
يقول تعالى ذكره: {والّذين كفروا} باللّه ورسوله {لهم نار جهنّم} يقول: لهم نار جهنّم مخلّدين فيها، لا حظّ لهم في الجنّة ولا نعيمها.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم} بالموت فيموتوا، لأنّهم لو ماتوا لاسترحوا {ولا يخفّف عنهم من عذابها} يقول: ولا يخفّف عنهم من عذاب نار جهنّم بإماتتهم، يخفّف ذلك عنهم
- كما: حدّثني مطرّف بن محمّدٍ الضّبّيّ، قال: حدّثنا أبو قتيبة، قال حدّثنا أبو هلالٍ الرّاسبيّ، عن قتادة، عن أبي السّوداء، قال: مساكينٌ أهل النّار لا يموتون، لو ماتوا لاسترحوا.
- حدّثني عقبة بن سنانٍ القزّاز، قال: حدّثنا غسّان بن مضرٍ، قال: حدّثنا سعيد بن يزيد، وحدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سعيد بن يزيد، وحدّثنا سوّار بن عبد اللّه، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، حدّثنا أبو مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أما أهل النّار الّذين هم أهلها فإنّهم لا يموتون فيها ولا يحيون، لكنّ ناسًا أو كما قال تصيبهم النّار بذنوبهم أو قال: بخطاياهم فتميتهم إماتةً، حتّى إذا صاروا فحمًا أذن في الشّفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثّوا على أنهار الجنّة، فقال: يا أهل الجنّة أفيضوا عليهم فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل فقال رجلٌ من القوم حينئذٍ: كأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد كان بالبادية.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: {ولا يخفّف عنهم من عذابها} وقد قيل في موضعٍ آخر: {كلّما خبت زدناهم سعيرًا}؟ قيل: معنى ذلك: ولا يخفّف عنهم من هذا النّوع من العذاب.
وقوله: {كذلك نجزي كلّ كفورٍ} يقول تعالى ذكره: هكذا يكافئ كلّ جحودٍ لنعم ربّه يوم القيامة، بأن ندخله نار جهنّم بسيّئاتهم الّتي قدّموها في الدّنيا). [جامع البيان: 19/381-383]

تفسير قوله تعالى: (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم بن أبي عمر بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أو ذكر لي: أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، فقال الله: {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب} [سورة غافر:49 - 50] فسألوا يومًا واحدًا يخفف عنهم فيه العذاب، فرد عليهم: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى} فردت عليهم الخزنة: {قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} قال: فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكًا وهو عليهم وله مجلس في وسطها، وجسور تمر عليها ملائكة العذاب فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: {يا مالك ليقض علينا ربك}[سورة الزخرف:77] قال: سألوا الموت، فسكت عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة، قال: والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يومًا، واليوم كألف سنة مما تعدون، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين فقال: {إنكم ماكثون}، فلما سمعوا منه ما سمعوا وأيسوا مما قاله، قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون، فهلم فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا، فأجمعوا رأيهم على الصبر، قال: فصبروا فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [سورة إبراهيم: 21- 22]، أي من منجى، قال: فقام إبليس عند ذلك فقال: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} إلى قوله: {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} يقول: بمغن عنكم شيئًا {وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال: فلما سمعوا مقالتهم مقتوا أنفسهم، قال: فنودوا: {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} [سورة غافر: 10-12] إلى قوله: {فهل إلى خروج من سبيل} قال: فرد عليهم: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} قال فهذه واحدة، قال: فنودوا الثانية: {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون}[سورة السجدة: 12] قال: فرد عليهم {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هداها} يقول: لو شئت لهديت الناس جميعًا فلم يختلف منهم أحدٌ {ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا}، يقول: بما تركتم أن تعملوا لي ليومكم هذا، {إنا نسيناكم} إنا تركناكم، {وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} هذه اثنتان، قال: فنادوا الثالثة {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} [سورة إبراهيم: 45- 46] فرد عليهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، قال: هذه الثالثة، قال: ثم نادوا الرابعة: {ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [سورة فاطر: 37] قال: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} ثم مكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: { ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} [سورة المؤمنون: 105-108]، قال: فلما سمعوا صوته قالوا: الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك: {غلبت علينا شقوتنا} أي الكتاب الذي كتب علينا، {وكنا قومًا ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}فقال عند ذلك: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض، فأطبقت عليهم.
قال: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله: {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون} [سورة المرسلات: 35- 36] ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 590-592]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر والثوري عن ابن خيثم عن مجاهد عن ابن عباس في قوله أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر قال ستون سنة). [تفسير عبد الرزاق: 2/138]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن شيخ من غفار عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي أنه قال لقد أعذر الله إلى عبد أحياه ستين أو سبعين سنة لقد أعذر الله إليه لقد أعذر الله إليه). [تفسير عبد الرزاق: 2/138]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكر} قال: العمر الّذي أعذر اللّه فيه إلى أهله ستّون سنةً [الآية: 37]). [تفسير الثوري: 247]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الّذي كنّا نعمل} يقول تعالى ذكره: هؤلاء الكفّار يستغيثون، ويضجّون في النّار، يقولون: يا ربّنا أخرجنا نعمل صالحًا: أي نعمل بطاعتك {غير الّذي كنّا نعمل} قبل من معاصيك.
وقوله: {يصطرخون} يفتعلون من الصّراخ، حوّلت تاؤها طاءً لقرب مخرجها من الصّاد لمّا ثقلت.
وقوله: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} اختلف أهل التّأويل في مبلغ ذلك، فقال بعضهم: ذلك أربعون سنةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن مجاهدٍ، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، يقول: العمر الّذي أعذر اللّه إلى ابن آدم {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} أربعون سنةً.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ، عن مسروقٍ، أنّه كان يقول: إذا بلغ أحدكم أربعين سنةً، فليأخذ حذره من اللّه.
وقال آخرون: بل ذلك ستّون سنةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن خثيمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} قال: ستّون سنةً.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: العمر الّذي أعذر اللّه فيه لابن آدم ستّون سنةً.
- حدّثنا عليّ بن شعيبٍ، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فديكٍ، عن إبراهيم بن الفضل، عن ابن أبي حسينٍ المكّيّ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء السّتّين، وهو العمر الّذي قال اللّه: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير}.
- حدّثني أحمد بن الفرج الحمصيّ، قال: حدّثنا بقيّة بن الوليد، قال: حدّثنا مطرّف بن مازنٍ الكنانيّ، قال: حدّثني معمر بن راشدٍ، قال: سمعت محمّد بن عبد الرّحمن الغفاريّ، يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ولقد أعذر اللّه إلى صاحب السّتّين سنّةً والسّبعين.
- حدّثنا أبو صالحٍ الفزاريّ، قال: حدّثنا محمّد بن سوّارٍ، قال: حدّثنا يعقوب بن عبد الرّحمن بن عبدٍ القاريّ الإسكندريّ، قال: حدّثنا أبو حازمٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من عمّره اللّه ستّين سنّةً فقد أعذر إليه في العمر.
- حدّثنا محمّد بن سوّارٍ، قال: حدّثنا النّضر بن حميدٍ، عن سعدٍٍ بن طريفٍ، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه في قوله: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير} قال: العمر الّذي عمّرهم اللّه به ستّون سنّةً.
وأشبه القولين بتأويل الآية إذ كان الخبر الّذي ذكرناه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خبرًا في إسناده بعض من يجب التّثبّت في نقله، قول من قال ذلك أربعون سنّةً، لأنّ في الأربعين يتناهى عقل الإنسان وفهمه، وما قبل ذلك وما بعده منتقصٌ عن كماله في حال الأربعين.
وقوله: {وجاءكم النّذير} اختلف أهل التّأويل في معنى النّذير، فقال بعضهم: عنى به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجاءكم النّذير} قال: النّذير: النّبيّ وقرأ: {هذا نذيرٌ من النّذر الأولى}.
وقيل: عنى به الشّيب.
فتأويل الكلام إذن: أولم نعمّركم يا معشر المشركين باللّه من قريشٍ من السّنين، ما يتذكّر فيه من تذكّر، من ذوي الألباب والعقول، واتّعظ منهم من اتّعظ، وتاب من تاب، وجاءكم من اللّه منذرٌ ينذركم ما أنتم فيه اليوم من عذاب اللّه، فلم تتذكّروا مواعظ اللّه، ولم تقبلوا من نذير اللّه الّذي جاءكم ما أتاكم به من عند ربّكم). [جامع البيان: 19/383-387]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فذوقوا فما للظّالمين من نصيرٍ (37) إنّ اللّه عالم غيب السّموات والأرض إنّه عليمٌ بذات الصّدور}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: {فذوقوا} نار عذاب جهنّم الّذي قد صليتموه أيّها الكافرون باللّه {فما للظّالمين من نصيرٍ} يقول: فما للكافرين الّذين ظلموا أنفسهم فأكسبوها غضب اللّه بكفرهم باللّه في الدّنيا من نصيرٍ ينصرهم من اللّه ليستنقذهم من عقابه). [جامع البيان: 19/388]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن إبراهيم بن الفضل عن ابن أبي حسين المكي عن عطاء عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة قيل أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله عز وجل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر قال ابن أبي فديك وحدثه الحسن بن عبد لله بن عطية عن من حدثه عن ابن عباس قال يعني به الشيب). [تفسير مجاهد: 532]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} [فاطر: 37] قال: «ستّين سنةً» صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/463]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا عثمان بن سعيدٍ الدّارميّ، ثنا عبد اللّه بن صالحٍ، ثنا اللّيث، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إذا بلغ الرّجل من أمّتي ستّين سنةً فقد أعذر اللّه إليه في العمر» صحيحٌ على شرط البخاريّ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/463]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو الحسن بن الفضل السّامريّ، ببغداد، ثنا أبو عليٍّ الحسين بن عرفة العبديّ، ثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: إنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «أعمار أمّتي ما بين السّتّين إلى السّبعين وأقلّهم من يجوز ذلك» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/463]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا أبو بكرة بكّار بن قتيبة القاضي بمصر، ثنا مطرّف بن مازنٍ، ثنا معمر بن راشدٍ، سمعت محمّد بن عبد الرّحمن الغفاريّ، يقول: سمعت أبا هريرة رضي اللّه عنه، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لقد أعذر اللّه إلى عبدٍ عمّره ستّين أو سبعين سنةً، لقد أعذر اللّه في عمره إليه»). [المستدرك: 2/464]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عليٍّ الصّنعانيّ، بمكّة، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن شيخٍ من غفارٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لقد أعذر اللّه إلى عبدٍ أحياه حتّى بلغ ستّين أو سبعين، لقد أعذر اللّه إليه»). [المستدرك: 2/464]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكرٍ من أصل كتابه، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا سليمان بن حربٍ، ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من عمّر من أمّتي سبعين سنةً، فقد أعذر اللّه إليه في العمر» صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/464]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : (ابن عباس رضي الله عنهما قال: {وجاءكم النذير} [فاطر: 37]: الرسول بالقرآن. أخرجه رزين). [جامع الأصول: 2/330]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} [فاطر: 37].
- عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " «إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء السّتّين؟ وهو العمر الّذي قال اللّه - عزّ وجلّ - فيه: أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر» ".
رواه الطّبرانيّ في الكبير والأوسط، وفيه إبراهيم بن الفضل المخزوميّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/97]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 37 - 38.
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهم يصطرخون فيها} قال: يستغيثون فيها). [الدر المنثور: 12/300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال: ستين سنة). [الدر المنثور: 12/300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في "سننه"، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة قيل: أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} ). [الدر المنثور: 12/300-301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والبخاري والنسائي والبزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم، وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعذر الله إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة). [الدر المنثور: 12/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والطبراني والروياني في الأمثال والحاكم، وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر). [الدر المنثور: 12/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه في الآية قال: العمر الذي عمرهم الله به، ستون سنة). [الدر المنثور: 12/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الرامهرمزي في الأمثال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من عمره الله ستين سنة أعذر إليه في العمر، يريد {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} ). [الدر المنثور: 12/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي، وابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك). [الدر المنثور: 12/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال: العمر ستون سنة). [الدر المنثور: 12/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال: هو ست وأربعون سنة). [الدر المنثور: 12/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال: أربعين سنة). [الدر المنثور: 12/302-303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: اعلموا أن طول العمر حجة فنعوذ بالله أن نعير بطول العمر، قال: نزلت وإن فيهم لابن ثمان عشرة سنة، وفي قوله {وجاءكم النذير} قال: احتج عليهم بالعمر والرسل). [الدر المنثور: 12/303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال: محمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال: محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ (هذا نذير من النذر الأولى) (النجم 56) ). [الدر المنثور: 12/303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال: الشيب). [الدر المنثور: 12/303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجاءكم النذير} قال: الشيب). [الدر المنثور: 12/303]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 01:25 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا} [فاطر: 36].
تفسير السّدّيّ: يعني: لا ينزل بهم الموت فيموتوا.
قال: {ولا يخفّف عنهم من عذابها} [فاطر: 36] وقال في آيةٍ أخرى: {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابًا} [النبأ: 30].
[تفسير القرآن العظيم: 2/793]
أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة أنّ عبد اللّه بن عمرٍو كان يقول: ما نزل في أهل النّار آيةٌ هي أشدّ من هذه.
قال: {كذلك نجزي كلّ كفورٍ} [فاطر: 36] حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: {كذلك نجزي كلّ كفورٍ} [فاطر: 36] كلّ كفورٍ بربّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/794]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ لا يقضى عليهم فيموتوا }: منصوب , لأن معناه: " ليموتوا " , وليس مجازه: مجاز الإخبار , لأنهم أحياء لا يموتون فيقضى عليهم، وقال الخليل : لم ينصب فعل قط إلا على معنى " أن " , وموضعها " وإن أضمروها فقيل له : قد نصبوا بـ " حتى ", و " كي " , و " لن ", و " اللام المكسورة " , فقال: العامل فيهن " أن ".).
[مجاز القرآن: 2/155]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم مّن عذابها كذلك نجزي كلّ كفورٍ}
وقال: {ولا يخفّف عنهم مّن عذابها} , وقد قال: {كلّما خبت زدناهم سعيراً} , يقول: "لا يخفّف عنهم من العذاب الذي هو هكذا".). [معاني القرآن: 3/36]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها كذلك نجزي كلّ كفور (36)}
(فيموتوا): نصب، وعلامة النصب : سقوط النون، وهو جواب النفي.
والمعنى: لا يقضى عليهم الموت , فيموتوا.
{ولا يخفّف عنهم من عذاببها}:أي: من عذاب نار جهنّم.
{كذلك يجزى كلّ كفور}, و{نجزي كلّ كفور}
وفيها وجه ثالث: {كذلك يجزي كلّ كفور}, أي : كذلك يجزي اللّه.
المعنى : مثل ذلك الجزاء الذي ذكرنا, ولا أعلم أحدا قرأ بها، أعني: يجزي بالياء وفتحها.). [معاني القرآن: 4/271]



تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الّذي كنّا نعمل} [فاطر: 37]، أي: أخرجنا فارددنا إلى الدّنيا نعمل صالحًا.
قال اللّه: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير} [فاطر: 37] النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: نزلت في الآية وفيها ابن ثمان عشرة سنةً، وكلّ شيءٍ ذكر اللّه من كلام أهل النّار فهو قبل أن يقول اللّه لهم: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} [المؤمنون: 108].
{فذوقوا} [فاطر: 37]، أي: العذاب.
{فما للظّالمين} [فاطر: 37] المشركين.
{من نصيرٍ} [فاطر: 37] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/794]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وجاءكم النّذير...}

يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم, وذكر الشيب). [معاني القرآن: 2/370]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أو لم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر }: مجاز الألف هاهنا مجاز التقرير , وليس باستفهام والواو التي بعدها مفتوحة لأنها ليست بواو " أو " ومجاز " ما " هاهنا مجاز المصدر:{ أو لم نعمركم عمراً يتذكر فيه من تذكّر }: أي: يتوب , ويراجع.). [مجاز القرآن: 2/156]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءكم النّذير}: يعني محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم, ويقال: الشيب, ومن ذهب هذا المذهب، فإنه أراد : (أولم نعمركم حتى شبتم).). [تفسير غريب القرآن: 361-362]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحا غير الّذي كنّا نعمل أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير فذوقوا فما للظّالمين من نصير (37)}
يستغيثون : ربّنا أخرجنا.
المعنى يقولون:{ربّنا أخرجنا نعمل صالحا غير الّذي كنّا نعمل}
المعنى : إن تخرجنا نعمل صالحا، فوبّخهم اللّه فقال: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر}.
معناه : أو لم نعمّركم العمر الذي يتذكر فيه من تذكر.
وجاء في التفسير: لقد أعذر اللّه إلى عبد عمّره ستين سنة.
ويقال: من الستين إلى السبعين.
وقد جاء في التفسير : أنه يدخل فيها ابن سبع عشرة سنة , وقد قيل : أربعين.
{وجاءكم النّذير}:يعنى النبي صلى الله عليه وسلم , وقيل: الشيب.
والقول الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم النذير أكثر التفسير عليه، وقد قيل: الأربعين.). [معاني القرآن: 4/271-272]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}
قال أبو هريرة , وابن عباس: (ستين سنة) , وعنه أيضًا: (أربعين) .
وهذا أشبه؛ لأن في الأربعين تناهي العقل , وما قبل ذلك , وما بعده منتقص عنه , والله جل وعز أعلم .
وقال الحسن أيضاً: (أربعين)
ويقال: إن ابن سبع عشرة داخل فيها .
ثم قال تعالى: {وجاءكم النذير}
قال ابن زيد : النبي صلى الله عليه وسلم , وقيل: يعني : الشيب .
والأول أكثر , والمعنى على الثاني : حتى شبتم , وهو قول ابن عباس.). [معاني القرآن: 5/460-462]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وجاءكم النذير}
قال ثعلب: اختلف الناس، فقالت طائفة: النذير هاهنا: الشيب، وقالت طائفة: النذير: محمد صلى الله عليه وسلم .
قال ثعلب: وعلى هذا العمل، ليس على الأول، لأنا قد رأينا من يموت قبل الشيب.). [ياقوتة الصراط: 419]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ}: قيل: محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: الشيب.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 200]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 01:27 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أن ما ينتصب في باب الفاء قد ينتصب على غير معنىً واحدٍ وكل ذلك على إضمار أن إلا أن المعاني مختلفةٌ كما أن يعلم الله يرتفع كما يرتفع يذهب زيدٌ وعلم الله ينتصب كما ينتصب ذهب زيدٌ وفيهما معنى اليمين.
فالنصب ههنا في التمثيل كأنك قلت لم يكن إتيانٌ فإن تحدث والمعنى على غير ذلك كما أن معنى علم الله لأفعلن غير معنى رزق الله فأن تحدث في اللفظ مرفوعةٌ بيكن لأن المعنى لم يكن إتيانٌ فيكون حديثٌ.
وتقول ما تأتيني فتحدثني فالنصب على وجهين من المعاني:
أحدهما: ما تأتيني فكيف تحدثني أي لو أتيتني لحدثتني.
وأما الآخر: فما تأتيني أبداً إلا لم تحدثني أي منك إتيانٌ كثيرٌ ولا حديثٌ منك.
وإن شئت أشركت بين الأول والآخر فدخل الآخر فيما دخل فيه الأول فتقول ما تأتيني فتحدثني كأنك قلت ما تأتيني وما تحدثني.
فمثل النصب قوله عز وجل: {لا يقضى عليهم فيموتوا} ومثل الرفع قوله عز وجل: {هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون} ). [الكتاب: 3/30]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما قول الله عز وجل: {لا يقضى عليهم فيموتوا} فهو على قولك: لا تأتيني، فأعطيك، أي لو تأتيني لأعطيتك. وهو الذي ذكرناه في أحد الوجهين من قولك: ما تأتيني فتحدثني إذا أردت: لو تأتيني لحدثتني.
و تقول: كأنك ل تأتنا فتحدثنا إذا أردت الوجه في قولك: محدثاً وهو الذي ذكرناه في ما تأتيني فتحدثني، أي: كلما أتيتني ل تحدثني، فهو ما تأتيني محدثاً. أي قد يكون منك إتيان ولا تحديث، كما قال:
كأنك لم تذبح لأهلك نعجة = فيصبح ملقىً بالفناء إهابها
و أما قوله عز وجل: {فإنما يقول له كن فيكون}. النصب هاهنا محال؛ لأنه لم يجعل فيكون جواباً. هذا خلاف المعنى؛ لأنه ليس هاهنا شرط.إنما المعنى: فإنه يقول له: كن فيكون، وكن حكاية.
و أما قوله عز وجل: {أن نقول له كن فيكون} فالنصب والرفع.
فأما النصب فعلى أن تقول: فيكون يا فتى، والرفع على هو يقول فيكون). [المقتضب: 2/17]

تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قول الله عز وجل: {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} قال: الرسول، ويكون الشيّب. الظل والحرور يريد الظل والحر ويكون الجنة والنار). [مجالس ثعلب: 475]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 06:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 06:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 02:04 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن حال الذين كفروا معادلا بذلك الإخبار قبل عن الذين اصطفى، وهذا يؤيد تأويل من قال: إن الثلاثة الأصناف هي كلها في الجنة; لأن ذكر الكافرين إنما جاء هاهنا. وقوله تعالى: {لا يقضى عليهم} معناه: لا يجهز; لأنهم لو ماتوا لبطلت حواسهم فاستراحوا. وقرأ الحسن البصري، والثقفي: "فيموتون" ووجهها العطف على "يقضى"، وهي قراءة ضعيفة.
وقوله تعالى: {ولا يخفف عنهم من عذابها} لا يعارضه قوله: {كلما خبت زدناهم سعيرا}؛ لأن المعنى: لا يخفف عنهم نوع عذابهم، والنوع في نفسه يدخله أن تخبو أو تسعر، ونحو ذلك. وقرأ الجمهور: "نجزي" بنون، "كل" بالنصب، وقرأ أبو عمرو بخلاف -: [يجزى] بياء مضمومة على الفعل المجهول [كل] رفعا). [المحرر الوجيز: 7/ 223]

تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"يصطرخون" يفتعلون، من الصراخ، أصله "يصترخون" فأبدلت التاء طاء لقرب مخرج الطاء من الصاد، وفي الكلام محذوف تقديره: فيقال لهم: أولم نعمركم؟ على جهة التوقيف والتوبيخ. و"ما" في قوله سبحانه: {ما يتذكر} ظرفية، واختلف الناس في المدة التي هي للتذكير، فقال الحسن بن أبي الحسن: "البلوغ"، يريد أنه أول حال التذكر، وقال قتادة: ثمان عشرة سنة، وقالت فرقة: عشرون سنة، وحكى الزجاج: سبع عشرة سنة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أربعون سنة، وهذا قول حسن ورويت فيه آثار، وروي أن العبد إذا بلغ أربعين سنة ولم يتب مسح الشيطان على وجهه، وقال: وجه لا يفلح، وقال مسروق بن الأجدع: من بلغ أربعين سنة فليأخذ حذره من الله، ومنه قول القائل:
إذا المرء وفى الأربعين ولم يكن ... له دون ما يأتي حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي ارتأى
... وإن جر أسباب الحياة له الدهر
وقد قال قوم: الحد خمسون، ومنه قال القائل:
أخو الخمسين مجتمع أشدي ... ونجد في مداورة الشؤون
وقال آخر:
وإن أمرأ قد عاش خمسين حجة ... إلى منهل من ورده لقريب
وقال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: الحد في ذلك ستون، وهي سن الإعذار، وهذا أيضا قول حسن متجه، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء الستين؟" وهو العمر الذي قال الله فيه: أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر"، وقال عليه الصلاة والسلام: " من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر". وقرأ الجمهور: "ما يتذكر"، وقرأ الأعمش: "ما يذكر"، [من اذكر].
و[النذير] في قول الجمهور: الأنبياء، وكل نبي نذير أمته ومعاصريه، ومحمد صلى الله عليه وسلم نذير العالم في غابر الزمن، وقال الطبري: "وقيل: النذير الشيب"، وهو قول حسن إلا أن الحجة إنما تقوم بالنذارة الشرعية. وباقي الآية بين).[المحرر الوجيز: 7/ 223-225]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 08:20 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 08:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها كذلك نجزي كلّ كفورٍ (36) وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الّذي كنّا نعمل أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير فذوقوا فما للظّالمين من نصيرٍ (37)}.
لـمّا ذكر تعالى حال السّعداء، شرع في بيان مآل الأشقياء، فقال: {والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا}، كما قال تعالى: {لا يموت فيها ولا يحيا} [طه: 74]. وثبت في صحيح مسلمٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "أمّا أهل النّار الّذين هم أهلها، فلا يموتون فيها ولا يحيون". قال [الله] تعالى: {ونادوا يامالك ليقض علينا ربّك قال إنّكم ماكثون} [الزّخرف: 77]. فهم في حالهم ذلك يرون موتهم راحةً لهم، ولكن لا سبيل إلى ذلك، قال اللّه تعالى: {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها}، كما قال تعالى: {إنّ المجرمين في عذاب جهنّم خالدون لا يفتّر عنهم وهم فيه مبلسون} [الزّخرف: 74، 75]، وقال {كلّما خبت زدناهم سعيرًا} [الإسراء: 97] {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابًا} [النّبأ: 30].
ثمّ قال: {كذلك نجزي كلّ كفورٍ} أي: هذا جزاء كلّ من كفر بربّه وكذّب بالحقّ). [تفسير ابن كثير: 6/ 552]

تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وهم يصطرخون فيها} أي: ينادون فيها، يجأرون إلى اللّه، عزّ وجلّ بأصواتهم: {ربّنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الّذي كنّا نعمل} أي: يسألون الرّجعة إلى الدّنيا، ليعملوا غير عملهم الأوّل، وقد علم الرّبّ، جلّ جلاله، أنّه لو ردّهم إلى الدّار الدّنيا، لعادوا لما نهوا عنه، وإنّهم لكاذبون. فلهذا لا يجيبهم إلى سؤالهم، كما قال تعالى مخبرًا عنهم في قولهم: {فهل إلى خروجٍ من سبيلٍ ذلكم بأنّه إذا دعي اللّه وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا} [غافرٍ: 11، 12]، أي: لا يجيبكم إلى ذلك لأنّكم كنتم كذلك، ولو رددتم لعدتم إلى ما نهيتم عنه؛ ولهذا قال هاهنا: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} أي: أوما عشتم في الدّنيا أعمارًا لو كنتم ممّن ينتفع بالحقّ لانتفعتم به في مدّة عمركم؟
وقد اختلف المفسّرون في مقدار العمر المراد هاهنا فروي عن عليّ بن الحسين زين العابدين أنّه قال: مقدار سبع عشرة سنةً.
وقال قتادة: اعلموا أنّ طول العمر حجّةٌ، فنعوذ باللّه أن نعيّر بطول العمر، قد نزلت هذه الآية: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر}، وإنّ فيهم لابن ثماني عشرة سنةً، وكذا قال أبو غالبٍ الشّيبانيّ.
وقال عبد اللّه بن المبارك، عن معمر، عن رجلٍ، عن وهب بن منبّه في قوله: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} قال: عشرين سنةً.
وقال هشيمٌ، عن منصورٍ، عن زاذان، عن الحسن في قوله: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} قال: أربعين سنةً.
وقال هشيم [أيضًا]، عن مجاهدٍ، عن الشّعبيّ، عن مسروقٍ أنّه كان يقول: إذا بلغ أحدكم أربعين سنةً، فليأخذ حذره من اللّه عزّ وجلّ.
وهذه روايةٌ عن ابن عبّاسٍ فيما قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا بشر بن المفضّل، حدّثنا عبد اللّه بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: العمر الّذي أعذر اللّه إلى ابن آدم: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} أربعون سنةً.
هكذا رواه من هذا الوجه، عن ابن عبّاسٍ. وهذا القول هو اختيار ابن جريرٍ. ثمّ رواه من طريق الثّوريّ وعبد اللّه بن إدريس، كلاهما عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: العمر الّذي أعذر اللّه فيه لابن آدم في قوله: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} ستّون سنةً.
فهذه الرّواية أصحّ عن ابن عبّاسٍ، وهي الصّحيحة في نفس الأمر أيضًا، لما ثبت في ذلك من الحديث -كما سنورده-لا كما زعمه ابن جريرٍ، من أنّ الحديث لم يصحّ؛ لأنّ في إسناده من يجب التّثبّت في أمره.
وقد روى أصبغ بن نباتة، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، أنّه قال: العمر الّذي عيّرهم اللّه به في قوله تعالى: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} ستون سنة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي: حدّثنا دحيم، حدّثنا ابن أبي فديك، حدّثني إبراهيم بن الفضل المخزوميّ، عن ابن أبي حسين المكّيّ؛ أنّه حدّثه عن عطاء -هو ابن أبي رباحٍ-عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا كان يوم القيامة قيل: أين أبناء السّتّين؟ وهو العمر الّذي قال اللّه فيه: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير}.
وكذا رواه ابن جريرٍ، عن عليّ بن شعيبٍ، عن محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك، به. وكذا رواه الطّبرانيّ من طريق ابن أبي فديكٍ، به. وهذا الحديث فيه نظرٌ؛ لحال إبراهيم بن الفضل، واللّه أعلم.
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن رجل من بني غفار، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لقد أعذر اللّه إلى عبدٍ أحياه حتّى بلغ ستّين أو سبعين سنةً، لقد أعذر اللّه إليه، لقد أعذر اللّه إليه".
وهكذا رواه الإمام البخاريّ في "كتاب الرّقاق" من صحيحه: حدّثنا عبد السّلام بن مطهّر، عن عمر بن عليٍّ، عن معن بن محمّدٍ الغفاري، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أعذر اللّه عزّ وجلّ إلى امرئٍ أخّر عمره حتّى بلّغه ستّين سنةً". ثمّ قال البخاريّ: تابعه أبو حازمٍ وابن عجلان، عن سعيدٍ المقبريّ.
فأمّا أبو حازمٍ فقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو صالحٍ الفزاريّ، حدّثنا محمّد بن سوّار، أخبرنا يعقوب بن عبد الرّحمن بن عبدٍ القاريّ الإسكندريّ، حدّثنا أبو حازمٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم " [من عمّره] اللّه ستّين سنةً، فقد أعذر إليه في العمر".
وقد رواه الإمام أحمد والنّسائيّ في الرّقاق جميعًا عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرّحمن به.
ورواه البزّار قال: حدّثنا هشام بن يونس، حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازمٍ، عن أبيه، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "العمر الّذي أعذر اللّه فيه إلى ابن آدم ستّون سنةً". يعني: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر}.
وأمّا متابعة "ابن عجلان" فقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو السّفر يحيى بن محمّد بن عبد الملك بن قرعة بسامرّاء، حدّثنا أبو عبد الرّحمن المقريّ، حدّثنا سعيد بن أبي أيّوب، حدّثني محمّد بن عجلان، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من أتت عليه ستّون سنةً فقد أعذر اللّه، عزّ وجلّ، إليه في العمر". وكذا رواه الإمام أحمد عن أبي عبد الرّحمن هو المقرئ، به. ورواه أحمد أيضًا عن خلفٍ عن أبي معشر، عن سعيدٍ المقبريّ.
طريقٌ أخرى عن أبي هريرة: قال ابن جريرٍ: حدّثني أحمد بن الفرج أبو عتبة الحمصي، حدّثنا بقيّة بن الوليد، حدّثنا المطرّف بن مازنٍ الكنانيّ، حدّثني معمر بن راشدٍ قال: سمعت محمّد بن عبد الرّحمن الغفاري يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لقد أعذر اللّه عزّ وجلّ، إلى صاحب السّتّين سنةً والسّبعين".
فقد صحّ هذا الحديث من هذه الطّرق، فلو لم يكن إلّا الطّريق الّتي ارتضاها أبو عبد اللّه البخاريّ شيخ هذه الصّناعة لكفت. وقول ابن جريرٍ: (إنّ في رجاله بعض من يجب التّثبّت في أمره)، لا يلتفت إليه مع تصحيح البخاريّ، واللّه أعلم.
وذكر بعضهم أنّ العمر الطّبيعيّ عند الأطبّاء مائةٌ وعشرون سنةً، فالإنسان لا يزال في ازديادٍ إلى كمال السّتّين، ثمّ يشرع بعد هذا في النّقص والهرم، كما قال الشّاعر:
إذا بلغ الفتى ستين عاما = فقد ذهب المسرّة والفتاء
ولـمّا كان هذا هو العمر الّذي يعذر اللّه إلى عباده به، ويزيح به عنهم العلل، كان هو الغالب على أعمار هذه الأمّة، كما ورد بذلك الحديث، قال الحسن بن عرفة، رحمه اللّه:
حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، حدّثنا محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم: "أعمار أمّتي ما بين السّتّين إلى السّبعين، وأقلّهم من يجوز ذلك".
وهكذا رواه التّرمذيّ وابن ماجه جميعًا في كتاب الزّهد، عن الحسن بن عرفة، به. ثمّ قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.
وهذا عجب من التّرمذيّ، فإنّه قد رواه أبو بكر بن أبي الدّنيا من وجهٍ آخر وطريقٍ أخرى، عن أبي هريرة حيث قال:
حدّثنا سليمان بن عمر، عن محمّد بن ربيعة، عن كاملٍ أبي العلاء، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أعمار أمّتي ما بين السّتّين إلى السّبعين، وأقلّهم من يجوز ذلك".
وقد رواه التّرمذيّ في "كتاب الزّهد" أيضًا، عن إبراهيم بن سعيدٍ الجوهريّ، عن محمّد بن ربيعة، به. ثمّ قال: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، من حديث أبي صالحٍ عن أبي هريرة، وقد روي من غير وجهٍ عنه. هذا نصّه بحروفه في الموضعين، واللّه أعلم.
وقال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا أبو موسى الأنصاريّ، حدّثنا ابن أبي فديك، حدّثني إبراهيم بن الفضل -مولى بني مخزومٍ-عن المقبريّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "معترك المنايا ما بين السّتّين إلى السّبعين".
وبه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أقلّ أمّتي أبناء سبعين". إسناده ضعيفٌ.
حديثٌ آخر في معنى ذلك: قال الحافظ أبو بكرٍ البزّار في مسنده:
حدّثنا إبراهيم بن هانئٍ، حدّثنا إبراهيم بن مهديٍّ، حدّثنا عثمان بن مطرٍ، عن أبي مالكٍ، عن ربعي عن حذيفة أنّه قال: يا رسول اللّه، أنبئنا بأعمار أمّتك. قال: "ما بين الخمسين إلى السّتّين" قالوا: يا رسول اللّه، فأبناء السّبعين؟ قال: "قلّ من يبلغها من أمّتي، رحم اللّه أبناء السّبعين، ورحم اللّه أبناء الثّمانين".
ثمّ قال البزّار: لا يروى بهذا اللّفظ إلّا بهذا الإسناد، وعثمان بن مطرٍ من أهل البصرة ليس بقويٍّ.
وقد ثبت في الصّحيح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عاش ثلاثًا وستّين سنةً. وقيل: ستّين. وقيل: خمسًا وستّين سنةً. والمشهور الأوّل، واللّه أعلم.
وقوله: {وجاءكم النّذير}: روي عن ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وأبي جعفرٍ الباقر، وقتادة، وسفيان بن عيينة أنّهم قالوا: يعني: الشّيب.
وقال السّدّيّ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: يعني به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم وقرأ ابن زيدٍ: {هذا نذيرٌ من النّذر الأولى} [النّجم: 56]. وهذا هو الصّحيح عن قتادة، فيما رواه شيبان، عنه أنّه قال: احتجّ عليهم بالعمر والرّسل.
وهذا اختيار ابن جريرٍ، وهو الأظهر؛ لقوله تعالى: {ونادوا يامالك ليقض علينا ربّك قال إنّكم ماكثون لقد جئناكم بالحقّ ولكنّ أكثركم للحقّ كارهون} [الزّخرف: 77، 78]، أي: لقد بيّنّا لكم الحقّ على ألسنة الرّسل، فأبيتم وخالفتم، وقال تعالى: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا} [الإسراء: 15]، وقال تبارك وتعالى: {كلّما ألقي فيها فوجٌ سألهم خزنتها ألم يأتكم نذيرٌ قالوا بلى قد جاءنا نذيرٌ فكذّبنا وقلنا ما نزل اللّه من شيءٍ إن أنتم إلا في ضلالٍ كبيرٍ} [الملك: 8، 9].
وقوله: {فذوقوا فما للظّالمين من نصيرٍ} أي: فذوقوا عذاب النّار جزاءً على مخالفتكم للأنبياء في مدّة أعماركم، فما لكم اليوم ناصرٌ ينقذكم ممّا أنتم فيه من العذاب والنكال والأغلال). [تفسير ابن كثير: 6/ 552-556]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة