العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:57 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة هود [ من الآية (84) إلى الآية (88) ]

تفسير سورة هود
[ من الآية (84) إلى الآية (88) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:58 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إني أراكم بخير قال يعني خير الدنيا وزينتها). [تفسير عبد الرزاق: 1/311]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وإلى مدين أخاهم شعيبًا} [هود: 84] : «أي إلى أهل مدين، لأنّ مدين بلدٌ» ، ومثله {واسأل القرية} [يوسف: 82] : «واسأل العير، يعني أهل القرية وأصحاب العير»). [صحيح البخاري: 6/74]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وإلى مدين أي لأهل مدين لأنّ مدين بلدٌ ومثله واسأل القرية والعير أي أهل القرية وأصحاب العير قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإلى مدين أخاهم شعيبا مدين لا ينصرف لأنّه اسم بلدٍ مؤنّثٍ ومجازه مجاز المختصر الّذي فيه ضميرٌ أي إلى أهل مدين ومثله واسأل القرية والعير أي من في العير). [فتح الباري: 8/354]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وإلى مدين أخاهم شعيبا) أي أرسلنا إلى أهل مدين أخاهم أي من أنفسهم قوله " شعيبا " بدل من أخاهم الّذي هو منصوب بأرسلنا المقدر وشعيب منصرف لأنّه علم عربيّ وليس فيه علّة أخرى وفي صحيح ابن حبان أربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر وكان لسانه العربيّة أرسله الله إلى مدين بعد إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام وفي اسم أبيه أقوال والمشهور شعيب بن بويب بن مدين بن إبراهيم ومدين لا ينصرف للعلمية والعجمة ثمّ صار اسما للقبيلة ثمّ أن مدين لما بنى بلدة قريبة من أرض معان من أطراف الشّام ممّا يلي ناحية الحجاز سمّاها باسمه مدين قوله " إلى مدين " أي إلى أهل مدين لأن مدين اسم بلد فلا يمكن الإرسال إليه ولا يكون الإرسال إلّا إلى أهله فلذلك قدر المضاف مثل واسأل القرية أي اسأل أهل القرية لأن السّؤال عن القرية لا يتصوّر وكذلك قوله واسأل العير تقديره واسأل أصحاب العير بكسر العين الإبل بأحمالها من عار يعير إذا سار وقيل هي قافلة الحمير فكثرت حتّى سمى بها كل قافلة). [عمدة القاري: 18/294]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب
{وإلى مدين أخاهم شعيبًا} [هود: 84] أي إلى أهل مدين لأنّ مدين بلدٌ ومثله {واسأل القرية} [يوسف: 82] {واسأل العير} يعني أهل القرية والعير {وراءكم ظهريًّا} [هود: 92] يقول: لم تلتفتوا إليه. ويقال إذا لم يقض الرّجل حاجته ظهرت بحاجتي وجعلتني ظهريًّا والظّهريّ ها هنا أن تأخذ معك دابّةً أو وعاءً تستظهر به، أراذلنا: سقاطنا، إجرامي: هو مصدرٌ من أجرمت وبعضهم يقول: جرمت. الفلك والفلك: واحدٌ وهي السّفينة، والسّفن. مجراها: مدفعها وهو مصدر أجريت، وأرسيت حبست ويقرأ مرساها من رست هي ومجراها من جرت هي ومجريها ومرسيها من فعل بها الرّاسيات ثابتاتٌ. [الحديث 4684 - أطرافه في: 5352، 7411، 7419، 7496].
((وإلى مدين أخاهم شعيبًا}) [هود: 84] أي وأرسلنا (إلى أهل مدين) أخاهم شعيبًا (لأن مدين بلد) بناه مدين فسمى باسمه فهو على حذف مضاف (ومثله) في ذلك ({واسأل القرية}) [يوسف: 82] أي واسأل العير يعني أهل (القرية والعير) ولأبي ذر وأصحاب العير وكان أهل قرية شعيب مطففين فأمرهم بالتوحيد أولاً لأنه للأصل ثم إن يوفوا حقوق الناس ولا ينقصوهم). [إرشاد الساري: 7/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ مّحيطٍ}.
يقول تعالى ذكره: وإلى ولد مدين أخاهم شعيبًا، فلمّا أتاهم {قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره} يقول: أطيعوه، وتذلّلوا له بالطّاعة لما أمركم به، ونهاكم عنه، {ما لكم من إلهٍ غيره} يقول: ما لكم من معبودٍ سواه يستحقّ عليكم العبادة غيره. {ولا تنقصوا المكيال والميزان} يقول: ولا تنقصوا النّاس حقوقهم في مكيالكم وميزانكم، {إنّي أراكم بخيرٍ}.
واختلف أهل التّأويل في الخير الّذي أخبر اللّه عن شعيبٍ أنّه قال لمدين إنّه يراهم به، فقال بعضهم: كان ذلك رخص السّعر، وحذّرهم غلاءه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا عبد اللّه بن داود الواسطيّ، قال: حدّثنا محمّد بن موسى، عن الذّيّال بن عمرٍو، عن ابن عبّاسٍ، {إنّي أراكم بخيرٍ} قال: رخص السّعر. {وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ} قال: غلاء سعرٍ.
- حدّثني أحمد بن عليٍّ البصريّ، قال: ثني عبد الصّمد بن عبد الوارث، قال: حدّثنا صالح بن رستم، عن الحسن، وذكر قوم شعيبٍ قال: {إنّي أراكم بخيرٍ} قال: رخص السّعر.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا عبد الصّمد بن عبد الوارث، عن أبي عامرٍ الخزّاز، عن الحسن، في قوله: {إنّي أراكم بخيرٍ} قال: الغنى ورخص السّعر.
وقال آخرون: عنى بذلك: إنّي أرى لكم مالاً وزينةً من زين الدّنيا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {إنّي أراكم بخيرٍ} قال: يعني خير الدّنيا، وزينتها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {إنّي أراكم بخيرٍ} أبصر عليهم قشرًا من قشر الدّنيا وزينتها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {إنّي أراكم بخيرٍ} قال: في دنياكم، كما قال اللّه تعالى: {إن ترك خيرًا} سمّاه خيرًا لأنّ النّاس يسمّون المال خيرًا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب ما أخبر اللّه عن شعيبٍ أنّه قال لقومه، وذلك قوله: {إنّي أراكم بخيرٍ} يعني بخير الدّنيا. وقد يدخل في خير الدّنيا المال، وزينة الحياة الدّنيا، ورخص السّعر، ولا دلالة على أنّه عنى بقيله ذلك بعض خيرات الدّنيا دون بعضٍ، فذلك على كلٍّ معاني خيرات الدّنيا الّتي ذكر أهل العلم أنّهم كانوا أوتوها. وإنّما قال ذلك شعيبٌ، لأنّ قومه كانوا في سعةٍ من عيشهم، ورخصٍ من أسعارهم، كثيرةٌ أموالهم، فقال لهم: لا تنقصوا النّاس حقوقهم في مكاييلكم وموازينكم، فقد وسّع اللّه عليكم رزقكم. {وإنّي أخاف عليكم} بمخالفتكم أمر اللّه وبخسكم النّاس أموالهم في مكاييلكم وموازينكم عذاب يومٍ محيطٍ، يقول: أن ينزل بكم عذاب يومٍ محيطٍ بكم عذابه. فجعل المحيط نعتًا لليوم، وهو من نعت العذاب، إذ كان مفهومًا معناه، وكان العذاب في اليوم، فصار كقولهم جبّتك محترقةٌ). [جامع البيان: 12/537-540]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ (84)
قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا اللّه الآية
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السدى إلى مدين أخاهم شعيبًا قال: إنّ اللّه قد بعث شعيبًا إلى مدين وإلى أصحاب الأيكة هي الغيضة من الشّجر.
قوله تعالى: ولا تنقصوا المكيال والميزان
- حدّثنا أبي، ثنا سلمة بن بشيرٍ أبو الفضل النّيسابوريّ، ثنا يحيى بن سعيدٍ الحمصيّ، عن يزيد بن عطاءٍ، عن خلف بن حوشبٍ قال: هلك قوم شعيبٍ من شعيرةٍ إلى شعيرةٍ كانوا يأخذون بالرّزينة ويعطون بالخفيفة.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال إنّ اللّه بعث شعيبًا إلى مدين فكانوا مع كفرهم يبخسون الكيل والوزن فدعاهم فكذّبوه فقال لهم ما ذكر اللّه في القرآن وما ردّوا عليه فلمّا عتوا وكذبوا سألوه العذاب.
قوله تعالى: إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيط
- حدّثنا أسيد بن عاصم حدّثني عبد الصّمد بن عبد الوارث حدّثني أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة قوله: إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم رأى عليهم قشرًا من قشر الدّنيا وزينتها.
- وأخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: إنّي أراكم بخيرٍ قال: في دنياكم كما قال اللّه: إن ترك خيرًا فسمّاه اللّه خيرًا إلا إنّ النّاس يسمّون المال خيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 6/2070-2071]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 84 - 88
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني أراكم بخير} قال: رخص السعر {وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط} قال: غلاء السعر). [الدر المنثور: 8/126]

تفسير قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولا تعثوا في الأرض مفسدين يقول لا تسيروا). [تفسير عبد الرزاق: 1/311]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل شعيب لقومه: أوفو النّاس الكيل والميزان بالقسط، يقول: بالعدل، وذلك بأن توفّوا أهل الحقوق الّتي هي ممّا يكال أو يوزن حقوقهم على ما وجب لهم من التّمام بغير بخسٍ ولا نقصٍ.
وقوله: {ولا تبخسوا النّاس أشياءهم} يقول؛ ولا تنقصوا النّاس حقوقهم الّتي يجب عليكم أن توفّوهم كيلاً أو وزنًا أو غير ذلك.
- كما حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا عليّ بن صالح بن حيٍّ، قال: بلغني في قوله: {ولا تبخسوا النّاس أشياءهم} قال: لا تنقصوهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولا تبخسوا النّاس أشياءهم} يقول: لا تظلموا النّاس أشياءهم.
وقوله: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} يقول: ولا تسيروا في الأرض تعملون فيها بمعاصي اللّه.
- كما حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} قال: لا تسيروا في الأرض.
- وحدّثت عن المسيّب، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} يقول: لا تسعوا في الأرض مفسدين، يعني: نقصان الكيل والميزان). [جامع البيان: 12/540-541]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (85)
قوله تعالى: ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: بالقسط يعني: بالعدل.
قوله تعالى: ولا تبخسوا النّاس أشياءهم
- وبه عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا تبخسوا النّاس أشياءهم قال: لا تظلموا النّاس أشياءهم وروي، عن قتادة والسّدّيّ نحو ذلك.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ولا تبخسوا النّاس أشياءهم قال: لا تنقصوهم يسمّي له شيئًا ثمّ يعطيه غير ذلك.
قوله تعالى: ولا تعثوا في الأرض
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قوله: ولا تعثوا في الأرض يقول: لا تسعوا في الأرض.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة: ولا تعثوا في الأرض مفسدين قال: لا تسيروا في الأرض مفسدين.
قوله تعالى: مفسدين
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الخطميّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ ولا تعثوا في الأرض مفسدين قال لا تمشوا بالمعاصي). [تفسير القرآن العظيم: 6/2071-2072]

تفسير قوله تعالى: (بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن ليث عن مجاهد قال بقيت الله خير لكم قال طاعة الله خيرا لكم). [تفسير عبد الرزاق: 1/311]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى بقيت الله خير لكم قال حظكم من الله خير لكم). [تفسير عبد الرزاق: 1/311]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله: {بقية الله خير لكم} قال: طاعة اللّه خيرٌ لكم [الآية: 86]). [تفسير الثوري: 132]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (86) : قوله تعالى: {بقيّة الله خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظٍ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: سمعت أبا عبد الرّحمن المقرئ، قال: سئل سفيان، عن قوله: {بقيّة الله خيرٌ لكم} قال: طاعة اللّه خيرٌ لكم، ألم تر أنّ الرّجل يقول: أي فلان، اتّق اللّه، أبق على نفسك). [سنن سعيد بن منصور: 5/359]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظٍ}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} ما أبقاه اللّه لكم بعد أن توفّوا النّاس حقوقهم بالمكيال والميزان بالقسط، فأحلّه لكم، خيرٌ لكم من الّذي يبقى لكم ببخسكم النّاس من حقوقهم بالمكيال والميزان، {إن كنتم مؤمنين} يقول: إن كنتم مصدّقين بوعد اللّه ووعيده وحلاله وحرامه. وهذا قولٌ روي عن ابن عبّاسٍ بإسنادٍ غير مرتضى عند أهل النّقل.
وقد اختلف أهل التّأويل في ذلك، فقال بعضهم: معناه: طاعة اللّه خيرٌ لكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو وكيعٍ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} قال: طاعة اللّه خيرٌ لكم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ: {بقيّة اللّه} قال: طاعة اللّه {خيرٌ لكم}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بقيّة اللّه} قال: طاعة اللّه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} قال: طاعة اللّه خيرٌ لكم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} قال: طاعة اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
وقال آخرون: معنى ذلك: حظّكم من ربّكم خيرٌ لكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين} حظّكم من ربّكم خيرٌ لكم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} قال: حظّكم من اللّه خيرٌ لكم.
وقال آخرون: معناه: رزق اللّه خيرٌ لكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، عمّن ذكره عن ابن عبّاسٍ {بقيّة اللّه} قال رزق اللّه.
- وقال ابن زيدٍ في قوله ما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين} قال: الهلاك في العذاب، والبقيّة في الرّحمة.
وإنّما اخترت في تأويل ذلك القول الّذي اخترته، لأنّ اللّه تعالى ذكره إنّما تقدّم إليهم بالنّهي عن بخس النّاس أشياءهم في المكيال والميزان، وإلى ترك التّطفيف في الكيل، والبخس في الميزان دعاهم شعيبٌ، فتعقيب ذلك بالخبر عمّا لهم من الحظّ في الوفاء في الدّنيا والآخرة أولى، مع أنّ قوله: {بقيّة} إنّما هي مصدرٌ من قول القائل بقّيت بقيّةً من كذا، فلا وجه لتوجيه معنى ذلك إلاّ إلى: بقيّة اللّه الّتي أبقاها لكم ممّا لكم بعد وفائكم النّاس حقوقهم خيرٌ لكم من بقيّتكم من الحرام الّذي يبقى لكم من ظلمكم النّاس ببخسكم إيّاهم في الكيل والوزن.
وقوله: {وما أنا عليكم بحفيظٍ} يقول: وما أنا عليكم أيّها النّاس برقيبٍ أرقبكم عند كيلكم، ووزنكم هل توفّون النّاس حقوقهم أم تظلمونهم، وإنّما عليّ أن أبلّغكم رسالة ربّي فقد أبلغتكموها). [جامع البيان: 12/541-544]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (بقيّة اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظٍ (86) قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرّشيد (87)
قوله: بقيّت اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ بقيت اللّه خيرٌ لكم قال: طاعة اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة، قوله: بقيّت اللّه خيرٌ لكم يقول: حظّكم من ربّكم خيرٌ لكم.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيع بقيت اللّه خيرٌ لكم قال وصيّة اللّه خيرٌ لكم.
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، ثنا مؤمّلٌ بن ربيعة، ثنا حمّاد بن سلمة، ثنا حميدٌ، عن الحسن في قوله: بقيّت اللّه خيرٌ لكم قال: رزق اللّه خيرٌ لكم من بخسكم النّاس.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: بقيّت اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين قال الهلاك في العذاب والبقيّة في الرّحمة). [تفسير القرآن العظيم: 6/2072]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بقية الله خير لكم يعني طاعة الله). [تفسير مجاهد: 2/308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {بقية الله} قال: رزق الله). [الدر المنثور: 8/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {بقية الله خير لكم} يقول: حظكم من ربكم خير لكم). [الدر المنثور: 8/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {بقية الله} يقول: طاعة الله). [الدر المنثور: 8/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الربيع رضي الله عنه في قوله {بقية الله} قال: وصية الله {خير لكم}). [الدر المنثور: 8/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {بقية الله} قال: رزق الله خير لكم من بخسكم الناس). [الدر المنثور: 8/126]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن الأعمش في قوله تعالى أصلاتك تأمرك قال أقراءتك). [تفسير عبد الرزاق: 1/311]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: كان أصحاب عبد اللّه يقرءونها (أصلاتك تأمرك) قالوا أقرآءتك قال: وكانوا يقولون: شعيب خطيب الأنبياء [الآية: 87]). [تفسير الثوري: 132-133]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال الحسن: {إنّك لأنت الحليم} [هود: 87] : «يستهزئون به»). [صحيح البخاري: 6/72]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقال الحسن إنّك لأنت الحليم الرّشيد يستهزئون به وقال ابن عبّاس اقلعي أمسكى وفار التّنور نبع الماء وقال عكرمة وجه الأرض تقدم جميع ذلك في أحاديث الأنبياء وسقط هنا لأبي ذر). [فتح الباري: 8/349] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال أبو ميسرة الأواه الرّحيم بالحبشية وقال ابن عبّاس بادي الرّأي ما ظهر لنا وقال مجاهد الجودي جبل بالجزيرة وقال الحسن إنّك لأنت الحليم الرشيد يستهزؤون به وقال ابن عبّاس اقلعي امسكي
أما قول أبي ميسرة فتقدم في أحاديث الأنبياء وكذا قول ابن عبّاس ومجاهد والحسن وكذا قول ابن عبّاس أقلعي أمسكي). [تغليق التعليق: 4/225] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال الحسن: إنّك لأنت الحليم يستهزئون به
أي: قال الحسن البصريّ في قوله تعالى: {إنّك لأنت الحليم الرشيد} (هود: 87) في قصّة شعيب، عليه الصّلاة والسّلام، قال: إنّما قال قومه ذلك استهزاءً به. وهذا التّعليق رواه أبو محمّد عن المنذر بن شاذان عن زكريّا بن عدي عن أبي مليح عن الحسن). [عمدة القاري: 18/288]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال الحسن) البصري ({إنك لأنت الحليم}) باللام (يستهزئون به) ). [إرشاد الساري: 7/167]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرّشيد}.
يقول تعالى ذكره: قال قوم شعيبٍ: {يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك} عبادة {ما يعبد آباؤنا} من الأوثان والأصنام، {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} من كسر الدّراهم وقطعها، وبخس النّاس في الكيل والوزن؛ {إنّك لأنت الحليم} وهو الّذي لا يحمله الغضب أن يفعل ما لم يكن ليفعله في حال الرّضا، {الرّشيد} يعني: رشيد الأمر في أمره إيّاهم أن يتركوا عبادة الأوثان.
- كما حدّثنا محمود بن خداشٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن خالدٍ الخيّاط، قال: حدّثنا داود بن قيسٍ، عن زيد بن أسلم، في قول اللّه: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرّشيد} قال: كان ممّا نهاهم عنه حذف الدّراهم، أو قال: قطع الدّراهم الشّكّ من حمّادٍ.
- حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، قال: حدّثنا ابن أبي فديكٍ، عن أبي مودودٍ، قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ، يقول: بلغني أنّ قوم شعيبٍ عذّبوا في قطع الدّراهم، وجدت ذلك في القرآن: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا زيد بن حبابٍ، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعب القرظيّ، قال: عذّب قوم شعيبٍ في قطعهم الدّراهم، فقالوا: {يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء}.
[جامع البيان: 12/545]
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن خالدٍ الخيّاط، عن داود بن قيسٍ، عن زيد بن أسلم، في قوله: {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} قال: كان ممّا نهاهم عنه: حذف الدّراهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} قال: نهاهم عن قطع الدّنانير والدّراهم، فقالوا: إنّما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء، إن شئنا قطعناها، وإن شئنا حرّقناها، وإن شئنا طرحناها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني داود بن قيسٍ المدنيّ أنّه سمع زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} قال زيدٌ: كان من ذلك قطع الدّراهم.
وقوله: {أصلاتك} كان الأعمش يقول في تأويلها ما:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن الأعمش، في قوله: {أصلاتك} قال: قراءتك.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء، وإنّما كان شعيبٌ نهاهم أن يفعلوا في أموالهم ما قد ذكرت أنّه نهاهم عنه فيها؟
قيل: إنّ معنى ذلك بخلاف ما توهّمت.
وقد اختلف أهل العربيّة في معنى ذلك، فقال بعض البصريّين: معنى ذلك: أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء، وليس معناه: تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء، لأنّه ليس بذا أمرهم.
وقال بعض الكوفيّين نحو هذا القول، قال: وفيها وجهٌ آخر يجعل الأمر كالنّهي، كأنّه قال: أصلاتك تأمرك بذا وتنهانا عن ذا؟ فهي حينئذٍ مردودةٌ على أنّ الأولى لا إضمار فيها، كأنّك قلت: تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء. كما تقول: أضربك أن تسيء كأنّه قال: أنهاك أن تسيء.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ (أنّ) الأولى منصوبةٌ بقوله تأمرك، وأنّ الثّانية منصوبةٌ عطفًا بها على ما الّتي في قوله: {ما يعبد} وإذا كان ذلك كذلك، كان معنى الكلام: أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟ وقد ذكر عن بعض القرّاء أنّه قرأه ما تشاء، فمن قرأ ذلك كذلك، فلا مؤنة فيه، وكانت أن الثّانية حينئذٍ معطوفةً على أن الأولى.
وأمّا قولهم لشعيبٍ: {إنّك لأنت الحليم الرّشيد} فإنّهم أعداء اللّه قالوا ذلك له استهزاءً به؛ وإنّما سفّهوه وجهّلوه بهذا الكلام.
وبما قلنا من ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ {إنّك لأنت الحليم الرّشيد} قال: يستهزئون.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّك لأنت الحليم الرّشيد} المستهزئون يستهزئون بأنّك لأنت الحليم الرّشيد). [جامع البيان: 12/544-548]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا الثّوريّ، عن الأعمش أصلاتك تأمرك: أقراءتك.
قوله تعالى: أن نترك ما يعبد آباؤنا
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن أبي عمر العدنيّ، ثنا سفيان بن عيينة، عن رجلٍ، عن الحسن في قوله: يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا يقول: أي واللّه إنّ صلواته لتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم.
قوله تعالى: أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا حمّاد بن خالدٍ، عن داود بن قيسٍ، عن زيد ابن أسلم أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا قال: كان ينهاهم عن حذف الدّراهم، وحذف الدّراهم من الفساد في الأرض.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا أي: ما نشتهي.
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن جعفرٍ، ثنا سفيان الثّوريّ في قوله: أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا قال: الزّكاة.
قوله تعالى: إنّك لأنت الحليم الرّشيد
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قول قوم شعيبٍ: إنّك لأنت الحليم الرّشيد قال: يقولون: إنّك لست بحليمٍ ولا برشيدٍ.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا زكريّا بن عديٍّ، ثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران في قول اللّه: إنّك لأنت الحليم الرّشيد قال: هزوًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: إنّك لأنت الحليم الرّشيد قال: استهزاءً بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 6/2072-2073]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال مسدّدٌ: ثنا محمّد بن جابرٍ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ "سمعت الضّحّاك بن قيسٍ يقرأ: (أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء) .
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لتدليس ابن إسحاق). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/221]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مسدّدٌ: حدثنا محمّد بن جابرٍ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، قال: سمعت الضّحّاك بن قيسٍ يقرأ: (تفعل في أموالنا ما تشاء) يعني بالتّاء). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/737]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه في قوله {أصلاتك تأمرك} قال: أقراءتك). [الدر المنثور: 8/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن الأحنف رضي الله عنه، أن شعيبا كان أكثر الأنبياء صلاة). [الدر المنثور: 8/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {يا شعيب أصلاتك تأمرك} الآية، قال: نهاهم عن قطع هذه الدنانير والدراهم فقالوا: إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء إن شئنا قطعناها وإن شئنا أحرقناها وإن شئنا طرحناها). [الدر المنثور: 8/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: عذب قوم شعيب في قطعهم الدراهم وهو قوله {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء}). [الدر المنثور: 8/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم رضي الله عنه {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} قال: قرض الدراهم وهو من الفساد في الأرض). [الدر المنثور: 8/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن المنذر وأبو الشيخ، وعبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: قطع الدراهم والدنانير المثاقيل التي قد جازت بين الناس وعرفوها من الفساد في الأرض). [الدر المنثور: 8/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ربيعة بن أبي هلال، أن ابن الزبير عاقب في قرض الدرهم). [الدر المنثور: 8/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنك لأنت الحليم الرشيد} قال: يقولون: إنك لست بحليم ولا رشيد). [الدر المنثور: 8/128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {إنك لأنت الحليم الرشيد} استهزاء به). [الدر المنثور: 8/128]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {إليه أنيب} [هود: 88] : «أرجع»). [صحيح البخاري: 6/73] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ إليه أنيب ارجع كذا للأكثر وسقط لأبي ذرٍّ نسبته إلى مجاهدٍ فأوهم أنه عن بن عبّاسٍ كما قبله وقد وصله عبد بن حميدٍ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ بهذا ووقع للأكثر قبيل). [فتح الباري: 8/350-351]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول مجاهد فقال عبد ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 88 هود {وإليه أنيب} قال أرجع). [تغليق التعليق: 4/226]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وقال مجاهد أنيب أرجع) أشار به إلى قوله تعالى وما توفيقي إلّا باللّه عليه توكلت وإليه أنيب وفسّر أنيب من الإنابة بقوله أرجع وقد وصله عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا ولم تقع نسبة هذا إلى مجاهد في رواية أبي ذر وربما يوهم ذلك أنه عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما وليس كذلك وهنا تفسير ألفاظ وقعت في بعض النّسخ قبل باب وكان عرضه على الماء). [عمدة القاري: 18/290]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({إليه أنيب}) ولغير أبي ذر: وقال مجاهد أنيب (أرجع) زاد في نسخة إليه وسقط لغير أبوي ذر والوقت إليه الأولى). [إرشاد الساري: 7/169]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي ورزقني منه رزقًا حسنًا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب}.
يقول تعالى ذكره: قال شعيبٌ لقومه: يا قوم أرأيتم إن كنت على بيانٍ وبرهانٍ من ربّي فيما أدعوكم إليه من عبادة اللّه، والبراءة من عبادة الأوثان والأصنام، وفيما أنهاكم عنه من إفساد المال؛ {ورزقني منه رزقًا حسنًا} يعني حلالاً طيّبًا. {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} يقول: وما أريد أن أنهاكم عن أمرٍ ثمّ أفعل خلافه، بل لا أفعل إلاّ بما آمركم به، ولا أنتهي إلاّ عمّا أنهاكم عنه.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} يقول: لم أكن لأنهاكم عن أمرٍ أركبه أو آتيه {إن أريد إلاّ الإصلاح} يقول: ما أريد فيما آمركم به، وأنهاكم عنه، إلاّ إصلاحكم وإصلاح أمركم {ما استطعت} يقول: ما قدرت على إصلاحه لئلاّ ينالكم من اللّه عقوبةً منكّلةً، بخلافكم أمره ومعصيتكم رسوله. {وما توفيقي إلاّ باللّه} يقول: وما إصابتي الحقّ في محاولتي إصلاحكم وإصلاح أمركم إلاّ باللّه، فإنّه هو المعين على ذلك إن لا يعنّي عليه لم أصب الحقّ فيه.
وقوله: {عليه توكّلت} يقول: إلى اللّه أفوّض أمري، فإنّه ثقتي وعليه اعتمادي في أموري.
وقوله: {وإليه أنيب} وإليه أقبل بالطّاعة وأرجع بالتّوبة.
- كما حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وإليه أنيب} قال: أرجع.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ. قال: وحدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإليه أنيب} قال: أرجع.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قوله: {وإليه أنيب} قال: أرجع). [جامع البيان: 12/548-550]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي ورزقني منه رزقًا حسنًا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلّا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلّا باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب (88)
قوله تعالى: قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي
- ذكر عن يزيد بن هارون، ثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت أبا عمران الجونيّ قرأ هذه الآية: إنّي على بيّنةٍ من ربّي قال: على ثقةٍ.
قوله تعالى: ورزقني منه رزقًا حسنًا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن سلمة بن نشيطٍ، عن الضّحّاك، رزقًا حسنًا قال: الرّزق الحسن: الحلال.
قوله تعالى: وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه
- حدّثنا يحيى بن أبي طالبٍ، ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العدنيّ، عن يحيى بن الجزّار، عن مسروقٍ أنّ امرأةً جاءت ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه فقالت أتنهى، عن الواصلة قال:
نعم فقالت المرأة فلعلّه في بعض نسائك فقال ما حفظت إذًا وصيّة العبد الصّالح وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه يقول لم أكن أنهاكم، عن أمرٍ وأركبه.
قوله تعالى: إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت الآية
- ذكر، عن عثمان بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ، عن أبي سليمان الضّبّيّ قال: كانت تجيئنا كتب عمر بن عبد العزيز إلى خراسان فيها الأمر والنّهي فيكتب في آخرها: وما كنت في ذلك إلا كما قال العبد الصّالح: وما توفيقي إلا باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب.
قوله تعالى: وإليه أنيب
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: وإليه أنيب قال: إليه أرجع.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن عبد اللّه بن المبارك، عن يحيى بن حسّان، عن عبيد بن يعلى قال: الإنابة: الدّعاء). [تفسير القرآن العظيم: 6/2073-2074]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وإليه أنيب يعني أرجع). [تفسير مجاهد: 2/307]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ورزقني منه رزقا حسنا} قال: الحلال). [الدر المنثور: 8/128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} يقول: لم أك لأنهاكم عن أمر وأركبه). [الدر المنثور: 8/128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه، أن امرأة جاءت إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقالت: أتنهى عن المواصلة قال: نعم، قالت: فلعله في بعض نسائك فقال: ما حفظت إذا وصية العبد الصالح {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}). [الدر المنثور: 8/128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن معاوية القشيري، أن أخاه مالكا قال: يا معاوية إن محمدا أخذ جيراني فانطلق إليه فانطلقت معه إليه فقال: دع لي جيراني فقد كانوا أسلموا فأعرض عنه فقال: ألا والله إن الناس يزعمون أنك تأمر بالأمر وتخالف إلى غيره، فقال: أو قد فعلوها لئن فعلت ذلك لكان علي وما كان عليهم). [الدر المنثور: 8/128-129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} قال: بلغني أنه يدعى يوم القيامة بالمذكر الصادق فيوضع على رأسه تاج الملك ثم يؤمر به إلى الجنة فيقول: إلهي إن في مقام القيامة أقواما قد كانوا يعينوني في الدنيا على ما كنت عليه، قال: فيفعل بهم مثل ما فعل به ثم ينطلق يقودهم إلى الجنة لكرامته على الله). [الدر المنثور: 8/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن أبي إسحاق الفزاري رضي الله عنه قال: ما أردت أمرا قط فتلوت عنده هذه الآية إلا عزم لي على الرشد {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}). [الدر المنثور: 8/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإليه أنيب} قال: إليه أرجع). [الدر المنثور: 8/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن علي، قال: قلت: يا رسول الله أوصني قال قل ربي الله ثم استقم، قلت: ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال: ليهنك العلم أبا الحسن لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا، في إسناده محمد بن يونس الكريمي). [الدر المنثور: 8/129-130]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:59 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّي أراكم بخيرٍ...}
يقول: كثيرةً أموالكم فلا تنقصوا المكيال وأموالكم كثيرة يقال رخيصةً أسعاركم (ويقال): مدّهنين حسنةً سحنتكم). [معاني القرآن: 2/25]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإلى مدين أخاهم} مدين لا ينصرف لأنه اسم مؤنثةٍ، ومجازها مجاز المختصر الذي فيه ضمير: وإلى أهل مدين،
وفي القرآن مثله، قال: {وسئل القرية} أي أهل القرية (وسل العير) أي من في العير). [مجاز القرآن: 1/297]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مدين}: بلد). [غريب القرآن وتفسيره: 177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنّي أراكم بخير وإنّي أخاف عليكم عذاب يوم محيط}
المعنى أرسلنا إلى أهل مدين أخاهم شعيبا، فحذف أهل وأقام مدين مقامه.
ومدين اسم المدينة أو القبيلة فلذلك لم ينصرف). [معاني القرآن: 3/72]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإلى مدين أخاهم شعيبا}
المعنى وإلى أهل مدين
وقوله تعالى: {ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير}
قال الحسن كان سعرهم رخيصا
والذي توجه اللغة أن يكون عاما). [معاني القرآن: 3/373-372]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَدْيَنَ}: بلد). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا تعثوا} قال: العثو: أشد الفساد، يقال: عثا يعثو، وعاث يعيث). [ياقوتة الصراط: 270-269]

تفسير قوله تعالى: {بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بقيّة اللّه خيرٌ لّكم...}
يقول: ما أبقى لكم من الحلال خير لكم. ويقال بقيّة الله خير لكم أي مراقبة الله خير لكم). [معاني القرآن: 2/25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بقية الله}: طاعة الله). [غريب القرآن وتفسيره: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بقيّت اللّه خيرٌ لكم} أي ما أبقى اللّه لكم من حلال الرزق خير من التّطفيف). [تفسير غريب القرآن: 208]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {بقيّت اللّه خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ}
ومعناه طاعة اللّه {خير لكم إن كنتم مؤمنين}.
ويجوز أن يكون معناه الحال التي تبقى لكم من الخير خير لكم). [معاني القرآن: 3/72]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين}
قال الحسن حظكم من الله جل وعز
قال مجاهد أي طاعة الله
قال أبو جعفر والمعنى ما يبقي له ثوابه). [معاني القرآن: 3/373]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بقية الله خير لكم} أي ما أبقى الله لكم من الحلال خير لكم من التطفيف). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَقِيَّةُ اللّهِ}: طاعة الله). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أصلاتك تأمرك أن نّترك...}
ويقرأ {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل} معناه: أو تأمرك أن نترك أن تفعل {في أموالنا ما نشاء} فأن مردودة على (نترك).
وفيها وجه آخر تجعل الأمر كالنهي كأنه قال: أصلواتك تأمرك بذا وتنهانا عن ذا. وهي حينئذ مردودة على (أن) الأولى لا إضمار فيه كأنك قلت: تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء؛ كما تقول: أضربك أن تسيء كأنه قال: أنهاك بالضرب عن الإساءة. وتقرأ (أو أن نفعل في أموالنا ما تشاء) و(نشاء) جميعاً.
وقوله: {إنّك لأنت الحليم الرّشيد} استهزاء منهم به). [معاني القرآن: 2/26-25]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نّترك ما يعبد آباؤنا أو أن نّفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرّشيد}
وقال: {أصلاتك تأمرك أن نّترك ما يعبد آباؤنا أو أن نّفعل في أموالنا ما نشاء} يقول "أن نترك وأن نفعل في أموالنا ما نشاء" وليس المعنى "أصلاتك تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء" لأنه ليس بذا أمرهم. وقال بعضهم (تشاء) وذلك إذا عنوا شعيبا). [معاني القرآن: 2/46]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو جعفر وشيبة ونافع {أصلواتك تأمرك} يجعله جمعًا.
الأعمش أو غيره {أصلاتك} تجعل واحدًا.
[معاني القرآن لقطرب: 676]
أبو عبد الرحمن السلمي "في أموالنا ما تشاء" بالتاء؛ وسائر القراء بالنون). [معاني القرآن لقطرب: 677]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أصلاتك تأمرك}؟ أي دينك. ويقال: قراءتك). [تفسير غريب القرآن: 208]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وكتبوا: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاؤا} بواو بعد الألف، وفي موضع آخر {مَا نَشَاءُ}
بغير واو، ولا فرق بينهما). [تأويل مشكل القرآن: 56-58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب المقلوب
ومن المقلوب: أن يوصف الشيء بضدّ صفته للتطيّر والتفاؤل، كقولهم للَّديغ: سَليم، تطيُّراً من السَّقَم، وتفاؤلا بالسَّلامة.
وللعطشان: ناهل أي سينهل. يعنون: يروى.
وللفلاة: مفازة. أي منجاة، وهي مهلكة.
وللمبالغة في الوصف، كقولهم للشمس: جَونة، لشدّة ضوئها.
وللغراب: أعور، لحدّة بصره.
وللاستهزاء، كقولهم للحَبَشيّ: أبو البيضاء. وللأبيض: أبو الجون.
ومن هذا قول قوم شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}.
كما تقول للرجل تستجهِله: يا عاقل، وتستخفُّه: يا حليم.
قال الشاعر:
فقلت لسيِّدنا: يا حليـ = ـم إنَّك لم تَأْسَ أَسْوًا رفيقا
قال قتادة: ومن الاستهزاء قول الله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ}.
وفي قول عبيد بن الأبرص لكندة- طرف من هذا المعنى:
هلاَّ سألتَ جُموعَ كِنـ = ـدةَ يومَ ولّوا: أَيْنَ أَيْنَا؟
يستهزئ بهم حين انهزموا، يريد أين تذهبون؟ ارجعوا). [تأويل مشكل القرآن: 185-186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والصلاة: الدين. قال تعالى حكاية عن قوم شعيب: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا}
ويقال: قراءتك). [تأويل مشكل القرآن: 461]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرّشيد}
ويقرأ: أصلواتك.
{تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا}.
هذا دليل أنهم كانوا يعبدون غير اللّه - جلّ وعزّ - {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء}.
المعنى إنا قد تراضينا بالبخس فيما بيننا.
وفي التفسير أنّه نهاهم أن يحذفوا الدراهم. أي (أن) يكسروها.
{إنّك لأنت الحليم الرّشيد}.
قيل كنى بذا عن أنهم قالوا له: إنك السّفيه الجاهل.
وقيل إنهم قالوا له هذا على وجه السّخريّ). [معاني القرآن: 3/73-72]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا}
قال سفيان عن الأعمش أي قراءتك
ودل بهذا على أنهم كانوا كفارا
ثم قال أن أو نفعل في أموالنا ما نشاء
روي عن زيد بن أسلم أنه قال كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم
وقيل معنى أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إذا تراضينا فيما بيننا بالبخس فلم تمنعنا منه
قال أبو جعفر قال أبو إسحاق معنى إنك لأنت الحليم الرشيد على السخرية
وقال غيره معناه إنك لأنت الحليم الرشيد عند نفسك). [معاني القرآن: 3/374-373]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أصلاتك} قيل: دينك، وقيل: قراءتك، وقيل، دعاؤك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربّي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلّا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلّا باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب}
وجواب الشرط ههنا متروك.
المعنى: إن كنت على بيّنة من ربّي اتّبع الضلال.
فترك الجواب لعلم المخاطبين بالمعنى، وقد مر ما ترك جوابه لأنه معلوم وشرحه في أمكنته.
وقوله: {ورزقني منه رزقا حسنا} أي: حلالا، وقيل:. رزقا حسنا ما وفق له من الطاعة.
{وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} أي لست أنهاكم عن شيء وأدخل فيه، وإنما أختار لكم ما أختار
لنفسي، ومعنى " ما أخالفك إليه "، أي ما أقصد بخلافك القصد إلى أن أرتكبه.
{إن أريد إلّا الإصلاح ما استطعت} أي بقدر طاقتي، وقدر طاقتي إبلاغكم وإنذاركم، ولست قادرا على إجباركم على الطاعة.
ثم قال: {وما توفيقي إلّا باللّه}.
فأعلم أنه لا يقدر هو ولا غيره على الطاعة إلا بتوفيق اللّه.
ومعنى {إليه أنيب} إليه أرجع). [معاني القرآن: 3/74-73]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا}
قيل حلالا
وقيل ما وفق له من الطاعة
ثم قال جل وعز: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}
قال قتادة أي ليس أنهاكم عن شيء وأركبه
ومعنى وإليه أنيب وإليه أرجع). [معاني القرآن: 3/375-374]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:00 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويروى: ذو عيث، وهو فساد من عثا وعاث). [شرح المفضليات: 408]

تفسير قوله تعالى: {بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومما يشبه الأضداد أيضا قولهم للعاقل: يا عاقل، وللجاهل إذا استهزءوا به: يا عاقل. يريدون: يا عاقل عند نفسك، قال عز وجل: {ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم}، معناه: عند نفسك؛ فأما عندنا فلست عزيزا ولا كريما. وكذلك قوله عز وجل فيما حكاه عن مخاطبة قوم شعيب شعيبا بقولهم: {إنك لأنت الحليم الرشيد}، أرادوا: أنت الحليم الرشيد عند نفسك، قال الشاعر:

فقلت لسيدنا يا حلـ = ـيم إنك لم تأس أسوا رفيقا
أراد: يا حليم عند نفسك، فإنما عندي فأنت سفيه). [كتاب الأضداد: 258] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:01 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 07:01 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:50 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:50 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ (84) ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (85) بقيّت اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظٍ (86)
التقدير: وإلى مدين أرسلنا أخاهم شعيباً، واختلف في لفظة مدين فقيل: هي بقعة، فالتقدير على هذا: وإلى أهل مدين- كما قال: وسئل القرية [يونس: 42]- وقيل كان هذا القطر في ناحية الشام، وقيل مدين اسم رجل كانت القبيلة من ولده فسميت باسمه، ومدين لا ينصرف في الوجهين، حكى النقاش أن مدين هو ولد إبراهيم الخليل لصلبه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا بعيد وقد قيل: إن شعيباً عربي، فكيف يجتمع هذا وليس للعرب اتصال بإبراهيم إلا من جهة إسماعيل فقط، ودعاء «شعيب» إلى «عبادة الله» يقتضي أنهم كانوا يعبدون الأوثان، وذلك بين من قولهم فيما بعد، وكفرهم هو الذي استوجبوا به العذاب لا معاصيهم، فإن الله لم يعذب قط أمة إلا بالكفر، فإن انضافت إلى ذلك معصية كانت تابعة، وأعني بالعذاب عذاب الاستئصال العام، وكانت معصية هذه الأمة الشنيعة أنهم كانوا تواطأوا أن يأخذوا ممن يرد عليهم من غيرهم وافيا ويعطوا ناقصا في وزنهم وكيلهم، فنهاهم شعيب بوحي الله تعالى عن ذلك، ويظهر من كتاب الزجاج أنهم كانوا تراضوا بينهم بأن يبخس بعضهم بعضا.
وقوله بخيرٍ قال ابن عباس: معناه في رخص من الأسعار، و «عذاب اليوم المحيط» هو حلول الغلاء المهلك. وينظر هذا التأويل إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما نقص قوم المكيال والميزان إلا ارتفع عنهم الرزق وقيل لهم قوله: بخيرٍ عام في جميع نعم الله تعالى، و «عذاب اليوم» هو الهلاك الذي حل بهم في آخر، وجميع ما قيل في لفظ «خير» منحصر فيما قلناه.
ووصف «اليوم» ب «الإحاطة» وهي من صفة العذاب على جهة التجوز إذ كان العذاب في اليوم: وقد يصح أن يوصف «اليوم» ب «الإحاطة» على تقدير: محيط شره. ونحو هذا).[المحرر الوجيز: 4/ 628-629]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وكرر عليهم الوصية في «الكيل والوزن» تأكيدا وبيانا وعظة لأن لا تنقصوا هو أوفوا بعينه.
لكنهما منحيان إلى معنى واحد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وحدثني أبي رضي الله عنه، أنه سمع أبا الفضل بن الجوهري على المنبر بمصر يعظ الناس في الكيل والوزن فقال: اعتبروا في أن الإنسان إذا رفع يده بالميزان فامتدت أصابعه الثلاث والتقى الإبهام والسبابة على ناصية الميزان جاء من شكل أصابعه صورة المكتوبة فكأن الميزان يقول: الله الله.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا وعظ مليح مذكر. والقسط العدل ونحوه، و «البخس» النقصان، وتعثوا معناه: تسعون في فساد، وكرر مفسدين على جهة التأكيد، يقال عثا يعثو أو عثى يعثي، وعث يعث، وعاث يعيث- إذا أفسد ونحوه من المعنى، والعثة: الدودة التي تفسد ثياب الصوف).[المحرر الوجيز: 4/ 629-630]

تفسير قوله تعالى: {بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: بقيّت اللّه قال ابن عباس معناه الذي يبقي الله لكم من أموالكم بعد توفيتكم الكيل والوزن حير لكم مما تستكثرون أنتم به على غير وجهه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تفسير يليق بلفظ الآية وقال مجاهد: معناه طاعة الله، وقال ابن عباس- أيضا- معناه رزق الله، وهذا كله لا يعطيه لفظ الآية، وإنما المعنى عندي- إبقاء الله عليكم إن أطعتم.
وقرأ إسماعيل بن جعفر عن أهل المدينة بتخفيف الياء وهي لغة.
وقوله: إن كنتم مؤمنين شرط في أن تكون البقية خيرا لهم، وأما مع الكفر فلا خير لهم في شيء من الأعمال، وجواب هذا الشرط، متقدم، و «الحفيظ» المراقب الذي يحفظ أحوال من يرقب، والمعنى:
إنما أنا مبلغ والحفيظ المحاسب هو الذي يجازيكم بالأعمال).[المحرر الوجيز: 4/ 630]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا إنّك لأنت الحليم الرّشيد (87) قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي ورزقني منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب (88)
قرأ جمهور الناس «أصلواتك» بالجمع، وقرأ ابن وثاب «أصلاتك» بالإفراد، وكذلك قرأ في براءة إنّ صلاتك [التوبة: 9] وفي المؤمنين: على صلواتهم [المؤمنون: 9] كل ذلك بالإفراد.
واختلف في معنى «الصلاة» هنا، فقالت فرقة: أرادوا الصلوات المعروفة، وروي أن شعيبا عليه السّلام كان أكثر الأنبياء صلاة، وقال الحسن: لم يبعث الله نبيا إلا فرض عليه الصلاة والزكاة. وقيل:
أرادوا قراءتك. وقيل أرادوا: أمساجدك؟ وقيل: أرادوا: أدعواتك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وأقرب هذه الأقوال الأول والرابع وجعلوا الأمر من فعل الصلوات على جهة التجوز، وذلك أن كل من حصل في رتبة من خير أو شر ففي الأكثر تدعوه رتبته إلى التزيد من ذلك النوع:
فمعنى هذا: ألما كنت مصليا تجاوزت إلى ذم شرعنا وحالنا؟ فكأن حاله من الصلاة جسرته على ذلك فقيل: أمرته، كما قال تعالى: إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [العنكبوت: 45].
وقوله: أن نترك ما يعبد آباؤنا نص في أنهم كانوا يعبدون غير الله تعالى وقرأ جمهور الناس:
«نفعل» و «نشاء» بنون الجماعة فيهما وقرأ الضحاك بن قيس «تفعل» و «تشاء» بتاء المخاطبة فيهما: ورويت عن أبي عبد الرحمن: «نفعل» بالنون. «ما تشاء» بالتاء، ورويت عن ابن عباس. فأما من قرأ بالنون فيهما ف أن الثانية عطف على ما لا على أن الأولى، لأن المعنى يصير: أصلواتك تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟ وهذا قلب ما قصدوه. وأما من قرأ بالتاء فيهما فيصح عطف أن الثانية على ما لا على أن الأولى، قال بعض النحويين، ويصح عطفها على ما ويتم المعنى في الوجهين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويجيء نترك في الأول بمعنى نرفض، وفي الثاني بمعنى نقرر، فيتعذر عندي هذا الوجه لما ذكرته من تنوع الترك على الحكم اللفظي أو على حذف مضاف، ألا ترى أن الترك في قراءة من قرأ بالنون في الفعلين إنما هو بمعنى الرفض غير متنوع، وأما من قرأ بالنون في «نفعل» والتاء في «تشاء» ف أن معطوفة على الأولى، ولا يجوز أن تنعطف على ما لأن المعنى- أيضا- ينقلب، فتدبره.
وظاهر فعلهم هذا الذي أشاروا إليه هو بخس الكيل والوزن الذي تقدم ذكره، وروي أن الإشارة هي إلى قرضهم الدينار والدرهم وإجراء ذلك مع الصحيح على جهة التدليس، قاله محمد بن كعب وغيره، وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: قطع الدراهم والدنانير من الفساد في الأرض، فتأول ذلك بهذا المعنى المتقدم، وتؤول أيضا بمعنى أنه تبديل السكك التي يقصد بها أكل أموال الناس.
واختلف في قولهم: إنّك لأنت الحليم الرّشيد فقيل: إنما كانت ألفاظهم: إنك لأنت الجاهل السفيه، فكنى الله عن ذلك وقيل: بل هذا لفظهم بعينه، إلا أنهم قالوه على جهة الاستهزاء- قاله ابن جريج وابن زيد- وقيل المعنى: إنك لأنت الحليم الرشيد عند نفسك. وقيل: بل قالوه على جهة الحقيقة وأنه اعتقادهم فيه، فكأنهم فندوه، أي أنه حليم رشيد فلا ينبغي لك أن تأمرنا بهذه الأوامر، ويشبه هذا المعنى قول اليهود من بني قريظة، حين قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا إخوة القردة»، يا محمد ما علمناك جهولا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والشبه بين الأمرين إنما هو المناسبة بين كلام شعيب وتلطفه، وبين ما بادر به محمد عليه السّلام بني قريظة).[المحرر الوجيز: 5/ 5-7]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: قال: يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ، الآية، هذه مراجعة لطيفة واستنزال حسن واستدعاء رفيق ونحوها عن محاورة شعيب عليه السّلام، قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك خطيب الأنبياء. وجواب الشرط الذي في قوله: إن كنت على بيّنةٍ من ربّي محذوف تقديره: أأضل كما ضللتم وأترك تبليغ الرسالة؟ ونحو هذا مما يليق بهذه المحاجة؟ وبيّنةٍ يحتمل أن تكون بمعنى: بيان أو بين، ودخلت الهاء للمبالغة- كعلامة- ويحتمل أن تكون صفة لمحذوف، فتكون الهاء هاء تأنيث.
وقوله: ورزقني منه رزقاً حسناً يريد: خالصا من الفساد الذي أدخلتم أنتم أموالكم. ثم قال لهم: ولست أريد أن أفعل الشيء الذي نهيتكم عنه من نقص الكيل والوزن، فأستأثر بالمال لنفسي، وما أريد إلا إصلاح الجميع، وأنيب معناه: أرجع وأتوب وأستند).[المحرر الوجيز: 5/ 7]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:51 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:51 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ (84)}
يقول تعالى: ولقد أرسلنا إلى مدين -وهم قبيلةٌ من العرب، كانوا يسكنون بين الحجاز والشّام، قريبًا من بلاد معانٍ، في بلدٍ يعرف بهم، يقال لها "مدين" فأرسل اللّه إليهم شعيبًا، وكان من أشرفهم نسبًا. ولهذا قال: {أخاهم شعيبًا} يأمرهم بعبادة اللّه تعالى وحده، وينهاهم عن التّطفيف في المكيال والميزان {إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ} أي: في معيشتكم ورزقكم فأخاف أن تسلبوا ما أنتم فيه بانتهاككم محارم اللّه، {وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ} أي: في الدّار الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 342]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (85) بقيّة اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظٍ (86)}
ينهاهم أوّلًا عن نقص المكيال والميزان إذا أعطوا النّاس، ثمّ أمرهم بوفاء الكيل والوزن بالقسط آخذين ومعطين، ونهاهم عن العيث في الأرض بالفساد، وقد كانوا يقطعون الطّريق).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 343]

تفسير قوله تعالى: {بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} قال ابن عبّاسٍ: رزق اللّه خير لكم.
وقال الحسن: رزق اللّه خيرٌ [لكم] من بخسكم النّاس.
وقال الرّبيع بن أنسٍ: وصيّة اللّه خيرٌ لكم.
وقال مجاهدٌ: طاعة اللّه [خيرٌ لكم].
وقال قتادة: حظّكم من اللّه خيرٌ لكم.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: "الهلاك" في العذاب، و"البقيّة" في الرّحمة.
وقال أبو جعفر بن جريرٍ: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} أي: ما يفضل لكم من الرّبح بعد وفاء الكيل والميزان {خيرٌ لكم} أي: من أخذ أموال النّاس قال: وقد روي هذا عن ابن عبّاسٍ.
قلت: ويشبه قوله تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطّيّب ولو أعجبك كثرة الخبيث} [المائدة:100].
وقوله: {وما أنا عليكم بحفيظٍ} أي: برقيبٍ ولا حفيظٍ، أي: افعلوا ذلك للّه عزّ وجلّ. لا تفعلوه ليراكم النّاس، بل للّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 343]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرّشيد (87)}
يقولون له على سبيل التّهكّم، قبّحهم اللّه: {أصلاتك}، قال الأعمش: أي: قرآنك {تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} أي: الأوثان والأصنام، {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} فنترك التّطفيف على قولك، هي أموالنا نفعل فيها ما نريد.
[قال الحسن] في قوله: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} إي واللّه، إنّ صلاتهلتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم.
وقال الثّوريّ في قوله: {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} يعنون الزّكاة.
وقولهم: {إنّك لأنت الحليم الرّشيد} قال ابن عبّاسٍ، وميمون بن مهران، وابن جريج، وابن أسلم، وابن جريرٍ: يقولون ذلك -أعداء اللّه -على سبيل الاستهزاء، قبّحهم اللّه ولعنهم عن رحمته، وقد فعل). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 343-344]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي ورزقني منه رزقًا حسنًا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب (88)}
يقول لهم أرأيتم يا قوم {إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} أي: على بصيرةٍ فيما أدعو إليه، {ورزقني منه رزقًا حسنًا} قيل: أراد النّبوّة. وقيل: أراد الرّزق الحلّال، ويحتمل الأمرين.
وقال الثّوريّ: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} أي: لا أنهاكم عن شيءٍ وأخالف أنا في السّرّ فأفعله خفيةً عنكم، كما قال قتادة في قوله: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} يقول: لم أكن لأنهاكم عن أمرٍ وأركبه {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} أي: فيما آمركم وأنهاكم، إنّما مرادي إصلاحكم جهدي وطاقتي، {وما توفيقي} أي: في إصابة الحقّ فيما أريده {إلا باللّه عليه توكّلت} في جميع أموري، {وإليه أنيب} أي: أرجع، قاله مجاهدٌ وغيره.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا أبو قزعة سويد بن حجير الباهليّ، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه: أنّ أخاه مالكًا قال: يا معاوية، إن محمّدًا أخذ جيراني، فانطلق إليه، فإنّه قد كلّمك وعرفك، فانطلقت معه فقال: دع لي جيراني، فقد كانوا أسلموا. فأعرض عنه. [فقام متمعطًا] فقال: أما واللّه لئن فعلت إنّ النّاس يزعمون أنّك تأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. وجعلت أجرّه وهو يتكلّم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "ما تقول؟ " فقال: إنّك واللّه لئن فعلت ذلك. إنّ النّاس ليزعمون أنّك لتأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. قال: فقال: "أو قد قالوها -أو قائلهم -ولئن فعلت ذلك ما ذاك إلّا عليّ، وما عليهم من ذلك من شيءٍ، أرسلوا له جيرانه.
وقال أحمد أيضًا: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدهقال: أخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ناسًا من قومي في تهمة فحبسهم، فجاء رجلٌ من قومي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يخطب، فقال: يا محمّد، علام تحبس جيرتي؟ فصمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [عنه] فقال: إنّ ناسًا ليقولون: إنّك تنهى عن الشّيء وتستخلي به، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما يقول؟ " قال: فجعلت أعرض بينهما الكلام مخافة أن يسمعها فيدعو على قومي دعوة لا يفلحون بعدها أبدًا، فلم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم به حتّى فهمها، فقال: "أو قد قالوها -أو: قائلها منهم -واللّه لو فعلت لكان عليّ وما كان عليهم، خلّوا له عن جيرانه".
ومن هذا القبيل الحديث الّذي رواه الإمام أحمد: حدّثنا أبو عامرٍ، حدّثنا سليمان بن بلالٍ، عن ربيعة بن أبي عبد الرّحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويدٍ الأنصاريّ قال: سمعت أبا حميدٍ وأبا أسيدٍ يقولان: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا سمعتم الحديث عنّي تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنّه منكم قريبٌ، فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عنّي تنكره قلوبكم، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنّه منكم بعيدٌ فأنا أبعدكم منه".
هذا إسنادٌ صحيحٌ، وقد أخرج مسلمٌ بهذا السّند حديث: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم، افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل: اللهم، إني أسألك من فضلك".
ومعناه -واللّه أعلم -: مهما بلغكم عنّي من خيرٍ فأنا أولاكم به ومهما يكن من مكروهٍ فأنا أبعدكم منه، {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم [عنه]}.
وقال قتادة، عن عزرة عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزّار، عن مسروقٍ، أنّ امرأةً جاءت ابن مسعودٍ قالت أتنهى عن الواصلة؟ قال: نعم. فقالت [المرأة] فلعلّه في بعض نسائك؟ فقال: ما حفظت إذًا وصيّة العبد الصّالح: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}.
وقال عثمان بن أبي شيبة: حدّثنا جريرٌ، عن أبي سليمان العتبيّ قال: كانت تجيئنا كتب عمر بن عبد العزيز فيها الأمر والنّهي، فيكتب في آخرها: وما كانت من ذلك إلّا كما قال العبد الصّالح: {وما توفيقي إلا باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 344-345]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة