العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:15 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة المؤمنون

توجيه القراءات في سورة المؤمنون


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:16 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي مقدمات سورة المؤمنون

مقدمات توجيه القراءات في سورة المؤمنون
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة المؤمنين). [معاني القراءات وعللها: 2/187]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ومن سورة المؤمنون) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/85]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في سورة المؤمنون). [الحجة للقراء السبعة: 5/287]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة المؤمنون). [المحتسب: 2/87]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (23 - سورة المؤمنين). [حجة القراءات: 482]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة المؤمنين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/125]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة المؤمنون). [الموضح: 890]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/125]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي مائة آية وتسع عشرة آية في المدني وثماني عشرة في الكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/125]

ياءات الإضافة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فيها ياء إضافية، قوله: {لعلي أعمل} «100» أسكنها الكوفيون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/132]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها: ياء واحدة وهي قوله {لَعَلِّي أَعْمَلُ}.
فتحها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر، وأسكنها الباقون.
وقد تقدم الوجه، وهو أن الفتح أصلٌ، والإسكان تخفيفٌ). [الموضح: 904]

الياءات المحذوفة
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقد حذف من هذه السورة ست ياءات: (بما كذّبون (26)، (39)
(فاتقون (52)، (أن يحضرون (98)، (ارجعون (99)،
(ولا تكلّمون (158)،
وقد أثبتهن يعقوب في الوصل والوقف.
قال أبو منصور: هذه الياءات في الأصل ثابتة، ومن حذفها اجتزى بالكسرات). [معاني القراءات وعللها: 2/199]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (حذفت: ست ياءات فواصل من الخط وهن {بِمَا كَذَّبُونِي}، {بِمَا كَذَّبُونِي}، {فَاتَّقُونِي}، {أَنْ يَحْضُرُونِي}، {رَبِّ ارْجِعُونِي}، {وَلَا تُكَلِّمُونِي}.
[الموضح: 904]
فأثبتهن كلهن يعقوب في الوصل والوقف، وحذفهن كلهن الباقون في الحالين.
وقد مضى الكلام في مثلها وأنهن حُذفن تخفيفًا؛ ولأنهن فواصل). [الموضح: 905]

الياءات المختلف فيها:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (واختلفوا في ياء واحدة في هذه السورة)
{لعلى أعمل} [100].
فتحها نافع وابن كثير، وأبو عمرو. وأسكنها الباقون. الأصل: لعلني أعمل صالحًا. غير أن النون أخت اللام فخزلوا النون مع اللام كما تحذف مع النون في مثل إني قائم، تريد: إنني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/97]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:18 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (1) إلى الآية (11) ]
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}


قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)}
قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)}
قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)}
قوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (لأماناتهم)
قرأ ابن كثير (لأمانتهم) واحدة، وكذلك في سورة واقع.
وقرأ الباقون (لأماناتهم) جماعة في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأ (لأمانتهم) فهي واحدة تنوب عن الجماعة.
ومن قرأ (لأماناتهم) فهي جمع الأمانة، وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/187]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {لأماناتهم وعهدهم} [8].
قرأ ابن كثير وحده {لأمنتهم} وحجته، {وعهدهم}. ولم يقل وعهودهم؛ وذلك أن العرب تجتزي بالواحد عن الجماعة كقوله: {أو الطفل الذين لم يظهروا}.
وقرأ الباقون {لأمنتهم} جماعًا . وحجتهم {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/85]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير وحده: (لأمانتهم) [8] واحدة، وقرأ الباقون: لأماناتهم جماع). [الحجة للقراء السبعة: 5/287]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والّذين هم على صلواتهم يحافظون} 8 و9
قرأ ابن كثير وحده (لأمانتهم) على التّوحيد وحجته قوله
[حجة القراءات: 482]
{وعهدهم راعون} ولم يقل وعهودهم وقال بعض النّحويين وجه الإفراد أنه مصدر واسم جنس فيقع على الكثرة وإن كان مفردا في اللّفظ ومن هذا قوله {كذلك زينا لكل أمة عملهم} فأفرد
وقرأ الباقون {لأماناتهم} وحجتهم إجماع الجميع على قوله {إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى
قرأ حمزة والكسائيّ {والّذين هم على صلاتهم يحافظون} على التّوحيد وحجتهما إجماع الجميع على التّوحيد في سورة الأنعام وسأل سائل عند قوله {الّذين هم على صلاتهم دائمون} فردا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
وقرأ الباقون {على صلواتهم} على الجمع وحجتهم أن هذه مكتوبة بالمصحف بواو وكذلك في براءة وهود فكان هذا دليلا على الجمع وكتبوا ما عدا هذه الثّلاث {الصّلاة} بألف من غير واو ولم يكتبوا الألف بعد الواو اختصارا وإيجازا وقد روي في التّفسير أنه عنى الصّلوات الخمس فجعلوها جمعا لذلك). [حجة القراءات: 483] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {لأماناتهم} قرأه ابن كثير بالتوحيد، ومثله في المعارج. وقرأهما الباقون بالجمع، وهو مصدر، فمن وحده فلأن المصدر يدل على القليل والكثير من جنسه بلفظ التوحيد، فآثر التوحيد لخفته، ولأنه يدل على ما يدل عليه الجمع، ويقوي التوحيد أن بعده {وعهدهم} وهو مصدر، وقد وحد إجماع من كثرة العهود واختلافها وقد قال تعالى: {زينا لكل أمة عملهم} فوحد العمل مع كثرة أعمالهم واختلافها وتباينها، فأما من جمع فلأن المصدر إذا اختلفت أجناسه وأنواعه جمع، والأمانات التي تلزم الناس مراعاتها كثيرة فجمع لكثرتها، وقد قال تعالى: {وهم أعمالٌ من دون ذلك} «المؤمنين 63» فجمع لاختلاف الأعمال، وقال: {يريهم الله أعمالهم} «البقرة 167» فجمع، وقد أجمعوا على الجمع في قوله: {أن تؤدوا الأمانات} «النساء 58» وقد تقدم ذكر الصلاة وجمعها وتوحيدها، وعلة ذلك، وهو أحب إلي،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/125]
لأن الجماعة عليه، ولأنه محمول على المعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/126]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {لِأَمَانَتِهِمْ} [آية/ 8] على الوحدة:-
قرأها ابن كثير وحده، وكذلك في: سأل سائل.
والوجه أنه مصدرٌ، والمصدر جنسٌ، فهو في حال إفراده يقع على الكثير، وهذا كقوله تعالى {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} فوحَّد العمل لما كان مصدرًا.
وقرأ الباقون {لِأَمَانَاتِهِمْ} على الجمع في السورتين.
والوجه أن الأمانة وإن كانت مصدرًا فقد جُمعت لاختلاف ضروبها، والمصادر إذا اختلفت أنواعها جمعت، كما تجمع الأسماء؛ لأنها تخرج حينئذ عن حيز المصادر، ومما جمع من الأمانة قوله تعالى {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} وهذا قد أجمعت القراءة على جمعه). [الموضح: 890]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قرأ حمزة والكسائي (صلاتهم) الباقون (صلواتهم) ). [معاني القراءات وعللها: 2/187]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {على صلواتهم يحافظون} [9].
قرأ حمزة والكسائي (صلاتهم) واحدة.
والباقون (صلواتهم) جماعًا. وقد ذكرت علته في (براءة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/85]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حمزة والكسائى: (على صلاتهم) [المؤمنون/ 9] واحدة، والباقون: على صلواتهم جماعة.
وجه الإفراد: أنه مصدر واسم جنس، فيقع على الكثرة، وإن كان مفردا في اللفظ، ومن هذا قوله: كذلك زينا لكل أمة عملهم [الأنعام/ 108] فأفرد وجمع في قوله: ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون [المؤمنون/ 63] وكذلك يريهم الله أعمالهم حسرات [البقرة/ 167]، فإن قلت: إن الأعمال تختلف، قيل: والأمانة تختلف ولها ضروب نحو: الأمانة التي بين الله وعبده كالصيام والصلاة والاغتسال، والأمانة التي بين العبيد في حقوقهم كالودائع والبضائع ونحو ذلك مما تكون اليد فيه أمانة. وقال: أعمالهم كسراب بقيعة [النور/ 39].
[الحجة للقراء السبعة: 5/287]
ووجه الجمع: قوله: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها [النساء/ 58].
ومما أفرد فيه الأمانة والمراد بها الكثرة ما روي عن أبي: «من الأمانة أن اؤتمنت المرأة على فرجها». يريد به تفسير قوله: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن [البقرة/ 228].
وقرأ حمزة والكسائي: (على صلاتهم) والباقون: صلواتهم.
وجه الإفراد: أن الصلاة في الأصل مصدر كالعمل والأمانة.
ووجه الجمع: أنه قد صار بمنزلة الاسم لاختلاف أنواعها، فلذلك جمع في نحو قوله: حافظوا على الصلوات [البقرة/ 238] وكان الجمع فيه أقوى لأنه قد صار اسما شرعيّا لانضمام ما لم يكن في أصل اللغة أن ينضمّ إليها). [الحجة للقراء السبعة: 5/288]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والّذين هم على صلواتهم يحافظون} 8 و9
قرأ ابن كثير وحده (لأمانتهم) على التّوحيد وحجته قوله
[حجة القراءات: 482]
{وعهدهم راعون} ولم يقل وعهودهم وقال بعض النّحويين وجه الإفراد أنه مصدر واسم جنس فيقع على الكثرة وإن كان مفردا في اللّفظ ومن هذا قوله {كذلك زينا لكل أمة عملهم} فأفرد
وقرأ الباقون {لأماناتهم} وحجتهم إجماع الجميع على قوله {إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى
قرأ حمزة والكسائيّ {والّذين هم على صلاتهم يحافظون} على التّوحيد وحجتهما إجماع الجميع على التّوحيد في سورة الأنعام وسأل سائل عند قوله {الّذين هم على صلاتهم دائمون} فردا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
وقرأ الباقون {على صلواتهم} على الجمع وحجتهم أن هذه مكتوبة بالمصحف بواو وكذلك في براءة وهود فكان هذا دليلا على الجمع وكتبوا ما عدا هذه الثّلاث {الصّلاة} بألف من غير واو ولم يكتبوا الألف بعد الواو اختصارا وإيجازا وقد روي في التّفسير أنه عنى الصّلوات الخمس فجعلوها جمعا لذلك). [حجة القراءات: 483] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قد تقدم ذكر {صلواتهم} في براءة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/125]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {عَلَى صَلَوَتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [آية/ 9] على الوحدة:-
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنها كالأمانة في كونها مصدرًا، فلذلك لم تُجمع.
وقرأ الباقون {عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} على الجمع.
والوجه أنه من المصادر التي جُمعت لاختلاف أنواعها، كما سبق في مثلها، ويجوز أنها إنما جمعت لأنها صارت اسمًا شرعيًا، إذ انضمت معانٍ أُخر فيها إلى المعنى اللغوي، فهو غير مصدر وإن كان في الأصل مصدرًا، قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} ). [الموضح: 891]

قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)}
قوله تعالى: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:47 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (12) إلى الآية (16) ]
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)}
قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)}
قوله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا)
قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم (عظمًا فكسونا العظم لحمًا) بغير ألف.
وقرأ الباقون (عظامًا فكسونا العظام لحمًا) على الجمع.
[معاني القراءات وعللها: 2/187]
قال أبو منصور: العظم واحد، والعظام جماعة، وقد ينوب العظم عن العظام - وكل ما قرئ به فهو جائز، والمعنى واحد، وقد يجوز من التوحيد إذا كان في الكلام دليل على الجمع ما هو أشد من هذا، قال الراجز:
في حلقكم عظم وقد شجينا
يريد: في حلوقكم عظام). [معاني القراءات وعللها: 2/188]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {فكسونا العظم لحمًا} [14].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر {العظم لحمًا} في [هذا] الحرف على التوحيد، لن العظم تجرى على العظام، مثل الأمانات، والأمانة. قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/85]
بها جيف الحسرى فأما عظامها = فبيض وأما جلها فصليب
ولم يقل: جلودها.
وقرأ الباقون (العظام لحمًا) على الجماع بالألف. وحجتهم {عظماً نخرة}.
وحدثني أحمد عن على عن أبي عبيد قال: في حرف ابن مسعود {فكسونا العظم لحما وعصبًا فتبارك الله أحسن الخلقين}. ويقال: إن العظم، والعصب يخلقهما الله تعالى من ماء الرجل، ويخلق الدم واللحم واشعر من ماء المرأة؛ لأن المرأة أصفر رقيق، وما الرجل أبيض ثخين. فإذا جامع الرجل المرأة فغلب ماء الرجل ماء المرأة أذكر بإذن الله، وإذا غلب ماؤها أنث بإذن الله.
والعرب تستحب للرجل أن يأتي المرأة وهي لا تشتهي، أو يفرعها أو يغصبها، أو يأخذها على غفلة؛ ليزع الشبة إلى الأب، قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/86]
ممن حملن به وهن عواقد = حبك النطاق فعاش غير مهبل
حملت به في ليلة مردوفة = كرهًا وعقد نطاقها لم يحلل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/87]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {ثم أنشأناه خلقًا آخر} [14].
قال المفسرون: هو نبات أبطه وشعرته ولحيته وشيبته.
وقال آخرون {ثم أنشأنه خلقًا آخر} إلى أن مشى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/87]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: عظاما فكسونا العظام [المؤمنون/ 14] في الجمع والتوحيد.
فقرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر وابن عامر: (عظما فكسونا العظم لحما) واحدا ليس قبل الميم ألف.
وقرأ الباقون وحفص عن عاصم وبكار عن أبان عن عاصم:
عظاما فكسونا العظام لحما جماعا بألف.
والجمع أشبه بما جاء في التنزيل في غير هذا الموضع كقوله: أإذا كنا عظاما ورفاتا [الإسراء/ 49 - 98] أئذا كنا عظاما نخرة [النازعات/ 11] من يحيى العظام وهي رميم [يس/ 78].
[الحجة للقراء السبعة: 5/288]
والإفراد أنه اسم جنس، وأفرد كما تفرد المصادر وغيرها من الأجناس نحو: الإنسان والدرهم والشاء والبعير، وليس ذلك على حدّ قوله:
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا.
ولكنه على ما أنشد أبو زيد:
لقد تعلّلت على أيانق... صهب قليلات القراد اللّازق
فالقراد يراد به الكثرة لا محالة). [الحجة للقراء السبعة: 5/289]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قرأ: [عَظْمًا]، واحدًا {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ} جماعة -السلمي وقتادة والأعرج والأعمش. واختلف عنهم.
وقرأ: [عِظَامًا] جماعةٌ [فَكَسَوْنَا الْعِظْمَ] واحدا -مجاهد.
قال أبو الفتح: أما من وحد فإنه ذهب إلى لفظ إفراد الإنسان والنطفة والعلقة، ومن جمع فإنه أراد أن هذا أمر عام في جميع الناس. وقد شاع عنهم وقوع المفرد في موضع الجماعة.
نحو قول الشاعر:
كُلُوا في بعضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا ... فإنَّ زَمَانَكُمُ زَمَنُ خَمِيصُ
وقول طفيل:
في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقد شَجينَا
وهو كثير وقد ذكرناه. إلا أن من قدم الإفراد ثم عقب بالجمع أشبه لفظا؛ لأنه جاور بالواحد لفظ الواحد الذي هو "إنسان" و"سلالة" و"نطفة" و"علقة" "ومضغة". ثم عقب بالجماعة؛ لأنها هي الغرض. ومن قدم الجماعة بادر إليها إذ كانت هي المقصود. ثم عاد فعامل اللفظ المفرد بمثله. والأول أحرى على قوانينهم. ألا تراك تقول: من قام وقعدوا
[المحتسب: 2/87]
إخوتك فيحسن لانصرافه عن اللفظ إلى المعنى، وإذا قلت: من قاموا وقعد إخوتك، ضعف لأنك قد انتحيت بالجمع على المعنى وانصرفت عن اللفظ؟ فمعاودة اللفظ بعد الانصراف عنه تراجع وانتكاث، فاعرفه وابن عليه فإنه كثير جدا). [المحتسب: 2/88]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحمًا} 14
قرأ ابن عامر وأبو بكر (عظما فكسونا العظم لحمًا) على التّوحيد لأن العظم يجزئ عن العظام قال الله عز وجل {ثمّ يخرجكم طفلا} أراد أطفالا وحجتهما في الآية (فكسونا العظم لحمًا) ولم يقل لحوما لأن لفظ الواحد قد علم أنه يراد به الجمع
وقرأ الباقون {عظاما فكسونا العظام} على الجمع وحجتهم قوله تعالى {من يحيي العظام وهي رميم} وقوله {أئذا كنّا عظاما نخرة} فالجمع أشبه بما جاء في التّنزيل). [حجة القراءات: 484]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {عظامًا}، و{العظم} قرأهما أبو بكر وابن عامر بالتوحد، وقرأ الباقون بالجمع.
وحجة من جمع أنه حمله على المعنى، لكثرة ما في الإنسان من العظام، فجمع لكثرة العظام، لأنه اسم، وليس بمصدر، وقد قال تعالى ذكره: {أئذا كنا عظامًا} «الإسراء 49»، وقال: {انظر إلى العظام} «البقرة 259» و{يحيي العظام} «يس 78» وهو الاختيار، لصحة معناه، ولأن الجماعة عليه.
وحجة من وحّد أنه اسم جنس، فالواحد يدل على الجمع). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/126]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {عَظْمًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [الآية/ 14] بغير ألف فيهما:-
قرأهما ابن عامر وعاصم ياش-.
والوجه أن العظم اسم جنس يؤدي معنى الجمع، كما يقال: أهلك الإنسان الدينار والدرهم.
وقرأ الباقون {الْعِظَامَ} بالألف فيهما.
والوجه أنه على ما ينبغي أن يكون عليه من لفظ الجمع؛ لأنه إذا كان التوحيد في هذا الموضع محمولًا على معنى الجمع، فلفظ الجمع به أولى). [الموضح: 891]

قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15)}
قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:49 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (17) إلى الآية (22) ]
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17)}
قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)}
قوله تعالى: {فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19)}
قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من طور سيناء (20)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (سيناء) بكسر السين.
وقرأ الباقون (سيناء) بفتح السين.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (تنبت) بضم التاء وكسر الباء.
وقرأ الباقون (تنبت) بفتح التاء وضم الباء.
قال أبو منصور: من قرأ (سيناء) فهو اسم للمكان على وزن (صحراء) لا يجرى.
ومن قرأ بكسر السين فليس في الكلام على وزن (فعلاء) بناء على أن الألف للتأنيث؛ لأنه ليس في الكلام ما فيه ألف التأنيث على وزن
[معاني القراءات وعللها: 2/188]
(فعلاء)، وما كان في الكلام نحو: حرباء، وعلباء، وخرشاء.
فهو منصرف مذكر، فكأنّ من قرأها (سيناء) جعلها اسمًا للبقعة، ولم يصرفها.
وقيل: (سيناء): حجارة.
والله أعلم بما أراد.
وأما من قرأ (تنبت بالدّهن)
فإن الفراء قال: نبت وأنبت بمعنًى واحد، وأنشد قول زهير:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم... قطيناً لهم حتى إذا أنبت البقل
ويروى: "حتى إذا نبت".
ومعنى (تنبت بالدهن): تنبت وفيها دهن.
كقولك: جاءني زيدٌ بالسيف، أي: جاءني ومعه السيف.
وأخبرني المنذري عن ابن فهم عن محمد بن سلام قال: سمعت حاد بن سلمة يقرأ (وشجرةً تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن) فسألته فقال: (تنبت الدهن)، و(تنبت بالدّهن) ). [معاني القراءات وعللها: 2/189]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- قوله تعالى: {سيناء} [20].
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع بكسر السين. وحجتهم {وطور سنيين} بكسر السين. والسيناء، والسينين، الحسن. وكل جبل ينبت الثمار فهو سنين.
وقرأ الباقون {سيناء} بفتح السين. وهما لغتان، وأصله سرياني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/87]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {تنب بالدهن} [20].
قرأ أبو عمرو، وابن كثير بضم التاء، كأنه لم يعتد بالياء، وأراد تنبت الدهن، قال الشاعر:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم = قطنيا لهم حتى إذا أنبت البقل
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/87]
وقرأ الباقون: {تنبت} بفتح التاء وهو الاختيار؛ لأن العرب تقول: ذهبت يزيد وأذهبت زيدًا فيخزلون الباء مع الهمزة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/88]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر السين وفتحها من قوله تعالى: من طور سيناء [المؤمنون/ 20].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (سيناء) بكسر السين ممدود، وقرأ الباقون: سيناء مفتوحة السين ممدودة أيضا.
قال أبو علي: من قال: سيناء لم ينصرف الاسم عنده في المعرفة ولا في النكرة، لأن الهمزة في هذا البناء لا تكون إلا للتأنيث ولا تكون للإلحاق، ألا ترى فعلا لا يكون إلا في المضاعف نحو:
الزّلزال والقلقال، إذا اختص البناء هذا الضرب لم يجز أن يلحق به
[الحجة للقراء السبعة: 5/289]
شيء لأنك حينئذ تعدّي بالبناء إلى غير مضاعف الأربعة، فهذا إذن كموضع أو بقعة سمّي بطرفاء وصحراء.
فأما من قرأ (سيناء) بالكسر فالهمزة فيه منقلبة عن الياء كعلباء، وحرباء، وسيناء، وهي الياء التي ظهرت في نحو: درحاية لمّا بنيت على التأنيث، فإنّما لم ينصرف على هذا القول وإن كان غير مؤنّث لأنه جعل اسم بقعة أو أرض، فصار بمنزلة امرأة سميت بجعفر، ومن هذا البناء قوله: وطور سينين [التين/ 2] فسينين: فعليل، كرّرت اللام التي هي نون فيه كما كرّرت في: زحليل وكرديد وخنذيذ، ومثله في أن العين ياء وكررت اللام فيه للإلحاق قول الشاعر:
تسمع للجنّ فيه زيزيزما.
الياء الأولى: عين، والثانية لفعليل، فإن قلت: فلم لا يكون سينين كغسلين ولا يكون كخنذيذ؟. فالذي يمنع من ذلك أن أبا الحسن حكى أن واحد سنين: سينينة، وما كان من نحو غسلين لم نعلم علامة التأنيث لحقه، وبهذه الدلالة يعلم أن سينين ليس كسنين ولا أرضين، لأن هذا الضرب من الجمع لا يلحقه التاء للتأنيث، وإنما لم ينصرف سينين كما لم ينصرف (سيناء) لأنه جعل اسما لبقعة أو لأرض، كما
[الحجة للقراء السبعة: 5/290]
جعل سيناء كذلك، ولو جعل اسما للمكان أو المنزل أو نحو ذلك من الأسماء المذكّرة لانصرف، لأنك كنت سمّيت مذكرا بمذكر). [الحجة للقراء السبعة: 5/291]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في (تنبت) [المؤمنون/ 20] في فتح التاء وضمّها. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (تنبت) بضم التاء وكسر الباء، وقرأ الباقون: تنبت بفتح التاء وضمّ الباء.
من قرأ (تنبت بالدّهن) احتمل وجهين: أحدهما: أن يجعل الجار زائدا، يريد تنبت، ولحقت الباء كما لحقت في قوله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [البقرة/ 195] أي: لا تلقوا أيديكم، يدلّك على ذلك قوله: وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم [النحل/ 15] وقد زيدت هذه الباء مع الفاعل كما زيدت مع المفعول وزيادتها مع المفعول به أكثر، وذلك نحو قوله:
ألم يأتيك والأنباء تنمي... بما لاقت ...
وقد زيدت مع هذه الكلمة بعينها قال:
بواد يمان ينبت الشّثّ حوله... وأسفله بالمرخ والشّبهان
حمله على: وينبت أسفله المرخ.
[الحجة للقراء السبعة: 5/291]
ويجوز أن يكون الباء متعلّقا بغير هذا الفعل الظاهر، ويقدّر مفعولا محذوفا تقديره: تنبت جناها أو ثمرتها وفيها دهن وصبغ، كما تقول: خرج بثيابه وركب بسلاحه.
ومن قرأ: تنبت بالدهن جاز أن يكون الجار فيه للتعدّي: أنبته ونبت به، ويجوز أن يكون الباء في موضع حال كما كان في الوجه الأول، ولا يكون للتعدي ولكن: تنبت وفيها دهن، وقد قالوا: أنبت في معنى نبت، فكأن الهمزة في أنبت مرة للتعدّي ومرّة لغيره، يكون من باب: أحال وأجرب وأقطف، أي: صار ذا حيال وجرب، والأصمعي ينكر أنبت، ويزعم أن قصيدة زهير التي فيها:
... حتى إذا أنبت البقل متّهمة. وإذا جاء الشيء مجيئا كان للقياس فيه مسلك، فروته الرواة لم يكن بعد ذلك موضع مطعن). [الحجة للقراء السبعة: 5/292]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الزهري والحسن والأعرج: [تُنْبَتُ]، برفع التاء، ونصب الباء.
وفي قراءة عبد الله: [تَخْرُجُ بِالدُّهْنِ].
قال أبو الفتح: الباء هنا في معنى الحال، أي: تنبت وفيها دهنها، فهو كقولك: خرج بثيابه. أي وثيابه عليه، وسار الأمير في غلمانه، أي وغلمانه معه، وكأنه قال: خرج لابسا ثيابه، وسار مستصحبا غلمانه، وكذلك قول الهذلي.
يَعْثُرْنَ في حَدِّ الظِّباتِ كأنَّما ... كُسِيَتْ بُرُودَ بني تَزِيدَ الأذرُعُ
أي: يعثرن كابيات في حد الظبات، أو مجروحات في حد الظبات. ومثله ما أنشده الأصمعي من قوله:
وَمُسْتَنَّةٍ كاستِنانِ الخَرُو ... ف قد قَطَعَ الحبْلَ بالمِرْوَدِ
أي: قطع الحبل ومرودُه فيه، أي: متصلا به مِرْوَدُه، فكذلك قوله: [تُنْبَتُ بِالدُّهْنِ]،
[المحتسب: 2/88]
أي: تنْبُتُ ودهنها فيها، وكذلك من قرأ: [تَنْبُتُ]، أي: تنبت على هذه الحال، وكذلك أيضا من قرأ: [تَنْبِتُ بِالدُّهْنِ] قد حذف مفعولها، أي: تنبت ما تنبته ودهنها فيها وذهبوا في قول زهير:
حتَّى إذا أنْبَتَ البَقْلُ
إلى أنه في معنى نَبَتَ وأنها لغة: فَعَلْت وأفْعَلَت. وقد يجوز أن يكون على هذا أي: محذوف المفعول، أي: حتى إذا أنبتَ البقلُ ثمرَهُ. ونحن نعلم أيضا أن الدهن لا ينبِت الشجرة، وإنما ينبتها الماء. ويؤكد ذلك أيضا قراءة عبد الله: [تَخْرُجُ بالدُّهنِ]، أي: تخرج من الأرض ودهنها فيها.
فأما من ذهب إلى زيادة الباء، أي: تنبِت الدهن، فمضعوف المذهب، وزائد حرفا لا حاجة به إلى اعتقاد زيادته مع ما ذكرناه من صحة القول عليه، وكذلك قول عنترة:
شَرِبَتْ بماءِ الدَّحْرُضَيْنِ
ليس عندنا على زيادة الباء، وإنما هو على شربت في هذا الموضع ماء، فحذف المفعول. وما أكثر وأعذب وأعرب حذف المفعول وأدله على قوة الناطق به!). [المحتسب: 2/89]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {من طور سيناء} بكسر السّين وحجتهم قوله {وطور سينين} والسيناء والسينين الحسن وكل جبل نبتت الثّمار فيه فهو سينين
وقرأ الباقون {سيناء} بالفتح وهما لغتان أصله سرياني قال مجاهد الطّور الجبل والسيناء الحجارة المباركة
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {تنبت بالدهن} بضم التّاء وقرأ
[حجة القراءات: 484]
الباقون بالفتح قال الفراء هما لغتان يقال نبت الشّجر وأنبت قال الشّاعر:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتها ... قطينا لهم حتّى إذا انبت البقل
وهو كقوله {فأسر بأهلك} بوصل الألف وبقطعها ومعنى {تنبت بالدهن} أي تنبت وفيها دهن ومعها صبغ كما تقول جاءني زيد بالسّيف تريد جاءني ومعه السّيف وقال قوم من قرأ {تنبت} بالرّفع فالباء زائدة وقالوا إن نبت وأنبت في معنى واحد). [حجة القراءات: 485]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {طور سيناء} قرأه الكوفيون وابن عامر بفتح السين. وقرأ الباقون بالكسر.
4- وحجة من فتح أنه بناه على «فعلا» كحمراء، فالهمز للتأنيث، فلم يصرفه للتأنيث والصفة.
5- وحجة من كسر السين أنه بناه على «فعلاء» جعل الهمزة بدلًا من ياء، وليست للتأنيث، إذ ليس في كلام العرب «فعلاء» بكسر الأول، وهمزته للتأنيث، إنما يأتي هذا المثال في الأسماء الملحقة بـ «سرداح» نحو: علباء وحرباء، الهمزة في هذا بدل من ياء لوقوعها متطرفة بعد ألف زائدة دليله قولهم: «درحاية» لما بنوه للتأنيث، صارت الياء غير متطرفة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/126]
فلم تقلب همزة، فالهمزة في {سيناء} في قراءة من كسر السين بدل من ياء، وإنما لم ينصرف؛ لأنه معرفة اسم للبقعة، فلم ينصرف للتعريف والتأنيث، فهو بمنزلة امرأة سميتها بـ «جعفر» والكسر أحب إلي؛ لاجتماع الحرميين وأبي عمرو عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/127]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {تنبت بالدهن} قرأه ابن كثير وأبو عمرو بضم التاء، وكسر الباء، وقرأ الباقون بفتح التاء، وضم الباء.
وحجة من ضم التاء أنه جعله رباعيًا من «أنبت ينبت» وتكون الباء في {بالدهن} زائدة لأن الفعل يتعدّى إذا كان رباعيًا بغير حرف، كأنه قال: تنبت الدهن، لكن دلت الباء على ملازمة الإنبات للدهن، كما قال: {اقرأ باسم ربك} «العلق 1» فأتى بالباء، و{اقرأ} يتعدى بغير حرف لكن دلّت الياء على الأمر بملازمة القراءة، ويجوز أن تكون الباء على هذه القراءة غير زائدة، لكنها متعلقة بمفعول محذوف، تقديره: ينبت جناها بالدهن، أو ثمرها بالدهن، أي وفيه دهن، كما يقال: خرج بثيابه وركب بسلاحه، فـ {بالدهن} على هذا التقدير في موضع الحال، كما كان «بثيابه وبسلاحه» في موضع الحال.
7- وحجة من فتح التاء أنه جعله فعلًا ثلاثيًا من «نبت» فتكون الباء في {بالدهن} للتعدية؛ لأن الفعل غير متعد إذا كان ثلاثيًا.
وقد قالوا: «أنبت» بمعنى «نبت» فتكون القراءتان على هذه اللغة بمعنى، والاختيار الفتح؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/127]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {مِنْ طُورِ سِيْنَاءَ} [الآية/ 20] بكسر السين:-
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو.
والوجه أنه مثل علباء وحرباء، والهمزة فيه منقلبةٌ عن الياء، وليست الألف الممدودة فيه للتأنيث؛ لأنه ليس في الكلام فعلاء بألف التأنيث، ولفظ هذا البناء مذكر، وإنما لم ينصرف ههنا؛ لأنه جُعل اسم بقعة أو اسم أرض، فهو بمنزلة امرأة سميت بجعفر، فهو لا ينصرف وإن كان بلفظ اسم رجل.
وقرأ الباقون {سَيْنَاءَ} بفتح السين.
والوجه أن البناء للتأنيث، والألف فيه ألف تأنيث، فلم ينصرف الاسم في المعرفة ولا في النكرة؛ لأنه كصحراء وطرفاء إذا سُمي بهما). [الموضح: 892]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {تُنْبِتُ بِالدُّهْنِ} [آية/ 20] بضم التاء وكسر الباء:-
قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب يس-.
والوجه أن الباء زائدة، والتقدير: تُنبت في الدهن، كما قال تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} أي أيديكم.
ويجوز أن يكون المفعول به محذوفًا، والتقدير تُنبت ثمرها أو جناها بالدهن، أي مع الدهن، والباء تسمى باء الحال، كما يقال: خرج زيد بسلاحه، أي متسلحًا.
[الموضح: 892]
ويجوز أن يكون أنبت بمعنى نبت، فيكون أفعل على هذا من باب أعشب المكان إذا صار ذا عشب، فأنبت: صار ذا نبت، قال زهير:
102- رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم = قطينًا لهم حتى إذا أنبت البقل
فيكون هذا كقراءة من قرأ {تَنْبُتُ} بفتح التاء.
وقرأ الباقون {تَنْبُتُ} بفتح التاء وضم الباء، وكذلك ح- عن يعقوب.
والوجه أن الباء على هذا يجوز أن يكون للحال كما سبق، أو للتعدية كأنه قال: تنبت الدهن؛ لأنه أنبته ونبت به واحدٌ في المعنى). [الموضح: 893]

قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {نسقيكم مما في بطونها} [21].
قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر {نسقيكم} بفتح النون.
وقرأ الباقون بالضم، فجعلها بعضهم لغتين سقيت وأسقيت واحتج بقول الشاعر:
سقى قومى بني مجد وأسقى = نميرا والقبائل من هلال
والاختيار: أن يكون سقيت للشفه، وأسقيت للأنهار والأنعام، وتقول دعوت الله أن يسقيه. وقد بينت ذلك في سورة (النحل) بأكثر من هذا.
فإن سأل سائل فقال: لم قال تعالى: {مما في بطونه} في موضع. وقال في موضع آخر {بطونها}؟
فالجواب في ذلك: أن من أنث سقط السؤال عنه. ومن ذكر فله حجج، إحداهن: أن الأنعام والنعم بمعنى فذكره لذلك.
والحجة الأخرى: أن التقدير نسقيكم من بعض ما في بطونه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/88]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: نسقيكم [المؤمنون 21].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص وحمزة والكسائي: نسقيكم برفع النون.
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: (نسقيكم) بفتح النون.
[الحجة للقراء السبعة: 5/292]
قال أبو علي: أما من قال: نسقيكم فعلى أن يكون المعنى: جعلنا ما في ضروعها من ألبانها سقيا لكم. وقد قالوا: أسقيتهم نهرا إذا جعلته سقيا لهم، هذا كأنه أعم لأن ما هو سقيا لهم لا يمتنع أن يكون للشفة، وما للشفة فقد يمتنع أن يكون سقيا، وما أسقيناه من ألبان الأنعام أكثر مما يكون للشفة نسقيكم بالضم فيه أشبه. ومن قال: (نسقيكم) جعل ذلك مختصا به الشفاء دون المزارع والمراعي فلم يكن مثل الماء في قوله: وأسقيناكم ماء فراتا [المرسلات/ 27].
لأن ذا يصلح لأمرين فمن ثمّ جاء: وسقاهم ربهم شرابا طهورا [الانسان/ 21]. وقد قيل: إن سقى وأسقى لغتان. قال الشاعر:
سقى قومي بني مجد وأسقى... نميرا والقبائل من هلال
ألا ترى أن أسقى لا يخلو من أن يكون لغة في سقى، أو يكون على حدّ: وأسقيناكم ماء فراتا [المرسلات/ 27] وهذا الوجه فيه بعض البعد، لأنه قد دعا لقومه وخاصّته بدون ما دعا للأجنبي الغريب منه). [الحجة للقراء السبعة: 5/293]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي جعفر يزيد: [لَعِبْرَةً تَسْقِيكُمْ].
قال أبو الفتح: ليس قوله: [تَسقيكم] صفة، لعبرة كقولك: لعبرة ساقية. ألا ترى أنه ليست العبرة الساقية، إنما هناك حض وبعث على الاعتبار بسقياها لنا أو بسقيا الله سبحانه إيانا منها؟ فالوقف إذًا على قوله: "لعبرة"، ثم استأنف تعالى تفسير العبرة، فقال: "تسقيكم" هي، أو {نُسْقِيكُمْ} نحن {مِمَّا فِي بُطُونِهَا}. وقوله: {وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ} أحد ما يدل على قوة شبه الظرف بالفعل. ألا تراه معطوفا على قوله: {نُسْقِيكُمْ} ؟ والعطف نظير التثنية، والتثنية تقتضي تساوي حال الاسمين وتشابههما. ومثله في ذلك قول الآخر أخبرنا به أبو بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب:
زَمَانَ عَلَيَّ غُرابٌ غُدافٌ ... فَطَيَّرهُ الشيْبُ عَنِّي فَطَارَا
فعطف "طيره" على "علي" وهو ظرف.
ومنه قوله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}، فوجود معنى الشرط في الظرف أقوى دليل على قوة شبهه بالفعل؛ لأن الشرط لا يصح إلا به. وسوغ ذلك أيضا أن قوله: [تَسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا] في معنى قوله: لكم في بطونها سقيا، ولكم فيها منافع). [المحتسب: 2/90]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم ممّا في بطونها} 21
قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم} بفتح النّون وقرأ الباقون بالرّفع قال سيبويهٍ والخليل سقيته كقوله ناولته فشرب وأسقيته جعلت له سقيا وقال آخرون سقى وأسقى لغتان وأنشدوا
[حجة القراءات: 485]
سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال). [حجة القراءات: 486]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {نَسْقِيكُمْ} [آية/ 21] بفتح النون:-
قرأها نافع وابن عامر وعاصم ياش- ويعقوب.
وقرأ الباقون و-ص- عن عاصم {نُسْقِيكُمْ} بضم النون.
وقد تقدم وجه ذلك في سورة النحل). [الموضح: 893]

قوله تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:52 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (23) إلى الآية (30) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23)}
قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)}
قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25)}
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}
قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {من كل زوجين اثنين} [27].
روى حفص عن عاصم {من كل زوجين} منونا على تقدير: اسلك فيها زوجين اثنين {من كل} أي: من كل جنس، ومن كل الحيوان، كما قال تعالى: {ولكل وجهة} أي: ولكل إنسان قبلة هو موليها؛ لأن «كلا»، و«بعضًا» يقتضيان مضافًا إليهما.
وقرأ الباقون {من كل زوجين} مضافًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/89]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (حفص عن عاصم: من كل زوجين اثنين [المؤمنون/ 27] منون. وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم بلا تنوين.
حجة قول عاصم: (من كل شيء) [الحجر/ 19] فحذف كما حذف في قوله: وكل آتوه داخرين [النمل/ 87] فزوجين على هذا مفعول به واثنين وصف له.
وأما من قال: (من كلّ زوجين) فإنه أضاف كلّا إلى زوجين واثنين انتصب على أنه مفعول به، والمعنى في قراءة عاصم: من كلّ يؤول إلى كلّ زوجين، لأن شيئا المقدّر حذفه في كلّ إنما هو ما يحمل من الأزواج التي للنسل وغيره دون الأشياء التي لا تكون أزواجا.
فقراءة الجمهور في هذا أبين، والرواية الأخرى عن عاصم أولى من هذه، كأنه وضع العام موضع الخاص. أراد من كلّ زوج الأشبه أن يريد هذا). [الحجة للقراء السبعة: 5/294]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك}
قرأ حفص {من كل زوجين} منونا أراد من كل شيء فحذف كما حذف من قوله كل أتوه و{زوجين} مفعول به و{اثنين} وصف له وتقدير الكلام اسلك فيها زوجين اثنين من كل أي من كل جنس ومن كل الحيوان كما قال {ولكل وجهة} أي ولكل إنسان قبلة لأن كلا وبعضا يقتضيان مضافا إليهما
وقرأ الباقون {من كل زوجين} مضافا أضافوا {كلا} إلى زوجين و{اثنين} مفعول به). [حجة القراءات: 486]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ} [آية/ 27] بالتنوين:
قرأها الباقون و-ياش- عن عاصم {مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ} بالإضافة.
وقد مضى وجه هذا في سورة هود). [الموضح: 894]

قوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28)}
قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (منزلًا مباركًا.. (29)
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (منزلًا) بفتح الميم، وبكسر الزاي.
وقرأ الباقون (منزلًا) بضم الميم وفتح الزاي.
[معاني القراءات وعللها: 2/189]
قال أبو منصور: من قرأ (منزلاً) فهو موضع النزول، من نزل ينزل.
ومن قرأ (منزلاً) فله وجهان:
أحدهما: مصدر أنزله إنزالاً ومنزلاً.
والوجه الثاني: الموضع الذي ينزلون فيه). [معاني القراءات وعللها: 2/190]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {أنزلني منزلا مباركًا} [29].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/88]
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر (منزلا) جعله اسما للمكان ومصدر ثلاثي:
وقرأ الباقون (منزلا) لأنه مصدر، أنزلت، إنزالا، ومنزلا مثل {أدخلني مدخل صدق} وإدخال صدق {وأنت خير المنزلين} فلو قرأ قارئ: وأنت خير المنزلين لكان صوابًا على تقدير وأنت خير المنزلين به، كما تقول: أنزلت حوائجي بك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/89]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضم الميم وفتحها من قوله عز وجل منزلا [المؤمنون/ 29] فقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (منزلا) بفتح الميم وكسر الزاي. وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: منزلا بضم الميم وفتح الزاي.
المنزل فيمن ضم الميم منه يجوز أن يكون مصدرا أو يكون
[الحجة للقراء السبعة: 5/293]
موضعا للإنزال، فإذا أراد المكان فكأنه قال: أنزلني دارا، وإذا أراد المصدر كان بمنزلة: أنزلني إنزالا مباركا، فعلى هذا الوجه يجوز أن يعدّى الفعل إلى مفعول آخر، وعلى الوجه الأول قد استوفى مفعوليه.
ومن قال: (منزلا) أمكن أن يكون مصدرا وأن يكون موضع نزول، ودلّ: (أنزلني) على نزلت، وانتصب (منزلا) على أنه محل، وعلى أنه مصدر، فإذا عنيت به المصدر جاز أن تعدّي الفعل إلى المكان). [الحجة للقراء السبعة: 5/294]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقل رب أنزلني منزلا مباركًا وأنت خير المنزلين}
قرأ أبو بكر {وقل رب أنزلني منزلا} بفتح الميم وكسر الزّاي جعله اسما للمكان كأنّه قال أنزلني دارا مباركة والمنزل اسم لكل ما نزلت فيه
وقرأ الباقون {منزلا} بضم الميم وفتح الزّاي جعلوه مصدرا بمعنى الإنزال تقول أنزلته إنزالا مباركًا ومنزلا). [حجة القراءات: 486]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {منزلًا} قرأه أبو بكر بفتح اليم وكسر الزاي، جعله مصدرًا لفعل ثلاثي كان «أنزل» في الآية، دل على «نزل» فكأنه قال: «أنزلني نزولًا مباركًا» ويجوز أن يكون اسم مكان، كأنه قال: أنزلي مكانًا مباركًا فيكون مفعولًا به، وقرأ الباقون بضم الميم وفتح الزاي، وجعلوه مصدرًا لـ «أنزل» لأن قبله {أنزلني} فأتى المصدر على المصدر، كأنه قال: أنزلني إنزالًا مباركًا، ويجوز أيضًا أن يكون اسمًا للمكان، فيكون نصبه على المفعول، وقد تقدم ذكر {هيهات هيهات} والوقف عليهما). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/128]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {مَنْزِلًا مُبَارَكًا} [آية/ 29] بفتح الميم وكسر الزاي:
قرأها عاصم وحده ياش-.
والوجه أنه يجوز أن يكون مصدرًا، وأن يكون موضع نزولٍ.
فإذا كان مصدرًا فيجوز أن يكون المفعول به محذوفًا ويكون الفعل العامل في المصدر مضمرًا يدل عليه {أَنْزِلْنِي}، كأنه قال: أنزلني مكاني لأنزله نزولًا مباركًا، فإن النزول لا يكون مصدرًا لأنزل، بل مصدرًا لنزل، والمنزل والنزول واحد، ويجوز أن يكون المفعول به هو هذا المصدر على تقدير حذف المضاف كأنه قال: أنزلني موضع نزول مباركًا؛ لأن المنزل هو النزول.
وإذا كان المنزل للموضع فيكون المنزل بمعنى موضع النزول؛ لأن مفعلًا قد يكون للمكان وهو القياس فيه؛ لأنه من نزل ينزل بكسر الزاي، فيكون المنزل على هذا مفعولًا به، وهو أظهر الوجوه.
وقرأ الباقون و-ص- عن عاصم {مُنْزَلًا} بضم الميم وفتح الزاي.
والوجه أن يجوز أن يكون مصدرًا، وأن يكون موضع إنزال.
فإن كان مصدرًا فالمفعول به محذوف، والتقدير: أنزلني مكاني إنزالًا مباركًا.
[الموضح: 894]
وإن كان موضعًا للإنزال كان مفعولًا به، والمعنى: أنزلني موضع إنزالٍ مباركًا، فيكون المُنزَل على هذا اسمًا للمكان من أنزل). [الموضح: 895]

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:55 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (31) إلى الآية (41) ]
{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}

قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31)}
قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32)}
قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)}
قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)}
قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}
قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هيهات هيهات لما توعدون (36)
اتفقوا على فتح التاء في الإدراج، ووقف الكسائي وحده على (هيهاه).
ووقف الباقون على الأولى بالتاء وعلى الثانية بالهاء.
قال أبو منصور: أما ما قاله الكسائي من الوقوف عليهما معًا بالهاء فلأن تاءهما في الأصل هاء، فإذا تحركت صارت تاء، وإذا وقفت عليها كانت هاء كهاء المؤنثات، مثل هاء الرحمة، والصلاة، والحسنة، وأمّا من وقف على الأولى بالتاء وعلى الثانية بالهاء فلأن الأولى الإدراج فيها أكثر؛ لأنها وكدت بالثانية فصارتا شيئا واحدا، وجعلوا الثانية هاء في الوقف على الأصل.
وقال أحمد بن يحيى: من جعلهما كالحرف الواحد ولا يفرد لم يقف على الأولى ووقف على الثانية بالهاء؛ كما يقف على اثنتي عشرة بالهاء، ومن نوى الإفراد وقف عليهما بالهاء، لأن الأصل الهاء، فقف كيف شئت. قال: وكأني أستحب الوقوف على التاء؛ لأن من العرب من يخفض التاء على كل حال.
قال أبو منصور: والقراء كلهم على فتح التاءين في المضي.
[معاني القراءات وعللها: 2/193]
ودخول اللام في قوله (لما توعدون) كإدخالهم اللام في (هلمّ لك)، والعرب تقول: هيهات أنت منا، وهيهات لك، وهيهات لأرضك، وهيهات لأهلك.
جعلوا (هيهات) أداة ليست مأخوذة من فعل، ولذلك جاز إدخال اللام في (لما) ). [معاني القراءات وعللها: 2/194]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي جعفر والثقفي: [هَيْهَاتِ هَيْهَاتِ]، بكسر التاء غير منونة.
وقرأ: [هَيْهَاتٍ هَيْهَاتٍِ] عيسى بن عمر:
وقرأ: [هَيْهَاتٌ هَيْهَاتٌ] رفع منون -أبو حيوة.
وقرأ: [هَيْهَاتْ هَيْهَاتْ] مرسلة التاء عيسى الهمداني، ورويت عن أبي عمرو.
[المحتسب: 2/90]
قال أبو الفتح: أما الفتح -وهي قراءة العامة- فعلى أنه واحد، وهو اسم سمي به الفعل في الخبر، وهو اسم [بَعُدَ]، كما أن شتان اسم "افترق" وأوَّتَاه اسم "أتألم"، وأُفّ اسم "أتضجر" وقد ذكرنا في "أفّ" طرفا صالحا من هذا الحديث.
ومن كسر فقال: "هيهاتٍ" منونا أو غير منون فهو جمع هيهات وأصله هيْهيات: إلا أنه حذف الألف، لأنها في آخر اسم غير متمكن، كما حذفت ياء الذي في التثنية إذا قلت: اللذان وألف ذا إذا قلت: ذان.
ومن نون ذهب إلى التنكير، أي: بُعْدًا بُعْدًا.
ومن لم ينون ذهب إلى التعريف، أراد: البُعْد البُعْد.
ومن فتح وقف بالهاء؛ لأنها كهاء أرْطَاة وسِعْلَاة.
ومن كسر كتبها بالتاء؛ لأنها جماعة، والكسرة في الجماعة بمنزلة الفتحة في الواحد، كما أن سقوط النون من ضربا بمنزلة الفتحة في ضرب طردا على سقوط النون في لن يضربا بمنزلة الفتحة في أن يضرب. فلفظ البناء في هذا كلفظ الإعراب.
ومن قال: [هيهاةٌ هيهاةٌ] فإنه يكتبها بالهاء؛ لأن أكثر القراءة [هَيْهَاةَ] بالفتح، والفتح يدل على الإفراد، والإفراد بالهاء كهاء أرطاة وعَلْقَاة، غير أن من رفع فقال: [هيهاةٌ] فإنه يحتمل أمرين:
أحدهما أن يكون أخلصها اسما معربا فيه معنى البعد، ولم يجعله اسما للفعل فيبنيه كما بنى الناس غيره، وقوله: {لِمَا تُوعَدُون} خبر عنه، كأنه قال: البعد لوعدكم، كما يقول القائل: الخلف لموعدك، والضلال لإرشادك، والخيبة لانتجاعك.
والآخر أن تكون مبنية على الضم، كما بنيت نحن عليه، وكما بنيت حَوْبُ عليه في الزجر، ثم اعتقد في التنكير فلحقه التنوين على ما مضى. ونحو من ذلك ما حُكي عن بعضهم من ضمة نون التثنية في الزيدانُ والعمرانُ.
[المحتسب: 2/91]
وأما [هيهاتْ هيهاتْ]، ساكنة بالتاء فينبغي أن يكون جماعة، وتكتب بالتاء؛ وذلك أنها لو كانت هاء كهاء علقاة وسماناة للزم في الوقف عليها أن يلفظ بالهاء كما يوقف مع الفتح فيقال: هَيْهَاه هَيْهَاه، فبقاء التاء في الوقف في السكون دليل على أنها تاء، وإذا كانت تاء فهي للجماعة، وهو أمثل من أن يعتقد فيها أنها أجريت في الوقف مجراها في الوصل من كونها تاء كقولنا: عليه السلام والرحمتْ، وقوله:
بلْ جَوْزِ تيهَاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ
لقلة هذا وكثرة الأول، وكذلك يقف الكسائي عليه، وهو عندي حسن لما ذكرته.
وعذر من وقف بالتاء كونها في أكثر الأمر مصاحبة للأخرى من بعدها، ولأنها أيضا تشبه الفعل، والفعل أبدا متطاول على الفاعل، وهذا طريق الوصل، ولأن الضمير فيها لم يؤكد قط، فأشبهت الفعل الذي لا ضمير فيه، فكان ذلك أدعى في اللفظ إلى إدراجها بالتوقع له:
والذي حسن الوقوف عليها حتى نطق بالهاء فيها ما أذكره لك، وهو أن هيهاهْ جارية مجرى الفعل في اقتضائها الفاعل، فإذا قال: هيهاتَ، فكأنه قال: بعُد بعثكُم، بعُد إنشاؤكم، بعُد إخراجكم. فإذا وقف عليه أعلم أن فيه فاعلا مضمرا وأن الكلمة قد استقلت بالضمير الذي فيها، وإذا وصلها بالأخرى أوهم حاجة الأولى إلى الآخرة فآذن بالوقوف عليها باستقلالها وغنائها عن الأخرى من بعدها، فافهم ذلك. ولا يجوز أن يكون قوله: {لِمَا تُوعَدُونَ} هو الفاعل؛ لأن حرف الجر لا يكون فاعلا، ولا يحسن اعتقاد زيادة اللام هنا
[المحتسب: 2/92]
حتى كأنه قال: بَعُدَ ما توعدون؛ لأنه لم تؤلف زيادة اللام في نحو هذا، وإنما زيدت في الموضع الذي الغرض بزيادتها فيه تمكين معنى الإضافة، كقوله:
يا بُؤْس للحربِ التي ... وَضَعَتْ أراهِطَ فاستراحُوا
وكقوله:
يا بؤسَ للجهْلِ ضرًّارًا لأقْوَام
وإذا لم يكن لها بد من الفاعل ولم يكن الظاهر بعدها فاعلا لها ففيها ضمير فاعل لا محالة، وهو ما قدمنا ذكره. ومما نون وهو مبني على الضم قوله:
سَلامُ اللهِ يا مَطَرٌ عَلَيْها ... وَلَيْسَ عَليْكَ يا مَطَرُ السلامُ
ومنه قولهم في الضجر: أفٌّ فيمن ضم ونون، ويؤنسك باستعمالهم من هذا اللفظ اسما معربا قول رؤبة:
هَيْهَاتَ من مُنْخَرِقٍ هَيَْهاؤه
فكأنه قال: بَعُدَ بُعْدُهُ، وهو كقولهم: جُنَّ جُنُونُه، وضَلَّ ضَلالُه، وقولهم: موتٌ مائتٌ، وشعرٌ شاعرٌ على طريقة المبالغة. وهيهاؤه إذًا فِعْلالُه، كزِلْزَاله وقِلْقَالِه، والهمزةُ فيه منقلبةٌ عن ياء، لأنه من باب حَاحَيْتُ وعاعَيْتُ. وقريب من لفظه ومعناه ما أنشدَناه أبو علي من قولِ بعضهم:
فَأَرْفَعُ الجفنَةَ بِالْهَيهِ الرثِعْ
[المحتسب: 2/93]
فَالْهَيْهُ: المرقّع من الناس المرذول الذي يقال له في إبعاده: هَيْهْ. فسمي بالصوت الذي يقال، كما قال الآخر
إذَا حَمَلْتُ بِزَّتِي عَلَى عَدَسْ ... فَما أُبالِي مَن مَضَى وَمَن جَلَسْ
يعني البَغْل؛ لأنه يقال له في الزجر: عَدَسْ. قال:
عَدَسْ ما لِعَبادٍ عليكَ إمارَةٌ ... نَجَوْتٍ وهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ
فَالْهَيْهُ -كما ترى- ثلاثي، وهيهات -على ما مضى- رباعي، فاللفظان أخوان، والمعنيان متقاربان؛ لأن هيهاة اسم بَعُدَ وهَيْهْ زجرٌ وإبعادٌ ونظير هَيْهْ وهَيْهَاهْ قولهم: سَلِسَ وسَلْسَلَ، وقَلِقَ وقَلْقَلَ، وجَرِجَ وجَرْجَرَ. وسألني أبو علي يوما فقال: أي شيء مثل غَوْغاء وغَوْغَاء؟ فقلت له: قولهم للمنخوب: هُوهٌ وهَوْهَاءةٌ. وينبغي أن يضاف إلى ذلك ما ذكرناه الآن من قولهم: هَيْه وهَيْهَاتْ). [المحتسب: 2/94]

قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)}
قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39)}
قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)}
قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:57 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (42) إلى الآية (50) ]
{ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44) ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) }


قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ (42)}
قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43)}
قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (رسلنا تترا.. (44)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (تترًا) منونة، ووقفا بألف.
وقرأ الباقون (تترا) غير منونة.
ووقف حمزة والكسائي بياء.
قال أبو منصور: قال أبو العباس: من قرأ (تترًا) فهو مثل شكوت شكوى، و(تترًا) كان في الأصل: وترا: فقلبت الواو تاء، فقيل: تترت تترًا.
قال وهكذا قال أبو عمرو، وهو من (تترت).
قال أبو العباس: ومن قرأ (تترا) فهو على (فعلى)، كقولك شكوت شكوى، غير منونة؛ لأن فعلى لا تنون، ونحو ذلك.
قال أبو إسحاق من قرأ بالتنوين فمعناه: وترًا، فأبدل التاء من الواو، كما أبدلت في: تولج وتراث، أصلهما: وولج ووراث.
ومن قرأ (تترا) فهو ألف التأنيث..
وأخبرني المنذري عن ابن فهم عن محمد بن سلام قال: سألت يونس عن قوله: (ثمّ أرسلنا رسلنا تترا)؟
قال: منقطعة متفاوتة، وجاءت الخيل تترا، إذا جاءت متقطعة، وكذلك الأنبياء بين كل نبيين دهر طويل.
وقال أبو هريرة:
[معاني القراءات وعللها: 2/190]
لا بأس بقضاء رمضان (تترى)، أن تصوم يومًا وتفطر يومًا، ولا يسرد القوم سردًا.
قال أبو منصور: القراءة بـ (تترًا) جائزة بمعنى: وترًا). [معاني القراءات وعللها: 2/191]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {رسلنا تترى} [44].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (تترى) منونا. والوقف على قرائتهما بالألف.
قال ابن مجاهد: ومن نون لم يقف إلا بألف.
قال أبو عبد الله: قد يجوز أن يقف بالألف وهو الاختيار كما قال، إذا جعل الألف عوضًا من التنوين، كما تقول: رأيت عمرًا تقف عمرا غير ممال
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/89]
ولا يجوز عمرى. ومن جعل الألف للإلحاق نحو أرطي ومعزى يجوز له أن يقف بالإمالة. و{تترى} يكون فعلى مثل: سكرى، ويكون فعلى مثل: أرطى. ويكون فعلا مثل: عمرًا، وهو الاختيار؛ لأنه مصدر وتر، يتر، وترا، ثم قلب من الواو تاء فقيل: تترا كما قيل تراث، ووارث.
وقرأ الباقون {تترى} على وزن سكرى غير منون، فعلى قراءة هؤلاء يجوز الوقف بالتفخيم، وبالإمالة ألفا وياء.
ومن نون فله حجة أخرى أن المصحف كتب فيه بالألف.
وأجاز سيبوية تعلمت علمي، ورأيت زيدا بالإمالة من أجل الكسرة والياء. ولا يجوز رأيت عمرا، لأنها لا كسرة هناك ولا ياء فأفخم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/90]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التنوين من قوله: تترى [المؤمنون/ 44]. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو (تترى كلّما) منونة، والوقف بالألف، وقرأ
[الحجة للقراء السبعة: 5/294]
الباقون: تترى بلا تنوين، والوقف في قراءة نافع وعاصم وابن عامر بألف، هبيرة عن حفص عن عاصم يقف بالياء.
قوله: يقف بالياء، يعني بألف ممالة. ومن نون وقف بالألف، ومن لم ينون وقف بالألف والياء.
قال أبو علي: (تترى): فعلى من المواترة، والمواترة أن تتبع الخبر الخبر، والكتاب الكتاب، ولا يكون بين ذلك فصل كبير، قال الشاعر:
قرينة سبع إن تواترن مرّة... ضربن وصفّت أرؤس وجنوب
يصف قطا انفرد بعضها عن بعض في طيرانها يقول: إن انقطعن فلم يكنّ صفّا ضربن أرؤسا وجنوبا لتصطف في طيرانها، فأعمل الفعل الثاني وحذف المفعول من الأول ليتبين الفاعل له، وقال آخر:
تواترن حتّى لم تكن لي ريبة... ولم يك عمّا خبّروا متعقّب
وقال أبو عبيدة: تترى: بعضها في إثر بعض، يقال: جاءت كتبه تترى. قال: وينوّنها بعض الناس، ومن قال في تترى إنها تفعل لم يكن غلطه غلط أهل الصناعة، والأقيس أن لا يصرف لأن المصادر تلحق أواخرها ألف التأنيث كالدعوى والعدوى والذكرى والشورى،
[الحجة للقراء السبعة: 5/295]
ولا نعلم شيئا من المصادر لحق آخره ألف الإلحاق، فمن قال: تترى، أمكن أن يريد فعلى من المواترة، فتكون الألف بدلا من التنوين. وإن كان في الخط بالياء كان للإلحاق، والإلحاق في غير المصادر ليس بالقليل نحو: أرطى ومعزى، فإن كان في الخط ياء لزم أن يحمل على فعلى دون فعلا، ومن قال: تترى، فأراد به فعلا فحكمه أن يقف بالألف مفخّمة، ولا يميلها إلا في قول من قال: رأيت عنتا، وهذا ليس بالكثير، فلا تحمل عليه القراءة. ومن جعل الألف للإلحاق أو للتأنيث أمال الألف إذا وقف عليها، وكثيرا ما تتعاقب الألف التي للإلحاق وألف التأنيث في أواخر الكلم التي لا تكون مصادر). [الحجة للقراء السبعة: 5/296]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ أرسلنا رسلنا تترا}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (ثمّ أرسلنا رسلنا تترى) منونا وقرأ الباقون تترى فعلى
ومعنى تترى من المواترة والمواترة أن يتبع الخبر الخبر والكتاب الكتاب ولا يكون بين ذلك فصل كثير قال الأصمعي المواترة من واترت الخبر أتبعت بعضه بعضًا وبين الخبر هنيهة وقال غيره المواترة المتابعة وجاء في التّفسير تترى يتبع بعضه بعضًا وقال الزّجاج وأصل هذا كله الوتر وهو الفرد أي جعلت كل واحد بعد صاحبه فردا فردا
فمن قرأ بالتّنوين فمعناه وترا فأبدل التّاء من الواو كما قالوا التكلان من الوكالة وتجاه وإنّما هو وجاه وحجته ذكرها اليزيدي فقال هي من وترت والدّليل على ذلك أنّها كتبت بالألف وهي لغة قريش ولو كانت من ذوات الياء لكانت مكتوبة بالياء تترى كما كتبوا يخشى ويرعى بالياء فذهب اليزيدي إلى أنّها بمعنى المصدر وأن الألف الّتي بعد الرّاء عوض من التّنوين في الوقف من قوله وتر يتر وترا مثل ضرب يضرب ضربا فإن قيل فأين الفعل الّذي هو صدره قلت صدر هذا المصدر عن معنى الفعل لا عن لفظه كأنّه حين قال {ثمّ أرسلنا رسلنا}
[حجة القراءات: 487]
قال وترنا رسلنا فجعل تترا صادرا عن غير لفظ الفعل
وحجّة من لم ينون أن الألف الّتي بعد الرّاء ألف تأنيث فتقول تترى على وزن فعلى مثل شكوى وهذا هو الأقيس ألا تصرف لأن المصادر تلحق أواخرها ألف التّأنيث كالدعوى والشورى والذكرى ونحوها). [حجة القراءات: 488]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {تترى} قرأه أبو عمرو وابن كثير بالتنوين، وقرأ الباقون بغير تنوين.
وحجة من نونه أنه جعله فعلًا مصدرًا من المواترة، وهي المتابعة بغير مهلة، فألفه في الوقف بدل من التنوين، ويجوز أن يكون ملحقًا بـ «جعفر»، فيكون التنوين دخل على ألف إلحاق، فأذهبها كـ «أرطى ومِعزى» ويدل على قوة كونه ملحقًا في هذه القراءة أنه في الخط بالياء، فإذا كان ملحقًا جاز أني كون في الوقف فيه على ألف الإلحاق، وتحذف ألف التنوين فتجوز إمالته لأبي عمرو كحمزة والكسائي في وصلهما ووقفهما، ويجوز أن يكون الوقف فيه على ألف التنوين، لأنه في موضع نصب، فلا تحسن فيه الإمالة حينئذٍ، والمعمول فيه الوقف على الإمالة لأبي عمرو في كل الوجوه، وهي الرواية، ولا يحسن أن تجعل الألف، في هذه القراءة، للتأنيث؛ لأن التنوين لا يدخل على ألف التأنيث في هذا البناء ألبتة.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/128]
10- وحجة من لم ينون أنه جعله «فعلى» ألفه للتأنيث، وهو مصدر من المواترة أيضًا، والمصادر يلحقها ألف التأنيث في كثير من الكلام، نحو: «الذكرى والعدوى والدعوى والشورى» والأصل فيه في القراءتين «وترا» فالتاء بدل واو، كتاء تخمة وتجاه وتراث وتكاة، ونحوه. والاختيار ترك التنوين؛ لأن الجماعة عليه، وقد ذكرنا الإمالة فيه، وأن ورشا يقرأ بين اللفظين، وذكرنا علة ذلك كله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/129]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {رُسُلَنَا تَتْرَىً} [آية/ 44] بالتنوين:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو، ووقفا بالألف.
والوجه أن ألف {تَتْرَىً} في هذه القراءة يجوز أن يكون للإلحاق نحو:
أرطى، على أن الألف في المصادر إنما تكون للتأنيث كالدعوى والذكرى والشورى، ولا تكاد تكون للإلحاق، فان {تَتْرَى} مصدر، فهو بمعنى المواترة.
ويجوز أن يكون الألف بدلًا من التنوين، وذلك لأنه منصوب، كما تقول رأيت زيدًا، والألف على هذا يكون في الخط ألفًا وليس بياء.
وقرأ الباقون {تَتْرَى} غير منون، ووصله كوقفه.
والوجه أن الألف فيه للتأنيث، فلا يدخله التنوين؛ لأنه لا ينصرف؛ لكون تأنيثه لازمًا؛ لأن الكلمة بنيت مع ألف التأنيث، والتاء الأولى من {تَتْرَى} منقلبة على الواو، كما قلبوها في نحو توراة، والأصل: وترى.
[الموضح: 895]
وأما الإمالة في ألف {تَتْرَى} فمن جعل الألف بدلًا من التنوين لم يملها، ومن جعلها للتأنيث أو للإلحاق جوَّز إمالتها). [الموضح: 896]

قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45)}
قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46)}
قوله تعالى: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47)}
قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48)}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49)}
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله [تعالى]: {إلى ربوة ذات قرار} [50].
قرأ عاصم، وابن عامر بفتح الراء.
والباقون بالضم. وقد ذكرت علة ذلك في (البقرة) وفيها سبع لغات قد ذكرتهن هناك. ومعنى {ذات قرار}، أي : إلى ربوة: منحني مرتفع، ذات قرار، أي: حول الربوة منبسط يجري فيها الماز المعين يكون مفعولاً من العيون، ويكون فعيلاً من الماعون. والمعنى: قال أبو عبيدة: تقول العرب: فلان في ربوة من أهله أي: في عز، ومنعه، وشرف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/91]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ عاصم وابن عامر: إلى ربوة [المؤمنون/ 50] بفتح الراء.
وقرأ الباقون: (إلى ربوة) بضم الراء.
التّوزي: الرّبوة والرّباوة بمعنى. وقال أبو عبيدة: فلان في ربوة قومه، أي: في عزّهم وعددهم، وقال الحسن: الربوة: دمشق). [الحجة للقراء السبعة: 5/296]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين}
قرأ عاصم وابن عامر {إلى ربوة} بالفتح وقرأ الباقون بالرّفع وهما لغتان). [حجة القراءات: 488]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {إِلَى رَبْوَةٍ} [آية/ 50] بفتح الراء:
قرأها ابن عامر وعاصم.
وقرأ الباقون {رُبْوَةٍ} بضم الراء.
وقد سبق وجه ذلك في سورة البقرة). [الموضح: 896]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة