العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:20 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يونس [ من الآية (18) إلى الآية (20) ]

تفسير سورة يونس
[ من الآية (18) إلى الآية (20) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:20 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويعبدون من دون اللّه ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون}.
يقول تعالى ذكره: ويعبد هؤلاء المشركون الّذين وصفت لك يا محمّد صفتهم من دون اللّه الّذي لا يضرّهم شيئًا ولا ينفعهم في الدّنيا ولا في الآخرة، وذلك هو الآلهة والأصنام الّتي كانوا يعبدونها. {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه} يعني أنّهم كانوا يعبدونها رجاء شفاعتها عند اللّه. قال اللّه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّموات ولا في الأرض} يقول: أتخبرون اللّه بما لا يكون في السّماوات ولا في الأرض؛ وذلك أنّ الآلهة لا تشفع لهم عند اللّه في السّماوات ولا في الأرض. وكان المشركون يزعمون أنّها تشفع لهم عند اللّه. فقال اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم: أتخبرون اللّه أنّ ما لا يشفع في السّماوات ولا في الأرض يشفع لكم فيهما، وذلك باطلٌ لا تعلم حقيقته وصحّته، بل يعلم اللّه أنّ ذلك خلاف ما تقولون وأنّها لا تشفع لأحدٍ ولا تنفع ولا تضرّ. {سبحانه وتعالى عمّا يشركون} يقول: تنزيهًا للّه وعلوًّا عمّا يفعله هؤلاء المشركون من إشراكهم في عبادة ما لا يضرّ ولا ينفع وافترائهم عليه الكذب). [جامع البيان: 12/142]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويعبدون من دون اللّه ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون (18)
قوله تعالى: ويعبدون من دون اللّه الآية
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: الأوثان.
قوله تعالى: ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه
- حدّثنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر العدنيّ ثنا الحكم ابن أبان عن عكرمة قال: قال النّضر بن الحارث، إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزّى قال فأنزل اللّه: ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه
قوله تعالى: قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض أنّ له شريكًا أم بظاهرٍ من القول تقولونه أم تجدونه في القرآن أنّ له شريكًا.
قوله: سبحانه وتعالى عمّا يشركون
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ ابن عيينة قال: سمعت صدقة يحدّث عن السّدّيّ وتعالى عمّا يشركون يقول عمّا أشرك المشركون.
- حدّثنا الحسين بن الحسن ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ ثنا حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ وتعالى عمّا يشركون قال: هو الانكفاف انكف نفسه يقول: عظّم نفسه وأنكفته الملائكة وما سبّح له.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ ثنا مهران عن سفيان عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ: وتعالى عمّا يشركون قال: هذه لقوم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1936]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 17 - 18.
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال النضر: إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى فأنزل الله {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله}). [الدر المنثور: 7/639]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان النّاس إلاّ أمّةً واحدةً فاختلفوا ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون}.
يقول تعالى ذكره: وما كان النّاس إلاّ أهل دينٍ واحدٍ وملّةٍ واحدةٍ، فاختلفوا في دينهم، فافترقت بهم السّبل في ذلك. {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك} يقول: ولولا أنّه سبق من اللّه أنّه لا يهلك قومًا إلاّ بعد انقضاء آجالهم {لقضي بينهم فيما فيه يختلفون} يقول لقضي بينهم بأن يهلك أهل الباطل منهم وينجي أهل الحقّ.
وقد بيّنّا اختلاف المختلفين في معنى ذلك في سورة البقرة، وذلك في قوله: {كان النّاس أمّةً واحدةً فبعث اللّه النّبيّين} وبيّنّا الصّواب من القول فيه بشواهده فأغنى عن إعادته في هذا الموضع.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وما كان النّاس إلاّ أمّةً واحدةً فاختلفوا} حين قتل أحد ابنيّ آدم أخاه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ بنحوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه). [جامع البيان: 12/143-144]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما كان النّاس إلّا أمّةً واحدةً فاختلفوا ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون (19)
قوله تعالى: وما كان النّاس إلا أمّةً واحدةً
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن ثنا أبو داود الحفريّ عن سفيان عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ كان النّاس أمّةً قال آدم: وروي عن الثّوريّ نحو ذلك
قد تقدّم القول في الأمّة في سورة البقرة.
قوله تعالى: فاختلفوا
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ في قول اللّه: فاختلفوا قال: اختلفوا من بعد آدم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وما كان النّاس إلا أمّةً واحدةً فاختلفوا حين قتل أحد ابني آدم أخاه
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا الحسن بن عمرٍو السّابريّ ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة: فاختلفوا فيه قال: ذكر لنا أنّه كان بين آدم ونوحٍ عشرة قرونٍ كلّهم على الهدى وعلى شريعةٍ من الحقّ ثمّ اختلفوا بعد ذلك فبعث اللّه نوحًا وكان أوّل رسولٍ أرسله اللّه إلى أهل الأرض وبعث عند الاختلاف من النّاس وترك الحقّ، فبعث اللّه رسله وأنزل كتابه ليحتجّ به على خلقه.
قوله تعالى: ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك الآية
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قوله: ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم يقول: كان النّاس أهل دينٍ واحدٍ، على دين آدم فكفروا فلولا أنّ ربّك أجّلهم إلى يوم القيامة لقضي بينهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1936-1937]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما كان الناس إلا امة واحدة فاختلفوا يعني بالناس آدم وحده فاختلفوا يعني حين قتل ابن آدم أخاه). [تفسير مجاهد: 292-293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 19.
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وما كان الناس إلا أمة واحدة} قال: على الإسلام.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله {وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا} في قراءة ابن مسعود قال: كانوا على هدى.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {وما كان الناس إلا أمة واحدة} قال: آدم عليه السلام {واحدة فاختلفوا} قال: حين قتل أحد ابني آدم أخاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما كان الناس} الآية، قال: كان الناس أهل دين واحد على دين آدم فكفروا فلولا أن ربك أجلهم إلى يوم القيامة لقضى بينهم). [الدر المنثور: 7/640]

تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقولون لولا أنزل عليه آيةٌ من ربه فقل إنّما الغيب للّه فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين}.
يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المشركون: هلاّ أنزل على محمّدٍ آيةٌ من ربه يقول: علمٌ ودليلٌ نعلم به أنّ محمّدًا محقٌ فيما يقول. قال اللّه له: فقل يا محمّد إنّما الغيب للّه، أي لا يعلم أحدٌ بفعل ذلك إلاّ هو جلّ ثناؤه، لأنّه لا يعلم الغيب وهو السّرّ والخفيّ من الأمور إلاّ اللّه، فانتظروا أيّها القوم قضاء اللّه بيننا بتعجيل عقوبته للمبطل منّا وإظهاره المحقّ عليه، إنّي معكم ممّن ينتظر ذلك. ففعل ذلك جلّ ثناؤه فقضى بينهم وبينه بأن قتلهم يوم بدرٍ بالسّيف). [جامع البيان: 12/144]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويقولون لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه فقل إنّما الغيب للّه فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين (20)
قوله تعالى: لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه الآية
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين قال خوّفهم عذابه وعقوبته ونقمته). [تفسير القرآن العظيم: 6/1937]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 20.
أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {فانتظروا إني معكم من المنتظرين} قال: خوفهم عذابه وعقوبته). [الدر المنثور: 7/640]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:21 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ويعبدون من دون الله مالا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} مجاز ما ها هنا مجاز الذين، ووقع معناها على الحجارة، وخرج كنايتها على لفظ كناية لآدميين، فقال: هؤلاء شفعاؤنا، ومثله في آية أخرى: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}، وفي آية أخرى: {إنّي رأيت أحد عشر كوكباً والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} والمستعمل في الكلام: ما تنطق هذه، ورأيتهن لي ساجدات،
وقال:

تمزّزتها والدّيك يدعو صباحه= إذا ما بنو نعشٍ دنوا فتصوّبوا
وفي آية أخرى {يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان} والمستعمل: ادخلن مساكنكن لا يحطمنكن سليمان). [مجاز القرآن: 1/276]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويعبدون من دون اللّه ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون}
المعنى: ما لا يضرهم إن لم يعبدوه، ولا ينفعهم إن عبدوه.
{ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّماوات ولا في الأرض}.
أي أتعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يميّز، وتزعمون أنها تشفع عند اللّه، فتخبرون بالكذب). [معاني القرآن: 3/11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم}
أي ما لا يضرهم إن لم يعبدوه ولا ينفعهم إن عبدوه
ثم قال جل وعز: {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبؤن الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض}
أي أتعبدون ما لا يشفع ولا ينصر ولا يميز وتقولون هو يشفع لنا عند الله فتكذبون وهل يتهيأ لكم أن تنبؤه بما لا يعلم). [معاني القرآن: 3/283]

تفسير قوله تعالى: روَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما كان النّاس إلاّ أمّةً واحدةً فاختلفوا ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون}
وقال: {وما كان النّاس إلاّ أمّةً واحدةً} على خبر "كان" كما قال: {إن كانت إلاّ صيحةً واحدةً}. [أي] "إن كانت تلك إلا صيحة واحدة"). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولو لا كلمةٌ سبقت من ربّك} أي نظرة إلى يوم القيامة). [تفسير غريب القرآن: 194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كان النّاس إلّا أمّة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون}
قيل يعنى بالناس ههنا العرب الذين كانوا على الشرك.
اختلفوا: آمن بعض وكفر بعض.
وقيل: ما كان الناس إلا أمّة واحدة، أي ولدوا على الفطرة، واختلفوا بعد الفطرة.
{ولولا كلمة سبقت من ربّك لقضي بينهم}.
ويجوز لقضى بينهم، أي لولا أنّ اللّه - جلّ وعزّ - جعل لهم أجلا في - القضاء بينهم، لفصل بينهم في وقت اختلافهم.
و{بين} منصوبة لأنها ظرف). [معاني القرآن: 3/11-12]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا}
فيه ثلاثة أقوال:
أبينها : قول مجاهد وهو أنهم كانوا في وقت آدم على دين واحد ثم اختلفوا
والقول الثاني : أن هذا عام يراد به الخاص وأنه يراد بالناس ههنا العرب خاصة
والقول الثالث: أنه مثل قوله كل مولود يولد على الفطرة أي ثم يختلفون بعد ذلك). [معاني القرآن: 3/283-284]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:22 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:22 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:22 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:53 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:53 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله ويعبدون من دون اللّه ما لا يضرّهم الآية، الضمير في يعبدون عائد على الكفار من قريش الذين تقدّمت محاورتهم، وما لا يضرّهم ولا ينفعهم هي الأصنام، وقولهم هؤلاء شفعاؤنا هو مذهب النبلاء منهم، فأمر الله تعالى نبيه عليه السلام أن يقررهم ويوبخهم أهم يعلمون الله بأنباء من السماوات والأرض لا يعلمها هو؟ وذكر السّماوات لأن من العرب من يعبد الملائكة والشعرى، وبحسب هذا حسن أن يقول: هؤلاء، وقيل ذلك على تجوز الأصنام التي لا تعقل، وفي التوقيف على هذا أعظم غلبة لهم، ولا يمكنهم ألا أن يقولوا: لا نفعل ولا نقدر، وذلك لهم لازم من قولهم:هؤلاء شفعاؤنا، وسبحانه استئناف تنزيه لله عز وجل، وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر هنا: «عما يشركون» بالياء على الغيبة، وفي حرفين في النحل وحرف في الروم وحرف في النمل، وذكر أبو حاتم أنه قرأها كذلك نافع والحسن والأعرج وابن القعقاع وشيبة وحميد وطلحة والأعمش، وقرأ ابن كثير ونافع هنا وفي النمل فقط «تشركون» بالتاء على مخاطبة الحاضر، وقرأ حمزة والكسائي الخمسة الأحرف بالتاء وهي قراءة أبي عبد الرحمن). [المحرر الوجيز: 4/ 262-263]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وما كان النّاس إلاّ أمّةً واحدةً فاختلفوا ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون (19) ويقولون لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه فقل إنّما الغيب للّه فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين (20) وإذا أذقنا النّاس رحمةً من بعد ضرّاء مسّتهم إذا لهم مكرٌ في آياتنا قل اللّه أسرع مكراً إنّ رسلنا يكتبون ما تمكرون (21)
قالت فرقة: المراد آدم كان أمة واحدة ثم اختلف الناس بعد في أمر ابنيه وقالت فرقة: المراد نسم بنيه إذ استخرجهم الله من ظهره وأشهدهم على أنفسهم، وقالت فرقة: المراد آدم وبنوه من لدن نزوله إلى قتل أحد ابنيه الآخر، وقالت فرقة: المراد وما كان النّاس إلّا أمّةً واحدةً في الضلالة والجهل بالله فاختلفوا فرقا في ذلك بحسب الجهالة، ويحتمل أن يكون المعنى كان الناس صنفا واحدا معدا للاهتداء، واستيفاء القول في هذا متقدم في سورة البقرة في قوله كان النّاس أمّةً واحدةً [البقرة: 213]. وقرأ الحسن بن أبي الحسن وأبو جعفر ونافع وشيبة وأبو عمرو «لقضي بينهم» بضم القاف وكسر الضاد، وقرأ عيسى بن عمر «لقضى» بفتحهما على الفعل الماضي، وقوله ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك يريد قضاءه وتقديره لبني آدم بالآجال الموقتة، ويحتمل أن يريد «الكلمة» في أمر القيامة وأن العقاب والثواب إنما كان حينئذ). [المحرر الوجيز: 4/ 263-264]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ويقولون لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه الآية، يريدون بقولهم آيةٌ من ربّه آية، تضطر الناس إلى الإيمان وهذا النوع من الآيات لم يأت بها نبي قط ولا هي المعجزات اضطرارية وإنما هي معرضة للنظر ليهتدي قوم ويضل آخرون، وقوله فقل إنّما الغيب للّه إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل لا يطلع على غيبه أحد، وقوله فانتظروا وعيد قد صدقه الله تعالى بنصرته محمدا صلى الله عليه وسلم، قال الطبري: في بدر وغيره). [المحرر الوجيز: 4/ 264]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:54 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:54 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ويعبدون من دون اللّه ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون (18) وما كان النّاس إلّا أمّةً واحدةً فاختلفوا ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون (19) }
ينكر تعالى على المشركين الّذين عبدوا مع اللّه غيره، ظانّين أنّ تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند اللّه، فأخبر تعالى أنّها لا تنفع ولا تضرّ ولا تملك شيئًا، ولا يقع شيءٌ ممّا يزعمون فيها، ولا يكون هذا أبدًا؛ ولهذا قال تعالى: {قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّماوات ولا في الأرض}.
وقال ابن جريرٍ: معناه أتخبّرون اللّه بما لا يكون في السّماوات ولا في الأرض؟ ثمّ نزّه نفسه عن شركهم وكفرهم، فقال: {سبحانه وتعالى عمّا يشركون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 256]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبر تعالى أنّ هذا الشّرك حادثٌ في النّاس، كائنٌ بعد أن لم يكن، وأنّ النّاس كلّهم كانوا على دينٍ واحدٍ، وهو الإسلام؛ قال ابن عبّاسٍ: كان بين آدم ونوحٍ عشرة قرونٍ، كلّهم على الإسلام، ثمّ وقع الاختلاف بين النّاس، وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان، فبعث اللّه الرّسل بآياته وبيّناته وحججه البالغة وبراهينه الدّامغة، {ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيا من حيّ عن بيّنةٍ} [الأنفال: 42].
وقوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون} أي: لولا ما تقدّم من اللّه تعالى أنّه لا يعذّب أحدًا إلّا بعد قيام الحجّة عليه؛ وأنّه قد أجّل الخلق إلى أجلٍ معدودٍ لقضى بينهم فيما فيه اختلفوا، فأسعد المؤمنين، وأعنت الكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 257]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ويقولون لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه فقل إنّما الغيب للّه فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين (20) }
أي: ويقول هؤلاء الكفرة [الملحدون] المكذّبون المعاندون: "لولا أنزل على محمّدٍ آيةٌ من ربّه"، يعنون كما أعطى اللّه ثمود النّاقة، أو أن يحوّل لهم الصّفا ذهبا، أو يزيح عنهم جبال مكّة ويجعل مكانها بساتين وأنهارًا، ونحو ذلك ممّا اللّه عليه قادرٌ ولكنّه حكيمٌ في أفعاله وأقواله، كما قال تعالى: {تبارك الّذي إن شاء جعل لك خيرًا من ذلك جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورًا} [الفرقان: 10، 11] وقال تعالى: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأوّلون وآتينا ثمود النّاقة مبصرةً فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا} [الإسراء: 59]، يقول تعالى: إنّ سنّتي في خلقي أنّي إذا آتيتهم ما سألوا، فإن آمنوا وإلّا عاجلتهم بالعقوبة. ولهذا لمّا خيّر رسول اللّه، عليه الصّلاة والسّلام، بين أن يعطى ما سألوا، فإن أجابوا وإلّا عوجلوا، وبين أن يتركهم وينظرهم، اختار إنظارهم، كما حلم عنهم غير مرّةٍ، صلوات اللّه عليه؛ ولهذا قال تعالى إرشادًا لنبيّه إلى الجواب عمّا سألوا: {فقل إنّما الغيب للّه} أي: الأمر كلّه للّه، وهو يعلم العواقب في الأمور، {فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين} أي: إن كنتم لا تؤمّنون حتّى تشاهدوا ما سألتم فانتظروا حكم اللّه فيّ وفيكم. هذا مع أنّهم قد شاهدوا من معجزاته، عليه السّلام أعظم ممّا سألوا حين أشار بحضرتهم إلى القمر ليلة إبداره، فانشقّ باثنتين فرقةٍ من وراء الجبل، وفرقةٍ من دونه. وهذا أعظم من سائر الآيات الأرضيّة ممّا سألوا وما لم يسألوا، ولو علم اللّه منهم أنّهم سألوا ذلك استرشادًا وتثبّتًا لأجابهم، ولكن علم أنّهم إنّما يسألون عنادًا وتعنّتًا، فتركهم فيما رابهم، وعلم أنّهم لا يؤمن منهم أحدٌ، كما قال تعالى: {إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97]، وقال تعالى: {ولو أنّنا نزلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم كلّ شيءٍ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء اللّه ولكنّ أكثرهم يجهلون} [الأنعام: 111]، ولما فيهم من المكابرة، كما قال تعالى: {ولو فتحنا عليهم بابًا من السّماء فظلّوا فيه يعرجون لقالوا إنّما سكّرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون} [الحجر: 14، 15]، وقال تعالى: {وإن يروا كسفًا من السّماء ساقطًا يقولوا سحابٌ مركومٌ} [الطّور: 44]، وقال تعالى: {ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاسٍ فلمسوه بأيديهم لقال الّذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} [الأنعام: 7]، فمثل هؤلاء أقلّ من أن يجابوا إلى ما سألوه؛ لأنّه لا فائدة في جواب هؤلاء؛ لأنّه دائرٌ على تعنّتهم وعنادهم، لكثرة فجورهم وفسادهم؛ ولهذا قال: {فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين} ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 257-258]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة