جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بشر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ويسقى من ماء صديد * يتجرعه} [سورة إبراهيم: 16-17]، قال: يقرب إليه، فيكرهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، وإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل: {وسقوا ماءً حميمًا فقطع أمعاءهم} [سورة محمد:15] ويقول الله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب} [سورة الكهف: 29] ). [الزهد لابن المبارك: 2/587]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله إن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل قال ذكر لنا أن ابن مسعود قال هو الذهب والفضة يسكبان جميعا). [تفسير عبد الرزاق: 1/402]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا جعفر بن سليمان عن سعيد الجزري عن كعب قال هم والذي نفس كعب بيده هم الذين عنوا بهذه الصفة أهل الصلوات الخمس الدائبون عليها في الجماعة). [تفسير عبد الرزاق: 1/402]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في قوله تعالى سرادقها قال دخان يحيط بالكافر يوم القيامة وهو الذي قال الله انطلقوا إلى ظل ذي ثلث شعب). [تفسير عبد الرزاق: 1/402]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({سرادقها} [الكهف: 29] : «مثل السّرادق، والحجرة الّتي تطيف بالفساطيط»). [صحيح البخاري: 6/88]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله سرادقها مثل السّرادق والحجرة الّتي تطيف بالفساطيط هو قول أبي عبيدة لكنّه تصرّف فيه قال أبو عبيدة في قوله أحاط بهم سرادقها كسرادق الفسطاط وهي الحجرة الّتي تطوف بالفسطاط قال الشّاعر:
سرادق المجد عليك ممدودٌ
وروى الطّبريّ من طريق بن عبّاسٍ بإسنادٍ منقطعٍ قال سرادقها حائطٌ من نارٍ). [فتح الباري: 8/408]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (سرادقها
مثل السّرادق والحجرة الّتي تطيف بالفساطيط
أشار به إلى قوله تعالى: {إنّا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها} (الكهف: 29) والضّمير في سرادقها يرجع إلى النّار، والمعنى أن سرادق النّار مثل السرادق، والحجرة الّتي تطيف أي تحيط بالفساطيط وهو جمع فسطاط وهي الخيمة العظيمة، والسرادق هو الّذي يمد فوق صحن الدّار ويطيف به ويقاربه. وفي التّفسير عن أبي سعيد الخدريّ عن النّبي صلى الله عليه وسلم، قال: سرادق النّار أربع جدر كتف كل واحدة مسيرة أربعين سنة. وعن ابن عبّاس: السرادق حائط من نار، وعن الكلبيّ: هو عنق يخرج من النّار فيحيط بالكفار كالحظيرة، وعن القتبي: السرادق الحجرة الّتي تكون حول الفسطاط، وهو هنا دخان محيط بالكفار يوم القيامة). [عمدة القاري: 19/38-39]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({سرادقها}) في قوله: {إنّا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها} [الكهف: 29] والضمير يرجع إلى النار والمعنى أن سرادق النار (مثل السرادق والحجرة) بالراء (التي تطيف بالفساطيط) أي تحيط بها والفساطيط جمع فسطاط وهي الخيمة العظيمة والسرداق الذي يمدّ فوق صحن الدار ويطيف به وقيل سرادقها دخانها وقيل حائط من نار). [إرشاد الساري: 7/215]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وقل يا محمّد لهؤلاء الّذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا، واتّبعوا أهواءهم: الحقّ أيّها النّاس من عند ربّكم، وإليه التّوفيق والخذلان، وبيده الهدى والضّلال يهدي من يشاء منكم للرّشاد، فيؤمن، ويضلّ من يشاء عن الهدى فيكفر، ليس إليّ من ذلك شيءٌ، ولست بطاردٍ لهواكم من كان للحقّ متّبعًا، وباللّه وبما أنزل عليّ مؤمنًا، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا، فإنّكم إن كفرتم فقد أعدّ لكم ربّكم على كفركم به نارًا أحاط بكم سرادقها، وإن آمنتم به وعملتم بطاعته، فإنّ لكم ما وصف اللّه لأهل طاعته.
وروي عن ابن عبّاس في ذلك ما؛
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} يقول: من شاء اللّه له الإيمان آمن، ومن شاء اللّه له الكفر كفر، وهو قوله: {وما تشاءون إلاّ أن يشاء اللّه ربّ العالمين}.
وليس هذا بإطلاقٍ من اللّه الكفر لمن شاء، والإيمان لمن أراد، وإنّما هو تهديدٌ ووعيدٌ وقد بيّن أنّ ذلك كذلك قوله: {إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا} والآيات بعدها. كما؛
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن عمر بن حبيبٍ، عن داود، عن مجاهدٍ، في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}. قال: وعيدٌ من اللّه، فليس بمعجزي.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} وقوله {اعملوا ما شئتم} قال: هذا كلّه وعيدٌ ليس مصانعةً ولا مراشاةً ولا تفويضًا.
وقوله: {إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا} يقول تعالى ذكره: إنّا أعددنا، وهو من العدّة. للظّالمين: الّذين كفروا بربّهم ناراً. كما؛
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا أحاط بهم سرادقها} قال: للكافرين.
وقوله: {أحاط بهم سرادقها} يقول: أحاط سرادق النّار الّتي أعدّها اللّه للكافرين بربّهم.
وذلك فيما قيل: حائطٌ من نارٍ يطيف بهم كسرادق الفسطاط، وهي الحجرة الّتي تطيف بالفسطاط، كما قال رؤبة:
يا حكم بن المنذر بن الجارود = سرادق الفضل عليك ممدود
كما قال سلامة بن جندلٍ:
هو المولج النّعمان بيتًا سماؤه = صدور الفيول بعد بيتٍ مسردق
يعني: بيتًا له سرادق
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، في قوله: {إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا أحاط بهم سرادقها} قال: هي حائطٌ من نارٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عمّن أخبره قال {أحاط بهم سرادقها} قال: دخانٌ يحيط بالكفّار يوم القيامة، وهو الّذي قال اللّه: {ظلٍّ ذي ثلاث شعبٍ}.
وقد روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في ذلك خبرٌ يدلّ على أنّ معنى قوله {أحاط بهم سرادقها} أحاط بهم ذلك في الدّنيا، وأنّ ذلك السّرادق هو البحر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحسين بن نصرٍ، والعبّاس بن محمّدٍ، قالا: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عبد اللّه بن أميّة، قال: حدّثنا محمّد بن حييّ بن يعلى، عن صفوان بن يعلى، عن يعلى بن أميّة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " البحر هو جهنّم " قال: فقيل له: كيف ذلك، فتلا هذه الآية، أو قرأ هذه الآية: {نارًا أحاط بهم سرادقها} ثمّ قال: واللّه لا أدخلها أبدًا أو ما دمت حيًّا، ولا تصيبني منها قطرةٌ.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا يعمر بن بشرٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا رشدين بن سعدٍ، قال: حدّثني عمرو بن الحارث، عن أبي السّمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " سرادق النّار أربعة جدرٍ، كثف كلّ واحدٍ مثل مسيرة أربعين سنةً ".
- حدّثنا يونس، قال: حدّثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: " إنّ لسرادق النّار أربعة جدرٍ، كثف كلّ جدارٍ منها مسيرة أربعين سنةً ".
وقوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل} يقول تعالى ذكره: وإن يستغث هؤلاء الظّالمون يوم القيامة في النّار من شدّة ما بهم من العطش، فيطلبون الماء يغاثوا بماء كالمهل.
واختلف أهل التّأويل في المهل، فقال بعضهم: هو كلّ شيءٍ أذيب وانماع.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ ابن مسعودٍ، أهديت إليه سقايةٌ من ذهبٍ وفضّةٍ، فأمر بأخدودٍ فخدّ في الأرض، ثمّ قذف فيه من جزل حطبٍ، ثمّ قذف فيه تلك السّقاية، حتّى إذا أزبدت وانماعت قال لغلامه: ادع من يحضرنا من أهل الكوفة، فدعا رهطًا، فلمّا دخلوا عليه قال: أترون هذا؟ قالوا: نعم، قال: ما رأينا في الدّنيا شبيهًا للمهل أدنى من هذا الذّهب والفضّة، حين أزبد وانماع.
وقال آخرون: هو القيح والدّم الأسود
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل} قال: القيح والدّم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {بماءٍ كالمهل} قال: القيح والدّم الأسود، كعكر الزّيت قال الحارث في حديثه: يعني درديّه.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كالمهل} قال: يقول: أسود كهيئة الزّيت.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بماءٍ كالمهل} ماء جهنّم أسود، وهي سوداء، وشجرها أسود، وأهلها سودٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل} قال: هو ماءٌ غليظٌ مثل درديّ الزّيت.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرٌو، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " ماءٌ كالمهل "، قال: " كعكر الزّيت، فإذا قرّبه إليه سقط فروة وجهه فيه "
وقال آخرون: هو الشّيء الّذي قد انتهى حرّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، وهارون بن عنترة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: المهل: هو الّذي قد انتهى حرّه.
وهذه الأقوال وإن اختلفت بها ألفاظ قائليها، فمتقاربات المعنى، وذلك أنّ كلّ ما أذيب من رصاص أو ذهبٍ أو فضّةٍ فقد انتهى حرّه، وأنّ ما أوقدت عليه من ذلك النّار حتّى صار كدرديّ الزّيت، فقد انتهى أيضًا حرّه.
- وقد حدّثت عن معمر بن المثنّى، أنّه قال: سمعت المنتجع بن نبهان، يقول: واللّه لفلانٌ أبغض إليّ من الطّلياء والمهل، قال: فقلنا له: وما هما؟ فقال: الجرباء، والملّة الّتي تنحدر عن جوانب الخبزة إذا ملّت في النّار من النّار، كأنّها سهلةٌ حمراء مدقّقةٌ، فهي جمره.
فالمهل إذًا هو كلّ مائعٍ قد أوقد عليه حتّى بلغ غاية حرّه، أو لم يكن مائعًا، فانماع بالوقود عليه، وبلغ أقصى الغاية في شدّة الحرّ.
وقوله: {يشوي الوجوه بئس الشّراب} يقول جلّ ثناؤه: يشوي ذلك الماء الّذي يغاثون به وجوههم. كما؛
- حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا حيوة بن شريحٍ، قال: حدّثنا بقيّة، عن صفوان بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن بسرٍ، هكذا قال ابن خلفٍ عن أبي أمامة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، في قوله {ويسقى من ماءٍ صديدٍ يتجرّعه} قال: " يقرّب إليه فيتكرّهه، فإذا قرّب منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه "، يقول اللّه: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب}.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الطّالقانيّ ويعمر بن بشرٍ، قالا: حدّثنا ابن المبارك، عن صفوان، عن عبيد اللّه بن بسرٍ، عن أبي أمامة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، وهارون بن عنترة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال هارون: إذا عام أهل النّار. وقال جعفرٌ: إذا جاع أهل النّار استغاثوا بشجرة الزّقّوم، فأكلوا منها، فاختلست جلود وجوههم، فلو أنّ مارًّا مارّ بهم يعرف جلود وجوههم فيها، ثمّ يصبّ عليهم العطش، فيستغيثون، فيغاثون بماءٍ كالمهل وهو الّذي قد انتهى حرّه، فإذا أدنوه من أفواههم انشوى من حرّه لحوم وجوههم الّتي قد سقطت عنها الجلود.
وقوله: {بئس الشّراب} يقول تعالى ذكره: بئس الشّراب، هذا الماء الّذي يغاث به هؤلاء الظّالمون في جهنّم الّذي صفته ما وصف في هذه الآية.
وقوله: {وساءت مرتفقًا} يقول تعالى ذكره: وساءت هذه النّار الّتي أعتدناها لهؤلاء الظّالمين مرتفقًا.
والمرتفق في كلام العرب: المتّكأ، يقال منه: ارتفقت إذا اتّكأت، كما قال الشّاعر:
قالت له وارتفقت ألا فتًى = يسوق بالقوم غزالات الضّحى
أراد: واتّكأت على مرفقها، وقد ارتفق الرّجل: إذا بات على مرفقه لا يأتيه نومٌ، وهو مرتفقٌ، كما قال أبو ذؤيبٍ الهذليّ:
نام الخليّ وبتّ اللّيل مرتفقًا = كأنّ عيني فيها الصّاب مذبوح
وأمّا من الرّفق فإنّه يقال: قد ارتفقت بك مرتفقًا.
وكان مجاهدٌ يتأوّل قوله: {وساءت مرتفقًا} يعني المجتمع
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {مرتفقًا} أي مجتمعًا.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا معتمرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {وساءت مرتفقًا} قال: مجتمعًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله.
ولست أعرف الارتفاق بمعنى الاجتماع في كلام العرب، وإنّما الارتفاق افتعالٌ، إمّا من المرفق، وإمّا من الرّفق). [جامع البيان: 15/243-253]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يغاثوا بماء كالمهل قال مثل القيح والدم أسود كعكر الزيت). [تفسير مجاهد: 376]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وساءت مرتفقا يقول ساءت مجتمعا). [تفسير مجاهد: 376]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، أنبأ السّريّ بن خزيمة، ثنا سعيد بن هبيرة، ثنا عبد اللّه بن المبارك، أنبأ صفوان بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن بسرٍ، عن أبي أمامة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله عزّ وجلّ: {ويسقى من ماءٍ صديدٍ يتجرّعه} [إبراهيم: 17] قال: «يقرّب إليه فيتكرّهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتّى يخرج من دبره» يقول اللّه عزّ وجلّ: {وسقوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهم} [محمد: 15] ويقول اللّه عزّ وجلّ {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب} [الكهف: 29] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/400]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وقل الحق من ربكم} قال: الحق هو القرآن). [الدر المنثور: 9/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج حنيش في الاستقامة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} يقول: من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء الله له الكفر كفر وهو قوله: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} التكوير آية 29). [الدر المنثور: 9/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال: هذا تهديد ووعيد). [الدر المنثور: 9/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن رباح بن زياد قال: سألت عمر بن حبيب عن قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال: حدثني داود بن نافع أن مجاهدا كان يقول: فليس بمعجزي وعيد من الله). [الدر المنثور: 9/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {أحاط بهم سرادقها} قال: حائط من نار). [الدر المنثور: 9/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وابن جرير وأبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: السرادق النار أربعة جدر كافة كل جدار منها أربعون سنة). [الدر المنثور: 9/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن يعلى بن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن البحر من جهنم ثم تلا {نارا أحاط بهم سرادقها} ). [الدر المنثور: 9/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة أن الأحنف بن قيس كان لا ينام في السرادق ويقول: لم يذكر السرادق إلا لأهل النار). [الدر المنثور: 9/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والترمذي وأبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {بماء كالمهل} قال: كعكر الزيت فإذا أقرب إليه سقطت فروة وجهه فيه). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كالمهل} يقول: أسود كعكر الزيت). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وهناد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطية قال: سئل ابن عباس عن المهل قال: ماء غليظ كدردي الزيت). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، وعبد بن حميد، وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: {كالمهل} قال: كدردي الزيت). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: المهل دردي الزيت). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك في قوله: {كالمهل} قال: المهل دردي الزيت). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن المهل فدعا بهذب وفضة فإذا به قلما ذاب، قال: هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار ولونه لون السماء غير أن شراب أهل النار أشدا حرا من هذا). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {كالمهل} قال: القيح والدم أسود كعكر الزيت). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {كالمهل} قال: أسود وهي سوداء وأهلها سود). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن خصيف قال: المهل النحاس إذا أذيب فهو أشد حرا من النار). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحكم في قوله: {كالمهل} قال: مثل الفضة إذا أذيبت). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله: {كالمهل} قال: أشد ما يكون حرا). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: هل تدرون ما المهل مهل الزيت: يعني آخره). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وساءت مرتفقا} قال: مجتمعا). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وساءت مرتفقا} قال: منزلا). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وساءت مرتفقا} قال: عليها مرتفقون على الحميم حين يشربون والإرتفاق هو المتكأ). [الدر المنثور: 9/533]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا رجل، عن موسى بن عبيدة، عن المقبري، أنه بلغه عن عيسى ابن مريم كان يقول: يا ابن آدم، إذا عملت الحسنة فاله عنها، فإنها عند من لا يضيعها، ثم تلا: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} [سورة الكهف:30]، وإذا عملت السيئة فاجعلها نصب عينيك). [الزهد لابن المبارك: 2/131]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين صدّقوا اللّه ورسوله، وعملوا بطاعة اللّه، وانتهوا إلى أمره ونهيه، إنّا لا نضيع ثواب من أحسن عملاً، فأطاع اللّه، واتّبع أمره ونهيه، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنّاتٍ عدنٍ تجري من تحتها الأنهار.
فإن قال قائلٌ: وأين خبر " إنّ " الأولى؟
قيل: جائزٌ أن يكون خبرها قوله: {إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً} فيكون معنى الكلام: إنّا لا نضيع أجر من عمل صالحًا، فترك الكلام الأوّل، واعتمد على الثّاني بنيّة التّكرير، كما قيل: {يسألونك عن الشّهر الحرام قتالٍ فيه} بمعنى: عن قتالٍ، فيه على التّكرير، وكما قال الشّاعر:
إنّ الخليفة إنّ اللّه سربله = سربال ملكٍ به ترجى الخواتيم
ويروى: تزجى.
وجائزٌ أن يكون: {إنّ الّذين آمنوا} جزاءً، فيكون معنى الكلام: إنّ من عمل صالحًا فإنّا لا نضيع أجره، فتضمن الفاء في قوله " إنّا ".
وجائزٌ أن يكون خبرها: أولئك لهم جنّات عدنٍ، فيكون معنى الكلام: إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم جنّات عدنٍ). [جامع البيان: 15/254]
تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في قوله تعالى من سندس وإستبرق قال الإستبرق هو الديباج). [تفسير عبد الرزاق: 1/403]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في وقوله تعالى على الأرائك قال على السرر في الحجال.
قال قتادة هي الحجال). [تفسير عبد الرزاق: 1/403]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن همام بم منبه قال سمعت أبا هريرة يقول قال أبو القاسم أول زمرة تلج الجنة وجوههم على صورة القمر ليلة البدر لا يمتخطون ولا يبصقون ولا يتفوطون آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم اللؤلؤة ورشحهم المسك لكل امرئ منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا). [تفسير عبد الرزاق: 1/403]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال أهل الجنة ينكحون النساء لا يلدن وليس فيها مني ولا منية). [تفسير عبد الرزاق: 1/403-404]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله {من سندس وإستبرق} قال هو غليظ الديباج). [تفسير عبد الرزاق: 2/267] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك لهم جنّات عدنٍ تجري من تحتهم الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندسٍ وإستبرقٍ متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقًا}.
يقول تعالى ذكره: لهؤلاء الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّات عدنٍ، يعني بساتين إقامةٍ في الآخرة. {تجري من تحتهم الأنهار} يقول: تجري من دونهم وبين أيديهم الأنهار. وقال جلّ ثناؤه: {من تحتهم} ومعناه: من دونهم وبين أيديهم.
{يحلّون فيها من أساور} يقول: يلبسون فيها من الحليّ أساور من ذهبٍ، والأساور: جمع إسوارٍ.
وقوله: {ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندس} والسّندس: جمعٌ واحدها سندسةٌ، وهي ما رقّ من الدّيباج. والإستبرق: ما غلظ منه وثخن، وقيل: إنّ الإستبرق: هو الحرير، ومنه قول المرقّش:
تراهنّ يلبسن المشاعر مرّةً = وإستبرق الدّيباج طورًا لباسها
يعني: وغليظ الدّيباج.
وقوله: {متّكئين فيها على الأرائك} يقول: متّكئين في جنّات عدنٍ على الأرائك، وهي السّرر في الحجال، واحدتها: أريكةٌ، ومنه قول الشّاعر:
خدودًا جفت في السّير حتّى كأنّما = يباشرن بالمعزاء مسّ الأرائك
ومنه قول الأعشى:
بين الرّواق وجانبٍ من سترها = منها وبين أريكة الأنضاد
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {على الأرائك} قال: هي الحجال.
قال معمرٌ، وقال غيره: السّرر في الحجال
وقوله: {نعم الثّواب} يقول: نعم الثّواب جنّات عدنٍ، وما وصف جلّ ثناؤه أنّه جعل لهؤلاء الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات. {وحسنت مرتفقًا} يقول: وحسنت هذه الأرائك في هذه الجنان الّتي وصف تعالى ذكره في هذه الآية متّكأً.
وقال عز وجلّ: {وحسنت مرتفقًا} فأنّث الفعل بمعنى: وحسنت هذه الأرائك مرتفقًا، ولو ذكّر لتذكير المرتفق كان صوابًا، لأنّ نعم وبئس إنّما تدخلهما العرب في الكلام لتدلاّ على المدح والذّمّ لا للفعل، فلذلك تذكّرهما مع المؤنّث، وتوحّدهما مع الاثنين والجماعة). [جامع البيان: 15/254-256]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 31.
أخرج ابن المبارك، وابن أبي حاتم عن المقبري قال: بلغني أن عيسى ابن مريم كان يقول: يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها عند من لا يضيعها، ثم تلا {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينيك). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن سعد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوءه ضوء الشمس كما يطمس ضوء النجوم). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعا لكان ما يحليه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا). [الدر المنثور: 9/534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب الأحبار قال: إن لله ملكا - وفي لفظ -: في الجنة ملك لو شئت أن أسميه لسميته يصوغ حلى أهل الجنة من يوم خلق إلى أن تقوم الساعة ولو أن حليا منها أخرج لرد شعاع الشمس، وإن لأهل الجنة أكاليل من در لو أن إكليلا منها دلي من السماء الدنيا لذهب بضوء الشمس كما تذهب الشمس بضوء القمر). [الدر المنثور: 9/534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة قال: إن أهل الجنة يحلون أسورة من ذهب ولؤلؤ وفضة هي أخف عليهم من كل شيء إنما هي نور). [الدر المنثور: 9/534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {أساور من ذهب} قال: الأساور المسك). [الدر المنثور: 9/534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء). [الدر المنثور: 9/535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي والحاكم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول: إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا). [الدر المنثور: 9/535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي والبخاري في تاريخه والنسائي والبزار، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو قال: قال رجل: يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة، أخلقا تخلق أم نسجا تنسج قال: بل يشقق عنها ثمر الجنة.
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر نحوه). [الدر المنثور: 9/535-536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي الخير مرثد بن عبد الله قال: في الجنة شجرة تنبت السندس منه يكون ثياب أهل الجنة). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن الضحاك قال: الاستبرق الديباج الغليظ وهو بلغة العجم استبره). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن عكرمة قال: الاستبرق الديباج الغليظ). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال: الاستبرق الغليظ من الديباج). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن سابط قال: يبعث الله إلى العبد من أهل الجنة بالكسوة فتعجبه فيقول: لقد رأيت الجنان فما رأيت مثل هذه الكسوة قط فيقول الرسول الذي جاء بالكسوة: إن ربك يأمر أن تهيئ لهذا العبد مثل هذه الكسوة ما شاء). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم). [الدر المنثور: 9/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سليم بن عامر قال: إن الرجل من أهل الجنة يلبس الحلة من حلل أهل الجنة فيضعها بين أصبعيه فما يرى منها شيء وإنه يلبسها فيتعفر حتى تغطي قدميه يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوبا، إن أدناها مثل شقيق النعمان وإنه يلبس سبعين ثوبا يكاد أن يتوارى وما يستطيع أحد في الدنيا أن يلبس سبعة أثواب ما يسعه عنقه). [الدر المنثور: 9/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كفن ميتا كساه الله من سندس واستبرق الجنة). [الدر المنثور: 9/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه). [الدر المنثور: 9/537-538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت قال: بلغنا أن الرجل يتكئ في الجنة سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن يراهن من قبل ذلك فيقلن: قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا). [الدر المنثور: 9/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأرائك السرر في جوف الحجال، عليها الفرش منضود في السماء فرسخ). [الدر المنثور: 9/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا تكون أريكة حتى يكون السرير في الحجلة فإن كان بغير حجلة لم يكن أريكة وإن كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة فإذا اجتمعتا كانت أريكة). [الدر المنثور: 9/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وهناد، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {على الأرائك} قال: السرر عليها الحجال). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال: الأرائك من لؤلؤ وياقوت). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن الحسن رضي الله عنه قال: لم نكن ندري ما الأرائك حتى لقينا رجلا من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة إذا كان فيها سرير). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي رجاء قال: سئل الحسن رضي الله عنه عن الأرائك فقال: هي الحجال أهل اليمن يقولون أريكة فلان). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه أن سئل عن الأرائك فقال: هي الحجال على السرر). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: الأرائك الحجال فيها السرر). [الدر المنثور: 9/539]