سورة الشعراء
[ من الآية (52) إلى الآية (59) ]
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) }
قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أن أسر بعبادي إنّكم... (52)
فتح الياء نافع وحده، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/224]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {أن أسر بعبادي} [52].
قرأ ابن كثير ونافع: {أن اسر} بوصل الألف وكسر النون لالتقاء الساكنين.
وقرأ الباقون: {أن أسر} بقطع الألف وإسكان النون، وهما لغتا، سري وأسري يسري: إذا سار ليلاً، قال الله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً} حجة لمن وصل، وقال:
سرى ليلاً خيال من سليمى = فأرقني وأصحابي هجوع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/136]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير ونافع (أن اسر) [الشعراء/ 52] من سريت، وقرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: أن أسر من أسريت.
قال أبو علي: حجّة القطع قوله: سبحان الذي أسرى بعبده [الإسراء/ 1] وحجّة الوصل قوله:
سرى بعد ما غار الثريّا وبعد ما... كأنّ الثّريّا حلّة الغور منخل
[الحجة للقراء السبعة: 5/359]
وهو كثير في الشعر). [الحجة للقراء السبعة: 5/360]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أن أسر بعبادي}
أن أسر قد ذكرنا في هود). [حجة القراءات: 517]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {أَنِ أَسْرِ بِعِبَادِي} [آية/ 52] بكسر النون ووصل الألف:
قرأها ابن كثير ونافع.
وقرأ الباقون {أَنْ أَسْرِ} بقطع الألف.
والوجه أن سرى وأسرى لغتان.
وقد تقدم ذكر ذلك). [الموضح: 941]
قوله تعالى: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53)}
قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55)}
قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإنّا لجميعٌ حاذرون (56)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب (حذرون) بغير ألف.
وقرأ الباقون (حاذرون) بألف.
قال الفراء: الحاذر: الذي بحذرك الآن، وكأن الحذر: الذي لا تلقاه إلا حذرًا.
والعرب تقول للرجل الذي جبل حذرًا: فلان حذر، وحذر. وأما الحاذر، فهو: الذي يحذر عند حادث يحدث.
وروي عن ابن مسعود أنه قرأ (حاذرون)
وفسره: إنا ذوو أداة من السلاح، كأن المعنى: إنا أخذنا حذرنا من عدونا بسلاحنا.
فالحاذر: المستعد. والحذر: المتيقظ.
وروي عن ابن أبي عمّار أنه قرأ: (حادرون) بالدال، ومعناه: إنا مجتمعون، ومنه قول الشاعر:
وكل ردينيٍّ إذا هزّ أرقلت... أنابيبه بين الكعوب الحوادر
قال أبو منصور: وهذه قراءة شاذة، لا يقرأ بها، أعنى الدال). [معاني القراءات وعللها: 2/225]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {وإنا لجميع حذرون} [56].
قرأ أهل الكوفة، وابن عامر – برواية ابن ذكوان-: {حاذرون} بألف اسم الفاعل من حذر مثل شرب فهو شارب وحذر فهو حاذر.
وقال آخرون بل معنى قولهم: رجل حاذر فيما يستقبل وليس حاذرًا بالوقت، فإذا كان الحذر له لازمًا قيل: رجل حذر وطمع وسبد، ورجل طامع وابد وحاذر فيما يستقبل.
وقرأ الباقون: {لجميع حذرون} بغير ألف، وقد فسرناه.
ولو قرأ قارئ: {حاذرون} بضم الذال – لجاز إلا أن القراءة سنة، لأن العرب تقول: رجل حذر وحذر وحذر وفطن وفطن ويقظ ويقظ وندس وندس.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/133]
وفيما قراءة ثالثة: {حادرون} بالدال. قرأ بذلك عبد الله بن السائب، ومعناه: نحن أقوياء غلاظ الأجسامح لأن العرب تقول: رجل حادر: أي: سمين، وعين حدرة بدرة: إذا كانت واسعة عظيمة المقلة، قال امرؤ القيس:
وعين لها حدرة بدرة = شقت مآقيهما من أخر
فالدال والذال في حاذرون وحادرون بمعنيين. فأما قولهم: خردلت اللحم وخرذلته، أي: قطعته صغارًا. وشرذمة وشردمة {وشرد بهم من خلفهم} وشرذ بهم بمعنى واحد، الذال والدال). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/134]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إثبات الألف وإسقاطها من قوله [جل وعز]: (حذرون) [الشعراء/ 56] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (حذرون) بغير ألف. وقرأ الباقون: حاذرون بألف.
قال أبو عبيدة: رجل حذر وحاذر، قال ابن أحمر:
إني حواليّ وأنّي... حذر هل ينسأن يومي إلى غيره
[الحجة للقراء السبعة: 5/358]
قال: حواليّ ذو حيلة وأنشد العباس بن مرادس
وإني حاذر أنمي سلاحي... إلى أوصال ذيّال صنيع
قال أبو علي: يقال: حذر يحذر حذرا واسم الفاعل حذر. فأمّا حاذر فإنه يراد به أنّه يفعل الحذر فيما يستقبل كقولك: بعيرك صائد غدا، وكذلك قوله:
وإني حاذر أنمي سلاحي كأنّه يريد متحذّر عند اللّقاء). [الحجة للقراء السبعة: 5/359]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن أبي عمار: [حَادِرُونَ]، بالدال غير معجمة.
قال أبو الفتح: الحادر: القوي الشديد، ومنه الحادرة الشاعر، وهو كقولك: القوي، وحدر الرجل: إذا قوي جسمه وامتلأ لحما وشحما، وقالوا أيضا: حدر حدارة. قال الأعشى:
وَعَسِير أدماء حَادِرَة العيـ ... ـشِ خَنُوفٍ عَيْرَانَة شِمْلالِ
[المحتسب: 2/128]
أي: قد امتلأت عينها نِقْيًا، فارتوت وحسنت، وقيل أيضا: امرأة حدراء ورجل أحدر. وقد حدرت عينه تحدر، وعليه قول الفرزذق:
وأنكرْتَ مِنْ حَدْراء ما كُنْتَ تَعْرِف). [المحتسب: 2/129]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإنّا لجميع حاذرون} 56
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (وإنّا لجميع حذرون) بغير ألف
وقرأ الباقون حاذرون بالألف أي مؤدون مقوون أي ذوو أداة وذوو سلاح وقوّة
فالحاذر المستعد والحذر المتيقظ أي قد أخذنا حذرنا وتأهبنا وقال 4 الحاذر الّذي يحذر الآن والحذر المخلوق حذرا لا تلقاه إلّا حذرا حذرا وكان الكسائي يقول أصلهما واحد من الحذر
[حجة القراءات: 517]
لأن المتسلح إنّما يتسلح مخافة القتل والعرب تقول هو حاذر وحذر أي قد أخذ حذره). [حجة القراءات: 518]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {حاذرون} قرأه الحرميان وأبو عمرو وهشام بغير ألف، وقرأ الباقون بألف، وهما لغتان يقال حذِر يحذَر فهو حذِر، وحاذر، إلا أن «حاذار» فيه معنى الاستقبال، وقد قيل: إن معنى {حذرون} خائفون، ومعنى {حاذرون} مستعدون بالسلام وغيره من آلة الحرب، وقد ذكرنا {تراءى الجمعان} وإمالته، والوقف عليه لحمزة وغيره وعلته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/151]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ} [آية/ 56] بغير ألف:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
والوجه أنه جمع حذر، يقال رجل حذِرٌ وحذُرٌ بكسر الذال وضمها، وحاذِرٌ بالألف وهو الأصل في باب الفاعل.
وقرأ الباقون {حَاذِرُونَ} بالألف.
والوجه أنه جمع حاذرٍ). [الموضح: 941]
قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57)}
قوله تعالى: {وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58)}
قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)}