تفاسير القرن الثامن الهجري
تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍّ إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنّك أنت علام الغيوب (116) ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا اللّه ربّي وربّكم وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب عليهم وأنت على كلّ شيءٍ شهيدٌ (117) إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم (118)}
هذا أيضًا ممّا يخاطب اللّه تعالى به عبده ورسوله عيسى ابن مريم، عليه السلام، قائلًا له يوم القيامة بحضرة من اتّخذه وأمّه إلهين من دون اللّه: {وإذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه}؟ وهذا تهديدٌ للنّصارى وتوبيخٌ وتقريعٌ على رؤوس الأشهاد. هكذا قاله قتادة وغيره، واستدلّ قتادة على ذلك بقوله تعالى: {هذا يوم ينفع الصّادقين صدقهم}
وقال السّدّي: هذا الخطاب والجواب في الدّنيا.
قال ابن جريرٍ: هذا هو الصّواب، وكان ذلك حين رفعه اللّه إلى سماء الدّنيا. واحتجّ ابن جريرٍ على ذلك بمعنيين:
أحدهما: أنّ الكلام لفظ المضيّ.
والثّاني: قوله: {إن تعذّبهم} و {إن تغفر لهم}
وهذان الدّليلان فيهما نظرٌ؛ لأنّ كثيرًا من أمور يوم القيامة ذكر بلفظ المضيّ، ليدلّ على الوقوع والثّبوت. ومعنى قوله: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك} الآية: التّبرّي منهم وردّ المشيئة فيهم إلى اللّه، وتعليق ذلك على الشّرط لا يقتضي وقوعه، كما في نظائر ذلك من الآيات.
والّذي قاله قتادة وغيره هو الأظهر، واللّه أعلم: أنّ ذلك كائنٌ يوم القيامة، ليدلّ على تهديد النّصارى وتقريعهم وتوبيخهم على رؤوس الأشهاد يوم القيامة. وقد روي بذلك حديثٌ مرفوعٌ، رواه الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي عبد اللّه، مولى عمر بن عبد العزيز، وكان ثقةً، قال: سمعت أبا بردة يحدّث عمر بن عبد العزيز عن أبيه أبي موسى الأشعريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا كان يوم القيامة دعي بالأنبياء وأممهم، ثمّ يدعى بعيسى فيذكّره اللّه نعمته عليه، فيقر بها، فيقول: {يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك} الآية [المائدة: 110] ثمّ يقول: {أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه}؟ فينكر أن يكون قال ذلك، فيؤتى بالنّصارى فيسألون، فيقولون: نعم، هو أمرنا بذلك، قال: فيطوّل شعر عيسى، عليه السّلام، فيأخذ كلّ ملكٍ من الملائكة بشعرةٍ من شعر رأسه وجسده. فيجاثيهم بين يدي اللّه، عزّ وجلّ، مقدار ألف عامٍ، حتّى ترفع عليهم الحجّة، ويرفع لهم الصّليب، وينطلق بهم إلى النّار"، وهذا حديثٌ غريبٌ عزيزٌ.
وقوله: {سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍّ} هذا توفيقٌ للتّأدّب في الجواب الكامل، كما قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن طاوسٍ، عن أبي هريرة قال: يلقى عيسى حجّته، ولقّاه اللّه في قوله: {وإذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه}؟ قال أبو هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فلقّاه اللّه: {سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍّ} أي آخر الآية.
وقد رواه الثّوريّ، عن معمر، عن ابن طاوسٍ، عن طاوسٍ، بنحوه.
وقوله: {إن كنت قلته فقد علمته} أي: إن كان صدر منّي هذا فقد علمته يا ربّ، فإنّه لا يخفى عليك شيءٌ ممّا قلته ولا أردته في نفسي ولا أضمرته؛ ولهذا قال: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنّك أنت علام الغيوب} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/232-233]
تفسير قوله تعالى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما قلت لهم إلا ما أمرتني به} بإبلاغه {أن اعبدوا اللّه ربّي وربّكم} أي: ما دعوتهم إلّا إلى الّذي أرسلتني به وأمرتني بإبلاغه: {أن اعبدوا اللّه ربّي وربّكم} أي: هذا هو الّذي قلت لهم، {وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم} أي: كنت أشهد على أعمالهم حين كنت بين أظهرهم، {فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب عليهم وأنت على كلّ شيءٍ شهيدٌ}
قال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا شعبة قال: انطلقت أنا وسفيان الثّوريّ إلى المغيرة بن النّعمان فأملاه على سفيان وأنا معه، فلمّا قام انتسخت من سفيان، فحدّثنا قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ يحدّث عن ابن عبّاسٍ قال: قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بموعظةٍ، فقال: "يا أيّها النّاس، إنّكم محشورون إلى اللّه، عزّ وجلّ، حفاةً عراةً غرلا كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده، وإنّ أوّل الخلائق يكسى إبراهيم، ألا وإنّه يجاء برجالٍ من أمّتي فيؤخذ بهم ذات الشّمال فأقول: أصحابي. فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصّالح: {وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب عليهم وأنت على كلّ شيءٍ شهيدٌ * إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} فيقال: إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم".
ورواه البخاريّ عند هذه الآية عن الوليد، عن أبي شعبة -وعن محمّد بن كثيرٍ، عن سفيان الثّوريّ، كلاهما عن المغيرة بن النّعمان، به). [تفسير القرآن العظيم: 3/233]
تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} هذا الكلام يتضمّن ردّ المشيئة إلى اللّه، عزّ وجلّ، فإنّه الفعّال لما يشاء، الّذي لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون. ويتضمن التّبرّي من النّصارى الّذين كذبوا على اللّه، وعلى رسوله، وجعلوا للّه ندًّا وصاحبةً وولدًا، تعالى اللّه عمّا يقولون علوًا كبيرًا، وهذه الآية لها شأنٌ عظيمٌ ونبأٌ عجيبٌ، وقد ورد في الحديث: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قام بها ليلةً حتّى الصّباح يردّدها.
قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن فضيل، حدّثني فليت العامريّ، عن جسرة العامريّة، عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: صلّى رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-ليلةً فقرأ بآيةٍ حتّى أصبح، يركع بها ويسجد بها: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} فلمّا أصبح قلت: يا رسول اللّه، ما زلت تقرأ هذه الآية حتّى أصبحت تركع بها وتسجد بها؟ قال: "إنّي سألت ربّي، عزّ وجلّ، الشّفاعة لأمّتي، فأعطانيها، وهي نائلةٌ إن شاء اللّه لمن لا يشرك باللّه شيئًا".
طريقٌ أخرى وسياقٌ آخر: قال أحمد: حدّثنا يحيى، حدّثنا قدامة بن عبد اللّه، حدّثتني جسرة بنت دجاجة: أنّها انطلقت معتمرةً، فانتهت إلى الرّبذة، فسمعت أبا ذرٍّ يقول: قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلةً من اللّيالي في صلاة العشاء، فصلّى بالقوم، ثمّ تخلّف أصحابٌ له يصلّون، فلمّا رأى قيامهم وتخلّفهم انصرف إلى رحله، فلمّا رأى القوم قد أخلوا المكان رجع إلى مكانه فصلّى، فجئت فقمت خلفه، فأومأ إليّ بيمينه، فقمت عن يمينه. ثمّ جاء ابن مسعودٍ فقام خلفي وخلفه، فأومأ إليه بشماله، فقام عن شماله، فقمنا ثلاثتنا يصلّي كلّ واحدٍ منّا بنفسه، ويتلو من القرآن ما شاء اللّه أن يتلو. وقام بآيةٍ من القرآن يردّدها حتّى صلّى الغداة. فلمّا أصبحنا أومأت إلى عبد اللّه بن مسعودٍ: أن سله ما أراد إلى ما صنع البارحة؟ فقال ابن مسعودٍ بيده: لا أسأله عن شيءٍ حتّى يحدّث إليّ، فقلت: بأبي أنت وأمّي، قمت بآيةٍ من القرآن ومعك القرآن، لو فعل هذا بعضنا لوجدنا عليه، قال: "دعوت لأمّتي". قلت: فماذا أجبت؟ -أو ماذا ردّ عليك؟ -قال: "أجبت بالّذي لو اطّلع عليه كثيرٌ منهم طلعة تركوا الصّلاة". قلت: أفلا أبشّر النّاس؟ قال: "بلى". فانطلقت معنقًا قريبًا من قذفة بحجرٍ. فقال عمر: يا رسول اللّه، إنّك إن تبعث إلى النّاس بهذا نكلوا عن العبادة. فناداه أن ارجع فرجع، وتلك الآية: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم}
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، حدّثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنّ بكر بن سوادة حدّثه، عن عبد الرّحمن بن جبيرٍ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص؛ أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم تلا قول عيسى: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} فرفع يديه فقال: "اللّهمّ أمّتي". وبكى، فقال اللّه: يا جبريل، اذهب إلى محمّدٍ -وربّك أعلم-فاسأله: ما يبكيه؟ فأتاه جبريل، فسأله، فأخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما قال، فقال اللّه: يا جبريل، اذهب إلى محمّدٍ فقل: إنّا سنرضيك في أمّتك ولا نسوؤك.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا ابن هبيرة أنّه سمع أبا تميمٍ الجيشاني يقول: حدّثني سعيد بن المسيّب، سمعت حذيفة بن اليمان يقول: غاب عنّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا فلم يخرج، حتّى ظنّنا أن لن يخرج، فلمّا خرج سجد سجدةً ظننّا أنّ نفسه قد قبضت فيها، فلمّا رفع رأسه قال: "إنّ ربّي، عزّ وجلّ، استشارني في أمّتي: ماذا أفعل بهم؟ فقلت: ما شئت أي ربّ هم خلقك وعبادك. فاستشارني الثّانية، فقلت له كذلك، فقال: لا أخزيك في أمّتك يا محمّد، وبشّرني أنّ أوّل من يدخل الجنّة من أمّتي معي سبعون ألفًا، مع كلّ ألفٍ سبعون ألفًا، ليس عليهم حسابٌ، ثمّ أرسل إليّ فقال: ادع تجب، وسل تعط". فقلت لرسوله: أومعطٍي ربّي سؤلي؟ قال: ما أرسلني إليك إلّا ليعطيك، ولقد أعطاني ربّي ولا فخر، وغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، وأنا أمشي حيًّا صحيحًا، وأعطاني ألّا تجوع أمّتي ولا تغلب، وأعطاني الكوثر، وهو نهرٌ في الجنّة يسيل في حوضي، وأعطاني العزّ والنّصر والرّعب يسعى بين يدي أمّتي شهرًا، وأعطاني أنّي أوّل الأنبياء يدخل الجنّة، وطيّب لي ولأمّتي الغنيمة، وأحلّ لنا كثيرًا ممّا شدد على من قبلنا، ولم يجعل علينا في الدّين من حرجٍ"). [تفسير القرآن العظيم: 3/233-235]
تفسير قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال اللّه هذا يوم ينفع الصّادقين صدقهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي اللّه عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم (119) للّه ملك السّماوات والأرض وما فيهنّ وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ (120)}
يقول تعالى مجيبًا لعبده ورسوله عيسى ابن مريم فيما أنهاه إليه من التّبرّي من النّصارى الملحدين، الكاذبين على اللّه وعلى رسوله، ومن ردّ المشيئة فيهم إلى ربّه، عزّ وجلّ، فعند ذلك يقول تعالى: {هذا يوم ينفع الصّادقين صدقهم}
قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ يقول: يوم ينفع الموحّدين توحيدهم.
{لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا} أي: ماكثين فيها لا يحولون ولا يزولون، رضي اللّه عنهم ورضوا عنه، كما قال تعالى: {ورضوانٌ من اللّه أكبر} [التّوبة: 72].
وسيأتي ما يتعلّق بتلك الآية من الحديث.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ هاهنا حديثًا فقال: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا المحاربيّ، عن ليث، عن عثمان -يعني ابن عمير أبو اليقظان -عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ثمّ يتجلّى لهم الرب تعالى فيقول: سلوني سلوني أعطكم". قال: "فيسألونه الرّضا، فيقول: رضاي أحلّكم داري، وأنالكم كرامتي، فسلوني أعطكم. فيسألونه الرّضا"، قال: "فيشهدهم أنّه قد رضي عنهم".
وقوله: {ذلك الفوز العظيم} أي: هذا هو الفوز الكبير الّذي لا أعظم منه، كما قال تعالى: {لمثل هذا فليعمل العاملون} [الصّافّات:61]، وكما قال: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطفّفين: 26] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/235-236]
تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {للّه ملك السّماوات والأرض وما فيهنّ وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: هو الخالق للأشياء، المالك لها، المتصرّف فيها القادر عليها، فالجميع ملكه وتحت قهره وقدرته وفي مشيئته، فلا نظير له ولا وزير، ولا عديل، ولا والد ولا ولد ولا صاحبة، فلا إله غيره ولا ربّ سواه.
قال ابن وهب: سمعت حييّ بن عبد اللّه يحدّث، عن أبي عبد الرّحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو قال: آخر سورة أنزلت سورة المائدة). [تفسير القرآن العظيم: 3/236]