تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل يا أيّها النّاس قد جاءكم الحقّ من ربّكم فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها وما أنا عليكم بوكيلٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} يا محمّد للنّاس {يا أيّها النّاس قد جاءكم الحقّ من ربّكم} يعني: كتاب اللّه، فيه بيان كلّ ما بالنّاس إليه حاجةٌ من أمر دينهم. {فمن اهتدى} يقول: فمن استقام فسلك سبيل الحقّ، وصدّق بما جاء من عند اللّه من البيان. {فإنّما يهتدي لنفسه} يقول: فإنّما يستقيم على الهدى، ويسلك قصد السّبيل لنفسه، فإيّاها يبغي الخير بفعله ذلك لا غيرها.
{ومن ضلّ} يقول: ومن اعوجّ عن الحقّ الّذي أتاه من عند اللّه، خالف دينه، وما بعث به محمّدًا، والكتاب الّذي أنزله عليه. {فإنّما يضلّ عليها} يقول: فإنّ ضلالة ذلك إنّما يجني به على نفسه لا على غيرها؛ لأنّه لا يؤخذ بذلك غيرها، ولا يورد بضلاله ذلك المهالك سوى نفسه. {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} {وما أنا عليكم بوكيلٍ}. يقول: وما أنا عليكم بمسلّطٍ على تقويمكم، إنّما أمركم إلى اللّه، وهو الّذي يقوّم من شاء منكم، وإنّما أنا رسولٌ مبلّغٌ أبلّغكم ما أرسلت به إليكم). [جامع البيان: 12/305-306]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل يا أيّها النّاس قد جاءكم الحقّ من ربّكم فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها وما أنا عليكم بوكيلٍ (108)
قوله تعالى: قل يا أيّها النّاس قد جاءكم الحقّ من ربّكم
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا عبد اللّه بن إدريس، ثنا محمّد بن إسحاق الحق من ربكم قال: ما جاءك من الخير.
قوله تعالى: فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها وما أنا عليكم بوكيل
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: عليكم بوكيلٍ أمّا الوكيل فالحفيظ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1992-1993]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 108 - 109.
أخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قد جاءكم الحق من ربكم} و{وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله} يونس الآية 107 هو الحق). [الدر المنثور: 7/711]
تفسير قوله تعالى: (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّبع ما يوحى إليك واصبر حتّى يحكم اللّه وهو خير الحاكمين}.
يقول تعالى ذكره: واتّبع يا محمّد وحي اللّه الّذي يوحيه إليك، وتنزيله الّذي ينزله عليك، فاعمل به واصبر على ما أصابك في اللّه من مشركي قومك من الأذى، والمكاره، وعلى ما نالك منهم، حتّى يقضي اللّه فيهم، وفيك أمره بفعلٍ فاصلٍ. {وهو خير الحاكمين} يقول: وهو خير القاصّين، وأعدل الفاصلين. فحكم جلّ ثناؤه بينه وبينهم يوم بدرٍ، وقتلهم بالسّيف، وأمر نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيمن بقي منهم أن يسلك بهم سبيل من أهلك منهم أو يتوبوا وينيبوا إلى طاعته.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وما أنت عليهم بوكيلٍ} {واصبر حتّى يحكم اللّه وهو خير الحاكمين} قال: هذا منسوخٌ حتّى يحكم اللّه، حكم اللّه بجهادهم، وأمره بالغلظة عليهم). [جامع البيان: 12/306]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واتّبع ما يوحى إليك واصبر حتّى يحكم اللّه وهو خير الحاكمين (109)
قوله تعالى: واتّبع ما يوحى إليك واصبر حتّى يحكم اللّه وهو خير الحاكمين
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: وهو خير الحاكمين قال: هذا منسوخٌ حتّى يحكم اللّه بجهادهم وأمره بالغلظة عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1993]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {واصبر حتى يحكم الله} قال: هذا منسوخ أمره بجهادهم والغلظة عليهم). [الدر المنثور: 7/711]