العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الفرقان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 03:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين لا يشهدون الزّور وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا (72) والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا (73) والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ واجعلنا للمتّقين إمامًا (74)}
وهذه أيضًا من صفات عباد الرّحمن، أنّهم: {لا يشهدون الزّور} قيل: هو الشّرك وعبادة الأصنام. وقيل: الكذب، والفسق، واللّغو، والباطل.
وقال محمّد بن الحنفيّة: [هو] اللّهو والغناء.
وقال أبو العالية، وطاوس، ومحمّد بن سيرين، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، وغيرهم: هي أعياد المشركين.
وقال عمرو بن قيسٍ: هي مجالس السّوء والخنا.
وقال مالكٌ، عن الزّهريّ: [شرب الخمر] لا يحضرونه ولا يرغبون فيه، كما جاء في الحديث: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يجلس على مائدةٍ يدار عليها الخمر".
وقيل: المراد بقوله تعالى: {لا يشهدون الزّور} أي: شهادة الزّور، وهي الكذب متعمدا على غيره، كما [ثبت] في الصّحيحين عن أبي بكرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ألا أنبّئكم بأكبر الكبائر" ثلاثًا، قلنا: بلى، يا رسول اللّه، قال: "الشّرك باللّه، وعقوق الوالدين". وكان متّكئًا فجلس، فقال: "ألا وقول الزّور، ألا وشهادة الزّور [ألا وقول الزّور وشهادة الزّور]. فما زال يكرّرها، حتّى قلنا: ليته سكت.
والأظهر من السّياق أنّ المراد: لا يشهدون الزّور، أي: لا يحضرونه؛ ولهذا قال: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} أي: لا يحضرون الزّور، وإذا اتّفق مرورهم به مرّوا، ولم يتدنّسوا منه بشيءٍ ؛ ولهذا قال: {مرّوا كرامًا}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو الحسين العجليّ، عن محمّد بن مسلمٍ، أخبرني إبراهيم بن ميسرة، أنّ ابن مسعودٍ مرّ بلهوٍ معرضًا فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "لقد أصبح ابن مسعودٍ، وأمسى كريمًا".
وحدّثنا الحسن بن محمّد بن سلمة النّحويّ، حدّثنا حبّان، أنا عبد اللّه، أنا محمّد بن مسلمٍ، أخبرني ابن ميسرة قال: بلغني أنّ ابن مسعودٍ مرّ بلهوٍ معرضًا فلم يقف، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لقد أصبح ابن مسعودٍ وأمسى كريمًا". ثمّ تلا إبراهيم بن ميسرة: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا}). [تفسير ابن كثير: 6/ 130-131]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} [و] هذه من صفات المؤمنين {الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون} [الأنفال:2]، بخلاف الكافر، فإنّه إذا سمع كلام اللّه لا يؤثّر فيه ولا يقصر عمّا كان عليه، بل يبقى مستمرًّا على كفره وطغيانه وجهله وضلاله، كما قال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون. وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجسًا إلى رجسهم} [التّوبة: 124 -125].
فقوله: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} أي: بخلاف الكافر الّذي ذكّر بآيات ربّه، فاستمرّ على حاله، كأن لم يسمعها أصمّ أعمى.
قال مجاهدٌ: قوله: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} لم يسمعوا: ولم يبصروا، ولم يفقهوا شيئًا.
وقال الحسن البصريّ: كم من رجلٍ يقرؤها ويخرّ عليها أصم أعمى.
وقال قتادة: قوله تعالى: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} يقول: لم يصمّوا عن الحقّ ولم يعموا فيه، فهم -واللّه -قومٌ عقلوا عن اللّه وانتفعوا بما سمعوا من كتابه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، حدّثنا عبد اللّه بن حمران، حدّثنا ابن عون قال: سألت الشّعبيّ قلت: الرّجل يرى القوم سجودًا ولم يسمع ما سجدوا، أيسجد معهم؟ قال: فتلا هذه الآية: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} يعني: أنّه لا يسجد معهم لأنّه لم يتدبّر آية السّجدة فلا ينبغي للمؤمن أن يكون إمّعةً، بل يكون على بصيرةٍ من أمره، ويقينٍ واضحٍ بيّن). [تفسير ابن كثير: 6/ 131-132]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} يعني: الّذين يسألون اللّه أن يخرج من أصلابهم وذرّيّاتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له.
قال ابن عبّاسٍ: يعنون من يعمل بالطّاعة، فتقرّ به أعينهم في الدّنيا والآخرة.
وقال عكرمة: لم يريدوا بذلك صباحةً ولا جمالًا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين.
وقال الحسن البصريّ -وسئل عن هذه الآية -فقال: أن يري اللّه العبد المسلم من زوجته، ومن أخيه، ومن حميمه طاعة اللّه. لا واللّه ما شيءٌ أقرّ لعين المسلم من أن يرى ولدًا، أو ولد ولدٍ، أو أخا، أو حميمًا مطيعًا للّه عزّ وجلّ.
وقال ابن جريج في قوله: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} قال: يعبدونك ويحسنون عبادتك، ولا يجرّون علينا الجرائر.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: يعني: يسألون اللّه لأزواجهم وذرّيّاتهم أن يهديهم للإسلام.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعمر بن بشرٍ حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، أخبرنا صفوان بن عمرٍو، حدّثني عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يومًا، فمرّ به رجلٌ فقال: طوبى لهاتين العينين اللّتين رأتا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم! لوددنا أنّا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت. فاستغضب، فجعلت أعجب، ما قال إلّا خيرًا! ثمّ أقبل إليه فقال: ما يحمل الرّجل على أن يتمنّى محضرًا غيّبه اللّه عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه؟ واللّه لقد حضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقوامٌ أكبّهم اللّه على مناخرهم في جهنّم، لم يجيبوه ولم يصدّقوه، أو لا تحمدون اللّه إذ أخرجكم لا تعرفون إلّا ربّكم مصدّقين لما جاء به نبيّكم، قد كفيتم البلاء بغيركم؟ لقد بعث اللّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على أشدّ حالٍ بعث عليها نبيًّا من الأنبياء في فترةٍ من جاهليّةٍ، ما يرون أنّ دينًا أفضل من عبادة الأوثان. فجاء بفرقان فرق به بين الحقّ والباطل، وفرق بين الوالد وولده، حتّى إن كان الرّجل ليرى والده وولده، أو أخاه كافرًا، وقد فتح اللّه قفل قلبه للإيمان، يعلم أنّه إن هلك دخل النّار، فلا تقرّ عينه وهو يعلم أنّ حبيبه في النّار، وإنّها الّتي قال اللّه تعالى: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ}. وهذا إسنادٌ صحيحٌ، ولم يخرجوه.
وقوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} قال ابن عبّاسٍ، والحسن، وقتادة، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ: أئمّةً يقتدى بنا في الخير.
وقال غيرهم: هداةً مهتدين [ودعاةً] إلى الخير، فأحبّوا أن تكون عبادتهم متّصلةً بعبادة أولادهم وذرّيّاتهم وأن يكون هداهم متعدّيًا إلى غيرهم بالنّفع، وذلك أكثر ثوابًا، وأحسن مآبًا؛ ولهذا ورد في صحيح مسلمٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا من ثلاثٍ: ولدٍ صالحٍ يدعو له، أو علمٍ ينتفع به من بعده، أو صدقةٍ جاريةٍ"). [تفسير ابن كثير: 6/ 132-133]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا (75) خالدين فيها حسنت مستقرًّا ومقامًا (76) قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا (77)}.
لـمّا ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من [هذه] الصّفات الجميلة، والأفعال والأقوال الجليلة -قال بعد ذلك كلّه: {أولئك} أي: المتّصفون بهذه {يجزون} أي: يوم القيامة {الغرفة} وهي الجنّة.
قال أبو جعفرٍ الباقر، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك، والسّدّيّ: سمّيت بذلك لارتفاعها.
{بما صبروا} أي: على القيام بذلك {ويلقّون فيها} أي: في الجنّة {تحيّةً وسلامًا} أي: يبتدرون فيها بالتّحيّة والإكرام، ويلقون [فيها] التّوقير والاحترام، فلهم السّلام وعليهم السّلام، فإنّ الملائكة يدخلون عليهم من كلّ بابٍ، سلامٌ عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدّار). [تفسير ابن كثير: 6/ 133]

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {خالدين فيها} أي: مقيمين، لا يظعنون ولا يحولون ولا يموتون، ولا يزولون عنها ولا يبغون عنها حولًا كما قال تعالى: {وأمّا الّذين سعدوا ففي الجنّة خالدين فيها ما دامت السّموات والأرض إلا ما شاء ربّك عطاءً غير مجذوذٍ} [هودٍ: 108].
وقوله {حسنت مستقرًّا ومقامًا} أي: حسنت منظرا وطابت مقيلا ومنزلا). [تفسير ابن كثير: 6/ 133]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربّي} أي: لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه؛ فإنّه إنّما خلق الخلق ليعبدوه ويوحّدوه ويسبّحوه بكرةً وأصيلًا.
وقال مجاهدٌ، وعمرو بن شعيبٍ: {ما يعبأ بكم ربّي} يقول: ما يفعل بكم ربّي.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم} يقول: لولا إيمانكم، وأخبر اللّه الكفّار أنّه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجةٌ لحبّب إليهم الإيمان كما حبّبه إلى المؤمنين.
وقوله: {فقد كذّبتم} أي: أيّها الكافرون {فسوف يكون لزامًا} أي: فسوف يكون تكذيبكم لزامًا لكم، يعني: مقتضيًا لهلاككم وعذابكم ودماركم في الدّنيا والآخرة، ويدخل في ذلك يوم بدرٍ، كما فسّره بذلك عبد اللّه بن مسعودٍ، وأبيّ بن كعبٍ، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، وقتادة، والسّدّيّ، وغيرهم.
وقال الحسن البصريّ: {فسوف يكون لزامًا} يعني: يوم القيامة. ولا منافاة بينهما. والله أعلم). [تفسير ابن كثير: 6/ 134]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة