التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل ما سألتكم} [سبأ: 47] عليه، أي: على القرآن.
{من أجرٍ فهو لكم} [سبأ: 47] كقوله: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} [ص: 86] وأشباه ذلك.
وقال السّدّيّ: قل ما، يعني: الّذي سألتكم من أجرٍ فهو لكم.
{إن أجري} [سبأ: 47] إن جزائي، إن ثوابي.
{إلا على اللّه وهو على كلّ شيءٍ شهيدٌ} [سبأ: 47] شاهدٌ على كلّ شيءٍ، وشاهد كلّ شيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/770]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(قال الله تعالى لنبيه عليه السلام: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}.
قال ابن عباس: (يريد لا أسألكم على ما أتيتكم به من الهدى أجرا إلا أن تودّوني في القرابة منكم. وكانت لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم، ولادات كثيرة في بطون قريش). وقال الله عز وجل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} . قال ابن عباس: قالت قريش: يسألنا أن نودّه في القرابة وهو يشتم آلهتنا ويعيبها؟! فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 450] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلّا على اللّه وهو على كلّ شيء شهيد (47)}
معناه : ما سألتكم من أجر على الرسالة أؤدّيها إليكم، والقرآن الذي أتيتكم به من عند الله - فهو لكم - , وتأويله أني إنما أنذركم , وأبلّغكم الرسالة , ولست أجرّ إلى نفسي عرضا من أعراض الدنيا.
{إن أجري إلّا على اللّه}:أي: إنما أطلب ثواب الله بتأدية الرسالة، والياء في " أجري " مسكنة ومفتوحة والأجود الفتح ؛ لأنها اسم فيبنى على الفتح.). [معاني القرآن: 4/257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم} أي : ما سألتكم من أجر على تأدية الرسالة , ودعائكم إلى القبول , فهو لكم.). [معاني القرآن: 5/423-424]
تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل إنّ ربّي يقذف بالحقّ} [سبأ: 48] ينزّل الوحي.
{علّام الغيوب} [سبأ: 48] غيب السّماء والأرض، غيب السّماء ما ينزل منها من المطر وغيره، وغيب الأرض ما يخرج منها من النّبات وغيره). [تفسير القرآن العظيم: 2/770]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {علاّم الغيوب...}
رفعت (علاّم) : وهو الوجه؛ لأن النعت إذا جاء بعد الخبر رفعته العرب في إنّ، يقولون: إن أخاك قائم الظريف, ولو نصبوا كان وجهاً, ومثله : {إنّ ذلك لحقٌّ تخاصم أهل النّار} , لو قرئ نصباً كان صواباً، إلا أن القراءة الجيّدة الرّفع.). [معاني القرآن: 2/364] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({قل إنّ ربّي يقذف بالحقّ علاّم الغيوب}: أي : يأتي بالحق.
{ أنّى لهم }: أي: كيف لهم , وأين؟.). [مجاز القرآن: 2/150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يقذف بالحقّ}: أي: يلقيه إلى أنبيائه صلوات اللّه عليهم.). [تفسير غريب القرآن: 358]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ : {قل إنّ ربّي يقذف بالحقّ علّام الغيوب (48)}
بكسر الغين , ويجوز علام الغيوب بالنصب، فمن نصب , فعلام الغيوب صفة لربّي.
المعنى : قل إن ربي علام الغيوب يقذف بالحق , ومن رفع " علام الغيوب " فعلى وجهين:
أحدهما : أن يكون صفة على موضع أن ربي؛ لأن تأويله قل ربي علّام الغيوب يقذف بالحق، وإنّ مؤكدة.
ويجوز الرفع على البدل مما في تقذف، المعنى : قل إن ربي يقذف هو بالحق علام الغيوب، ومعنى :{يقذف بالحق } :أي : يأتي بالحق , ويرمي بالحق، كما قال جلّ وعزّ :{بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه} .). [معاني القرآن: 4/257-258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب}
{يقذف بالحق }: أي : يأتي به .
قال قتادة : (الحق , أي: بالقرآن)). [معاني القرآن: 5/424]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ}: أي: يلقيه إلى أنبيائه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]
تفسير قوله تعالى: {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل جاء الحقّ وما يبدئ الباطل وما يعيد} [سبأ: 49] سعيدٌ، عن قتادة، قال: الباطل إبليس قال: أي: وما يخلق إبليس أحدًا ولا يبعثه). [تفسير القرآن العظيم: 2/770]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({وما يبدئ الباطل}: أي الشيطان، {وما يعيد}.).
[تفسير غريب القرآن: 358]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل جاء الحقّ وما يبدئ الباطل وما يعيد (49)} أي: قل جاء أمر اللّه الذي هو الحق، وما يبدئ الباطل.
" ما " في موضع نصب على معنى : وأيّ شيء يبدئ الباطل , وأيّ شيء يعيد.
والأجود أن يكون " ما " نفيا على معنى : ما يبدئ الباطل , وما يعيد.
والباطل ههنا: إبليس.
المعنى : وما يعيد إبليس , وما يفيد، أي: لا يخلق , ولا يبعث.
واللّه - عزّ وجلّ - الخالق , والباعث.
ويجوز أن يكون الباطل : صاحب الباطل , وهو إبليس.). [معاني القرآن: 4/258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد}
أي : وأي شيء يبدئ الباطل , ويجوز أن تكون ما نافية .
قال قتادة : (الباطل : الشيطان, ما يخلق أحدا , ولا يبعثه)). [معاني القرآن: 5/424-425]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ}: أي: الشيطان، أي : ما يبدئ خلق أحد , ويعيده بعد موته، كما يفعل الله جل ذكره.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل إن ضللت فإنّما أضلّ على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إليّ ربّي إنّه سميعٌ قريبٌ} [سبأ: 50]، أي: فأنتم الضّالّون وأنا على الهدى، وهو نحو قوله: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ} [سبأ: 24] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/770]
تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولو ترى إذ فزعوا} [سبأ: 51] تفسير عمرٍو، عن الحسن: {إذ فزعوا} [سبأ: 51]، يعني: النّفخة الأولى الّتي يهلك اللّه بها كفّار آخر هذه الأمّة.
{فلا فوت} [سبأ: 51] لا يفوت أحدٌ منهم دون أن يهلك بالعذاب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/770]
{وأخذوا من مكانٍ قريبٍ} [سبأ: 51] النّفخة الآخرة.
قال الحسن: وأيّ شيءٍ أقرب من أن كانوا في بطن الأرض فإذا هم على ظهرها، وبعضهم يقول: {وأخذوا من مكانٍ قريبٍ} [سبأ: 51] من تحت أرجلهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/771]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}: أي: عند البعث، {وأخذوا من مكانٍ قريبٍ}: أي : قريب على اللّه، يعني : القبور.).
[تفسير غريب القرآن: 358]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}.
كان الحسن- رضي الله عنه- يجعل الفزع يوم القيامة إذا بعثوا من القبور. يقول: ولو ترى يا محمد فزعهم حين لا فوت، أي لا مهرب ولا ملجأ يفوتون به ويلجأون إليه. وهذا نحو قوله: {فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، أي نادوا حين لا مهرب.
{وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}، يعني القبور). [تأويل مشكل القرآن: 330]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب (51)}: هذا في وقت بعثهم.
وقوله: {فلا فوت}: أي : فلا فوت لهم، لا يمكنهم أن يفوتوا.
{وأخذوا من مكان قريب}:في التفسير: من تحت أقدامهم.
ويجوز فلا فوت، ولا أعلم أحدا قرأ بها ؛فإن لم تثبت بها رواية فلا تقرأنّ بها، فإن القراءة سنّة.). [معاني القرآن: 4/258] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}
قال الضحاك : (هذا في الدنيا)
قال سعيد بن جبير : (يخسف بهم بالبيداء , فلا يسلم منهم إلا رجل واحد , يخبر الناس بخبر أصحابه) .
قال قتادة : (هذا في الدنيا إذا رأوا بأس الله جل وعز).
وقال الحسن : (هذا إذا خرجوا من قبورهم) .
قال أبو جعفر : هذه الآية مشكلة , والمعنى على القول الأول .
إذا فزعوا في الدنيا حين نزل بهم الموت , أو غيره من بأس الله , كما قال جل وعز: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا}
والمعنى على قول الحسن : (إذا فزعوا حين خروجهم من قبورهم , فلا فوت يصلون إليه , ولا ملجأ , ولا مهرب).
كما قال قتادة : (ولات حين مناص).
وقوله جل وعز: {وأخذوا من مكان قريب}
أي : قريب على الله جل وعز , أي: لأنهم حيث كانوا فهم من الله قريب ,لا يبعدون عنه .
وقيل : ولو ترى الكفار إذ فزعوا يوم القيامة من مكان قريب
أي : من جهنم , فأخذوا , فقذفوا فيها.). [معاني القرآن: 5/425-427]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقالوا آمنّا به} [سبأ: 52] بالقرآن.
قال اللّه: {وأنّى لهم التّناوش} [سبأ: 52] وكيف لهم تناول التّوبة.
{من مكانٍ بعيدٍ {52}). [تفسير القرآن العظيم: 2/771]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] وهذا تبعٌ للكلام الأوّل: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكانٍ قريبٍ {51} وقالوا آمنّا به وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ {52}} [سبأ: 51-52] من الآخرة في الدّنيا، في تفسير مجاهدٍ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: التّناوش التّناول). [تفسير القرآن العظيم: 2/771] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وحدّثني عثمان، عن عمرٍو، عن الحسن، قال: {وأنّى لهم التّناوش} [سبأ: 52]، أي: أنّى لهم الإيمان.
وحدّثني المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: {وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ} [سبأ: 52] وأنّى لهم الرّدّ على الدّنيا وليس بحين الرّدّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/772]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وأنّى لهم التّناوش...}
قرأ الأعمش , وحمزة , والكسائيّ بالهمز : يجعلونه من الشيء البطيء من نأشت من النئيش، قال الشاعر: = وجئت نئيشا بعد ما فاتك الخبر
وقال آخر:= وقد حدثت بعد الأمور أمور
وقد ترك همزها أهل الحجاز , وغيرهم، جعلوها من نشته نوشا , وهو التناول: وهما متقاربان، بمنزلة ذمت الشيء , وذأمته , أي : عبته, وقال الشاعر:
فهي تنوش الحوض نوشاً من علا = نوشاً به تقطع أجواز الفلا
وتناوش القوم في القتال : إذا تناول بعضهم بعضاً, ولم يتدانوا كل التداني, وقد يجوز همزها , وهي من نشت لانضمام الواو، يعني التناوش مثل قوله: {وإذا الرسل أقّتت} .). [معاني القرآن: 2/365]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" التّناوش " : يجعله من لم يهمزه " من نشت تنوش " , وهو التناول , قال غيلان:
= فهي تنوش الحوض نوشاً من علا
ومن همزة جعله من " نأشت إليه " , وهو من بعد المطلب , قال رؤبة:
أقمحني جار أبي الخاموش= إليك ناشي القدر النّؤوش). [مجاز القرآن: 2/150-151]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أنى}: في معنى كيف.
{التناؤش}: من همز فهي من ناشئة أي أخذته من بعد وقالوا هو الطلب بعد الفوت. ومن لم يهمز فمأخوذ من نشئت أنوش نوشا أي تناولت). [غريب القرآن وتفسيره: 308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأنّى لهم التّناوش}: أي: تناول ما أرادوا بلوغه، وإدراك ما طلبوا من التوبة.
{من مكانٍ بعيدٍ}: من الموضع الذي تقبل فيه التوبة.
والتناوش : يهمز ولا يهمز, يقال: نشت ونأشت، كما يقال: ذمت الرجل وذأمته، أي: عبته.
وقال أبو عبيدة: نأشت: طلبت, واحتج بقول رؤبة: = إليك نأش القدر النؤوش
وقال: «يريد طلب القدر المطلوب» , وقال الأصمعي: «أراد تناول القدر لنا بالمكروه».). [تفسير غريب القرآن: 358-359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ} أي بمحمد، صلى الله عليه.
{وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} والتناوش: التناول، أي كيف لهم بنيل ما يطلبون من الإيمان في هذا الوقت الذي لا يقال فيه كافر ولا تقبل توبته؟.
وقوله: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}ٍ يريد بعد ما بين مكانهم يوم القيامة، وبين المكان الذي تتقبّل فيه الأعمال). [تأويل مشكل القرآن: 330-331]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{وقالوا آمنّا به وأنّى لهم التّناوش من مكان بعيد (52)}
{وقالوا آمنّا}: في الوقت الذي قال اللّه جل وعلا فيه:{لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل}
والتناؤش : التناول، أي : فكيف لهم أن يتناولوا ما كان مبذولا لهم , وكان قريبا منهم، فكيف يتناولونه حين بعد عنهم.
ومن همز , فقال: التناؤش، فلأن واو التناؤش مضمومة, وكل واو مضمومة ضمّتها لازمة، إن شئت أبدلت منها همزة , وإن شئت لم تبدل نحو قولك أدور وتقاوم، وإن شئت قلت: أدؤر وتقاؤم فهمزت.
ويجوز أن يكون التناؤش من النّيّش: وهي الحركة في إبطاء , فالمعنى : من أين لهم أن يتحركوا فيما لا حيلة لهم فيه.). [معاني القرآن: 4/258-259] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد}
قال مجاهد : (وقالوا: آمنا به , أي : بالله جل وعز)
وقال قتادة : (أي : بمحمد صلى الله عليه وسلم).
{وأنى لهم التناوش من مكان بعيد}
قال الحسن وأبو مالك : (أي, التوبة) .
قال مجاهد : (التناوش : التناول) .
قال قتادة : (التناوش : تناول التوبة) .
قال أبو جعفر : هذا أبينها , يقال ناش ينوش إذا تناول , وأنشد النحويون:
= فهي تنوش الحوض نوشا من علا
ويقال : تناوش القوم : إذا تناول بعضهم بعضا , ولم يقربوا كل القرب .
والمعنى : ومن أين لهم تناول التوبة من مكان بعيد ؟!, أي: يبعد منه تقبل التوبة .
وقرأ الكوفيون : التناؤش بالهمز , وأنكره بعض أهل اللغة , قال : لأن النأشا: لبعد فكيف يكون , وأنى لهم البعد من مكان بعيد .
قال أبو جعفر : وهو يجوز أن تهمز الواو لانضمامها , ويكون بمعنى الأول .
وروى أبو إسحاق , عن التميمي , عن ابن عباس :{وأنى لهم التناوش }
قال الرد : (سألوه , وليس بحين رد) .
قال مجاهد : ({من مكان بعيد}: ما بين الآخرة , والدنيا) .
قال أبو جعفر : هذا يرجع إلى الأول.). [معاني القرآن: 5/427-430]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {التناوش} بلا همز: التناول، و{التَّنَاؤُش} بالهمز: أي : التأخير.). [ياقوتة الصراط: 416]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {التَّنَاوُشُ}: أي: لا تناول ما أرادوا بلوغه من التوبة والرجوع، وما يشتهون من الإيمان.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({التَّنَاؤُشُ}: الأخذ من بعيد, {التناوش}: التناول.). [العمدة في غريب القرآن: 247]
تفسير قوله تعالى:{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقد كفروا به من قبل} [سبأ: 53]، أي: كيف لهم التّوبة وليس بالحين الّذي تقبل منهم فيه التّوبة قد فاتهم ذلك، وقال في آيةٍ أخرى: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا} [غافر: 85] عذابنا.
- حدّثني عثمان، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن رجلٍ من بني تميمٍ قال: سألت ابن عبّاسٍ عن قوله: {وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ} [سبأ: 52] فقال: يسألون الرّدّ وليس بحين الرّدّ.
وحدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: إذا فزعوا من قبورهم، يعني: النّفخة الآخرة {وأخذوا من مكانٍ قريبٍ} [سبأ: 51].
قال: {ويقذفون بالغيب من مكانٍ بعيدٍ} [سبأ: 53] كذّبوا بالبعث وهو اليوم الّذي عندهم بعيدٌ لأنّهم لا يقرّون به). [تفسير القرآن العظيم: 2/771]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكانٍ بعيدٍ} [سبأ: 53] الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: كذّبوا بالسّاعة، وكذّبوا بالبعث، وافتروا على اللّه.
وتفسير مجاهدٍ: قولهم ساحرٌ، وكاهنٌ، وهو شاعرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/772]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مّكانٍ بعيدٍ}
يقولون : ليس بنبيّ , وقد باعدهم الله أن يعلموا ذلك لأنه لا علم لهم، إنما يقولون بالظن وبالغيب , أن ينالوا , أنه غير نبيّ.). [معاني القرآن: 2/365] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويقذفون بالغيب}: أي: بالظن أن التوبة تنفعهم).). [تفسير غريب القرآن: 359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}، أي بمحمد، صلّى الله عليه وسلم. يقول: كيف ينفعهم الإيمان به في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا؟.
{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ}، أي بالظنّ أن التوبة تنفعهم.
{مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}، أي بعيد من موضع تقبّل التوبة). [تأويل مشكل القرآن: 331]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد (53)}
أي: كانوا يرجمون , ويرمون بالغيب، وترجيمهم : أنهم كانوا يظنون أنهم لا يبعثون.).[معاني القرآن: 4/259]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد}
أي : قد كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا حين لا ينفعهم إيمانهم, ويقذفون بالغيب . قال قتادة: (أي : بالظن , قال : يقولون لا بعث , ولا جنة , ولا نار) .
قال مجاهد: {ويقذفون بالغيب من مكان بعيد}: (قولهم : هو ساحر , وهو كاهن , وهو شاعر)). [معاني القرآن: 5/430]
تفسير قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] وهذا تبعٌ للكلام الأوّل: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكانٍ قريبٍ {51} وقالوا آمنّا به وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ {52}} [سبأ: 51-52] من الآخرة في الدّنيا، في تفسير مجاهدٍ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: التّناوش التّناول). [تفسير القرآن العظيم: 2/771]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] الإيمان فلا يقبل منهم عند ذلك.
وقال مجاهدٌ: من مالٍ أو ولدٍ أو زهرةٍ.
وقال بعضهم: {ما يشتهون} [سبأ: 54] رجوعهم إلى الدّنيا.
قال: {كما فعل بأشياعهم من قبل} [سبأ: 54] أشياعهم على منهاجهم ودينهم الشّرك لمّا كذّبوا رسلهم جاءهم العذاب، فآمنوا عند ذلك، فلم يقبل منهم، وهو قوله: {فلمّا رأوا بأسنا قالوا آمنّا باللّه وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين} [غافر: 84] قال اللّه: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا} [غافر: 85] عذابنا {سنّة اللّه الّتي قد خلت} [غافر: 85] مضت {في عباده} [غافر: 85]
المشركين، إنّهم إذا كذّبوا الرّسل أهلكهم اللّه بعذاب الاستئصال ولا يقبل منهم الإيمان عند نزول العذاب، وآخر عذاب كفّار هذه الأمّة إلى النّفخة الأولى بالاستئصال، بها يكون هلاكهم.
وقال السّدّيّ: {كما فعل بأشياعهم من قبل} [سبأ: 54]، يعني: أهل ملّتهم.
قال: {إنّهم كانوا} قبل أن يجيئهم العذاب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/772]
{في شكٍّ مريبٍ} [سبأ: 54] من الرّيبة وذلك أنّ جحودهم بالقيامة، وبأنّ العذاب لا يأتيهم إنّما ظنٌّ منهم، فهو منهم شكٌّ ليس عندهم بذلك علمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/773]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ كما فعل بأشياعه من قبل }: يقال: شيعة : والجميع شيع , ثم جمعوا شيعاً , فقالوا: أشياع.).
[مجاز القرآن: 2/151]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحيل بينهم وبين ما يشتهون}: من الإيمان, وهذا مفسر في «تأويل المشكل» بأكثر من هذا التفسير.). [تفسير غريب القرآن: 359] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} من الإيمان. كما فعل بأشياعهم، أي بأشباههم من الأمم الخالية.
وكان غير الحسن يجعل الفزع عند نزول بأس الله من الموت أو غيره، ويعتبره بقوله في موضع آخر: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 331]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنّهم كانوا في شكّ مريب (54)}
المعنى : من الرجوع إلى الدنيا، والإيمان.
{كما فعل بأشياعهم من قبل}: أي : بمن كان مذهبه مذهبهم.
{إنّهم كانوا في شكّ مريب}: فقد أعلمنا اللّه جلّ وعزّ أنه يعذب على الشّكّ. وقد قال قوم من الضلّال أن الشاكّين لا شيء عليهم، وهذا كفر ونقض للقرآن لأن اللّه جلّ وعزّ قال: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويل للّذين كفروا من النّار (27)}.). [معاني القرآن: 4/259]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون}
قال الحسن : (وحيل بينهم , وبين الإيمان لما رأوا العذاب , يعني : قبول الإيمان) .
قال مجاهد : (حيل بينهم , وبين زهرة الدنيا ولذتها , وأموالهم , وأولادهم) .
{كما فعل بأشياعهم من قبل }: قال مجاهد: (أي بالكفار قبلهم). إنهم كانوا في شك مريب , فأخبر جل وعز أنه يعذب على الشك.). [معاني القرآن: 5/431]