العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الروم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 08:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (54)}.
ينبّه تعالى على تنقّل الإنسان في أطوار الخلق حالًا بعد حالٍ، فأصله من ترابٍ، ثمّ من نطفةٍ، ثمّ من علقةٍ، ثمّ من مضغةٍ، ثمّ يصير عظامًا ثمّ يكسى لحمًا، وينفخ فيه الرّوح، ثمّ يخرج من بطن أمّه ضعيفًا نحيفًا واهن القوى. ثمّ يشبّ قليلًا قليلًا حتّى يكون صغيرًا، ثمّ حدثا، ثمّ مراهقًا، ثمّ شابًّا. وهو القوّة بعد الضّعف، ثمّ يشرع في النّقص فيكتهل، ثمّ يشيخ ثمّ يهرم، وهو الضّعف بعد القوّة. فتضعف الهمّة والحركة والبطش، وتشيب اللّمّة، وتتغيّر الصّفات الظّاهرة والباطنة؛ ولهذا قال: {ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً يخلق ما يشاء} أي: يفعل ما يشاء ويتصرّف في عبيده بما يريد، {وهو العليم القدير}.
قال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، عن فضيلٍ ويزيد، حدّثنا فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة العوفيّ، قال: قرأت على ابن عمر: {اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا}، فقال: {اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا}، ثمّ قال: قرأت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كما قرأت عليّ، فأخذ عليّ كما أخذت عليك.
ورواه أبو داود والتّرمذيّ -وحسّنه -من حديث فضيلٍ، به. ورواه أبو داود من حديث عبد اللّه بن جابرٍ، عن عطيّة، عن أبي سعيد، بنحوه). [تفسير ابن كثير: 6/ 327]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ كذلك كانوا يؤفكون (55) وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون (56) فيومئذٍ لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون (57)}
يخبر تعالى عن جهل الكفّار في الدّنيا والآخرة، ففي الدّنيا فعلوا ما فعلوا من عبادة الأوثان، وفي الآخرة يكون منهم جهلٌ عظيمٌ أيضًا، فمنه إقسامهم باللّه أنّهم ما لبثوا في الدّنيا إلّا ساعةً واحدةً، ومقصودهم هم بذلك عدم قيام الحجّة عليهم، وأنّهم لم ينظروا حتّى يعذر إليهم. قال اللّه تعالى: {كذلك كانٌوا يؤفكون}.
{وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث} أي: فيردّ عليهم المؤمنون العلماء في الآخرة، كما أقاموا عليهم حجّة اللّه في الدّنيا، فيقولون لهم حين يحلفون ما لبثوا غير ساعةٍ: {لقد لبثتم في كتاب اللّه} أي: في كتاب الأعمال، {إلى يوم البعث} أي: من يوم خلقتم إلى أن بعثتم، {ولكنّكم كنتم لا تعلمون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 328]

تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(قال اللّه تعالى: {فيومئذٍ} أي: يوم القيامة، {لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم} أي: [لا ينفعهم] اعتذارهم عمّا فعلوا، {ولا هم يستعتبون} أي: ولا هم يرجعون إلى الدّنيا، كما قال تعالى: {وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين} [فصّلت: 24] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 328]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ ولئن جئتهم بآيةٍ ليقولنّ الّذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون (58) كذلك يطبع اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون (59) فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون (60)}
يقول تعالى: {ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ} أي: قد بيّنّا لهم الحقّ، ووضّحناه لهم، وضربنا لهم فيه الأمثال ليتبيّنوا الحقّ ويتّبعوه. {ولئن جئتهم بآيةٍ ليقولنّ الّذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون} أي: لو رأوا أيّ آيةٍ كانت، سواءً كانت باقتراحهم أو غيره، لا يؤمنون بها، ويعتقدون أنّها سحرٌ وباطلٌ، كما قالوا في انشقاق القمر ونحوه، كما قال [اللّه] تعالى: {إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97]؛ ولهذا قال هاهنا: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 328]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ} أي: اصبر على مخالفتهم وعنادهم، فإنّ اللّه تعالى منجزٌ لك ما وعدك من نصره إيّاك، وجعله العاقبة لك ولمن اتّبعك في الدّنيا والآخرة، {ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون} أي: بل اثبت على ما بعثك اللّه به، فإنّه الحقّ الّذي لا مرية فيه، ولا تعدل عنه وليس فيما سواه هدى يتّبع، بل الحقّ كلّه منحصرٌ فيه.
قال سعيدٌ عن قتادة: نادى رجلٌ من الخوارج عليًّا، رضي اللّه عنه، وهو في الصّلاة –صلاة الغداة- فقال: {ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين} [الزّمر: 65]، فأنصت له عليٌّ حتّى فهم ما قال، فأجابه وهو في الصّلاة: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}. رواه ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ. وقد رواه ابن جريرٍ من وجهٍ آخر فقال:
حدّثنا ابن وكيع، حدّثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن عليّ بن ربيعة قال: نادى رجلٌ من الخوارج عليًّا وهو في صلاة الفجر، فقال: {ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}، فأجابه عليٌّ وهو في الصّلاة: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}.
طريقٌ أخرى: قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عليّ بن الجعد، أخبرنا شريكٌ، عن عمران بن ظبيان، عن أبي تحيا قال: صلّى عليٌّ رضي اللّه عنه، صلاة الفجر، فناداه رجلٌ من الخوارج: {لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}، فأجابه عليٌّ، وهو في الصّلاة: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}.
[ما روي في فضل هذه السّورة الشّريفة، واستحباب قراءتها في الفجر]:
قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن عبد الملك بن عميرٍ، سمعت شبيب -أبا روحٍ -يحدّث عن رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى بهم الصّبح، فقرأ فيها الرّوم فأوهم، فقال: "إنّه يلبّس علينا القرآن، فإنّ أقوامًا منكم يصلّون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد الصّلاة معنا فليحسن الوضوء".
وهذا إسنادٌ حسنٌ ومتنٌ حسنٌ وفيه سرٌّ عجيبٌ، ونبأٌ غريبٌ، وهو أنّه، عليه السّلام تأثّر بنقصان وضوء من ائتمّ به، فدلّ ذلك أنّ صلاة المأموم متعلّقةٌ بصلاة الإمام). [تفسير ابن كثير: 6/ 328-329]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة