عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 04:00 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل أرأيتم إن كان من عند اللّه ثمّ كفرتم به من أضلّ ممّن هو في شقاقٍ بعيدٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم {قل} يا محمّد للمكذّبين بما جئتهم به من عند ربّك من هذا القرآن {أرأيتم} أيّها القوم {إن كان} هذا الّذي تكذّبون به {من عند اللّه ثمّ كفرتم به} ألستم في فراقٍ وبعدٍ من الصّواب، فجعل مكان التّفريق الخبر، فقال: {من أضلّ ممّن هو في شقاقٍ بعيدٍ} إذ كان مفهومًا معناه.
وقوله: {من أضلّ ممّن هو في شقاقٍ بعيدٍ} يقول: قل لهم من أشدّ ذهابًا عن قصد السّبيل، وأسلك لغير طريق الصّواب، ممّن هو في فراقٍ لأمر اللّه وخوفٍ له، بعيدٌ من الرّشاد). [جامع البيان: 20/460]

تفسير قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر قال أنا إنسان عن مجاهد في قوله سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم قال ما يفتح الله عليهم من القرى وفي أنفسهم قال فتح مكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/189]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ}.
يقول تعالى ذكره: سنري هؤلاء المكذّبين، ما أنزلنا على محمّدٍ عبدنا من الذّكر، آياتنا في الآفاق.
واختلف أهل التّأويل في معنى الآيات الّتي وعد اللّه هؤلاء القوم أن يريهم، فقال بعضهم: عنى بالآيات في الآفاق وقائع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنواحي بلد المشركين من أهل مكّة وأطرافها، وبقوله: {وفي أنفسهم} فتح مكّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عمرو بن قيسٍ، عن المنهال، في قوله: {سنريهم آياتنا في الآفاق} قال: ظهور محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم على النّاس.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {سنريهم آياتنا في الآفاق} يقول: ما نفتح لك يا محمّد من الآفاق {وفي أنفسهم} في أهل مكّة، يقول: نفتح لك مكّة.
وقال آخرون: عنى بذلك أنّه يريهم نجوم اللّيل وقمره، وشمس النّهار، وذلك ما وعدهم أنّه يريهم في الآفاق وقالوا: عنى بالآفاق: آفاق السّماء، وبقوله: {وفي أنفسهم} سبيل الغائط والبول.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم} قال: آفاق السّماوات: نجومها وشمسها وقمرها اللاّتي يجرين، وآياتٍ في أنفسهم أيضًا.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب القول الأوّل، وهو ما قاله السّدّيّ، وذلك أنّ اللّه عزّ وجلّ وعد نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يري هؤلاء المشركين الّذين كانوا به مكذّبين آياتٍ في الآفاق، وغير معقولٍ أن يكون تهدّدهم بأن يريهم ما هم راءوه، بل الواجب أن يكون ذلك وعدًا منه لهم أن يريهم ما لم يكونوا رأوه قبل من ظهور نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أطراف بلدهم وعلى بلدهم، فأمّا النّجوم والشّمس والقمر، فقد كانوا يرونها كثيرًا قبل وبعد ولا وجه لتهدّدهم بأنّه يريهم ذلك.
وقوله: {حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ} يقول جلّ ثناؤه: أري هؤلاء المشركين وقائعنا بأطرافهم وبهم حتّى يعلموا حقيقة ما أنزلنا إلى محمّدٍ، وأوحينا إليه من الوعد له بأنّا مظهرو ما بعثناه به من الدّين على الأديان كلّها، ولو كره المشركون.
وقوله: {أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ} يقول تعالى ذكره: أولم يكف بربّك يا محمّد أنّه شاهدٌ على كلّ شيءٍ ممّا يفعله خلقه، لا يعزب عنه علم شيءٍ منه، وهو مجازيهم على أعمالهم، المحسن بالإحسان، والمسيء جزاءه.
وفي قوله: {أنّه} وجهان؛ أحدهما: أن يكون في موضع خفضٍ على وجه تكرير الباء، فيكون معنى الكلام حينئذٍ: أولم يكف بربّك بأنّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ؟ والآخر: أن يكون في موضع رفعٍ رفعا، بقوله: {يكف} فيكون معنى الكلام: أولم يكف بربّك شهادته على كلّ شيءٍ). [جامع البيان: 20/461-463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله: (سنريهم آياتنا في الأفاق) قال: محمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 13/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: (سنريهم آياتنا في الأفاق) . قال: ما يفتح الله عليهم من القرى، (وفي أنفسهم) قال: فتح مكة). [الدر المنثور: 13/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج: (سنريهم آياتنا في الأفاق) قال: إمساك المطر عن الأرض كلها (وفي أنفسهم) . قال: البلايا التي تكون في أجسامهم). [الدر المنثور: 13/126-127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس: {سنريهم آياتنا في الآفاق} قال: كانوا يسافرون فيرون آثار عاد وثمود يقولون والله لقد صدق محمد صلى الله عليه وسلم ? (وما أراهم في أنفسهم)? قال: الأمراض). [الدر المنثور: 13/127]

تفسير قوله تعالى: (أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {مريةٍ} [فصلت: 54] : ومريةٌ واحدٌ، أي امتراءٌ "). [صحيح البخاري: 6/128]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مريةٌ ومريةٌ واحدٌ أي بكسر الميم وضمّها أي امتراءٌ هو قول أبي عبيدة أيضًا وقراءة الجمهور بالكسر وقرأ الحسن البصريّ بالضّمّ). [فتح الباري: 8/561]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مريةٍ ومريةٍ واحدٌ أي امتراءٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {ألا إنّهم في مرية من لقاء ربهم} (فصلت: 54) وقال: مرية، بكسر الميم ومرية بضمها واحد، ومعناها: الامتراء، وقراءة الجمهور بالكسر، وقراءة الحسن البصريّ بالضّمّ). [عمدة القاري: 19/154]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مرية}) بكسر الميم في قوله تعالى: (ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم} [فصلت: 54] ({ومرية}) بضمها في قراءة الحسن لغتان كخفية وخفية ومعناهما (واحد أي امتراء) أي في شك من البعث والقيامة). [إرشاد الساري: 7/328]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألا إنّهم في مريةٍ من لقاء ربّهم ألا إنّه بكلّ شيءٍ مّحيطٌ}.
يقول تعالى ذكره: ألا إنّ هؤلاء المكذّبين بآيات اللّه في شكٍّ من لقاء ربّهم، يعني أنّهم في شكٍّ من البعث بعد الممات، ومعادهم إلى ربّهم.
- كما حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ألا إنّهم في مريةٍ من لقاء ربّهم} يقول: في شكٍّ من لقاء ربّهم.
وقوله: {ألا إنّه بكلّ شيءٍ محيطٌ} يقول تعالى ذكره: ألا إنّ اللّه بكلّ شيءٍ ممّا خلق محيطٌ علمًا بجميعه، وقدرةً عليه، لا يعزب عنه علم شيءٍ منه أراده فيفوته، ولكن المقتدر عليه العالم بمكانه). [جامع البيان: 20/463]


رد مع اقتباس