عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م, 01:07 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

باب في مقدمات أصول الإدغام والإظهار
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (باب في مقدمات أصول الإدغام والإظهار
اعلم أن الإظهار في الحروف هو الأصل، والإدغام دخل لعلة تذكر إن شاء الله، وإنما قلنا: إن الإظهار هو الأصل لأنه أكثر؛ لأن الوقف يُضطر فيه إلى الإظهار، ولاختلاف لفظ الحرفين، واعلم أن أصل الإدغام إنما هو في الحرفين المثلين، وعلة ذلك إرادة التخفيف، لأن اللسان إذا لفظ بالحرف من مخرجه، ثم عاد مرة أخرى إلى المخرج بعينه، ليلفظ بحرف آخر مثله صعب ذلك، وشبهه النحويون بمشي المقيد؛ لأنه يرفع رجلًا ثم يعيدها إلى موضعها أو قريب منه، وشبهه بعضهم بإعادة الحديث مرتين، وذلك ثقيل على السامع، وذلك نحو: «قال لهم، وذهب بسمعهم»، ولذلك أدغم أبو عمرو هذا النوع، ويقوي حسن الإدغام في هذا النوع أن الأول، إذا سكن في هذا النوع لم يكن بد من الإدغام، نحو: «قل لهم، وارغب بسم» وشبهه، إلا الواو التي قبلها ضمة، والياء التي قبلها كسرة، الساكنين، فإنهما لا يُدغمان في مثلهما في أكثر الكلام لمشابهتهما للألف، نحو: « في يوسف، وآمنوا وعملوا»، واعلم أن غير المثلين، إذا تقاربا في المخرج وسكن الأول، أشبها المثلين اللذين هما من مخرج واحد، فجاز فيهما
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/134]
الإدغام ما لم يمنع من ذلك مانع، فعلى هذا يجري الإدغام ويحسن، واعلم أن الإدغام إنما يحسن في غير المثلين، ويقوى إذا سكن الأول، وهو على ضربين: أحدهما إذا كان الحرفان متقاربين في المخرج، والحرف الأول أضعف من الثان، فيصير بالإدغام إلى زيادة قوة، لأنك تبدل من الأول حرفا من جنس الثاني، فإذا فعلت ذلك نقل لفظ الضعيف إلى لفظ القوة، فذلك حسن جيد، والضرب الثاني أن يكون الحرفان المتقاربان في القوة سواء كالمثلين، فيحسن الإدغام، إذ لا ينتقص الأول من قوته قبل الإدغام، وضرب ثالث من إدغام المتقاربين ضعيف قليل، وهو أن يكون الحرف الأول أقوى من الثاني، فيصير بالإدغام أضعف من حالة قبل الإدغام، فالذي يزداد قوة مع الإدغام هو كإدغام التاء في الطاء نحو: «قالت طائفة، وودت طائفة» لأن التاء حرف ضعيف للهمس الذي فيه، والطاء حرف قوي للإطباق والجهر والاستعلاء والشدة اللواتي فيهان فهو أقوى من التاء كثيرًا، فإذا أدغمت التاء نقلتها من ضعف إلى قوة مكررة، فهذا لا تكاد العرب تظهره، وكذلك أجمع القراء على الإدغام في هذا. فإن نقصت قوة الحرف الثاني، وهو مع نقص قوته أقوى من الأول، حسن الإدغام والإظهار، نحو: {لهدمت صوامع} «الحج 40» و«حملت ظهورهما» «الأنعام 146»؛ لأن الصاد نقصت عن قوة الطاء لعدم الجهر، وكون الهمس فيها، والظاء نقصت عن قوة الطاء لعدم التشديد، وكون الرخاوة فيها والذي تتساوى قوة الحرفين فيه إدغام الذال في التاء، وذلك أن الذال فيها ضعف وقوة، فالضعف من جهة أنها رخوة، والقوة من جهة أنها مهجورة، كذلك التاء فيها ضعف وقوة، فالضعف من جهة أنها مهموسة، والقوة من جهة أنها شديدة، فقد تقاربتا في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/135]
القوة، والضعف من صفاتهما، فجواز الإدغام حسن، والأول حسن في الإدغام، لأنك تزيد الحرف الأول قوة بالإدغام، والذي يقبح الإدغام فيه لقوة الأول وضعف الثاني فهو نحو إدغام الراء في اللام، وهو قبيح لقوة الراء بالجهر والتكرير اللذين فيه، وضعف اللام لعدم التكرير فيه، وضعف الجهر فيه، فإذا أدغمت نقلت الأقوى إلى الأضعف، وذلك مكروه ضعيف، فقس عليه هذا، فإنه الأصل الذي يُعتمد عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/136]


رد مع اقتباس