عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:08 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (57) إلى الآية (59) ]

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58) وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)}

قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)}

قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)}

قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وجعلنا لمهلكهم موعدًا (59)
وفي النمل (مهلك أهله).
قرأ أبو بكر عن عاصم في رواية يحيى (لمهلكهم) و(مهلك أهله) بفتح الميم واللام جميعًا.
وقرأ حفص عن عاصم (لمهلكهم) و(مهلك أهله) بكسر اللام فيهما.
قال أبو منصور: من قرأ (لمهلكهم) فالمعنى: لإهلاكنا إياهم، يقال: أهلكه إهلاكًا ومهلكًا، ومن قرأ (لمهلكهم) فمعناه: لهلاكهم، مصدر هلك يهلك هلاكًا ومهلكا، ومن قرأ (لمهلكهم) أراد: أسماء، أي: لوقت إهلاكهم وكذلك القول في (مهلك أهله) ). [معاني القراءات وعللها: 2/114]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- وقوله تعالى: {وجعلنا لمهلكهم موعدا} [59].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر {لمهلكهم} بفتح الميم واللام جعله مصدرًا لهلك يهلك مهلكا مثل طلع يطلع مطلعا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/401]
وروى حفص عن عاصم {لمهلكهم} بكسر اللام جعله وقت هلاكهم وموضع هلاكهم كقوله تعالى: {حتى إذا بلغ مغرب الشمس} [86]، أي: الموضع الذي تغرب فيه. وحكى سيبويه رضي الله عنه عن العرب: «أتت الناقة على مضربها» و«منتجها» أي: على وقت ضرابها ونتاجها و«إن في ألف درهم لمضربا» بفتح الراء أي: ضربا، جعله مصدرًا.
وقرأ الباقون: {لمهلكهم} بضم الميم وفتح اللام وهو الاختيار لأن المصدر من أفعل والمكان والزمان يجيء على مفعل كقوله: {أدخلني مدخل صدق} فكذلك أهلكهم الله مهلكًا بمعنى الإهلاك، وسأبين لك فصلاً تعرف به جميع ما يرد عليك.
اعلم أن كل فعل كان على (فَعَلَ يَفْعِلُ) مثل ضرب يضرب فالمصدر مضرب بالفتح، والزمان والمكان مفعِل بالكسر.
وكل فعل كان على (فَعَلَ يَفْعُلُ) مثل دخل يدخل فالمصدر والمكان منه بالفتح نحو المدخل. وكل فعل كان المضارع منه بالفتح نحو يذهب ويشرب فهو مفتوح أيضًا نحو المشرب والمذهب.
فإن قيل لك: قد قالوا: المسجد بالكسر وهو من سجد يسجد، فإن ذلك من الشواذ عندهم، قال سيبويه رحمة الله عليه - وربما جاء المصدر من فعل يفعل بالكسر كقوله: {إلى الله مرجعهم} أي:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/402]
رجوعكم، و{يسئلونك عن المحيض} أي: الحيض، وقوله: {وجعلنا النهار معاشا} فهذا مصدر وربما جاء على المعيش مثل المحيض قال رؤبة:
إليك أشكو شدة المعيش
ومر أعوام نتفن ريشي
قال الفراء: إذا كان الفعل لامه واوًا أو ياءً نحو يدعو ويقضي جاء المصدر والمكان بالفتح: المدعى والمقضي.
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: جاء حرفان نادران مأقي العين والمأوى، يريدون: المأوى فقال الأصمعي: يقال مؤق العين وماق، العين، ومأقي العين، وماقي العين. وقال سيبويه رضي الله عنه: إنما قالوا: المَصِيف فكسروا وقالوا: المشتى ففتحوا؛ لأن هذا من صافَ يصيف، وهذا من شتا يشتو قال الفراء رحمة الله عليه -: فإذا كان الفعل عينه ياء مثل كال يكيل، ومال يميل، وباع يبيع قلت في المصدر منه: مال ممالاً، وكال مكالاً: وباع، مباعًا، وفي اسم المكان والزمان: مميلاً ومكيلاً ومبيعًا، فهذا أصل لماي رد عليك فتأمله إن شاء الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/403]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ عاصم وحده، في رواية أبي بكر: (لمهلكهم) [الكهف/ 59] بفتح الميم واللام الثانية. وفي النمل: (ما شهدنا مهلك أهله) [49] مثلها. وروى عنه حفص: لمهلكهم ومهلك أهله بكسر اللام فيهما.
وقرأ الباقون: (لمهلكهم) و (مهلك أهله)، بضم الميم وفتح اللام.
قالوا: هلك زيد وأهلكته، وفي التنزيل: وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها [القصص/ 58] وفيه: أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا [الملك/ 28] وحكوا أن تميما تقول: هلكني زيد، كأنهم جعلوه من باب رجع، ورجعته، وغاض الماء وغضته، وعلى هذا حمل بعضهم:
ومهمه هالك من تعرّجا فقالوا: هو بمنزلة: مهلك من تعرّجا. ومن لم يجعل هلك
[الحجة للقراء السبعة: 5/156]
متعدّيا ففي هالك ضمير عائد إلى النكرة، واسم الفاعل مضاف إلى المفعول به، كما أنّه لو كان مكان الهالك المهلك كان كذلك، ومن لم يجعل هالك بمعنى مهلك كان تقديره: هالك من تعرّجه، ومن تعرجه فاعل المهلك في المعنى وموضعه نصب مثل: حسن الوجه، فلمّا حذف التنوين أضافه إليه مثل حسن الوجه، فموضع «من تعرّجا»: جرّ على هذا الحدّ. فقول عاصم: (لمهلكهم): مصدر يكون على قول من عدّى هلكت مضافا إلى المفعول به، نحو من دعاء الخير [فصلت/ 49] وفي قول من لم يعدّ هلكت مضافا إلى الفاعل، كقولك: وجعلنا لهلاكهم. والمصدر من فعل في الأمر الشائع يبنى على مفعل.
ومن قال: (وجعلنا لمهلكهم موعدا) كان المصدر مضافا إلى المفعول بهم، كأنّه: لإهلاكهم موعدا. ورواية حفص عن عاصم:
لمهلكهم ومهلك الرواية الأولى، وفتح اللام التي هي عينٌ من مهلك أقيس وأشيع، وقد جاء المصدر من باب فعل يفعل بكسر العين قال: إلي مرجعكم [آل عمران/ 55] وقال: يسألونك عن المحيض [البقرة/ 222] وقالوا: ما في برّك مكيل، يريدون: الكيل، والأول أكثر وأوسع). [الحجة للقراء السبعة: 5/157]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وجعلنا لمهلكهم موعدا}
قرأ أبو بكر عن عاصم {وجعلنا لمهلكهم موعدا} بفتح الميم واللّام أي جعلنا لهلاكهم موعدا جعله مصدرا ل هلك يهلك مهلكا وكل ما كان على فعل يفعل فاسم المكان منه على مفعل والمصدر على مفعل بفتح العين
وقرأ حفص {لمهلكهم} بفتح الميم وكسر اللّام أي لوقت هلاكهم
قال الزّجاج مهلك اسم للزمان على هلك يهلك وهذا زمن مهلكه مثل جلس يجلس فإذا أردت المصدر قلت مهلك بفتح اللّام كقولك مجلس فإذا أردت المكان قلت مجلس بكسر اللّام حكى سيبويهٍ عن العرب أنهم يقولون أتت النّاقة على مضربها أي على وقت ضرابها
وقرأ الباقون {لمهلكهم} بضم الميم وفتح اللّام أي جعلنا لإهلاكنا إيّاهم موعدا
قال أهل البصرة تأويل المهلك على ضربين على المصدر وعلى الوقت فمعنى المصدر لإهلاكهم ومعنى الوقت لوقت إهلاكهم قالوا وهو الاختيار لأن المصدر من أفعل في المكان
[حجة القراءات: 421]
والزّمان يجيء على مفعل كقوله {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} ). [حجة القراءات: 422]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {لمهلكم موعدا} و{مهلك أهله} في «النمل 49» قرأهما أبو بكر بفتح الميم واللام الثانية، وقرأهما حفص بفتح الميم وكسر اللام الثانية، وقرأ الباقون بضم الميم، وفتح اللام الثانية.
وحجة من فتح الميم واللام أنه جعله مصدرًا من «هلك» وعدّاه، حكي أن بني تميم يقولون: هلكني الله، جعلوه من باب «رجع زيد ورجعته» ويكون مضافا إلى المفعول كقوله: {من دعاء الخير} «فصلت 49» فأما من لم يجز تعدية «هلك» إلى مفعول فإنه يكون مضافًا إلى الفاعل، كأنه قال: وجعلنا لهلاكنا إياهم موعدا، ومن جعله متعدّيًا، يكون تقديره: وجعلنا لإهلاكنا إياهم موعدا، والمصدر في الأصل من «فعل يفعل» يأتي على «مفعَل»، فلذلك كان «مهلك» مصدرًا من «هلك».
32- وحجة من كسر اللام وفتح الميم أنه جعله أيضًا مصدرًا من «هلك» والوجهان في إضافة جائزان على ما تقدم، لكنه خارج عن الأصول،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/65]
أتى نادرًا «مفعِل» من «فعل يفعَل» كما قالوا: المرجع مصدر من رجع يرجع كالرجوع، وقالوا في ترك «مكيل» أي الكيل، أتى بالكسر وهو على «فعل يفعل».
33- وحجة من ضم الميم وفتح اللام أنه جعله مصدرًا لـ «أهلك يهلك» فهو بابه، وهو متعد بلا شك، فهو مضاف إلى المفعول به لا غير، تقديره: وجعلنا لإهلاكهم موعدًا، أي: لإهلاكنا إياهم موعدا، لا يتجاوزنه، وضم والميم هو الاختيار، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/66]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {لِمَهْلَكِهِمْ} [آية/ 59] بفتح الميم واللام الثانية:
قرأها عاصم ياش-، وكذلك في النمل {مَهْلَكَ أَهْلِهِ}.
والوجه أنه مصدرٌ من هلك يهلك هلاكًا ومهلكًا بفتح اللام وهو القياس في المصدر، أعني أن يكون على مفعل بفتح العين، سواء كان حركة عين المستقبل ضمة أو فتحة أو كسرة، والمعنى جعلنا لهلاكهم موعدًا.
وروى ص- عن عاصم {لِمَهْلِكِهِمْ} و{مَهْلِكَ أَهْلِهِ} بفتح الميم وكسر اللام.
[الموضح: 787]
والوجه أنه محمولٌ على ما جاء شاذًّا من المصادر التي جاءت على مفعل من فعل يفعل نحو مرجع ومحيضٍ.
وقرأ الباقون {لِمُهْلَكِهِمْ} و{مُهْلَكَ أَهْلِهِ} بضم الميم وفتح اللام.
والوجه أنه مصدرٌ من أهلك إهلاكًا ومُهلكًا، والمعنى جعلنا لإهلاكهم موعدًا). [الموضح: 788]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس