عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 10:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {هذا وإن للطاغين لشر مآب * جهنم يصلونها فبئس المهاد * هذا فليذوقوه حميم وغساق * وآخر من شكله أزواج * هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالو النار * قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار}
التقدير: الأمر هذا، ويحتمل أن يكون التقدير: هذا واقع، أو نحوه، و"الطاغي": المفرط في الشر، مأخوذ من: طغى يطغى، والطغيان هنا في الكفر، و"المآب": المرجع.
و"جهنم" بدل من قوله: {لشر مآب}، ويصلونها معناه: يباشرون حرها وحرقها، و"المهاد": ما يفترشه الإنسان ويتصرف به).[المحرر الوجيز: 7/ 357]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {هذا فليذوقوه} يحتمل أن يكون "هذا" ابتداء، والخبر "حميم"، ويحتمل أن يكون التقدير: الأمر هذا فليذوقوه، ويحتمل أن يكون "هذا" في موضع نصب بفعل يدل عليه "فليذوقوه"، و"حميم"، على هذا خبر ابتداء مضمر. قال ابن زيد: الحميم: دموعهم تجتمع في حياض فيسقونها. وقرأ الجمهور: "وغساق" بتخفيف السين، وهو اسم بمعنى السائل، يروى عن قتادة أنه ما يسيل من صديد أهل النار، ويروى عن السدي أنه ما يسيل من عيونهم، ويروى عن كعب الأحبار أنه ما يسيل من حمة عقارب النار، وهي - يقال - مجتمعة في عين هنالك، وقال الضحاك: هو أشد الأشياء بردا، وقال عبد الله بن بريدة: هو أنتن الأشياء، ورواه أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: "وغساق" بتشديد السين، بمعنى: سيال، وهي قراءة قتادة، وابن أبي إسحاق، وابن وثاب، وطلحة. والمعنى فيه على ما قدمناه من الاختلاف، غير أنها قراءة ضعف: لأن "غساقا" إما أن يكون صفة فيجيء في الآية حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، وذلك غير مستحسن هنا، وإما أن يكون اسما فالأسماء على هذا الوزن قليلة في كلام العرب كالقياد ونحوه).[المحرر الوجيز: 7/ 357-358]

تفسير قوله تعالى: {وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: "وآخر" بالإفراد، وهو رفع بالابتداء، واختلف في تقدير خبره، فقالت طائفة: تقديره: ولهم عذاب آخر، وقالت طائفة: خبره: "أزواج"، ومن شكله أن يخبر بالجميع الذي هو "أزواج" عن الواحد من حيث ذلك الواحد درجات ورتب من العذاب، وقوي وأقل منه، وأيضا فمن جهة أخرى على أن يسمى كل جزء من ذلك باسم الكل، كما قالوا: "وشابت مفارقه" فجعلوا كل جزء من المفرق مفرقا، وكما قالوا: "جمل ذو عثانين"، ونحو هذا، ألا ترى أن جماعة من المفسرين قالوا: إن هذا الآخر هو الزمهرير، فكأنهم جعلوا كل جزء منه زمهريرا. وقرأ أبو عمرو وحده: "وأخر" على الجمع، وهي قراءة الحسن، ومجاهد، والجحدري، وابن جبير، وعيسى، وهو رفع بالابتداء، وخبره "أزواج"، و"من شكله" في موضع الصفة. ورجح أبو عبيد هذه القراءة، وأبو حاتم بكون الصفة جمعا، ولم ينصرف (أخر) لأنه معدول عن الألف واللام صفة، وذلك أن حق "أفعل" وجمعه أن لا يستعمل إلا بالألف واللام، فلما استعملت "أخر" دون الألف واللام كان ذلك عدلا لها، وجاز في "أخر" أن يوصف بها النكرة كقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر}، بخلاف جميع ما عدل عن الألف واللام كسحر ونحوه في أنه لا يجوز أن يوصف به النكرة لأن هذا العدل في "أخر" اعتد به في منع الصرف، ولم يعتد به في الامتناع من صفة النكرة، كما يعتدون بالشيء في حكم دون حكم، نحو اللام في قولهم: "لا أبا لك"، واللام المتصلة بالكاف اعتد بها فاصلة للإضافة، ولذلك جاز دخول "لا"، ولم يعتد بها في أن أعرب "أبا" بالحرف، وشأنه - إذا انفصل ولم يكن مضافا - أن يعرب بالحركات، فجاءت "اللام" ملغاة الحكم من حيث أعرب بالحركات كأنه مضاف، وهي معتد بها فاصلة في أن جوزت دخول "لا". وقرأ مجاهد: "من شكله" بكسر الشين. و"أزواج" معناه: أنواع، والمعنى: لهم حميم وغساق وأغذية أخر من ضرب ما ذكر ونحوه وأنواع كثيرة).[المحرر الوجيز: 7/ 358-359]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {هذا فوج} هو ما يقال لأهل النار إذا سيق عامة الكفار وأتباعهم; لأن رؤساءهم يدخلون النار أولا، والأظهر أن قائل ذلك لهم: ملائكة العذاب، وهو الذي حكاه الثعلبي وغيره، ويحتمل أن يكون ذلك من قول بعضهم لبعض، فيقول البعض الآخر: لا مرحبا بهم، أي: لا سعة مكان ولا خير يلقونه. و"الفوج": الفريق من الناس). [المحرر الوجيز: 7/ 359]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {بل أنتم لا مرحبا بكم} حكاية لقول الأتباع حين سمعوا قول الرؤساء. أنتم قدمتموه لنا معناه: بإغوائكم أسلفتم لنا ما أوجب هذا، فكأنكم فعلتم بنا هذا). [المحرر الوجيز: 7/ 359]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قالوا ربنا} حكاية لقول الأتباع أيضا، دعوا على رؤسائهم بأن يكون عذابهم مضاعفا).[المحرر الوجيز: 7/ 359]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار * إن ذلك لحق تخاصم أهل النار * قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار * رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار}
الضمير في "قالوا" لأشراف الكفار ورؤسائهم، أخبر الله عنهم أنهم يتذكرون - إذا دخلوا النار - لقوم من مستضعفي المؤمنين، فيقولون هذه المقالة، وهذا مطرد في كل أمة جاءها رسول، وروي أن القائلين من كفار عصر النبي صلى الله عليه وسلم هم: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأهل القليب، ومن جرى مجراهم، وأن الرجال الذين يشيرون إلى ذكرهم هم عمار بن ياسر، وصهيب ومثلهم، قاله مجاهد وغيره. والمعنى: كنا في الدنيا نعدهم أشرارا لا خلاق لهم.
وأمال الراء من "الأشرار": أبو عمرو، وابن عامر، والكسائي، وفتحها ابن كثير، وعاصم، وأشم نافع، وحمزة).[المحرر الوجيز: 7/ 359-360]

تفسير قوله تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: "اتخذناهم" بألف وصل، ومعناها على أن يكون ذلك في موضع الصفة لـ"رجال"، وقرأ الباقون بألف قطع للاستفهام، ومعناها تقرير أنفسهم على هذا، على جهة التوبيخ لها والأسف، أي: أتخذناهم سخريا ولم يكونوا كذلك، واستبعد معنى هذه القراءة أبو علي.
وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: "سخريا" بضم السين، وهي قراءة الأعرج، وشيبة، وابن مسعود وأصحابه، وأبي جعفر، ومجاهد، والضحاك، ومعناها من السخرة والاستخدام، وقرأ الباقون بكسر السين، وهي قراءة الحسن، وأبي رجاء، وعيسى، وابن محيصن، ومعناه المشهور من السخر الذي هو الهزء، ومنه قول الشاعر:
إني أتتني لسان لا أسر بها ... من علو لا كذب فيها ولا سخر
وقالت فرقة: يكون كسر السين من التسخير. و"أم" في قولهم: أم زاغت معادلة لـ"ما" في قولهم: {ما لنا لا نرى}، وذلك أنها قد تعادل ما يعادل "من"، وأنكر بعض النحويين هذا وقال: إنها لا تعادل إلا الألف فقط، والتقدير في هذه الآية: أمفقودون
هم أم زاغت؟ ومعنى هذا الكلام: أليسوا معنا أم هم معنا؟ ولكن أبصارنا تميل عنهم فلا نراهم؟ و"الزيغ": الميل).[المحرر الوجيز: 7/ 360-361]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {إن ذلك لحق تخاصم أهل النار}، و"تخاصم" بدل من قوله: "لحق". وقرأ ابن أبي عبلة: "تخاصم بفتح الميم، وقرأ ابن محيصن: "تخاصم" بالتنوين أهل النار برفع اللام).[المحرر الوجيز: 7/ 361]

رد مع اقتباس