عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 06:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين قال رب انصرني بما كذبون}
هذا ابتداء تمثيل لكفار قريش بأمم كفرت بأنبيائها فأهلكوا، ففي ضمن ذلك الوعيد بأن يحل لهم بلاء نحو ما حل بأولئك.
ونوح -عليه السلام- أول نبي أرسل إلى الناس، وإدريس -عليه السلام- أول من نبئ ولم يرسل). [المحرر الوجيز: 6/289]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الملأ": الأشراف لأنهم عنهم يصدر الملأ، وهو جمع القوم، وفي قول "هؤلاء" استبعاد بعثة البشر، وهم قوم مقرون بالملائكة، وذلك لا شك متقرر عندهم من بقايا نبوة آدم وإدريس -عليهما السلام- وغيرهما، ولم يكن عن علم صحيح ولا معرفة بأخبار نبوة). [المحرر الوجيز: 6/289]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الجنة": الجنون، و"تربصوا" معناه: اصبروا وانتظروا هلاكه، و"حتى حين".
[المحرر الوجيز: 6/289]
معناه: إلى وقت، ولم يعينوه، وإنما أرادوا: إلى وقت يريحكم القدر منه). [المحرر الوجيز: 6/290]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم إن نوحا -عليه السلام- دعا على قومه حين يئس منهم وإن كان دعاؤه في هذه الآية ليس بنص، وإنما هو ظاهر من قوله: "بما كذبون"، فهو يقتضي طلب العقوبة، وأما النصرة بمجردها فكانت تكون بردهم إلى الإيمان.
وقرأ أبو جعفر، وابن محيصن: "رب انصرني". برفع الباء، وكذلك "رب احكم" وشبهه). [المحرر الوجيز: 6/290]

تفسير قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين}
قد تقدم القول في صفة السفينة وقدرها في سورة هود، و"الفلك" هنا مفرد لا جمع.
وقوله تعالى: "بأعيننا" عبارة عن الإدراك هذا مذهب الحذاق، ووقفت الشريعة على أعين وعين، ولا يجوز أن يقال: عينان من حيث لم توقف الشريعة على التثنية، و"وحينا" معناه: في كيفية العمل ووجه البيان، وذلك أن جبريل -عليه السلام- نزل إلى نوح -عليه السلام- فقال له: اصنع كذا وكذا لجميع حكم السفينة وما يحتاج إليه. واستجن الكفار نوحا لادعائه النبوة بزعمهم أنها دعوى، وسخروا منه لعمله السفينة على غير مجرى، أو لكونها أول سفينة إن صح ذلك.
وقوله تعالى: "أمرنا" يحتمل أن يكون مصدرا بمعنى أن نأمر الماء بالفيض، ويحتمل أن يريد واحد الأمور، أي إهلاكنا للكفرة، وقد تقدم القول في معنى قوله تعالى: {وفار التنور}. والصحيح من الأقوال أنه تنور الخبز، وأنه أمارة كانت بين الله -تبارك وتعالى- وبين نوح عليه السلام.
وقوله تعالى: "فاسلك" معناه: فأدخل، ومنه قول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 6/290]
حتى سلكن الشوى منهن في مسك من نسل جوابة الآفاق مهداج
وقول الآخر:
وكنت لزاز خصمك لم أعرد ... وقد سلكوك في يوم عصيب
يقال: سلك وأسلك بمعنى.
وقرأ حفص عن عاصم: "من كل" بتنوين "كل"، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم بإضافة "كل" دون تنوين، و"الزوجان" كل ما شأنه الاصطحاب من كل شيء كالذكر والأنثى من الحيوان ونحو النعال وغيرها كل واحد زوج للآخر، هذا موقع اللفظة في اللغة، والعدديون يوقعون الزوج على الاثنين، وعلى هذا أمر استعمال العامة للزوج.
وقوله تعالى: "وأهلك" يريد قرابته، ثم استثنى من سبق عليه القول بأنه كافر وهو ابنه وامرأته، ثم أمر الله نوحا -عليه السلام- ألا يراجع ربه ولا يخاطبه شافعا في أحد من الظالمين، والإشارة إلى من استثنى إذ العرف من البشر الحنو على الأهل). [المحرر الوجيز: 6/291]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره تعالى بأن يحمد ربه على النجاة من الظلمة عند استوائه وتمكنه في الفلك). [المحرر الوجيز: 6/291]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره
[المحرر الوجيز: 6/291]
بالدعاء في بركة المنزل، وقرأ عاصم -في رواية أبي بكر -: "منزلا" بفتح الميم وكسر الزاي، وهو موضع النزول، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: "منزلا" بضم الميم وفتح الزاي، وهو مصدر بمعنى الإنزال، ويجوز أن يراد به موضع النزول). [المحرر الوجيز: 6/292]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن في ذلك لآيات} خطاب لمحمد -صلى الله عليه وسلم- أي: إن فيما جرى على هذه الأمم لعبرا أو دلائل لمن له نظر وعقل، ثم أخبر تعالى أنه يبتلي عباده الزمن بعد الزمن على جهة الوعيد لكفار قريش بهذا الإخبار، و"إن" عند سيبويه هي المخففة من الثقيلة، واللام لام تأكيد، والفراء يقول: "إن" نافية واللام بمعنى "إلا"، و"مبتلين" معناه مصيبين ببلاء ومختبرين اختبارا يؤدي إلى ذلك). [المحرر الوجيز: 6/292]


رد مع اقتباس