عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 10:23 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم قررهم تعالى على التفرقة بين من يخلق الأشياء ويخترعها وبين من لا يقدر على شيء من ذلك، وعبر عن الأصنام بـ "من" لوجهين: أحدهما أن الآية تضمنت الرد على جميع من عبد غير الله، وقد عبدت طوائف ممن تقع عليه العبارة بـ "من"، والآخر أن العبارة جرت في الأصنام بحسب اعتقاد الكفرة فيها من أن لها تأثيرا وأفعالا، ثم وبخهم بقوله: {أفلا تذكرون} ). [المحرر الوجيز: 5/340]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، أي: إن حاولتم إحصاءها عددا حتى لا يشذ شيء منها لم تقدروا على ذلك، ولا اتفق لكم إحصاؤها; إذ هي في كل دقيقة من أحوالكم، و"النعمة" هنا مفردة يراد بها الجمع، وبحسب العجز عن عدد نعم الله تبارك وتعالى يلزم أن يكون الشاكر لها مقصرا عن بعضها، فلذلك قال عز وجل: {إن الله لغفور رحيم} أي تقصيركم في الشكر عن جميعها، نحا هذا المنحى الطبري، ويرد عليه أن نعمة الله تعالى في قول العبد: {الحمد لله رب العالمين} مع شرطها من النية والطاعة يوازي جميع النعم، ولكن أين قولها بشروطها؟ والمخاطبة: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها عامة لجميع الناس). [المحرر الوجيز: 5/340]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {والله يعلم ما تسرون وما تعلنون}، متصل بما قبله، أي: إن الله لغفور في تقصيركم عن شكر ما لا تحصونه من نعم الله، وإن الله تعالى يعلم سركم وعلنكم، فيغني ذلك عن التزامكم بشكر كل نعمة، هذا على قراءة من قرأ: "تسرون" بالتاء مخاطبة للمؤمنين، فإن جمهور القراء قرأ: "تسرون" بالتاء من فوق، "وتعلنون" و"تدعون" كذلك، وهي قراءة الأعرج، وشيبة، وأبي جعفر، ومجاهد، على
[المحرر الوجيز: 5/340]
معنى: قل يا محمد للكفار. وقرأ عاصم: "تسرون" و"تعلنون" بالتاء من فوق، و"يدعون" بالياء من تحت على غيبة الكفار، وهي قراءة الحسن بن أبي الحسن. وروى هبيرة عن حفص عن عاصم كل ذلك بالياء على غيبة الكفار، وروي عن الكسائي، وأبي بكر عن عاصم كل ذلك بالتاء من فوق، وقرأ الأعمش وأصحاب عبد الله: "يعلم الذي تبدون وما تكتمون" و"تدعون" بالتاء من فوق في الثلاثة. وقرأ طلحة: "ما تخفون وما تعلنون" و"تدعون" بالتاء من فوق في الثلاثة). [المحرر الوجيز: 5/341]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"يدعون" معناه: يدعونه إلها، وعبر عن الأصنام بـ "الذين" على ما قدمناه من أن ذلك يعم الأصنام ومن عبد من دون الله ومن غيرها.
وقوله تعالى: {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} أجمع عبارة في أحوال الربوبية عنهم، وقرأ محمد اليماني: "والذين يدعون" بضم الياء وفتح العين على ما لم يسم فاعله.
و"أموات" يراد به الذين يدعون من دون الله، ورفع على ابتداء خبر مضمر تقديره: هم أموات، ويجوز أن يكون خبرا لقوله: "والذين" بعد خبر في قوله: "لا يخلقون"، ووصفهم بالموت مجازا، وإنما المراد لم يقبلوا حياة قط ولا اتصفوا بها، وعلى قراءة من قرأ: "والذين يدعون" بالياء على غيبة الكفار يجوز أن يراد بالأموات الكفار الذين ضميرهم في "يدعون"، شبههم بالأموات غير الأحياء من حيث هم ضلال غير مهتدين، ويستقيم -على هذا- فيهم قوله: {وما يشعرون أيان يبعثون} ). [المحرر الوجيز: 5/341]

تفسير قوله تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : ({وما يشعرون أيان يبعثون} والبعث هنا هو الحشر من القبور. و"أيان" ظرف زمان مبني، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: "إيان" بكسر الهمزة، والفتح فيها والكسر لغتان، وقالت فرقة: وما يشعرون أي الكفار أيان يبعثون الضميران لهم، وقالت فرقة: وما يشعرون أي الأصنام أيان يبعث الكفار، ويحتمل أن يكون الضميران للأصنام الأمارة، كما تقول: "بعثت النائم من نومه" إذا نبهته، وكما تقول: "بعث الرامي سهمه"، فكأنه وصفهم بغاية الجمود، أي: وإن طلبت حركاتهم بالتحريك لم يشعروا لذلك، وعلى تأويل من يرى الضميرين للكفار ينبغي أن يعتقد في الكلام الوعيد، أي: وما يشعر الكفار متى يبعثون إلى التعذيب، ولو اختصر هذا المعنى لم يكن في وصفهم بأنهم لا يشعرون وأيان يبعثون طائل; لأن الملائكة والأنبياء والصالحين كذلك هم في الجهل بوقت البعث. وذكر
[المحرر الوجيز: 5/341]
بعض المفسرين أن قوله: {أيان يبعثون} ظرف لقوله: {إلهكم إله واحد}، وأن الكلام تم في قوله: {وما يشعرون}، ثم أخبر عن يوم القيامة أن الإله فيه واحد، وفي هذا توعد). [المحرر الوجيز: 5/342]

تفسير قوله تعالى: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون}
لما تقدم وصف الأصنام جاء الخبر الحق بالوحدانية، وهذه مخاطبة لجميع الناس معلمة بأن الله تعالى متحد وحدانية تامة، لا يحتاج لكمالها إلى مضاف إليها، ثم أخبر عن إنكار قلوب الكافرين، وأنهم يعتقدون إلهية أشياء أخر، ويستكبرون عن رفض معتقدهم فيها واطراح طريقة آبائهم في عبادتها، ووسمهم بأنهم لا يؤمنون بالآخرة، إذ هي أقوى رتب الكفر، أعني الجمع بين التكذيب بالله تبارك وتعالى وبالبعث، لأن كل صدق بالبعث فمحال أن يكذب بالله تبارك وتعالى). [المحرر الوجيز: 5/342]

تفسير قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {لا جرم} عبرت فرقة من اللغويين عن معناها بـ "لا بد، ولا محالة"، وقالت فرقة: معناها: "حق أن الله"، ومذهب سيبويه أن "لا" نفي لما تقدم من الكلام، و"جرم" معناه: وجب أو حق، ونحو هذا من مذهب الزجاج، ولكن مع مذهبهما "لا" ملازمة لـ "جرم"، لا تنفك هذه من هذه، وفي جرم لغات قد تقدم ذكرها في سورة هود، وأنشد أبو عبيدة:
جرمت فزارة
[المحرر الوجيز: 5/342]
وقال: معناها: حقت عليهم وأوجبت أن يغضبوا. و"أن" على مذهب سيبويه فاعلة بـ "جرم". وقرأ الجمهور: "أن" مفتوحة، وقرأ عيسى الثقفي: "إن" بكسر الألف على القطع، قال يحيى بن سلام، والنقاش: المراد هنا بـ "ما يسرون" تشاورهم في دار الندوة في قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: "إنه لا يحب المستكبرين" عام في الكافرين والمؤمنين، يأخذ كل واحد منهم بقسطه، وفي الحديث: "لا يدخل الجنة وفي قلبه مثقال حبة من كبر"، وفيه "إن الكبر منع الحق وغمط الناس"، ويروى عن الحسن بن علي أنه كان يجلس مع المساكين ويحدثهم ثم يقرأ: إنه لا يحب المستكبرين، وروي في الحديث أنه "من سجد لله سجدة من المؤمنين فقد برئ من الكبر"). [المحرر الوجيز: 5/343]

رد مع اقتباس