عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:39 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {عمّ يتساءلون * عن النّبأ العظيم * الّذي هم فيه مختلفون * كلّا سيعلمون * ثمّ كلّا سيعلمون * ألم نجعل الأرض مهادًا * والجبال أوتادًا * وخلقناكم أزواجًا * وجعلنا نومكم سباتًا * وجعلنا اللّيل لباسًا * وجعلنا النّهار معاشًا * وبنينا فوقكم سبعًا شدادًا * وجعلنا سراجًا وهّاجًا * وأنزلنا من المعصرات ماء ثجّاجًا * لنخرج به حبًّا ونباتًا * وجنّاتٍ ألفافًا}.
أصل {عمّ}؛ عن ما، ثمّ أدغمت النون بعد قلبها، فبقي (عمّا) في الخبر وفي الاستفهام، ثمّ حذفوا الألف في الاستفهام؛ فرقاً بينه وبين الخبر، ثمّ من العرب من يخفّف الميم تخفيفاً فيقول: (عم).
وهذا الاستفهام بـ{عمّ}؛ هو استفهام توقيفٍ وتعجيبٍ منهم. وقرأ أبيّ بن كعبٍ، وابن مسعودٍ، وعكرمة، وعيسى: (عمّا) بالألف، وقرأ الضّحّاك: (عمّه) بهاءٍ، وهذا إنما يكون عند الوقف.
و{النّبأ العظيم}؛ قال قومٌ: هو الشرع الذي جاء به محمّدٌ -صلّى اللّه عليه وسلّم-. وقال مجاهدٌ وقتادة: هو القرآن خاصّةً. وقال قتادة أيضاً: هو البعث من القبور.
ويحتمل الضمير في {يتساءلون} أن يريد به جميع العالم، فيكون (الاختلاف) حينئذٍ يراد به تصديق المؤمنين، وتكذيب الكافرين ونزغات الملحدين، ويحتمل أن يريد بالضمير الكفّار من قريشٍ، فيكون الاختلاف شكّ بعضٍ وتكذيب بعضٍ، وقولهم: شعرٌ، وسحرٌ، وكهانةٌ، وجنونٌ، وغير ذلك.
وقوله تعالى: {عن النّبأ العظيم} متعلّقٌ بـ{يتساءلون} الظاهر، كأنه تعالى قال: لم يتساءلون عن هذا النبأ؟.
وقال الزّجّاج: الكلام تامٌّ في قوله تعالى: {عمّ يتساءلون}، ثمّ كان مقتضى القول أن يجيب مجيبٌ فيقول: يتساءلون عن النبأ العظيم. فاقتضى إيجاز القرآن وبلاغته أن يبادر المحتجّ بالجواب الذي تقتضيه الحال والمحاورة؛ اقتضاباً للحجّة وإسراعاً إلى موضع قطعهم، وهذا نحو قوله تعالى: {قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قل اللّه شهيدٌ}. وله أمثلهٌ كثيرةٌ، وقد وقع التنبيه عليها في مواضعها). [المحرر الوجيز: 8/ 512-513]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ السبعة، والحسن، وأبو جعفرٍ، وشيبة، والأعمش: {كلاّ سيعلمون} بالياء في الموضعين، على ذكر الغائب، فظاهر الكلام أنه ردٌّ على الكفّار في تكذيبهم، ووعيدٌ لهم في المستقبل، وكرّر الزّجر تأكيداً.
وقال الضّحّاك: المعنى: {كلاّ سيعلمون} يعني الكفار، على جهة الوعيد.
{ثمّ كلاّ سيعلمون} يعني المؤمنين، على جهة الوعد.
وقرأ ابن عامرٍ -فيما روي عنه- ومالك بن دينارٍ، والحسن -بخلافٍ-: (كلاّ ستعلمون) بالتاء في الموضعين، على مخاطبة الحاضر، كأنه تعالى يقول: قل لهم يا محمّد، وكرّر عليهم الزّجر والوعد تأكيداً. وكلّ تأويلٍ في هذه القراءة غير هذا متعسّفٌ.
وقرأ قومٌ: {كلاّ سيعلمون} بالياء، على جهة الردّ والوعيد للكفار، ثمّ (كلاّ ستعلمون) بالتاء من فوق، على جهة الردّ على الكفّار والوعد للمؤمنين، فالعلم في هذه الآية بمعنى (ستعرفون) فلذلك لم يتعدّ). [المحرر الوجيز: 8/ 513]


رد مع اقتباس