عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 02:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قل أفغير اللّه تأمرونّي أعبد أيّها الجاهلون} ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتمٍ وغيره، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما أنّه قال]: إنّ المشركين بجهلهم دعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عبادة آلهتهم، ويعبدوا معه إلهه، فنزلت: {قل أفغير اللّه تأمرونّي أعبد أيّها الجاهلون ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}
وهذه كقوله: {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} [الأنعام:88]). [تفسير ابن كثير: 7/ 112]

تفسير قوله تعالى: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {بل اللّه فاعبد وكن من الشّاكرين} أي: أخلص العبادة للّه وحده، لا شريك له، أنت ومن معك، أنت ومن اتّبعك وصدّقك). [تفسير ابن كثير: 7/ 112-113]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسّموات مطويّاتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون (67)}.
يقول تعالى: وما قدّر المشركون اللّه حقّ قدره، حين عبدوا معه غيره، وهو العظيم الّذي لا أعظم منه، القادر على كلّ شيءٍ، المالك لكلّ شيءٍ، وكلّ شيءٍ تحت قهره وقدرته.
قال مجاهدٌ: نزلت في قريشٍ. وقال السّدّيّ: ما عظّموه حقّ عظمته.
وقال محمّد بن كعبٍ: لو قدّروه حقّ قدره ما كذّبوه.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما]: {وما قدروا اللّه حقّ قدره} هم الكفّار الّذين لم يؤمنوا بقدرة اللّه [تعالى] عليهم، فمن آمن أن الله على كل شي قديرٌ، فقد قدر اللّه حقّ قدره، ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدّر اللّه حقّ قدره.
وقد وردت أحاديث كثيرةٌ متعلّقةٌ بهذه الآية الكريمة، والطّريق فيها وفي أمثالها مذهب السّلف، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييفٍ ولا تحريفٍ.
قال البخاريّ: قوله: {وما قدروا اللّه حقّ قدره} حدّثنا آدم، حدّثنا شيبان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: جاء حبرٌ من الأحبار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا محمّد: إنّا نجد أن الله عز وجل يجعل السموات على إصبعٍ، والأرضين على إصبعٍ، والشّجر على إصبعٍ، والماء والثّرى على إصبعٍ، وسائر الخلائق على إصبعٍ. فيقول: أنا الملك. فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى بدت نواجذه، تصديقًا لقول الحبر، ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة} الآية.
و [قد] رواه البخاريّ أيضًا في غير هذا الموضع من صحيحه، والإمام أحمد، ومسلمٌ، والتّرمذيّ والنّسائيّ في التّفسير من سننيهما، كلّهم من حديث سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم عن عبيدة، عن [عبد اللّه] ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، بنحوه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد اللّه، رضي اللّه عنه، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم، أبلّغك أنّ اللّه [تعالى] يحمل الخلائق على إصبعٍ، والسموات على إصبعٍ، والأرضين على إصبعٍ، والشّجر على إصبعٍ، والثّرى على إصبعٍ؟ قال: فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى بدت نواجذه. قال: وأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وما قدروا اللّه حقّ قدره} إلى آخر الآية.
وهكذا رواه البخاريّ، ومسلمٌ، والنّسائيّ -من طرقٍ-عن الأعمش به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسين بن حسنٍ الأشقر، حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ قال: مرّ يهوديٌّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو جالسٌ فقال: كيف تقول يا أبا القاسم: يوم يجعل اللّه السّماء على ذه -وأشار بالسّبّابة- والأرض على ذه، والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه -كلّ ذلك يشير بإصبعه -قال: فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وما قدروا اللّه حقّ قدره} الآية.
وكذا رواه التّرمذيّ في التّفسير عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن الدّارميّ، عن محمّد بن الصّلت، عن أبي جعفرٍ، عن أبي كدينة يحيى بن المهلّب، عن عطاء بن السّائب، عن أبي الضّحى مسلم بن صبيحٍ، به، وقال: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.
ثمّ قال البخاريّ: حدّثنا سعيد بن عفيرٍ، حدّثنا اللّيث، حدّثنا عبد الرّحمن بن خالد بن مسافرٍ، عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن: أنّ أبا هريرة، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: يقبض اللّه الأرض، ويطوي السّماء بيمينه، ثمّ يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض".
تفرّد به من هذا الوجه، ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر.
وقال البخاريّ -في موضعٍ آخر-: حدّثنا مقدّم بن محمّدٍ، حدّثنا عمّي القاسم بن يحيى، عن عبيد اللّه، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ اللّه يقبض يوم القيامة الأرضين على إصبع، وتكون السموات بيمينه، ثمّ يقول: أنا الملك".
تفرّد به أيضًا من هذا الوجه، ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر. وقد رواه الإمام أحمد من طريقٍ أخرى بلفظٍ آخر أبسط من هذا السّياق وأطول، فقال:
حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة، عن عبيد اللّه بن مقسمٍ، عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ هذه الآية ذات يومٍ على المنبر: {وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسّموات مطويّاتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون} ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول هكذا بيده، يحرّكها يقبل بها ويدبر: "يمجّد الرّبّ نفسه: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم". فرجف برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المنبر حتّى قلنا: ليخرّن به.
وقد رواه مسلمٌ، والنّسائيّ، وابن ماجه من حديث عبد العزيز بن أبي حازمٍ -زاد مسلمٌ: ويعقوب بن عبد الرّحمن، كلاهما عن أبي حازمٍ، عن عبيد اللّه بن مقسمٍ، عن ابن عمر، به، نحوه.
ولفظ مسلمٍ -عن عبيد اللّه بن مقسمٍ في هذا الحديث-: أنّه نظر إلى عبد اللّه بن عمر كيف يحكي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: يأخذ اللّه سمواته وأرضيه بيده ويقول: أنا الملك، ويقبض أصابعه ويبسطها: أنا الملك، حتّى نظرت إلى المنبر يتحرّك من أسفل شيءٍ منه، حتّى إنّي لأقول: أساقطٌ هو برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟.
وقال البزّار: حدّثنا سليمان بن سيفٍ، حدّثنا أبو عليٍّ الحنفيّ، حدّثنا عبّادٌ المنقري، حدّثني محمّد بن المنكدر قال: حدّثنا عبد اللّه بن عمر [رضي اللّه عنهما]، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر: {وما قدروا اللّه حقّ قدره} حتّى بلغ: {سبحانه وتعالى عمّا يشركون}، فقال المنبر هكذا، فجاء وذهب ثلاث مرّاتٍ.
ورواه الإمام الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ من حديث عبيد بن عميرٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، وقال: صحيحٌ.
وقال الطّبرانيّ في المعجم الكبير: حدّثنا عبد الرّحمن بن معاوية العتبي، حدّثنا حيّان بن نافع بن صخر بن جويريّة، حدّثنا سعيد بن سالمٍ القدّاح، عن معمر بن الحسن، عن بكر بن خنيس، عن أبي شيبة، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن جريرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لنفرٍ من أصحابه: "إنّي قارئٌ عليكم آياتٍ من آخر سورة الزّمر، فمن بكى منكم وجبت له الجنّة"؟ فقرأها من عند قوله: {وما قدروا اللّه حقّ قدره}، إلى آخر السّورة، فمنّا من بكى، ومنّا من لم يبك، فقال الّذين لم يبكوا: يا رسول اللّه لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك؟ فقال: "إنّي سأقرؤها عليكم فمن لم يبك فليتباك". هذا حديثٌ غريبٌ جدًّا.
وأغرب منه ما رواه في المعجم الكبير أيضًا: حدّثنا هاشم بن مرثد، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن عيّاشٍ، حدّثني أبي، حدّثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيدٍ، عن أبي مالك الأشعريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه تعالى يقول: ثلاث خلالٍ غيّبتهنّ عن عبادي، لو رآهنّ رجلٌ ما عمل سوءًا أبدًا: لو كشفت غطائي فرآني حتى نستيقن ويعلم كيف أفعل بخلقي إذا أتيتهم، وقبضت السموات بيدي، ثمّ قبضت الأرض والأرضين، ثمّ قلت: أنا الملك، من ذا الّذي له الملك دوني؟ ثمّ أريتهم الجنّة وما أعددت لهم فيها من كلّ خيرٍ، فيستيقنوها. وأريهم النّار وما أعددت لهم فيها من كلّ شرٍّ فيستيقنوها، ولكن عمدًا غيّبت ذلك عنهم لأعلم كيف يعملون، وقد بيّنته لهم".
وهذا إسنادٌ متقاربٌ، وهي نسخةٌ تروى بها أحاديث جمّةٌ، والله أعلم). [تفسير ابن كثير: 7/ 113-116]

رد مع اقتباس