عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد (17) الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الّذين هداهم اللّه وأولئك هم أولو الألباب (18) }
قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي ذرٍّ، وسلمان الفارسيّ.
والصّحيح أنّها شاملةٌ لهم ولغيرهم، ممّن اجتنب عبادة الأوثان، وأناب إلى عبادة الرّحمن. فهؤلاء هم الّذين لهم البشرى في الحياة الدّنيا وفي الآخرة.
ثمّ قال: {فبشّر عباد الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه} أي: يفهمونه ويعملون بما فيه، كقوله تعالى لموسى حين آتاه التّوراة: {فخذها بقوّةٍ وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} [الأعراف:145].
{أولئك الّذين هداهم اللّه} أي: المتّصفون بهذه الصّفة هم الّذين هداهم اللّه في الدّنيا والآخرة، أي: ذوو العقول الصحيحة، والفطر المستقيمة). [تفسير ابن كثير: 7/ 90]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار (19) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم غرفٌ من فوقها غرفٌ مبنيّةٌ تجري من تحتها الأنهار وعد اللّه لا يخلف اللّه الميعاد (20) }
يقول تعالى: أفمن كتب اللّه أنّه شقي تقدر تنقذه ممّا هو فيه من الضّلال والهلاك؟ أي: لا يهديه أحدٌ من بعد اللّه؛ لأنّه من يضلل اللّه فلا هادي له، ومن يهده فلا مضلّ له). [تفسير ابن كثير: 7/ 91]

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبر عن عباده السّعداء أنّهم لهم غرفٌ في الجنّة، وهي القصور الشّاهقة {من فوقها غرفٌ مبنيّةٌ}، أي: طباقٌ فوق طباقٍ، مبنيات محكماتٌ مزخرفاتٌ عالياتٌ.
قال عبد اللّه بن الإمام أحمد: حدّثنا عبّاد بن يعقوب الأسديّ، حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن النّعمان بن سعدٍ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ في الجنّة لغرفًا يرى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها" فقال أعرابيٌّ: لمن هي يا رسول اللّه؟ قال: "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطّعام، وصلّى للّه باللّيل والنّاس نيامٌ".
ورواه التّرمذيّ من حديث عبد الرّحمن بن إسحاق، وقال: "حسنٌ غريبٌ، وقد تكلّم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن ابن معانق -أو: أبي معانق -عن أبي مالكٍ الأشعريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ في الجنّة لغرفةً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدّها اللّه لمن أطعم الطّعام، وألان الكلام، وتابع الصّيام، وصلّى والنّاس نيامٌ".
تفرّد به أحمد من حديث عبد اللّه بن معانق الأشعريّ، عن أبي مالكٍ، به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا يعقوب بن عبد الرّحمن، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " إنّ أهل الجنّة ليتراءون الغرفة في الجنّة كما تراءون الكوكب في السّماء". قال: فحدثت بذلك النّعمان بن أبي عيّاشٍ، فقال: سمعت أبا سعيدٍ الخدريّ يقول: "كما تراءون الكوكب الدّرّيّ في الأفق الشّرقيّ أو الغربيّ".
أخرجاه في الصّحيحين، من حديث أبي حازمٍ، وأخرجاه أيضًا في الصّحيحين من حديث مالكٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا فزارة، أخبرني فليح، عن هلال بن عليٍّ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ أهل الجنّة ليتراءون في الجنّة أهل الغرف، كما تراءون الكوكب الدّرّيّ الغارب في الأفق الطّالع، في تفاضل أهل الدّرجات". فقالوا: يا رسول اللّه، أولئك النّبيّون؟ فقال: "بلى، والّذي نفسي بيده، وأقوامٌ آمنوا باللّه وصدّقوا الرسل".
ورواه التّرمذيّ عن سويد، عن ابن المبارك عن فليح به وقال: حسنٌ صحيحٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو النّضر وأبو كاملٍ قالا حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا سعدٌ الطّائيّ، حدّثنا أبو المدلّة -مولى أمّ المؤمنين-أنّه سمع أبا هريرة يقول: قلنا: يا رسول اللّه، إنّا إذا رأيناك رقّت قلوبنا، وكنّا من أهل الآخرة، فإذا فارقناك أعجبتنا الدّنيا وشممنا النّساء والأولاد. قال: "لو أنّكم تكونون على كلّ حالٍ على الحال الّتي أنتم عليها عندي، لصافحتكم الملائكة بأكفّهم، ولزارتكم في بيوتكم. ولو لم تذنبوا لجاء اللّه بقومٍ يذنبون كي يغفر لهم" قلنا: يا رسول اللّه، حدّثنا عن الجنّة، ما بناؤها؟ قال: "لبنة ذهبٍ ولبنة فضّةٍ، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللّؤلؤ والياقوت، وترابها الزّعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه. ثلاثةٌ لا تردّ دعوتهم: الإمام العادل، والصّائم حتّى يفطر، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السموات، ويقول الرّبّ: وعزّتي لأنصرنّك ولو بعد حينٍ".
وروى التّرمذيّ، وابن ماجه بعضه، من حديث سعدٍ أبي مجاهدٍ الطّائيّ -وكان ثقةً-عن أبي المدلّه -وكان ثقةً-به.
وقوله: {تجري من تحتها الأنهار} أي: تسلك الأنهار بين خلال ذلك، كما يشاءوا وأين أرادوا، {وعد اللّه} أي: هذا الّذي ذكرناه وعدٌ وعده اللّه عباده المؤمنين {إنّ اللّه لا يخلف الميعاد}).[تفسير ابن كثير: 7/ 91-92]