عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 10:38 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم نبه تعالى على آية من آياته الكبرى تدل الناظر على الوحدانية، وأن ذلك لا شرك فيه لصنم، وهي حالة التوفي، وذلك أن الله تعالى ما توفاه على الكمال فهو الذي يموت، وما توفاه توفيا غير مكمل فهو الذي يكون في النوم، قال ابن زيد: النوم وفاة، والموت وفاة، وكثرت فرقة في هذه الآية وهذا المعنى، ففرقت بين النفس والروح، وفرق قوم أيضا بين نفس التمييز ونفس التخيل، إلى غير ذلك من الأقوال التي هي غلبة ظن، وحقيقة الأمر في هذا هي مما استأثر الله تبارك وتعالى به وغيبه عن عباده في قوله سبحانه: {قل الروح من أمر ربي}، ويكفيك أن في هذه الآية "يتوفى الأنفس"، وفي الحديث الصحيح إن الله قبض أرواحنا حين شاء، وردها علينا حين شاء، في حديث بلال في الوادي، فقد نطقت الشريعة بقبض الروح والنفس في النوم، وقد قال الله تعالى: {قل الروح من أمر ربي}، فظاهر أن التفصيل والخوض في هذا كله عناء، وإن كان قد تعرض للقول في هذا ونحوه الأئمة، ذكره الثعلبي وغيره، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: في ابن آدم نفس بها العقل والتمييز، وفيه روح بها التنفس والتحرك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه. و"الأجل المسمى" في هذه الآية: هو عمر كل إنسان.
وقرأ جمهور القراء: قضى عليها بفتح القاف والضاد، وقرأ حمزة، والكسائي: [قضي عليها] بضم القاف وكسر الضاد، وهي قراءة ابن وثاب، وطلحة، والأعمش، وعيسى.
ثم أحال أهل الفكرة على النظر في هذا ونحوه، فإنه من البين أن هذه القدرة لا يملكها إلا الواحد الصمد).[المحرر الوجيز: 7/ 398-399]

تفسير قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون * قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون * وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون}
[أم] هنا مقطوعة مما قبلها، وهي مقدرة بالألف وبل، وهذا تقرير وتوبيخ، فأمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يوقفهم على الأمر، وعلى أنهم يرضون بهذا مع كون الأصنام بصورة كذا وكذا من عدم الملك والعقل.
والواو في قوله تعالى: "أولو" واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام، ومتى دخلت ألف الاستفهام على واو العطف أو فائه أحدثت معنى التقرير). [المحرر الوجيز: 7/ 399]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره بأن يخبر بأن جميع الشفاعة إنما هي لله تعالى، و"جميعا" نصب على الحال، والمعنى أن الله تعالى يشفع ثم لا يشفع أحد قبل شفاعته إلا بإذنه، فمن حيث شفاعة غيره موقوفة على إذنه فالشفاعة كلها له ومن عنده). [المحرر الوجيز: 7/ 399]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإذا ذكر الله وحده} الآية، قال مجاهد وغيره: نزلت في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم عند الكعبة بمحضر من الكفار، وعند ذلك ألقى الشيطان في أمنيته، فقال: "إنهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهم لترتجى"، فاستبشر الكفار بذلك وسروا، فلما أذهب الله ما ألقى الشيطان أنفوا واستكبروا واشمأزت نفوسهم، ومعناه: تقبضت كبرا وأنفة وكراهية ونفورا، ومنه قول عمرو بن كلثوم:
إذا عض الثقاف بها اشمأزت ... وولتهم عشوزنة زبونا
و الذين من دونه يريد الذين يعبدون من دونه، وجاءت العبارة في هذه الآيات عن الأصنام كما تجيء عمن يفعل، من حيث صارت في حيز من يعقل، ونسب إليها الضر والنفع والألوهية، ونفي ذلك عنها، فعوملت معاملة من يعقل. و"وحده" منصوب عند سيبويه على المصدر، وعند الفراء على الحال). [المحرر الوجيز: 7/ 399-400]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون * ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالدعاء إليه، ورد الحكم إلى عدله، ومعنى هذا الأمر تضمن إجابة، و"اللهم" عند سيبويه منادى، وكذلك عند الكوفيين، إلا أنه خالفهم في هذه الميم المشددة، فقال سيبويه: هي عوض من حرف النداء المحذوف إيجازا، وهي دلالة على أن ثم ما حذف، وقال الكوفيون: بل هو فعل اتصل بالمكتوبة، وهو "أم" ثم حذفت الهمزة تخفيفا، فكأن معنى اللهم: يا الله أم برحمتك وفضلك و"فاطر" منادى مضاف، أي: يا فاطر السماوات، و"الغيب": ما غاب عن البشر، و"الشهادة"; ما شاهدوه). [المحرر الوجيز: 7/ 400-401]

رد مع اقتباس