عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:35 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا} أي: بالتّكذيب والاستهزاء {فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره} أي: حتّى يأخذوا في كلامٍ آخر غير ما كانوا فيه من التّكذيب، {وإمّا ينسينّك الشّيطان} والمراد بهذا كلّ فردٍ، فردٌ من آحاد الأمّة، ألّا يجلس مع المكذّبين الّذين يحرّفون آيات اللّه ويضعونها على غير مواضعها، فإن جلس أحدٌ معهم ناسيًا {فلا تقعد بعد الذّكرى} بعد التّذكّر {مع القوم الظّالمين}
ولهذا ورد في الحديث: «رفع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه»
وقال السّدّي، عن أبي مالكٍ وسعيد بن جبير في قوله: {وإمّا ينسينّك الشّيطان} قال: إن نسيت فذكرت، فلا تجلس معهم. وكذا قال مقاتل بن حيّان.
وهذه الآية هي المشار إليها في قوله: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم ... الآية} [النّساء: 140] أي: إنّكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك، فقد ساويتموهم في الّذي هم فيه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 278]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما على الّذين يتّقون من حسابهم من شيءٍ} أي: إذا تجنّبوهم فلم يجلسوا معهم في ذلك، فقد برئوا من عهدتهم، وتخلّصوا من إثمهم.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّي، عن أبي مالكٍ وسعيد بن جبير، قوله: {وما على الّذين يتّقون من حسابهم من شيءٍ} قال: ما عليك أن يخوضوا في آيات اللّه إذا فعلت ذلك، أي: إذا تجنّبتهم وأعرضت عنهم.
وقال آخرون: بل معناه: وإن جلسوا معهم، فليس عليهم من حسابهم من شيءٍ. وزعموا أنّ هذا منسوخٌ بآية النّساء المدنيّة، وهي قوله: {إنّكم إذًا مثلهم} [النّساء: 140]. قاله مجاهدٌ، والسّدّي، وابن جريج، وغيرهم. وعلى قولهم، يكون قوله: {ولكن ذكرى لعلّهم يتّقون} أي: ولكن أمرناكم بالإعراض عنهم حينئذٍ تذكيرًا لهم عمّا هم فيه؛ لعلهم يتقون ذلك، ولا يعودون إليه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 278]

تفسير قوله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وذر الّذين اتّخذوا دينهم لعبًا ولهوًا وغرّتهم الحياة الدّنيا وذكّر به أن تبسل نفسٌ بما كسبت ليس لها من دون اللّه وليٌّ ولا شفيعٌ وإن تعدل كلّ عدلٍ لا يؤخذ منها أولئك الّذين أبسلوا بما كسبوا لهم شرابٌ من حميمٍ وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون (70)}
يقول تعالى: {وذر الّذين اتّخذوا دينهم لعبًا ولهوًا وغرّتهم الحياة الدّنيا} أي: دعهم وأعرض عنهم وأمهلهم قليلًا فإنّهم صائرون إلى عذابٍ عظيمٍ؛ ولهذا قال: {وذكّر به} أي: وذكّر النّاس بهذا القرآن، وحذّرهم نقمة اللّه وعذابه الأليم يوم القيامة.
وقوله: {أن تبسل نفسٌ بما كسبت} أي: لئلّا تبسل. قال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، والحسن، والسّدّي: تبسل: تسلم.
وقال الوالبيّ، عن ابن عباس: تفتضح. وقال قتادة: تحبس. وقال مرّة وابن زيدٍ تؤاخذ. وقال الكلبيي: تجازي
وكلّ هذه العبارات متقاربةٌ في المعنى، وحاصلها الإسلام للهلكة، والحبس عن الخير، والارتهان عن درك المطلوب، كما قال: {كلّ نفسٍ بما كسبت رهينةٌ * إلا أصحاب اليمين} [المدّثّر: 38، 39].
وقوله: {ليس لها من دون اللّه وليٌّ ولا شفيعٌ} أي: لا قريب ولا أحد يشفّع فيها، كما قال: {من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ والكافرون هم الظّالمون} [البقرة: 254].
وقوله: {وإن تعدل كلّ عدلٍ لا يؤخذ منها} أي: ولو بذلت كلّ مبذولٍ ما قبل منها كما قال: {إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا [ولو افتدى به أولئك لهم عذابٌ أليمٌ وما لهم من ناصرين]} [آل عمران: 91]، وهكذا قال هاهنا: {أولئك الّذين أبسلوا بما كسبوا لهم شرابٌ من حميمٍ وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 279]


رد مع اقتباس