عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 11:02 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بآياته} أي: لا أظلم ممّن تقوّل على اللّه، فادّعى أنّ اللّه أرسله ولم يكن أرسله، ثمّ لا أظلم ممّن كذّب بآيات اللّه وحججه وبراهينه ودلالاته، {إنّه لا يفلح الظّالمون} أي: لا يفلح هذا ولا هذا، لا المفتري ولا المكذب). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 245]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ويوم نحشرهم جميعًا ثمّ نقول للّذين أشركوا أين شركاؤكم الّذين كنتم تزعمون (22) ثمّ لم تكن فتنتهم إلّا أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين (23) انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون (24) ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإن يروا كلّ آيةٍ لا يؤمنوا بها حتّى إذا جاءوك يجادلونك يقول الّذين كفروا إن هذا إلّا أساطير الأوّلين (25) وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلّا أنفسهم وما يشعرون (26) }
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين: {ويوم نحشرهم جميعًا} يوم القيامة فيسألهم عن الأصنام والأنداد الّتي كانوا يعبدونها من دونه قائلًا [لهم]: {أين شركاؤكم الّذين كنتم تزعمون} كما قال تعالى في سورة القصص: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون} [الآية: 62] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 246]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ لم تكن فتنتهم} أي: حجّتهم. وقال عطاءٌ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: أي: معذرتهم. وكذا قال قتادة. وقال ابن جريجٍ، عن ابن عبّاسٍ: أي قيلهم. وكذا قال الضّحّاك.
وقال عطاءٌ الخراسانيّ: ثمّ لم تكن بليّتهم حين ابتلوا {إلا أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}
وقال ابن جريرٍ: والصّواب ثمّ لم يكن قيلهم عند فتنتنا إيّاهم اعتذارًا ممّا سلف منهم من الشّرك باللّه {إلا أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن مطرّف، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: أتاه رجلٌ فقال يا أبا عبّاسٍ. سمعت اللّه يقول: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} قال: أمّا قوله: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} فإنّهم رأوا أنّه لا يدخل الجنّة إلّا أهل الصّلاة، فقالوا: تعالوا فلنجحد، فيجحدون، فيختم اللّه على أفواههم، وتشهد أيديهم وأرجلهم ولا يكتمون اللّه حديثًا، فهل في قلبك الآن شيءٌ؟ إنّه ليس من القرآن شيءٌ إلّا قد نزل فيه شيءٌ، ولكن لا تعلمون وجهه.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: هذه في المنافقين.
وفي هذا نظرٌ، فإنّ هذه الآية مكّيّةٌ، والمنافقون إنّما كانوا بالمدينة، والّتي نزلت في المنافقين آية المجادلة: {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له [كما يحلفون لكم ويحسبون أنّهم على شيءٍ ألا إنّهم هم الكاذبون]} [المجادلة: 18]، وهكذا قال في حقّ هؤلاء: {انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون} كما قال {ثمّ قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون اللّه قالوا ضلّوا عنّا [بل لم نكن ندعو من قبل شيئًا كذلك يضلّ اللّه الكافرين]} [غافر: 73، 74]). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 246]


تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإن يروا كلّ آيةٍ لا يؤمنوا بها} أي: يجيؤوك ليسمعوا قراءتك، ولا تجزي عنهم شيئًا؛ لأنّ اللّه جعل {على قلوبهم أكنّةً} أي: أغطيةً لئلّا يفقهوا القرآن {وفي آذانهم وقرًا} أي: صممًا عن السّماع النّافع، فهم كما قال تعالى: {ومثل الّذين كفروا كمثل الّذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً [صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون]}[البقرة: 171].
وقوله: {وإن يروا كلّ آيةٍ لا يؤمنوا بها} أي: مهما رأوا من الآيات والدّلالات والحجج البيّنات، لا يؤمنوا بها. فلا فهم عندهم ولا إنصاف، كما قال تعالى: {ولو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم [ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون]} [الأنفال: 23].
وقوله: {حتّى إذا جاءوك يجادلونك} أي يحاجّونك ويناظرونك في الحقّ بالباطل {يقول الّذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأوّلين} أي: ما هذا الّذي جئت به إلّا مأخوذٌ من كتب الأوائل ومنقولٌ عنهم). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 247]

تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وهم ينهون عنه وينأون عنه} وفي معنى {ينهون عنه} قولان:
أحدهما: أنّ المراد أنّهم ينهون النّاس عن اتّباع الحقّ، وتصديق الرّسول، والانقياد للقرآن، وينسأون عنه أي: [ويبتعدون هم عنه، فيجمعون بين الفعلين القبيحين لا ينتفعون] ولا يتركون أحدًا ينتفع [ويتباعدون] قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وهم ينهون عنه} قال: ينهون النّاس عن -محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم- أن يؤمنوا به.

وقال محمّد بن الحنفيّة: كان كفّار قريشٍ لا يأتون النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وينهون عنه.
وكذا قال مجاهدٌ وقتادة، والضّحّاك، وغير واحدٍ. وهذا القول أظهر، واللّه أعلم، وهو اختيار ابن جريرٍ.
والقول الثّاني: رواه سفيان الثّوريّ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عمّن سمع ابن عبّاسٍ يقول في قوله: {وهم ينهون عنه} قال: نزلت في أبي طالبٍ كان ينهى [النّاس] عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- إنّ يؤذى وكذا قال القاسم بن مخيمرة، وحبيب بن أبي ثابتٍ، وعطاء بن دينارٍ: إنّها نزلت في أبي طالبٍ. وقال سعيد بن أبي هلالٍ: نزلت في عمومة النّبيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، وكانوا عشرةً، فكانوا أشدّ النّاس معه في العلانية وأشدّ النّاس عليه في السّرّ. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال محمّد بن كعبٍ القرظيّ: {وهم ينهون عنه} أي: ينهون النّاس عن قتله.
[و] قوله: {وينأون عنه} أي: يتباعدون منه {وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون} أي: وما يهلكون بهذا الصّنيع، ولا يعود وباله إلّا عليهم، وما يشعرون). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 247-248]


رد مع اقتباس