عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 18 جمادى الآخرة 1435هـ/18-04-2014م, 06:40 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {الحمد للّه الّذي خلق السّماوات والأرض وجعل الظّلمات والنّور ثمّ الّذين كفروا بربّهم يعدلون (1) هو الّذي خلقكم من طينٍ ثمّ قضى أجلًا وأجلٌ مسمًّى عنده ثمّ أنتم تمترون (2) وهو اللّه في السّماوات وفي الأرض يعلم سرّكم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3) }
يقول اللّه تعالى مادحًا نفسه الكريمة، وكما حامدًا لها على خلقه السّموات والأرض قرارًا لعباده، وجعل الظّلمات والنّور منفعةً لعباده في ليلهم ونهارهم، فجمع لفظ "الظّلمات" ووحّد لفظ النّور"؛ لكونه أشرف، قال {عن اليمين والشّمائل} [النّحل: 48]، وكما قال في آخر هذه السّورة {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله} [الأنعام: 153].
وقوله: {ثمّ الّذين كفروا بربّهم يعدلون} أي: ومع هذا كلّه كفر به بعض عباده، وجعلوا معه شريكًا وعدلًا واتّخذوا له صاحبةً وولدًا، تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 238-239]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {هو الّذي خلقكم من طينٍ} يعني: أباهم آدم الّذي هو أصلهم ومنه خرجوا، فانتشروا في المشارق والمغارب.
وقوله: {ثمّ قضى أجلا وأجلٌ مسمًّى عنده} قال سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: {ثمّ قضى أجلا} يعني: الموت {وأجلٌ مسمًّى عنده} يعني: الآخرة.
وهكذا روي عن مجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والضّحّاك، وزيد بن أسلم، وعطيّة، والسّدّي، ومقاتل بن حيّان، وغيرهم.
وقول الحسن -في روايةٍ عنه: {ثمّ قضى أجلا} قال: ما بين أن يخلق إلى أن يموت {وأجلٌ مسمًّى عنده} ما بين أن يموت إلى أن يبعث-هو يرجع إلى ما تقدّم، وهو تقدير الأجل الخاصّ، وهو عمر كلّ إنسانٍ، وتقدير الأجل العامّ، وهو عمر الدّنيا بكمالها ثمّ انتهائها وانقضائها وزوالها، [وانتقالها] والمصير إلى الدّار الآخرة.
وعن ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ: {ثمّ قضى أجلا} يعني: مدّة الدّنيا {وأجلٌ مسمًّى عنده} يعني: عمر الإنسان إلى حين موته، وكأنّه مأخوذٌ من قوله تعالى بعد هذا: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ [يبعثكم فيه ليقضى أجلٌ مسمًّى ثمّ إليه مرجعكم]} الآية [الأنعام: 60].
وقال عطيّة، عن ابن عبّاسٍ {ثمّ قضى أجلا} يعني: النّوم، يقبض فيه الرّوح، ثمّ يرجع إلى صاحبه عند اليقظة {وأجلٌ مسمًّى عنده} يعني: أجل موت الإنسان، وهذا قولٌ غريبٌ.
ومعنى قوله: {عنده} أي: لا يعلمه إلّا هو، كقوله تعالى: {إنّما علمها عند ربّي لا يجلّيها لوقتها إلا هو} [الأعراف: 187]، وكقوله {يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربّك منتهاها} [النّازعات: 42 -44].
وقوله: {ثمّ أنتم تمترون} قال السّدّي وغيره: يعني تشكّون في أمر السّاعة). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 239]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وهو اللّه في السّماوات وفي الأرض يعلم سرّكم وجهركم ويعلم ما تكسبون} اختلف مفسّرو هذه الآية على أقوالٍ، بعد الاتّفاق على تخطئة قول الجهميّة الأوّل القائلين بأنّه -تعالى عن قولهم علوًّا كبيرًا-في كلّ مكانٍ؛ حيث حملوا الآية على ذلك، فأصحّ الأقوال أنّه المدعوّ اللّه في السّموات وفي الأرض، أي: يعبده ويوحّده ويقرّ له بالإلهيّة من في السّموات ومن في الأرض، ويسمّونه اللّه، ويدعونه رغبًا ورهبًا، إلّا من كفر من الجنّ والإنس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى: {وهو الّذي في السّماء إلهٌ وفي الأرض إلهٌ} [الزّخرف: 84]، أي: هو إله من في السّماء وإله من في الأرض، وعلى هذا فيكون قوله: {يعلم سرّكم وجهركم} خبرًا أو حالًا.
والقول الثّاني: أنّ المراد أنّ اللّه الّذي يعلم ما في السّموات وما في الأرض، من سرٍّ وجهرٍ. فيكون قوله: {يعلم} متعلّقًا بقوله: {في السّماوات وفي الأرض} تقديره: وهو اللّه يعلم سرّكم وجهركم في السّموات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون.
والقول الثّالث أنّ قوله {وهو اللّه في السّماوات} وقفٌ تامٌّ، ثمّ استأنف الخبر فقال: {وفي الأرض يعلم سرّكم وجهركم ويعلم ما تكسبون} وهذا اختيار ابن جريرٍ.
وقوله: {ويعلم ما تكسبون} أي: جميع أعمالهم خيرها وشرّها). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 239-240]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وما تأتيهم من آيةٍ من آيات ربّهم إلّا كانوا عنها معرضين (4) فقد كذّبوا بالحقّ لمّا جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون (5) ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرنٍ مكّنّاهم في الأرض ما لم نمكّن لكم وأرسلنا السّماء عليهم مدرارًا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين (6) }
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين المكذّبين المعاندين: إنّهم مهما أتتهم {من آيةٍ} أي: دلالةٍ ومعجزةٍ وحجّةٍ، من الدّلالات على وحدانيّة الرّبّ، عزّ وجلّ، وصدق رسله الكرام، فإنّهم يعرضون عنها، فلا ينظرون فيها ولا يبالون بها). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 240]

تفسير قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فقد كذّبوا بالحقّ لمّا جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون} وهذا تهديدٌ لهم ووعيدٌ شديدٌ على تكذيبهم بالحقّ، بأنّه لا بدّ أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التّكذيب، وليجدنّ غبّه، وليذوقنّ وباله). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 240]


رد مع اقتباس