عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 23 ربيع الثاني 1434هـ/5-03-2013م, 11:41 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}


تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله: {يدعونه إلى الهدى ائتنا...}
كان أبو بكر الصدّيق وامرأته يدعوان عبد الرحمن ابنهما إلى الإسلام فهو قوله: {إلى الهدى ائتنا} أي :أطعنا، ولو كانت "إلى الهدى أن ائتنا" لكان صوابا؛ كما قال: {إنّا أرسلنا نوحاً إلى قومه أن أنذر قومك} في كثير من أشباهه، يجيء بأن، ويطرحها). [معاني القرآن: 1/ 339]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ونردّ على أعقابنا} يقال: ردّ فلان على عقيبيه أي: رجع ولم يظفر بما طلب ولم يصب شيئاً). [مجاز القرآن: 1/ 196]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({كالّذي استهوته الشّياطين}؛ وهو: الحيران الذي يشبّه له الشياطين فيتبعها حتى يهوى في الأرض فيضلّ). [مجاز القرآن: 1/ 196]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل أندعوا من دون اللّه ما لا ينفعنا ولا يضرّنا ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض حيران له أصحابٌ يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إنّ هدى اللّه هو الهدى وأمرنا لنسلم لربّ العالمين}
وأمّا قوله: {حيران له أصحابٌ} فإنّ كلّ "فعلان" له "فعلى" فإنّه لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة.
وأمّا قوله: {إلى الهدى ائتنا} فان الألف التي في {ائتنا} ألف وصل ولكن بعدها همزة من الأصل هي التي في "أتى" وهي الياء التي في قولك "إيتنا"، ولكنها لم تهمز حين ظهرت ألف الوصل. لأن ألف الوصل مهموزة إذا استؤنفت فكرهوا اجتماع همزتين.
وقال: {وأمرنا لنسلم لربّ العالمين} يقول: إنّما أمرنا كي نسلم لربّ العالمين، كما قال: {وأمرت أن أكون من المؤمنين} أي: إنما أمرت بذلك). [معاني القرآن: 1/ 241-242]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أهل المدينة والحسن وأبو عمرو {كالذي استهوته الشياطين}.
عبد الله "استهواه الشيطان" يجعله واحدًا.
[معاني القرآن لقطرب: 514]
أبي بن كعب "كالذي استهوت الشياطين" يحذف الهاء). [معاني القرآن لقطرب: 515]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {ونرد على أعقابنا} فإنه حكي لنا: أنهم يقولون لك لمن لم يظفر بشيء: رد علي عقبيه.
[معاني القرآن لقطرب: 543]
وأما قوله عز وجل {كالذي استهوته الشياطين} فهو من قولك: تهوي إليهم؛ أي تريدهم وتؤمهم؛ كأنه قال هوت.
وأما قوله عز وجل {حيران له أصحاب} فالفعل حار الرجل حيرًا وحيرة، وحيرًا في المصدر). [معاني القرآن لقطرب: 544]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {نرد على أعقابنا}: نرجع.
{استهوته الشياطين}: استمالته). [غريب القرآن وتفسيره: 138]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض} أي: هوت به وذهبت
{حيران له أصحابٌ يدعونه إلى الهدى ائتنا} يقولون له: ائتنا نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر وأصحابه: أبوه وأمه). [تفسير غريب القرآن: 155]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل أندعو من دون اللّه ما لا ينفعنا ولا يضرّنا ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إنّ هدى اللّه هو الهدى وأمرنا لنسلم لربّ العالمين}
{ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه} أي: نرجع إلى الكفر، ويقال لكل من أدبر قد رجع إلى خلف ورجع القهقرى.
وقوله: {كالذي استهوته الشياطين في الأرض}أي: كالذي زينت له الشياطين هواه.
وقوله {حيران}منصوب على الحال، أي: كالذي استهوته في حال حيرته.
وقوله:{له أصحاب يدعونه إلى الهدى}قيل في التفسير: يعنى بهذا عبد الرحمن بن أبي بكر، {ائتنا}أي تابعنا في إيماننا.
{وأمرنا لنسلم لربّ العالمين} أي: يدعونه ويقولون له {أمرنا لنسلم لربّ العالمين}
العرب تقول أمرتك بأن تفعل، وأمرتك لتفعل، وأمرتك بأن تفعل،
- فمن قال أمرتك بأن تفعل فالباء للإلصاق، المعنى وقع الأمر بهذا الفعل.
- ومن قال أمرتك أن تفعل فعلى حذف الباء.
- ومن قال أمرتك لتفعل فقد أخبر بالعلّة التي لها وقع الأمر.
المعنى أمرنا للإسلام). [معاني القرآن: 2/ 262]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا}،
قال مجاهد: يعني الأوثان). [معاني القرآن: 2/ 445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله} أي: إلى الكفر،
قال أبو عبيدة: يقال لمن رد عن حاجته ولم يظفر بها قد رد على عقبيه.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد: معناه: يعقب بالشر بعد الخير وأصله من العاقبة والعقبى وهما ما كان تاليا للشيء راجيا أن يتبعه ومنه والعاقبة للمتقين ومنه عقب الرجل ومنه العقوبة لأنها تالية للذنب وعنه تكون). [معاني القرآن: 2/ 445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران} معنى استهوته زينت له هواه). [معاني القرآن: 2/ 446]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا}). [معاني القرآن: 2/ 446]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): {اسْتَهْوَتْهُ} أي: هوت به وذهبت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 77]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({اسْتَهْوَتْهُ}: استمالته). [العمدة في غريب القرآن: 128]

تفسير قوله تعالى:{وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأن أقيموا الصّلاة...}
مردودة على اللام التي في قوله: {وأمرنا لنسلم} والعرب تقول: أمرتك لتذهب (وأن تذهب) فأن في موضع نصب بالردّ على الأمر. ومثله في القرآن كثير). [معاني القرآن: 1/ 339]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وأن أقيموا الصّلاة واتّقوه وهو الّذي إليه تحشرون}
ثم قال: {وأن أقيموا الصّلاة واتّقوه} أي: وأمرنا أن أقيموا الصّلاة واتّقوه. أو يكون أوصل الفعل بالّلام،
والمعنى: أمرت أن أكون. كما أوصل باللام في قوله: {لربّهم يرهبون}). [معاني القرآن: 1/ 242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {وأن أقيموا الصّلاة واتّقوه وهو الّذي إليه تحشرون}
فيه وجهان:
1- أحدهما أن تكون أمرنا لأن نسلم ولأن نقيم الصلاة
2- ويجوز أن يكون محمولا على المعنى، لأن المعنى أمرنا بالإسلام. وبإقامة الصلاة.
وموضع أن نصب، لأن الباء لما سقطت أفضى الفعل فنصب.
وفيه وجه آخر، يجوز أن يكون محمولا على قوله: {يدعونه إلى الهدى ائتنا}،
{وأن أقيموا الصلاة} أي: ويدعونه أن أقيموا الصلاة). [معاني القرآن: 2/ 263]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {كن فيكون...}
يقال إنّ قوله: {فيكون}للصّور خاصّة، أي يقول للصّور:{كن فيكون}.
ويقال إن قوله: {كن فيكون} لقوله هو الحقّ من نعت القول، ثم تجعل فعله {يوم ينفخ في الصّور} يريد: يكون قوله الحقّ يومئذ.
وقد يكون أن تقول: {ويوم يقول كن فيكون} لكل شيء فتكون كلمة مكتفية وترفع القول بالحقّ، وتنصب (اليوم) لأنه محل لقوله الحقّ.
والعرب تقول: نفخ في الصور ونفخ.

وفي قراءة عبد الله: {كهيئة الطير فأنفخها فتكون طيرا بإذني}
وقال الشاعر:

لولا ابن جعدة لم يفتح قهندزكم ....... ولا خراسان حتى ينفخ الصور
ويقال: إن الصّور قرن.
ويقال: هو جمع للصور ينفخ في الصور في الموتى. والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 1/ 340]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({يوم ينفخ في الصّور} يقال: إنها جمع صورة تنفخ فيها روحها فتحيا، بمنزلة قولهم: سور المدينة واحدتها سورة، وكذلك كل ما علا وارتفع، كقول النابغة:
ألم تر أنّ الله أعطاك سورةً ....... ترى كلّ ملكٍ دونها يتذبذب
وقال العجّاج:
فربّ ذي سرادقٍ محجور ....... سرت إليه في أعالي السّور
ومنها: سورة المجد أعاليه؛ وقال جرير:
لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت ....... سور المدينة والجبال الخشّع).
[مجاز القرآن: 1/ 196-197]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وهو الّذي خلق السّماوات والأرض بالحقّ ويوم يقول كن فيكون قوله الحقّ وله الملك يوم ينفخ في الصّور عالم الغيب والشّهادة وهو الحكيم الخبير}
وقال: {ويوم يقول كن فيكون}
قال: {يوم} مضاف إلى قوله: {كن فيكون} وهو نصب وليس له خبر ظاهر والله اعلم. وهو على ما فسرت لك.
وكذلك: {يوم ينفخ في الصّور}، وقال بعضهم: {يوم ينفح في الصّور}، وقال بعضهم: {ينفخ} {عالم الغيب والشّهادة}). [معاني القرآن: 1/ 242]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (العامة {يوم ينفخ في الصور}.
وفي قراءة بعض أهل البصرة "يوم ينفخ في الصور" يحرك الواو.
وفي اللغة يقال: هو صورة وصور بالكسر؛ وهذا المذهب حسن.
وقد يجوز أن يكون الصور أيضًا يريد جمع الصورة، كما قالوا: صوفة وصوف، وبومة وبوم؛ فأسكن وسطه، وقول الحسن: "ينفخ في الصور"؛ أي صور الخلائق؛ يعني الأرواح في الأبدان). [معاني القرآن لقطرب: 515]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقال مجاهد {في الصور} و{نقر في الناقور} قال: هما سواء؛ وهو شبه البوق ينفخ فيه.
وقال العجاج في مثل صورة وصور:
ورب ذي سرادق محجور = سرت إليه في أعالي السور
وقالوا في فعله: صورت الصورة، وصرتها؛ زعم ذلك لنا أبو عبيدة.
وقال الأعشى على ذلك:
ولا الأيبلي على هيكل = بناه وصلب فيه وصارا
أي صوره). [معاني القرآن لقطرب: 516]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي خلق السّماوات والأرض بالحقّ ويوم يقول كن فيكون قوله الحقّ وله الملك يوم ينفخ في الصّور عالم الغيب والشّهادة وهو الحكيم الخبير}
{ويوم يقول كن فيكون}
نصب " يوم " على وجهين:
- أحدهما: على معنى: واتقوه ويوم يقول فيكون نسقا على الهاء، كما قال عزّ وجلّ: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا}.
- والأجود: أن يكون على معنى: واذكر يقول كن فيكون، لأن بعده.. {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر}
- وفيه وجه ثالث: وهو العطف على السّماوات والأرض.
المعنى: وهو الذي خلق السّماوات والأرض بالحق وخلق يوم يقول كن فيكون.
فإن قال قائل: إن يوم القيامة لم يأت بعد. فإن ما أنبأنا اللّه بكونه فحقيقته واقع لا محالة.
وقوله: {كن فيكون}
قال بعضهم: المخاطبة ههنا للصور المعنى ويوم يقول للصور كن فيكون، وما ذكر من الصور يدل عليه.
وقيل إن قوله (كن) فيه أسماء جميع ما يخلق في ذلك الوقت المعنى:

{ويوم يقول كن فيكون} وهذا ذكر ليدل على سرعة أمر البعث والساعة.
كأنه قال: ويوم يقول للخلق موتوا فيموتون وانتشروا فينتشرون.
كأنه يأمر الحياة فتكون فيهم، والموت فيحل أولا يفنى جميع الخلق.
وقيل: {ويوم يقول كن فيكون} (قوله) أي يأمر فيقع أمره، و (الحقّ) من نعت (قوله) كما تقول: قد قلت فكان قولك، فالمعنى ليس أنك قلت فكان الكلام، إنما المعنى أنه كان ما دلّ عليه القول.
وعلى القول الأول قد رفع (قوله) بالابتداء و (الحقّ) خبر الابتداء.
وقوله: {يوم ينفخ في الصّور}.
يجوز أن يكون نصب (يوم) على {وله الملك يوم ينفخ في الصّور} مبينا عن قوله: {ويوم يقول كن فيكون}.
ويجوز أن يكون منصوبا بقوله (الحق).
المعنى و {قوله الحق يوم ينفخ في الصور} .
* فإن قال قائل: للّه الملك في كل وقت فلم خصّ يوم القيامة، ويوم ينفخ في الصور؟
- فالجواب: في هذا أنه في اليوم الذي لا يظهر فيه من أحد نفع لأحد ولا ضر، كما قال: {والأمر يومئذ للّه} والأمر في كل وقت للّه جلّ وعزّ.
وقالوا في الصور قولين:
1- قيل: في التفسير إن الصور اسم لقرن ينفخ فيه.
2- وقيل: الصور جمع صورة، وكلاهما جائز، وأثبتها في الحديث.
والرواية أن الصور قرن، والصور جمع صورة: أهل اللغة على هذا). [معاني القرآن: 2/ 263-264]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون} والمعنى: اتقوا يوم يقول كن فيكون، ويجوز أن يكون معطوفا على قوله تعالى: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق}.
* فإن قيل ما معنى وخلق يوم يقول كن فيكون؟
- فالجواب:
- أن ما أخبر الله جل وعز أنه كائن فهو بمنزلة ما قد كان
- ويجوز أن يكون المعنى واذكروا وهذا أحسن الأجوبة لأن بعده {وإذ قال إبراهيم}.
وقيل المعنى: {ويوم يقول كن فيكون} للصور.
وقيل المعنى: فيكون ما أراد من موت الخلائق وبعثهم والتمام على هذين الجوابين عند قوله: {فيكون}.
وقيل المعنى: فيكون قوله أي فيكون يأمر به ويكون التمام على هذا فيكون قوله الحق.
قال أبو عبيدة: الصور جمع صورة وهذا القول مما رد عليه لأن عبد الله بن مسعود قال: الصور قرن.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لم يزل صاحب الصور ملتقمه منذ خلقه الله ينتظر متى يؤمر بالنفخ فيه»
وقال عمرو بن عبيد: قرأ عياض {يوم ينفخ في الصور} وهذا يعني به الخلق. والله أعلم). [معاني القرآن: 2/ 446-448]


رد مع اقتباس