عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 10:53 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)}

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين}
وقال: {ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} نصب لأنه جواب للتمني وما بعد الواو كما بعد الفاء، وإن شئت رفعت وجعلته على مثل اليمين، كأنهم قالوا "ولا نكذّب والله بآيات ربّنا ونكون والله من المؤمنين".
هذا إذا كان ذا الوجه منقطعاً من الأول. والرفع وجه الكلام وبه نقرأ الآية [و] إذا نصب جعلها واو عطف، فكأنهم قد تمنوا ألا يكذبوا وأن يكونوا. وهذا - والله أعلم - لا يكون، لأنهم لم يتمنوا الإيمان إنما تمنوا الرد وأخبروا أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين). [معاني القرآن:1/ 237]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أهل المدينة وأبو عمرو {يا ليتنا نرد ولا نكذب ... ونكون من المؤمنين}؛ كأنه قال ونحن لا نكذب.
ابن أبي إسحاق {ولا نكذب ... ونكون} وقد فسرناه مع جواب الفاء). [معاني القرآن لقطرب: 511]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {ولو ترى إذ وقفوا} {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت} فقال: "إذ" لما لم يقع، وإنما "إذ" لما وقع؛ فصيرت لما لم يقع؛ ويكون إذا في اللغة لما قد وقع؛ قال ذلك بعض العرب لما لم يقع؛ والأكثر أن تكون "إذا" لما لم يقع، و"إذ" لما وقع.
والمذهب الآخر موجود في القرآن والشعر؛ فمن ذلك أيضًا في القرآن: {ولو ترى إذ فزعوا} و{إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم} {ولو ترى إذ وقفوا} {يومئذ تحدث أخبارها}.
وقال بعض أهل اليمن وهو برج بن مسهر الطائي:
وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
فقال "إذا" والمعنى "إذ".
وقال أبو النجم:
مد لنا في عمره رب طها
ثم جزاه الله عنا إذ جزى
جنات عدن في العلالي العلى
فقال "جزاه إذ" لما لم يقع، كالآي التي ذكرنا.
[معاني القرآن لقطرب: 538]
وقال الأسود:
أفالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
فقال "إذ".
وقال أوس بن حجر فجاء بهما جميعًا في معنى:
الحافظ الناس في الزمان إذا = لم يرسلوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمأل الرياح وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
فقال: إذا وإذ جميعًا.
وقال أيضًا:
أبا دليجة من يكفي العشيرة إذ = أمسوا من الأمر في رؤد وبلبال
أم من يكون خطيب القوم إذ = حفلوا لدى الملوك ذوي أيد وأقوال
وقال عنترة:
وقد علمت إذا هبت شآمية = تزجي جهامًا قبيل الصبح صلالا
أنا نعف ونقري الشحم نازلنا = إذ لم نجد في بيوت القوم أنفالا
فقال: إذ وإذا في شيء واحد). [معاني القرآن لقطرب: 539]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين}
القراءة - أكثر ها بالفتح والتفخيم، والإمالة حسنة جيدة، وهي مذهب أبي عمرو، أعني كسر الألف من " النّار "،
وإنما حسنت الإمالة في قوله {كمثل الحمار يحمل أسفارا}، وأصحاب النّار، لأن الراء بعد الألف مكسورة، وهي حرف كأنّه مكرر في اللسان، فصارت الكسرة فيه كالكسرتين.
ومعنى {وقفوا على النّار} يحتمل ثلاثة أوجه :
- جائز أن: يكونوا عاينوها.
- وجائز أن يكونوا عليها وهي تحتهم، والأجود أن يكون معنى {وقفوا على النار} أدخلوها فعرفوا مقدار عذابها، كما تقول في الكلام: قد وقفت على ما عند فلان، تريد قد فهمته وتبينته.
{فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين}:
أكثر القراء بالرفع في قوله: {ولا نكذّب بآيات ربّنا}، ويكون المعنى: أنّهم تمنوا الرد، وضمنوا أنهم لا يكذّبون.
المعنى: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب، بآيات ربنا رددنا أم لم نرد.
{ونكون من المؤمنين}: أي قد عاينا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبدا.
- قال سيبويه: مثله دعني ولا أعود، أي وأنا لا أعود تركتني أو لم تتركني.
ويجوز الرفع على وجه آخر، على معنى يا ليتنا نرد، ويا ليتنا لا نكذّب بآيات ربّنا، كأنّهم تمنّوا الرد والتوفيق للتصديق، ونكون من المؤمنين الرفع والنصب أيضا فيه جائزان، فأمّا النصب فعلى يا ليتنا نرد وتكون يا ليتنا نرد ولا نكذب على الجواب بالواو في التمني كما تقول ليتك تصير إلينا ونكرمك، المعنى ليت مصيرك يقع، وإكرامنا، ويكون المعنى: ليت ردّنا وقع وأن لا نكذّب.
أي إن رددنا لم نكذب). [معاني القرآن: 2/ 239-240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولو ترى إذ وقفوا على النار} في معناه ثلاثة أقوال:
1- منها أن معنى وقفوا على النار أدخلوها كما يقال وقفت على ما عند فلان أي عرفت حقيقته.
2- وقيل معناه رأوها.
3- وقيل جازوا عليها وهي من تحتهم). [معاني القرآن: 2/ 412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز:{فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}
المعنى: ونحن لا نكذب بآيات ربنا رددنا أو لم نرد
قال سيبوبه: ومثله دعني ولا أعود أي ولا أعود تركتني أو لم تتركني ومن قرأ {ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}،فمعناه: عنده يا ليتنا وقع لنا الرد وأن لا نكذب.
قال أبو إسحاق: وفيه معنى إن رددنا لم نكذب.
وقرأ ابن عامر: {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} بالنصب.
وقرأ عبد الله بن مسعود:{ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}.
وقرأ أبي بن كعب:{ولا نكذب بآيات ربنا أبدا}). [معاني القرآن: 2/ 413-414]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَوْ تَرَىَ}: لو تعلم). [العمدة في غريب القرآن: 126]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (العامة {ولو ردوا لعادوا}.
يحيى بن وثاب "ولو ردوا لعادوا" وكذلك قراءة يحيى في الرعد "وصدوا عن السبيل" وعلى "هذه بضاعتنا ردت إلينا"؛ و"ردت" لغة لبني ضبة؛ كأنهم توهموا رددت، ثم ألقوا حركة الدال على الراء لما أدغموا؛ وحكى
[معاني القرآن لقطرب: 511]
لنا بعض أهل العلم: قد ضرب زيد، وقتل عمرو؛ كأنه توهم إلقاء كسرة الراء من ضرب وقتل على الحرف الأول.
وقال ذو الرمة، سمعناه ينشد على هذه القراءة:
دنا البين من مي فردت جمالها = وهاج الهوى تقويضها واحتمالها). [معاني القرآن لقطرب: 512]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون}
أي: بل ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة يخفون عنهم من أمر البعث والنشور لأن المتصل بهذا قوله عزّ وجلّ: {وقالوا إن هي إلّا حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين}، فأنكروا البعث ليجرّئوا على المعاصي.
{ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه}
قال بعضهم: لو ردوا ولم يعاينوا العذاب لعادوا، كأنّه يذهب إلى أنهم لم يشاهدوا ما يضطرهم إلى الارتداع، وهذا - علّه - بيّن.
لأن هذا القول منهم بعد أن بعثوا وعلموا أمر القيامة وعاينوا النّار،
فالمعنى: أن أكثر من عاين من اليهود والمشركين قد علم أن أمر اللّه حق فركن إلى الرفاهية، وأن الشيء متأخر عنه إلى أمد كما فعل إبليس الذي قد شاهد من براهين الله ما لا غاية بعده، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم لو ردّوا لعادوا لأنهم قد كفروا بعد وجوب الحجة عليهم.
وقال بعض المفسرين: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل فقيل له: ما بال أهل النار عملوا في عمر قصير بعمل أهل النار فخلّدوا في النار وأهل الجنة عملوا في عمر قصير بعمل أهل الجنّة فخلدوا في الجنّة، فقال: «إن الفريقين كان كل واحد منهما على أنه لو عاش أبدا عمل بذلك العمل».) [معاني القرآن: 2/ 240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقال جل وعز: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}المعنى: بل ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة يخفون عنهم من أمر البعث والقيامة لأن بعده وقالوا {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}
وقال بعض أهل اللغة: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فيه شيء محذوف.
والمعنى: ولو ردوا قبل أن يعاينوا العذاب لأنهم لا يكفرون بعدما عاينوا وهذا القول مردود لأن الله جل ثناؤه أخبر عنهم أنهم يقولون هذا يوم القيامة وقد خبّر جلّ وعز عن إبليس أنه كفر بعدما رأى، وعنهم أنهم كفروا عنادا وإيثارا للرئاسة). [معاني القرآن: 2/ 414-415]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({بل بدا لهم} أي: ظهر لهم، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الأياتِ} أي: ظهر لهم من الرأي أن يسجنوه). [ياقوتة الصراط: 219-220]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {نَمُوتُ وَنَحْيَا}
قال ثعلب اختلف الناس:
1- فقالت طائفة: هو مقدم ومؤخر، ومعناه: نحيا ونموت ولا نحيا بعد ذلك.
2- وقالت طائفة معناه: نحيا ونموت ولا نحيا أبدا، وتحيا أولادنا بعدنا، فجعلوا حياة أولادهم بعدهم كحياتهم، ثم قالوا: ويموت أولادنا بعدنا، فلا نحيا نحن ولا هم). [ياقوتة الصراط: 220-221]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({فذوقوا العذاب} قال: الذوق كون بالفم وبغير الفم). [ياقوتة الصراط: 221]

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {إذ وقفوا} فإنهم يقولون: وقفت الدابة، ووقفت الرجل - بغير ألف - أقفه، هذه الجيدة؛ وقال بعضهم: أوقفت الرجل إيقافًا؛ وقال الله عز وجل {وقفوهم إنهم مسئولون} على وقفت). [معاني القرآن لقطرب: 539]


رد مع اقتباس