عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 10:51 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21)}

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أين شركاؤكم} أي: أين آلهتكم التي جعلتموها لي شركاء فنسبها إليهم لما ادّعوا لها من شركته جلّ وعز). [تفسير غريب القرآن: 152]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين...} تقرأ: ربّنا وربّنا خفضا ونصبا...
- وحدثني الحسن بن عيّاش أخو أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن الشعبيّ عن علقمة أنه قرأ {واللّه ربّنا}قال: معناه والله يا ربّنا. فمن قال (ربّنا) جعله محلوفا به). [معاني القرآن:1/ 330]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ثمّ لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا والله ربّنا} مرفوعة إذا علمت فيها {ثم لم تكن} فتجعل قولهم الخبر لتكن، وقوم ينصبون {فتنتهم} لأنهم يجعلونها الخبر، ويجعلون قولهم الاسم، بمنزلة قولك ثم لم يكن قولهم إلا فتنةً، لأن {إلاّ أن قالوا} في موضع {قولهم}.
- ومجاز (فتنتهم): مجاز كفرهم وشركهم الذي كان في أيديهم). [مجاز القرآن: 1/ 188]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ثمّ لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}
- وقال {ثمّ لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا واللّه ربّنا} على الصفة.
- وقال بعضهم: {ربّنا} على "يا ربنا.
وأمّا {والله} فجره على القسم، ولو لم تكن فيه الواو نصبت فقلت {الله ربّنا}، ومنهم من يجر بغير واو لكثرة استعمال هذا الاسم وهذا في القياس رديء.
وقد جاء مثله شاذا قولهم:
* وبلدٍ عاميّةٍ أعماؤه *
[و] إنّما هو: ربّ بلدٍ وقال:
نهيتك عن طلابك أمّ عمرٍو ....... بعاقبةٍ وأنت إذٍ صحيح
- يقول: "حينئذٍ" فألقى "حين" وأضمرها. وصارت الواو عوضا من "ربّ" في "وبلدٍ". وقد يضعون "بل" في هذا الموضع. قال الشاعر:
ما بال عينٍ عن كراها قد جفت .......مسبلةً تستنّ لمّا عرفت
داراً لليلى بعد حولٍ قد عفت ....... بل جوز تيهاء كظهر الحجفت

فيمن قال "طلحت"). [معاني القرآن: 1/ 235]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {ثم لم تكن فتنتهم} ينصب الفتنة، وقد أنث الفعل؛ كأنه لما كان أن قالوا هي الفتنة في المعنى، حمله عليه.
قال المسيب بن علس:
أما الحرام فمركوبة = وأما الحلال فلا تركب
أنث الحلال والحرام؛ كأنه الطاعة الحلال، والمعصية الحرام.
وقال أيضًا الآخر:
هم أهل بطحاوي قريش كليهما = وهم صلبها ليس الوشائظ كالصلب
فقال: "كليهما"، ولم يقل: كلتيهما؛ كأنه قال: أبطحي قريش؛ لأن الأبطح والبطحاء مكان، والمعنى واحد.
وزعم يونس أنه يريد أبطحي.
وقال الآخر:
فبات مجني دون من كنت أتقي = ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
فأنث الشخوص على المعنى؛ لأنه للمؤنث.
وقال الآخر:
يا ليت بعلك قد غدا = متقلدا سيفا ورمحا
والرمح لا يتقلد، ولكن لما كان معناه: "ويحمل"؛ لأن التقلد حمل؛ فكأنه قال: ويحمل رمحًا.
قراءة أخرى {ثم لم تكن فتنتهم} وهي أحسن ترفع "الفتنة" بـ"تكن".
[معاني القرآن لقطرب: 510]
ويجوز وهو حسن {ثم لم يكن فتنتهم إلا أن قالوا} يصير {يكن} لـ {أن قالوا} والفتنة الخبر.
الشعبي {والله ربنا} وهي قراءة علقمة؛ كأنه قال: والله يا ربنا على النداء.
الحسن وأبو عمرو وأبو جعفر ونافع {والله ربنا} على الوصف). [معاني القرآن لقطرب: 511]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثمّ لم تكن فتنتهم} أي مقالتهم ويقال حجّتهم.
وقد ذكرت هذا في كتاب «تأويل المشكل» في باب الفتنة. وبينت كيف هو). [تفسير غريب القرآن: 152]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الفتنة: الاختبار.
يقال فتنت الذهب في النّار: إذا أدخلته إليها لتعلم جودته من رداءته.
وقال تعالى {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: اختبرناهم.
وقال لموسى عليه السلام: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}.
ومنه قوله {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي: جوابهم لأنهم حين سئلوا اختبر ما عندهم بالسؤال، فلم يكن الجواب عن ذلك الاختبار إلا هذا القول). [تأويل مشكل القرآن:472](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ثمّ لم تكن فتنتهم إلّا أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}
إن شئت نصبت "فتنتهم" على خبر يكن، ويكون أن قالوا هو الاسم وأنث "تكن" وهو {إلا أن قالوا} لأن " أن قالوا " ههنا هو الفتنة.
- ويجوز أن يكون: تأويل "أن قالوا" إلا مقالتهم.
- ويجوز: رفع الفتنة وتأنيث "تكن" ويكون الخبر (أن قالوا) والاسم (فتنتهم).
- ويجوز: ثم لم يكن فتنتهم إلا أن قالوا، فتذكر "يكن" لأنه معلق ب (أن قالوا)، ويجوز ثم لم يكن فتنتهم بالياء ورفع الفتنة، لأن الفتنة والافتتان في معنى واحد.
وتأويل هذه الآية تأويل حسن في اللغة لطيف لا يفهمه إلا من عرف معاني الكلام وتصرّف العرب في ذلك، واللّه جلّ وعزّ ذكر في هذه الأقاصيص التي جرت في أمر المشركين وهم مفتتنون بشركهم.
أعلم اللّه أنه لم يكن افتتانهم بشركهم، وإقامتهم عليه إلا أن تبرأوا منه وانتفوا منه، فحلفوا أنهم ما كانوا مشركين، ومثل ذلك في اللغة أن ترى إنسانا يحب غاويا، فإذا وقع في هلكة تبرأ منه، فتقول له ما كانت محبتك لفلان إلا أن انتفيت منه.
- ويجوز: (واللّه ربّنا) على جر (ربّنا) على النعت والثناء لقوله (واللّه).
- ويجوز: (واللّه ربّنا) بنصب (ربّنا)، ويكون النصب على وجهين، على الدعاء، قالوا واللّه يا ربّنا ما كنا مشركين.
- ويجوز: نصبه على أعني: المعنى أعني (ربّنا).
وأذكر ربنا، ويجوز رفعه على إضمار هو، ويكون مرفوعا على المدح.
والقراءة الجر والنّصب، فأمّا الرفع فلا أعلم أحدا قرأ به). [معاني القرآن: 2/ 235-236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين}
قال أبو إسحاق: تأويل هذه الآية لطيف جدا أخبر الله جل وعز بقصص المشركين وافتتانهم بشركهم ثم أخبر أن فتنتهم لم تكن حين رأوا الحقائق إلا أن انتفوا من الشرك، ونظير هذا في اللغة أن ترى إنسانا يحب غاويا فإذا وقع في هلكة تبرأ منه فيقول له ما كانت محبتك إياه إلا أن تبرأت منه.
فأما معنى قولهم: {والله ربنا ما كنا مشركين} وقال في موضع آخر {ولا يكتمون الله حديثا} معطوف على ما قبله
- والمعنى: وودوا أن لا يكتموا الله حديثا والدليل على صحة هذا القول أنه روي عن سعيد بن جبير في قوله: {والله ربنا ما كنا مشركين} قال اعتذروا وحلفوا.
- وكذلك قال ابن أبي نجيح وقتادة وروي عن مجاهد أنه قال: لما رأوا الذنوب تغفر إلا الشرك والناس يخرجون من النار إلا المشركين و
قال: {الله ربنا ما كنا مشركين}.
- وقول بعض أهل اللغة: إنما قالوا هذا على أنهم صادقون عند أنفسهم ولم يكونوا ليكذبوا وقد عاينوا ما عاينوا وقطرب يذهب إلى هذا القول، وهو قول مردود لأنه قال لم يكونوا ليكذبوا وبعدها {انظر كيف كذبوا على أنفسهم} ويبين لك الغلط في هذا القول قوله جل وعز: {يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له ... الآية}،
- قال مجاهد: كذبهم الله وقيل معنى ولا يكتمون الله حديثا أنه ظاهر عنده). [معاني القرآن: 2/ 407-409]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ} أي مقالتهم وقيل معذرتهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 75]

تفسير قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)}:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وضلّ عنهم ما كانوا يفترون}
أي ذهب عنهم ما كانوا يدعون ويختلقون). [تفسير غريب القرآن:152]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أكنّةً أن يفقهوه} واحدها كنان، ومجازها: عطاء،
قال عمر بن أبي ربيعة:
أيّنا بات ليلةً ....... بين غصنين يوبل
تحت عينٍ كنانها ....... ظلّ بردٍ مرحّل

أي غطاؤنا الذي يكنّنا.
{وفي آذانهم وقراً} مفتوح، ومجازه: الثّقل والصمم وإن كانوا يسمعون، ولكنهم صمّ عن الحق والخير والهدى؛ والوقر هو الحمل إذا كسرته.
{أساطير الأوّلين} واحدتها أسطورة، وإسطارة لغة، ومجازها مجار الترّهات البسابس ليس له نظام، وليس بشيء). [مجاز القرآن: 1/ 188-189]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ومنهم مّن يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن يروا كلّ آيةٍ لاّ يؤمنوا بها حتّى إذا جاءوك يجادلونك يقول الّذين كفروا إن هذا إلاّ أساطير الأوّلين}
[و] قال: {وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً}
وواحد "الأكنّة" الكنان.
و"الوقر" في الأذن [بالفتح]، و"الوقر" على الظهر بالكسر.
وقال يونس: "سألت رؤبة" فقال: "وقرت أذنه" "توقر" إذا كان فيها "الوقر".
وقال أبو زيد: سمعت العرب تقول: "أذنٌ موقورةٌ" فهذا يقول: "وقرت".
قال الشاعر:
وكلامٍ سيّئ قد وقرت ....... أذني منه وما بي من صمم
وقال: {أساطير الأوّلين} فبعضهم يزعم أنّ واحده "أسطورة" وبعضهم "إسّطارة"، ولا أراه إلاّ من الجمع الذي ليس له واحدٌ نحو: "عباديد" و"مذاكير" و"أبابيل".
وقال بعضهم: "واحد الأبابيل": إبّيل.
وقال بعضهم: "إبّول" مثل: "عجّول" ولم أجد العرب تعرف له واحدا. فأمّا "الشّماطيط" فإنهم يزعمون أنّ واحده "شمطاط" وكل هذه لها واحد إلا أنه ليس يستعمل، ولم يتكلّم به لأن هذا المثال لا يكون إلا جميعاً.
وسمعت العرب الفصحاء يقولون: "أرسل إبله أبابيل" يريدون "جماعات" فلم يتكلّم لها بواحد). [معاني القرآن:1/ 236]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {على قلوبهم أكنة} قالوا في الواحد: كنان، مثل: سنان وأسنة؛ وقال بعضهم: الواحد كن؛ وقد فسرناه بما فيه في سورة البقرة.
وأما قوله عز وجل {وفي آذانهم وقرا} فالفعل وقرت أذنه تقر؛ ووقرت توقر وقرًا؛ ووقرت فهي موقورة.
وأنشدنا يونس على فعلت:
وكلام سيء قد وقرت = أذني عنه وما بي من صمم
[وزاد محمد بن صالح]
قال: الوقر في الأذن بفتح الواو: الثقل والوقر بكسر الواو: ما كان على الظهر؛ ويقال: وقرت أذنه إذا ثقلت، فهي موقورة؛ وأوقرت الدابة فهي موقرة؛ وأوقرت النخلة فهي موقر وموقرة: إذا أوقرها الله؛ وإنما قيل: نخلة موقر، كما قيل امرأة طامث وحائض؛ لأنه لا شرك للذكر فيه.
وأما قوله عز وجل {أساطير الأولين} فالواحد منه أسطورة، مثل: أضحوكة وأفكوهة؛ قال: وحكي لي أيضًا إسطارة؛ والأول أكثر وأعرف.
ويجوز أن يكون الواحد جمع الجمع فيقول: أسطار على أفعال؛ يريد جمع الجمع، مثل: أبيات وأباييت، وأقوال وأقاويل؛ وواحد الأسطار سطر وسطر؛ ومنه {وكتاب مسطور}؛ وقالوا: سطره يسطره سطرًا؛ كأنه يقول {أساطير الأولين}؛ أي ما سطروا وكتبوا؛ والله أعلم.
وكلك {وكل صغير وكبير مستطر} مفتعل من سطرت؛ كتبت.
وقال العجاج:
واعلم بأن ذا الجلال قد قدر = في الكتب الأولى الذي كان سطر). [معاني القرآن لقطرب: 537]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({في آذانهم وقرا}: ثقلا ويقال قد وقرت أذنه.
{أساطير الأولين}: أباطيلهم). [غريب القرآن وتفسيره: 135-134]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوَقْرُ: الصّمم.
والوِقر: الحمل على الظهر). [تفسير غريب القرآن: 152]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها حتّى إذا جاءوك يجادلونك يقول الّذين كفروا إن هذا إلّا أساطير الأوّلين}
{أكنّة} جمع كنان وهو الغطاء، مثل عنان وأعنّة.
فأمّا {أن يفقهوه} فمنصوب على أنه مفعول له، والمعنى وجعلنا على قلوبهم أكنّة، لكراهة أن يفقهوه فلما حذفت اللام نصبت الكراهة، ولما حذفت الكراهة انتقل نصبها إلى أن.
وقوله{وفي آذانهم وقرا}، الوقر: ثقل السمع وهو بالفتح، يقال في أذنه وقر، وقد وقرت الأذن توقر.
قال الشاعر:
وكلام سيّئ قد وقرت ....... أذني منه وما بي من صمم
والوقر - بكسر الواو - أن يحمل البعير أو غيره مقدار ما يطيق، يقال عليه وقر، ونخلة موقر وموقرة بالكسر أكثر، وموقر مثل مرضع، أي ذات وقر، كما أن تلك ذات رضاع، وإنما فعل بهم ذلك مجازاة لهم بإقامتهم على كفرهم.
وليس المعنى أنهم لم يفهموه ولم يسمعوه، ولكنهم لما عدلوا عنه وصرفوا فكرهم عما هم عليه، في سوء العاقبة كانوا بمنزلة من لم يعلم ولم يسمع.
وقوله: {وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها} أي: كل علامة تدلهم على نبوتك، ثم أعلم الله عزّ وجلّ مقدار احتجاجهم وجدلهم وأنهم إنما يستعملون في الاحتجاج أن يقولوا هذا أساطير الأولين، ويقولون افترى على الله كذبا، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم ليس يعارضون ما احتج به عليهم من الحق، حيث قيل لهم: {فأتوا بسورة من مثله}، وحيث شق لهم القمر، وحيث أنزل على نبيه عليه السلام {واللّه يعصمك من النّاس}.
فما أتى أحد بسورة ولا قدر على ضر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا على قتله، وأنبأ عزّ وجلّ بما سيكون في كتابه فوجد ذلك أجمع.
فقال اللّه عزّ وجلّ: {حتّى إذا جاءوك يجادلونك يقول الّذين كفروا إن هذا إلّا أساطير الأوّلين}، واحدها إسطار، وأسطورة.
وتأويل السّطر في اللغة: أن تجعل شيئا ممتدا مؤلفا، فمن ذلك سطر الكتاب، يقال: سطر وسطر، فمن قال سطر جمعه أسطار.
قال رؤبة:
إني وأسطار سطرن سطرا ....... لقائل يا نصر نصرا نصرا
وجمع أسطار أساطير، فعلى هذا - عندي - أساطير الأولين.
ومن قال سطر فجمعه أسطر، وجمع الجمع أساطرة، وأساطير.
قال الشماخ في جمع سطر:
كما خط عبرانية يمنية ....... بتيماء حبر ثم عرّض أسطرا).
[معاني القرآن: 2/ 236-238]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا} قيل فعل بهم هذا مجازاة على كفرهم وليس المعنى أنهم لا يسمعون ولا يفقهون ولكن لما كانوا لا ينتفعون بما يسمعون ولا ينقادون إلى الحق كانوا بمنزلة من لا يسمع ولا يفهم،
ثم خبر بعنادهم فقال: {وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها} لأنهم لما رأوا القمر منشقا قالوا سحر فأخبر الله عز وجل بردهم الآيات بغير حجة وقال {حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين فخبر} أن هذا مقدار احتجاجهم). [معاني القرآن: 2/ 409-410]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والوقر) الصمم. و(الوقر) بالكسر: الحمل على الظهر). [تفسير المشكل من غريب القرآن:75]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الوَقْر): الثقل في الأذن {أَسَاطِيرُ}: أباطيل). [العمدة في غريب القرآن: 126]

تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26)}:

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {وهم ينهون عنه وينأون عنه} أي يتباعدون عنه،
قال النّابغة:

فأبلغ عامراً عني رسولاً ....... وزرعة إن دنوت وإن نأيت).[مجاز القرآن:1/ 189]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلاّ أنفسهم وما يشعرون}
وأمّا قوله: {وينأون عنه} فانه من: "نأيت" "ينأى" "نأياً"). [معاني القرآن: 1/ 236]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {وينأون عنه} مثل ينعون؛ كأنهم نأوا عنه نأيًا؛ أي تباعدوا). [معاني القرآن لقطرب: 538]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ينؤن عنه}: يبعدون نأيت عن الموضع). [غريب القرآن وتفسيره: 135]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وهم ينهون عنه} أي: عن محمد.
{وينأون} أي: يبعدون). [تفسير غريب القرآن: 152]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلّا أنفسهم وما يشعرون}
أي: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتبع.
{وينأون عنه} أي: يتباعدون عنه، يقال: نأيت عن الشيء أنأى نأيا، إذا بعدت عنه، والنّؤى حاجز يجعل حول البيت لئلا يدخله الماء من خارج، تحفر حفيرة حول البيت فيجعل ترابها على شفير الحفيرة، فيمنع التراب الماء أن يدخل من خارج، وهو مأخوذ من النأي أي مباعد للماء من البيت.
وقال بعضهم: إنه يعنى به بعض أهل النبي -صلى الله عليه وسلم-، أي وهم ينهون عن أذى النّبي -صلى الله عليه وسلم- ويتباعدون عنه، أي لا يتّبعونه.
والكلام متصل بذكر جماعة أهل الكتاب، والمشركين.
والقول الأول أشبه بالمعنى). [معاني القرآن: 2/ 238-239]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهم ينهون عنه وينأون عنه} أكثر أهل التفسير يذهب إلى أن المعنى للكفار أي ينهون عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ويبعدون عنه.
قال مجاهد: يعني به قريش.
وكذلك قال قتادة والضحاك: يعني به الكفار.
وروى سفيان عن حبيب بن أبي ثابت قال أخبرني من سمع ابن عباس يقول: «نزلت في أبي طالب كان ينهى عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم ويتباعد عنه والقول الأول أشبه لأنه متصل بأخبار الكفار وقولهم»). [معاني القرآن: 2/ 410-411]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإن يهلكون إلا أنفسهم} أي: وبال ذلك يرجع عليهم لأن الله جل وعز يبدد جموعهم وينصره عليهم). [معاني القرآن: 2/ 412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وما يشعرون}
أي: وما يشعرون أن وبال ذلك يرجع عليهم). [معاني القرآن:2/ 412]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ} أي: عن محمد صلى الله عليه وسلم.
{وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} أي: يبعدون عنه،

يعني أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان يمنع من أذى النبي صلى الله عليه وسلم، ويمتنع من الإيمان به). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 76]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَنْأَوْنَ}: ينفرون). [العمدة في غريب القرآن: 126]


رد مع اقتباس