عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {سيقول الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ كذلك كذّب الّذين من قبلهم حتّى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علمٍ فتخرجوه لنا إن تتّبعون إلا الظّنّ وإن أنتم إلا تخرصون (148) قل فللّه الحجّة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين (149) قل هلمّ شهداءكم الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتّبع أهواء الّذين كذّبوا بآياتنا والّذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربّهم يعدلون (150)}
هذه مناظرةٌ ذكرها اللّه تعالى وشبهةٌ تشبّثت بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرموا؛ فإن الله مطّلعٌ على ما هم فيه من الشّرك والتّحريم لما حرّموه، وهو قادرٌ على تغييره بأن يلهمنا الإيمان، أو يحول بيننا وبين الكفر، فلم يغيّره، فدلّ على أنّه بمشيئته وإرادته ورضاه منّا ذلك؛ ولهذا قال: {لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ} كما في قوله [تعالى]: {وقالوا لو شاء الرّحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علمٍ}[الزّخرف: 20]، وكذلك الّتي في "النّحل" مثل هذه سواءٌ قال اللّه تعالى: {كذلك كذّب الّذين من قبلهم} أي: بهذه الشّبهة ضلّ من ضلّ قبل هؤلاء. وهي حجّةٌ داحضةٌ باطلةٌ؛ لأنّها لو كانت صحيحةً لما أذاقهم اللّه بأسه، ودمّر عليهم، وأدال عليهم رسله الكرام، وأذاق المشركين من أليم الانتقام.
{قل هل عندكم من علمٍ} أي: بأنّ اللّه [تعالى] راضٍ عنكم فيما أنتم فيه {فتخرجوه لنا} أي: فتظهروه لنا وتبيّنوه وتبرزوه، {إن تتّبعون إلا الظّنّ} أي: الوهم والخيال. والمراد بالظّنّ هاهنا: الاعتقاد الفاسد. {وإن أنتم إلا تخرصون} أي: تكذبون على اللّه فيما ادّعيتموه.
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما]: {لو شاء اللّه ما أشركنا} وقال: {كذلك كذّب الّذين من قبلهم}، ثمّ قال: {ولو شاء اللّه ما أشركوا} [الأنعام: 107]، فإنّهم قالوا: عبادتنا الآلهة تقرّبنا إلى اللّه زلفى فأخبرهم اللّه أنّها لا تقرّبهم، وقوله: {ولو شاء اللّه ما أشركوا}، يقول تعالى: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 357-358]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {قل فللّه الحجّة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} يقول [تعالى] لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} لهم -يا محمّد: {فللّه الحجّة البالغة} أي: له الحكمة التّامّة، والحجّة البالغة في هداية من هدى، وإضلال من أضلّ، {فلو شاء لهداكم أجمعين} وكلّ ذلك بقدرته ومشيئته واختياره، وهو مع ذلك يرضى عن المؤمنين ويبغض الكافرين، كما قال تعالى: {ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى} [الأنعام: 35]، وقال تعالى: {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعًا} [يونس: 99]، وقوله: {ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّةً واحدةً ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربّك ولذلك خلقهم وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين} [هودٍ: 118، 119].
قال الضّحّاك: لا حجّة لأحدٍ عصى اللّه، ولكن للّه الحجّة البالغة على عباده). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 358]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {قل هلمّ شهداءكم} أي: أحضروا شهداءكم {الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا} أي: هذا الّذي حرّمتموه وكذبتم وافتريتم على اللّه فيه، {فإن شهدوا فلا تشهد معهم} أي: لأنّهم إنّما يشهدون والحالة هذه كذبًا وزورًا، {ولا تتّبع أهواء الّذين كذّبوا بآياتنا والّذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربّهم يعدلون} أي: يشركون به، ويجعلون له عديلًا). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 358-359]


رد مع اقتباس