عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:22 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({مثل الّذين اتّخذوا من دون اللّه أولياء كمثل العنكبوت اتّخذت بيتًا وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون (41) إنّ اللّه يعلم ما يدعون من دونه من شيءٍ وهو العزيز الحكيم (42) وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلا العالمون (43)}
هذا مثلٌ ضربه اللّه تعالى للمشركين في اتّخاذهم آلهةً من دون اللّه، يرجون نصرهم ورزقهم، ويتمسّكون بهم في الشّدائد، فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه ووهنه فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلّا كمن يتمسّك ببيت العنكبوت، فإنّه لا يجدي عنه شيئًا، فلو علموا هذا الحال لما اتّخذوا من دون اللّه أولياء، وهذا بخلاف المسلم المؤمن قلبه للّه، وهو مع ذلك يحسن العمل في اتّباع الشّرع فإنّه مستمسكٌ بالعروة الوثقى لا انفصام لها، لقوّتها وثباتها). [تفسير ابن كثير: 6/ 279]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى متوعّدًا لمن عبد غيره وأشرك به: إنّه تعالى يعلم ما هم عليه من الأعمال، ويعلم ما يشركون به من الأنداد، وسيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليمٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 279]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلا العالمون} أي: وما يفهمها ويتدبّرها إلّا الرّاسخون في العلم المتضلّعون منه.
قال الإمام أحمد: حدّثنا إسحاق بن عيسى، حدّثني ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عمرو بن العاص، رضي اللّه عنه، قال: عقلت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ألف مثلٍ.
وهذه منقبةٌ عظيمةٌ لعمرو بن العاص -رضي اللّه عنه- حيث يقول [الله] تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلا العالمون}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن، حدّثنا أبي، حدّثنا ابن سنانٍ، عن عمرو بن مرّة قال: ما مررت بآيةٍ من كتاب اللّه لا أعرفها إلّا أحزنني، لأنّي سمعت اللّه تعالى يقول: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلا العالمون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 279-280]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({خلق اللّه السّموات والأرض بالحقّ إنّ في ذلك لآيةً للمؤمنين (44) اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر واللّه يعلم ما تصنعون (45)}.
يقول تعالى [مخبرًا] عن قدرته العظيمة: أنّه خلق السّموات والأرض بالحقّ، يعني: لا على وجه العبث واللّعب، {لتجزى كلّ نفسٍ بما تسعى} [طه: 15]، {ليجزي الّذين أساءوا بما عملوا ويجزي الّذين أحسنوا بالحسنى} [النّجم: 31].
وقوله: {إنّ في ذلك لآيةً للمؤمنين} أي: لدلالةً واضحةً على أنّه تعالى المتفرّد بالخلق والتّدبير والإلهيّة). [تفسير ابن كثير: 6/ 280]

تفسير قوله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى آمرًا رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن، وهو قراءته وإبلاغه للنّاس: {وأقم الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر} يعني: أنّ الصّلاة تشتمل على شيئين: على ترك الفواحش والمنكرات، أي: إنّ مواظبتها تحمل على ترك ذلك. وقد جاء في الحديث من رواية عمران، وابن عبّاسٍ مرفوعًا: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم تزده من اللّه إلّا بعدًا".
[ذكر الآثار الواردة في ذلك]:
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن هارون المخرّميّ الفلّاس، حدّثنا عبد الرّحمن بن نافعٍ أبو زيادٍ، حدّثنا عمر بن أبي عثمان، حدّثنا الحسن، عن عمران بن حصينٍ قال: سئل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن قول اللّه: {إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} قال: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فلا صلاة له".
وحدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا يحيى بن أبي طلحة اليربوعيّ حدّثنا أبو معاوية، عن ليثٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد بها من اللّه إلّا بعدًا". ورواه الطّبرانيّ من حديث أبي معاوية.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن العلاء بن المسيّب، عمّن ذكره، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} قال: فمن لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر، لم يزدد بصلاته من اللّه إلّا بعدًا. فهذا موقوفٌ .
قال ابن جريرٍ: وحدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا عليّ بن هاشم بن البريد، عن جويبرٍ، عن الضّحاك، عن ابن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لا صلاة لمن لم يطع الصّلاة، وطاعة الصّلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر". قال: وقال سفيان: {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك} [هودٍ: 87] قال: فقال سفيان: أي واللّه، تأمره وتنهاه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، عن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -وقال أبو خالدٍ مرّة: عن عبد اللّه -: "لا صلاة لمن لم يطع الصّلاة، وطاعة الصّلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر".
والموقوف أصحّ، كما رواه الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرّحمن بن يزيد قال: قيل لعبد اللّه: إنّ فلانًا يطيل الصّلاة؟ قال: إنّ الصّلاة لا تنفع إلّا من أطاعها.
وقال ابن جريرٍ: قال عليٌّ: حدّثنا إسماعيل بن مسلمٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من صلّى صلاةً لم تنهه عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد بها من الله إلّا بعدا".
والأصحّ في هذا كلّه الموقوفات عن ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، والحسن وقتادة، والأعمش وغيرهم، واللّه أعلم.
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا يوسف بن موسى، حدّثنا جريرٌ -يعني ابن عبد الحميد -عن الأعمش، عن أبي صالحٍ قال: أراه عن جابرٍ -شكّ الأعمش -قال: قال رجلٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ فلانًا يصلّي فإذا أصبح سرق، قال: "سينهاه ما يقول".
وحدّثنا محمّد بن موسى الحرشي حدّثنا زياد بن عبد اللّه، عن الأعمش عن أبي صالحٍ، عن جابرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه -ولم يشكّ -ثمّ قال: وهذا الحديث قد رواه غير واحدٍ عن الأعمش واختلفوا في إسناده، فرواه غير واحدٍ عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة أو غيره، وقال قيسٌ عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، وقال جريرٌ وزيادٌ: عن عبد اللّه، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن جابرٍ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، حدّثنا الأعمش قال: أنبأنا أبو صالحٍ عن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّ فلانًا يصلّي باللّيل فإذا أصبح سرق؟ فقال: "إنّه سينهاه ما يقول ".
وتشتمل الصّلاة أيضًا على ذكر اللّه تعالى، وهو المطلوب الأكبر؛ ولهذا قال تعالى: {ولذكر اللّه أكبر} أي: أعظم من الأوّل، {واللّه يعلم ما تصنعون} أي: يعلم جميع أقوالكم وأعمالكم.
وقال أبو العالية في قوله: {إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}، قال: إنّ الصّلاة فيها ثلاث خصالٍ فكلّ صلاةٍ لا يكون فيها شيءٌ من هذه الخلال فليست بصلاةٍ: الإخلاص، والخشية، وذكر اللّه. فالإخلاص يأمره بالمعروف، والخشية تنهاه عن المنكر، وذكر القرآن يأمره وينهاه.
وقال ابن عون الأنصاريّ: إذا كنت في صلاةٍ فأنت في معروفٍ، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر، والّذي أنت فيه من ذكر اللّه أكبر.
وقال حمّاد بن أبي سليمان: {إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} يعني: ما دمت فيها.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولذكر اللّه أكبر}، يقول: ولذكر اللّه لعباده أكبر، إذا ذكروه من ذكرهم إيّاه.
وكذا روى غير واحدٍ عن ابن عبّاسٍ. وبه قال مجاهدٌ، وغيره.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن داود بن أبي هندٍ، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ولذكر اللّه أكبر} قال: ذكر اللّه عند طعامك وعند منامك. قلت: فإنّ صاحبًا لي في المنزل يقول غير الّذي تقول: قال: وأيّ شيءٍ يقول؟ قلت: قال: يقول اللّه: {فاذكروني أذكركم} [البقرة: 152]، فلذكر اللّه إيّانا أكبر من ذكرنا إيّاه. قال: صدق.
قال: وحدّثنا أبي، حدّثنا النّفيليّ، حدّثنا إسماعيل، عن خالدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولذكر اللّه أكبر} قال: لها وجهان، قال: ذكر اللّه عندما حرّمه، قال: وذكر اللّه إيّاكم أعظم من ذكركم إيّاه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيم، أخبرنا عطاء بن السّائب، عن عبد اللّه بن ربيعة قال: قال لي ابن عبّاسٍ: هل تدري ما قوله تعالى: {ولذكر اللّه أكبر}؟ قال: قلت: نعم. قال: فما هو؟ قلت: التّسبيح والتّحميد والتّكبير في الصّلاة، وقراءة القرآن، ونحو ذلك. قال: لقد قلت قولًا عجبًا، وما هو كذلك، ولكنّه إنّما يقول: ذكر اللّه إيّاكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه، أكبر من ذكركم إيّاه .
وقد روي هذا من غير وجهٍ عن ابن عبّاسٍ. وروي أيضًا عن ابن مسعودٍ، وأبي الدّرداء، وسلمان الفارسيّ، وغيرهم. واختاره ابن جرير).[تفسير ابن كثير: 6/ 280-283]

رد مع اقتباس