عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 08:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى الآية في الليل وكونه وقت سكون ووداعة لجميع الحيوان، والمهم في ذلك بنو آدم، وكون النهار مبصرا، أي: ذا إبصار، وهذا كما تقول: ليل قائم ونهار صائم، ومعنى ذلك: يقام فيه، فكذلك هذا معناه: يبصر فيه، فهو لذلك: ذا إبصار، ثم تجوز بأن قيل: "مبصرا"، فهو على النسب كعيشة راضية، والآيات في ذلك هي للمؤمنين والكافرين، هي آية لجميعهم في نفسها، لكن من حيث الانتفاع بها والنظر النافع إنما هو للمؤمنين فلذلك خصوا بالذكر). [المحرر الوجيز: 6/ 561-562]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تبارك وتعالى يوم النفخ في الصور، وهو القرن في قول جمهور الأمة، وهو مقتضى الأحاديث، وقال مجاهد: هو كهيئة البوق، وقالت فرقة: الصور جمع صورة، كتمرة وتمر وجمرة وجمر، والأول أشهر، وفي الأحاديث المتداولة أن إسرافيل عليه السلام هو صاحب الصور، وأنه قد جثا على ركبته الواحدة وأقام الأخرى وأمال خده والتقم القرن ينتظر متى يؤمر ويؤذن له بالنفخ، وهذه النفخة المذكورة في هذه الآية هي نفخة الفزع، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن الملك له ثلاث نفخات: نفخة الفزع، وهو فزع حياة الدنيا وليس بالفزع الأكبر، ونفخة الصعق، ونفخة القيام من القبور. وقالت فرقة: إنما هي نفختان، كأنهم جعلوا الفزع والصعق في نفخة واحدة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}، وقالوا: أخرى لا تقال إلا في الثانية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والقول الأول أصح، وأخرى تقال في الثالثة، ومنه قول ربيعة بن مقروم:
ولقد شفعتهما بآخر ثالث
ومنه قوله تعالى: {ومناة الثالثة الأخرى}، وأما قول الشاعر:
جعلت لها عودين من ... نشم وآخر من ثمامه
فهو يحتمل أن يريد ثانيا أو ثالثا فلا حجة فيه.
وقوله تعالى: {ففزع} -وهو أمر لم يقع- يعد إشعارا بصحة وقوعه، وهذا معنى وضع الماضي موضع المستقبل، وقوله تعالى: {إلا من شاء الله} استثناء فيمن قضى الله تعالى من ملائكته وأنبيائه وشهداء عبيده ألا ينالهم فزع النفخ في الصور، قال أبو هريرة: هي في الشهداء، وذكر الرماني أنه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال مقاتل: هي في جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وإذا كان الأكبر لا ينالهم فهم حريون ألا ينالهم هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
على أن هذا في وقت ترقب وذلك في وقت أمن; إذ هو إطباق جهنم على أهلها.
وقرأ جمهور القراء: "وكل آتوه داخرين" على وزن فاعلوه، وقرأ حمزة، وحفص عن عاصم: "أتوه" على صيغة الفعل الماضي، وهي قراءة ابن مسعود وأهل الكوفة، وقرأ قتادة: "أتاه" على الإفراد اتباعا للفظ "كل"، وإلى هذه القراءة أشار الزجاج ولم يذكرها.
و "الداخر": المتذلل الخاضع، قال ابن عباس، وابن زيد: الداخر: الصاغر، وقرأ الحسن: "دخرين" بغير ألف، وتظاهرت الروايات بأن الاستثناء في هذه الآية إنما أريد به الشهداء; لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وهم أهل للفزع لأنهم بشر لكنهم فضلوا بالأمن في ذلك اليوم). [المحرر الوجيز: 6/ 562-564]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون}
هذا وصف حال الأشياء يوم القيامة عقب النفخ في الصور، والرؤية هي بالعين، وهذه الحال للجبال في أول الأمر تسير وتموج، وأمر الله تبارك وتعالى بنسفها ونفشها خلال ذلك فتصير كالعهن، ثم تصير في آخر الأمر هباء منبثا. و"الجمود": التصام في الجوهر، قال ابن عباس: "جامدة": قائمة، ونظيره قول الشاعر:
بأرعن مثل الطود تحسب أنهم وقوف لحاج والركاب تهملج
و صنع الله مصدر معرف، والعامل فيه فعل مضمر من لفظه، وقيل: هو نصب على الإغراء، بمعنى: انظروا صنع الله، و"الإتقان": الإحسان في المعمولات، وأن تكون حسانا وثيقة القوة. وقرأ أبو جعفر، وأبو عمرو، وابن عامر: "يفعلون" بالياء، وقرأ الباقون: "تفعلون" بالتاء على الخطاب). [المحرر الوجيز: 6/ 564-565]

رد مع اقتباس