عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 08:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ومعنى قوله: {وإذا وقع القول عليهم} إذا انتجز وعد عذابهم الذي تضمنه القول الآن من الله تعالى في ذلك -أي حتمه الله عليهم- وقضاؤه، وهذا بمنزلة قوله تعالى: {حقت كلمة العذاب}، فمعنى الآية: وإذا أراد الله تعالى أن ينفذ في الكافرين سابق علمه لهم من العذاب أخرج لهم دابة من الأرض، وروي أن ذلك حين ينقطع الخير، ولا يؤمر بمعروف، ولا ينهى عن منكر، ولا يبقى منيب ولا تائب، كما أوحى الله تعالى إلى نوح: {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن}، و"وقع" عبارة عن الثبوت واللزوم، وفي الحديث: إن الدابة وطلوع الشمس من المغرب من أول الأشراط -ولم يعين الأولى- وكذلك الدجال.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وظاهر الأحاديث والروايات أن الشمس آخرها; لأن التوبة تنقطع معها، ويعطي الحال أن الإيمان لا يبقى إلا في أفراد، وعليهم تهب الريح التي لا تبقي إيمانا، وحينئذ ينفد وينفخ في الصور، ونحن نروي أن الدابة تسم قوما بالإيمان، ونجد أن عيسى بن مريم عليه السلام يعدل بعد الدجال، ويؤمن الناس به، وهذه الدابة روي أنها تخرج من جبل الصفا بمكة، قاله عبد الله بن عمر، وقال عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهم أجمعين- نحوه، وقال: لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت، وروي عن قتادة أنها تخرج في تهامة، وروي أنها تخرج من مسجد الكوفة من حيث فار تنور نوح عليه السلام، وروى بعضهم عن حذيفة بن اليمان أنها تخرج ثلاث خرجات، وروي أنها دابة مزغبة شعراء، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنها على خلقة الآدميين، وهي في السحاب، وقوائمها في الأرض، وروي أنها جمعت من خلق كل حيوان، وذكر الثعلبي عن ابن الزبير نحوه، وروي أنها دابة مبثوث نوعها في الأرض، فهي تخرج في كل بلد وفي كل قوم، فقوله -على هذا التأويل-: "دابة" إنما هو اسم جنس، وحكى النقاش عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة.
وقرأ جمهور الناس: "تكلمهم" من الكلام، وفي مصحف أبي: "تنبيهم"، وفسرها عكرمة بـ "تسمهم"، قال قتادة: وفي بعض القراءة: "تحدثهم"، وقرأ أبو زرعة بن عمرو بن جريج: "تكلمهم" بكسر اللام من الكلم وهو الجرح، قال أبو الفتح: هي قراءة ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، والجحدري، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كل ذلك والله تفعل تكلمهم وتكلمهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وروي في هذا أنها تمر على الناس فتسم الكافر في جبهته وترمده وتشتمه وربما حطمته، وربما تمسح على وجه المؤمن فتبيضه، ويعرف -بعد ذلك- الإيمان والكفر من قبلها.
وقرأ الجمهور من القراء: "إن الناس" بكسر "إن"، وقرأ حمزة، والكسائي، وعاصم بفتح الألف، وفي قراءة عبد الله: "تكلمهم بأن"، وهذا تصديق بالفتح، وعلى هذه القراءة يكون قوله: {أن الناس} إلى آخر الآية من كلام الدابة، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويحتمل أن يكون ذلك من كلام الله عز وجل). [المحرر الوجيز: 6/ 558-561]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين}
المعنى: واذكر يوم، وهذا تذكير بيوم القيامة، و"نحشر": نجمع، ومن كل أمة يريد: من كل قرن من الناس متقدم; لأن كل عصر لم يخل من كفرة بالله من لدن تفرق بني آدم، و"الفوج": الجماعة الكبيرة من الناس، والمعنى: ممن حاله أنه مكذب بآياتنا، و"يوزعون" معناه: يكفون في السوق، أي: يحبس أولهم على آخرهم، قاله قتادة وغيره، ومنه وازع الجبش، وفيه يقول عبد الشارف بن عبد العزى:
فجاؤوا عارضا بردا وحينا كمثل السيل تركب وازعينا). [المحرر الوجيز: 6/ 561]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن توقيفه الكفرة يوم القيامة وسؤالهم على جهة التوبيخ: حتى إذا الآية، ثم قال، {أماذا كنتم تعملون} على معنى استيفاء الحجج، أي: إن كان لكم عمل أو حجة فهاتوها. وقرأ أبو حيوة: "أماذا كنتم تعملون" بتخفيف الميم). [المحرر الوجيز: 6/ 561]

تفسير قوله تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر عن وقوع القول عليهم، أي نفوذ العذاب وحتم القضاء، وأنهم لا ينطقون بحجة، لأنها ليست لهم، وهذا في موطن من مواطن القيامة، وفي فريق من الناس; لأن القرآن يقتضي أنهم يتكلمون بحجج في غير هذا الموطن). [المحرر الوجيز: 6/ 561]

رد مع اقتباس