عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 08:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون}
هذه الآية على جهة التمثيل لقريش، و"أن" في قوله سبحانه: {أن اعبدوا الله} يحتمل أن تكون مفسرة، وأن تكون في موضع نصب، والتقدير: بأن اعبدوا الله.
و "فريقان" يريد به: من آمن بصالح ومن كفر به، و"اختصامهم" تنازعهم وحدهم، فذكر الله تبارك وتعالى ذلك في سورة الأعراف). [المحرر الوجيز: 6/ 544]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم إن صالحا عليه السلام تلطف بقومه، وترفق بهم في الخطاب، فوقفهم على خطئهم في استعجال العذاب مما يقتضي هلاكهم، ثم حضهم على ما هو أيسر من ذلك وأعود بالخير، وهو الإيمان وطلب المغفرة ورجاء الرحمة، فأجابوا -عند ذلك- بقول سفساف، معناه: تشاءمنا بك، قال المفسرون: وكانوا في قحط فجعلوه لذات صالح عليه السلام. وأصل الطيرة ما تعارفه أهل الجهل من زجر الطير، وشبهت العرب ما عن بما طار حتى حصل، سمي ما حصل للإنسان في فزعة ونحوه طائرا، ومنه قوله تعالى: {ألزمناه طائره في عنقه}، وخاطبهم صالح ببيان الحق، أي: طائركم على زعمكم وتسميتكم -وهو حظكم في الحقيقة- من تعذيب أو إعفاء هو عند الله وتعالى، وبقضائه وقدره، وإنما هو أنهم قوم تختبرون، وهذا أحد وجوه الفتنة، وقد يمكن أن يريد: بل أنتم قوم تولعون بشهواتكم، وهذا معنى قد تعارف الناس استعمال لفظ الفتنة منه، ومنه قولك: "فتن فلان بفلان"، وشاهد ذلك كثير). [المحرر الوجيز: 6/ 544-545]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين}
ذكر الله تعالى في هذه الآية تسعة رجال كانوا من أوجه القوم وأقناهم وأغناهم، وكانوا أهل كفر ومعاص جمة، جملة أمرهم أنهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون، قال عطاء بن أبي رباح: بلغني أنهم كانوا يقرضون الدنانير والدراهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا نحو الأثر المروي: قطع الدنانير والدراهم من الفساد في الأرض، و"المدينة": مجتمع ثمود وقريتهم، و"الرهط": من أسماء الجمع القليل، العشرة فما دونها، و"تسعة رهط" كما تقول: تسعة رجال، وهؤلاء المذكورون كانوا أصحاب قدار بن سالف: عاقر الناقة، وقد تقدم في غير هذا الموضع ما ذكر في أسمائهم). [المحرر الوجيز: 6/ 545]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "تقاسموا"، حكى الطبري أنه يجوز أن يكون فعلا ماضيا في موضع الحال، كأنه قال: متقاسمين، أو متحالفين بالله، وكأن قولهم: "لنبيتنه" حلف، ويؤيد هذا التأويل أن في قراءة عبد الله: "ولا يصلحون، تقاسموا" بسقوط "قالوا"، ويحتمل -وهو تأويل الجمهور- أن يكون "تقاسموا" فعل أمر، أشار بعضهم على بعض بأن يتحالفوا على هذا الفعل بصالح، فـ "تقاسموا" هو قولهم على هذا التأويل. وهذه الألفاظ الدالة على قسم أو جواب تجاب باللام وإن لم يتقدم قسم ظاهر، فاللام في "لنبيتنه" جواب ذلك. وقرأ جمهور القراء: "لنبيتنه"، "ثم لنقولن" بالنون فيهما، وقرأ الحسن، وحمزة، والكسائي بالتاء فيهما، وبضم التاء واللام على الخطاب، أي: تخاطبوا بذلك، وقرأ مجاهد، وحميد بن قيس بالياء فيهما على الخبر، فهذا ذكر الله فيه المعنى الذي أرادوه، لا بحسب لفظهم.
وروي في هذه الآية أن هؤلاء التسعة لما كان في صدر الثلاثة الأيام بعد عقر الناقة وقد أخبرهم صالح عليه السلام بمجيء العذاب، اتفق هؤلاء التسعة فتحالفوا على أن يأتوا دار صالح ليلا فيقتلوه وأهله المختصين به، قالوا: فإن كان كاذبا في وعيده أوقعنا به ما يستحق، وإن كان صادقا كنا قد أعجلناه قبلنا وشفينا نفوسنا. قال الراوي: فجاؤوا واختفوا لذلك في غار قريب من داره، فروي أنه انحدرت عليهم صخرة سدحتهم جميعا، وروي أنه طبقت عليهم الغار فهلكوا فيه حين هلك قومهم، وكل فريق لا يعلم بما جرى على الآخر، وكانوا قد بنوا على جحود الأمر من قرابة صالح الذين يمكن أن يغضبوا له، فهذا مكرهم. والمكر نحو الخديعة، وسمى الله تبارك وتعالى عقوبتهم باسم ذنبهم، وهذا مهيع، ومنه قوله تعالى: {الله يستهزئ بهم}، وغير ذلك.
وقرأ الجمهور: "مهلك" بضم الميم وفتح اللام، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بفتحهما، وروي عنه فتح الميم وكسر اللام). [المحرر الوجيز: 6/ 545-546]

تفسير قوله تعالى: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "العاقبة" حال تقتضيها البدأة وتؤدي إليها، ويعني بالأهل كل من آمن معه، قاله الحسن. وقرأ جمهور القراء: "إنا دمرناهم" بكسر الألف، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "أنا دمرناهم"، وهي قراءة الحسن وابن أبي إسحاق، فـ "كان" -على قراءة الكسر في الألف- تامة، وإن قدرت ناقصة فخبرها محذوف، أو يكون الخبر "كيف" مقدما; لأن صدر الكلام لها، ولا يعمل -على هذا- "انظر" في "كيف"، لكن يعمل في موضع الجملة كلها، وهي على قراءة فتح الألف ناقصة، وخبرها "أنا"، ويجوز أن يكون الخبر "كيف"، ويكون "أنا" بدلا من "العاقبة"، ويجوز أن تكون "كان" تامة "وأنا" بدلا من "العاقبة"، ووقع تقدير السؤال بـ "كيف" عن جملة قوله: {كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم}، وقرأ أبي بن كعب: "أن دمرناهم"، فهذه تؤيد قراءة الفتح في "أنا"). [المحرر الوجيز: 6/ 546-547]

تفسير قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين}
أمر البيوت وخرابها مما أخبر الله تعالى، ففي كل الشرائع أنه إنما يعاقب به الظلمة، وفي التوراة: (ابن آدم، لا تظلم، يخرب بيتك)، و"خاوية" نصب على الحال التي فيها الفائدة، ومعناها: الخالية قفرا، قال الزجاج: وقرئت "خاوية" بالرفع، وذلك على الابتداء المضمر، والتقدير: هي خاوية، أو عن الخبر عن "تلك" و"بيوتهم" بدل على خبر ثان، وهذه البيوت المشار إليها هي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم عام تبوك: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ... الحديث). [المحرر الوجيز: 6/ 547]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}

رد مع اقتباس