عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 04:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا وأولئك هم الفاسقون (4) إلّا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (5)}
هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة، وهي الحرّة البالغة العفيفة، فإذا كان المقذوف رجلًا فكذلك يجلد قاذفه أيضًا، ليس في هذا نزاعٌ بين العلماء. فأمّا إن أقام القاذف بيّنةً على صحّة ما قاله، ردّ عنه الحدّ؛ ولهذا قال تعالى: {ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا وأولئك هم الفاسقون}، فأوجب على القاذف إذا لم يقم بيّنةً على صحّة ما قاله ثلاثة أحكامٍ:
أحدها: أن يجلد ثمانين جلدةً.
الثّاني: أنّه تردّ شهادته دائمًا.
الثّالث: أن يكون فاسقًا ليس بعدلٍ، لا عند اللّه ولا عند النّاس). [تفسير ابن كثير: 6/ 13-14]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {إلا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}، اختلف العلماء في هذا الاستثناء: هل يعود إلى الجملة الأخيرة فقط فترفع التّوبة الفسق فقط، ويبقى مردود الشّهادة دائمًا وإن تاب، أو يعود إلى الجملتين الثّانية والثّالثة؟ وأمّا الجلد فقد ذهب وانقضى، سواءٌ تاب أو أصرّ، ولا حكم له بعد ذلك بلا خلافٍ -فذهب الإمام مالكٌ والشّافعيّ وأحمد بن حنبلٍ إلى أنّه إذا تاب قبلت شهادته، وارتفع عنه حكم الفسق. ونصّ عليه سعيد بن المسيّب -سيّد التّابعين- وجماعةٌ من السّلف أيضًا.
وقال الإمام أبو حنيفة: إنّما يعود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فقط، فيرتفع الفسق بالتّوبة، ويبقى مردود الشّهادة أبدًا. وممّن ذهب إليه من السّلف القاضي -شريح، وإبراهيم النّخعيّ، وسعيد بن جبير، ومكحولٌ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقال الشّعبيّ والضّحّاك: لا تقبل شهادته وإن تاب، إلّا أن يعترف على نفسه بأنّه قد قال البهتان، فحينئذٍ تقبل شهادته، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 6/ 14]

رد مع اقتباس